الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
579 - (19) باب الاستقراض وحسن القضاء فيه وجواز بيع الحيوان بالحيوان من جنسه وجواز الرهن والسلم
3975 -
(1538)(103) حدَّثنا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ. أَخْبَرَنَا ابْن وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ بْنِ أنَسٍ، عَنْ زيدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا. فَقَدِمَتْ عَلَيهِ إبلٌ مِنْ إبلِ الصَّدَقَةِ. فَأَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَقْضِيَ
ــ
579 -
(19) باب الاستقراض وحسن القضاء فيه وجواز بيع الحيوان بالحيوان من جنسه وجواز الرهن والسلم
3975 -
(1538)(103)(حدثنا أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح) المصري (أخبرنا ابن وهب عن مالك بن أنس عن زيد بن أسلم) العدوي مولاهم مولى عمر بن الخطاب المدني، ثقة، من (3)(عن عطاء بن يسار) الهلالي مولاهم مولى ميمونة رضي الله تعالى عنها المدني، ثقة، من (3)(عن أبي رافع) الهاشمي مولاهم مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم القبطي المدني رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مدنيون واثنان مصريان (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسلف) أي استقرض (من رجل) لم أر من ذكر اسمه، أي اقترض منه والسين والتاء فيه زائدتان، وفيه دليل على جواز الأخذ بالذين ولم يختلف العلماء في جواز الاقتراض عند الحاجة إليه ولا نقص على طالبه ولا تثريب ولا منة تلحق فيه ولو كان فيه شيء من ذلك لما استسلف النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان أنزه الناس وأبعدهم عن تلك الأمور (بكرًا) والبكر بفتح الباء وسكون الكاف الصغير من الإبل كالغلام من الآدميين والأنثى بكرة وقلوص وهي الصغيرة كالجارية، وهذا الحديث دليل على جواز قرض الحيوان وهو مذهب الجمهور ومنع ذلك الكوفيون وهذا الحديث الصحيح حجة عليهم واستثنى من الحيوان أكثر العلماء الجواري فمنعوا قرضهن لأنه يؤدي إلى عارية الفروج، وأجاز ذلك بعض المالكية بشرط أن يرد غيرها وأجاز ذلك مطلقًا الطبري والمزني وداود الأصبهاني وقصر بعض الظاهرية جواز القرض على ما لَهُ مثل من المكيل والموزون، وهذا الحديث حجة عليهم اهـ من المفهم (فقدمت عليه) صلى الله عليه وسلم (إبل من إبل الصدقة) أي الزكاة (فأمر أبا رافع) مولاه إبراهيم القبطي (أن يقضي) أي أن يؤدي
الرَّجُلَ بَكْرَهُ. فَرَجَعَ إِلَيهِ أَبُو رَافِعٍ فَقَال: لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا خِيَارًا رَبَاعِيًا. فَقَال: "أَعْطِهِ إِيَّاهُ. إِن خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُم قَضَاءً"
ــ
ويدفع (الرجل) المقرض له صلى الله عليه وسلم (بكره) أي بدل بكره فطلب أبو رافع مثل بكره في الإبل فلم يجده (فرجع إليه) صلى الله عليه وسلم (أبو رافع، فقال) لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إني (لم أجد فيها) أي في إبل الصدقة بكرًا مماثلًا لبكره "إلا خيارًا" أي إلا بعيرًا جيدًا من بكره، وقوله:(رباعيًّا) بدل من خيار أو عطف بيان له، وخيار كل شيء أحسنه وأفضله، ويطلق على الواحد والجمع والرباعي مخفف الياء من الإبل ما استكمل ست سنين ودخل في السابعة سُمي بذلك لأنه أطلع وأنبت رباعيته، والرباعية بوزن الثمانية السن التي بين الثنية والناب وهي أربع رباعيات مخفف الياء، والذكر رباع والأنثى رباعية (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي رافع:(أعطه) أي أعط الرجل (إياه) أي رباعيًّا فـ (إن خيار الناس) وأفضلهم (أحسنهم قضاء) للدّين برد الأجود في الصفة أو الأرجح في الميزان، وفيه دليل على أن رد الأجود في القرض أو الذين من السنة ومكارم الأخلاق وليس هو من قرض جر منفعة لأن الممتنع منه ما كان مشروطًا في عقد القرض، وأما إذا لم يكن مشروطًا فيه وتبرع به المديون فلا بأس بأخذه ولا بإعطائه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [3346]، والترمذي [1318]، والنسائي [7/ 65]. وفي المرقاة عن شرح السنة: فيه من الفقه جواز استسلاف الإمام للفقراء إذا رأى بهم خلة وحاجة ثم يؤديه من مال الصدقة إن كان قد أوصل إلى المساكين اهـ منه.
قال القرطبي: واختلف أرباب التأويل في استسلاف النبي صلى الله عليه وسلم هذا البكر وقضائه عنه من مال الصدقة هل كان ذلك السلف لنفسه أو لغيره فمنهم من قال كان لنفسه وكان هذا قبل أن تحرم عليه الصدقة وهذا فاسد فإنه صلى الله عليه وسلم لم تزل الصدقة محرمة عليه منذ قدوم المدينة وكان ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم ومن جملة علاماته صلى الله عليه وسلم المذكورة في الكتب المقدمة بدليل قصة سلمان الفارسي فإنه عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة جاءه سلمان بتمر فقدمه إليه وقال: كل، فقال:"ما هذا؟ فقال: صدقة، فقال لأصحابه: "كلوا، ولم يأكل، وأتاه
3976 -
(00)(00) حدَّثنا أَبُو كُرَيبٍ. حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ. سَمِعْتُ زيدَ بْنَ أسْلَمَ. أخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ أبِي رَافِعٍ، مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَال: اسْتَسْلَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَكْرًا. بِمِثْلِهِ، غَيرَ أنَّهُ قَال:"فَإنَّ خَيرَ عِبَادِ اللهِ أَخسَنُهُمْ قَضَاءً"
ــ
يومًا آخر بتمر وقال: هدية، فأكل. رواه أحمد [5/ 441 - 444]، وابن هشام في السيرة [1/ 214 - 221]، والذهبي في سير أعلام النبلاء [1/ 510] فقال سلمان: هذه واحدة، ثم رأى خاتم النبوة فأسلم، وقال: هذا واضح، وقيل: استسلفه لغيره ممن يستحق أخذ الصدقة فلما جاءت إبل الصدقة دفع منها.
وقد استبعد هذا من حيث إنه قضاء أزيد من الفرض من مال الصدقة وقال: "إن خيركم أحسنكم قضاء" فكيف يعطي زيادة من مال ليس له ويجعل ذلك من باب حسن القضاء؟ وقد أجيب عن هذا بأن قيل كان الذي استقرض منه من أهل الصدقة فدفع الرباعي بوجهين بوجه القرض وبوجه الاستحقاق وقيل وجه ثالث وهو أحسنها إن شاء الله تعالى وهو أن يكون استقرض البكر على ذمته فدفعه لمستحق فكان غارمًا فلما جاءت إبل الصدقة أخذ منها بما هو غارم جملا رباعيا فدفعه فيما كان عليه فكان أداء عما في ذمته وحُسن قضاء بما يملكه اهـ من المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي رافع رضي الله عنه فقال:
3976 -
(00)(00)(حدثنا أبو كريب حدثنا خالد بن مخلد) البجلي مولاهم أبو الهيثم الكوفي القطواني (عن محمد بن جعفر) بن أبي كثير الزرقي المدني، ثقة، من (7)(سمعت زيد بن أسلم أخبرنا عطاء بن يسار، عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة محمد بن جعفر لمالك بن أنس (قال) أبو رافع: (استسلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بكرًا) وساق محمد بن جعفر (بمثله) أي بمثل حديث مالك بن أنس (غير أنه) أي لكن أن محمد بن جعفر (قال) في روايته (فإن خير عباد الله) تعالى (أحسنهم قضاء) للدّين.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي رافع بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما فقال:
3977 -
(1539)(104) حدَّثنا مُحَمَدُ بْنُ بَشَّارِ بْنِ عُثْمَانَ الْعَبْدِيُّ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيلٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَقٌّ. فَأَغْلَظَ لَهُ. فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا"
ــ
3977 -
(1539)(104)(حدثنا محمد بن بشار بن عثمان العبدي) البصري (حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري (حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل) الحضرمي الكوفي، ثقة، من (4) (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون واثنان مدنيان وواحد كوفي (قال) أبو هريرة:(كان لرجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حق) أي دين (فأغلظ) أي شدد ذلك الرجل في الطلب (له) صلى الله عليه وسلم بدينه أي عنفه ولم يرفق به في طلب حقه، ولعل هذا المتقاضي كان من جفاة العرب أو ممن لم يتمكن الإيمان في قلبه اهـ من المرقاة، وليس المعنى أنه تكلم بكلام مؤذ فإن ذلك كفر ويحتمل أن الرجل كان يهوديًّا فإن اليهود كانوا أكثر من يعامل بالدين، قيل: إن الكلام الذي أغلظ فيه هو أنه قال: يا بني عبد المطلب إنكم مطّلٌ. وكذب اليهودي فإنه لم يكن في أجداده صلى الله عليه وسلم ولا في أعمامه من هو كذلك بل هم أهل الكرم والوفاء ويبعد أن يكون هذا القائل مسلمًا إذ مقابلة النبي صلى الله عليه وسلم بذلك إذاية له وإذايته كفر كذا في شرح الأبي (فهَم) أي قصد (به) أي بذلك الرجل (أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أي قصدوا أن يأخذوه ليزجروه ويؤذوه بقول أو فعل لكن لم يفعلوا تأدبًا معه صلى الله عليه وسلم قاله علي القاري في المرقاة (فقال) لهم (النبي صلى الله عليه وسلم دعوه أي اتركوه ولا تعزروه، وهذه اللفظة لم ترد في رواية مسلم ولكنها في رواية البخاري الحديث رقم (2306) وفي هذه اللفظة دليل على حُسن خُلقه وحلمه وقوة صبره على الجفاء مع القدرة على الانتقام فـ (أن لصاحب الحق) أي الدّين (مقالًا) أي صولة الطلب وقوة الحجة لكن على من يمطل أو يسيء المعاملة، وأما من أنصف من نفسه فبذل ما عنده وأعتذر عما ليس عنده فيقبل عذره ولا تجوز الاستطالة عليه واستقباله بالكلام الفاحش يعني أن الدائن معذور في بعض التغليظ في كلامه عند طلب الحق
فَقَال لَهُمُ: "اشْتَرُوا لَهُ سِنًّا فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ" فَقَالُوا: إِنا لَا نَجِدُ إِلَّا سِنًّا هُوَ خَيرٌ مِنْ سِنِّهِ. قَال: "فَاشْتَرُوهُ فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ. فَإِن مِنْ خَيرِكُمْ -أَوْ خَيرَكُمْ- أَحْسَنَكُمْ قَضَاءً".
3978 -
(00)(00) حدَّثنا أَبُو كُرَيبٍ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ،
ــ
(فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم الهم) أي لأصحابه (اشتروا له) أي للرجل الدائن (سنًّا) أي إبلًا ذا سن معين معلوم عندهم من العمر (فأعطوه) أي فأعطوا ذلك الرجل (إياه) أي ذلك السنن (فقالوا) له صلى الله عليه وسلم: (إنا لا نجد إلا سنًّا) أي إلا إبلًا ذا سن وعمر (هو) أي سنه (خير) أي أكبر (من سنه) أي من سن إبله (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فاشتروه) أي فاشتروا ذلك السن الخير له (فأعطوه) أي فأعطوا ذلك الرجل (إياه) أي السن الخير، وهذا دليل على أن هذا الحديث قضية أخرى غير قضية حديث أبي رافع فإن ذلك الحديث يقتضي أنه أعطاه من إبل الصدقة وهذا اشترى له، وفيه دليل على صحة التوكيل في قضاء الدين، وفيه جواز الزيادة فيه وقد تقدم تفصيله وذكر الخلاف فيه اهـ من المفهم (فإن من خيركم) وأفضلكم جار ومجرور خبر مقدم لإن (أو) قال أبو هريرة أو من دونه والشك منه أو ممن دونه فإن (خيركم) بالنصب اسم إن (أحسنكم) بالنصب اسم إن مؤخر، والتقدير فإن أحسنكم (قضاء) للدين من خيركم وبالرفع خبر إن أي فإن خيركم أحسنكم قضاء، وقوله: أحسنكم قضاء هذا هو اللفظ الفصيح الحسن، وقد روي أحاسنكم وهو جمع أحسن ذهبوا به مذهب الأسماء فجمعوا كأحمد وأحامد وسيأتي محاسنكم بالميم وكأنه جمع محسن بكسر السين كمطلع ومطالع وفيه بعد وأحسنها الأول والله تعالى أعلم اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [2392]، والترمذي [1316]، والنسائي [7/ 291].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
3978 -
(00)(00)(حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع عن علي بن صالح) بن صالح بن مسلم بن حيان الهمداني أبي الحسن الكوفي، روى عن سلمة بن كهيل في البيوع، وسماك ومنصور، ويروي عنه (م عم) ووكيع وابن نمير وأبو نعيم، وثقه أحمد وابن معين والنسائي، وقال العجلي: كوفي ثقة، وقال ابن المديني: له نحو ثمانين (80) حديثًا، وقال في التقريب: ثقة عابد، من السابعة، مات سنة (151) إحدى وخمسين ومائة
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيلٍ، عَنْ أبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: اسْتَقْرَضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِنًّا. فَأَعْطَى سِنًّا فَوْقَهُ. وَقَال: "خِيَارُكُمْ مَحَاسِنُكُم قَضَاءً".
3979 -
(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أبِي. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيلٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أبِي هُرَيرَةَ. قَال: جَاءَ رَجُلٌ يَتَقَاضَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعِيرًا. فَقَال: "أَعْطُوهُ سِنًّا فَوْقَ سِنِّهِ". وَقَال: "خَيرُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً"
ــ
(عن سلمة بن كهيل) الكوفي (عن أبي سلمة عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة علي بن صالح لشعبة بن الحجاج (قال) أبو هريرة:(استقرض) أي اقترض (رسول الله صلى الله عليه وسلم سنًّا) أي إبلًا ذا سن وعمر معلوم (فأعطى) المقرض أي أمر بإعطائه (سنًّا) أي إبلًا ذا سن وعمر (فوقه) أي فوق سن الإبل الذي اقترضه أي سنه وعمره أكبر من سن الأول (وقال) صلى الله عليه وسلم (خياركم) أي خيركم وأفضلكم أخلاقًا وأكثركم كرمًا (محاسنكم) أي أحسنكم (قضاء) للدين برد الأجود صفة والأرجح وزنًا والقياس أن يقال: أحاسنكم جمع أحسن.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال: 3979 - (00)(00)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبي حدثنا سفيان) الثوري (عن سلمة بن كهيل عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة سفيان لشعبة بن الحجاج (قال) أبو هريرة:(جاء رجل يتقاضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيرًا) أي يطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم قضاء بعير كان له عليه وردّه (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (أعطوه) أي أعطوا الرجل المقرض لنا (سنًّا) أي إبلًا ذا سن وعمر، عمره وسنه (فوق سنه) أي فوق سن بعيره أي أعطوه أكبر من بعيره سنًّا (وقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:(خيركم) أي أفضلكم أخلاقًا (أحسنكم قضاء) للدين، ولعله وقع الاعتذار بأنه لم يوجد مثله كما في المرقاة.
3980 -
(1540)(105) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَابْنُ رُمْحٍ. قَالا: أَخْبَرَنَا اللَّيثُ. ح وَحَدَّثَنِيهِ قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيثٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ. قَال: جَاءَ عَبْدٌ فَبَايَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْهِجْرَةِ. وَلَمْ يَشْعُرْ أَنَّهُ عَبْدٌ. فَجَاءَ سَيِّدُهُ يُرِيدُهُ. فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "بِعْنِيهِ"
ــ
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث آخر لجابر رضي الله عنه فقال:
3980 -
(1540)(105)(حدثنا يحيى بن يحيى) بن بكير (التميمي) النيسابوري (و) محمد (بن رمح) بن المهاجر التجيبي المصري (قالا: أخبرنا الليث) بن سعد المصري (ح وحدثنيه قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن أبي الزبير) المكي (عن جابر) بن عبد الله رضي الله عنهما. وهذا السند من رباعياته رجاله اثنان منهم مصريان وواحد مكي وواحد مدني (قال) جابر: (جاء عبد) مملوك لمسلم لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم (فبايع) ذلك العبد (النبي صلى الله عليه وسلم أي عاقده عقد البيعة (على الهجرة) إلى المدينة (ولم يشعر) أي والحال أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم (أنه) أي أن ذلك الشخص الذي بايعه (عبد) مملوك لإنسان، وفيه دليل على أن الأصل في الناس الحرية ولذلك لم يسأله إذ حمله على ذلك الأصل حيث لم يظهر له ما يخرجه عن ذلك الأصل ولو لم يكن الأمر كذلك لتعين أن يسأله وهذا أصل مالك في هذا الباب فكل من ادعى ملك أحد من بني آدم كان مدفوعا إلى بيان ذلك الأصل لكن إذا ناكره المدعى رقه وادعى الحرية سواء كان ذلك المدعى رقه ممن أكثر ملك نوعه أو لم يكن فإن كان في حوز المدعي لرقه كان القول قوله إذا كان حوز رق فإن لم يكن فالقول قول المدعى عليه مع يمينه اهـ من المفهم (فجاء سيده) أي سيد ذلك العبد إلى النبي صلى الله عليه وسلم حالة كونه (يريده) أي يريد أخذ ذلك العبد (فقال له): أي لسيده (النبي صلى الله عليه وسلم بعنيه) أي بعني هذا العبد المبايع، لم يرد في شيء من طرقه أنه صلى الله عليه وسلم طالب سيده بإقامة بينة فيحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم علم صحة مالكه له حين عرف سيده، ويحتمل أن يكون اكتفى بدعواه وتصديق العبد له فإن العبد بالغ عاقل يقبل إقراره على نفسه ولم يكن للسيد من ينازعه ولا يستحلف السيد كما إذا ادعى اللقطة وعرف عفاصها ووكاءها أخذها ولم يستحلف لعدم المنازع اهـ من المفهم
فَاشْتَرَاهُ بِعَبْدَينِ أَسْوَدَينِ. ثُمَّ لَمْ يُبَايعْ أحَدًا بَعْدُ. حَتَّى يَسْأَلَهُ "أَعَبْدٌ هُوَ؟ "
ــ
(فاشتراه) أي فاشترى النبي صلى الله عليه وسلم العبد المبايع من سيده (بعبدين أسودين) قال القاضي عياض: هذا من كرم أخلاقه صلى الله عليه وسلم فإنه كره أن يرد ما عقد له من الهجرة، ويدل على أن سيده مسلم وإلا فقد بايع النبي صلى الله عليه وسلم من نزل من عبيد أهل الطائف وغيرهم ولم يردهم إلى ساداتهم اهـ.
وعبارة القرطبي هنا إنما فعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الشراء منه جريًا على مقتضى مكارم أخلاقه ورغبة في تحصيل ثواب العتق وكراهية أن يفسخ له عقد الهجرة فحصل له العتق وثبت له الولاء، فهذا المعتق مولى للنبي صلى الله عليه وسلم غير أنه لا يعرف اسمه، وفيه دليل على جواز بيع الحيوان بالحيوان متفاضلًا نقدًا، وهذا ما اتفق عليه الفقهاء ولكنهم اختلفوا في النسيئة في بيع الحيوان فقال الشافعي: هو جائز، وقال أبو حنيفة: هو ممنوع، استدل الشافعي بما أخرجه أبو داود وغيره عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يجهز جيشًا فنفدت الإبل فأمره أن يأخذ في قلاص الصدقة فجعل يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة، واستدل أبو حنيفة بما أخرجه أصحاب السنن عن سمرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسأنهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، وقال الحنفية: إنه ناسخ لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما وفي الحديثين كلام ليس هذا موضع بسطه من شاء فليراجع إعلاء السنن [14/ 280 و 287] فإنه قد أتى في هذه المسألة بما لا مزيد عليه.
(ثم) بعد ذلك العبد (لم يبايع) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أحدًا) من الناس، وقوله:(بعد) أي بعد ذلك اليوم تأكيد لمعنى ثم (حتى يسأله) أي حتى يسأل من يريد بيعته (أعبد هو) أم لا؟ يعني أنه لما وقعت له هذه الواقعة أخذ بالحزم والحذر فكان يسأل من يرتاب فيه، وفيه من الفقه الأخذ بالأحوط.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 349]، وأبو داود [3358]، والترمذي [1239]، والنسائي [7/ 150].
ثم استدل المؤلف على الجزء الثالث من الترجمة أعني الرهن بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
3981 -
(1541)(106) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ (وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى)(قَال يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ) عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ. قَالتِ: اشْتَرَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا بِنَسِيئَةٍ. فَأَعْطَاهُ دِرْعًا لَهُ رَهْنًا
ــ
3981 -
(1541)(106)(حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء) بن كريب أبو كريب الهمداني الكوفي (واللفظ ليحيى قال يحيى: أخبرنا وقال الآخران: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم) بن يزيد النخعي (عن الأسود) بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، ثقة مخضرم، من (2)(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون إلا عائشة ويحيى بن يحيى (قالت) عائشة:(اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يهودي) اسمه أبو الشحم الظفري كذا رواه الشافعي والبيهقي كما في التلخيص الحبير [3/ 35](طعامًا) ورد عند البخاري في الجهاد والمغازي أنه كان ثلاثين صاعًا من الشعير، وكذا رواه ابن ماجه وأحمد وغيرهما عن ابن عباس، وأخرجه الترمذي والنسائي عن ابن عباس فذكرا عشرين صاعًا وجمع بينهما الحافظ في الفتح في الرهن [5/ 99] بأنه كان دون الثلاثين فجبر الكسر تارة وألغى أخرى، ووقع لابن حبان من طريق شيبان عن قتادة عن أنس أن قيمة الطعام كانت دينارًا كذا في فتح الباري (بنسيئة) أي بثمن مؤجل إلى سنة كما في تنبيه المعلم فأبى اليهودي إلا برهن (فأعطاه) أي فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم اليهودي (درعًا له) صلى الله عليه وسلم هي ذات الفضول قاله غير واحد كما في تنبيه المعلم حالة كون الدرع (رهنًا) أي مرهونًا عند اليهودي وجوّز مجيء الحال من النكرة تخصصه بالوصف والدرع زرد ينسج من حديد وهو من لباس الحرب، وفي الحديث دليل على جواز الشراء بالنسيئة، وعلى جواز الرهن بالذين، وعلى جوازه في الحضر وإن كان الكتاب قيده بالسفر، وعلى جواز المعاملة مع أهل الذمة وإن كان مالهم لا يخلو عن الربا وثمن الخمر اهـ من المرقاة.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في أبواب كثيرة منها في البيوع في رقم [2568] وأخرجه النسائي أيضًا في البيوع من حديث ابن عباس والترمذي وابن ماجه أيضًا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوله: (من يهودي) استُشكل هذا بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكن له أن يشتري الطعام من مسلم فلماذا رجع إلى يهودي؟ وأجاب عنه النووي رحمه الله تعالى بأنه فعل ذلك بيانًا للجواز أو لأنه لم يكن هناك طعام فاضل عن حاجة صاحبه إلا عنده أو لأن الصحابة لا يأخذون رهنه صلى الله عليه وسلم ولا يقبضون منه الثمن فعدل إلى معاملة اليهودي لئلا يضيق على أحد من أصحابه اهـ وقيل: تفصيل هذه القصة يغني عن هذه الأجوبة كلها وهو ما أخرجه البزار عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ضيفًا نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلني أبتغي له طعامًا فأتيت رجلًا من اليهود فقلت: يقول لك محمد صلى الله عليه وسلم إنه نزل لنا ضيف وإنه لم يلق عندنا بعض الذي يصلحه فبعني أو أسلفني إلى هلال رجب، فقال اليهودي: لا والله لا أسلفه ولا أبيعه إلا برهن. فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: إني والله لأمين في أهل السماء أمين في أهل الأرض ولو أسلفني أو باعني لأديت إليه اذهب بدرعي فنزلت هذه الآية تعزيه على الدنيا {وَلَا تَمُدَّنَّ عَينَيكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ} الآية كذا في كشف الأستار عن زوائد البزار للهيثمي في باب القرض والبيع إلى أجل وفي إسناده موسى بن عبيدة ضعفه أحمد وغيره، ووثقه وكيع كما في التهذيب.
قوله: (فأعطاه درعًا له) والدرع بالكسر يذكر ويؤنث، وفيه جواز رهن آلة الحرب عند أهل الذمة ويقاس عليه بيعه منهم إذا كان الذمي مأمونًا فأما أهل الحرب فلا يجوز أن يباع السلاح لهم ولا أن يرهن عندهم اهـ نووي وفتح الباري.
قال القرطبي: فيه دليل على جواز معاملة أهل الذمة مع العلم بأنهم يبيعون الخمر ويأكلون الربا لأنا قد أقررناهم على ما بأيديهم من ذلك وكذلك لو أسلموا لطاب لهم ذلك وليس كذلك المسلم الذي يعمل بشيء من ذلك لا يقر على ذلك ولا يترك بيده ولا يجوز أن يُعامل من كان كسبه من ذلك وإذا تاب تصدق ما بيده منه، وأما أهل الحرب فيجوز أن يُعاملوا ويشترى منهم كل ما يجوز لنا شراؤه وتملكه ويباع منهم كل شيء من العروض والحيوان ما لم يكن ذلك مضرا بالمسلمين مما يحتاجون إليه وما خلا آلة الحرب وعدّته وما يخاف أن يتقووا به على المسلمين فلا يُباع منهم شيء منه، ولا يُباع منهم ولا من أهل الذمة مسلم ولا مصحف، وقال ابن حبيب: لا يُباع من أهل الحرب
3982 -
(00)(00) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ. قَالا: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالتِ: اشْتَرَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا. وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ.
3983 -
(00)(00) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ. أَخْبَرَنَا الْمَخْزُومِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الأعْمَشِ. قَال: ذَكَرْنَا الرَّهْنَ فِي السَّلَمِ عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ. فَقَال: حَدَّثنَا الأسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ،
ــ
الحرير ولا الكتاب ولا البُسُط لأنهم يتجملون بذلك في حروبهم ولا الطعام لعلهم أن يضعفوا اهـ من المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
3982 -
(00)(00)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي) المروزي (وعلي بن خشرم) بن عبد الرحمن المروزي (قالا: أخبرنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي (عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عاكشة) رضي الله تعالى عنها، غرضه بيان متابعة عيسى لأبي معاوية (قالت: اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يهودي طعامًا ورهنه) أي أعطاه رهنًا (درعًا من حديد) قيّده بالحديد إخراجا لدرع المرأة وهو قميصها.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
3983 -
(00)(00)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أخبرنا) مغيرة بن سلمة (المخزومي) أبو هشام القرشي البصري، ثقة ثبت، من (9) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا عبد الواحد بن زياد) العبدي مولاهم أبو بشر البصري، ثقة، من (8) روى عنه في (16) بابا (عن الأعمش قال) الأعمش:(ذكرنا الرهن) أي حكم ارتهان الرهن (في السلم) أي في بيع السلم لتكون وثيقة لدين المسلم فيه (عند إبراهيم) بن يزيد (النخعي) أي ذكرنا هل يجوز الرهن عليه أم لا؟ (فقال) لنا إبراهيم: (حدثنا الأسود بن يزيد) بن
عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ. وَرَهَنَهُ دِرْعًا لَهُ مِنْ حَدِيدٍ.
3984 -
(00)(00) حدَّثناه أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ
ــ
قيس النخعي (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة عبد الواحد بن زياد لأبي معاوية وعيسى بن يونس (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعامًا) بثمن مؤجل (إلى أجل) معلوم يعني إلى سنة كما في تنبيه المعلم كما مر (ورهنه) أي وأعطى اليهودي (درعًا له من حديد) رهنًا لتكون وثيقة للثمن المؤجل. وهذا الحديث في البيع بثمن مؤجل وأخذ الرهن لذلك الثمن، ولعل ذكر إبراهيم هذا الحديث إشارة إلى أن حكم السلم كالبيع لأن السلم نوع منه.
والرهن لغة: الثبوت والدوام، ومنه الحالة الراهنة. وشرعًا: جعل عين مالية وثيقة لدين يستوفى من ثمنها أو من ثمن منافعها عند تعذر الوفاء، ويلزم الرهن بالعقد، ويجبر الراهن على دفع الرهن للمرتهن كما هو مبسوط في كتب الفروع.
قوله: (ذكرنا الرهن في السلم) ذكر الحافظ في البيوع أن السلم ها هنا بمعنى القرض وليس بمعناه العرفي. (قلت): ولكن يؤخذ منه جواز الرهن في السلم أيضًا ولهذا قال الحافظ نفسه في كتاب السلم من الفتح [4/ 358] وفي الحديث رد على من قال: إن الرهن في السلم لا يجوز وقد أخرج الإسماعيلي من طريق ابن نمير عن الأعمش أن رجلًا قال لإبراهيم النخعي: إن سعيد بن جبير يقول: إن الرهن في السلم هو الربا المضمون، فرد عليه إبراهيم بهذا الحديث ورُويت كراهة ذلك عن ابن عمر والحسن والأوزاعي وهي إحدى الروايتين عن أحمد، ورخص فيه الباقون والحجة فيه قوله تعالى:{إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَينٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} إلى أن قال {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} واللفظ عام فيدخل السلم في عمومه لأنه أحد نوعي البيع اهـ من التكملة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
3984 -
(00)(00)(حدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حفص بن غياث) بن طلق بن معاوية النخعي الكوفي، ثقة، من (8) روى عنه في (14) بابا (عن الأعمش عن
إِبْرَاهِيمَ. قَال: حَدَّثَنِي الأسوَدُ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مِثْلَهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ: مِنْ حَدِيدٍ.
3985 -
(1542)(107) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَعَمْرٌو النَّاقِدُ (وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى)(قَال عَمْرٌو: حَدَّثَنَا. وَقَال يَحْيَى: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ) عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَال: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ، السَّنَةَ وَالسَّنَتَينِ،
ــ
إبراهيم قال) إبراهيم: (حدثني الأسود عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم غرضه بيان متابعة حفص بن غياث لعبد الواحد بن زياد، وساق حفص بن غياث (مثله) أي مثل ما روى عبد الواحد بن زياد عن الأعمش (و) لكن الم يذكر) حفص لفظة (من حديد) كما ذكره عبد الواحد.
ثم استدل المؤلف على الجزء الأخير من الترجمة وهو السلم بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال:
3985 -
(1542)(107)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (وعمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) البغدادي (واللفظ ليحبى قال عمرو: حدثنا وقال يحيى: أخبرنا سفيان بن عيينة عن) عبد الله (بن أبي نجيح) مكبرًا اسمه يسار الثقفي مولاهم أبي يسار المكي، ثقة، من (6)(عن عبد الله بن كثير) بن المطلب السهمي المكي، مقبول، من (6)(عن أبي المنهال) عبد الرحمن بن مطعم البناني بموحدة مضمومة ونونين مخففتين المكي، ثقة، من (3) (عن ابن عباس) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مكيون وواحد طائفي وواحد كوفي وواحد إما نيسابوري أو بغدادي (قال) ابن عباس:(قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة) المنورة مهاجرًا إليها (وهم) أي والحال أن أهل المدينة (يسلفون في الثمار) أي يسلمون فيها مؤجلة (السنة والسنتين) أي مؤجلا تسليمها للمُسْلِم إلى سنة أو إلى سنتين، والسَّلَم والسلَف بفتحتين فيهما متحدان لفظًا ومعنى، وذكر الماوردي أن السلف لغة أهل العراق والسلم لغة أهل الحجاز وهما لغة التسليم والتعجيل لما فيه من تعجيل رأس المال في مجلس العقد، وشرعًا: بيع آجل بعاجل، وعزفه بعضهم بأنه بيع موصوف ملتزم في الذمة مؤجلًا بأجل معلوم، واتفق العلماء على مشروعيته إلا ما حُكي عن ابن المسيب كذا في فتح الباري، ولكن أخرج
فَقَال: "مَنْ أَسْلَفَ فِي تَمْرٍ، فَلْيُسْلِف فِي كَيلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ"
ــ
عبد الرزاق في مصنفه [8/ 6] عن ابن المسيب أنه سُئل عن سلف الحنطة والكرابيس والثياب فقال: "ذرع معلوم إلى أجل معلوم، والحنطة بكيل معلوم إلى أجل معلوم" وهو صريح في أنه يقول بجواز السلم في المذروعات فضلًا عن المقذرات فَلْيُتَنَبَّه اهـ من التكملة. قال ملا علي: قوله: (وهم يُسلِفُون) أي يعطون الثمن في الحال ويأخذون السلعة في المال، وقوله:(السنة والسنتين) وفي المشكاة زيادة (والثلاث) وهو من روايات البخاري فقال ملا علي: منصوبات إما على نزع الخافض أي يشترون إلى السنة أو إلى السنتين، واما على المصدر أي إسلاف السنة الخ (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:(من أسلف) وفي المشارق: من أسلم، قال ابن الملك في شرحه: أي من أراد أن يعقد عقد السلم وهو عقد على موصوف في الذمة ببدل يعطى عاجلًا، وفي رواية: من أسلم (في تمر) بدل أسلف معناهما واحد كما مر آنفًا، والسلف في البيع كالسلم وزنًا ومعنى، سُمي سلما لتسليم رأس المال دون قبض عوضه، وسُمي سلفا لتقديم رأس المال دون عوض ذكره القاضي، وفي بعض النسخ في ثمر بالمثلثة وهو أعم وإنما جرى ذكر التمر في هذه الرواية لأنه غالب ما يسلم فيه عندهم اهـ. وأجمع المسلمون على جواز السلم، والذمة وصف قائم بالإنسان يصلح للإلزام والالتزام وينخرب بالموت والسفه (فليسلف) أي فليسلم (في كيل معلوم) إن كان المسلم فيه من المكيل كالتمر والزبيب والحبوب (ووزن معلوم) إن كان من الموزون كالنقدين وما كبُر من الثمار على تمر مؤجلا تسليمه (إلى أجل معلوم) وفي هذا دلالة على وجوب الكيل أو الوزن وتعيين الأجل من المكيل والموزون وأن جهالة أحدهما مفسدة للبيع اهـ مرقاة، والواو في قوله ووزن معلوم بمعنى أو وإلا فيلزم الجمع في السلم الواحد بين الكيل والوزن وليس كذلك بالإجماع اهـ من المبارق.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [1/ 217]، والبخاري [3239]، وأبو داود [3463]، والترمذي [11 131]، والنسائي [7/ 210].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:
3986 -
(00)(00) حدَّثنا شَيبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَال: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسُ يُسْلِفُونَ. فَقَال لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَسْلَفَ فَلَا يُسْلِفْ إِلَّا فِي كَيلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ"
ــ
3986 -
(00)(00)(حدثنا شيبان بن فروخ) الحبطي مولاهم أبو محمد الأبلي بضمتين وتشديد اللام، صدوق، من (9)(حدثنا عبد الوارث) بن سعيد بن ذكوان العنبري البصري، ثقة، من (8)(عن) عبد الله (بن أبي نجيح) يسار الثقفي المكي (حدثني عبد الله بن كثير) السهمي المكي (عن أبي المنهال) عبد الرحمن بن مطعم البناني المكي (عن ابن عباس) رضي الله عنهما، غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة عبد الوارث لسفيان بن عيينة (قال) ابن عباس:(قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجرًا (والناس يسلفون) أي يسلمون في الثمار (فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أسلف فلا يسلف إلا في كيل معلوم ووزن معلوم) إلى أجل معلوم، استدل به ابن حزم في المحلى [9/ 106] على أن السلم لا يجوز إلا في المكيلات أو الموزونات، وقال جمهور الفقهاء: إنه يجوز في المذروعات والمعدودات المتقاربة أيضًا بشرط تعيين الذرع أو العدد لأن خصوصية الكيل والوزن لا دخل لهما في جواز السلم وإنما المجوز هو كون المسلم فيه معلومًا وهو متحقق في المذروعات والمعدودات المتقاربة.
فإن قيل: إن السلم إنما شُرع على خلاف القياس فلا يقاس عليه غيره فالجواب أن جواز السلم في المذروعات لا يحتاج فيه إلى قياس واجتهاد وإنما ثبت بدلالة النص في حديث الباب للقطع بأن سبب شرعيته هو الحاجة الماسة إلى أخذ العاجل بالآجل وهي ثابتة من البزازين في المذروع كما في أصحاب المكيلات والموزونات يفهم ذلك كل من سمع سبب المشروعية المنقول في أثناء الأحاديث سواء كان له رتبة الاجتهاد أو لم يكن فلذا كان ثبوت السلم في المذروعات بدلالة النصوص المتضمنة للسبب كذا حققه الحافظ في الفتح.
وقوله: (إلى أجل معلوم) استدل به الحنفية على أن السلم لا يجوز إلا إذا كان المسلم فيه مؤجلا ولا يصح حالًا وهو قول مالك وأحمد والأوزاعي كما في مغني ابن قدامة [4/ 321] خلافًا للشافعي رحمه الله تعالى فإنه يقول: إن ذكر الأجل في هذا
(3987)
- (00)(00) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَينَةَ،
ــ
الحديث ليس لكونه شرطًا لجواز العقد، وإنما المراد أنه إن كان مؤجلًا فليكن إلى أجل معلوم ولأنه عقد يصح مؤجلًا فجوازه حالًا أولى لأنه من الغرر أبعد.
(وأجاب) عنه الموفق ابن قدامة بان السلم إنما جاز رخصة للرفق ولا يحصل الرفق إلا بالأجل فإذا انتفى الرفق فلا يصح ولأن الحلول يخرجه عن اسمه ومعناه، أما الاسم فلأنه يسمى سلمًا وسلفًا لتعجيل أحد العوضين وتأخر الآخر، أما المعنى فإن الشارع أرخص فيه للحاجة الداعية إليه ومع حضور ما يبيعه حالًا لا حاجة إلى السلم فلا يثبت بخلاف بيوع الأعيان فإنها لم تثبت على خلاف الأصل لمعنى يختص بالتاجيل، ولكن ليس في هذا الخلاف كبير طائل فإنه إن أراد عقد البيع حالًا عقده بلفظ البيع لا بلفظ السلم ثم يستلم المشتري المبيع في مجلس آخر ولا يمنع ذلك كون البيع حالًا.
ويروى أن مذهب الجمهور في هذا الباب أوفق بالتيسير الذي شُرع له السلم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:
3987 -
(00)(00)(حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وإسماعيل بن سالم) الصائغ بمكة البغدادي ثم المكي، ثقة، من (10) روى عنه في (4) أبواب، لم يرو عنه غير مسلم من أصحاب الأمهات (جميعًا) أي كل من الثلاثة رووا (عن ابن عيينة) كذا في النسخ الموجودة عندنا، ولكن ذكر النووي أنه وقع في رواية ابن ماهان عن مسلم (جميعًا عن ابن علية) أي عن إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي البصري المعروف بابن علية اسم أمه، ثقة، من (8) بدل ابن عيينة وهو الصواب الصحيح لأن ابن عيينة قد ذكر في روايته السابقة أول الحديث (إلى أجل معلوم) وإن هذه الرواية موافقة لرواية عبد الوارث المذكورة قبلها في عدم ذكر الأجل مخالفة لرواية ابن عيينة فإذن الصواب (عن ابن علية) وما وقع في أكثر النسخ من لفظة ابن عيينة تحريف من النساخ، هذه خلاصة ما ذكره النووي ويؤيده أن البخاري أخرج هذه الرواية من طريق ابن علية عن ابن أبي نجيح ولم يذكر فيها الأجل، راجع أول حديث من كتاب السلم في صحيحه والله أعلم.
عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ. وَلَمْ يَذْكُرْ "إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ".
3988 -
(00)(00) حدَّثنا أَبُو كُرَيبٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. قَالا: حَدَّثنَا وَكِيعٌ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. كِلاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، بِإِسْنَادِهِمْ، مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ عُيَينَةَ. يَذْكُرُ فِيهِ لا إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ"
ــ
(عن ابن أبي نجيح بهذا الإسناد) يعني عن عبد الله بن كثير عن أبي المنهال عن ابن عباس، غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة ابن علية لعبد الوارث بن سعيد، وساق ابن علية (مثل حديث عبد الوارث ولم يذكر) ابن علية لفظة "لي أجل معلوم) كما لم يذكره عبد الوارث.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثا فقال:
3988 -
(00)(00)(حدثنا أبو كريب) محمد بن العلاء (و) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (قالا: حدثنا وكيع ح وحدثنا محمد بن بشار) العبدي البصري (حدثنا عبد الرحمن بن مهدي) بن حسان الأزدي البصري، ثقة، من (9)(كلاهما) أي كل من وكيع وابن مهدي رويا (عن سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي (عن ابن أبي نجيح بإسنادهم) أي بإسناد هؤلاء الذين رووا عن ابن أبي نجيح وهم ابن عيينة وعبد الوارث وابن علية يعني عن عبد الله بن كثير عن أبي المنهال عن ابن عباس، وساق سفيان الثوري (مثل حديث ابن عيينة) المذكور في الرواية الأولى، ولكن لم (يذكر فيه) الثوري لفظة (إلى أجل معلوم) كما ذكره ابن عيينة وهذا بيان لمحل المخالفة بين السفيانين، غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة الثوري لابن عيينة.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب خمسة أحاديث: الأول: حديث أبي رافع ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني: حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعتين، والثالث: حديث جابر ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة، والرابع: حديث عائشة ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة وذكر فيه ثلاث متابعات، والخامس: حديث ابن عباس ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه ثلاث متابعات والله أعلم.