المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌572 - (12) باب من أدرك ماله عند مفلس وفضل إنظار المعسر والتجاوز عنه والحوالة - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١٧

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب: البيوع

- ‌561 - (1) باب النهي عن الملامسة والمنابذة وبيع الحصاة والغرر وبيع حبل الحبلة

- ‌562 - (2) باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه وسومه على سومه وتحريم تلقي الركبان والنجش والتصرية

- ‌563 - (3) باب النهي عن تلقي الجلب وبيع حاضر لباد وبيان أن التصرية عيب يوجب الخيار

- ‌564 - (4) باب بطلان بيع المبيع قبل القبض وتحريم بيع الصبرة المجهولة القدر بتمر معلوم

- ‌565 - (5) باب الخيار للمتبايعين والصدق في البيع وترك الخديعة والنهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها

- ‌566 - (6) باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا ومن باع نخلًا عليها ثمر أو عبدًا له مال

- ‌567 - (7) باب النهي عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة وبيع الثمرة قبل بدو صلاحها وعن المعاومة

- ‌568 - (8) باب ما جاء في كراء الأرض

- ‌569 - (9) باب كراء الأرض بالطعام المسمى أو بالذهب والفضة والنهي عن المزارعة والأمر بالمنيحة بها

- ‌570 - (10) باب المساقاة على جزء من الثمر والزرع وفضل الغرس والزرع

- ‌571 - (11) باب وضع الجوائح وقسم مال المفلس والحث على وضع بعض الدين

- ‌572 - (12) باب من أدرك ماله عند مفلس وفضل إنظار المعسر والتجاوز عنه والحوالة

- ‌573 - (13) باب النهي عن بيع فضل الماء وعن ضراب الفحل والنهي عن ثمن الكلب ونحوه

- ‌574 - (14) باب الأمر بقتل الكلاب وبيان نسخه وتحريم اقتنائها إلَّا لحاجة وإباحة أجرة الحجامة

- ‌575 - (15) باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام

- ‌576 - (16) أبواب الربا والصرف وتحريم التفاضل والنساء في بيع النقود

- ‌فصل في بيان اختلاف الفقهاء في علة ربا الفضل

- ‌577 - (17) باب النهي عن بيع الورق بالذهب دينًا وبيع القلادة فيها خرز وذهب بذهب

- ‌578 - (18) باب بيع الطعام بالطعام مثلًا بمثل وحجة من قال: لا ربا إلا في النسيئة

- ‌579 - (19) باب لعن من أقدم على الربا واتقاء الشبهات وبيع البعير واستثناء حملانه

- ‌579 - (19) باب الاستقراض وحسن القضاء فيه وجواز بيع الحيوان بالحيوان من جنسه وجواز الرهن والسلم

- ‌580 - (20) باب النهي عن الحكرة والحلف في البيع والشفعة وغرز الخشب في جدار الجار

الفصل: ‌572 - (12) باب من أدرك ماله عند مفلس وفضل إنظار المعسر والتجاوز عنه والحوالة

‌572 - (12) باب من أدرك ماله عند مفلس وفضل إنظار المعسر والتجاوز عنه والحوالة

3864 -

(1495)(58) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. حَدَّثَنَا زُهَيرُ بْنُ مُعاويَةَ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أَوْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ):

ــ

572 -

(12) باب من أدرك ماله عند مفلس وفضل إنظار المعسر والتجاوز عنه والحوالة

3864 -

(1495)(58)(حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس) التميمي الكوفي، ثقة متقن، كان من كبار (10)(حدثنا زهير بن معاوية) بن حديج -بضم المهملة الأولى مصغرًا آخره جيم- ابن الرُّجيل -بجيم مصغرًا- ابن زهير بن خيثمة الجعفي أبو خيثمة الكوفي، ثقة، من (7) وما وقع هنا في أكثر المتون وفي نسخ الشراح حتى في التكملة من قولهم:(حدثنا زهير بن حرب) من تحريف النساخ، والصواب ما قلت لأن زهير بن حرب لا يروي عن يحيى الأنصاري، ويروي عنه المؤلف بلا واسطة (حدثنا يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري المدني، ثقة، من (5) (أخبرني أبو بكر) اسمه كنيته على الصحيح وقيل: اسمه أبو بكر وكنيته أبو محمد (بن محمد بن عمرو بن حزم) الأنصاري المدني، ثقة، من (5)(أن عمر بن عبد العزيز) بن مروان بن الحكم الأموي المدني، ثقة، من (4)(أخبره أن أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام) القرشي المدني، ثقة، من (3) (أخبره أنه سمع أبا هريرة) رضي الله عنه (يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهذا السند من سباعياته رجاله خمسة منهم مدنيون واثنان كوفيان، ومن لطائفه أن فيه أربعة من التابعين، روى بعضهم عن بعض وهم يحيى بن سعيد الأنصاري وأبو بكر بن حزم وعمر بن عبد العزيز وأبو بكر بن عبد الرحمن أفاده النووي (أو) قال الراوي:(سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول): كذا وقع الشك عند البخاري أيضًا، وقال الحافظ: هو شك من أحد رواته وأظنه من زهير بن معاوية فإني لم أر في رواية أحد ممن رواه عن يحيى الأنصاري مع كثرتهم فيه التصريح بالسماع وهذا مشعر

ص: 208

"مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَينِهِ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ (أَوْ إِنْسَانٍ قَدْ أَفْلَسَ) فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيرِهِ".

3865 -

(00)(00) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا هُشَيمٌ

ــ

بأنه كان لا يرى الرواية بالمعنى أصلًا اهـ من فتح الباري [5/ 47](من أدرك) ووجد (ماله) الذي باعه للمفلس (بعينه) أي بذاته بأن يكون غير هالك حسًّا أو معنى بالتصرفات الشرعية كالهبة والوقف وغيرهما (عند رجل) أو امرأة (قد أفلس) أي صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم والفقر أعم من الإفلاس والإفلاس لغة عوز المال والهمزة فيه للسلب يعني سلبت فلوسه، وقيل: الهمزة للانتقال من حال إلى حال كما في حلنا (أو) قال الراوي عند (إنسان قد أفلس) بالشك من الراوي (فهو) أي ذلك الواجد لماله فالضمير عائد إلى من الشرطية أو الموصولة (أحق به) أي بماله أي بأخذه (من غيره) من سائر الغرماء، استدل به الجمهور على أن الرجل إذا اشترى من الآخر ولم يقض ثمنه حتى أفلس ثم وجد البائع عنده السلعة المبيعة بعينها فإن ذلك البائع يملك فسخ البيع واسترداد السلعة منه ولا يشاركه فيها أحد من الغرماء غيره وهو قول مالك والشافعي وأحمد وبه قال عروة والأوزاعي والعنبري وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر كما في المغني لابن قدامة كتاب المفلس [4/ 408].

وقال أبو حنيفة: البائع في هذه الصورة المذكورة أسوة الغرماء وليس له أن ينفرد بأخذ السلعة وبه قال الحسن والنخعي والشعبي والثوري وابن شبرمة ووكيع وصاحباه وزُفر كما في عمدة القاري، واستدل الجمهور بأحاديث الباب وحملوها على البيع لما سيأتي من تصريح البيع في رواية ابن أبي حسين (أنه لصاحبه الذي باعه) واستدل أبو حنيفة وموافقوه بأن المبيع قد خرج عن ملك البائع بالبيع وكان له حق الإمساك للثمن فلما سلمه إلى المشتري سقط حقه عن المبيع أصلًا ولم يبق له إلا دين الثمن في ذمة المشتري فساوى فيه الغرماء بسبب الاستحقاق فيساويهم في الاستحقاق كسائرهم اهـ من التكملة.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 228]، والبخاري [2402]، وأبو داود [3519]، والترمذي [1262]، والنسائي [7/ 311]، وابن ماجه 2358].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

3865 -

(00)(00)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (أخبرنا هشيم) بن بشير

ص: 209

ح وَحَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ. جَمِيعًا عَنِ اللَّيثِ بْنِ سَعْدٍ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ وَيَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ (يَعْنِي ابْنَ زَيدٍ). ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ. كُلُّ هَؤُلاءِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، فِي هَذَا الإِسْنَادِ بِمَعْنَى حَدِيثِ زُهَيرٍ. وَقَال ابْنُ رُمْحٍ، مِنْ بَينِهِمْ فِي رِوَايَتِهِ: أَيُّمَا امْرِئٍ فُلِّسَ.

3866 -

(00)(00) حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا

ــ

الواسطي (ح وحدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن رمح جميعًا عن الليث بن سعد ح وحدثنا أبو الرّبيع) الزهراني سليمان بن داود البصري (ويحيى بن حبيب) بن عربي (الحارثي) أبو زكريا البصري (قالا: حدثنا حماد يعني) الراوي بحماد المبهم حماد (بن زيد) بن درهم الأزدي البصري، والصواب أن يقال يعنيان (ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا سفيان بن عيينة ح وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي البصري (ويحيى بن سعيد) القطان (وحفص بن غياث) بن طلق بن معاوية النخعي الكوفي، والإشارة في قوله:(كل هولاء) السبعة المذكورين قبل حاء التحويل عائدة إلى هشيم وليث بن سعد وحماد بن زيد وسفيان بن عيينة وعبد الوهاب ويحيى القطان وحفص بن غياث أي كل هؤلاء السبعة رووا (عن يحيى بن سعيد) الأنصاري (في هذا الإسناد) أي بهذا الإسناد المذكور في السند السابق عن أبي بكر بن حزم عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة (بمعنى حديث زهير) بن معاوية، غرضه بسوق هذه الأسانيد بيان متابعة هؤلاء السبعة لزهير بن معاوية في رواية هذا الحديث عن يحيى الأنصاري (و) لكن (قال) محمد (بن رمح من بينهم) أي من بين مشايخ المؤلف الذين روى عنهم بلا واسطة كيحيى بن يحيى الخ أي قال (في روايته): لفظة (أيما امرئ فُلِّس) -بضم الفاء مع تشديد اللام المكسورة- من فلسه القاضي تفليسًا إذا نادى عليه بالفلس وشهره بين الناس بأنه صار مفلسًا.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

3866 -

(00)(00)(حدثنا) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (حدثنا

ص: 210

هِشَامُ بْنُ سُلَيمَانَ (وَهُوَ ابْنُ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيُّ) عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ. حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حُسَينٍ؛ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَهُ، عَنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فِي الرَّجُلِ الَّذِي يُعْدِمُ، إِذَا وُجِدَ عِنْدَهُ الْمَتَاعُ وَلَمْ يُفَرِّقْهُ:"أَنَّهُ لِصَاحِبِهِ الَّذِي بَاعَهُ"

ــ

هشام بن سليمان وهو ابن عكرمة بن خالد المخزومي) المكي، مقبول، من (8)(عن) عبد الملك (بن جريج) الأموي المكي، ثقة، من (6)(حدثني) عبد الله بن عبد الرحمن (بن أبي حسين) بن الحارث بن عامر بن نوفل القرشي النوفلي المكي، ثقة، من (5) روى عنه في (4) أبواب (أن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم) الأنصاري المدني، ثقة، من (5)(أخبره أن عمر بن عبد العزيز) بن مروان بن الحكم الأموي المدني، ثقة، من (4)(حدثه) أي حدث أبا بكر بن حزم (عن حديث أبي بكر بن عبد الرحمن) القرشي المدني، ثقة، من (3)(عن حديث أبي هريرة) ولفظ حديث في الموضعين مقحم حشو (عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من ثمانياته رجاله أربعة منهم مدنيون وأربعة مكيون، غرضه بيان متابعة عبد الله بن أبي حسين ليحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري (في الرجل الذي يُعدم) أي يفقر ويفلس عن أداء ثمن المتاع الذي اشتراه (إذا وجد عنده) أي عند ذلك الرجل المشتري ذلك (المتاع و) الحال أنه (لم يفرقه) أي لم يغير ذلك المتاع عن حاله (أنه) أي أن ذلك المتاع الذي أفلس عن ثمنه (لصاحبه) أي لبائعه (الذي باعه) له أي أحق بأخذه دون سائر الغرماء، وهذه الرواية انفرد بها الإمام مسلم رحمه الله تعالى.

وقوله: (ولم يفرقه) يعني لم يستعمله بما يغيّره أو لم يستهلكه ببيع أو هبة أو عتق أو نحوه فإنه لا يرجع فيها لأنها ليست على يد المشتري، قال القرطبي: مقتضى دليل خطابه أنه لو وجدها قد تغيرت عن حالها أو وجد بعضها لم يكن له أن يأخذها وهذا يليق بمذهب أهل الظاهر لكن علماؤنا فصلوا التغير إلى ثلاثة أنواع: النوع الأول تغير انتقال كالعبد المتغير بزمانةٍ أو بعتق أو عقد من عقوده وكالثوب المتغير بقطعه قمصًا أو غيرها وكالحنطة المتغيرة بخلط مسوس بها أو بغير نوعها أو بطحنها أو خبزها وكالخشبة المتغيرة بجعلها بابا أو غيره فهذا النوع مفوت ليس له الرجوع معه، الثاني: تغير غير

ص: 211

3867 -

(00)(00) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. قَالا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"إِذَا أَفْلَسَ الرَّجُلُ، فَوَجَدَ الرَّجُلُ مَتَاعَهُ بِعَينِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ"

ــ

انتقال كالمتغير بالمرض اليسير وكخلط القمح بمثله فهذا له الرجوع فيه إذ لا أثر لذلك التغير، ومن هذا النوع وُجدان بعض السلعة فله أن يأخذ ويضرب معهم بسهمه فيما بقي، والثالث: تغير بإضافة غير السلعة إليها كالعرصة تبنى والغزل يُنسج فهذا يرجع في سلعته ويدفع قيمة البناء والنسج، وله مشاركة الغرماء في تلك القيمة إن بقي له من دينه شيء، وفي هذا الباب فروع مختلف فيها بسبب ترددها بين هذه الأنواع اهـ من المفهم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

3867 -

(00)(00)(حدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي غندر (وعبد الرحمن بن مهدي) بن حسان الأزدي البصري، ثقة، من (9) كلاهما (قالا: حدثنا شعبة عن قتادة عن النضر بن أنس) بن مالك الأنصاري البصري، ثقة، من (3) (عن بشير بن نهيك) -بفتح النون وكسر الهاء آخره كاف- السدوسي أبي الشعثاء البصري (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال): وهذا السند من سباعياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون إلا أبا هريرة، غرضه بيان متابعة بشير بن نهيك لأبي بكر بن عبد الرحمن في رواية هذا الحديث عن أبي هريرة (إذا أفلس) وأفقر (الرجل) المشتري عن ثمن ما اشتراه (فوجد الرجل) البائع (متاعه) الذي باعه له (بعينه) أي بذاته بلا تغير (فهو) أي فذلك الرجل البائع (أحق به) أي بأخذ متاعه دون الغرماء.

(فائدة): والرجل الثاني في هذا الحديث غير الأول بلا شك نظير قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَينَ يَدَيهِ مِنَ الْكِتَابِ} فالكتاب الثاني غير الأول وهذا نادر مخالف لقاعدة أهل المعاني أن إعادة المعرفة معرفة تقتضي الاتحاد وإعادة النكرة نكرة تقتضي التغاير إلا لمانع كفساد المعنى كما هنا قال الجلال السيوطي في عقود الجمان:

ثم من القواعد المشتهره

إذا أتت نكرة مكرره

ص: 212

3868 -

(00)(00) وَحَدَّثَنِي زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا سَعِيدٌ. ح وَحَدَّثَنِي زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ أَيضًا. حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنِي أَبِي. كِلاهُمَا عَنْ قَتَادَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ ، مِثْلَهُ. وَقَالا:"فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ".

3869 -

(00)(00) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ وَحَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ. قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ (قَال حَجَّاجٌ: مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ)

ــ

تغايرت وإن يعرف ثاني

توافقا كذا المعرفان

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

3868 -

(00)(00)(وحدثني زهير بن حرب) بن شداد الحرشي النسائي (حدثنا إسماعيل بن إبراهيم) بن مقسم الأسدي البصري المعروف بابن علية (حدثنا سعيد) بن أبي عروبة مهران اليشكري البصري، ثقة، من (6) ووقع في بعض النسخ (حدثنا شعبة) والصحيح سعيد نبه عليه النواوي (ح وحدثني زهير بن حرب أيضًا حدثنا معاذ بن هشام) الدستوائي البصري (حدثني أبي) هشام بن أبي عبد الله الدستوائي البصري (كلاهما) أي كل من سعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي رويا (عن قتادة بهذا الإسناد) يعني عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة (مثله) أي مثل ما روى شعبة عن قتادة، غرضه بيان متابعة سعيد وهشام لشعبة (و) لكن (قالا): أي قال سعيد وهشام: (فهو) أي فالرجل البائع (أحق به) أي بذلك المتاع (من الغرماء) أي بزيادة لفظة (من الغرماء).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

3869 -

(00)(00)(وحدثني محمد بن أحمد بن أبي خلف) السلمي البغدادي (وحجاج) بن يوسف بن حجاج الثقفي البغدادي المعروف بـ (ابن الشاعر) ثقة، من (11) (قالا: حدثنا أبو سلمة الخزاعي) البغدادي هذا لفظ رواية ابن أبي خلف وذكر لفظ رواية حجاج بقوله: (قال حجاج) بن الشاعر في الرواية عنه (حدثنا منصور بن سلمة) بن عبد العزيز بن صالح، قال النووي: معناه أن أبا سلمة الخزاعي اسمه منصور بن سلمة فذكره محمد بن أحمد بن أبي خلف بكنيته وذكره حجاج باسمه، روى عن سليمان بن بلال في البيوع، وعبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ابن أخي الماجشون والليث بن

ص: 213

أَخْبَرَنَا سُلَيمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ خُثَيمِ بْنِ عِرَاكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"إِذَا أَفْلَسَ الرَّجُلُ، فَوَجَدَ الرَّجُلُ عِنْدَهُ سِلْعَتَهُ بِعَينِهَا، فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا".

3870 -

(1496)(59) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. حَدَّثَنَا زُهَيرٌ. حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ؛ أَنَّ حُذَيفَةَ حَدَّثَهُمْ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "تَلَقَّتِ الْمَلائِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ

ــ

سعد في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، ويروي عنه (خ م س) وابن أبي خلف وحجاج بن الشاعر وغيرهم، وثقه الدارقطني، وقال في التقريب: ثقة ثبت حافظ، من كبار العاشرة، مات سنة (210) عشر ومائتين على الصحيح، قال أبو سلمة:(أخبرنا سليمان بن بلال) التيمي المدني، ثقة، من (8)(عن خثيم بن عراك) بن مالك الغفاري المدني، لا بأس به، من (6)(عن أبيه) عراك بن مالك الغفاري المدني، ثقة، من (3)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عراك بن مالك لبشير بن نهيك في رواية هذا الحديث عن أبي هريرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أفلس الرجل) المشتري عن ثمن ما اشتراه (فوجد الرجل) البائع (عنده) أي عند المشتري المفلس (سلعته) أي بضاعته (بعينها) أي بذاتها لم تتغير (فهو) أي فصاحب السلعة (أحق بها) أي بأخذها.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة وهو إنظار المعسر والتجاوز عنه بحديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما فقال:

3870 -

(1496)(59)(حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس) بن عبد الله التميمي الكوفي، ثقة، من (10)(حدثنا زهير) بن معاوية الجعفي الكوفي، ثقة، من (7)(حدثنا منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي أبو عتاب -بالتاء المثناة فوق- الكوفي، ثقة، من (5)(عن ربعي بن حراش) العبسي الكوفي، ثقة مخضرم، من (2) (أن حذيفة) بن اليمان العبسي الكوفي حليف الأنصار الصحابي المشهور رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون (حدّثهم) أي حدّث لربعي بن حراش ومن معه حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فـ (قال) حذيفة رضي الله عنه (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلقت الملائكة) أي استقبلت ملائكة الموت (روح رجل

ص: 214

مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ. فَقَالُوا: أَعَمِلْتَ مِنَ الْخَيرِ شَيئًا؟ قَال: لَا. قَالُوا: تَذَكَّرْ. قَال: كُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ. فَآمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا الْمُعْسِرَ وَيَتَجَوَّزُوا عَنِ الْمُوسِرِ. قَال: قَال اللَّهُ عز وجل: "تَجَوَّزُوا عَنْهُ"

ــ

ممن كان قبلكم) وفي رواية عبد الملك بن عمير في ذكر بني إسرائيل عند البخاري (أن رجلًا كان فيمن كان قبلكم أتاه الملك ليقبض روحه)(فقالوا) له: (أعملت) بهمزة الاستفهام الاستخباري أي هل عملت في حياتك (من الخير شيئًا) ولو قليلًا (قال) الرجل: (لا) أي ما عملت في حياتي شيئًا من الخير لا قليلًا ولا كثيرًا (قالوا): أي قالت الملائكة له: (تذكر) ما عملته من الخير ولو قليلًا (قال) الرجل: (كنت) في حياتي (أُداين الناس) أي أُعامل معهم معاملة الدّين بأن باع ماله بثمن مؤجل أو أقرضه لهم أو أسلم إليهم (فـ) إذا حل الدين (آمر فتياني) بكسر أوله وسكون ثانيه أي غلماني كما في رواية، والفتيان جمع الفتى وهو هاهنا الخادم حرًّا كان أو مملوكًا مؤنثه الفتاة يُكنى بهما عن العبد والأمة كما قال تعالى:{تُرَاودُ فَتَاهَا} أي عبدها {عَنْ نَفْسِهِ} وقال أيضًا: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} وفيه جواز الإذن للعبد في التجارة والتوكيل عليها والهبات والتقاضي اهـ أبي (أن ينظروا المعسر) أي العاجز عن قضاء الدين الذي حل أجله ويمهلوه من الإنظار وهو الإمهال والتأخير، والمعسر هنا هو الذي يتعسر عليه الأداء في وقت دون وقت فندب الشرع إلى تأخيره إلى الوقت الذي يمكن له ما يؤدي، وأما المعسر بالإفلاس فتحرم مطالبته إلى أن يتبين يساره، والمال كل ما يتمول أو يتملك من عين وعرض وحيوان وغير ذلك ثم قد يخصه أهل كل مال بما يكون غالب أموالهم فيقول أصحاب الإبل: المال الإبل وأصحاب النخل المال النخل وهكذا (ويتجوزوا عن الموسر) من التجوز، وفي رواية البخاري في البيوع (ويتجاوزوا) من التجاوز وكلاهما بمعنى واحد وهو المسامحة في الاقتضاء والاستيفاء وقبول ما فيه نقص يسير والاقتضاء طلب قضاء الحق (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:(قال الله عز وجل لملائكته: (تجوزوا) أي سامحوا (عنه) أي عن ذلك الرجل سيئاته. وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما فقال:

ص: 215

3871 -

(00)(00) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (وَاللَّفْظُ لابْنِ حُجْرٍ) قَالا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ نُعَيمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ. قَال: اجْتَمَعَ حُذَيفَةُ وَأَبُو مَسْعُودٍ. فَقَال حُذَيفَةُ: "رَجُلٌ لَقِيَ رَبَّهُ فَقَال: مَا عَمِلْتَ؟ قَال: مَا عَمِلْتُ مِنَ الْخَيرِ، إِلَّا أَنِّي كُنْتُ رَجُلًا ذَا مَالٍ. فَكُنْتُ أُطَالِبُ بِهِ النَّاسَ. فَكُنْتُ أَقْبَلُ الْمَيسُورَ وَأَتَجَاوَزُ عَنِ الْمَعْسُورِ. فَقَال: تَجَاوَزُوا عَنْ عَبْدِي".قَال أَبُو مَسْعُودٍ: هَكَذَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ

ــ

3871 -

(00)(00)(حدثنا علي بن حجر) السعدي المروزي (وإسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (واللفظ) الآتي (لابن حجر قالا: حدثنا جرير) بن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي، ثقة، من (8)(عن المغيرة) بن مقسم بكسر الميم الضبي الكوفي، ثقة، من (6)(عن نعيم بن أبي هند) النعمان بن أشيم الأشجعي الكوفي، ثقة، من (4) (عن ربعي بن حراش) العبسي الكوفي (قال) ربعي بن حراش:(اجتمع حذيفة) بن اليمان (وأبو مسعود) الأنصاري عقبة بن عمرو البدري الكوفي رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة نعيم بن أبي هند لمنصور بن المعتمر (فقال حذيفة) بن اليمان (رجل) ممن كان قبلكم، سوغ الابتداء بالنكرة وصفه بصفة محذوفة كما قدرناها (لقي ربه) اللقاء كناية عن موته (فقال) الله عز وجل له:(ما عملت) بفتح التاء للمخاطب، وما استفهامية أي أي شيء عملت يا عبدي من الخير فـ (قال) الرجل يا رب (ما عملت من الخير) شيئًا علمته لا قليلًا ولا كثيرًا (إلا أني) أي لكن أني (كنت رجلًا ذا مال) أي صاحب مال كثير أُداين الناس وأقرضهم بعض مالي إلى أجل معلوم (فـ) إذا حل أجل الدين (كنت أطالب به) أي بذلك الدين (الناس) الذين لي عليهم دين أي كنت أطالبهم بقضاء ديني (فكنت) في اقتضاء ديني (أقبل) منهم بفتح الهمزة والموحدة بينهما قاف ساكنة من القبول (الميسور) أي ما تيسر لهم قضاؤه (وأتجاوز) أي أسامح (عن المعسور) أي عما تعسر عليهم وأنظرهم إلى ميسرتهم (فقال) الله عز وجل لملائكته:(تجاوزوا) أي سامحوا (عن عبدي) سيئاته وضاعفوا له حسناته بسبب مجاوزته للناس في اقتضاء دينه وتساهله عليهم (قال أبو مسعود) الأنصاري البدري لحذيفة بن اليمان (هكذا) مقول للقول الآتي أي (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول): هكذا أي مثل ما قلته لنا.

ص: 216

3872 -

(00)(00) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ، عُمَيرٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ " أَنَّ رَجُلًا مَاتَ فَدَخَلَ الْجَنَّةَ. فَقِيلَ لَهُ: مَا كُنْتَ تَعْمَلُ؟ (قَال: فَإِمَّا ذَكَرَ وَإِمَّا ذُكِّرَ) فَقَال: إِنِّي كُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ. فَكُنْتُ أُنْظِرُ الْمُعْسِرَ وَأَتَجَوَّزُ فِي السِّكَّةِ أَوْ فِي النَّقْدِ. فَغُفِرَ لَهُ". فَقَال أَبُو مَسْعُودٍ: وَأَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

ــ

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث حذيفة رضي الله عنه فقال:

3872 -

(00)(00)(حدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي غندر (حدثنا شعبة عن عبد الملك بن عمير) اللخمي الكوفي، ثقة، من (3) روى عنهما في (15) بابا (عن ربعي بن حراش) العبسي الكوفي (عن حذيفة) بن اليمان رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة عبد الملك بن عمير لمنصور بن المعتمر ونعيم بن أبي هند (أن رجلًا) ممن كان قبلكم (مات فدخل الجنة) عقب الموت (فقيل له) من جهة الله سبحانه: (ما كنت تعمل) أي أي شيء كنت تعمل من الخيرات (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإما ذكر) ذلك الرجل لنفسه ما عمل من الخير بلا تذكير له وهو من الثلاثي المبني للمعلوم (وإما ذُكِّر) الرجل من جهة الله عز وجل بالبناء للمجهول من التذكير، وإما هنا بمعنى أو للشك من الراوي في أن الرجل ذكر مسامحته بنفسه أو ذكرته الملائكة اهـ من من التكملة (فقال) الرجل: عطف تفسير لذكر (إني كنت) في حياتي (أبايع الناس) بالدين (فكنت) إذا حل أجل الدين (انظر المعسر) أي أُأخر اقتضاء ديني من المعسر إلى وقت ميسرته (وأتجوّز) عن الموسر أي أُسامح له (في) عيوب (السكة) ونقصانها في الدراهم والدنانير المضروبة، قال في النهاية: ويسمى كل واحد منها سكة لأنه طُبع بالحديد واسمها سكة (أو) قال الراوي: أتجوز له (في) عيوب (النقد) بالشك من الراوي والمعنى أني كنت أتجاوز له عن عيوب السكة أو النقد (فغفر له) جميع ذنوبه بسبب إنظاره للمعسر وتجاوزه عن الموسر (فقال أبو مسعود) الأنصاري لحذيفة حين حدّث هذا الحديث (وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حدّثته تصديقًا له.

ص: 217

3873 -

(00)(00) حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيفَةَ. قَال:"أُتِيَ اللَّهُ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِهِ، آتَاهُ اللَّهُ مَالًا. فَقَال لَهُ: مَاذَا عَمِلْتَ فِي الدُّنْيَا؟ (قَال: وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا) قَال: يَا رَبِّ! آتَيتَنِي مَالكَ. فَكُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ. وَكَانَ مِنْ خُلُقِي الْجَوَازُ. فَكُنْتُ أَتَيَسَّرُ عَلَى الْمُوسِرِ وَأُنْظِرُ الْمُعْسِرَ. فَقَال اللَّهُ: أَنَا أَحَقُّ بِذَا مِنْكَ. تَجَاوَزُوا عَنْ عَبْدِي".

فَقَال عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ،

ــ

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث حذيفة رضي الله عنه فقال:

3873 -

(00)(00)(حدثنا أبو سعيد) عبد الله بن سعيد بن حصين الكندي (الأشج) الكوفي، ثقة، من (10)(حدثنا أبو خالد الأحمر) الكوفي سليمان بن حيان الأزدي، صدوق، من (8)(عن سعد بن طارق) بن أشيم الأشجعي أبي مالك الكوفي، ثقة، من (4)(عن ربعي بن حراش) العبسي الكوفي (عن حذيفة) بن اليمان العبسي الكوفي رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة سعد بن طارق لمن روى عن ربعي بن حراش (قال) حذيفة:(أُتي الله) بضم الهمزة مبنيًّا للمجهول أي أتته الملائكة (بعبد من عباده) سبحانه ليحاسب على أعماله، وقوله:(آتاه الله) سبحانه (مالًا) صفة ثانية لعبد (فقال) الله سبحانه (له) أي لذلك العبد: (ماذا عملت) من الخير يا عبدي (في الدنيا) أي أي شيء عملته من الخيرات في حال حياتك ولا يكتمه من أعماله شيئًا كما (قال) تعالى في كتابه العزيز: ({وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا}) أي لا يستطيع أحد أن يكتم يوم القيامة شيئًا من أعماله فإن كتم شهدت عليه جوارحه (قال) ذلك العبد لربه: (يا رب آتيتني) أي أعطيتني (مالك) ورزقك عطاء واسعًا (فكنت أبايع الناس) أي أعاملهم مداينة (وكان من خُلقي) وعادتي (الجواز) أي التسامح والتساهل في البيع والاقتضاء أي الطلب ثم فسر الجواز بقوله: (فكنت أتيسّر) وأتساهل (على الموسر) في الاقتضاء (وأنظر المعسر) إلى ميسرته (فقال الله) سبحانه: (أنا أحق بذا) أي بهذا التجاوز والتساهل (منك) يا عبدي، وهذا الكلام صدق وحق لأنه تعالى متفضل ببذل ما لا يستحق عليه ومسقط بعفوه عن عبده ما يجب له من الحقوق عليه ثم يتلافاه برحمته فيكرمه ويقربه منه وإليه فله الحمد كفاء إنعامه وله الشكر على إحسانه اهـ من المفهم.

(تجاوزوا) يا ملائكتي (عن عبدي) وسامحوا سيئاته (فقال عقبة بن عامر الجهني)

ص: 218

وَأَبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيُّ: هَكَذَا سَمِعْنَاهُ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

3874 -

(1497)(60) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى)(قَال يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرُونَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ) عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "حُوسِبَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ. فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مِنَ الْخَيرِ شَيْءٌ

ــ

أبو حماد المدني الصحابي المشهور رضي الله عنه ولي إمرة مصر لمعاوية ثلاث سنين وكان فصيحًا شاعرًا مفوهًا كاتبًا قارئًا لكتاب الله عالمًا مات سنة (58) ثمان وخمسين (وأبو مسعود) عقبة بن عمرو (الأنصاري) البدري الكوفي أي قالا لحذيفة بن اليمان: (هكذا سمعناه) أي سمعنا هذا الحديث (من في) أي من فم (رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحفاظ: هذا الحديث هو محفوظ لأبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري وحده وليس لعقبة بن عامر فيه رواية، قال الدارقطني: والوهم في هذا الإسناد من أبي خالد الأحمر قال أي الدارقطني وصوابه فقال عقبة بن عمرو أبو مسعود الأنصاري اهـ نووي فوهم أبو خالد الأحمر وجعله عقبة بن عامر وأبو مسعود اهـ.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث حذيفة بحديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنهما فقال:

3874 -

(1497)(60)(حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وإسحاق بن إبراهيم واللفظ ليحيى قال يحيى: أخبرنا وقال الآخرون: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق) بن سلمة الأسدي أبي وائل الكوفي، ثقة مخضرم، من (2)(عن أبي مسعود) الأنصاري عقبة بن عمرو الكوفي رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم كوفيون إلا يحيى بن يحيى فإنه نيسابوري وإسحاق بن إبراهيم فإنه مروزي، وفيه رواية تابعي عن تابعي (قال) أبو مسعود:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حوسب) أي نُوقش في الحساب على أعماله يوم القيامة أي يُحاسب يوم القيامة (رجل ممن كان قبلكم) عبر بصيغة الماضي إشارة إلى تحقق وقوعه قاله ابن الملك (فلم يوجد له من الخير شيء) لا قليل ولا كثير أي لم يوجد فعل بر في المال إلا إنظار المعسر هذا مفاد ما في شرح الأبي، قال: وإلا فله خير الإيمان ولذلك جاز له الغفران، قال

ص: 219

إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يُخَالِطُ النَّاسَ. وَكَانَ مُوسِرًا. فَكَانَ يَأْمُرُ غِلْمَانَهُ أَنْ يَتَجَاوَزُوا عَنِ الْمُعْسِرِ. قَال: قَال اللَّهُ عز وجل: نَحْنُ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْهُ. تَجَاوَزُوا عَنْهُ".

3875 -

(1497)(61) حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ (قَال مَنْصُورٌ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَقَال ابْنُ جَعْفَرٍ:

ــ

القرطبي: هذا العموم مخصوص قطعًا بأنه كان مؤمنًا ولولا ذلك لما تجاوز عنه قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ} [النساء: 48]، وكان قائمًا بفرائض دينه من الصلاة والزكاة وما أشبههما.

وهذا هو الأليق بحاله فإن هذا الحديث يشهد بأنه كان ممن وقي شح نفسه وعلى هذا فيكون معنى هذا العموم أنه لم يوجد له شيء من النوافل إلا هذا ويحتمل أن يكون له نوافل أُخر غير أن هذا كان الأغلب عليه فنودي به وجوزي عليه ولم يذكر غيره اكتفاء بهذا والله تعالى أعلم. ويحتمل أن يكون المراد بالخير المال فيكون معناه أنه لم يوجد له فعل بر في المال إلا ما ذكر من إنظار المعسر والله تعالى أعلم.

(إلا أنه) أي لكن أنه (كان يخالط) أي يعامل (الناس) معاملة الدين (وكان موسرًا) أي كثير المال (فكان يأمر غلمانه) أي عملاءه بـ (أن يتجاوزوا) ويسامحوا (عن المعسر قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله عز وجل لملائكته: (نحن أحق بذلك) التجاوز والتسامح (منه) أي من ذلك الرجل فـ (تجاوزوا) يا ملائكتي وتسامحوا له (عنه) أي عن ذنوبه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث الترمذي [1307].

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث حذيفة بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما فقال:

3875 -

(1497)(61)(حدثنا منصور بن أبي مزاحم) بشير التركي بضم التاء المثناة أبو نصر البغدادي الكاتب، ثقة، من (10)(ومحمد بن جعفر بن زياد) الخراساني الوركاني نسبة إلى قرية تُسمى وركان أبو عمران البغدادي، ثقة، من (10) (قال منصور: حدثنا إبراهيم بن سعد) بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة، من (8)(عن) محمد بن مسلم بن شهاب (الزهري) المدني، ثقة، من (4)(وقال ابن جعفر)

ص: 220

أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ (وَهُوَ ابْنُ سَعْدٍ) عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ عُبَيدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"كَانَ رَجُلٌ يُدَايِنُ النَّاسَ. فَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ: إِذَا أَتَيتَ مُعْسِرًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ. لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا. فَلَقِيَ اللَّهَ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ".

3876 -

(00)(00) حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّ عُبَيدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ حَدَّثَهُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ

ــ

في روايته: (أخبرنا إبراهيم وهو ابن سعد عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة) بن مسعود الهذلي أبي عبد الله المدني، ثقة فقيه، من (3)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله أربعة منهم مدنيون وواحد بغدادي، وفيه رواية تابعي عن تابعي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان رجل) ممن كان قبلكم (يداين الناس) أي يعاملهم بالدين ويجعلهم مديونين (فكان يقول لفتاه) أي لغلامه وخادمه: (إذا أتيت معسرًا) أي فقيرًا عاجزًا عن قضاء الدين (فتجاوز عنه) أي سامح له في الاقتضاء والاستيفاء وقبول ما فيه نقص يسير (لعل الله) تعالى أي أرجو الله تعالى أن (يتجاوز عنا) أي أن يسامح عن ذنوبنا (فلقي الله) سبحانه وتعالى ذلك الرجل فلقاؤه كناية عن موته (فتجاوز) الله سبحانه (عنه) أي عن ذنوبه فغفر له فدخل الجنة، وفي المشارق والمشكاة زيادة لفظة (قال).

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في البيوع باب من أنظر معسرًا، وفي الأنبياء باب ما ذُكر عن بني إسرائيل، والنسائي في البيوع باب حسن المعاملة والرفق في المطالبة.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

3876 -

(00)(00)(حدثني حرملة بن يحيى أخبرني عبد الله بن وهب أخبرني يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب أن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة حدّثه) أي حدّث لابن شهاب (أنه) أي أن عبيد الله (سمع أبا هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة يونس بن يزيد لإبراهيم بن سعد (يقول: سمعت رسول الله

ص: 221

صلى الله عليه وسلم يَقُولُ. بِمِثْلِهِ.

3877 -

(1498)(62) حَدَّثَنَا أَبُو الْهَيثَمِ خَالِدُ بْنُ خِدَاشِ بْنِ عَجْلانَ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ؛ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ طَلَبَ غَرِيمًا لَهُ فَتَوَارَى عَنْهُ. ثُمَّ وَجَدَهُ. فَقَال إِنِّي مُعْسِرٌ. فَقَال: آللَّهِ؟ قَال: آللَّهِ

ــ

صلى الله عليه وسلم يقول): وساق يونس (بمثله) أي بمثل حديث إبراهيم بن سعد.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث حذيفة بحديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنهما فقال:

3877 -

(1498)(62)(حدثنا أبو الهيثم خالد بن خداش) -بكسر الخاء المعجمة وتخفيف الدال المهملة- (بن عجلان) الأزدي المهلبي مولاهم البصري نزيل بغداد، روى عن حماد بن زيد في البيوع، ومالك وأبي عوانة وعمارة بن زاذان، ويروي عنه (م) وأحمد وإسحاق ومحمد بن يحيى المروزي، ضعّفه ابن المديني وزكريا الساجي، وثقه ابن سعد ويعقوب بن شيبة، وقال ابن معين وأبو حاتم وصالح بن محمد: صدوق، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: صدوق يخطئ، من الثامنة، مات سنة (223) ثلاث وعشرين ومائتين ولم يستكمل السبعين (حدثنا حماد بن زيد) بن درهم الأزدي البصري، ثقة، من (8)(عن أيوب) السختياني البصري، ثقة، من (5)(عن يحيى بن أبي كثير) صالح بن المتوكل الطائي اليمامي، ثقة، من (5)(عن عبد الله بن أبي قتادة) الحارث بن ربعي الأنصاري السلمي بفتح السين واللام أبي يحيى المدني، ثقة تابعي، من (3) روى عنه في (4) أبواب (أن أبا قتادة) الأنصاري السلمي المدني فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون واثنان مدنيان وواحد يمامي أي أن أبا قتادة (طلب غريمًا) أي مدينًا (له فتوارى) ذلك الغريم واختفى (عنه) أي عن أبي قتادة (ثم وجده) أبو قتادة فقال له أبو قتادة: لم تواريت واختفيت عني؟ (فقال) الغريم له: (إني معسر) يا أبا قتادة أي عاجز عن قضاء دينك (فقال) أبو قتادة: (آلله) أي أقسمت لك بالله أنت معسر عن قضائه (قال) الغريم (آلله) أي أقسمت لك بالله أنا معسر عن قضائه فالأول من لفظي الجلالة قسم سؤال أي أبالله أنت معسر، وباء القسم تضمر كثيرًا مع الله، قال الرضي: وإذا حُذف

ص: 222

قَال: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ الله مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلْيُنفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ، أَوْ يَضَعْ عَنْهُ"

ــ

حرف القسم الأصلي أعني الباء فالمختار النصب بفعل القسم ويختص لفظة الله بجواز الجر مع حذف الجار بلا عوض، وقد يعوض من الجار فيها همزة الاستفهام أو قطع همزة الله في الدرج (قال) أبو قتادة:(فإنِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سرّه) أي فرّحه وبشره (أن ينجيه الله) أي أن يجعله ذا نجاة (من كرب يوم القيامة) أي من شدائده وأهواله، والكرب بضم الكاف وفتح الراء جمع كربة بضم الكاف وسكون الراء وهي كما في المرقاة المحنة الشديدة والمشقة الأكيدة، وفي بعض النسخ بفتح الكاف وسكون الراء وهو بمعنى الكربة، وفي القرآن الكريم {فَنَجَّينَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ} (فلينفس) أي فليؤخر المطالبة بالدين (عن معسر) أي عن مديون ذي عسرة إلى مدة يجد فيها مالًا يقضي به الدين (أو يضع) أي فليحط (عنه) الدين أو يسقطه عنه ويتركه بلا مطالبة به مصداقه قوله تعالى:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيرٌ لَكُمْ} .

قوله: (فتوارى عنه ثم وجده) تفصيله ما أخرجه أَحْمد في مسند [5/ 308] من طريق محمَّد بن كعب القرظي قال: (إن أَبا قتادة كان له على رجل دين وكان يأتيه يتقاضاه فيختبئ منه فجاء ذات يوم فخرج صبي فسأله عنه فقال: نعم هو في البيت يأكل خزيرة، فناداه: يَا فلان اخرج فقد أُخبرت أنك ها هنا. فخرج إليه فقال: ما يغيبك عني؟ قال: إنِّي معسر وليس عندي. قال: آلله إنك معسر؟ قال: نعم، فبكى أبو قتادة ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من نفس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة").

قوله: (فلينفس) أي فليفرج، وأصله من النفس بفتحتين يقال: أَنْتَ في نفس أي في سعة فكأن من كان في كربة ضاقت عليه مداخل الأنفاس فإذا فُرِّج عنه فسحت اهـ مجمع البحار قوله: (أو يضع) بالجزم عطفًا على قوله: فلينفس، والقياس في مثله أن يقال:(أو ليضع) بإعادة اللام ولكن العرب يتوسعون في كلامهم بمثله والله أعلم.

قال في المرقاة: (فائدة): الفرض أفضل من النفل بسبعين درجة إلَّا في مسائل: الأولى: إبراء المعسر مندوب وهو أفضل من إنظاره الواجب، الثَّانية: ابتداء السلام

ص: 223

3878 -

(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ أَبُو الطَّاهِرِ. أَخْبَرَنَا ابْن وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي جَرِيرٌ بن حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ، بِهذا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.

3879 -

(1499)(63) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ،

ــ

أفضل من جوابه الواجب، الثالثة: الوضوء قبل الوقت مندوب وهو أفضل من الوضوء بعد دخول الوقت وهو واجب اهـ.

وهذا الحديث انفرد به الإِمام مسلم رحمه الله تعالى.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي قتادة رضي الله عنه فقال:

3878 -

(00)(00)(وحدثنيه أبو الطاهر) أَحْمد بن عمرو المصري (أخبرنا ابن وهب) المصري (أخبرني جرير بن حازم) بن زيد بن درهم الأَزدِيّ البَصْرِيّ، ثِقَة، من (6)(عن أَيُّوب) السختياني (بهذا الإسناد) يعني عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبي قتادة، غرضه بيان متابعة جرير بن حازم لحماد بن زيد، وساق جرير (نحوه) أي نحو حديث حماد بن زيد.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

3879 -

(1499)(63)(حَدَّثَنَا يحيى بن يحيى) التَّمِيمِيّ (قال: قرأت على مالك) بن أنس (عن أبي الزِّناد) عبد الله بن ذكوان المدنِيُّ (عن الأعرج) عبد الرَّحْمَن بن هرمز المدنِيُّ (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم مدنيون إلَّا يحيى بن يحيى (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مطل الغني) أي تسويف القادر المتمكن من أداء الدين الحال وتأخيره عن أدائه (ظلم) منه لرب الدين فهو حرام بل كبيرة، قال القاضي وغيره: المطل منع قضاء ما استحق أداؤه فمطل الغني ظلم وحرام، ومطل غير الغني ليس بظلم ولا حرام لمفهوم الحديث ولأنه معذور ولو كان غنيًّا ولكنه ليس متمكنًا من الأداء لغيبة المال أو لغير ذلك جاز له التأخير إلى الإمكان، قال القرطبي: المطل منع قضاء ما استحق أداؤه مع التمكن من ذلك وطلب المستحق حقه

ص: 224

وإذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ َعَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ".

3870 -

(00)(00) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. ح وَحَدَّثنَا محمدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثنَا عَبْدُ الرَّزاقِ. قَالا جَمِيعًا: حَدَّثنَا مَعْمَرٌ،

ــ

يقال: مطل الدين من باب نصر إذا امتنع من أدائه مع تمكنه منه.

وقوله: (مطل الغني) من باب إضافة المصدر إلى فاعله والظلم وضع الشيء في غير موضعه في أصل اللغة وهو في الشرع محرم مذموم ووجهه هنا أنَّه وضع المنع موضع ما يجب عليه من البذل فحق به الذم والعقاب (وإذا أُتبع أحدكم) بالبناء للمفعول من الإتباع وهو أن يجعل غيره يطالب ثالثًا وهو إحالة الدين على الثالث أي إذا أحيل أحدكم بدينه (على) محال عليه (مليء) بهمز آخره فعيل من ملؤ الرَّجل بوزن كرم إذا صار غنيًّا فهو مليء، ورواه بعضهم بتشديد الياء فكأنه سفل الهمزة ولهذا قال الكرماني: الملي كالغني لفظًا ومعنى ورد بأن أصله مهموز (فليتبع) بفتح الياء وإسكان التاء أمر من باب سمع أي إذا أحيل أحدكم على محال عليه موسر فليحتل وذلك لما فيه من التيسير على المديون والأمر فيه محمول على الندب عند الجمهور لأنه من باب المعروف والتيسير على المعسر وحمله داود على الوجوب تمسكًا بظاهر الأمر فليس بصحيح لأن ملك الذمم كملك الأموال وقد أجمعت الأمة على أن الإنسان لا يجبر على المعاوضة بشيء من ملكه بملك غيره فكذلك الذمم وأيضًا فإن نقل الحق من ذمة إلى ذمة تيسير على المعسر وتنفيس عنه فلا يجب وإنما هو من باب المعروف بالاتفاق وإذا تقرر ذلك فالحوالة معناها تحويل الدين من ذمة إلى ذمة وهِيَ مستثناة من بيع الدين بالدين لما فيها من الرفق والمعروف ولها شروط وأركان مبسوطة في الفروع.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخَارِيّ [2287] ، وأبو داود [3345] ، والتِّرمذيّ [1308] ، والنَّسائيّ [7/ 317] ، وابن ماجه [2404].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

3870 -

(00)(00)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (أخبرنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق الهمداني السبيعي الكُوفيّ (ح وحدثنا محمَّد بن رافع) القشيري النَّيسَابُورِيّ (حَدَّثَنَا عبد الرَّزّاق) بن همام الحميري الصَّنْعانِيّ (قالا): أي قال كل من عيسى بن يونس وعبد الرَّزّاق (جميعًا حَدَّثَنَا معمر) بن راشد الأَزدِيّ البَصْرِيّ

ص: 225

عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. بِمِثلِهِ

ــ

(عن همام بن منبه) بن كامل اليماني الصَّنْعانِيّ (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وساق همام (بمثله) أي بمثل حديث الأعرج لفظًا ومعنى، غرضه بيان متابعة همام بن منبه لعبد الرَّحْمَن الأعرج والله سبحانه وتعالى أعلم.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث ستة: الأول: حديث أبي هريرة الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه خمس متابعات، والثاني: حديث حذيفة بن اليمان ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه ثلاث متابعات، والثالث: حديث أبي مسعود الأَنْصَارِيّ ذكره للاستشهاد به لحديث حذيفة بن اليمان، والرابع: حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستشهاد به ثانيًا وذكر فيه متابعة واحدة، والخامس: حديث أبي قتادة ذكره للاستشهاد به ثالثًا وذكر فيه متابعة واحدة، والسادس: حديث أبي هريرة الأخير ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة.

***

ص: 226