المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌563 - (3) باب النهي عن تلقي الجلب وبيع حاضر لباد وبيان أن التصرية عيب يوجب الخيار - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١٧

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب: البيوع

- ‌561 - (1) باب النهي عن الملامسة والمنابذة وبيع الحصاة والغرر وبيع حبل الحبلة

- ‌562 - (2) باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه وسومه على سومه وتحريم تلقي الركبان والنجش والتصرية

- ‌563 - (3) باب النهي عن تلقي الجلب وبيع حاضر لباد وبيان أن التصرية عيب يوجب الخيار

- ‌564 - (4) باب بطلان بيع المبيع قبل القبض وتحريم بيع الصبرة المجهولة القدر بتمر معلوم

- ‌565 - (5) باب الخيار للمتبايعين والصدق في البيع وترك الخديعة والنهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها

- ‌566 - (6) باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا ومن باع نخلًا عليها ثمر أو عبدًا له مال

- ‌567 - (7) باب النهي عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة وبيع الثمرة قبل بدو صلاحها وعن المعاومة

- ‌568 - (8) باب ما جاء في كراء الأرض

- ‌569 - (9) باب كراء الأرض بالطعام المسمى أو بالذهب والفضة والنهي عن المزارعة والأمر بالمنيحة بها

- ‌570 - (10) باب المساقاة على جزء من الثمر والزرع وفضل الغرس والزرع

- ‌571 - (11) باب وضع الجوائح وقسم مال المفلس والحث على وضع بعض الدين

- ‌572 - (12) باب من أدرك ماله عند مفلس وفضل إنظار المعسر والتجاوز عنه والحوالة

- ‌573 - (13) باب النهي عن بيع فضل الماء وعن ضراب الفحل والنهي عن ثمن الكلب ونحوه

- ‌574 - (14) باب الأمر بقتل الكلاب وبيان نسخه وتحريم اقتنائها إلَّا لحاجة وإباحة أجرة الحجامة

- ‌575 - (15) باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام

- ‌576 - (16) أبواب الربا والصرف وتحريم التفاضل والنساء في بيع النقود

- ‌فصل في بيان اختلاف الفقهاء في علة ربا الفضل

- ‌577 - (17) باب النهي عن بيع الورق بالذهب دينًا وبيع القلادة فيها خرز وذهب بذهب

- ‌578 - (18) باب بيع الطعام بالطعام مثلًا بمثل وحجة من قال: لا ربا إلا في النسيئة

- ‌579 - (19) باب لعن من أقدم على الربا واتقاء الشبهات وبيع البعير واستثناء حملانه

- ‌579 - (19) باب الاستقراض وحسن القضاء فيه وجواز بيع الحيوان بالحيوان من جنسه وجواز الرهن والسلم

- ‌580 - (20) باب النهي عن الحكرة والحلف في البيع والشفعة وغرز الخشب في جدار الجار

الفصل: ‌563 - (3) باب النهي عن تلقي الجلب وبيع حاضر لباد وبيان أن التصرية عيب يوجب الخيار

‌563 - (3) باب النهي عن تلقي الجلب وبيع حاضر لباد وبيان أن التصرية عيب يوجب الخيار

3698 -

(1446)(9) حدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا يَحْيَى (يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ). ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. كُلُّهُمْ عَنْ عُبَيدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ تُتَلَقَّى السِّلَعُ حَتَّى تَبْلُغَ الأَسْوَاقَ

ــ

563 -

(3) باب النهي عن تلقي الجلب وبيع حاضر لباد وبيان أن التصرية عيب يوجب الخيار

3698 -

(1446)(9)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا) يحيى بن زكرياء (بن أبي زائدة) خالد بن ميمون، ثقة، من (9)(ح وحدثنا ابن المثنى حدثنا يحيى يعني ابن سعيد) ابن فروخ التميمي القطان أبو سعيد البصري، ثقة، من (9)(ح وحدثنا) محمد بن عبد الله (ابن نمير) الهمداني الكوفي (حدثنا أبي) عبد الله بن نمير كلهم) أي كل من الثلاثة رووا (عن عبيد الله) بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب المدني (عن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذه الأسانيد كلها من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسأنهى أن تتلقى) بضم التاء الأولى وفتح القاف المشددة على صيغة المبني للمجهول أي أن تستقبل (السلع) بكسر السين وفتح اللام جمع سلعة كسِدْرَة وسِدَر وهي الأمتعة التي يتجر فيها أي نهى عن استقبال أصحابها لشرائها منهم برخص قبل دخول البلدة (حتى تبلغ الأسواق) أي حتى تصل وتدخل أسواق البلدان التي تساق إليها، وفي رواية نهى أن تتلقى الركبان، وفي رواية نهى عن التلقي، وفي رواية نهى عن تلقي البيوع، وفي رواية أن يتلقى الجلب، وفي رواية لا تتلقوا الجلب، فالسلع جمع سِلعة كسِدَرٍ وسدرة وهو المتاع وما يتجر به، والبيوع جمع بيع بمعنى المبيع والمراد المبيعات المجلوبة، والجلب بفتحتين فعل بمعنى مفعول وهو ما يجلب للبيع أي شيء كان، وفي سنن ابن ماجه قال:"لا تلقوا الأجلاب" بصيغة الجمع؛ والمراد الأمتعة المجلوبة، والركبان جمع راكب والمراد قافلة التاجرين الذين يجلبون الأرزاق والمتاجر والبضائع ونهى عن تلقيهم لأن من تلقاهم يكذب في سعر البلد واشترى بأقل من ثمن المثل وهو تغرير محرم اهـ من بعض الهوامش.

ص: 31

وَهذَا لَفْظُ ابْنِ نُمَيرٍ وَقَال الآخَرَانِ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ التَّلَقِّي.

3699 -

(00)(00) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِ حَدِيثِ

ــ

قال القرطبي: واختلف في علة النهي عن ذلك فقيل ذلك لحق الله تعالى وعلى هذا فيفسخ البيع أبدًا وقال به بعض أصحابنا، وهذا إنما يليق بأصول أهل الظاهر، والجمهور على أنه لحق الآدمي لما يدخل عليه من الضرر، ثم اختلفوا فيمن يرجع إليه هذا الضرر فقال الشافعي: هو البائع فيدخل عليه ضرر الغبن وعلى هذا فلو وقع لم يفسخ ويكون صاحبه بالخيار وعلى هذا يدل ظاهر الحديث فإنه قال فيه: إذا أتى سيده السوق فهو بالخيار، وقال مالك: بل هم أهل السوق بما يدخل عليهم من غلاء السلع، ومقصود الشرع الرفق بأهل الحاضرة كما قال: دع الناس يرزق الله بعضهم من بعض، وكأن مالكًا لم تبلغه هذه الزيادة أو لم يثبت عنده أنها من قول النبي صلى الله عليه وسلم وعلى قول مالك فلا يفسخ ولكن يخير أهل السوق فإن لم يكن سوق فأهل المصر بالخيار، وهل يدخل المتلقي معهم أو لا؟ قولان سبب المنع عقوبته بنقيض قصده، وقد أجاز أبو حنيفة والأوزاعي التلقي إلا أن يضر بالناس فيكره، وهذه الأحاديث حجة عليهما اهـ من المفهم.

(وهذا) المذكور (لفظ) عبد الله (بن نمير وقال الآخران) يعني ابن أبي زائدة ويحيى بن سعيد (إن النبي صلى الله عليه وسأنهى عن التلقي) أي عن تلقي السلع المجلوبة للبيع والمعنى واحد.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 63]، والبخاري [2165]، وأبو داود [3436]، والنسائي [7/ 257]، وابن ماجه [2179].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

3699 -

(00)(00)(وحدثني محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي (وإسحاق بن منصور) بن بهرام الكوسج النيسابوري (جميعًا) أي كلاهما رويا (عن) عبد الرحمن (ابن مهدي) بن حسان الأزدي البصري، ثقة، من (9)(عن مالك) بن أنس (عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وساق مالك (بمثل حديث) عبد الله

ص: 32

ابْنِ نُمَيرٍ، عَنْ عُبَيدِ اللهِ.

3700 -

(1447)(10) وحدّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُبَارَكٍ، عَنِ التَّيمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ نَهَى عَنْ تَلَقِّي الْبُيُوعِ

ــ

(بن نمير عن عبيد الله) العمري، غرضه بيان متابعة مالك لعبد الله بن نمير في اللفظ المذكور له.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عمر بحديث ابن مسعود رضي الله عنهم فقال:

3700 -

(1447)(10)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن مبارك) بن واضح الحنظلي مولاهم المروزي، ثقة، من (8)(عن) سليمان بن طرخان (التيمي) نزل في التيم فنُسب إليهم، أبي المعتمر البصري، ثقة، من (4)(عن أبي عثمان) النهدي عبد الرحمن بن مل الكوفي، ثقة مخضرم، من (2)(عن عبد الله) بن مسعود الهذلي الكوفي رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن تلقي البيوع) أي عن استقبال المبيعات المجلوبة من خارج البلد.

قال القرطبي: وقد اختلف أصحابنا في مسافة منع ذلك فقيل: يومان، وقيل: ستة أميال، وقيل: قرب المصر (قلت): هذه التحديدات متعارضة لا معنى لها إذ لا توقيف فيه وإنما محل المنع أن ينفرد المتلقي بالقادم خارج السوق بحيث لا يعرف ذلك أهل السوق غالبًا وعلى هذا فيكون ذلك في القريب والبعيد حتى يصح قول بعض أصحابنا: لو تلقى الجلب في أطراف البلد أو أقاصيه لكان تلقيًا منهيًا عنه وهو الصحيح لنهيه صلى الله عليه وسلم في الرواية الأخرى عن تلقي السلع حتى تورد الأسواق فلو لم يكن للسلعة سوق فلا يخرج إليها لأنه التلقي المنهي عنه غير أنه يجوز أن يشتري في أطراف البلد لأن البلد كله سوقها اهـ من المفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري والترمذي والنسائي اهـ تحفة الأشراف.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث ابن عمر بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما فقال:

ص: 33

3701 -

(1448)(11) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا هُشَيمٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُتَلَقَّى الْجَلَبُ.

3702 -

(00)(00) حدَّثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سُلَيمَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي هِشَامٌ الْقُرْدُوسِيُّ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ. قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَا تَلَقُّوُا الْجَلَبَ. فَمَنْ تَلَقَّاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ،

ــ

3701 -

(1448)(11)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (أخبرنا هشيم) بن بشير السلمي الواسطي، ثقة، من (7)(عن هشام) بن حسان الأزدي القردوسي البصري، ثقة، من (6)(عن) محمد (ابن سيرين (الأنصاري مولاهم البصري، ثقة، من (3)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) أبو هريرة (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم نهي تحريم عن (أن يتلقى) بصيغة المجهول (الجلب) أي السلع المجلوبة للبيع أيًّا كانت، وقيل: الجلب جمع جالب كخدم وخادم والمراد به من يجلب الأموال إلى البلد.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [2162]، وأبو داود [3437]، والترمذي [2221]، والنسائي [7/ 257]، وابن ماجه [2178].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

3702 -

(00)(00)(حدثنا) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي، صدوق، من (10)(حدثنا هشام بن سليمان) بن عكرمة بن خالد المخزومي المكي، مقبول، من (8) روى عنه في (3)(عن) عبد الملك بن عبد العزيز (بن جريج) الأموي المكي، ثقة، من (6) (أخبرني هشام) بن حسان الأزدي (القردوسي عن) محمد (بن سيرين قال: سمعت أبا هريرة) رضي الله عنه (يقول) وهذا السند من سداسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة ابن جريج لهشيم بن بشير في الرواية عن القردوسي (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تلقوا الجلب) بحذف إحدى التاءين لأنه من التلقي من باب التفعل أي لا تستقبلوا الأمتعة المجلوبة وهو فعل بمعنى مفعول (فمن تلقاه) أي فمن تلقى الجلب (فاشترا) هـ (منه) أي من صاحبه، والفاء فيه عاطفة على فعل الشرط، وجوابه جملة

ص: 34

فَإِذَا أَتَى سَيِّدُهُ السُّوقَ، فَهُوَ بالْخِيَارِ".

3703 -

(1449)(12) حدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالُوا: حَدَّثنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

ــ

إذا في قوله: (فإذا أتى) وجاء (سيده) أي سيد ذلك الجلب الذي اشترى منه أي صاحبه وبائعه (السوق) وعرف سعر البلد والغبن في بيعه (فهو) أي فصاحب الجلب وبائعه ملتبس (بالخيار) في استرداده وتركه.

والمراد بالسيد مالك المجلوب الذي باعه أي فإذا جاء صاحب المتاع إلى السوق وعرف السعر فله الخيار في الاسترداد والحديث دليل كما في المرقاة لصحة البيع إذ الفاسد لا خيار فيه قال ابن الملك: اعلم أن تلقي الجلب والشراء منهم بأرخص الثمن حرام عند الشافعي ومالك وأحمد، ومكروه عند أبي حنيفة وأصحابه إذا كان مضرًا لأهل البلد وليس فيه السعر على التجار ثم لو تلقاهم رجل واشترى منهم شيئًا لم يقل أحد بفساد بيعه لكن الشافعي أثبت الخيار للبائع بعد قدومه ومعرفته تلبيس السعر عليه لظاهر الحديث، وقالت الحنفية: لا خيار له لأن لحوق الضرر كان لتقصير من جهته حيث اعتمد على خبر المشتري الذي كان كل همته تنقيص الثمن، وأما الحديث فمتروك الظاهر لأن الشراء إذا كان بسعر البلد أو أكثر لا يثبت الخيار للبائع في أصح قولَي الشافعي فلا ينهض أي الحديث حجة اهـ أما ابن الملك ة فلم يأت في الجواب عن هذا الحديث بشيء لأن مجرد قوله: إن الحديث متروك الظاهر لا يقبل منه حتى يأتي له بمحمل صحيح، ولم يأت به، والقول بثبوت الخيار أوفق لهذا الحديث الصحيح الذي لم نجد ما يعارضه فيما بحثنا ونظرنا والله أعلم.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله عنه فقال:

3703 -

(1449)(12)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو) بن محمد بن بكير بن شابور (الناقد) أبو عثمان البغدادي (وزهير بن حرب) بن شداد الحرشي النسائي (قالوا: حدثنا سفيان) بن عيينة (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن سعيد بن المسيب) المخزومي المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه حالة كونه (يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم أي

ص: 35

قَال: "لَا يَبعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ".

وَقَال زُهَيرٌ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ.

3704 -

(1450)(13) وحدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. قَالا: حَدَّثنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ

ــ

يصل بهذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا يقفه على نفسه (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (لا يبع حاضر) أي ساكن الحاضرة والمدن (لباد) أي لساكن البادية السلع التي جلبها من البادية بأن يكون سمسارًا ودلالًا له (وقال زهير) بن حرب في روايته (عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه) صلى الله عليه وسلم (نهى أن يبيع حاضر لباد) وهذا أصرح في الوصل وفي النهي، والظاهر أن هذا الحديث والحديث السابق عن أبي هريرة في النهي عن التلقي واحد كما يظهر من جامع الأصول لابن الأثير، قوله:(لا يبع حاضر لباد) قد فسره العلماء بتفسيرين: الأول: أن يلتزم البائع البلدي أن لا يبيع سلعته إلا من أهل البدو طمعًا في الثمن الغالب وبذلك فسره صاحب الهداية وقيد النهي عنه بأن يكون أهل البلد في قحط وعوز، والتفسير الثاني: وقد اختاره جمهور الفقهاء والمحدثين هو أن يقول الحاضر للبادي: لا تبع سلعتك بنفسك أنا أعلم بذلك منك فأبيعها لك في السوق فيصير وكيلًا له في بيع سلعته، والفرق بين التفسيرين أن الحاضر في التفسير الأول تاجر يبيع سلعة نفسه والبادي يشتريها منه، وأما في التفسير الثاني فالبائع هو البادي والحاضر وكيل أو سمسار له، وهذا التفسير الثاني هو الراجح نظرًا إلى لفظ الحديث لأن البيع هنا قد تعدى باللام وهو في معنى التوكيل أو السمسرة أظهر ولو كان البادي مشتريًا من الحاضر لتعدى بمن ولأن ابن عباس رضي الله عنهما قد فسره بالسمسرة في الرواية الآتية.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري أخرجه في أبواب كثيرة وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة هذا بحديث ابن عباس رضي الله عنهم فقال:

3704 -

(1450)(13)(وحدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي المعروف بابن راهويه (وعبد بن حميد) بن نصر الكسي (قالا: حدثنا عبد الرزاق) بن همام

ص: 36

أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَال: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُتَلَقَّى الرُّكْبَانُ. وَأَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ. قَال: فَقُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا قَوْلُهُ: حَاضِرٌ لِبَادٍ؟ قَال: لَا يَكُنْ لَهُ سِمْسَارًا

ــ

الصنعاني (أخبرنا معمر) بن راشد الأزدي البصري (عن) عبد الله (بن طاوس) بن كيسان اليماني (عن أبيه) طاوس بن كيسان (عن ابن عباس) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم يمانيون وواحد طائفي وواحد بصري وواحد مروزي أو كسي، وفيه المقارنة والتحديث والإخبار والعنعنة (قال) ابن عباس:(نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتلقى) بإثبات التاءين على صيغة المجهول (الركبان) أي جماعة القافلة للشراء منهم قبل دخول البلد، وفي رواية أن يتلقى بالتحتانية وظاهره منع التلقي مطلقًا سواء كان قريبًا أو بعيدًا لأجل الشراء منهم أم لا؟ والتقييد بالركبان خرج مخرج الغالب في أن من جلب الطعام يكون عددًا ركبانًا ولا مفهوم له بل لو كان الجلب عددًا مشاة أو واحدًا راكبًا لم يختلف الحكم اهـ من الإرشاد (وأن يبيع حاضر لباد، قال) طاوس: (فقلت لابن عباس: ما قوله) أي: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: وأن يبيع (حاضر لباد، قال) ابن عباس معناه: (لا يكن) الحاضر بالتحتية والجزم على النهي (له) أي للبادي (سمسارًا) أي دلالًا بالأجرة وهو الذي يدخل بين البائع والمشتري متوسطًا لإمضاء البيع لا الذي ينادي في الأسواق على ما يبيعه لطلب المزيد كما هو المعروف في بيع المزايدة اهـ من بعض الهوامش، والسمسار بكسر السين وسكون الميم في الأصل هو القيم بالأمر والحافظ له ثم استعمل في متولي البيع والشراء لغيره ومعناه أن يبيع له بالأجرة، ومنه استدل البخاري على أن بيع الحاضر للبادي إنما يحرم إذا كان بالأجرة فأما إذا كان بغير الأجرة فلا يكره والجمهور على عدم جوازه مطلقًا، وأما تفسير ابن عباس هذا فمحمول على الغالب فإن الحاضر لا يتولى غالبًا إلا بأجرة والله أعلم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [2158]، وأبو داود [3439]، والنسائي [7/ 257]، وابن ماجه [2177].

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث جابر رضي الله عنهما فقال:

ص: 37

3705 -

(1451)(14) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو خَيثَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ. ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا زُهَيرٌ. حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ. دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقِ اللهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ". غَيرَ أَنَّ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى: "يُرْزَقُ"

ــ

3705 -

(1451)(14)(حدثنا يحيى بن يحيى التميمي) النيسابوري (أخبرنا أبو خيثمة) زهير بن معاوية بن حديج -بضم المهملة الأولى مصغرًا- الجعفي الكوفي، ثقة، من (7)(عن أبي الزبير) الأسدي المكي محمد بن مسلم بن تدرس (عن جابر) بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما (ح وحدثنا أحمد) بن عبد الله (بن يونس) بن عبد الله بن قيس التميمي الكوفي، ثقة، من (10) (حدثنا زهير) بن معاوية أبو خيثمة الكوفي (حدثنا أبو الزبير عن جابر) بن عبد الله رضي الله عنهما. وهذان السندان من رباعياته (قال) جابر:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يبع) بالجزم على النهي (حاضر لباد دعوا الناس) أي اتركوا الناس أيها السماسرة على نظامهم السوقي فلا تتداخلوا بينهم ولا تتحكموا عليهم بالتسعير حالة كونهم (يرزق الله بعضهم من بعض) أي اتركوهم ليبيعوا طعامهم ومتاعهم فيرتزقوا يعني أن الله تعالى يرزق المشتري بواسطة البائع ويرزق البائع بواسطة المشتري فلا يجوز لأحد أن يتدخل في هذا النظام الإلهي ويتحكم فيه بالأسعار، فالحديث يدل على أن الإسلام يعترف بنظام السوق وقوتي العرض والطلب ويحب أن تسير السوق على سيرها الطبيعي ولا يحب أن يتدخل فيها رجل كما لا يحب أن تحدث في السوق احتكارات تسيطر على السوق وتستبد بالأسعار وهذا من ميزان النظام الاقتصادي الإسلامي التي تميزه عن الرأسمالية والاشتراكية (غير أن في رواية يحيى) بن يحيى التميمي دعوا الناس (يرزق) بعضهم من بعض بالبناء للمجهول على حذف الفاعل لعلمه، وهذا بيان لمحل المخالفة بين شيخي المؤلف، ثم إن أحاديث النهي عن بيع الحاضر للبادي تدل على أن الإسلام يستحسن أن لا تكون بين البائع والمشتري وسائط أو تكون قليلة جدًّا فإنه كلما كثرت الوسائط بين البائع والمشتري ازداد الثمن على المستهلكين فيما يسميه علماء الاقتصاد اليوم الرجل المتوسط مما لا يستحسنه الإسلام إلا إذا اشتدت الحاجة إليه فالسمسرة وإن كانت جائزة ولكن الإكثار من الوسائط بين الصانع والمستهلك مما لا يشجع عليه الإسلام وإنما يشجع على التقليل منها اهـ من التكملة.

ص: 38

3706 -

(00)(00) حدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ. قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِهِ.

3707 -

(1452)(15) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا هُشَيمٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَال: نُهِينَا أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ. وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ أَوْ أَبَاهُ

ــ

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 307]، والترمذي [1223]، والنسائي [7/ 256]، وابن ماجه [2176].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:

3706 -

(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) البغدادي (قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزبير عن جابر) بن عبد الله رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة سفيان بن عيينة لأبي خيثمة، وساق سفيان (بمثله) أي بمثل حديث أبي خيثمة.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث أبي هريرة بحديث أنس رضي الله عنهما فقال:

3707 -

(1452)(15)(وحدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا هشيم) بن بشير السلمي الواسطي (عن يونس) بن عبيد بن دينار العبدي القيسي مولاهم أبي عبيد البصري، ثقة، من (5) روى عنه في (13) بابا (عن) محمد (بن سيرين) الأنصاري البصري (عن أنس بن مالك) الأنصاري خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي حمزة البصري رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته ثلاثة منهم بصريون وواحد واسطي وواحد نيسابوري (قال) أنس:(نُهينا) أي نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن (أن يبيع حاضر لباد) بأن كان سمسارًا له (وإن كان) ذلك البادي (أخاه) أي أخا الحاضر (أو أباه) أي أبا الحاضر، قيل صورة بيع الحاضر للبادي كما مر أن يقول الحاضر لمن يقدم من البادية بمتاع ليبيعه بسعر يومه اتركه عندي لأبيعه لك بثمن أغلى. قال في المبارق: هو حرام عند الشافعي، ومكروه عند أبي حنيفة قيل هذا إذا كان المتاع مما تعم الحاجة إليه دون ما لا يحتاج إليه إلا نادرًا يُشعر به قوله صلى الله عليه وسلم:"دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض"

ص: 39

3708 -

(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسٍ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثنَا مُعَاذٌ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَن مُحَمَّدٍ. قَال: قَال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: نُهِينَا عَنْ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ

ــ

قيل لا يبيع الحاضر للبادي ولا يشتري له أيضًا لأن لفظ البيع من الأضداد يُستعمل في البيع والشراء والمشترك في موضع النفي يعم اهـ. وقوله: (وإن كان أخاه أو أباه) تعميم في النهي أي سواء كان بينهما قرابة أو لا.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [2161]، وأبو داود [3440]، والنسائي [7/ 256].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

3708 -

(00)(00)(حدثنا محمد بن المثنى) العنزي البصري (حدثنا) محمد بن إبراهيم (ابن أبي عدي) السلمي البصري، ثقة، من (9)(عن) عبد الله (بن عون) بن أرطبان -بفتح فسكون ففتح- المزني مولاهم أبي عون المصري، ثقة، من (6) (عن محمد) بن سيرين (عن أنس) بن مالك (ح وحدثنا ابن المثنى حدثنا معاذ) بن معاذ التميمي العنبري البصري (حدثنا ابن عون عن محمد) بن سيرين (قال) محمد:(قال أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذان السندان من خماسياته، غرضه بسوقهما بيان متابعة ابن عون ليونس بن عبيد (نهينا عن أن يبيع حاضر لباد) بزيادة عن الجارة قبل أن المصدرية في هذه الرواية.

(تتمة) تمسك بظاهر هذا الحديث بعض المالكية فقالوا: إذا كان الجالب من غير أهل البدو جاز البيع له مثل أن يكون من أهل بلد آخر لأن الحديث إنما نهى عن البيع للبادي فأما غير أهل البداوة فلا يحرم البيع لهم، وقال الشافعية والحنابلة: إن الحكم عام لكل جالب غريب سواء كان من أهل الحضر أو من أهل البدو لأن العلة عدم معرفتهم بسعر البلد ويستوي فيها أهل الحضر وأهل البدو وإنما خرج لفظ البادي في الحديث مخرج الغالب فإن الجالب يكون باديًا في الغالب وليست البداوة قيدًا للحكم اهـ من فتح الباري وشرح الأبي.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

ص: 40

3709 -

(1453)(16) حدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حَدَّثنَا دَاوُدُ بْنُ قَيسٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةَ فَلْيَنْقَلِبْ بِهَا. فَلْيَحْلُبْهَا. فَإِنْ رَضِيَ حِلابَهَا أَمْسَكَهَا. وَإِلَّا رَدَّهَا وَمَعَهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ"

ــ

3709 -

(1453)(16)(حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب) التميمي الحارثي القعنبي أبو عبد الرحمن البصري المدني، ثقة، من (9) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا داود بن قيس) الفراء الدباغ القرشي مولاهم المدني، ثقة، من (5) روى عنه في (4) أبواب (عن موسى بن يسار) القرشي المطلبي مولاهم المدني، عم محمد بن إسحاق، روى عن أبي هريرة في البيوع وحق المملوك، ويروي عنه (م د س ق) وداود بن قيس، قال ابن معين: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من السادسة (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم مدنيون (قال) أبو هريرة:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اشترى شاة) أو ناقة أو بقرة (مصراة) أي متروكة الحلب أيامًا تغريرًا للمشتري بكثرة لبنها (فلينقلب) أي فليرجع (بها) إلى بيته (فليحلبها) ليجربها (فإن رضي حلابها) أي لبنها المحلوب (أمسكها) فلا يردها لعدم العيب فيها (وإلا) أي صمان لم يرض حلابها بأن ظهر له قلة لبنها (ردها) على البائع (ومعها صاع من تمر) أي والحال أن معها صاعًا من تمر بدل اللبن المحلوب، والمصراة اسم مفعول من التصرية؛ وهي أن تترك الشاة غير محلوبة أيامًا حتى يجتمع اللبن في ضروعها فيراها الناظر منتفخة الضروع فيرغب في شرائها، والتصرية في الأصل الحبس يقال: صريت الماء إذا حبسته كذا فسره أبو عبيد وأكثر أهل اللغة كما في فتح الباري، وقيل: هي من الصر بمعنى الشد، قال الأزهري: جائز أن يكون سميت مصراة من صر أخلافها أي ضروعها كما ذكر إلا أنهم لما اجتمع في الكلمة ثلاث راءات قُلبت إحداها ياء كما قالوا: تظنيت في تظننت من الظن فاجتمع فيه ثلاث نونات فقلبوا إحداها ياء فكذلك كان ها هنا في الأصل شاة مصررة فقلبوا الراء الأخيرة ياء حتى صار مصراة.

ولفظ الحديث في المشارق برمز اتفاق الشيخين في الرواية عن ابن مسعود رضي الله عنه (من اشترى محفلة) بصيغة اسم المفعول من التحفيل وهو ترك الحلب ليكثر

ص: 41

3710 -

(00)(00) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمنِ الْقَارِيَّ) عَنْ سُهَيلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "مَنِ ابْتَاعَ شَاةً مُصَرَّاةَ

ــ

اللبن في الضرع، قال في النهاية: المحفلة الشاة أو البقرة أو الناقة لا يحلبها صاحبها أيامًا حتى يجتمع لبنها في ضرعها فإذا احتلبها المشتري حسبها غزيرة فزاد في ثمنها ثم يظهر له بعد ذلك نقص لبنها عن أيام تحفيلها سُميت محفلة لأن اللبن حفّل في ضرعها أي جمع اهـ فالمحفلة والمصراة سواء في المعنى. قوله: (فلينقلب بها) أي فلينصرف وليرجع بها من موضع العقد إلى أهله (وليحلبها) بضم اللام من باب قتل (فإن رضي حلابها) -بكسر الحاء المهملة- والحلاب والحلب كلاهما مصدر والمراد أنه إذا رضي الشاة بعد الحلاب فليمسكها عنده يعني لا يردها على البائع، قوله:(وإلا ردها ومعها صاع من تمر) أخذ بظاهر الحديث الأئمة الثلاثة وأبو يوسف وابن أبي ليلى والجمهور فقالوا: التصرية عيب يرد به المبيع متفق عليه عندهم، ثم اختلفوا في تفاصيله، فقال الشافعي: يجب رد صاع من تمر بدل اللبن المحلوب قل اللبن أو كثر ولا يجوز أداء غيره، وقال بعض المالكية: يجب صاع من غالب قوت البلد، وقال أبو يوسف: تجب قيمة اللبن بالغة ما بلغت، وخالفهم أبو حنيفة ومحمد فقالا: التصرية ليست بعيب يجوز الرد وإنما يجوز للمشتري أن يرجع بنقصان قيمة المبيع ولا خيار له في الرد اهـ من التكملة.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 242]، والبخاري [2151]، وأبو داود [3445]، والترمذي [1251]، والنسائي [7/ 253]، وابن ماجه [2239].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

3710 -

(00)(00)(حدثنا قتيبة بن سعيد) بن طريف الثقفي البلخي (حدثنا يعقوب يعني ابن عبد الرحمن) بن محمد بن عبد الله (القاري) بتشديد التحتانية نسبة إلى قارة اسم قبيلة المدني، ثقة، من (8)(عن سهيل) بن أبي صالح المدني، صدوق من (6)(عن أبيه) أبي صالح ذكوان السمان، ثقة، من (3)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي صالح لموسى بن يسار (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ابتاع) واشترى (شاة) مثلًا (مصراة) أي متروكة الحلب ثلاثة أيام

ص: 42

فَهُوَ فِيهَا بِالْخِيَارِ ثَلاثةَ أَيَّامٍ. إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا. وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ".

3711 -

(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ. حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ (يَعْنِي الْعَقَدِيَّ). حَدَّثَنَا قُرَّةُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"مَنِ اشتَرَى شَاةً مُصَرَّاةَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلاثةَ أَيَّامٍ فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، لَا سَمْرَاءَ"

ــ

مثلًا (فهو) أي فذلك المشتري (فيها) أي في إمساكها وردها، والجار فيه متعلق بقوله:(بالخيار) أي فهو ملتبس بالخيار فيها (ثلاثة أيام إن شاء أمسكها) بلا رد (وإن شاء ردها) على البائع (ورد معها صاعًا من تمر) قال النووي: واختلف أصحابنا في خيار مشتري المصراة هل هو على الفور بعد العلم أر يمتد ثلاثة أيام لظاهر هذه الأحاديث، والأصح عندهم أنه على الفور ويحملون التقييد بثلاثة أيام في بعض الأحاديث على ما إذا لم يعلم أنها مصراة إلا في ثلاثة أيام لأن الغالب أنه لا يعلم فيما دون ذلك فإنه إذا نقص شيئًا في اليوم الثاني عن الأول احتمل كون النقص لعارض من سوء مرعاها في ذلك اليوم أو غير ذلك فإذا استمر كذلك ثلاثة أيام علم أنها مصراة اهـ منه.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

3711 -

(00)(00)(حدثنا محمد بن عمرو) بن عباد (بن جبلة بن أبي رواد) الباهلي البصري، صدوق، من (11) روى عنه في (11) بابا (حدثنا أبو عامر) عبد الملك بن عمرو القيسي (يعني العقدي) بفتح المهملة والقاف البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا قرة) بن خالد السدوسي البصري، ثقة، من (6) روى عنه في (12) بابا (عن محمد) بن سيرين الأنصاري مولاهم البصري (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون إلا أبا هريرة، غرضه بيان متابعة محمد لأبي صالح (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من اشترى شاة مصراة فهو) أي فذلك المشتري ملتبس (بالخيار) فيها (ثلاثة أيام فإن ردها) أي اختار ردها (رد معها صاعًا من طعام) أي من تمر لأن المراد بالطعام هنا التمر كما هو المصرح به في الروايات الأخر (لا سمراء) أي لا حنطة سُميت بها لكون لونها

ص: 43

3712 -

(00)(00) حدَّثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَن مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاة فَهُوَ بِخَيرِ النَّظَرَينِ. إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا. وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ،

ــ

السمرة، ومعنى قوله:(لا سمراء) أي لا تتعين السمراء بعينها للرد بل الصاع من الطعام الذي هو غالب قوت البلد يكفي أو المعنى أن الصاع لا بد أن يكون من غير السمراء والأول أقرب، قال السندي في حواشي النسائي: وفي المفهم قوله: (لا سمراء) هو معطوف على صاعًا وهمزته للتأنيث فلذلك لم تصرف، والسمراء قمحة الشام، والبيضاء قمحة مصر، وقيل البيضاء الشعير، والسمراء القمح مطلقًا، وإنما نفاها تخفيفًا ورفعًا للحرج وهو يشهد لقول مالك اهـ.

وقوله: (وإن سخطها ردها وصاعًا من تمر) وفي أخرى: (صاعًا من تمر لا سمراء) وفي أخرى (صاعًا من طعام لا سمراء) ذهب الشافعي وأكثر العلماء إلى أنه لا يجوز فيها إلا الصاع من التمر، وقال الدوادي: الطعام المذكور هنا هو التمر، وذهب مالك إلى أن التمر إنما ذكره في الحديث لأنه أغلب قوتهم فيخرج الغالب من قوت بلده قمحًا أو شعيرًا أو تمرًا متمسكًا بعموم قوله طعام فإنه يعم التمر وغيره ومستأنسًا بأن الشرع قد اعتبر نحو هذا في الديات ففرض على أهل الإبل إبلًا وعلى أهل الذهب الذهب وعلى أهل الورق الورق وكذلك فعل في زكاة الفطر، وقد روي عن مالك رواية شاذة أنه يخرج فيها مكيلة ما حلب من اللبن تمرًا أو قيمته، وروي عن أبي حنيفة أنه يرد صاعًا من تمر أو نصف صاع من بر، وقال أبو يوسف وابن أبي ليلى: يخرج القيمة بالغة ما بلغت، وأحسن هذه الأقوال مشهور مذهب مالك كما ذكرناه والله أعلم اهـ من المفهم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله المتابعة ثالثًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

3712 -

(00)(00)(حدثنا) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (حدثنا سفيان) بن عيينة الكوفي ثم المكي (عن أيوب) السختياني (عن محمد) بن سيرين (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أيوب لقرة بن خالد (قال) أبو هريرة:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اشترى شاة مصراة فهو) أي فذلك المشتري ملتبس (بخير النظرين) أي بأحسن الأمرين له (أن شاء) إمساكها (أمسكها) في ملكه (وإن شاء) ردها إلى البائع (ردها) إليه، وقوله:(وصاعًا من تمر)

ص: 44

لَا سَمْرَاءَ".

3713 -

(00)(00) وحدّثناه ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، بِهذَا الإِسْنَادِ. غَيرَ أَنَّهُ قَال:"مَنِ اشْتَرَى مِنَ الْغَنَمِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ".

3714 -

(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ. قَال: هَذَا مَا حَدَّثنَا أَبُو هُرَيرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا. وَقَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا مَا أَحَدُكُمُ اشْتَرَى لِقْحَةً مُصَرَّاةً

ــ

معطوف على ضمير المفعول (لا سمراء) معطوف على صاعًا أي لا يتعين عليه رد السمراء أي الحنطة.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

3713 -

(00)(00)(وحدثناه) محمد بن يحيى (بن أبي عمر حدثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي البصري (عن أيوب) السختياني (بهذا الإسناد) يعني عن محمد عن أبي هريرة، غرضه بيان متابعة عبد الوهاب لسفيان بن عيينة (غير أنه) أي لكن أن عبد الوهاب (قال) في روايته (من اشترى) مصراة (من الغنم فهو) ملتبس (بالخيار) بين الأمرين.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

3714 -

(00)(00)(حدثنا محمد بن رافع) القشيري النيسابوري (حدثنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني (حدثنا معمر) بن راشد الأزدي (عن همام بن منبه) بن كامل اليماني الصنعاني (قال) همام: (هذا) الحديث الذي أمليت عليكم من الصحيفة (ما حدثنا) به (أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة همام لمحمد بن سيرين وأبي صالح (فذكر) همام من الصحيفة (أحاديث) كثيرة (منها) أي من تلك الأحاديث قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذا وكذا (وقال) أبو هريرة أيضًا: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا ما أحدكم اشترى لقحة مصراة) أي ناقة متروكة الحلب، وإذا ظرف لما يستقبل من

ص: 45

أَوْ شَاةً مُصَرَّاةً، فَهُوَ بِخَيرِ النَّظَرَينِ بَعْدَ أَن يَحْلُبَهَا. إِمَّا هِيَ، وَإِلَّا فَلْيَرُدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ"

ــ

الزمان سيأتي جوابها، وما زائدة، أحدكم فاعل لفعل محذوف وجوبًا يفسره المذكور بعده فهو من باب الاشتغال من القسم الذي يجب فيه الرفع واللقحة -بكسر اللام وبفتحها مع سكون القاف- والكسر أفصح، يجمع على لقح نظير قربة وقرب وهي الناقة القريبة العهد بالولادة بنحو شهرين أو ثلاثة اهـ نواوي يعني: أنها ذات لبن، ويقال لها أيضًا: لقوح بفتح اللام ثم هي لبون بعد ذلك أفاده الفيومي، والمعنى إذا اشترى أحدكم لقحة مصراة (أو شاة مصراة) أو بقرة مصراة مثلًا (فهو) ملتبس (بخير النظرين) أي الرأيين (بعد أن يحلبها) وعرف تصريتها (إما هي) يمسكها إن رضيها (وإلا) أي وإن لم يرضها (فليردها) أي فليرد مصراة (وصاعًا من تمر) بدل اللبن المحلوب. وقوله:(لقحة مصراة) الخ ظهر من هذا أن الناقة المصراة حكمها حكم الشاة واتفق العلماء على ذلك ثم اختلفوا فيما عداهم فقال داود الظاهري: يقتصر هذا الحكم على الناقة والشاة فقط ولا يعدو إلى غيرهما، وقال جمهور أهل العلم: إن الحكم يعم كل نوع من بهيمة الأنعام وسواء فيه البقر والجاموس، ثم اختلفوا فقال بعضهم: لا يتعدى الحكم إلى مصراة من غير بهيمة الأنعام كالأتان والفرس وهو قول بعض الشافعية، والراجح في مذهب أحمد وقال: يتعدى الحكم إلى كل مصراة ولو من غير بهيمة الأنعام حتى في الأمة والأتان والفرس وهو ظاهر مذهب الشافعي وبه قال ابن عقيل: من الحنابلة إلا أن الحافظ صحح أنه لا يرد عوض اللبن في الجارية والأتان والفرس، وإنما فرّق أكثر الحنابلة وبعض الشافعية بين الأنعام وغيرها ولم يثبتوا الخيار في غير الأنعام لأن لبنها لا يعتاض عنه في العادة ولا يقصد قصد لبن بهيمة الأنعام راجع المغني لابن قدامة [4/ 141]، وفتح الباري [4/ 302] في أول باب النهي للبائع أن لا يُحفِّلَ الإبل.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ثمانية أحاديث: الأول: حديث ابن عمر ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني: حديث ابن مسعود ذكره للاستشهاد لحديث ابن عمر، والثالث: حديث أبي هريرة الأول ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والرابع: حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة، والخامس: حديث ابن عباس ذكره

ص: 46

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

للاستشهاد، والسادس: حديث جابر ذكره للاستشهاد أيضًا وذكر فيه متابعة واحدة، والسابع: حديث أنس ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والثامن: حديث أبي هريرة الأخير ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه خمس متابعات والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

ص: 47