الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
565 - (5) باب الخيار للمتبايعين والصدق في البيع وترك الخديعة والنهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها
1 373 - (1460)(23) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "الْبيِّعَانِ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ، مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا
ــ
565 -
(5) باب الخيار للمتبايعين والصدق في البيع وترك الخديعة والنهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها
3731 -
(1460)(23)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (قال: قرأت على مالك عن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما وهذا السند من رباعياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: البيعان) تثنية بيع وهو يطلق على البائع وعلى المشتري كما يطلق كل واحد منهما على الآخر وهو اسم فاعل من باع كما يقال تَيِّقٌ من تاق وميِّق من ماق أي المتبايعان وهما البائع والمشتري وهو مبتدأ أول خبره الجملة الصغرى المذكورة بعده وهي قوله: (كل واحد منهما) مبتدأ ثان خبره قوله: (بالخيار) وقوله: (على صاحبه) متعلق بالخيار أو متعلق بما تعلق به الخبر، والجملة خبر لقوله: البيعان والمعنى: المتبايعان كل واحد منهما محكوم له بالخيار على صاحبه أي على الآخر منهما (ما لم يتفرقا) بأبدانهما فيثبت لهما خيار المجلس والمعنى أن خيار المجلس ممتد زمن عدم تفرقهما بالأبدان وذلك لأن ما مصدرية ظرفية استدل بهذا الحديث الشافعي وأحمد رحمهما الله تعالى على ثبوت خيار المجلس للمتبايعين والمراد من التفرق في الحديث عندهما التفرق بالأبدان والبيع لا يلزم عندهما بمجرد الإيجاب والقبول بل يثبت لكل واحد من المتبايعين خيار فسخ البيع حتى ينقضي مجلس البيع ويتفرقا بالأبدان فإذا تفرقا سقط خيار المجلس ولزم البيع وهذا القول مروي عن سعيد بن المسيب والزهري وعطاء وطاوس وشريح والشعبي والأوزاعي وابن أبي ذئب وسفيان بن عيينة وابن أبي مليكة والحسن البصري وهشام بن يوسف وإسحاق بن راهويه وأبي ثور وأبي عبيد ومحمد بن جرير الطبري وأهل الظاهر كما في المغني لابن قدامة [3/ 563] والتعليق الممجد (340) ومعنى الحديث على هذا المذهب البيعان كل واحد منهما محكوم له قهرًا على صاحبه بالخيار أي بالخيار بين إمضاء البيع وفسخه ما داما في مجلس العقد ولم يتفرقا
إِلَّا بَيعَ الْخِيَارِ"
ــ
بأبدانهما، وفي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند البيهقي والدارقطني (ما لم يتفرقا عن مكانهما) وهذا صريح في أن المراد بالتفرق التفرق بالأبدان وسماهما بالبيعين وهما المتعاقدان لأن البيع من الأسماء المشتقة من أفعال الفاعلين وهي لا تقع في الحقيقة إلا بعد حصول الفعل وليس بعد العقد تفرق إلا بالأبدان فثبت خيار المجلس، وأما الحنفية والمالكية فلا يقولون بخيار المجلس وإنما يتم عندهم البيع بالإيجاب والقبول ولا خيار لأحدهما بعد ذلك إلا بالشرط أو العيب وهذا القول مروي عن أبي حنيفة ومحمد بن الحسن وأبي يوسف ومالك بن أنس وسفيان الثوري وإبراهيم النخعي وربيعة الرأي والمراد بالتفرق عندهم التفرق بالأقوال وهو الفراغ من العقد فإذا تعاقدا صح البيع ولا خيار لهما إلا أن يشترطا وتسميتهما بالمتبايعين يصح أن يكون بمعنى المتساومين من باب تسمية الشيء بما يؤول إليه أو يقرب منه، ومعنى الحديث إذا أوجب المتعاقدان بالبيع فالآخر بالخيار فإن شاء قبل وإن لم يشأ لم يقبل وللموجب خيار الرجوع عما قال قبل قول صاحبه قبلت وهذا الخيار ثابت (ما لم يتفرقا) أي قولًا فإن تفرقا قولًا بأن قال أحدهما: بعت وقال الآخر: اشتريت لم يبق الخيار اهـ مرقاة، فالتفرق في الحديث مفسر بالتفرق القولي لا البدني فهم لا يقولون بثبوت خيار المجلس واستدلوا على ذلك بنصوص متضاربة مذكورة في الفروع، وتعقب هذا القول ابن حزم بأن خيار المجلس ثابت بهذا الحديث سواء قلنا التفرق بالكلام أو بالأبدان أما حيث قلنا بالأبدان فواضح وحيث قلنا بالكلام فواضح أيضًا لأن قول أحد المتبايعين مثلًا بعتكه بعشرة وقول المشتري بل بعشرين مثلًا افتراق في الكلام بلا شك بخلاف ما لو قال: اشتريته بعشرة فإنهما حينئذٍ متوافقان فيتعين ثبوت الخيار لهما حين يتفقان لا حين يتفرقان وهو المدعى، وأما قولهم: المراد بالمتبايعين المتساومان فمردود لأنه مجاز والحمل على الحقيقة أو ما يقرب منها أولى، قال البيضاوي: ومن نفى خيار المجلس ارتكب مجازين بحمله التفرق على الأقوال وحمله المتبايعين على المتساومين اهـ من الإرشاد والمذهب الأول أقوى دليلًا.
وقوله: (إلا بيع الخيار) استثناء من أصل الحكم والمعنى البيعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا في بيع إسقاط الخيار أي إلا في بيع أسقط فيه خيار المجلس فإن العقد يلزم وإن لم يتفرقا بعد فالكلام على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، وقد ذكر
3732 -
(00)(00) حدَّثنا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. قَالا: حَدَّثَنَا يَحْيَى (وَهُوَ الْقَطَّانُ). ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. كُلُّهُمْ عَنْ عُبَيدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
ــ
النووي اتفاق الأصحاب على ترجيح هذا التأويل وأن كثيرًا منهم أبطل ما سواه وغلطوا قائله اهـ وهو قول الجمهور، وجزم به الشافعي وممن رجحه من المحدثين البيهقي والترمذي وعبارته: معناه أن يُخيّر البائع المشتري بعد إيجاب البيع فإذا خيّره فاختار البيع فليس له بعد ذلك خيار في فسخ البيع وإن لم يتفرقا اهـ وقيل: الاستثناء من مفهوم الغاية إلا بيعًا شُرط فيه خيار مدة فإن الخيار بعد التفرق يبقى إلى مضي تلك المدة المشروطة ورُجح الأول بأنه أقل في الإضمار وقيل: هو استثناء من إثبات خيار المجلس أي إلا البيع الذي فيه أن لا خيار لهما في المجلس فيلزم البيع بنفس العقد ولا يكون فيه خيار أصلًا وهذا أضعف الاحتمالات اهـ من الإرشاد، وفي المرقاة قوله:(إلا بيع الخيار) أي: إلا بيعًا شُرط فيه الخيار فهو استثناء مما فهم من قوله: ما لم يتفرقا أي كل منهما محكوم له بالخيار ما لم يتفرقا فإن تفرقا لزم البيع إلا أن يتبايعا بشرط خيار ثلاثة أيام فما دونها فيبقى خيار الشرط اهـ.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 4]، والبخاري [2109]، وأبو داود [3455]، والترمذي [1245]، والنسائي [7/ 249].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3732 -
(00)(00)(حدثنا زهير بن حرب ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا يحيى) بن سعيد (وهو القطان ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن بشر) العبدي الكوفي (ح وحدثنا) محمد بن عبد الله (بن نمير حدثنا أبي) عبد الله بن نمير كلهم) أي كل من يحيى القطان ومحمد بن بشر وعبد الله بن نمير رووا (عن عبيد الله) بن عمر بن حفص بن عاصم العمري المدني (عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل حديث مالك، غرضه بيان متابعة عبيد الله لمالك بن أنس وهذه الأسانيد كلها من خماسياته.
ح وَحَدَّثَنِي زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ. قَالا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ وَأَبُو كَامِلٍ. قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ (وَهُوَ ابْنُ زَيدٍ) جَمِيعًا عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّاب. قَال: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيكٍ. أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ. كِلاهُمَا عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ.
3733 -
(1461)(24) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيثٌ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ
ــ
(ح وحدثني زهير بن حرب وعلي بن حجر) السعدي المروزي (قالا: حدثنا إسماعيل) بن إبراهيم بن مقسم الأسدي البصري المعروف بابن علية (ح وحدثنا أبو الربيع) الزهراني سليمان بن داود البصري (وأبو كامل) الجحدري فضيل بن حسين البصري (قالا: حدثنا حماد وهو ابن زيد جميعًا) أي كل من إسماعيل وحماد رويا (عن أيوب) بن أبي تميمة السختياني العنزي البصري (عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند أيضًا من خماسياته، غرضه بيان متابعة أيوب لمالك (ح وحدثنا ابن المثنى و) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (قالا: حدثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي البصري (قال) عبد الوهاب: (سمعت يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري المدني (ح وحدثنا) محمد (بن رافع) القشيري النيسابوري (حدثنا ابن أبي فديك) مصغرًا الديلي مولاهم محمد بن إسماعيل المدني صدوق من (8)(أخبرنا الضحاك) بن عثمان القرشي المدني (كلاهما) أي كل من يحيى بن سعيد والضحاك بن عثمان رويا (عن نانع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذان السندان أيضًا من خماسياته غرضه بيان متابعة يحيى بن سعيد والضحاك بن عثمان لمالك بن أنس وساقا (نحو حديث مالك عن نافع).
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عمر بحديث آخر له أيضًا رضي الله عنهما فقال:
3733 -
(1461)(24)(حدثنا قتيبة بن سعيد) بن طريف الثقفي البلخي (حدثنا ليث) بن سعد الفهمي المصري (ح وحدثنا محمد بن رمح) بن المهاجر التجيبي المصري
أَخْبَرَنَا اللَّيثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ قَال: "إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، وَكَانَا جَمِيعًا، أَوْ يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ
ــ
(أخبرنا الليث) بن سعد (عن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذان السندان من رباعياته (أنه) صلى الله عليه وسلم (قال: إذا تبايع الرجلان) أو المرأتان لأن النساء شقائق الرجال (فكل واحد منهما) محكوم له (بالخيار) في المجلس (ما لم يتفرقا) أي مدة عدم تفرقهما بأبدانهما فإن تفرقا بأبدانهما انقطع خيار المجلس، وقوله:(و) الحال أنهما (كانا جميعًا) أي مجتمعين في مجلس العقد تأكيد لما قبله، والجملة حالية من الضمير في يتفرقا أي: وقد كانا جميعًا وهذا كما قال الخطابي أوضح شيء في ثبوت خيار المجلس وهو مبطل لكل تأويل مخالف لظاهر الحديث، وكذا قوله في آخره:(وإن تفرقا بعد أن يتبايعا) فيه البيان الواضح بأن التفرق بالبدن هو القاطع للخيار ولو كان معناه التفرق بالقول لخلا الحديث عن فائدة اهـ، وقد حمله ابن عمر راوي الحديث على التفرق بالأبدان كما سيأتي وكذا أبو برزة الأسلمي ولا يعرف لهما مخالف بين الصحابة، نعم خالف في ذلك إبراهيم النخعي فروى سعيد بن منصور عنه: إذا وجبت الصفقة فلا خيار. وبذلك قال المالكية إلا ابن حبيب والحنفية كلهم اهـ من الإرشاد.
ومعنى هذا الحديث على القول بأن المراد التفرق القولي (إذا تبايع الرجلان) أي قارب عقدهما أو شرع أحدهما في العقد (فكل واحد منهما بالخيار) من بيعه أي من إتمام عقده (ما لم يتفرقا) قولًا بالقبول بعد الإيجاب.
وقوله: (أو يُخيّر أحدهما الآخر) بصيغة المضارع والنصب بأن مضمرة بعد أو التي بمعنى إلا أي: إلا أن يخيّر أو بمعنى إلى أي إلى أن يخيّر والمعنى إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما محكوم له بالخيار ما لم يتفرقا بأبدانهما وكانا مجتمعين إلا أن يخيّر أحدهما الآخر بأن قال له: اختر فاختار فيقطع الخيار أيضًا وإن كانا مجتمعين أو المعنى محكوم له بالخيار إلا أن يخير أحدهما الآخر فينقطع وإن لم يتفرقا، وقال في الفتح: بالجزم عطفًا على المجزوم السابق وهو قوله: ما لم يتفرقا أي محكوم له بالخيار ما لم يتفرقا بأبدانهما أو ما لم يخيّر أحدهما الآخر وبالرفع عطفًا على جواب إذا وتكون أو
فَإِنْ خَيَّرَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ فَتَبَايَعَا عَلَى ذلِكَ، فَقَدْ وَجَب الْبَيعُ. وَإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أَنْ تَبَايَعَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْبَيعَ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيعُ".
3734 -
(00)(00) وحدّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. كِلاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ. قَال زُهَيرٌ: حَدَّثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ. قَال: أَمْلَى عَلَيَّ نَافِعٌ. سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا تَبَايَعَ الْمُتَبَايِعَانِ بِالْبَيعِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مِنْ بَيعِهِ مَا لَمْ
ــ
للتنويع والمعنى إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما محكوم له بالخيار أو يخيّر أحدهما الآخر (فإن خيّر أحدهما الآخر فتبايعا) أي ألزما عقد البيع (على ذلك) التخاير قيل: إن قوله فتبايعا معطوف على ما قبله عطف المجمل على المفصل فلا تغاير بينه وبين ما قبله إلا بالإجمال والتفصيل، والفاء من قوله:(فقد وجب البيع) ولزم للسببية والترتيب على سابقه أي فإذا كان التبايع على التخيير فقد لزم وانبرم وبطل خيار المجلس والمراد بالتخيير ها هنا التخاير وهو قول أحدهما للآخر: اختر وقول الآخر اخترت وبه يلزم العقد عند الشافعية قبل أن يتفرقا بالأبدان.
(وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع) أي لم يفسخه (فقد وجب البيع) ولزم بعد التفرق وهو ظاهر جدًّا في انفساخ البيع بفسخ أحدهما.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [2112].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3734 -
(00)(00)(وحدثني زهير بن حرب و) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (كلاهما عن سفيان) بن عيينة (قال زهير: حدثنا سفيان بن عيينة) بصيغة السماع وذكر النسبة (عن ابن جريج قال) ابن جريج: (أملى عليّ) أي قرأ عليّ (نافع) مولى ابن عمر أنه (سمع عبد الله بن عمر يقول): والإملاء حكاية القول لمن يكتبه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة ابن جريج لليث بن سعد (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا تبايع المتبايعان بالبيع) أي تعاقدا عقد البيع (فكل واحد منهما بالخيار) أي محكوم له بالاختيار (من بيعه) أي في بيعه بين الإمضاء والفسخ (ما لم
يَتَفَرَّقَا. أَوْ يَكُونَ بَيعُهُمَا عَنْ خِيَارٍ. فَإِذَا كَانَ بَيعُهُمَا عَنْ خِيَارٍ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيعُ".
زَادَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ فِي رِوَايَتِهِ: قَال نَافِعٌ: فَكَانَ إِذَا بَايَعَ رَجُلًا فَأَرَادَ أَنْ لَا يُقِيلَهُ، قَامَ فَمَشَى هُنَيهَةً، ثمَّ رَجَعَ إِلَيهِ.
3735 -
(00)(00) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيبَةُ وَابْنُ
ــ
يتفرقا) بأبدانهما وداما في مجلس العقد فإن تفرقا لزم البيع وانقطع خيار المجلس (أو يكون بيعهما) بالنصب بأن مضمرة بعد أو التي بمعنى إلا والمعنى فكل واحد منهما محكوم له بخيار المجلس مدة عدم تفرقهما بأبدانهما إلا أن يكون بيعهما واقعًا (عن خيار) أي عن تخاير بأن يقول أحدهما للآخر: اختر فقال الآخر: اخترت (فإذا كان بيعهما عن خيار) أي عن تخاير (فقد وجب البيع) أي لزم البيع بالتخاير وإن لم يتفرقا، أو بالرفع عطفًا على جواب إذا كما مر نظيره آنفًا ويكون المعنى حينئذٍ إذا تبايع المتبايعان فكل واحد منهما محكوم له بخيار المجلس أو يكون بيعهما عن خيار (زاد) محمد بن يحيى (بن أبي عمر في روايته) لهذا الحديث على زهير لفظة (قال نافع: فكان) ابن عمر (إذا بايع رجلًا) أي عاقد عقد البيع مع رجل في الأسواق (فأراد) ابن عمر (أن لا يقيله) ذلك الرجل المتبايع معه أي أن لا يطلب منه ذلك الرجل فسخ البيع بلفظ الإقالة، والإقالة طلب فسخ البيع بلفظ الإقالة بأن يقول: أقلني عن هذا البيع (قام) ابن عمر عن مجلس العقد (فمشى) أي سار (هنيهة) أي شيئًا يسيرًا ليلزم البيع وينقطع خيار المجلس (ثم رجع إليه) أي إلى ذلك الرجل أي إلى مجلس العقد. وقوله: (قام فمشى هنيهة) إلخ وهذا الحديث دليل على أن ابن عمر كان يرى التفرق بالأبدان وأن ذلك يجوز وحينئذٍ يعارضه قوله صلى الله عليه وسلم: "ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله" ويعتذر عن ابن عمر بأن هذه الزيادة لم يسمعها أو لم تصح عنده، وقد حكى أبو عمر الإجماع على جواز ما فعل ابن عمر فإن صح هذا فتلك الزيادة متروكة الظاهر بالإجماع. و (هنيهة) تصغير هنة وهي كلمة يعبر بها عن كل شيء قليل اهـ من المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في هذا الحديث فقال:
3735 -
(00)(00)(حدثنا يحيى بن يحيى) بن بكير التميمي النيمسابوري (ويحيى بن أيوب) المقابري البغدادي (وقتيبة) بن سعيد الثقفي البلخي (و) علي (بن
حُجْرٍ (قَال يَحْيَى بْنُ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرُونَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ؟ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كُل بَيِّعَينِ لَا بَيعَ بَينَهُمَا حتَّى يَتَفَرَّقَا. إِلَّا بَيعُ الْخِيَارِ".
3736 -
(1462)(25) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ. ح وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ وَعَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. قَالا: حَدَّثنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ،
ــ
حجر) السعدي المروزي (قال يحيى بن يحيى: أخبرنا وقال الآخرون: حدثنا إسماعيل بن جعفر) بن أبي كثير الزرقي المدني ثقة من (8)(عن عبد الله بن دينار) العدوي مولاهم المدني (أنه سمع ابن عمر) رضي الله عنهما (يقول): وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة عبد الله بن دينار لنافع (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل بيّعين) بتشديد التحتية بعد الموحدة تثنية بيّع بمعنى بائع أي كل متبايعين (لا بيع) لازم (بينهما حتى يتفرقا) بأبدانهما عن مجلس العقد بينهما فيلزم البيع حينئذٍ بالتفرق (إلا بيع الخيار) أي: إلا بيع شرط فيه الخيار فيلزم باشتراطه فالاستثناء من المفهوم، وبيع الخيار بالرفع بدل من الضمير المستكن في خبر لا اهـ من الإرشاد، أو المعنى إلا بيعًا ذكر فيه التخاير بأن يقول أحدهما للآخر: اختر فاختار ذلك الآخر في المجلس فإنه يلزم العقد ويسقط خيار المجلس اهـ من السنوسي.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث حكيم بن حزام رضي الله عنه فقال:
3736 -
(1462)(25)(حدثنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى بن سعيد) القطان (عن شعبة) بن الحجاج (ح وحدثنا عمرو بن علي) بن بحر بن كنيز بنون وزاي مصغرًا الفلّاس الصيرفي الباهلي أبو حفص البصري، ثقة، من (10) (حدثنا يحيى بن سعيد) القطان (وعبد الرحمن بن مهدي) بن حسان الأزدي البصري (قالا: حدثنا شعبة عن قتادة) بن دعامة السدوسي البصري (عن أبي الخليل) صالح بن أبي مريم الضبعي البصري، يروي عنه (ع) ثقة، من (6) روى عنه في (5) أبواب (عن عبد الله بن الحارث) بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي المدني ثم البصري، ثقة، روى عنه في (6) أبواب، له رؤية ولأبيه وجده صحبة حنكه النبي صلى الله عليه وسلم
عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَال:"الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا. فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيعِهِمَا. وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيعِهِمَا".
3737 -
(00)(00) حدَّثنا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ. قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ يُحَدِّثُ، عَنْ
ــ
(عن حكيم بن حزام) بن خويلد بن أسد بن عبد العزى الأسدي المدني ابن أخي خديجة الكبرى رضي الله عنهما (عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سباعياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون إلا حكيم بن حزام فإنه مدني (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (البيّعان بالخيار) أي محكوم لهما بخيار المجلس أي بالاختيار بين إمضاء البيع وفسخه (ما لم يتفرقا) بأبدانهما فإن تفرقا سقط الخيار ولزم العقد (فإن صدقا) أي صدق البائع في إخبار المشتري صفة المبيع وصدق المشتري في قدر الثمن مثلًا (وبيّنا) أي بيّن كل واحد لصاحبه ما يحتاج إلى بيانه من عيب ونحوه في السلعة والثمن، ويحتمل أن يكون الصدق والبيان بمعنى واحد وذكر أحدهما تأكيدًا للآخر: كذا في الفتح (بورك لهما) أي بارك الله لهما أي أنزل الله البركة لهما (في بيعهما) أي في المبيع للمشتري وفي الثمن للبائع. وعبارة القرطبي (فإن صدقا) في الإخبار عن الثمن والمثمون فيما يباع مرابحة (وبيّنا) ما فيها من العيوب (بورك لهما في بيعهما) أي بورك في الثمن بالنماء وفي المثمون بدوام الانتفاع به اهـ من المفهم (وإن كذبا) فيما أخبرا في الثمن والمثمون (وكتما) ما فيهما من العيوب (مُحقت) أي رُفعت وذهبت (بركة بيعهما) وهي زيادته ونماؤه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 403]، والبخاري [2079]، وأبو داود [3459]، والنسائي [7/ 244 و 245].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه فقال:
3737 -
(00)(00)(حدثنا عمرو بن علي) الفلاس الصيرفي البصري (حدثنا عبد الرحمن بن مهدي) الأزدي البصري (حدثنا همام) بن يحيى بن دينار الأزدي البصري، ثقة، من (7)(عن أبي التياح) يزيد بن حميد الضبعي البصري، ثقة، من (5) (قال) أبو التياح:(سمعت عبد الله بن الحارث) بن نوفل الهاشمي البصري (يحدث عن
حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِهِ.
قَال مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ: وُلِدَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ. وَعَاشَ مِائَة وَعِشرِينَ سَنَةً.
3738 -
(1463)(26) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ويحْيَى بْنُ أيُّوبَ وَقُتَيبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ (قَال يَحْيَى بْنُ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرُونَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: ذَكَرَ رَجُلٌ
ــ
حكيم بن حزام) بن خويلد الأسدي المدني رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة أبي التياح لأبي الخليل في رواية هذا الحديث عن عبد الله بن الحارث، وساق أبو التياح (بمثله) أي بمثل حديث الخليل (قال) الإمام (مسلم بن الحجاج: وُلد حكيم بن حزام) بن خويلد (في جوف الكعبة) المشرفة وداخلها (وعاش) من العمر (مائة وعشرين سنة) ستين في الجاهلية وستين في الإسلام وذلك أن أمه صفية الأسدية دخلت الكعبة في نسوة من قريش وهي حامل فأخذها الطلق فولدت حكيمًا بها وكانت ولادته قبل الفيل بثلاث عشرة سنة، وكان صديق النبي صلى الله عليه وسلم قبل المبعث، وكان يودّه ويحبه بعد البعثة ولكنه تأخر إسلامه حتى أسلم عام الفتح، وكانت دار الندوة بيده فباعها بعد من معاوية رضي الله عنهما، وكان من أشراف قريش ووجوهها في الجاهلية وفي الإسلام، ومات سنة أربع وخمسين (54) من الهجرة اهـ من الإصابة وأسد الغابة.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:
3738 -
(1463)(26)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (ويحيى بن أيوب) المقابري البغدادي (وقتيبة) بن سعيد البلخي (و) علي (بن حجر) السعدي المروزي (قال يحيى بن يحيى: أخبرنا وقال الآخرون: حدثنا إسماعيل بن جعفر) بن أبي كثير الزرقي المدني (عن عبد الله بن دينار) العدوي (أنه سمع ابن عمر يقول) رضي الله عنهما. وهذا السند من رباعياته (ذكر رجل) هو حبان بن منقذ كما وراه ابن الجارود والحاكم وغيرهما وجزم به النووي في شرح مسلم وهو بفتح الحاء المهملة وتشديد الموحدة، ومنقذ
لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ يُخدَعُ فِي الْبُيُوعِ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ بَايَعْتَ فَقُلْ: لَا خِلابَةَ".
فَكَانَ إِذَا بَايَعَ يَقُولُ: لَا خِيَابَةَ
ــ
بالمعجمة وكسر القاف قبلها، الصحابي ابن الصحابي الأنصاري، وقيل: هو منقذ بن عمرو كما وقع في ابن ماجه وتاريخ البخاري وصححه النووي في مبهماته، وكان حبان قد شهد أحدًا وما بعدها وتوفي في زمن عثمان رضي الله عنه اهـ من الإرشاد (لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يُخدع) بضم التحتية وسكون الخاء المعجمة وفتح الدال المهملة أي يغبن (في البيوع) وعند الشافعي وأحمد وابن خزيمة والدارقطني أن حبان بن منقذ كان ضعيفًا، وكان قد شج في رأسه مأمومة وقد ثقل لسانه، وزاد الدارقطني من طريق ابن إسحاق فقال: حدثني محمد بن يحيى بن حبان قال: هو جدي منقذ بن عمرو وكانت في رأسه آمّة اهـ من الإرشاد، وفي أسد الغابة أنه يُخدع في البيوع لضعف في عقله اهـ وقال في المبارق وكان متغير العقل لشج رأسه في الغزاة اهـ (فقال) له (رسول الله صلى الله عليه وسلم: من بايعت) ولفظ البخاري إذا بايعت الخ (فقل) له (لا خلابة) أي لا خديعة لي في هذا البيع أي لا تحل لك خديعتي أو لا يلزمني خديعتك اهـ نووي، قال القسطلاني: قوله: (فقل لا خلابة) بكسر الخاء المعجمة وتخفيف اللام أي لا خديعة في الدين لأن الدين النصيحة فلا لنفي الجنس وخبرها محذوف، وقال التوربشتي: لقنه النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول ليتلفظ به عند البيع ليطلع به صاحبه على أنه ليس من ذوي البصائر من معرفة السلع ومقادير القيمة فيها ليرى له كما يرى لنفسه وكان الناس في ذلك الوقت أحقاء لا يغبنون أخاهم المسلم وكانوا ينظرون له كما ينظرون لأنفسهم اهـ واستعماله في الشرع عبارة عن اشتراط خيار الثلاث اهـ من الإرشاد وقال أحمد: من قال في بيعه لا خلابة لي كان له الرد إذا غُبِن كحبان بن منقذ والجمهور على أنه لا رد له لأنه لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت لحبان الخيار ولفظ لا خلابة لا يدل عليه، ويجوز أن تكون الفائدة في ذكره أن لا ينخدع في الواقع أو يكون هذا مختصًا به ولو كان ثبت له الخيار فلا دليل على عمومه اهـ من المبارق (فكان) ذلك الرجل (إذا بايع) مع الناس (يقول لا خيابة) بالياء مكان اللام لأنه كان ألثغ يُخرج اللام من غير مخرجها، وقال الفتني في مجمع البحار [1/ 263] معنى لا خلابة أي لا يلزمني خديعتك أو بشرط
3839 -
(00)(00) حدَّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. ح وَحَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثنَا شُعْبَةُ. كِلاهُمَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. وَلَيسَ فِي حَدِيثِهِمَا: فَكَانَ إِذَا بَايَعَ يَقُولُ: لَا خِيَابَةَ.
3740 -
(1464)(27) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ
ــ
أن لا يكون فيه خديعة، وعليه فقوله هذا شرط للخيار في البيع بأن البيع لا يلزمه إن كان فيه غبن اهـ، ثم لعل النبي صلى الله عليه وسلم إنما اختار له لفظ الخلابة دون لفظ الخديعة أو غيره نظرًا إلى ثقل لسانه وكان هذا اللفظ كان أوفق بلسانه وأسهل عليه اهـ إعلاء السنن. قوله:(لا خيابة) الخيابة لا يأتي بمعنى الخلابة والخديعة ولكن الرجل كان ألثغ فأبدل اللام ياء ويريد الخلابة، وقال الفتني في مجمع البحار: ورُوي خيانة بالنون، ورُوي خذاية بذال معجمة وكان الرجل ألثغ يقولها بهذه العبارات اهـ.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 61]، والبخاري [2407]، وأبو داود والنسائي كما في الإرشاد.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3739 -
(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع حدثنا سفيان) بن سعيدالثوري (ح وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري المعروف بغندر (حدثنا شعبة كلاهما) أي كل من سفيان وشعبة رويا (عن عبد الله بن دينار بهذا الإسناد) يعني عن ابن عمر (مثله) أي مثل ما روى إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن دينار وهذان السندان من خماسياته، غرضه بسوقهما بيان متابعة سفيان وشعبة لإسماعيل بن جعفر (و) لكن (ليس في حديثهما) أي في حديث سفيان وشعبة لفظة (فكان إذا بايع يقول: لا خيابة).
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3740 -
(1464)(27) (حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن نافع عن
ابْنِ عُمَرَ؛ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُو صَلاحُهَا. نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُبْتَاعَ
ــ
ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من رباعياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى) نهي تحريم (عن بيع الثمر) الذي على الشجر (حتى يبدو) ويظهر (صلاحها) للانتفاع بها ونضجها باصفراره فيما يصفر واحمراره فيما يحمر ولينه فيما يلين وتموهه فيما يتموه كما سيأتي اختلاف العلماء في تفصيله وتفسيره (نهى البائع) أن يبيعها (و) نهى (المبتاع) أي المشتري أن يشتريها، قال القرطبي: وهل هذا النهي محمول على ظاهره من التحريم وهو مذهب الجمهور أو على الكراهة وهو مذهب أبي حنيفة وعليه فلو وقع بيع الثمرة قبل أن يبدو صلاحها فسخه الجمهور، وصححه أبو حنيفة إذا ظهرت وبناه على أصله في رد أخبار الآحاد للقياس، والصحيح مذهب الجمهور للتمسك بظاهر النهي ولقوله صلى الله عليه وسلم:"أرأيت إن منع الله الثمرة بم يأكل أحدكم مال أخيه بغير حق" ولأنه غرر وبيع الغرر محرم، قال القسطلاني: وبدو الصلاح في الأشياء صيرورتها إلى الصفة التي تطلب فيها غالبًا ففي الثمار ظهور أول الحلاوة ففي غير المتلون بأن يتموه ويلين وفي المتلون بانقلاب اللون كان احمر أو اصفر أو اسود وفي نحو القثاء بأن يجني مثله غالبًا للأكل وفي الحبوب باشتدادها وفي ورق التوت بتناهيه اهـ من الإرشاد، يقال: بدا يبدو بدوًا بفتح الباء وسكون الدال وتخفيف الواو، وبدوأ بضم الباء والدال وتشديد الواو كلاهما مصدر بمعنى الظهور كما في تاج العروس وصلاح الشيء ضد فساده.
واختلف العلماء في بدو صلاح الثمرة وبدو الصلاح عند الحنفية أن تأمن الثمرة العاهة والفساد كما صرح به ابن الهمام في فتح القدير مع الكفاية، وقال العيني من الأحناف: إن بدو الصلاح متفاوت بتفاوت الثمار فبدو صلاح التين أن يطيب وتوجد فيه الحلاوة ويظهر السواد في أسوده والبياض في أبيضه وكذلك العنب الأسود بدو صلاحه أن ينحو إلى السواد وأن ينحو أبيضه إلى البياض مع النضج، وكذلك الزيتون بدو صلاحه أن ينحو إلى السواد وبدو صلاح القثاء والفقوص أن ينعقد ويبلغ مبلغًا يوجد له طعم، وأما البطيخ فأن ينحو ناحية الاصفرار والطيب، وأما الموز فروى أشهب ونافع عن مالك أنه يباع إذا بلغ في شجره قبل أن يطيب فإنه لا يطيب حتى ينزع، وأما الجزر واللفت والفجل والثوم والبصل فبدو صلاحه إذا استقل ورقه وتم وانتفع به ولم يكن في قلعه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فساد، والبر والفول والجلبان والحمص والعدس إذا يبس والياسمين وسائر الأنوار أن يفتح أكمامه ويظهر نوره والقصيل والقصب والقرط إذا بلغ أنه يرعى دون فساد كذا في عمدة القاري في باب بيع المزابنة [5/ 539]. وأما الشافعية ففسروه بظهور مبادي النضج والحلاوة كما ذكره الرملي في نهاية المحتاج وقال الشبراملسي في حاشيته قسمه الماوردي ثمانية أقسام؛ أحدها: اللون كصفرة المشمش وحمرة العنب وسواد الإجاص وبياض التفاح أو حمرته ونحو ذلك. ثانيها: الطعم كحلاوة قصب السكر وحموضة الرمان إذا زالت المرارة. ثالثها: النضج في التين والبطيخ وتحوهما وذلك بأن تلين صلابته. رابعها: بالقوة والاشتداد كالقمح والشعير خامسها بالطول والامتلاء كالعلف والبقول. سادسها: بالكبر كالقثاء. سابعها: بانشقاق كمامه كالقطن والجوز. ثامنها: بانفتاحه كالورد وورف التوت. راجع نهاية المحتاج مع حاشيته للشبراملسي والرشيدي [4/ 148] باب بيع الأصول والثمار.
واعلم أن بيع الثمار قبل ظهورها باطل إجماعًا ولا خلاف فيه لكونه بيع المعدوم وأما بيعها بعد الظهور قبل بدو صلاحها فله صور ثلاثة:
الأولى: أن يشترط البائع على المشتري أن يقطعها فورًا ولا يتركها على الأشجار وهذه الصورة جائزة بإجماع الأئمة الأربعة وجمهور فقهاء الأمصار إلا ما حكاه الحافظ في الفتح [4/ 329] عن ابن أبي ليلى والثوري أنهما يقولان ببطلان هذه الصورة أيضًا.
والصورة الثانية أن يشترط المشتري ترك الثمار على الأشجار حتى يحين الجذاذ وهذه الصورة باطلة بالإجماع ولا يصح البيع فيها عند أحد إلا ما حكاه الحافظ في الفتح عن يزيد بن أبي حبيب أنه يقول بجواز هذه الصورة أيضًا.
والصورة الثالثة أن يقع البيع مطلقًا ولا يشترط فيه قطع ولا ترك فهذه الصورة على خلاف بين الأئمة فقال مالك والشافعي وأحمد: البيع فيها باطل واستدلوا بعموم حديث الباب فإنه ينهى عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها مطلقًا، وقال أبو حنيفة: البيع فيها جائز كالصورة الأولى ويجوز للبائع أن يجيز المشتري على قطع الثمار في الحال اهـ من التكملة.
3741 -
(00)(00) حدَّثنا ابْنُ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِهِ.
3742 -
(00)(00) وحدَّثني عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيعِ النَّخْلِ حَتَّى يَزْهُوَ
ــ
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 59]، والبخاري [2183]، والنسائي [7/ 262].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
3741 -
(00)(00)(حدثنا) محمد بن عبد الله (بن نمير حدثنا أبي) عبد الله بن نمير (حدثنا عبيد الله) بن عمر بن حفص بن عاصم العدوي العمري المدني (عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عبيد الله لمالك وساق عبيد الله (بمثله) أي بمثل حديث مالك لفظًا ومعنى.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3742 -
) (00)(00)(وحدثني علي بن حجر السعدي) المروزي (وزهير بن حرب) الحرشي النسائي (قالا: حدثنا إسماعيل) بن جعفر الزرقي المدني (عن أيوب) السختياني (عن نافع عن ابن عمر) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أيوب لمالك، (أن رسول الله صلى الله عليه وسأنهى عن بيع النخل) أي عن بيع ثمره (حتى يزهو) أي حتى يظهر صلاحه، من زها النخل يزهو زهوًا من باب نصر إذا ظهرت ثمرته وأزهى يزهي إذا احمر واصفر، قال الجوهري: الزهو بفتح الزاي وأهل الحجاز يقولون بضمها وهو البسر الملون يقال إذا ظهرت الحمرة أو الصفرة في النخل فقد ظهر فيه الزهو وقد زها النخل زهوًا وأزهى لغة اهـ نووي وبالجملة فالمراد من الزهو في الحديث بدو الصلاح والأمن من الآفات فإن الحديث يفسر بعضه بعضًا، والمعنى نهى عن بيع ثمرة النخل نهي تحريم حتى يبدو صلاحها ومقتضاه جوازه وصحته بعد بدوه ولو بغير شرط القطع بأن يطلق أو يشترط إبقاءه أو قطعه والمعنى الفارق بينهما أمن العاهة بعده غالبًا
وَعَنِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ وَيَأْمَنَ الْعَاهَةَ. نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ.
3743 -
(00)(00) حدّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَبْتَاعُوا الثَّمَرَ حَتى يَبْدُوَ صَلاحُهُ وَتَذْهَبَ عَنْهُ الآفَةُ".
قال: يَبْدُوَ صَلاحهُ، حُمْرَتُهُ وصُفْرَتُهُ
ــ
وقبله تسرع إليه لضعفه اهـ من الإرشاد (و) نهى (عن) بيع حب (السنبل حتى يبيض) أي حتى يشتد حبه وهو بدو صلاحه، والسنبل من الزرع كالبر والشعير ما كان في أعالي سوقه يُجمع على سنابل والسنبلة واحدته تجمع على سنبلات اهـ من المنجد (ويأمن العاهة) أي يسلم من أن تصيبه الآفة وتتلفه قال القاضي: العاهة الآفة تصيب الثمار والزروع فتفسده، قال الخليل: العاهة البلية تصيب الزرع والناس، وقال غيره: الآفة تصيب المال، قال الأبي: فبدو صلاحه دليل خلاصه من الآفة وذلك كقلة المطر وشدة البرد والثلج والبرد (نهى البائع) لئلا يأكل مال أخيه بالباطل (و) نهى (المشتري) لئلا يضيع ماله.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3743 -
(00)(00)(حدثني زهير بن حرب حدثنا جرير) بن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي (عن يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري المدني (عن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة يحيى بن سعيد لأيوب السختياني (قال) ابن عمر (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تبتاعوا) أي لا تشتروا (الثمر) أو لا تتبايعوا الثمر (حتى يبدو) ويظهر (صلاحه وتذهب عنه الآفة) أي يسلم عن أن تصيبه الآفة والحائجة وكذا السنبل حتى يشتد حبه، قال نافع: قلنا لابن عمر: ما معنى يبدو صلاحه فـ (قال) ابن عمر معنى (يبدو صلاحه) أن تظهر (حمرته) فيما يحمر (و) تظهر (صفرته) فيما يصفر.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3744 -
(00)(00) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ يَحْيَى، بِهذَا الإِسْنَادِ، حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهُ. لَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ.
3745 -
(00)(00) حدَّثنا ابْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيكِ. أخْبَرَنَا الضَحَّاكُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَبي صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَهَّابِ.
3746 -
(00)(00) حدَّثنا سُوَيدُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيسَرَةَ
ــ
3744 -
(00)(00)(وحدثنا محمد بن المثنى و) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (قالا: حدثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي البصري (عن يحيى) بن سعيد الأنصاري (بهذا الإسناد) يعني عن نافع عن ابن عمر، وقال عبد الوهاب (حتى يبدو صلاحه) ولكن (لم يذكر) عبد الوهاب (ما بعده) أي ما بعد قوله حتى يبدو صلاحه من قوله وتذهب عنه الآفة الخ، غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة عبد الوهاب الثقفي لجرير بن عبد الحميد في الرواية عن يحيى بن سعيد.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3745 -
(00)(00)(حدثنا) محمد (بن رافع) القشيري النيسابوري، ثقة، من (11)(حدثنا) محمد بن إسماعيل بن مسلم (بن أبي فديك) يسار الديلي المدني، ثقة، من (8)(أخبرنا الضحاك) بن عثمان بن عبد الله الأسدي المدني، صدوق، من (7)(عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وساق ابن أبي فديك عن الضحاك عن نافع (بمثل حديث عبد الوهاب) الثقفي عن يحيى عن نافع، غرضه بيان متابعة ابن أبي فديك لعبد الوهاب ولكنها متابعة ناقصة لأن ابن أبي فديك روى عن نافع بواسطة الضحاك، وعبد الوهاب روى عنه بواسطة يحيى.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سادسًا فقال:
3746 -
(00)(00)(حدثنا سويد بن سعيد) بن سهل الهروي الأصل ثم الحدثاني، صدوق، من (10)(حدثنا حفص بن ميسرة) العقيلي مصغرًا الصنعاني نسبة
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكِ وَعُبَيدِ اللهِ.
3747 -
(00)(00) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَيحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ (قَال يَحْيَى بْنُ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرُونَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ)(وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَبِيعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهُ".
3748 -
(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمنِ، عَنْ سُفْيَانَ. ح وَحَدَّثنَا ابْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثنَا شُعْبَةُ. كِلاهُمَا
ــ
إلى صنعاء الشام أو اليمن (حدثني موسى بن عقبة) بن أبي عياش الأسدي مولاهم المدني، ثقة، من (5)(عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وساق موسى بن عقبة (بمثل حديث مالك وعبيد الله) بن عمر بن حفص، وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة موسى بن عقبة لمالك وعبيد الله.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سابعًا في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:
3747 -
(00)(00)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (ويحيى بن أيوب) المقابري البغدادي (وقتيبة) بن سعيد (و) علي (بن حجر، قال يحيى بن يحيى: أخبرنا، وقال الآخرون: حدثنا إسماعيل وهو ابن جعفر) الزرقي المدني (عن عبد الله بن دينار) العدوي المدني (أنه سمع ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تبيعوا الثمر حتى يبدو صلاحه) وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة عبد الله بن دينار لنافع.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثامنًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3748 -
(00)(00)(وحدثنيه زهير بن حرب حدثنا عبد الرحمن) بن مهدي الأزدي البصري (عن سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي (ح وحدثنا) محمد (بن المثنى) العنزي البصري (حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري (حدثنا شعبة كلاهما) أي كل
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ. وَزَادَ فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ: فَقِيلَ لابْنِ عُمَرَ: مَا صَلاحُهُ؟ قَال: تَذْهَبُ عَاهَتُهُ.
3749 -
(1465)(28) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا أَبُو خَيثَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ. ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا زُهَيرٌ. حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ. قَال: نَهَى (أَوْ نَهَانَا) رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَطِيبَ
ــ
من شعبة وسفيان (عن عبد الله بن دينار بهذا الإسناد) يعني عن ابن عمر. وهذان السندان من خماسياته، غرضه بيان متابعة سفيان وشعبة لإسماعيل بن جعفر (و) لكن (زاد) محمد بن جعفر (في حديث شعبة فقيل لابن عمر) قال الحافظ في الفتح: لم أقف على اسم هذا القائل (ما) معنى (صلاحه قال) ابن عمر: معناه أن (تذهب عاهته) أي أن تؤمن آفته.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عمر بحديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهم أجمعين فقال:
3749 -
(1465)(28)(حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا أبو خيثمة) زهير بن معاوية بن حديج مصغرًا الجعفي الكوفي (عن أبي الزبير عن جابرح وحدثنا أحمد) بن عبد الله (بن يونس) بن عبد الله بن قيس التميمي الكوفي، ثقة، من (10)(حدثنا زهير) بن معاوية (حدثنا أبو الزبير عن جابر) بن عبد الله رضي الله عنه. وهذان السندان من رباعياته (قال) جابر (نهى) رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بلا ذكر المفعول به (أو) قال جابر (نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ذكر المفعول، والشك من أبي الزبير فيما قاله جابر أي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن بيع الثمر) مفردة عن الشجرة (حتى يطيب) ويصلح ذلك الثمر لأكله بنضجه وبدو صلاحه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري أخرجه في مواضع كثيرة، وأبو داود والنسائي في البيوع.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
3750 -
(00)(00) حدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّوْفَلِيُّ. حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ. ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا رَوْحٌ. قَالا: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهُ
ــ
3750 -
(00)(00)(حدثنا أحمد بن عثمان) بن أبي عثمان عبد النور بن عبد الله بن سنان (النوفلي) نسبة إلى نوفل أحد أجداده (حدثنا أبو عاصم) النبيل الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم الشيباني البصري، ثقة ثبت، من (9)(ح وحدثني محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي، صدوق، من (10)(واللفظ) أي ولفظ الحديث الآتي (له) أي لمحمد بن حاتم (حدثنا روح) بن عبادة بن العلاء بن حسان القيسي أبو محمد البصري، ثقة، من (9)(قالا) أي قال كل من أبي عاصم وروح بن عبادة (حدثنا زكرياء بن إسحاق) المكي، ثقة، من (6) (حدثنا عمرو بن دينار) الجمحي المكي (أنه سمع جابر بن عبد الله يقول): وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عمرو بن دينار لأبي الزبير، وفائدة هذه المتابعة تقوية السند الأول (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر حتى يبدو) ويظهر (صلاحه) ونضجه، قال الحافظ في الفتح [4/ 331] واختلف السلف في قوله (حتى يبدو صلاحه) هل المراد به جنس الثمار حتى لو بدا الصلاح في بستان من البلد مثلًا، جاز بيع ثمرة جميع البساتين وإن لم يبد الصلاح فيها أو لا بد من بدو الصلاح في كل بستان على حدة أو لا بد من بدو الصلاح في كل جنس على حدة أو في كل شجرة على حدة على أقوال، والأول: قول الليث وهو عند المالكية بشرط أن يكون الصلاح متلاحقًا، والثاني: قول أحمد وعنه رواية كالرابع، والثالث: قول الشافعية ويمكن أن يؤخذ ذلك من التعبير يبدو الصلاح لأنه دال على الاكتفاء بمسمى الإزهاء من غير اشتراط تكامله فيؤخذ اكتفاء بزهو بعض الثمرة وبزهو بعض الشجرة مع حصول المعنى وهو الأمن من العاهة ولولا حصول المعنى لكان تسميتها مزهية بإزهاء بعضها قد لا يكتفى به لكونه على خلاف الحقيقة وأيضًا فلو قيل بإزهاء الجميع لأدى إلى فساده أو أكثره وقد من الله تعالى بكون الثمار لا تطيب دفعة واحدة ليطول زمن التفكه بها اهـ منه والله أعلم.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث ابن عمر بحديث ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين فقال:
3751 -
(1466)(29) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ. قَال: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ بَيعِ النَّخْلِ؟ فَقَال: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيعِ النَّخْلِ حَتَّى يَأْكُلَ مِنْهُ أَوْ يُؤْكَلَ. وَحَتَّى يُوزَنَ. قَال: فَقُلْتُ: مَا يُوزَنُ؟ فَقَال رَجُلٌ عِنْدَهُ: حَتَّى يُحْزَرَ
ــ
3751 -
(1466)(29)(حدثنا محمد بن المثنى و) محمد (بن بشار) البصريان (قالا: حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري (حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة) بن عبد الله بن طارق المرادي الجملي أبي عبد الله الأعمى الكوفي، ثقة، من (5)(عن أبي البختري) بفتح الموحدة وسكون المعجمة وفتح المثناة سعيد بن فيروز ويقال ابن أبي عمران الطائي مولاهم الكوفي التابعي الجليل، ثقة، من (3) (قال) أبو البختري:(سألت ابن عباس) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون واثنان كوفيان وواحد طائفي (عن بيع) ثمر (النخل) مفردة عن الشجرة هل يجوز أم لا؟ (فقال) ابن عباس: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم نهي تحريم (عن بيع) ثمر (النخل حتى يأكل منه) صاحبه (أو يؤكل) منه أي يصلح للأكل منه، وأو للتنويع لا للشك والمراد أن يكون صالحًا للأكل في الجملة وهو كناية عن بدو الصلاح كما فسره العيني بذلك (وحتى يوزن) أي وحتى يعرف قدره بالوزن (قال) أبو البختري:(فقلت) لابن عباس: (ما) معنى وحتى (يوزن) كأنه استغرب أن يوزن الثمر على الشجر (فقال رجل عنده) أي عند ابن عباس، قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسم هذا الرجل معنى حتى يوزن (حتى يُحزر) بتقديم الزاي على الراء أي حتى يُخرص ويُعرف قدره بالتخمين، والحزر والخرص التقدير والمعنى لا يحل بيعه حتى يصلح للخرص والتخمين وكان الخارصون إنما يخرصون الثمر بعد بدو صلاحه وكان فائدة الخرص معرفة كمية حقوق الفقراء قبل أن يتصرف فيه المالك، وضبطه بعضهم (حتى يحرز) بتقديم الراء على الزاي وجعله النووي تصحيفًا. واعلم أن الخرص والأكل والوزن كلها كنايات عن ظهور صلاحها. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [2246].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى تعالى ثالثًا لحديث ابن عمر بحديث أبي هريرة رضي الله عنهم فقال:
3752 -
(1467)(30) حدّثني أَبُو كُرَيبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَبْتَاعُوا الثِّمَارَ حَتى يَبْدُوَ صَلاحُهَا".
3753 -
(1468)(31) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيرٍ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ (وَاللَّفْظُ لَهُمَا) قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيعِ الثمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهُ. وَعَنْ بَيعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ
ــ
3752 -
(1467)(30)(حدثني أبو كريب محمد بن العلاء) الهمداني الكوفي (حدثنا محمد بن فضيل) بن غزوان الضبي الكوفي، صدوق، من (9) روى عنه في (20) بابا (عن أبيه) فضيل بن غزوان الضبي الكوفي، ثقة، من (7) روى عنه في (12) بابا (عن) عبد الرحمن (بن أبي نعم) بضم النون وإسكان العين البجلي أبي الحكم الكوفي، صدوق، من (3) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) أبو هريرة:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تبتاعوا) أي لا تشتروا (الثمار حتى يبدو صلاحها) أي صلاحيتها للأكل. وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى كما في تحفة الأشراف.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث ابن عمر بحديث آخر له رضي الله تعالى عنهما فقال:
3753 -
(1468)(31)(حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري ح وحدثنا) محمد بن عبد الله (بن نمير وزهير بن حرب واللفظ) الآتي (لهما) أي لابن نمير وزهير لا ليحيى بن يحيى (قالا: حدثنا سفيان) بن عيينة (حدثنا الزهري عن سالم) بن عبد الله بن عمر (عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسأنهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه و) نهى (عن بيع الثمر) الرطب على الشجر (بالتمر) اليابس على الأرض الأول بالثاء المثلثة والثاني بالتاء المثناة؛ أي نهى عن بيع الرطب بالثمر لعدم علم المماثلة مع كونه جنسًا ربويًا، واعلم أن هناك صورتين لبيع الرطب بالثمر: الأولى أن يباع الرطب المعلق على الشجر بالثمر المجذوذ وهو ما يسمى مزابنة وهو حرام
قَال ابْنُ عُمَرَ: وَحَدَّثَنَا زَيدُ بْنُ ثَابِتٍ؛ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ فِي بَيعِ الْعَرَايَا. زَادَ ابْنُ نُمَيرٍ فِي رِوَايَتِهِ: أَنْ تُبَاعَ
ــ
بالإجماع إلا ما رُخص فيه من العرايا على اختلاف في تفسيرها، وسيأتي الكلام فيه مفصلًا في الباب التالي إن شاء الله تعالى. والصورة الثانية أن يُباع الرطب المقطوع بالتمر المقطوع وفيه خلاف فقال الأئمة الحجازيون الثلاثة: إنه لا يجوز سواء كان البيع بالتساوي أو بالتفاضل وبه قال أبو يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة: يجوز البيع يدأ بيد متساويًا ويحرم متفاضلًا أو نسيئة واستدلت الأئمة الثلاثة بحديث الباب.
(قال ابن عمر) رضي الله عنهما، بالسند السابق حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث السابق بلا واسطة (وحدثنا) أيضًا (زيد بن ثابت) بن الضحاك الأنصاري النجاري كاتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص) أي سهل وجوّز (في بيع) ثمر النخلات (العرايا) أي الخالية المجردة عن حكم سائر النخلات من التحريم المختصة بجواز بيع ثمارها بتمر (زاد) محمد بن عبد الله (بن نمير في روايته) على غيره لفظة (أن تباع) أي رخص في اشترائها والجملة بدل من بيع العرايا، والعرايا جمع عرية كهدايا جمع هدية وضحايا جمع ضحية وهي فعيلة بمعنى مفعولة من عراه يعروه إذا قصده لأن ثمرها مقصود للمحتاجين ويحتمل أن تكون فعيلة بمعنى فاعلة من عري يعرى إذا خلع ثوبه وتجرد عنه كأنها عريت من جملة التحريم فعريت أي خرجت، وقيل في تفسيرها: إنه لما نهى عن المزابنة وهي بيع الثمر في رؤوس النخل بالتمر على الأرض رخص من جملة المزابنة في العرايا وهو أن من لا نخل له من ذوي الحاجة يدرك الرطب ولا نقد بيده يشتري به الرطب لعياله ولا نخل لهم يطعمهم منه ويكون قد فضل له من قوته فيجيء إلى صاحب النخل فيقول له: بعني ثمر نخلة أو نخلتين بخرصها من التمر فيعطيه ذلك الفاضل من التمر بثمر تلك النخلات ليصيب من رطبها مع الناس فرخص فيه إذا كان دون خمسة أوسق قاله ابن الأثير في النهاية.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته النسائي فقط كما في تحفة الأشراف.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى خامسًا لحديث ابن عمر بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله عنهم فقال:
3754 -
(1469)(32) وحدَّثني أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ (وَاللَّفْظُ لِحَرْمَلَةَ) قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيرَةَ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَبْتَاعُوا الثمَّرَ حَتى يَبْدُوَ صَلاحُهُ. وَلَا تَبْتَاعُوا الثَّمَرَ بِالتَّمْرِ".
قَال ابْنُ شِهَابٍ: وَحَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مِثْلَهُ سَوَاءً
ــ
3754 -
(1469)(32)(وحدثني أبو الطاهر) أحمد بن عمرو بن سرح الأموي المصري (وحرملة) بن يحيى بن عبد الله التجيبي المصري (واللفظ لحرملة قالا: أخبرنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي المصري (أخبرني يونس) بن يزيد الأموي الأيلي (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري المدني (حدثني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف (أن أبا هريرة) رضي الله عنه (قال): وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وثلاثة مصريون (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تبتاعوا) أي لا تشتروا (الثمر) على الشجر منفردًا (حتى يبدو صلاحه ولا تبتاعوا الثمر) أي الرطب على الشجر (بالتمر) اليابس على الأرض لعدم العلم بالمماثلة.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث النسائي وابن ماجه كما في تحفة الأشراف.
(قال ابن شهاب) بالسند السابق: (وحدثني سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله) أي مثل ما روى لي سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم حالة كون الحديثين (سواء) أي متساويين لفظًا ومعنى وهذا متابعة في الشواهد وهي نادرة في صحيح مسلم والله أعلم.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ستة أحاديث: الأول: حديث ابن عمر الأول ذكره للاستدلال به على الترجمة وذكر فيه ست متابعات، والثاني: حديث جابر ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث: حديث ابن عباس ذكره للاستشهاد ثانيًا، والرابع: حديث أبي هريرة الأول ذكره للاستشهاد ثالثًا، والخامس: حديث ابن عمر الثاني ذكره للاستشهاد رابعًا، والسادس: حديث أبي هريرة الأخير ذكره للاستشهاد خامسًا والله سبحانه وتعالى أعلم.