الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
9 -
كتاب: البيوع
ــ
بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين في خدمتنا لهذا الجامع الصحيح نحمدك يا من له الفضل والعطا، ونشكرك يا من له الحمد والثنا، على ما وفقتنا به وشرفتنا من خدمتنا لأحاديث المصطفى والرسول المرتضى صلى الله عليه وسلم وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته الهداة المهديين لا سيما الخلفاء الراشدين آمين يا رب العالمين. أما بعد: فلما فرغت من تحبير المجلد التاسع بعون الله وتبسيره تفرغت لتسطير المجلد العاشر بتوفيقه راجيًا منه الإمداد من قطرات الفيض والإرشاد إنه الكريم الجواد فقلت وبالله التوفيق قال واضع الترجمة:
9 -
كتاب البيوع
وغيرها من المعاملات كشركة ووكالة وحوالة وقراض ومساقاة ومزارعة إلى غير ذلك من التصرفات المتعلقة بالمال، وعبر بالبيوع دون البيع مع أنه مصدر، والأصل في المصدر الإفراد نظرًا إلى تنوعه كبيع العين وبيع الدين وبيع المزايدة والمرابحة وتقسيم أحكامه كالفاسد والصحيح، والبيوع جمع بيع، والبيع لغة المبادلة ومقابلة شيء بشيء فدخل ما ليس بمال كخمر وسرجين، ومنه بالمعنى اللغوي قول الشاعر:
ما بعتكم مهجتي إلا بوصلكم
…
ولا أسلمها إلا يدًا بيد
فإن وفيتم بما قلتم وفيت أنا
…
وإن غدرتم فإن الرهن تحت يدي
فالمبيع هو المهجة وهي الروح والثمن هو الوصل.
ويطلق أيضًا على الشراء قال الفرزدق:
إن الشباب لرابح من باعه
…
والشيب ليس لبائعيه تجار
يعني من اشتراه، ويطلق الشراء أيضًا على البيع نحو قوله تعالى:{وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} قيل وسمي البيع بيعًا لأن البائع يمد باعه إلى المشتري حالة العقد غالبًا، كما
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يسمى صفقة لأن أحد المتبايعين يصفق يده على يد صاحبه، لكن رد كون البيع مأخوذًا من الباع لأن البيع يائي العين والباع واويها، تقول منه بعت الشيء بالضم كقلت أبوعه بوعًا إذا قسته بالباع، والبيع في الشرع مقابلة مال قابل للتصرف بمال قابل للتصرف مع الإيجاب والقبول على الوجه المأذون فيه.
وحكمة مشروعيته نظام المعاش وبقاء العالم لأن حاجة الإنسان تتعلق بما في يد صاحبه غالبًا وقد لا يبذلها بغير المعاملة وتفضي إلى التقاتل والتنازع وفناء العالم واختلال نظام المعاش وغير ذلك ففي تشريع البيع وسيلة إلى بلوغ الغرض من غير حرج.
وأركانه ثلاثة إجمالًا وستة تفصيلًا (عاقد) بائع ومشتر (ومعقود عليه) ثمن ومثمن (وصيغة) وشرط في العاقد بائعًا كان أو مشتريًا إطلاق تصرف، فلا يصح عقد صبي ومجنون ومحجور عليه بسفه وعدم إكراه بغير حق فلا يصح عقد مكره في ماله بغير حق فإن كان بحق صح كان توجه عليه ببع ماله لوفاء دينه فأكرهه الحاكم عليه، ويصح عقد المكره في مال غيره بإكراهه لأنه أبلغ في الإذن وإسلام من يُشْتَرَى له مصحف أو نحوه ككتب حديث أو علم فيها آثار السلف أو مسلم أو مرتد فلا يصح ملك الكافر لمصحف ونحوه لما فيه من الإهانة ولا للمسلم لما فيه من الإذلال وقد قال تعالى:{وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} ولبقاء علقة الإسلام في المرتد، وشرط في المعقود عليه ثمنًا أو مثمنًا كونه طاهرًا منتفعًا به للعاقد عليه ولاية والقدرة على تسلمه وكونه معلومًا للعاقدين عينًا وقدرًا وصفة وشرط في الصيغة إيجابًا وقبولًا أن لا يتخلل بينهما كلام أجنبي ولا سكوت طويل وهو ما أشعر بالإعراض عن القبول وأن يتوافق الإيجاب والقبول، ولو معنى وعدم التعليق والتأقيت والإيجاب هو كل لفظ دل على التمليك بعوض والقبول كل لفظ دل على التملك بعوض اهـ من البيجوري على ابن قاسم.
وقال القرطبي: والبيع لغة مصدر باع كذا بكذا أي دفع معوضًا وأخذ عوضًا منه، وهو يقتضي بائعًا وهو المالك أو من يتَنزل منزلته ومبتاعًا وهو الذي يبذل الثمن، ومبيعًا وهو المثمون وهو الذي يبذل في مقابلة الثمن، وعلى هذا فأركان البيع أربعة البائع والمبتاع والثمن والمثمون وكل واحد من هذه يتعلق النظر فيها بشروط ومسائل ستراها إن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
شاء الله تعالى، والمعاوضة عند العرب تختلف بحسب اختلاف ما يضاف إليه فإن كان أحد العوضين في مقابلة الرقبة سمي بيعًا وإن كان في مقابلة منفعة ورقبة فإن كانت منفعة بضع سمي نكاحًا، وإن كانت منفعة غيرها سمي إجارة اهـ من المفهم.
***