المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌428 - (46) باب فضل من جمع الصدقة وأعمال الخير والحث على الأنفاق والنهي عن الإحصاء - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١٢

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌422 - (40) باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين ولو كانوا مشركين

- ‌423 - (41) باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه وأن كل معروف صدقة

- ‌424 - (42) باب الدعاء للمنفق وعلى الممسك والأمر بالمبادرة إلى الصدقة قبل فوتها وعدم قبولها إلا من الكسب الطيب وتربيتها عند الرحمن

- ‌425 - (43) باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة وحث الإمام على الصدقة إذا رأى فاقة

- ‌426 - (44) باب النهي عن لمز المتصدق والترغيب في صدقة المنيحة وبيان مثل المتصدق والبخيل وقبول الصدقة وإن وقعت في يد غير مستحق

- ‌427 - (45) باب أجر الخازن الأمين والمرأة تنفق من طعام بيتها والعبد من مال سيده

- ‌428 - (46) باب فضل من جمع الصدقة وأعمال الخير والحث على الأنفاق والنهي عن الإحصاء

- ‌429 - (47) باب النهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها وأي الصدقة أفضل وفضل اليد العليا والتعفف عن المسألة

- ‌430 - (48) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس وبيان من تحل له المسألة

- ‌431 - (49) باب إباحة الأخذ لمن أعطى من غير سؤال ولا استشراف وكراهة الحرص على المال والعمر

- ‌432 - (50) باب الغنى غنى النفس وما يخاف من زهرة الدنيا وفضل التعفف والصبر والكفاف والقناعة

- ‌433 - (51) باب إعطاء السائل ولو أفحش في المسألة وإعطاء المؤلفة قلوبهم وتصبر من قوي إيمانه

- ‌434 - (52) باب وجوب الرضا بما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أعطى وكفر من نسب إليه جورًا وذكر الخوارج

- ‌(تتمة)

- ‌435 - (53) باب التحريض على قتل الخوارج وبيان أنهم شر الخلق والخليقة

- ‌436 - (54) باب تحريم الصدقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وترك استعمال آله صلى الله عليه وسلم على الصدقة

- ‌437 (55) باب الصدقة إذا بلغت محلها جاز لمن كان قد حرمت عليه أن يأكل منها وقبوله صلى الله عليه وسلم الهدية ورده الصدقة ودعاء المصدِّق لمن جاء بصدقته والوصاة بإرضاء المصدِّق

- ‌ كتاب الصيام

- ‌438 - (56) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لروية الهلال فإن غم تكمل العدة ثلاثين يومًا

- ‌439 - (57) باب النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين وأن الشهر يكون تسعًا وعشرين

- ‌440 - (58) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرًا وشهران لا ينقصان

- ‌441 - (59) باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر وبيان الفجر الَّذي يتعلق به الأحكام

- ‌442 - (60) باب الحث على السحور واستحباب تأخيره وتعجيل الإفطار وبيان وقت إفطار الصائم

- ‌443 - (61) باب النهي عن الوصال في الصوم وما جاء في القبلة للصائم

- ‌444 - (62) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب وكفارة من أفطر في رمضان بالجماع متعمدًا

الفصل: ‌428 - (46) باب فضل من جمع الصدقة وأعمال الخير والحث على الأنفاق والنهي عن الإحصاء

‌428 - (46) باب فضل من جمع الصدقة وأعمال الخير والحث على الأنفاق والنهي عن الإحصاء

(2252)

(991) - (141) حدّثني أَبُو الطاهِرِ وَحرمَلَةُ بْنُ يَحيَى التجِيبِي (وَاللفْظُ لأَبِي الطاهِرِ) قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهاب، عَنْ حُمَيدِ بْنِ عَبْدِ الرحمنِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَال: "مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَينِ فِي سَبِيلِ الله نُودِيَ فِي الْجَنةِ: يَا عَبْدَ الله! هذَا خَير

ــ

428 -

(46) باب فضل من جمع الصدقة وأعمال الخير والحث على الإنفاق والنهي عن الإحصاء

(2252)

(991)(141)(حدثني أبو الطاهر) أحمد بن عمرو بن السرح الأموي المصري (وحرملة بن يحيى النجيبي) المصري (واللفظ) الآتي (لأبي الطاهر قالا: حدثنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي المصري (أخبرني يونس) بن يزيد الأموي الأيلي (عن) محمد بن مسلم (بن شهاب) الزهريّ المدني (عن حميد بن عبد الرحمن) بن عوف الزهريّ المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه.

وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان مصريان وواحد أيلي وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والمقارنة ورواية تابعي عن تابعي.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أنفق زوجين) أي شفعًا من جنس كدرهمين أو دينارين أو فرسين أو بعيرين أو مدين من الطعام ويحتمل أن يراد التكرير والمداومة على الصدقة والمعنى أنه يشفع صدقته بأخرى ويمكن أن يراد بهما صدقتان إحداهما سر والأخرى علانية لقوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالهُمْ بِاللَّيلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)} اهـ مرقاة.

(في سبيل الله) أي في مرضاته من أبواب الخير وقيل: في الجهاد خاصة والأصح العموم كما في النواوي والمطلوب تشفيع صدقته بأخرى والتنبيه على فضل الصدقة والنفقة في الطاعة والاستكثار منها (نودي في الجنة) وفي رواية عند البخاري: (نودي من أبواب الجنة)(يا عبد الله هذا) الباب فيما نعتقده (خير) لك من غيره من الأبواب لكثرة ثوابه ونعيمه فتعال فادخل منه ولا بد من تقدير ما ذكرناه إذ كل مناد يعتقد أن ذلك الباب أفضل من غيره كذا في الشرح.

ص: 102

فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصلاةِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الصلاةِ. وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهادِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهادِ. وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصدَقَةِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الصدَقَةِ. وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصيَامِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الريانِ"

ــ

وقال الحافظ رحمه الله: قوله: هذا خير ليس اسم التفضيل على بابه بل المعنى هذا خير من الخيرات والتنوين فيه للتعظيم وبه تظهر الفائدة يعني أن لفظ خير بمعنى فاضل لا بمعنى أفضل كان كان اللفظ قد يوهم ذلك ففائدته زيادة ترغيب السامع في طلب الدخول من ذلك الباب والمعنى دعته كل الخزنة من جميع أبوابها تكريمًا له وإعزازًا يا عبد الله هذا الباب خير لك في الدخول من غيره من الأبواب فادخل من ها هنا يقوله كل خازن رغبة في دخوله من الباب الذي هو موكل به.

(فمن كان من أهل الصلاة) أي من المكثرين لصلاة التطوع وكذلك غيرها من أعمال البر المذكورة في هذا الحديث لأن الواجبات لا بد منها لجميع المسلمين ومن ترك شيئًا من الواجبات إنما يخاف عليه أن ينادى من أبواب جهنم فيستوي في القيام بها المسلمون كلهم وإنما يتفاضلون بكثرة التطوعات التي بها يحصل تلك الأهلية التي بها ينادونك من تلك الأبواب (دعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الجهاد) أي أكثر عمله الجهاد (دعي من باب الجهاد ومن كان من أهل الصدقة) أي أكثر عمله الصدقة (دعي من باب الصدقة ومن كان من أهل الصيام) أي أكثر عمله صيام التطوع يقال فيه مثل ما قيل في الصلاة آنفًا (دعي من باب الريان) وعند أحمد: الكل أهل عمل باب يدعون منه بذلك العمل فلأهل الصيام باب يدعون منه يقال له: الريان) كذا في القسطلاني.

والريان ضد العطشان يعني أن الصائم بتعطشه في الدنيا يدخل من باب ليأمن من العطش كما في المرقاة.

قال العلماء: سمي باب الريان تنبيهًا على أن العطشان بالصوم في الهواجر سيروى وعاقبته إليه وهو مشتق من الري وهو الشبع من الماء.

قال القرطبي: والريان فعلان من الري على جهة المبالغة وسمي بذلك على جهة مقابلة العطشان لأنه جوزي على عطشه بالري الدائم في الجنة التي يدخل إليها من ذلك الباب اهـ من المفهم.

ص: 103

قَال أَبُو بَكْرٍ الصديقُ: يَا رَسُولَ الله، مَا عَلَى أَحَدٍ يُدعَى مِنْ تِلْكَ الأبوَاب مِنْ ضَرُورَةٍ. فَهلْ يُدعَى أَحدٌ مِنْ تِلْكَ الأبوَابِ كُلِّها؟ قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"نَعَم. وَأَرجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُم"

ــ

ولما فهم أبو بكر رضي الله عنه هذا المعنى (قال أبو بكر الصديق) رضي الله عنه (يا رسول الله ما على أحد يدعى من تلك الأبواب من ضرورة) أي من ضرر وتعب فمن زائدة استغراقية وضرورة اسم ما مؤخر وعلى أحد خبرها أي أي أليس تعب وضرر كائنًا على أحد يدعى من تلك الأبواب المختلفة (فهل يدعى أحد من تلك الأبواب) المختلفة (كلها) أي فهل يحصل لأحد من أهل الإكثار من تطوعات البر المختلفة ما يتأهل به لأن تدعوه خزنة الجنة من كل باب من أبوابها فـ (ـقال) له (رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم) أي يدعى منها كلها على سبيل التخيير في الدخول من أيها شاء لاستحالة الدخول من الكل معًا اهـ قسطلاني أي يكون جماعة يدعون من جميع الأبواب تعظيمًا وتكريمًا لهم لكثرة صلاتهم وجهادهم وصيامهم وغير ذلك من أبواب الخير (وأرجو أن تكون) أنت يا أبا بكر (منهم) أي من الذين يدعون من كل باب تكرمة لهم.

قال العلماء: الرجاء من الله ومن نبيه واقع بهذا التقرير، قال الحافظ: وفي الحديث إشعار بقلة من يدعى من تلك الأبواب كلها وفيه إشارة إلى أن المراد ما يتطوع به من الأعمال المذكورة لا واجباتها لكثرة من يجتمع له العمل بالواجبات كلها بخلاف التطوعات فقل من يجتمع له العمل بجميع أنواع التطوعات ثم من يجتمع له ذلك إنما يدعى من جميع الأبواب على سبيل التكريم له وإلا فدخوله إنما يكون من باب واحد ولعله باب العمل الذي يكون أغلب عليه والله أعلم وأما ما أخرجه مسلم عن عمر (من توضأ ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله) الحديث وفيه: (فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء) فلا ينافي ما تقدم كان كان ظاهره أنه يعارضه لأنه يحمل على أنها تفتح له على سبيل التكريم ثم عند دخوله لا يدخل إلا من باب العمل الذي يكون أغلب عليه كما تقدم وليس فيه ذكر المناداة والله أعلم.

(تنبيه) وذكر مسلم في هذا الحديث من أبواب الجنة أربعة فذكر باب الصلاة وباب الصدقة وباب الصيام وباب الجهاد وزاد غيره بقية الثمانية فذكر فيها باب التوبة وباب الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس وباب الراضين لقضاء الله تعالى والباب الأيمن الذي يدخل منه من لا حساب عليه حكاه القاضي أبو الفضل اهـ من المفهم.

ص: 104

(2253)

(0)(0) حدّثني عَمرو الناقِدُ وَالْحَسَنُ الْحُلْوَانِي وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا يَعقُوبُ (وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ) حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ. ح وَحَدَثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرزاقِ. أَخْبَرَنَا معمر. كِلاهُمَا عَنِ الزهْرِي. بِإِسْنَادِ يُونُسَ، وَمَعنى حَدِيثِهِ.

(2254)

(0)(0) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا مُحَمدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ الزُّبَيرِ. حَدَثَنَا شَيبَانُ. ح وَحَدثَنِي مُحَمدُ بْنُ حَاتِمٍ (وَاللفْظُ لَهُ) حدَثَنَا شَبَابَةُ. حَدَثَنِي شَيبَانُ بْنُ

ــ

وشارك المؤلف رحمه الله تعالى في رواية هذا الحديث أحمد (2/ 166) والبخاري (1897) والترمذي (3674) والنسائي (4/ 168 - 169).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

(2253)

(0)(0)(حدثني عمرو) بن محمد بن بكير بن شابور (الناقد) أبو عثمان البغدادي (والحسن) بن علي بن محمد بن علي (الحلواني) المكي أبو علي الخلال الهذلي ثقة من (11)(وعبد بن حميد) بن نصر الكسي نسبة إلى كس مدينة فيما وراء النهر (قالوا: حدثنا يعقوب وهو ابن إبراهيم بن سعد) الزهريّ أبو يوسف المدني ثقة من (9)(حدثنا أبي) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهريّ أبو إسحاق المدني ثقة من (8)(عن صالح) بن كيسان الغفاري مولاهم أبي محمد المدني ثقة من (4)(ح وحدثنا عبد بن حميد) الكسي (حدثنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني (أخبرنا معمر) بن راشد الأزدي البصري (كلاهما) أي كل من أبي صالح ومعمر بن راشد رويا (عن الزهريّ بإسناد يونس و) بـ (معنى حديثه) أي حديث يونس غرضه بسوقهما بيان متابعة صالح ومعمر ليونس في الرواية عن الزهريّ.

ثم ذكر المؤلف المتابعة فيه ثانيًا فقال:

(2254)

(0)(0)(وحدثني محمد بن رافع) القشيري النيسابوري (حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير) بن عمرو بن درهم الأسدي الزبيري مولاهم أبو أحمد الكوفي ثقة من (9)(حدثنا شيبان) بن عبد الرحمن التميمي أبو معاوية البصري ثم البغدادي ثقة من (7)(ح وحدثني محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي (واللفظ) الآتي (له) أي لمحمد بن حاتم (حدثنا شبابة) بن سوار الفزاري أبو عمرو المدائني (حدثني شيبان بن

ص: 105

عَبْدِ الرحمنِ، عَنْ يَحيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمن؛ أَنهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَينِ فِي سَبِيلِ الله دَعَاهُ خَزَنَةُ الْجَنةِ. كُل خَزَنَةِ بَابٍ: أَي فُلُ! هلُم". فَقَال أبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ! ذلِكَ الذي لَا تَوَى عَلَيهِ. قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي لأرجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُم"

ــ

عبد الرحمن) التميمي البصري (عن يحيى بن أبي كثير) صالح بن المتوكل الطائي اليمامي (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) الزهريّ المدني (أنه سمع أبا هريرة يقول):

وهذا السند من سداسياته غرضه بسوقه بيان متابعة أبي سلمة بن عبد الرحمن لحميد بن عبد الرحمن في رواية هذا الحديث عن أبي هريرة.

(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أنفق زوجين) أي صنفين من المال (في سبيل الله) تعالى أي في طاعته من كل بر (دعاه) أي ناداه (خزنة الجنة) أي بوابها (كل خزنة باب) بالرفع بدل من خزنة الجنة بدل الكل وتنوين باب للتكثير فدعوتهم من كل باب تعظيم له ورغبة إليه اهـ ابن الملك.

قال الحافظ: كأنه من المقلوب لأن المراد خزنة كل باب اهـ.

(أي فل) مرخم فلان على لغة من لا ينتظر المحذوف أي يا فلان (هلم) أي أقبل إلينا لتدخل من هذا الباب.

قال النواوي: هكذا ضبطناه أي فل بضم اللام وهو المشهور ولم يذكر القاضي وآخرون غيره وضبطه بعضهم بإسكان اللام والأول أصوب.

قال القاضي: معناه أي فلان فرخم ونقل إلى إعراب الكلمة على إحدى اللغتين في الترخيم قال: فقيل: فل لغة في فلان في غير النداء والترخيم اهـ.

(فقال أبو بكر: يا رسول الله ذلك) مبتدأ خبره (الذي) وجملة (لا توى عليه) بفتح التاء والقصر أي لا ضياع ولا هلاك ولا خسارة صلة الموصول أي ذلك المدعو من كل باب هو الذي لا هلاك ولا ضياع ولا خسارة عليه أي هو من الفائزين الذين نجوا من المهالك (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اني لأرجو أن تكون منهم) أي من الذين يدعون من كل باب قال العلماء: الرجاء من الله ومن نبيه واقع.

ص: 106

(2255)

(992) - (142) حدثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا مروَانُ (يَعْنِي الْفَزَارِيَّ) عَنْ يَزِيدَ (وَهُوَ ابْنُ كَيسَانَ) عَن أَبِي حَازِم الأشجَعِي، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أصبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائمًا؟ " قَال أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أنَا. قَال: "فَمَنْ تَبعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟ " قَال أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا. قَال:

ــ

وبهذا التقرير يدخل الحديث في فضائل أبي بكر ووقع في حديث ابن عباس عند ابن حبان في نحو هذا الحديث التصريح بالوقوع لأبي بكر ولفظه: (قال أجل وأنت هو يا أبا بكر) أي لأنه رضي الله عنه كان جامعًا لهذه الخيرات كلها أما التعبير بعنوان الرجاء في حديث الباب فقيل: إنه خرج مخرج الأدب مع الله تعالى إذ لا يجب عليه سبحانه شيء وهو سبحانه أكرم من أن يخلف رجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والله أعلم.

ثم استشهد المؤلف لحديث أبي هريرة بحديث آخر له فقال:

(2255)

(992)(142)(حدثنا) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (حدثنا مروان) بن معاوية بن الحارث بن أسماء (يعني الفزاري) أبو عبد الله الكوفي ثقة من (8) روى عنه في (13) بابا (عن يزيد وهو ابن كيسان) اليشكري أبي إسماعيل الكوفي صدوق من (6) روى عنه في (6) أبواب (عن أبي حازم) سلمان (الأشجعي) الكوفي مولى عزة (عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون وواحد مدني وواحد مكي.

(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أصبح منكم اليوم صائما) أي من الذي اتصف منكم بالصيام في صباح هذا اليوم (قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا) أصبحت اليوم صائمًا قال الطيبي: ذكر أنا هنا للتعيين في الإخبار لا للاعتداد بنفسه كما يذكر في مقام المفاخرة وهو الذي كره الصوفية رد لكراهة طائفة هذا القول لكن إنما محلها إذا صدر عن إثبات النفس ورعونتها وتوهم كمال ذاتها وحقيقتها كما صدر عن إبليس حيث قال أنا خير منه وأما حديث جابر في الصحيح (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في دين كان علي فدققت الباب فقال: من ذا؟ فقلت: أنا فقال: أنا أنا كأنه كرهها) فسبب كراهته له الاقتصار عليه المؤدي إلى عدم تعريفه نفسه ولو عرفه بصوته لما استفهمه اهـ فتح الملهم.

(قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (فمن تبع منكم اليوم جنازة) لتجهيزها (قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا) الذي تبعها (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ص: 107

"فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينا؟ " قَال أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا. قَال: "فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟ " قَال أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا. فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَا اجْتَمَعنَ فِي امرِئٍ، إلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ".

(2256)

(993) - (143) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا حَفص (يَعنِي ابْنَ غِيَاثٍ) عَنْ هِشَامٍ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنها

ــ

(فمن أطعم منكم اليوم مسكينًا قال أبو بكر رضي الله عنه أنا) الذي أطعمه (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فمن عاد منكم اليوم مريضًا قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا) الذي عاد مريضًا والمعاد هو عبد الرحمن بن عوف كذا في مسند أبي موسى قاله ابن بشكوال اهـ من تنبيه المعلم على صحيح مسلم.

(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اجتمعن) هذه الخصال الأربعة ولا وجدن (في امرئ) أي في يوم واحد من الأيام ولم يعن ذلك اليوم الذي قاله فيه اهـ أبي (إلا دخل الجنة) ففيه الشهادة له بالجنة.

والمعنى أي هذه الخصال الأربعة المذكورة ما وجدت وحصلت في امرئ في يوم واحد إلا دخل الجنة أي بلا محاسبة وإلا فمجرد الإيمان يكفي لمطلق الدخول أو معناه دخل الجنة من أي باب شاء كما تقدم.

وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم.

ثم استدل المؤلف على الجزء الأخير من الترجمة بحديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما فقال:

(2256)

(993)(143)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حفص يعني ابن غياث) ابن طلق النخعي الكوفي ثقة من (8)(عن هشام) بن عروة بن الزبير الأسدي المدني ثقة من (5)(عن) زوجته (فاطمة بنت المنذر) بن الزبير بن العوام الأسدية المدنية ثقة من (3)(عن) جدتها (أسماء بنت أبي بكر) الصديق رضي الله عنها التيمية المدنية المسماة ذات النطاقين من كبار الصحابة عاشت مائة (100) سنة وماتت سنة (7).

ص: 108

قَالتْ: قَال لِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَنْفِقِي (أَو انْفَحِي، أَو انْضَحِي) وَلَا تحصِي، فَيُحصِيَ الله عَلَيكِ".

(2257)

(0)(0) وحدّثنا عَمرٌو الناقِدُ

ــ

وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان كوفيان.

(قالت) أسماء: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنفقي أو انفحي): بفتح الفاء وحاء مهملة (أو) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انضحي) بفتح الضاد وأو للشك من الراوي أو ممن دونه ومعنى انفحي وانضحي أعطي.

قال النواوي: النفح والنضح العطاء ويطلق النضح أيضًا على الصب فلعله المراد هنا ويكون أبلغ من النفح اهـ.

ومعنى الثلاثة: اصرفي ما عندك في الخيرات (ولا تحصي) من الإحصاء وهو معرفة قدر الشيء وزنًا أو عددًا أو المراد به هنا عده للتبقية أو ادخاره للاعتداد به وترك النفقة منه في سبيل الله تعالى ومعناه الحث على النفقة في الطاعة والنهي عن الإمساك والبخل وعن ادخار المال في الوعاء اهـ نووي.

وقيل: معنى (لا تحصي) لا تعدي ما تعطي فتستكثري به فتمتنعي من الإعطاء وهذا أولى ما يقال في الحديث اهـ سنوسي.

وقوله: (فيحصي الله عليك) بنصب يحصي لوقوعه في جواب النهي بكسر الكاف خطابًا لأسماءَ من باب المشاكلة والمقابلة كقوله: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} [آل عمران: 54] وإحصاء الله قطع البركة عنه أو حبس مادة الرزق أو المحاسبة عليه في الآخرة كذا في الفتح والمعنى النهي عن منع الصدقة خشية النفاد فإن ذلك أعظم الأسباب لقطع مادة البركة لأن الله تعالى يثيب على العطاء بغير حساب ومن لا يحسب عند العطاء لا يحاسب عليه عند الجزاء ومن علم أن الله يرزقه من حيث لا يحتسب فحقه أن يعطي ولا يحسب وقيل: المراد بالإحصاء محمد الشيء لأن يدخر ولا ينفق منه اهـ فتح الملهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (6/ 345 و 346) والبخاري (1433) والنسائي (5/ 73 - 74).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أسماء رضي الله تعالى عنها فقال:

(2257)

(0)(0)(وحدثنا عمرو) بن محمد بن بكير بن شابور (الناقد) أبو عثمان

ص: 109

وَزُهيرُ بْنُ حَربٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. جَمِيعًا عَن أَبِي مُعَاويةَ. قَال زهير: حَدَّثَنَا مُحَمدُ بْنُ خَازِمٍ. حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عَبادِ بْنِ حمزَةَ، وَعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ. قَالتْ: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "انْفَحِي (أو انْضَحِي، أَوْ أَنْفِقِي)

ــ

البغدادي (وزهير بن حرب) الحرشي النسائي (وإسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (جميعًا عن أبي معاوية) محمد بن خازم الضرير الكوفي (قال زهير) في روايته: (حدثنا محمد بن خازم) بصيغة السماع مع التصريح باسمه قال أبو معاوية: (حدثنا هشام بن عروة عن عباد بن حمزة) بن عبد الله بن الزبير القرشي الأسدي روى عن أسماء بنت أبي بكر في الزكاة وعائشة ويروي عنه (م س) وهشام بن عروة وثقه النسائي وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث وذكره ابن حبان في الثقات وقال في التقريب: ثقة من (3) الثالثة (وعن فاطمة بنت المنذر) بن الزبير كلاهما (عن أسماء) بنت أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من خماسياته غرضه بسوقه بيان متابعة أبي معاوية لحفص بن غياث في رواية هذا الحديث عن هشام بن عروة.

(قالت) أسماء: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انفحي أو انضحي أو أنفقي) بقطع الهمزة معنى الكل أعطى وأوفي الموضعين للشك وأصل النفخ الضرب بالعصا أو بالسيف وكأن الذي ينفق يضرب المعطأنه بما يعطيه ويحتمل أن يكون من نفح الطيب إذا تحركت رائحته إذ العطية تستطاب كما تستطاب الرائحة الطيبة أو من نفحت الريح إذا هبت باردة فكأنه أمر بعطية سهلة كثيرة.

وفي حديث أبي ذر: (ونفح به يمينًا وشمالًا) أي أعطاه في كل وجه وأصل النضح الرش وكأنه أمره بالتصدق بما تيسر وإن كان قليلًا.

وفي الحديث ارضخي أي أعطي بغير تقدير، ومنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرضخ للنساء من الغنيمة ولا يضرب لهم بسهم رواه أحمد وأبو داود من حديث ابن عباس.

ويفيد تكرار هذه الألفاظ تأكيد أمر الصدقة والحض عليها على أي حال تيسرت بكثير أو قليل بمقدر أو غير مقدر والله أعلم اهـ من المفهم.

ص: 110

وَلَا تُحصِي، فَيُحصِيَ اللهُ عَلَيكِ. وَلَا تُوعِي فَيُوعِيَ اللهُ عَلَيكِ".

(2258)

(0)(0) وحدّثنا ابْنُ نُمَيرٍ. حَدثَنَا مُحَمًدُ بْنُ بِشْرٍ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ عَبادِ بْنِ حَمزَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ، أَنَّ النبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال لَها نَحوَ حَدِيثِهم

ــ

(ولا تحصي) أي لا تعديه للتبقية والادخار وقد سبق قريبًا معنى الإحصاء وهو الإحاطة بالشيء حصرًا وعدًا (فيحصي الله) سبحانه وتعالى (عليك) بالنصب لوقوعه في جواب النهي أي يقطع عنك مادة الرزق أو يرفع البركة عنه والمعنى لا تبخلي فتجازين على بخلك (ولا توعي) بضم التاء وكسر العين من الإيعاء وهو جعل الشيء في الوعاء وأصله الحفظ والمراد به هنا منع الفضل عمن افتقر إليه يقال: أوعيت المتاع في الوعاء أوعيه إيعاءً إذا جعلته فيه ووعيت الشيء حفظته (فيوعي الله عليك) بضم الياء وكسر العين وبالنصب في جواب النهي وإسناد الإيعاء إلى الله مجاز عن الإمساك.

قال النواوي: هو من مقابلة اللفظ باللفظ للتجنيس كما في قوله تعالى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} [آل عمران: 54] اهـ.

والمعنى لا تجمعي في الوعاء وتبخلي بالنفقة فتجازي بمثل ذلك اهـ فتح الملهم.

وقال الأبي: ومعنى (فيحصي الله عليك ويوعي عليك) يمنعك فضله ويقتر عليك كما منعت وقترت وهو من مجاز المقابلة اهـ.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أسماء رضي الله تعالى عنها فقال:

(2258)

(0)(0)(وحدثنا) محمد بن عبد الله (بن نمير) الهمداني الكوفي (حدثنا محمد بن بشر) العبدي الكوفي (حدثنا هشام عن عباد بن حمزة عن أسماء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها) الحديث.

وقوله: (نحو حديثهم) بضمير الجمع تحريف من النساخ والصواب نحو حديثهما أي وساق محمد بن بشر نحو حديث حفص بن غياث وأبي معاوية.

غرضه بسوقه بيان متابعته لهما وهذا هو الصواب لأن أغلب متابعات مسلم هي التامة ويحتمل على بعد أن ضمير الجمع عائد إلى مشايخ المؤلف في السندين السابقين فيكون غرضه بيان متابعة محمد بن نمير لأبي بكر وعمرو الناقد وزهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم فتكون المتابعة ناقصة والله أعلم.

ص: 111

(2259)

(0)(0) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَهارُونُ بْنُ عَبْدِ الله. قَالا: حَدَّثَنَا حَجاجُ بْنُ مُحَمدٍ. قَال: قَال ابْنُ جُرَيجٍ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيكَةَ؛ أن عَبَّادَ بْنَ عَبْدِ الله بْنِ الزُّبَيرِ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْر؛ أَنها جَاءَتِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم. فَقَالتْ: يَا نَبِيَّ الله! لَيسَ لِي شَيءٌ إِلَّا مَا أَدخَلَ عَلَيَّ الزُّبَيرُ. فَهلْ عَلَيَّ جُنَاح أَنْ أرضَخَ مِما يُدخِلُ عَلَيَّ؟ فَقَال: "ارضَخِي مَا اسْتَطَعتِ

ــ

ثم ذكر المؤلف المتابعة فيه ثالثًا فقال:

(2259)

(0)(0)(وحدثني محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي (وهارون بن عبد الله) بن مروان البزاز أبو موسى البغدادي (قال: حدثنا حجاج بن محمد) مولى سليمان بن مجالد المصيصي الأعور البغدادي ثقة من (9)(قال) حجاج: (قال) عبد الملك بن عبد العزيز (بن جريج) الأموي المكي: (أخبرني) عبد الله بن عبيد الله (بن أبي ملكية) زهير بن عبد الله بن جدعان التيمي المكي ثقة من (3)(أن عباد بن عبد الله بن الزبير) ثقة من (3)(أخبره عن أسماء بنت أبي بكر) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان مكيان واثنان بغداديان غرضه بسوقه بيان متابعة عباد بن عبد الله بن الزبير لفاطمة بنت المنذر في رواية هذا الحديث عن أسماء وكرر المتن لما بينهما من المخالفة.

(أنها جاءت النبي على الله عليه وسلم فقالت) له: (يا نبي الله ليس في شيء) من المال أي ليس في شيء من المال مملوكًا في فاتصدق به (إلا ما أدخل عليَّ) بتشديد الياء وسلم إليَّ بسبب نفقة زوجي (الزبير) بن العوام الأسدي تعني ما يدخل عليها للإنفاق عليها وعلى أهل بيتها (فهل علي جناح) أي ذنب في (أن أرضخ) وأعطي شيئًا يسيرًا (مما يدخل عليَّ) ويسلمه إليَّ والرضخ إعطاء شيء ليس بالكثير (فقال) لها النبي صلى الله عليه وسلم (ارضخي) بهمزة مكسورة إذا لم توصل فعل أمر المؤنث من الرضخ بالضاد والخاء المعجمتين وهو العطاء اليسير أي أنفقي من غير إجحاف (ما استطعت) أي ما دمت مستطيعة قادرة على الرضخ اهـ قسط.

أي مما يرضى به الزبير يقال: أرضخه أعطاه عطاءً غير كثير أو قليلًا من كثير. قال النواوي: هذا محمول على ما أعطاها الزبير لنفسها بسبب النفقة وغيرها أو مما هو ملك الزبير ولا يكره الصدقة منه بل يرضى بها على عادة غالب الناس.

ص: 112

وَلَا تُوعِي فَيُوعِيَ اللهُ عَلَيكِ"

ــ

وقوله: (ما استطعت) معناه مما يرضى به الزبير وتقديره: إن لك في الرضخ مراتب مباحة بعضها فوق بعض وكلها يرضاه الزبير فافعلي أعلاها أو يكون معناه ما استطعت مما هو ملك لك اهـ نووي.

(ولا توعي) أي لا تمسكي ما عندك عن الإنفاق أي لا تمسكي المال في الوعاء فيمسك الله فضله وثوابه عنك (فيوعي الله عليك) أي فيمسك الله رزقه عنك مجازاة على عملك من الإيعاء وهو جعل المتاع في الوعاء والمراد لازم الإيعاء وهو الإمساك والله أعلم.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ثلاثة أحاديث:

الأول: حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعتين.

والثاني: حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستشهاد للحديث الأول.

والثالث: حديث أسماء ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه ثلاث متابعات والله أعلم.

***

ص: 113