الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
430 - (48) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس وبيان من تحل له المسألة
(2274)
(1004) - (154) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ (يَعْنِي الْحِزَمِيَّ) عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَيسَ الْمِسْكِينُ بِهذَا الطَّوَّافِ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ. فَتَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ. وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ "
ــ
430 -
(48) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس وبيان من تحل له المسألة
(2274)
(1004)(154)(حدثنا قتيبة بن سعيد) بن طريف الثقفي البلخي (حدثنا المغيرة) بن عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد بن حزام القرشي الأسدي (يعني الحزامي) بكسر الحاء وبالزاي المدني ثقة من (7)(عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان الأموي مولاهم أبي عبد الرحمن المدني ثقة من (5)(عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز الهاشمي مولاهم أبي داود المدني القارئ ثقة من (3)(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم مدنيون إلا قتيبة بن سعيد.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس المسكين) الكامل المسكنة الذي هو أحق بالصدقة وأحوج إليها (بهذا الطواف) أي الجوال (الذي يطوف) ويجول (على) أبواب (الناس) ويدور على مجالسهم لطلب المال (فترده) من الطواف على أبواب الناس وترجعه إلى منزله (اللقمة واللقمتان) أي وجدان اللقمة واللقمتين (والتمرة والتمرتان) أي وجدانها أي ليس المسكين الكامل من يتردد على الأبواب ويأخذ لقمة أو لقمتين فإن من شأنه هذا ليس بمسكين لأنه يقدر على تحصيل قوته فلا يعد مسكينًا والمراد ذم من هذا فعله إذا لم يكن مضطرًا والمسكين مفعيل من السكون فكأنه من عدم المال سكنت حركاته ووجوه مكاسبه ولذلك قال تعالى: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: 16] أي لاصقًا بالتراب وعند الأصمعي أنه أسوأ حالًا من الفقير وعند غيره عكس ذلك وقيل: هما لمسمى واحد اهـ مفهم.
قَالُوا: فَمَا الْمِسْكِينُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَال: "الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ. وَلَا يُفْطَنُ لَهُ، فَيُتَصَدَّقَ عَلَيهِ. وَلَا يَسْأَلُ النَّاسَ شَيئًا"
ــ
وقال الشافعي: الفقير الذي لا حرفة له أو له حرفة لا تقع من حاجته موقعًا والمسكين من له حرفة تقع من حاجته موقعًا ولا تكفيه وعياله.
(قالوا) أي قال الحاضرون عنده صلى الله عليه وسلم: (فما المسكين يا رسول الله قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جوابهم المسكين الكامل الذي هو الأحق باسم المسكنة هو: (الذي لا يجد غنىً يغنيه) أي مالًا يغنيه عن سؤال الناس أي الذي لا يجد شيئًا أو مالًا يغنيه عن غيره ويكفيه مؤنته ومؤنة عياله (ولا يفطن له) أي لا يعرف بمسكنته (فيتصدق عليه ولا يسأل الناس شيئًا) من المال أو من السؤال أي الأحق باسم المسكين هذا الذي لا يجد غنىً ولا يتصدق عليه وهذا كقوله: (ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) ومثل هذا كثير اهـ من المفهم.
قال الحافظ رحمه الله: قوله: (لا يجد غنى يغنيه) فيه دلالة لمن يقول إن الفقير أسوأ حالًا من المسكين وأن المسكين هو الذي له شيء لكنه لا يكفيه والفقير الذي لا شيء له أصلًا ويؤيده قوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} فسماهم مساكين مع أن لهم سفينة يعملون فيها وهذا قول الشافعي رحمه الله تعالى وجمهور أهل الحديث والفقه وعكس آخرون فقالوا المسكين أسوأ حالًا من الفقير وقال آخرون: هما سواء وهذا قول ابن القاسم وأصحاب مالك وقيل الفقير الذي يسأل والمسكين الذي لا يسأل حكاه ابن بطال والأول هو الأصح وهو المذهب اهـ فتح الملهم.
وقوله: (ولا يفطن له) بصيغة المجهول أي لا يعلم باحتياجه (فيتصدق عليه) بالرفع والنصب مجهولًا (ولا يسأل الناس شيئًا) بل يخفي حال نفسه وفيه أن المسكنة إنما تحمد مع العفة عن السؤال والصبر على الحاجة وفيه استحباب الحياء في كل الأحوال وحسن الإرشاد لوضع الصدقة وأن يتحرى وضعها فيمن صفته التعفف دون الإلحاح اهـ منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (2/ 260 و 469) والبخاري (1476) وأبو داود (1631) والنسائي (5/ 84 - 85).
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه فقال:
(2275)
(0)(0) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. قَال ابْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ (وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ) أَخْبَرَنِي شَرِيكٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ مَوْلَى مَيمُونَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَيسَ الْمِسْكِينُ بِالَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ. وَلَا اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ. إِنمَا الْمِسْكِينُ الْمُتَعَفِّفُ. اقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273].
(2276)
(0)(0) وَحَدَّثَنِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي
ــ
(2275)
(0)(0)(حدثنا يحيى بن أيوب) المقابري أبو زكريا البغدادي (وقتيبة بن سعيد) البلخي (قال ابن أيوب: حدثنا إسماعيل وهو ابن جعفر) بن أبي كثير الزرقي مولاهم أبو إسحاق المدني ثقة من (8)(أخبرني شريك) بن عبد الله بن أبي نمر أبو عبد الله المدني صدوق من (5)(عن عطاء بن يسار) الهلالي (مولى ميمونة) المدني (عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه وهذا السند من خماسياته رجاله أربعة منهم مدنيون وواحد إما بغدادي أو بلخي غرضه بسوقه بيان متابعة عطاء بن يسار لعبد الرحمن الأعرج (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس المسكين) أي الكامل المسكنة (بالذي ترده التمرة والتمرتان ولا) بالذي ترده (اللقمة ولا اللقمتان إنما المسكين) الكامل المسكنة هو (المتعفف) أي الذي يعف نفسه عن مسألة الناس (اقرووا إن شئتم) أيها الأصحاب مصداق ذلك قوله تعالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273].
روى أحمد وأبو داود والنسائي وصححه ابن خزيمة وابن حبان من طريق عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه مرفوعًا: (من سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف) وفي رواية ابن خزيمة (فهو ملحف) والأوقية أربعون درهمًا ولأحمد من حديث عطاء بن يسار عن رجل من بني أسد رفعه: (من سأل وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافًا) ولأحمد والنسائي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه: (من سأل وله أربعون درهمًا فهو ملحف).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه فقال:
(2276)
(0)(0)(وحدثنا أبو بكر) محمد (بن إسحاق) الصاغاني الخراساني الأصل البغدادي ثقة من (11)(حدثنا) سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم (بن أبي
مَرْيَمَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. أَخْبَرَنِي شَرِيكٌ. أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ وَعَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ؛ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: بِمِثْلِ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ.
(2277)
(1005) - (155) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الأعلَى بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْلِمٍ، أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ؛
ــ
مريم) الجمحي مولاهم أبو محمد المصري ثقة من كبار (10)(أخبرنا محمد بن جعفر) ابن أبي كثير الزرقي المدني أخو إسماعيل السابق ثقة من (7)(أخبرني شريك) بن عبد الله بن أبي نمر المدني (أخبرني عطاء بن يسار) الهلالي المدني (وعبد الرحمن بن أبي عمرة) الأنصاري النجاري المدني قال ابن سعد: ثقة وقال في التقريب: ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقال ابن أبي حاتم: ليست له صحبة (أنهما سمعا أبا هريرة) رضي الله تعالى عنه (يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث السابق وساق محمد بن جعفر (بمثل حديث) أخيه (إسماعيل) بن جعفر.
غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة محمد بن جعفر لإسماعيل بن جعفر في الرواية عن شريك بن عبد الله.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:
(2277)
(1005)(155)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى) السامي بالمهملة أبو محمد البصري ثقة من (8)(عن معمر) بن راشد الأزدي البصري ثقة من (7)(عن عبد الله بن مسلم) بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن الحارث بن زهرة الزهري أبي محمد المدني (أخي الزهري) الإمام روى عن حمزة بن عبد الله بن عمر في الزكاة وأخيه الزهري في النكاح وأنس ويروي عنه (م د ت س) ومعمر وبكير بن الأشج وغيرهم قال ابن معين: ثقة وقال النسائي: ثقة ثبت وقال في التقريب: ثقة من الثالثة مات قبل أخيه.
(عن حمزة بن عبد الله) بن عمر بن الخطاب العدوي المدني ثقة من (3)(عن أبيه) عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
أَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَا تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ بِأَحَدِكُمْ حَتى يَلْقَى اللهَ، وَلَيسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ"
ــ
وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان بصريان وواحد مكي وواحد كوفي.
(أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تزال المسألة) أي سؤال المال للناس مذلة (بأحدكم) قائمة به (حتى يلقى الله) سبحانه وتعالى يوم القيامة (و) الحال أنه (ليس في وجهه مزعة لحم) بضم الميم مع سكون الزاي بعدها عين مهملة أي قطعة يسيرة من اللحم.
قال القرطبي: يقال: مزعت المرأة الصوف إذا قطعته لتهيئه للغزل وتمزع أنفه أي تشقق وهذا كما قيل في الحديث الآخر (المسألة كدوح أو خدوش يخدش بها الرجل وجهه يوم القيامة) رواه أبو داود والنسائي والترمذي من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه.
وهذا محمول على كل من سال سؤالًا لا يجوز له وخص الوجه بهذا النوع لأن الجناية وقعت به إذ قد بذل من وجهه ما أمر بصونه عنه وتصرف به في غير ما سوغ له اهـ من المفهم.
وقال الطيبي: أي يأتي يوم القيامة لا جاه له ولا قدر من قولهم: لفلان وجه في الناس أي قدر ومنزلة أو يأتي فيه ليس على وجهه لحم أصلًا إما عقوبة له وإما إعلامًا بعمله اهـ.
وذلك بأن يكون علامة له يعرفه الناس بتلك العلامة أنه كان يسأل الناس في الدنيا فيكون تفضيحًا له وتشهيرًا لمآله وإذلالًا له كما أذل نفسه في الدنيا وأراق ماء وجهه بالسؤال.
ومن دعاء الإمام أحمد اللهم كما صنت وجهي عن سجود غيرك فصن وجهي عن مسئلة غيرك.
قال الحافظ: والأول صرف الحديث عن ظاهره وقد يؤيده ما أخرجه الطبراني والبزار من حديث مسعود بن عمرو مرفوعًا إلا يزال العبد يسال وهو غني حتى يخلق وجهه فلا يكون له عند الله وجه).
قال ابن أبي جمرة: معناه أنه ليس في وجهه من الحسن شيء لأن حسن الوجه بما فيه من اللحم ومال المهلب إلى حمله على ظاهره وإلى أن السر فيه أن الشمس تدنو يوم القيامة فإذا جاء لا لحم بوجهه كانت أذية الشمس له أكثر من غيره قال: والمراد به من
(2278)
(0)(0) وحدّثني عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَخِي الزُّهْرِيِّ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ "مُزْعَةُ".
(2279)
(0)(0) حدَّثني أَبُو الطَّاهِرِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي اللَّيثُ، عَنْ عُبَيدِ اللهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
ــ
سأل تكثرًا أو هو غني لا تحل له الصدقة وأما من سأل وهو مضطر فذلك مباح له فلا يعاقب عليه اهـ فتح الملهم.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته البخاري (1474) والنسائي (5/ 94).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
(2278)
(0)(0)(وحدثني عمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) البغدادي (حدثني إسماعيل بن إبراهيم) بن مقسم الأسدي البصري المعروف بابن علية ثقة من (8)(أخبرنا معمر) بن راشد البصري (عن) عبد الله بن مسلم (أخي الزهري) وقوله: (بهذا الإسناد) يعني عن حمزة عن أبيه متعلق بحدثني إسماعيل وكذا قوله: (مثله) مفعول ثان له والضمير عائد لعبد الأعلى والمعنى: حدثني إسماعيل بن إبراهيم عن معمر بهذا الإسناد مثله أي مثل ما حدث عبد الأعلى عن معمر (و) لكن (لم يذكر) إسماعيل لفظة (مزعة) بالرفع على الحكاية يعني أنه لم يقل في روايته: (وليس في وجهه مزعة لحم) بل قال: (وليس في وجهه لحم) وهذا استثناء من المماثلة فغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة إسماعيل لعبد الأعلى بن عبد الأعلى.
ثم ذكر المؤلف المتابعة فيه ثانيًا فقال:
(2279)
(0)(0)(حدثني أبو الطاهر) أحمد بن عمرو الأموي المصري (أخبرنا عبد الله بن وهب) المصري (أخبرني الليث) بن سعد المصري (عن عبيد الله بن أبي جعفر) يسار الكناني مولاهم أبي بكر المصري ثقة من (5) (عن حمزة بن عبد الله بن عمر أنه سمع أباه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مصريون وواحد مكي وواحد مدني غرضه بسوقه بيان متابعة عبيد الله بن أبي
"مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ، حَتى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَيسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ".
(2285)
(1006) - (156) حدَّثنا أَبُو كُرَيبٍ وَوَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الأعلَى. قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيلٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالهُمْ تَكَثُّرًا، فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا. فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ"
ــ
جعفر لعبد الله بن مسلم الزهري في رواية هذا الحديث عن حمزة بن عبد الله: (ما يزال الرجل) منكم وكذا المرأة (يسأل الناس) لغير ضرورة (حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم) وكرر المتن هنا لما بين الروايتين من المخالفة في بعض الكلمات.
ثم استشهد المؤلف لحديث ابن عمر بحديث أبي هريرة رضي الله عنهم: فقال:
(2280)
(1006)(156)(حدثنا أبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي (وواصل بن عبد الأعلى) بن هلال الأسدي الكوفي ثقة من (10) كلاهما (قالا: حدثنا) محمد (بن فضيل) بن غزوان الضبي الكوفي صدوق من (9)(عن عمارة بن القعقاع) بن شبرمة الضبي الكوفي ثقة من (6)(عن أبي زرعة) هرم بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي الكوفي ثقة من (3)(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون إلا أبا هريرة وفيه التحديث والعنعنة والمقارنة.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سأل الناس أموالهم تكثرًا) أي تجمعًا للمال- الكثير وهو مفعول لأجله أي سأل المال ليكثر ماله لا للاحتياج إليه اهـ ابن الملك.
(فإنما يسأل جمرًا) أي شعلة وقطعة من نار جهنم يعني أن ما أخذ سبب للعقاب بالنار وجعله جمرًا للمبالغة في التهديد فهذا كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} [النساء: 10] أي ما يوجب نارًا في العقبى وعارًا في الدنيا ويجوز أن يكون جمرًا حقيقة يعذب به كما ثبت لمانعي الزكاة (فليستقل أو ليستكثر) أي ليطلب منه قليلًا إن شاء أو كثيرًا منه ولينظر عاقبة أمره.
قال القرطبي: هو أمر على جهة التهديد أو على جهة الإخبار عن مآل حاله والمعنى فإنه يعاقب على القليل من ذلك وعلى الكثير اهـ مفهم.
(2281)
(1007)(157) حدّثني هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ. حَدَّثَنَا أبُو الأَحْوَصِ، عَنْ بَيَانِ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ قَيسِ بْنِ أَبِي حَازِم، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لأَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ فَيَحْطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ، فَيَتَصَدَّقَ بِهِ وَيَسْتَغْنِيَ بِهِ عَنِ النَّاسِ، خَيرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْألَ رَجُلًا، أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ ذلِكَ. فَإِن الْيَدَ الْعُلْيَا أَفْضَلُ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى. وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ"
ــ
قال السندي: والأمر فيه للتهديد أو للتوبيخ نظير قوله تعالى: {وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29] والمعنى سواء عليه استكثر منه أو استقل.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (2/ 231) وابن ماجه (1838).
ثم استشهد المؤلف لحديث ابن عمر بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله عنهم فقال:
(2281)
(1007)(157)(حدثنا هناد بن السري) بن مصعب التميمي أبو السري الكوفي ثقة من (10)(حدثنا أبو الأحوص) سلام بن سليم الحنفي الكوفي ثقة من (7)(عن بيان) بن بشر الأحمسي (أبي بشر) الكوفي المعلم ثقة من (5)(عن قيس بن أبي حازم) عوف بن عبد الحارث بن عوف الأحمسي أبي عبد الله الكوفي ثقة مخضرم من (2)(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون إلا أبا هريرة.
(قال) أبو هريرة: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لأن يغدو) أي لأن يبكر ويذهب (أحدكم) صباحًا إلى المحتطب وهو في تأويل مصدر مرفوع على الابتداء مقرون بلام الابتداء أو للقسم بدليل الرواية الآتية (فيحطب) بكسر الطاء من باب ضرب أي فيجمع الحطب ويحمله (على ظهره) فيدخل به السوق فيبيعه (فيتصدق به) أي ببعض ثمنه (ويستغني به) أي ببعض ثمنه الآخر في مؤنته ومؤنة عياله (عن) مسئلة (الناس).
وقوله: (خير له) خبر المبتدإ (من أن يسأل رجلًا) سواء (أعطاه) ذلك الرجل مسؤوله (أو منعه ذلك) المسؤول يعني يستوي الأمران في أنه خير له منه وقوله (ذلك) إشارة إلى ما يسأله وهو مفعول ثان للفعلين على سبيل التنازع ثم علل الخيرية بقوله: (فإن اليد العليا) أي المعطية (أفضل) أي خير (من البد السفلى) أي من الآخذة (وابدأ) في إنفاق ما حصلته (بمن تعول) أي بمن تمونهم وتنفقهم من نفسك وعيالك ثم تتصدق بما بقى منهم ففيه الحض على التعفف عن المسألة والتنزه عنها ولو امتهن المرأ نفسه في
(2282)
وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ
ــ
طلب الرزق وارتكب المشقة في ذلك ولولا قبح المسئلة في نظر الشرع لم يفضل ذلك عليها وذلك لما يدخل على السائل من ذم السؤال ومن ذل الرد إذا لم يعط ولما يدخل على المسؤول من الضيق في ماله إن أعطى كل سائل.
وأما قوله: (خير له) فليست المفاضلة على بابها إذ لا خير في السؤال مع القدرة على الاكتساب ويحتمل أن يكون المراد بالخير فيه بحسب اعتقاد السائل وتسميته الذي يعطاه خيرًا وهو في الحقيقة شر والله أعلم.
وقال السندي: (قوله خير من أن يسأل رجلًا) أي لو فرض في السؤال خير لكان هذا خيرًا منه وإلا فمعلوم أنه لا خيرية في السؤال.
قال الحافظ: ومن المواضع التي وقع فيها التردد من لا شيء له فالأولى في حقه أن يكتسب للصون عن ذل السؤال أو يترك وينتظر ما يفتح عليه بغير مسئلة فصح عن أحمد مع ما اشتهر من زهده وورعه أنه قال لمن سأله عن ذلك: الزم السوق وقال لآخر: استغن عن الناس فلم أر مثل الغنى عنهم وقال: ينبغي للناس كلهم أن يتوكلوا على الله وأن يعودوا أنفسهم التكسب ومن قال بترك التكسب فهو أحمق يريد تعطيل الدنيا نقله عنه أبو بكر المروزي وقال: أجرة التعليم والتعلم أحب إيئَ من الجلوس لانتظار ما في أيدي الناس وقال أيضًا: من جلس ولم يحترف دعته نفسه إلى ما في أيدي الناس وأسند عن عمر رضي الله عنه: كسب فيه بعض الشيء خير من الحاجة إلى الناس وأسند عن سعيد بن المسيب أنه قال عند موته وترك مالًا: اللهم إنك تعلم أني لم أجمعه إلا لأصون به ديني وعن سفيان الثوري وعن أبي سليمان الداراني ونحوهما من السلف نحوه بل نقله البربهاري عن الصحابة والتابعين وأنه لا يحفظ عن أحد منهم أنه ترك تعاطي الرزق مقتصرًا على ما يفتح عليه اهـ فتح الملهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (2/ 475) والترمذي (680).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
(2282)
(وحدثني محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي صدوق من (10)(حدثنا يحيى بن سعيد) القطان البصري (عن إسماعيل) بن أبي خالد سعد البجلي
حَدَّثَنِي قَيسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ. قَال: أَتَينَا أَبَا هُرَيرَةَ، فَقَال: قَال النبِي صلى الله عليه وسلم: "وَاللهِ! لأن يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ فَيَحْطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهُ". ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ بَيَانٍ.
(2283)
(0)(0) حدَّثني أَبُو الطَّاهِرِ وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأعلَى. قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عُبَيدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَوْفٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لأن يَحْتَزِمَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً مِنْ حَطَبٍ،
ــ
الأحمسي أبي عبد الله الكوفي ثقة من (4)(حَدَّثَنِي قيس بن أبي حازم) الأحمسي الكوفي ثقة من (2)(قال أتينا أبا هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة إسماعيل بن أبي خالد لبيان بن بشر في رواية هذا الحديث عن قيس بن أبي حازم.
(فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: والله لأن يغدو) ويبكر (أحدكم) إلى المحتطب (فيحطب) أي فيحمل الحطب (على ظهره فيبيعه ثم ذكر) إسماعيل (بمثل حديث بيان).
ثم ذكر المؤلف المتابعة فيه ثانيًا فقال:
(2283)
(0)(0)(حدثني أبو الطاهر) المصري (ويونس بن عبد الأعلى) الصدفي المصري (قالا: حدثنا ابن وهب) المصري (أخبرني عمرو بن الحارث) المصري (عن ابن شهاب) المدني (عن أبي عبيد) سعد بن عبيد (مولى عبد الرحمن بن عوف) ويقال: مولى عبد الرحمن بن أزهر الزهري المدني ثقة من (2) روى عنه في (4) أبواب (أنه سمع أبا هريرة) رضي الله تعالى عنه (يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مصريون واثنان مدنيان والله: (لأن يحتزم) أي لأن يحتطب (أحدكم حزمة) أي مجموعة (من حطب).
قال ابن الملك: الحزمة قدر ما يحمل بين العضدين والصدر ويستعمل فيما يحمل على الظهر من الحطب.
قال النواوي: فيه الحث على الصدقة والأكل من عمل يده والاكتساب بالمباحات
فَيَحْمِلَهَا عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا، خَيرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ رَجُلًا، يُعْطِيهِ أَوْ يَمْنَعُهُ".
(2284)
(1008) - (158) حدّثني عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ الدَّارِمِيُّ وَسَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ (قَال سَلَمَةُ: حَدَّثَنَا. وَقَال الدَّارِمِيُّ: أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ، وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ الدِّمَشْقِيُّ) حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ) عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ، عَنْ أَبِي مُسْلِمِ الْخَوْلانِيِّ
ــ
كالحطب والحشيش النابتين في موات (فيحملها على ظهره فيبيعها) في السوق وينفق ثمنها في مؤنته ومؤنة عياله ويتصدق الفاضل منها (خير له من أن يسال رجلًا) سواء كان (يعطيه) لما فيه حينئذ من ذل السؤال والمن (أو) كان (يمنعه) لما فيه من ذل السؤال والرد.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عمر بحديث عوف بن مالك رضي الله تعالى عنهما فقال:
(2284)
(1008)(158)(حدثني عبد الله بن عبد الرحمن) بن الفضل بن مهران (الدارمي) أبو محمد السمرقندي ثقة متقن من (11) روى عنه في (14) بابا (وسلمة بن شبيب) المسمعي أبو عبد الله النيسابوري ثقة من (11) روى عنه في (4) أبواب (قال سلمة: حدثنا وقال الدارمي: أخبرنا مروان وهو ابن محمد) بن حسان الأسدي أبو بكر (الدمشقي) ثقة من (9) روى عنه في (4) أبواب (حدثنا سعيد وهو ابن عبد العزيز) التنوخي أبو محمد الدمشقي الفقيه ثقة من (7) روى عنه في (4) أبواب تقريبًا (عن ربيعة بن يزيد) الإيادي القصير أبي شعيب الدمشقي فقيه أهل دمشق ثقة من (4) روى عنه في (7) أبواب (عن أبي إدريس) عائذ الله بن عبد الله بن عمرو (الخولاني) العوذي الشامي ثقة من (2) روى عنه في (8) أبواب.
(عن أبي مسلم) عبد الله بن ثوب بضم المثلثة وفتح الواو بعدها موحدة وقيل: ابن أثوب بوزن أحمر وقيل: أبو ثواب وقيل: ابن عوف وقيل: غير ذلك اليماني (الخولاني) الشامي مشهور بالزهد والكرامات الظاهرة والمحاسن الباهرة أسلم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وألقاه الأسود العنسي في النار فلم يحترق فتركه فجاء مهاجرًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الطريق فجاء إلى المدينة فلقي أبا بكر وعمر وغيرهما من كبار الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين روى عن
قَال: حَدَّثَنِي الْحَبِيبُ الأَمِينُ. أَمَّا هُوَ فَحَبِيبٌ إِلَيَّ. وَأَمَّا هُوَ عِنْدِي، فَأَمِينٌ. عَوْفُ بْنُ مَالِكِ الأَشْجَعِيُّ. قَال: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. تِسْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً أَوْ سَبْعَةً. فَقَال: "أَلا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ؟ " وَكُنَّا حَدِيثَ عَهْدٍ بِبَيعَةٍ. فَقُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ! ثُمَّ قَال: "أَلا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ؟ " فَقُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ! ثُمَّ قَال: "أَلا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ؟ " قَال: فَبَسَطْنَا أَيدِيَنَا وَقُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ! فَعَلامَ
ــ
عوف بن مالك الأشجعي في الزكاة وعمر ومعاذ وعبادة بن الصامت وأبي عبيدة بن الجراح ويروي عنه (م عم) وأبو إدريس الخولاني وشرحبيل بن مسلم الخولاني وجبير بن نفير وغيرهم وثقه ابن سعد وابن معين وقال العجلي: شامي تابعي ثقة من كبار التابعين ثقة مخضرم من الثانية.
(قال) أبو مسلم: (حدثني الحبيب الأمين أما هو) أي أما الذي حدثني (ف) هو (حبيب إليَّ) أي عندي (وأما هو عندي فأمين) على ما يحدث.
وقوله: (عوف بن مالك) بدل من الحبيب الأمين أو عطف بيان منه (الأشجعي) الغطفاني الصحابي المشهور من مسلمة الفتح أبو حماد الدمشقي.
وهذا السند من سباعياته رجاله ستة منهم شاميون وواحد إما سمرقندي أو نيسابوري.
(قال) عوف بن مالك: (كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة) أنفار (أو ثمانية أو سبعة) وأو للشك أو للإضراب (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا تبايعون) أيها الأنفار (رسول الله) صلى الله عليه وسلم على الإسلام ففيه التفات من التكلم إلى الغيبة وكان مقتضى الظاهر: ألا تبايعوني (وكنا حديث عهد) وزمن (ببيعة) معه صلى الله عليه وسلم (فقلنا) له: (قد بايعناك يا رسول الله) من قبل (ثم قال) مرة ثانية: (ألا تبايعون رسول الله فقلنا: قد بايعناك يا رسول الله ثم قال) مرة ثالثة: (ألا تبايعون رسول الله قال) عوف بن مالك: (فبسطنا) أي مددنا (أيدينا) إليه صلى الله عليه وسلم (وقلنا) له: (قد بايعناك) أولًا (يا رسول الله) على الإسلام (فعلام) بحذف ألف ما الاستفهامية لدخول حرف الجر عليها فرقًا بينها وبين ما الموصولة نظير عم يتساءلون أي فعلى أي شيء
نُبَايِعُكَ؟ قَال: "عَلَى أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيئًا. وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ. وَأَنْ تُطِيعُوا (وَأَسَرَّ كَلِمَةً خَفِيَّةً) وَلَا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيئًا" فَلَقَدْ رَأَيتُ بَعْضَ أُولئِكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ سَوْطُ أَحَدِهِمْ. فَمَا يَسْأَلُ أَحَدًا يُنَاولُهُ إِيَّاهُ
ــ
(نبايعك) الآن (قال) تبايعوني: (على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا و) على أداء (الصلوات الخمس و) على (أن تطيعو) في فيما أمرت ونهيت وفي رواية أبي داود: (وتسمعوا وتطيعوا) قال عوف بن مالك: (وأسر) النبي صلى الله عليه وسلم أي أخفى منا ولم يجهر (كلمة خفية) لم نسمعها لعدم تعلق تكليف بها (و) على أن (لا تسألوا الناس شيئًا) أي من السؤال أو من الأشياء اهـ عون.
وهذا موضع الترجمة من الحديث قال عوف بن مالك أيضًا: (فـ) وَالله (لقد رأيت بعض أولئك النفر) الذين بايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم على أن لا يسألوا الناس شيئًا (يسقط سوط أحدهم) من يده وهو راكب على دابته (فما يسأل أحدًا) من الناس (يناوله إياه) أي ذلك السوط.
قال النواوي: فيه التمسك بالعموم لأنهم نهوا عن السؤال فحملوه على عمومه وفيه الحث على التنزيه عن جميع ما يسمى سؤالًا وإن كان حقيرًا والله أعلم.
وفي المشكاة عن أبي ذر قال (دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يشترط على أن لا تسأل الناس شيئًا قلت: نعم قال: ولا سوطك إن سقط منك حتى تنزل إليه فتأخذه) رواه أحمد.
قال القرطبي: وأخذه صلى الله عليه وسلم على أصحابه في البيعة أن لا يسألوا أحدًا شيئًا حمل لهم على مكارم الأخلاق والترفع عن تحمل منن الخلق وتعليم الصبر على مضض الحاجات والاستغناء عن الناس وعزة النفوس ولما أخذهم بذلك التزموه في جميع الأشياء وفي كل الأحوال حتى فيما لا تلحق فيه منة طردًا للباب وحسمًا للذرائع اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (6/ 27) وأبو داود (1642) والنسائي (1/ 229) وابن ماجه (2867).
ثم استدل المؤلف على الجزء الأخير من الترجمة بحديث قبيصة بن مخارق رضي الله عنه فقال:
(2285)
(1009) - (159) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَقُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. كِلاهُمَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيدٍ. قَال يَحْيَى: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيدٍ، عَنْ هَارُونَ بْنِ رِيَابٍ. حَدَّثَنِي كِنَانَةُ بْنُ نُعَيمٍ الْعَدَويُّ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلالِيِّ. قَال: تَحَمَّلْتُ حَمَالةً
ــ
(2285)
(1009)(159)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (وقتيبة بن سعيد) بن طريف الثقفي البلخي (كلاهما عن حماد بن زيد) بن درهم الأزدي البصري (قال يحيى: أخبرنا حماد بن زيد عن هارون بن رياب) بكسر الراء المهملة وتحتانية مخففة وباء موحدة التميمي الأسيدي بضم الهمزة وكسر التحتانية المشددة أبي بكر البصري من بني كاهل بن نمير بن أسيد بن عمرو بن تميم روى عن كنانة بن نعيم في الزكاة وأنس وابن المسيب والأحنف بن قيس ويروي عنه (م د س) وحماد بن زيد وأيوب والأوزاعي وحماد بن سلمة وغيرهم قال النسائي: ثقة وقال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث وقال يعقوب بن سفيان: ثقة وذكره ابن حبان في الثقات له في (م) فرد حديث في الزكاة وقال في التقريب: ثقة عابد من السادسة.
(حدثني كنانة بن نعيم العدوي) أبو بكر البصري روى عن قبيصة بن مخارق في الزكاة وأبي برزة الأسلمي في الفضائل ويروي عنه (م دس) وهارون بن رياب وغيرهم قال ابن سعد: كان معروفًا ثقة وقال العجلي: تابعي بصري ثقة وذكره ابن حبان في الثقات وقال في التقريب: ثقة من الرابعة.
(عن قبيصة بن مخارق) بضم الميم وتخفيف المعجمة بن عبد الله بن شداد العامري (الهلالي) البصري الصحابي المشهور رضي الله عنه.
وهذا السند من خماسياته رجاله أربعة منهم بصريون وواحد إما نيسابوري أو بلخي.
(قال) قبيصة: (تحملت حمالةً) بفتح الحاء وتخفيف الميم أي استدنت دينًا والتزمته والحمالة بفتح الحاء المهملة وتخفيف الميم هي المال الذي يتحمله الإنسان أي يستدينه ويدفعه في إصلاح ذات البين كالإصلاح بين قبيلتين ونحو ذلك وإنما تحل له المسألة ويعطى من الزكاة بشرط أن يستدين لغير معصية اهـ نووي.
وفي نهاية ابن الأثير: الحمالة بالفتح ما يتحمله الإنسان عن غيره من دية أو غرامة
فَأَتَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَسْأَلُهُ فِيهَا. فَقَال: "أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ. فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا". قَال: ثُمَّ قَال: "يَا قَبِيصَةُ! إِن الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إلا لأحَدِ ثَلاثَةٍ:
ــ
مثل أن يقع حرب بين فريقين يسفك فيهما الدماء فيدخل بينهم رجل يتحمل ديات القتلى ليصلح ذات البين والتحمل أن يحملها عنهم على نفسه اهـ والعرب كانوا يعدون ذلك شرفًا.
قال القرطبي: (قوله: تحملت حمالة) أي ألزمتها نفسي والحمالة ما لزم الإنسان تحمله من غرم أو دية وكانت الرب إذا وقعت بينهم ثائرة اقتضت غرمًا في دية أو غيرها قام أحدهم فتبرع بالتزام ذلك والقيام به حتى ترتفع تلك الثائرة ولا شك أن هذا من مكارم الأخلاق ولا يصدر مثله إلا عن سادات الناس وخيارهم وكانت الرب لكرمها إذا علمت بأن أحدًا تحمل حمالة بادروا إلى معونته وأعطوه ما يتم به وجه مكرمته وتبرأ به ذمته ولو سأل المتحمل في تلك الحمالة لم يعد ذلك نقصًا بل شرفًا وفخرًا ولذلك سأل هذا الصحابي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حمالته التي تحملها على عاداتهم فأجابه صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بحكم المعونة على المكرمة ووعده النبي صلى الله عليه وسلم بمال من الصدقة لأنه غارم من جملة الغارمين المذكورين في آية الصدقات اهـ من المفهم.
(فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة كوني (أسأله) صلى الله عليه وسلم صدقة تكون معونة لي (فيها) أي في قضاء تلك الحمالة أو أساله مالًا لأجل وفاء تلك الحمالة ففي بمعنى لام التعليل (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أقم) يا قبيصة من الإقامة بمعنى اثبت واصبر وكن مقيمًا في المدينة اهـ من العون.
(حتى تأتينا الصدقة) أي يحضرنا مالها يعني الزكاة (فنأمر لك) السعاة (بها) أي بإعطاء الصدقة لك أي بإعطاء ما توفي به دينك من مال الزكاة أو بوفاء الحمالة.
وفي العون: قوله: (فنأمر لك بها) أي بالصدقة أو بالحمالة.
(قال) قبيصة: (ثم قال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا قبيصة إن المسألة) أي السؤال والشحذة (لا تحل إلا لأحد ثلاثة) من الأشخاص.
رَجُلٌ تَحَمَّلَ حَمَالةً فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ. وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيشٍ (أَوْ قَال: سِدَادًا مِنْ عَيشٍ)
ــ
قال القرطبي: لما قرر النبي صلى الله عليه وسلم منع قاعدة المسألة من الناس بما تقدم من الأحاديث وبمبايعتهم على ذلك وكانت الحاجات والفاقات تنزل بهم فيحتاجون إلى السؤال بين لهم النبي صلى الله عليه وسلم من يخرج من عموم تلك القاعدة وهم هؤلاء الثلاثة اهـ من المفهم.
وفي شرح ابن الملك: قالوا: هذا بحث سؤال الزكاة وأما سؤال صدقة التطوع فمن لا يقدر على كسب لكونه زمنًا أو ذا علة أخرى جاز له السؤال بقدر قوت يومه ولا يدخر وإن كان قادرًا عليه فتركه لاشتغال العلم جاز له الزكاة وصدقة التطوع فإن تركه لاشتغال صلاة التطوع وصيامه لا تجوز له الزكاة ويكره له صدقة التطوع قاله في المرقاة.
(رجل) بالجر بدل من أحد وقال ابن الملك: من ثلاثة وبالرفع خبر لمبتدإ محذوف تقديره: أحدها رجل (تحمل) أي التزم (حمالة) أي دينًا لأجل تسكين فتنة وقعت بين القوم (فحلت) أي جازت (له المسألة) أي السؤال بشرط أن يترك الإلحاح والتغليظ في الخطاب (حتى يصيبها) أي حتى يجد ما يوفي به تلك الحمالة ويؤدي ذلك الدين (ثم يمسك) نفسه عن السؤال يعني إذا أخذ من الصدقات ما يؤدي به ذلك الدين لا يجوز له أخذ شيء آخر منها ذكره ابن الملك.
(و) ثانيها (رجل أصابته) في ماله (جائحة) أي آفة وحادثة مستأصلة من جاحه يجوحه إذا استاصله وهي الآفة المهلكة للثمار والأموال قال القرطبي: والجائحة الآفة التي تجتاح المال وتتلفه إتلافًا ظاهرًا كالسيل والحرق والسرق وغلبة العدو وغير ذلك مما يكون إتلافه للمال ظاهرًا (فحلت) أي جازت إله المسألة) أي سؤال الناس (حتى يصيب) ويجد (قوامًا من عيش) والقوام بكسر القاف ما يقوم به العيش وبفتحها الاعتدال أي حلت له المسألة إلى أن يجد ما تقوم به حاجته من معيشته أي إلى أن يدرك ما تقوم به حاجته الضرورية (من عيش) أي معيشة من قوت ولباس وسكن (أو قال) شك من الراوي أي أو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يصيب: (سدادًا من عيش) والسداد بكسر السين ما يسد الفقر ويدفع ويكفي الحاجة.
وقال النواوي: القوام والسداد بكسر أولهما بمعنى واحد وهو ما يغني من الشيء وما تسد به الحاجة وكل شيء سددت به شيئًا فهو سداد ومنه سداد الثغر وسداد القارورة
وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلاثَةٌ مِنْ ذَوي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ: لَقَدْ أَصَابَتْ فُلانًا فَاقَةٌ،
ــ
والسداد بفتح أوله الإصابة في الشيء وقوله: (حتى يصيبها ثم يمسك وحتى يصيب قوامًا) فيه حد الإباحة إلى زوال الموجب لها ثم عوده إلى الأصل السابق الممنوع اهـ من المفهم.
(و) ثالثها (رجل) أي غني (أصابته فاقة) أي حاجة شديدة اشتهر بها بين قومه (حتى يقوم) ويقول على رؤوس الأشهاد (ثلاثة من ذوي الحجا) بكسر الحاء وفتح الجيم مقصورًا أي من أصحاب العقل الكامل (من قومه) أي من جيرانه ممن له خبرة بباطنه وإنما قال صلى الله عليه وسلم: (من قومه) لأنهم من أهل الخبرة بباطنه والمال مما يخفى في العادة فلا يعلمه إلا من كان خبيرًا بصاحبه أي حتى يقوموا قائلين على رؤوس الإشهاد والله (لقد أصابت فلانًا فاقة) أي فقر بعد غناه والمراد المبالغة في ثبوت الفاقة وإلا فبينة الإعسار كبينة غيره.
قال النواوي: هكذا هو في جميع النسخ (يقوم) بالميم والذي في سنن أبي داود (يقول) باللام كما في نسخة عندنا وفي قوله: (من ذوي الحجا) تنبيه على أنه يشترط في الشاهد التيقظ فلا يقبل من مغفل.
قال السندي: وهذا كناية عن كون تلك الفاقة محققة لا مخيلة حتى لو استشهد عقلاء قومه بتلك الفاقة شهدوا بها والله تعالى أعلم.
والفرق بين هذا القسم والقسم السابق أن الفاقة في القسم الأول ظاهرة بين غالب الناس وفي هذا القسم خفية عنهم وقال ابن الملك: وهذا على سبيل الاستحباب والاحتياط ليكون أدل على براءة السائل عن التهمة في ادعائه وأدعى للناس إلى سرعة إجابته وخص بكونهم من قومه لأنهم هم العالمون بحاله وهذا من باب التبيين والتعريف إذ لا مدخل لعدد الثلاث من الرجال في شيء من الشهادات عند أحد من الأئمة وقيل: إن الإعسار لا يثبت عند البعض إلا بثلاثة لأنها شهادة على النفي فثلثت على خلاف ما اعتيد في الإثبات للحاجة.
وقال السيد جمال الدين نقلًا عن التخريج: أخذ بظاهر الحديث بعض أصحابنا وقال الجمهور: يقبل من عدلين وحملوا الحديث على الاستحباب وهذا محمول على من
فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ. حَتى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيشٍ (أَوْ قَال: سِدَادًا مِنْ عَيشٍ) فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ الْمَسْأَلَةِ، يَا قَبِيصَةُ! سُحْتًا يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا"
ــ
عرف له مال فلا يقبل قوله في تلفه والإعسار إلا ببينة وأما من لم يعرف له مال فالقول قوله في عدم المال كذا في المرقاة.
(فحلت) أي جازت (له المسألة) أي السؤال (حتى يصيب) أي إلى أن يجد (قوامًا من عيش) أي كفاية من معيشته الضرورية من طعام ولباس (أو قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (سدادًا من عيش) بالشك من الراوي (فما سواهن) أي سوى هذه الأقسام الثلاثة (من المسألة) يكون (يا قبيصة سحتًا) أي حرامًا.
قال النواوي: هكذا هو في جميع النسخ (سحتًا) بالنصب ورواية غير مسلم: (سحت) بالرفع على الخبرية وهذا واضح ورواية مسلم صحيحة أيضًا ولكن فيها حذف تقديره يكون سحتًا أو اعتقده يا قبيصة سحتًا أو يؤكل سحتًا اهـ.
والسحت بضمتين وبسكون ثانيه وهو الأكثر الحرام الذي لا يحل كسبه لأنه يسحت البركة أي يذهبها.
(يأكلها) أي يأكل ما يحصل له بالمسئلة قاله الطيبي أي يأكل تلك المسألة قال في السبل: يأكلها أي الصدقة أنث لأنه جعل السحت عبارة عنها وإلا فالضمير له (صاحبها) أي يأكل صاحب تلك الصدقة وسائلها حالة كونها (سحتًا) أي حرامًا عليه.
وفي العون: قوله: (سحتًا) نصب على التمييز أو بدل من الضمير في يأكلها أو حال منه.
قال ابن الملك: وتانيث الضمير بمعنى الصدقة أو المسألة اهـ.
وقال القرطبي: قوله: (فما سواهن سحت) الخ هذا الحديث مخصوص بحديث سمرة الذي أخرجه أبو داود مرفوعًا (المسائل كدوح يكدح الرجل بها وجهه إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان أو في أمر لا يجد منه بدًا) وما تدعو الحاجة والضرورة إلى المسألة فيه يزيد على الثلاثة المذكورين في هذا الحديث الذي نحن باحثون عنه اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (3/ 477) وأبو داود (1640) والنسائي (5/ 89).
واختلف فيمن تحل له الزكاة والمسألة قال الترمذي في حديث ابن مسعود: قيل: يا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رسول الله وما يغنيه قال: خمسون درهمًا أو قيمتها من الذهب والعمل على هذا عند بعض أصحابنا كالثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق قال: ووسع قوم في ذلك فقالوا: إذا كان عنده خمسون درهمًا أو أكثر وهو محتاج فله أن يأخذ من الزكاة وهو قول الشافعي وغيره من أهل العلم اهـ.
وقال الشافعي: قد يكون الرجل غنيًّا بالدرهم مع الكسب ولا يغنيه الألف مع ضعفه في نفسه وكثرة عياله وفي المسألة مذاهب أخرى لا نطيل بذكرها اهـ من فتح الملهم.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب خمسة أحاديث:
الأول: حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة.
والثاني: حديث عبد الله بن عمر ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعتين.
والثالث: حديث أبي هريرة ذكره استشهادًا لحديث ابن عمر وذكر فيه متابعتين.
والرابع: حديث عوف بن مالك ذكره أيضًا استشهادًا لحديث ابن عمر.
والخامس: حديث قبيصة بن المخارق ذكره استدلالًا على الجزء الأخير من الترجمة والله سبحانه وتعالى أعلم.
***