الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
438 -
(56) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لرؤية الهلال فإن كم تكمل العدة ثلاثين يومًا
(2376)
(1045) - (195) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ أَيوبَ وَقُتَيبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ (وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ) عَنْ أَبِي سُهَيل، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه؛ أَن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَال: "إِذَا جَاءَ
ــ
وفرض في شعبان السنة الثانية من الهجرة فصام صلى الله عليه وسلم تسع رمضانات واحدًا كاملًا وثمانية نواقص ولعل الحكمة في ذلك تطمين نفوس من يصومه ناقصًا من أمته والتنبيه على مساواة الناقص للكامل من حيث الثواب المترتب على أصل صوم رمضان لا من حيث ما زاد به الكامل على الناقص من صوم اليوم الزائد وفطره وسحوره فإن ذلك أمر يفوق به الكامل على الناقص والأصل في وجوبه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيَامُ} أي فرض وقوله صلى الله عليه وسلم (بني الإسلام على خمس إلى أن قال: وصوم رمضان) وهو معلوم من الدين بالضرورة فيكفر جاحده إلا إن كان قريب عهد بالإسلام أو نشا بعيدًا عن العلماء ومن تركه غير جاحد لوجوبه من غير عذر حبس ومنع من الطعام والشراب نهارًا ليحصل له بصورة الصوم وربما حمله ذلك على أن ينويه فيحصل له حينئذ حقيقته والله سبحانه وتعالى أعلم.
438 - (56) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لروية الهلال فإن غم تكمل العدة ثلاثين يومًا
(2376)
(1045)(195)(حدثنا يحيى بن أبوب) المقابري أبو زكرياء البغدادي ثقة من (10)(وقتيبة) بن سعيد الثقفي البلخي (و) عليُّ (بن حجر) بن إياس السعدي المروزي ثقة من (9)(قالوا: حدثنا إسماعيل وهو ابن جعفر) بن أبي كثير الزرقي المدني ثقة من (8)(عن أبي سهيل) نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي المدني عم مالك بن أنس حليف بني تيم من قريش ثقة من (4)(عن أبيه) مالك بن أبي عامر الأصبحي أبي أنس المدني جد مالك الإمام الفقيه ثقة من (2) الثانية (عن أبي هريرة رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته رجاله أربعة منهم مدنيون وواحد إما بغدادي أو بلخي أو مروزي وفيه التحديت والعنعنة والمقارنة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا جاء)
رَمَضَانُ فُتحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ،
ــ
شهر (رمضان) فيه دليل على جواز أن يقال: رمضان من غير ذكر شهر بلا كراهة ونُقِلَ عن أصحاب مالك الكراهة وعن ابن الباقلاني منهم وكثير من الشافعية: إن كان هناك قرينة تصرفه إلى الشهر فلا يكره والجمهور على الجواز وتمسك المانعون بحديث ضعيف عن أبي هريرة مرفوعًا (لا تقولوا رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله تعالى ولكن قولوا شهر رمضان) أخرجه ابن عدي في الكامل وضعفه لأنه حديث أبي معشر نجيح وهو ضعيف.
قال النواوي: وأسماء الله تعالى توقيفية لا تثبت إلَّا بدليل صحيح ولو ثبت أنَّه اسم لم يلزم منه كراهة اهـ.
قال ابن عابدين: وعامة المشايخ على أنَّه لا يكره لمجيئه في الأحاديث الصحيحة كقوله صلى الله عليه وسلم (من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه) وقوله: (عمرة في رمضان تعدل حجة) ولم يثبت في المشاهير كونه من أسمائه تعالى ولئن ثبت فهو من الأسماء المشتركة كالحكيم كذا في الدراية اهـ.
قال القرطبي: (ورمضان) مأخوذ من رمض الصائم يرمض من باب تعب إذا حر جوفه من شدة العطش والرمضاء شدة الحر. قاله: أبو عبيد الهروي.
وفي المواهب وشرحه: اعلم أن لفظ رمضان مشتق من الرمض بفتح الميم قال في المصباح: يقال: رمض يومنا يرمض رمضًا من باب تعب وهو شدة الحر لأن العرب لما أرادوا أن يضعوا أسماء الشهور وافق أن هذا المذكور شديد الحر فسموه بذلك لموافقة الوضع الأزمنة فقالوا: رمضان ثم كثر حتَّى استعملوها في الأهلة وإن لم توافق ذلك الزمن كما سمي الربيعان لموافقتهما زمن الربيع وذلك حين أربعت الأرض أو لأنه يرمض بفتح الميم الذنوب أي يحرقها وهو ضعيف لأن التسمية به ثابتة قبل الشرع الَّذي عرف منه أنَّه يرمض الذنوب قال القاري: رمضان إن صح أنَّه من أسماء الله تعالى فغير مشتق أو راجع إلى معنى الغافر أي يمحو الذنوب ويمحقها اهـ فتح.
(فتحت أبواب الجنّة وغلقت أبواب النار) ظاهر كلام الشارح التشديد فيهما وقال ابن الملك: روى بالتشديد والتخفيف فيهما لكن التخفيف أكثر رواية والتشديد أبلغ في المعنى وفي تجويزه التخفيف في لفظة (غلقت) نظر فإن أهل اللغة قالوا:
ولا أقول لقدر القوم قد غليت
…
ولا أقول لباب الدار مغلوق
وَصُفِّدَتِ الشيَاطِينُ"
ــ
قال القاري: (فتحت) بالتخفيف وهو أكثر كما في التنزيل وبالتشديد لتكثير المفعول فتحت أبواب الجنّة أي تقريبًا للرحمة إلى العباد وهذا يدل على أن أبواب الجنّة كانت مغلقة ولا ينافيه قوله تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ} إذ ذلك لا يقتضي دوام كونها مفتحة لهم الأبواب اهـ.
قوله: (وغلقت أبواب النار) قال القاري: غلِّقت بالتشديد أكثر قال السندي: غلِّقت أي تبعيدًا للعقاب عن العباد وهذا يقتضي أن أبواب النار كانت مفتوحة ولا ينافيه قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} لجواز أن هناك غلقًا قبيل ذلك وغلق أبواب النار لا ينافي موت الكفرة في رمضان وتعذيبهم بالنار فيه إذ يكفي في عذابهم فتح باب صغير من القبر إلى النار غير الأبواب المعهودة الكبار اهـ.
(وصفِّدت الشياطين) بالمهملة المضمومة بعدها فاء مشددة مكسورة أي شدت بالأصفاد وهي الأغلال وهي الآلة التي تعقل بها اليدان والرجلان وهو بمعنى (سلسلت) في الرواية الأخرى.
وفي الفتح: قال عياض: يحتمل أن الحديث على ظاهره وحقيقته وأن ذلك كله علامة لدخول الشهر وتعظيم حرمته ولمنع الشياطين من أذى المؤمنين ويحتمل أن يكون إشارةَ إلى كثرة الثواب والعفو وأن الشياطين يقل إغواؤهم فيصيرون كالمصفدين قال: ويؤيد هذا الاحتمال الثاني قوله في رواية يونس عن الزهري عند مسلم (فتحت أبواب الرحمة) قال: ويحتمل أن يكون فتح أبواب الجنّة عبارة عما يفتحه الله لعباده من الطاعات وذلك أسباب لدخول الجنّة وغلق أبواب النار عبارة عن صرف الهمم عن المعاصي الآئلة بأصحابها إلى النار وتصفيد الشياطين عبارة عن تعجيزهم عن الإغواء وتزيين الشهوات قال الزين ابن المنير: والأول أوجه ولا ضرورة إلى صرف اللفظ عن ظاهره اهـ فتح الملهم.
قال القرطبي: قوله: (فتحت أبواب الجنّة) الخ بتخفيف التاء وتشديدها يصح حمل هذا الحديث على الحقيقة ويكون معناه أن الجنّة قد فتحت وزخرفت لمن مات في شهر رمضان لفضيلة هذه العبادة الواقعة فيه وغلقت عنهم أبواب النار فلا يدخلها منهم أحد مات فيه وصفدت الشياطين أي غلت وقيدت والصفد الغل وذلك لئلا تفسد الشياطين
(2377)
(0)(0) وحدَّثني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَنَسٍ؛ أَن أَبَاهُ حدَّثَهُ؛
ــ
على الصائمين فإن قيل: فنرى الشرور والمعاصي تقع في رمضان كثيرًا فلو كانت الشياطين مصفدة لما وقع شر فالجواب من أوجه أحدها: إنما تغل عن الصائمين الصوم الَّذي حوفظ على شروطه وروعيت آدابه أما من لم يحافظ عليه فلا يغل عن فاعله الشيطان والثاني: أنَّا لو سلَّمنا أنها صُفِّدَت عن كل صائم لكن لا يلزم من تصفيد جميع الشياطين أن لا يقع شر لأن لوقوع الشر أسبابًا أخر غير الشياطين وهي النفوس الخبيثة والعادات الركيكة والشياطين الإنسية والثالث: أن يكون هذا الإخبار عن غالب الشياطين والمردة منهم وأن من ليس من المردة فقد لا يصفد والمقصود تقليل الشرور وهذا موجود في شهر رمضان لأن وقوع الشرور والفواحش فيها قليل بالنسبة إلى غيره من الشهور وقِيل: إن فتح أبواب الجنّة وإغلاق أبواب النار علامة على دخول هذا الشهر العظيم للملائكة وأهل الجنّة حتَّى يستشعروا عظمة هذا الشهر وجلالته ويحتمل أن يقال: إن هذه الأبواب المفتحة في هذا الشهر هي ما شرع الله فيه من العبادات والأذكار والصلوات والتلاوة إذ هي كلها تؤدي إلى فتح أبواب الجنّة للعاملين فيه وغلق أبواب النار عنهم وتصفيد الشياطين عبارة عن كسر شهوات النفوس التي بسببها تتوصل الشياطين إلى الإغواء والإضلال ويشهد لهذا (الصوم جُنَّة) رواه أحمد والنسائي وابن خزيمة وابن حبان من حديث عثمان بن أبي العاص وقوله: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع والعطش اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (2/ 357) والبخاري (1898).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
(2377)
. (0)(0)(وحدثني حرملة بن يحيى أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن ابن أبي أنس) هو أبو سهيل المذكور في السند الأول نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي المدني شيخ إسماعيل بن جعفر وهو من صغار شيوخ الزهري بحيث أدركه تلامذة الزهري وهو أصغر منهم كإسماعيل بن جعفر وهذا الإسناد يعد من رواية الأقران وقد تأخر أبو سهيل في الوفاة عن الزهري (أن أباه) أي أن أبا ابن أبي أنس وهو مالك بن أبي عامر (حدَّثه).
أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَال رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا كَانَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ".
(2378)
(0)(0) وحدَّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِم وَالْحُلْوَانِي قَالا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. حَدّثَنِي نَافِعُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ؛ أَنْ أَبَاهُ حدَّثَهُ؛ أنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: قَال رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا دَخَلَ رَمَضَان"
ــ
وهذا السند من سباعياته غرضه بيان متابعة ابن شهاب لإسماعيل بن جعفر في الرواية عن أبي سهيل. (أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان رمضان فتحت أبواب الرحمة) وفتح أبواب الرحمة عبارة عما يفتحه الله تعالى لعباده من الطاعات في هذا الشهر التي لا تقع في غيره عمومًا كالصيام والقيام وفعل الخيرات والانكفاف عن كثير من المخالفات وهذه أسباب لدخول الجنّة وفتح أبواب لها وهي بمعنى رواية (فتحت أبواب الجنّة)(وكلِّقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين) أي قيدت بالسلاسل وهو بمعنى صفدت.
ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
(2378)
(0)(0)(وحدثني محمد بن حاتم) بن ميمون السمين أبو عبد الله البغدادي صدوق من (10)(و) حسن بن علي الهذلي الخلال (الحلواني) المكي ثقة من (11)(قالا: حَدَّثَنَا يعقوب) بن إبراهيم بن سعد الزهري أبو يوسف المدني ثقة من (9)(حَدَّثَنَا أبي) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري أبو إسحاق المدني ثقة من (8)(عن صالح) بن كيسان الغفاري مولاهم أبي الحارث المدني ثقة من (4)(عن ابن شهاب حدثني) أبو سهيل (نافع بن) مالك (أبي أنس) بن أبي عامر الأصبحي المدني (أن أباه) أبا أنس مالك بن أبي عامر (حدثه أنَّه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل رمضان).
وهذا السند من ثمانياته غرضه بسوقه بيان متابعة صالح بن كيسان ليونس بن يزيد
بِمِثْلِهِ.
(2379)
(1046) - (196) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَال:"لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَال. وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ. فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ"
ــ
في رواية هذا الحديث عن ابن شهاب وساق صالح بن كيسان.
(بمثله) أي بمثل حديث يونس.
ثم استدل المؤلف على الجزء الثاني من الترجمة بحديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
(2379)
(1046)(196)(حَدَّثَنَا يحيى بن يحيى) التميمي (قال: قرأت على مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من رباعياته (أنَّه) صلى الله عليه وسلم (ذكر رمضان) أي ذكر حكم صوم رمضان بداية ونهاية (فقال: لا تصوموا) رمضان (حتَّى تروا الهلال) أي هلال شهر رمضان والهلال هو القمر أول استهلاله (ولا تفطروا) من صوم رمضان (حتَّى تروه) أي حتَّى تروا هلال شوال هذا في أيام الصحو فإن رؤي هلال رمضان يجب الصوم سواء كمل شعبان ثلاثين يومًا أم لا وإن رؤي هلال شوال وجب الفطر سواء كمل رمضان ثلاثين أم لا هذا إذا لم يستتر الهلال بالغيم ونحوه (فإن أغمي عليكم) أي فإن حيل الهلال وستر عنكم أي حال دون رؤيته غيم أو قترة وأُغمي بضم أوله على صيغة المبني للمجهول وفيه ضمير يعود على الهلال سواء كان الهلال هلال رمضان أو شوال أي فإن خفي عليكم الهلال بعد تسعة وعشرين (فاقدروا له) أي قذروا للهلال عدد الشهر حتَّى تكملوه ثلاثين فلا تصوموا ولا تفطروا إلَّا بعد كمال ثلاثين يومًا.
قال القرطبي: (قوله: فإن أغمي عليكم) إلخ في أغمي ضمير يعود على الهلال فهو المغمى عليه لا الناظرون وتقديره فإن أغمي الهلال عليكم وأصل الإغماء التغطية والغم ومنه المغمى عليه كأنه غطي عقله عن مصالحه ويقال أغْمِي الهلال وغفي مشدد الميم وكلاهما مبني لما لم يسمَّ فاعله ويقال أيضًا: غم مبنيًّا لما لم يسم فاعله مشددًا وكذلك
(2380)
(0)(0) حدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ، عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما،
ــ
جاءت رواية أبي هريرة فعلى هذا يقال أغمى وغمي مخففًا ومشددًا رباعيًّا وثلاثيًّا وغم فهي أربع لغات ويقال: قد غامت السماء تَغِيمُ غيمومة فهي غائمة وغيمة وأغامت وتغيمت وغَيَّمت وأغَمَّتْ وغمت وفي حديث أبي هريرة (فإن غمِّي) أي خفي يقال: غَمِيَ عليَّ الخبر أي خفي وقيل: هو مأخوذ من الغماء وهو السحاب الرقيق وقد وقع للبخاري (غبي) بالباء وفتح الغين أي خفي ومنه الغباوة.
وقوله: (فاقدروا له) أي قدروا تمام الشهر بالعدد ثلاثين يومًا يقال: قدرت الشيء أقدره بالضم وأقدره بالكسر من بابي نصر وضرب بمعنى قدرته بالتشديد وهذا مذهب الجمهور في معنى الحديث وقد دل على صحته ما رواه أبو هريرة مكان (فاقدروا له فأكملوا العدة ثلاثين) وهذا الحديث حجة على من حمل (فاقدروا له) على معنى تقدير المنازل القمرية واعتبار حسابها وإليه صار ابن قتيبة من اللغويين ومطرف بن عبد الله بن الشخير من كبراء التابعين ومن الحجة أيضًا على هؤلاء قوله صلى الله عليه وسلم (إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب) فألْغَى الحساب ولم يجعله طريقأ لذلك لأن الناس لو كلفوا به لضاق عليهم الأمر لأنه لا يعرفه إلَّا أفراد من الناس اهـ من المفهم.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته البخاري (1907) فقط.
وقوله: (حتَّى تروا الهلال) ليس المراد تعليق الصوم بالرؤية في حق كل أحد بل المراد بذلك رؤية بعضهم وهو من يثبت به ذلك إما واحد على رأي الجمهور أو اثنان على رأي آخرين ووافق الحنفية على الأول إلَّا أنهم خصوا ذلك بما إذا كان في السماء علة من غيم وغيره وإلا فمتى كان صحو فلا يقبل إلَّا من جمع كثير يقع العلم بخبرهم لبعد خفائه عما سوى الواحد اهـ فتح.
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
(2380)
(0)(0)(حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة حَدَّثَنَا أبو أسامة) حماد بن أسامة الكوفي (حَدَّثَنَا عبيد الله) بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري المدني (عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما.
وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة عبيد الله لمالك بن أنس.
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ رَمَضَانَ. فَضَرَبَ بِيَدَيهِ فَقَال: "الشَّهْرُ هكَذَا وَهكَذَا وَهكَذَا (ثُمَّ عَقَدَ إِبْهَامَهُ في الثَّالِثَةِ) فَصُومُوا لِرُؤْيَتِهِ. وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ. فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ ثَلَاثِينَ"
ــ
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان فضرب بيديه) أي حركهما أو وضع كفيه إحداهما على الأخرى كما في روايتي (وصفق بيديه)(وطبَّق بيديه) كما سيأتي (فقال: الشهر هكذا وهكذا وهكذا) ثلاث مرات (ثم عقد إبهامه) أي قبضها ولم يبسطها مع الأخرى أي قبض إحدى إبهاميه (في) المرة (الثالثة) إشارة إلى أنَّه يكون الشهر تسعًا وعشرين ومعنى (هكذا) يعني مد يديه جميعًا مشيرًا بالعشر أصابع اهـ أبي.
وقوله: (الشهر هكذا) الخ أشار النبي صلى الله عليه وسلم بنشر أصابعه الكريمة العشر ثلاث مرات إلى عدد أيام الشهر ثم عقد إحدى إبهاميه في المرة الثالثة إشارة إلى نقصان واحد من أيامه الثلاثين فصارت الجملة تسعة وعشرين أراد أن الشهر قد يكون تسعًا وعشرين لا أن كل شهر يكون كذا والحاصل أن العبرة بالهلال فتارة يكون ثلاثين وتارة تسعة وعشرين وقد لا يرى فيجب إكمال العدد ثلاثين وقد يقع النقص متواليًا في شهرين وثلاثة ولا يقع في أكثر من أربعة أشهر هـ قسطلاني فقوله: (الشهر) مبتدأ خبره ما بعده بالربط بعد العطف أي أشار أولًا بأصابع يديه العشر جميعًا مرتين وقبض الإبهام في المرة الثالثة وهذا هو المعبر عنه بفوله في الرواية الأخرى (تسع وعشرون) وفي هذا الحديث جواز الاعتماد على الإشارة المفهمة في مثل هذا (فصوموا) أي انووا الصيام وبيتوا على ذلك أو صوموا إذا دخل وقت الصيام وهو من فجر الغد (لرؤيته) الضمير للهلال وإن لم يسبق له ذكر لدلالة السياق عليه واللام للتوقيت كهي في قوله: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} أي وقت دلوكها وزوالها وقال ابن مالك وابن هشام: بمعنى بعد أي بعد زواله وبعد رؤية الهلال (وأفطروا لروبته) بهمزة قطع (فإن أغمي) وفي رواية البخاري (غبي عليكم) بضم العين المعجمة وتشديد الموحدة المكسورة أي خفي وحيل (عليكم) أي عنكم (فاقدروا له) أي قدروا لشهر شعبان (ثلاثين) أي تمام ثلاثين يومًا.
قال القرطبي: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) يقتضي لزوم حكم الصوم والفطر لمن صحت له الرؤية سواء شورك في رؤيته أو انفرد بها وهو مذهب الجمهور وذهب عطاء وإسحاق إلى أنَّه لا يلزمه حكم شيء من ذلك إذا انفرد بالرؤية وهذا الحديث رد عليهما.
(2381)
(0)(0) وحدَّثنا ابْنُ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ، بِهذَا الإِسْنَادِ. وَقَال:"فَإِنْ غُمِّ عَلَيكُمْ فَاقْدُرُوا ثَلَاثِينَ" نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ.
(2382)
(0)(0) وحدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيدِ اللهِ، بِهذَا الإِسْنَادِ. وَقَال: ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَمَضَانَ فَقَال: "الشهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ. الشهْرُ هكَذَا وَهكَذَا وَهكَذَا"
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله المتابعة ثانيًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
(2381)
(0)(0)(وحدثنا) محمد بن عبد الله (بن نمير) الهمداني (حَدَّثَنَا أبي) عبد الله بن نمير (حَدَّثَنَا عبيد الله) بن عمر غرضه بيان متابعة عبد الله بن نمير لأبي أسامة (بهذا الإسناد) يعني عن نافع عن ابن عمر (و) لكن (قال) عبد الله بن نمير في روايته: (فإن غم) بضم الغين المعجمة وتشديد الميم أي خفي الهلال (عليكم) بدل (أغمي عليكم) وقال: (فاقدروا) الشهر (ثلاثين) بحذف له وساق عبد الله بن نمير باقي الحديث (نحو حديث أبي أسامة).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله المتابعة ثالثًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
(2382)
(0)(0)(وحدثنا عبيد الله بن سعيد) بن يحيى اليشكري أبو قدامة النيسابوري ثقة من (10)(حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد) القطان التميمي البصري ثقة من (9)(عن عبيد الله) بن عمر غرضه بيان متابعة يحيى القطان لأبي أسامة.
(بهذا الإسناد) يعني عن نافع عن ابن عمر (و) لكن (قال) يحيى القطان في روايته: (ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشهر تسع وعشرون) يعني يكون الشهر ناقصًا (الشهر هكذا وهكذا وهكذا) ثلاث مرات يعني يكون الشهر كاملًا يعني أنَّه قال: الشهر يكون هكذا وهكذا وهكذا يعني مثل عدد هذه الأصابع العشر المكررة ثلاث مرات ومعنى (هكذا) يعني مد يديه جميعًا مشيرًا بالعشر أصابع اهـ أبي.
قال الأبي: اختلفت الأحاديث في التعبير عن عدد أيام الشهر فترجع كلها إلى أن الشهر يكون من تسعة وعشرين ومن ثلاثين وكونه تسعة وعشرين عبر عنه مرة بلفظ (تسعة وعشرين) ومرة بالإشارة التي ترجع إلى تسعة وعشرين كقوله (وقبض) في الصِّفَة الثالثة إبهامه وكقوله: (وخنس) بالخاء المعجمة والنون أي عطفه ولم يتركه منشورًا وهو أحسن
وَقَال: "فَاقْدُرُوا لَهُ" وَلَمْ يَقُلْ: "ثَلَاثِينَ".
(2383)
(0)(0) وحدَّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ. وَلَا تُفْطِرُوا حَتى تَرَوْهُ. فَإنْ غُمَّ عَلَيكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ"
ــ
من رواية (حبس) بالحاء المهملة والباء الموحدة قال القاضي عياض: وكل الروايات مخالف لقول عقبة (أحسبه قال: الشهر ثلاثون وطبَّق كفيه ثلاث مرات).
وأصح الروايات وأثبتها رواية سعيد بن عمرو عن ابن عمر وفي الرابعة عشر قبيل الآخر قال: الشهر هكذا وهكذا وهكذا وعقد الإبهام في الثالثة والشهر هكذا وهكذا وهكذا يعني تمام الثلاثين وكثير منها لم يقع فيه هذا البيان وقوله في رواية موسى بن طلحة وهي الحادية عشرة هكذا وهكذا عشرًا وتسعًا كذا لجميعهم وللسمرقندي (عشرًا وعشرًا وتسعًا) وهو الصواب قال النواوي: والمعتبر في عدد أيام الشهر الهلال فَقَدْ يُرَى ليلة تسع وعشرين فيكون ناقصًا وقد لا يرى فيكمل العدد ثلاثين وقد يتوالى النقص في شهرين وثلاثة وأربعة ولا يكون في أكثر من أربعة اهـ.
(و) لكن (قال) يحيى في روايته فإن أغمى عليكم (فاقدروا له) أي للشهر تمام ثلاثين (ولم يقل) يحيى لفظة: (ثلاثين).
ثم ذكر المؤلف المتابعة رابعًا في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:
(2383)
(0)(0)(وحدثني زهير بن حرب حَدَّثَنَا إسماعيل) بن علية الأسدي البصري من (8)(عن أيوب) السختياني (عن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما.
وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة أيوب لعبيد الله.
(قال) ابن عمر: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انما الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا حتَّى تروه) أي حتَّى تروا هلال رمضان أو يكمل شعبان ثلاثين يومًا (ولا تفطروا حتَّى تروه) أي حتَّى تروا هلال شوال أو يكمل رمضان ثلاثين يومًا (فإن غم عليكم) الهلال أي ستر عنكم بالغمام ونحوه (فاقدروا له) أي للشهر تمامه قال القاضي: معناه عند الجمهور فقدروا تمام الشهر بالعدد ثلاثين يومًا وقال بعض العلماء: قدروا له
(2384)
(0)(0) وحدَّثني حُمَيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَاهِلِي. حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ. حَدَّثَنَا سَلَمَة (وَهُوَ ابْنُ عَلْقَمَةَ) عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الشهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ. فَإِذَا رَأَيتُمُ الْهِلَال فَصُومُوا. وَإِذَا رَأَيتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا
ــ
تمامه بحساب المنجمين والأول أنسب لسهولة الشريعة وعدم التكلف.
قوله: (إنما الشهر تسع وعشرون) قال الحافظ: ظاهره حصر الشهر في تسع وعشرين مع أنَّه لا ينحصر فيه بل قد يكون ثلاثين والجواب إن المعنى إن الشهر يكون تسعة وعشرين أو اللام للعهد والمراد شهر بعينه أو هو محمول على الأكثر الأغلب لقول ابن مسعود: (ما صمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم تسعًا وعشرين أكثر مما صمنا ثلاثين) أخرجه أبو داود والترمذي ومثله عن عائشة عند أحمد بإسناد جيد ويؤيد الأول قوله في حديث أم سلمة في الباب (إن الشهر يكون تسعة وعشرين يومًا).
وقال ابن العربي: قوله: (الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا) الخ معناه حصره من جهة أحد طرفيه أي أنَّه يكون تسعًا وعشرين وهو أقله ويكون ثلاثين وهو أكثره فلا تأخذوا أنفسكم بصوم الأكثر احتياطًا ولا تقتصروا على الأقل تخفيفًا ولكن اجعلوا عبادتكم مرتبطة ابتداءَ وانتهاءًا باستهلاله اهـ فتح.
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديثه خامسًا فقال:
(2384)
(0)(0)(وحدثني حميد بن مسعدة) بن المبارك (الباهلي) السامي بمهملة أبو علي البصري صدوق من (15) روى عنه في (3) أبواب (حَدَّثَنَا بشر بن المفضل) بن لاحق الرقاشي أبو إسماعيل البصري ثقة من (8) روى عنه في (13) بابا (حَدَّثَنَا سلمة وهو ابن علقمة) التميمي أبو بشر البصري ثقة من (6) روى عنه في (2) (عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
وهذا السند من خماسياته غرضه بسوقه بيان متابعة علقمة لمن روى عن نافع.
(قال) عبد الله: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشهر) أي أغلبه لحديث ابن مسعود السابق أو المعهود (تسع وعشرون) يومًا أي يكون تسعًا وعشرين كما يكون ثلاثين (فإذا رأيتم الهلال) أي هلال رمضان (فصوموا وإذا رأيتموه) أي هلال شوال (فافطروا) من
فَإِنْ غُمَّ عَلَيكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ".
(2385)
(0)(0) حدَّثني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. قَال: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ؛ أَن عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِذَا رَأَيتُمُوهُ فَصُومُوا. وَإِذَا رَأَيتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا. فَإِنْ غُمَّ عَلَيكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ".
(2386)
(0)(0) وحدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَيحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ حُجْرٍ (قَال يَحْيَى بْنُ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرُونَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عبد الله بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما؛ قَال:
ــ
الصوم (فإن غم عليكم) الهلال (فاقدروا له) أي للشهر تمامه ثلاثين يومًا.
ثم ذكر المؤلف المتابعة سادسًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
(2385)
(0)(0)(حدثني حرملة بن يحيى أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب قال: حدثني سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال):
وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة سالم لنافع في رواية هذا الحديث عن عبد الله بن عمر.
(سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فاقدروا له) تمام ثلاثين.
ثم ذكر المؤلف المتابعة سابعًا فقال:
(2386)
(0)(0)(وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (ويحيى بن أيوب) المقابري البغدادي (وقتيبة بن سعيد و) علي (بن حجر) السعدي المروزي (قال يحيى بن يحيى: أخبرنا وقال الآخرون: حَدَّثَنَا إسماعيل وهو ابن جعفر) بن أبي كثير الزرقي المدني (عن عبد الله بن دينار) العدويِّ مولاهم المدني (أنه سمع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال).
وهذا السند من رباعياته غرضه بيان متابعة عبد الله بن دينار لنافع وسالم في الرواية عن عبد الله بن عمر.
قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيلَةً. لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ. وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ. إِلا أَنْ يُغَمَّ عَلَيكُمْ. فَإِنْ غُمَّ عَلَيكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ".
(2387)
(0)(0) حدَّثنا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ. حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الشَّهْرُ هكَذَا وَهكَذَا وَهكَذَا" وَقَبَضَ إِبْهَامَة في الثَّالِثَةِ
ــ
(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشهر تسع وعشرون ليلة لا تصوموا حتَّى تروه ولا تفطروا حتَّى تروه إلَّا أن يغم) الهلال (عليكم) أي يستر عنكم بالغمام (فإن كم عليكم) أي ستر عنكم (فاقدروا له) أي قدروا للشهر تمام ثلاثين يومًا.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثامنًا في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فقال:
(2387)
(0)(0)(حَدَّثَنَا هارون بن عبد الله) بن مروان أبو موسى المعروف بالحمال (حَدَّثَنَا روح بن عبادة) بن العلاء القيسي أبو محمد البصري ثقة من (9)(حَدَّثَنَا زكرياء بن إسحاق) المكي ثقة من (6)(حَدَّثَنَا عمرو بن دينار) الجمحي مولاهم أبو محمد المكي ثقة من (4)(أنه سمع) عبد الله (بن عمر رضي الله عنهما يقول).
وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة عمرو بن دينار لمن روى عن ابن عمر.
(سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الشهر هكذا وهكذا وهكذا وقبض إبهامه) من إحدى يديه ولم يبين أنها إبهام اليمنى أو اليسرى وسيأتي أنَّه شاك فيها اهـ من بعض الهوامش.
(في) المرة (الثالثة) يعني يكون الشهر تسعًا وعشرين ليلة قال القاضي عياض: وفي أحاديث الإشارة هذه الإرشاد إلى تقريب الأشياء بالتمثيل وهو الَّذي قصد صلى الله عليه وسلم ولم يصنع ذلك لأجل ما وصفهم به من الأمية لا يحسبون ولا يكتبون لأنهم لا
(2388)
(0)(0) وحدَّثني حَجَّاجُ بْنُ الشاعِرِ. حَدَّثَنَا حَسَنْ الأشَيَبُ. حَدَّثَنَا شَيبَانُ، عَنْ يَحْيَى. قَال: وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ؛ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الشهْرُ تِسْعٌ وَعِشرُونَ".
(2389)
(0)(0) وحدَّثنا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ. حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبَكائِيُّ،
ــ
يجهلون الثلاثين والتسع والعشرين مع أن التعبير عنهما باللفظ أخف من الإشارة المكررة وإنما وصفهم بذلك سدًّا لباب الاعتداد بحساب المنجمين الَّذي تعتمده العجم في صومها وفطرها وفصولها وفي هذه الأحاديث أيضًا اعتبارُ الإشارة في الأحكام وأنها بمنزلة النطق في الطلاق والبيع والوصايا وغير ذلك وفيها صحة طلاق الأبكم وإقراره وشهادته للقذف إذا فهم منه القذف نص على جميع ذلك في المدونة اهـ من الأبي.
ثم ذكر المؤلف المتابعة تاسعًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
(2388)
(0)(0)(وحدثني حجاج) بن يوسف بن حجاج الثقفي أبو محمد البغدادي المعروف ب (ط بن الشاعر) ثقة من (11)(حَدَّثَنَا حسن) بن موسى البغدادي أبو علي (الأشيب) بمعجمة ثم تحتانية قاضي حمص وطبرستان والموصل ثقة من (9) روى عنه في (10) أبواب (حَدَّثَنَا شيبان) بن عبد الرحمن التميمي مولاهم النحوي أبو معاوية البصري ثم الكوفي ثم البغدادي ثقة من (7) روى عنه في (7) أبواب (عن يحيى) بن سعيد بن قيس الأنصاري أبي سعيد المدني ثقة من (5) روى عنه في (16) بابا (قال) يحيى بن سعيد أخبرني غير أبي سلمة: (وأخبرني) أيضًا (أبو سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني ثقة من (3)(أنَّه سمع ابن عمر رضي الله عنهما يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول) وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة أبي سلمة لمن روى عن ابن عمر: (الشهر) أي أغلبه (تسع وعشرون) ليلة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة عاشرًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
(2389)
(0)(0)(وحدثنا سهل بن عثمان) بن فارس الكندي أبو مسعود العسكري ثقة من (15) روى عنه في (6) أبواب (حَدَّثَنَا زياد بن عبد الله) بن الطفيل العامري (البكائي) بفتح الباء الموحدة وتشديد الكاف نسبة إلى البكَّاء وهو ربيعة بن عامر أبو
عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيرٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَال:"الشَّهْرُ هكَذَا وَهكَذَا وَهكَذَا. عَشْرًا وَعَشْرًا وَتِسْعًا".
(2390)
(0)(0) وحدّثنا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ جَبَلَةَ. قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الشَّهْرُ كَذَا وَكَذَا وَكَذَا" وَصَفَّقَ
ــ
محمد الكوفي صدوق من (8) روى عنه في (2) بابين (عن عبد الملك بن عمير) بن سويد اللخمي أبي عامر الكوفي ثقة فقيه تغير حفظه من (3) روى عنه في (15) بابا (عن موسى بن طلحة) بن عبيد الله القرشي التيمي أبي عيسى المدني ثم الكوفي ثقة جليل من (2) روى عنه في (5) أبواب (عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة موسى لمن روى عن عبد الله بن عمر.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الشهر هكذا وهكذا وهكذا) يعني (عشرًا وعشرًا وتسعًا) فيكون تسعًا وعشرين وهذه رواية السمرقندي وهي الصواب ولغيره: (هكذا وهكذا وهكذا عشرًا وتسعًا) وهو تصحيف من بعض الرواة.
ثم ذكر المؤلف المتابعة حادي عشرها في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
(2390)
(0)(0)(وحدثنا عبيد الله بن معاذ) العنبري البصري (حَدَّثَنَا أبي) معاذ بن معاذ العنبري البصري (حَدَّثَنَا شعبة) بن الحجاج البصري (عن جبلة) بن سحيم بمهملتين مصغرًا التيمي ويقال: الشيباني من شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن وائل أبي سويرة الكوفي روى عن ابن عمر في الصوم والحج والأطعمة واللباس وغيرها ويروي عنه (ع) وشعبة وأبو إسحاق الشيباني والثوري ومسعر وعدة وثقه ابن معين وقال في التقريب: كوفي ثقة من الثالثة مات سنة (125) خمس وعشرين ومائة.
(قال) جبلة: (سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول):
وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون وواحد مكي وواحد كوفي غرضه بيان متابعة جبلة لمن روى عن ابن عمر.
(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشهر كدا وكذا وكدا وصفق) النبي صلى الله
بِيَدَيهِ مَرَّتَينِ بِكُلِّ أَصَابِعِهِمَا. وَنَقَصَ، في الصَّفْقَةِ الثَّالِثَةِ، إِبْهَامَ الْيُمْنَى أَو الْيُسْرَى.
(2391)
(0)(0) وحدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عُقْبَةَ (وَهُوَ ابْنُ حُرَيثٍ) قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ" وَطَبَّقَ شُعْبَةُ يَدَيهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ. وَكَسَرَ الإِبْهَامَ في الثَّالِثَةِ. قَال عُقْبَةُ: وَأَحْسِبُهُ قَال: "الشَّهْرُ ثَلَاثُونَ" وَطَبَّقَ كَفيهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ
ــ
عليه وسلم (بيديه) أي طبق وجمع بين كفيه من غير إرادة التصويت (مرتين) مشيرًا (بكل أصابعهما ونقص) أي قبض وعطف (في الصفقة الثالثة) أي في المرة الثالثة من التطبيق (إبهام) اليد (اليمنى أو) اليد (اليسرى) والشك من الراوي أو ممن دونه والله أعلم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله المتابعة ثاني عشرها في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
(2391)
(0)(0)(وحدثنا محمد بن المثنى) العنزي البصري (حَدَّثَنَا محمد بن جعفر) الهذلي البصري (حَدَّثَنَا شعبة) بن الحجاج البصري (عن عقبة وهو ابن حريث) التغلبي بمثناة الكوفي ثقة من (4) روى عنه في (3) أبواب.
وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون وواحد مكي وواحد كوفي غرضه بيان متابعة عقبة لمن روى عن ابن عمر.
(قال) عقبة: (سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشهر تسع وعشرون) قال ابن جعفر: (وطبق شعبة) حكاية لتطبيق النبي صلى الله عليه وسلم أي جمع شعبة (يديه) أي كفيه (ثلاث مرار) جمع مرة كمرات (وكسر) أي قبض (الإبهام في) المرة (الثالثة) إشارة إلى كون الشهر تسعًا وعشرين قال شعبة (قال عقبة) بن حريث: (وأحسبه) أي وأظن ابن عمر قال: (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشهر ثلاثون وطبق) أي جمع (كفيه) مشيرًا باصابعه العشر (ثلاث مرار).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله المتابعة ثالث عشرها في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
(2392)
(0)(0) حدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ. ح وَحدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشارٍ. قَال ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأسوَدِ بْنِ قَيسِ. قَال: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يُحدِّث، عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَال:"إِنَّا أُمَةٌ أُمِّيَّةٌ. لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ. الشَّهْرُ هكَذَا وَهكَذَا وَهكَذَا" وَعَقَدَ الإِبْهَامَ في الثَّالِثَةِ: "وَالشَّهْرُ هكَذَا وَهكَذَا وَهكَذَا "
ــ
(2392)
(0)(0)(حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة حَدَّثَنَا غندر) محمد بن جعفر الهذلي (عن شعبة ح وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قال ابن المثنى: حَدَّثَنَا محمد بن جعفر حَدَّثَنَا شعبة عن الأسود بن قيس) البجلي أبي قيس الكوفي ثقة من (4) روى عنه في (4) أبواب (قال) الأسود: (سمعت سعيد بن عمرو بن سعيد) بن العاص الأموي أبا عثمان الكوفي ثقة من صغار الثالثة روى عنه في (2) بابين الوضوء والصوم (أنَّه سمع ابن عمر رضي الله عنهما يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون واثنان كوفيان وواحد مكي أو ثلاثة كوفيون واثنان بصريان وواحد مكي غرضه بيان متابعة سعيد بن عمرو لمن روى عن ابن عمر وقد قدمنا أن أصح الروايات وأثبتها رواية سعيد بن عمرو أنَّه صلى الله عليه وسلم (قال: إنَّا) معاشر العرب (أُمة أمِّيَّة) أي منسوبة إلى الأم لبقائنا على الحالة التي ولدتنا عليها أمهاتنا من عدم معرفة الكتابة والقراءة وحساب النجوم كما فسره بقوله: (لا نكتب) أي لا نعرف الكتابة ولا نقرأها (ولا نحسب) بضم السين أي لا نعرف حساب النجوم وسيرها كالعجم من الفرس والروم والقبط وهذا المعنى هو المراد هنا أو أمة منسوبة إلى أم القرى لكونها وطننا والمعنى على الأول نحن معاشر العرب أمة أميَّة أي جماعة منسوبون إلى الأم باقون على ما ولدتنا عليه الأمهات في عدم معرفة الكتابة والقراءة والحساب فلذلك ما كلفنا الله سبحانه بحساب أهل النجوم بالشهور الشمسية الخفية بل كلفنا بالشهور القمرية الجلية لكنها مختلفة تكون مرة تسعًا وعشرين ومرة ثلالْين كما هو المشاهد وقد بينه صلى الله عليه وسلم بقوله: (الشهر هكذا وهكذا وهكذا وعقد الإبهام) أي قبضها (في) المرة (الثالثة) إشارة إلى أنَّه يكون تسعًا وعشرين وبقوله: (والشهر هكذا وهكذا وهكذا) مشيرًا
يَعْنِي تَمَامَ ثَلَاثِينَ
ــ
بأصابعه كلها (يعني) النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الإشارة الأخيرة يكون الشهر (تمام ثلاثين) أي ثلاثين تامة كما بينه في كثير من الروايات فالعبرة حينئذ بالرؤية لا غير أفاده السندي في حاشيتة على النسائي وعلى الثاني نحن معاشر العرب أمة منسوبة إلى أم القرى وهي مكة أي أمة مكِّيَّة.
وليس مرادًا هنا وقيل الأمي منسوب إلى أمة العرب كانوا غالبًا أميين لا يعرفون الكتابة ولا يقرأون من كتاب وعليه حمل قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} [الجمعة: 2] والنبي الأمي منسوب إليهم لكونه على عادتهم وفي البيضاوي في تفسير سورة الأعراف: وصفه تعالى به تنبيهًا على أن كمال علمه مع حاله إحدى معجزاته.
وقوله: (لا نكتب ولا نحسب) بيان لقوله أميَّة قال ملَّا علي: وهذا الحكم بالنظر إلى أكثرهم أو المراد لا نحسن الكتابة والحساب فعلمنا يتعلق برؤية الهلال ونراه مرة تسعًا وعشرين ومرة ثلاثين وهذا معنى قوله (الشهر هكذا وهكذا وهكذا إلخ).
قال الحافظ: (قوله: لا نكتب ولا نحسب) لأن الكتابة فيهم قليلة نادرة والمراد بالحساب هنا حساب النجوم وتسييرها ولم يكونوا يعرفون من ذلك إلَّا قليلًا أيضًا إلَّا النزر اليسير فعلق الحكم بالصوم وغيره بالرؤية لرفع الحرج عنهم في معاناة حساب التَّسيير واستمر الحكم في الصوم ولو حدث بعدهم من يعرف ذلك بل ظاهر السياق يشعر بنفي تعليق الحكم بالحساب أصلًا ويوضحه قوله في الحديث الماضي (فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) ولم يقل: فسلوا أهل الحساب والحكمة فيه كون العدد عند الإغماء يستوي فيه المكلفون فيرتفع الاختلاف والنزاع عنهم وقد ذهب قوم إلى أهل التسيير في ذلك وهم الروافض ونقل عن بعض الفقهاء موافقتهم قال الباجي: وإجماع السلف الصالح حجة عليهم مع أنَّه لو ارتبط الأمر بها لضاق إذ لا يعرفها إلَّا القليل اهـ.
وعبارة القرطبي: قوله: (لا نكتب ولا نحسب) أي لم نكلف في تعرف مواقيت صومنا ولا عباداتنا ما نحتاج فيه إلى معرفة حساب ولا كتابة وإنما ربطت عبادتنا باعلام واضحة وأمور ظاهرة يستوي في معرفة ذلك الحسَّاب وغيرهم ثم تمَّم هذا المعنى وكمّله حيث بينه بإشارته بيديه ولم يتلفظ بعبارة عنه نزولًا إلى ما يفهمه الخرس والعجم وحصل من إشارته بيديه ثلاث مرات أن الشهر يكون ثلاثين ومن خنسه إبهامه في الثالثة أن الشهر يكون تسعًا وعشرين كما قد نص عليه في الحديث الآخر وعلى هذا الحديث من نذر أن
(2393)
(0)(0) وحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيسٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ. وَلَمْ يَذْكُرْ لِلشَّهْرِ الثَّانِي: ثَلَاثِينَ.
(2394)
(0)(0) حدَّثنا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيادٍ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُبَيدِ اللهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيدَةَ. قَال: سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما رَجُلًا يَقُول: اللَّيلَةَ لَيلَةُ النِّصْفِ
ــ
يصوم شهرًا غير معين فله أن يصوم تسعًا وعشرين لأن ذلك يقال عليه شهر كما أن من نذر صلاة أجزأه من ذلك ركعتان لأنه أقل ما يصدق عليه الاسم وكذلك من نذر صومًا فصام يومًا أجزأه وهو خلاف ما ذهب إليه مالك فإنه قال لا يجزئه إذا صامه بالأيام إلَّا ثلاثون يومًا فإن صامه بالهلال فعل ما يكون ذلك الشهر من رؤية هلاله وفيه من الفقه أن يوم الشك محكوم له بأنه من شعبان وأنه لا يجوز صومه عن رمضان لأنه علق صوم رمضان بالرؤية ولم يحيى الهلال اهـ من المفهم.
ثم ذكر المؤلف المتابعة رابع عشرها فقال:
(2393)
(0)(0)(وحدثنيه محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي (حَدَّثَنَا) عبد الرحمن (بن مهدي) بن حسان الأزدي البصري ثقة من (9)(عن سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي ثقة إمام من (7)(عن الأسود بن قيس) غرضه بيان متابعة سفيان لشعبة (بهذا الإسناد) يعني عن سعيد بن عمرو عن ابن عمر (و) لكن (لم يذكر) سفيان اللشهر الثاني) تمام (ثلاثين) بل اقتصر على قوله: والشهر هكذا وهكذا وهكذا.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (2/ 43 و 52) وأبو داود (9 231) والنسائي (5/ 139).
ثم ذكر المؤلف المتابعة خامس عشرها في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
(2394)
(0)(0)(حَدَّثَنَا أبو كامل الجحدري) فضيل بن حسين البصري (حَدَّثَنَا عبد الواحد بن زياد) العبدي البصري ثقة من (8) روى عنه في (16) بابا (حَدَّثَنَا الحسن بن عبيد الله) بن عروة النخعي الكوفي ثقة من (6)(عن سعد بن عبيدة) مصغرًا السلمي الكوفي ثقة من (3)(قال: سمع ابن عمر رضي الله عنهما رجلًا) لم أر من ذكر اسمه (يقول): هذه (الليلة ليلة النصف) أي ليلة النصف من الشهر.
وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة سعد بن عبيدة لمن روى.
فَقَال لَهُ: مَا يُدْرِيكَ أَنَّ اللَّيلَةَ النِّصْفُ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الشَّهْرُ هكَذَا وَهكَذَا وَهكَذَا. (وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ الْعَشْرِ مَرَّتَينِ) وَهكَذَا (في الثَّالِثَةِ وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ كُلِّهَا وَحَبَسَ أَوْ خَنَسَ إِبْهَامَهُ) ".
(2395)
(1047)(197) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه،
ــ
هذا الحديث عن ابن عمر (فقال) ابن عمر (له) أي للرجل القائل: (ما يدريك) ويعلمك أي أيُّ شيء أدراك وأعلمك (أن) هذه (الليلة النصف) أي ليلة النصف من الشهر وبأي حجة تقول ذلك والمعنى أنك لا تدري أن هذه الليلة النصف أم لا لأن الشهر قد يكون تسعًا وعشرين وأنت أردت أن هذه الليلة ليلة اليوم الَّذي بتمامه يتم النصف وهذا إنما يصح على تقدير تمامه ولا تدري أنَّه تام أم لا وإنما قلت لك ذلك لأني (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الشهر هكذا وهكذا وهكذا وأشار بأصابعه العشر) إلى عدد أيام الشهر (مرتين) يعني أشار فيهما إلى عشرين يومًا (و) سمعته يقول (هكذا في) المرة (الثالثة) للمرتين (و) قد (أشار بأصابعه) العشر (كلها و) لكن (حبس) أي منع من البسط (أو) قال ابن عمر: (خنس) النبي صلى الله عليه وسلم أي قبض (إبهامه) والشك ممن روى عن ابن عمر فيما قاله من اللفظين قال الأبي: وخنس بالخاء المعجمة والنون أي عطفه ولم يتركه وهو أحسن من رواية (حبه) بالحاء المهملة والباء الموحدة اهـ منه.
وقوله: (وأشار بأصابعه كلها) وفي بعض النسخ (وأشار أصابعه كلها) فتكون الإشارة محمولة على معنى الإراءة.
وقوله: (حبس أو خنس إبهامه) كذا بالشك ومعنى الحبس المنع أي منع إبهامه من البسط والنشر فاخرها بالقبض والخنس التأخر والتأخير يستعمل لازمًا ومتعديًا وههنا متعد أي أخرها وقبضها كما في المصباح المنير اهـ من بعض الهوامش.
ثم استشهد المؤلف لحديث ابن عمر بحديث أبي هريرة رضي الله عنهم فقال:
(2395)
(1047)(197)(حَدَّثَنَا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (أخبرنا إبراهيم بن سعد) بن إبراهيم الزهري المدني (عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب) بن حزن القرشي المخزومي المدني ثقة من (2) (عن أبي هريرة رضي الله عنه.
قَال: قَال رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا رَأَيتُمُ الْهِلَال فَصُومُوا. وَإِذَا رَأَيتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا. فَإِنْ غُمَّ عَلَيكُمْ فَصُومُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا".
(2396)
(0)(0) حدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ سَلَّامٍ الْجُمَحِي. حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ (يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ) عَنْ مُحَمَّدٍ (وَهُوَ ابْنُ زِيَادٍ) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه؛ أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قال: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ. فَإِنْ غُمِّيَ عَلَيكُمْ
ــ
وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم مدنيون إلَّا يحيى بن يحيى.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتم الهلال) أي هلال رمضان (فصوموا) صوم رمضان وليس المراد الصوم من وقت الرؤية (وإذا رأيتموه) أي رأيتم هلال شوال ففيه استخدام (فأفطروا) من صوم رمضان وليس المراد الإفطار من وقت الرؤية بل المراد الصوم والإفطار على الوجه المشروع فاللازم في كل منهما معرفة ذلك الوقت اهـ من بعض الهوامش.
(فإن غم عليكم) أي ستر الهلال عنكم بالغمام (فصوموا ثلاثين يومًا).
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (2/ 454 و 456) والبخاري (1109) والنسائي (4/ 133).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله المتابعة في هذا الحديث فقال:
(2396)
) (0)(0)(حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن سلام) بتشديد اللام (الجمحي) مولاهم أبو حرب البصري صدوق من (10)(حَدَّثَنَا الربيع يعني ابن مسلم) الجُمَحِي أبو بكر البصري ثقة من (7)(عن محمد وهو ابن زياد) الجُمَحِي أبو الحارث المدني ثم البصري ثقة من (3) (عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وهذا السند من رباعياته رجاله كلهم بصريون إلَّا أبا هريرة غرضه بيان متابعة محمد بن زياد لسعيد بن المسيب.
(أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صوموا لرؤيته) أي لرؤية هلال رمضان (وأفطروا لرؤبته) أي لرؤية هلال شوال (فإن غمِّي) بضم المعجمة مع تشديد الميم على صيغة المبني للمجهول أي ستر (عليكم) الهلال من التغمية وهي التغطية والستر أي ستر
فَأَكْمِلُوا الْعَدَدَ".
(2397)
(0)(0) (وحدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيادٍ. قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "صُومُوا لِرُؤيتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُويتِهِ. فَإِنْ غُمِّيَ عَلَيكُمُ الشهْرُ فَعَدُّوا ثَلَاثِينَ".
(2398)
(0)(0) (حدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ. حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أَبِي الزَّنَادِ، عَنِ الأعرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه
ــ
عنكم هلال رمضان أو شوال (فكملوا العدد) أي عدد شعبان أو رمضان ثلاثين يومًا.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في هذا الحديث فقال:
(2397)
(0)(0)(وحدثنا عبيد الله بن معاذ) العنبري البصري (حَدَّثَنَا أبي) معاذ بن معاذ العنبري البصري (حَدَّثَنَا شعبة) بن الحجاج البصري (عن محمد بن زياد) الجمحي البصري (قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول):
وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم بصريون إلَّا أبا هريرة غرضه بيان متابعة شعبة للربيع بن مسلم في رواية هذا الحديث عن محمد بن زياد.
(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غُمِّيَ) أي ستر (عليكم الشهر) أي هلال شعبان أو رمضان (فعدوا) أي فأكملوا عدد أيام الشهر (ثلاثين) يومًا ثم ذكر المؤلف المتابعة ثالثًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
(2398)
(0)(0)(حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة) الكوفي (حَدَّثَنَا محمد بن بشر العبدي) الكوفي (حَدَّثَنَا عبيد الله بن عمر) بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري المدني (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان المدني (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز المدني (عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مدنيون واثنان كوفيان غرضه بيان متابعة الأعرج لمحمد بن زياد.
قَال: ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْهِلَال فَقَال: "إِذَا رَأَيتُمُوهُ فَصُومُوا. وَإِذَا رَأَيتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا. فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيكُمْ. فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ"
ــ
(قال) أبو هريرة: (ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الهلال) أي هلال رمضان (فقال: إذا رأيتموه) أي هلال رمضان (فصوموا) أي وإن لم يكمل شعبان ثلاثين يومًا (وإذا رأيتموه) أي هلال شوال (فافطروا) بيان لم يكمل رمضان ثلاثين يومًا (فإن أغمي) أي ستر (عليكم) الهلال في الموضعين من الإغماء وهو الستر (فعدوا) أي فأكملوا عدد الشهر الَّذي قبله (ثلاثين) يومًا.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ثلاثة أحاديث:
الأول: حديث أبي هريرة الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعتين.
والثاني: حديث ابن عمر ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه خمس عشرة متابعة.
والثالث: حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستشهاد به لحديث ابن عمر وذكر فيه ثلاث متابعات والله سبحانه وتعالى أعلم.
***