الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
562 - (2) باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه وسومه على سومه وتحريم تلقي الركبان والنجش والتصرية
3690 -
(1442)(5) حدثنا يَحْيَى بْنُ يحْيَى. قَال: قَرَأتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"لا يَبعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيعِ بَعْضٍ".
3691 -
(00)(00) حدثنا زُهَيرُ بْنُ حَرْب وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى (وَاللَّفْظُ لِزُهَيرٍ). قَالا:
ــ
562 -
(2) باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه وسومه على سومه وتحريم تلقي الركبان والنجش والتصرية
3690 -
(1442)(5)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (قال: قرأت على مالك عن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من رباعياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يبع بعضكم على بيع بعض) مثاله أن يقول: لمن اشترى شيئًا في مدة الخيار: افسخ هذا البيع وأنا أبيعك مثله بأرخص من ثمنه أو أجود منه بثمنه ونحو ذلك، وهذا حرام، وكذا يحرم الشراء على شراء أخيه وهو أن يقول للبائع في مدة الخيار: افسخ هذا البيع وأنا أشتريه منك بأكثر من هذا الثمن ونحو هذا وكلاهما ممنوع بهذا الحديث لأن العقد قد تم بينهما وفي مثله إضرار بأحدهما.
وقد فسر الحديث بعضهم كالقاضي عياض أن المراد من البيع السوم على سوم بعض وهو أن يكون المتساومان قد اتفقا على ثمن وركنا إلى عقد البيع فيأتي ثالث ويقول للبائع: أنا أشتريه منك، وذلك لا يجوز أيضًا، وسيأتي مصرحًا في حديث أبي هريرة، وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 63] والبخاري [2139]، والترمذي [1292]، والنسائي [7/ 258]، وابن ماجه [2171].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3691 -
(00)(00) (حدثنا زهير بن حرب ومحمد بن المثنى واللفظ لزهير قالا:
حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيدِ اللهِ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَال:"لَا يَبعِ الرَّجُلُ عَلَى بَيعِ أَخِيهِ، وَلَا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، إلا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ".
3692 -
(1443)(6) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ حُجْرٍ. قَالُوا: حَدَّثنَا إِسْمَاعِيلُ، (وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ)، عَنِ الْعَلاءِ،
ــ
حدثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن عبيد الله) بن عمر بن حفص (أخبرني نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما (عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عبيد الله لمالك (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (لا يبع الرجل على بيع أخيه) المراد منه المسلم، وبه استدل الأوزاعي وأبو عبيد بن حربويه من الشافعية على أن هذا إنما يحرم مع المسلم ولا بأس به مع الكافر كما حكى عنهما الحافظ في الفتح، وأصرح منه ما سيأتي في حديث أبي هريرة (لا يسم المسلم على سوم أخيه) ولكن الجمهور على أن الحكم يشمل الذمي والمستأمن أيضًا، وإنما خرج ذكر الأخ أو المسلم مخرج الغالب فلا مفهوم له، وقال في الدر المختار: وذكر الأخ في الحديث ليس قيدًا بل لزيادة التنفير، وقال ابن عابدين: قوله: بل لزيادة التنفير لأن البيع على البيع يوجب إيحاشًا وإضرارًا وهو في حق الأخ أشد منعًا، قال في النهر: كقوله في الغيبة: (ذكرك أخاك بما يكره) إذ لا خفاء في منع غيبة الذمي (ولا يخطب على خطبة أخيه إلا أن يأذن) الأول (له) أي للثاني في البيع والخطبة بعده، والظاهر أن هذا الاستثناء منصرف إلى البيع والخطبة كليهما، وقد صرح به العيني في العمدة: فإن إذن البائع الأول يدل على أنه قد رضي بفسخ البيع وحينئذٍ يجوز العقد للثاني، قال العيني في عمدة القاري:[4/ 496] وإنما حرم بيع البعض على بعض لأنه يوغر الصدور ويورث الشحناء ولهذا لو أذن له في ذلك ارتفع على الأصح وقد سبقت مباحث الخطبة في كتاب النكاح.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على السوم بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
3692 -
(1443)(6)(حدثنا يحيى بن أيوب) المقابري البغدادي (وقتيبة بن سعيد و) علي (بن حجر) السعدي المروزي (قالوا حدثنا إسماعيل وهو ابن جعفر) بن أبي كثير الزرقي المدني، ثقة، من (8)(عن العلاء) بن عبد الرحمن بن يعقوب الجهني المدني،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا يَسُمِ الْمُسْلِمُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ".
3693 -
(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْعَلاءِ وَسُهَيلٍ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
ــ
صدوق، من (5)(عن أبيه) عبد الرحمن بن يعقوب الجهني المدني، ثقة، من (3) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم مدنيون إلا الأول (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يسم) بفتح الياء وضم السين لأنه أجوف واوي كقال، وبالجزم على النهي (المسلم على سوم أخيه) المسلم، وصورته أن يتفق مالك السلعة والراغب فيها على البيع ولم يعقداه فيقول آخر للبائع: أنا أشتريه منك بثمن أزيد، وهذا حرام بعد استقرار الثمن، وأما السوم في السلعة التي تباع لمن يريد فليس بحرام اهـ نووي. وفي رد المحتار: وصورة السوم أن يتراضيا بثمن ويقع الركون به فيجيء آخر فيدفع للمالك أكثر أو مثله، قال الخير الرملي: ويدخل السوم في الإجارة، والحاصل أن موقع النهي إنما يأتي بعد استقرار الثمن بين البائع والمشتري الأول وبعد ركونهما إلى البيع أما قبل استقرار الثمن والركون فلا يكره أن يسوم الثالث كما لا يكره الخطبة على خطبة أخيه إذا لم يظهر من المرأة الركون اهـ من التكملة.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 274]، والبخاري [2140]، وأبو داود [2080]، والنسائي [6/ 71]، وابن ماجه [2172].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
3693 -
(00)(00)(وحدثنيه أحمد بن إبراهيم) بن كثير بن زيد البغدادي (الدورقي) نسبة إلى دورق بلدة من بلاد فارس لأنه ولد فيها (حدثني عبد الصمد) بن عبد الوارث بن سعيد العنبري البصري، صدوق، من (9)(حدثنا شعبة) بن الحجاج (عن العلاء) بن عبد الرحمن (وسهيل) بن أبي صالح (عن أبيهما) عبد الرحمن بن يعقوب وأبي صالح السمان كليهما (عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة شعبة بن الحجاج لإسماعيل بن جعفر قوله: (عن
ح وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. ح وَحَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيٍّ، وَهُوَ ابْنُ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يَسْتَامَ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ. وَفِي رِوَايَةِ الدَّوْرَقِيِّ: عَلَى سِيمَةِ أَخِيهِ
ــ
أبيهما) ظاهره أن العلاء وسهيلًا أخوان وأبوهما واحد والأمر ليس كذلك فإن العلاء هو ابن عبد الرحمن وسهيلًا هو ابن أبي صالح، وقد روى كل واحد عن أبيه فلا يصح التعبير بقوله:(عن أبيهما) وورد في بعض المرويات (عن أبويهما) وهو تعبير صحيح، وقيل: إنه بفتح الباء وهو تثنية أب على قول من يقول: (هذان أبان ورأيت أبين) ولكن الرواية المشهورة هي بكسر الباء (ح وحدثناه محمد بن المثنى حدثنا عبد الصمد حدثنا شعبة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة) رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة الأعمش لسهيل بن أبي صالح (ح وحدثنا عبيد الله بن معاذ) العنبري البصري (حدثنا أبي) معاذ بن معاذ العنبري البصري (حدثنا شعبة عن عدي وهو ابن ثابت) الأنصاري الكوفي، ثقة، من (4) روى عنه في (9) أبواب (عن أبي حازم) سلمان الأشجعي مولى عزة الكوفي، ثقة، من (3)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة أبي حازم لأبي صالح السمان (أن رسول الله صلى الله عليه وسأنهى أن يستام) أي أن يشتري (الرجل على سوم أخيه) يقال استام الرجل من باب استفعل إذا استدعى من البائع أن يخبره بسوم السلعة أي بثمنها، وقد يكون بمعنى الثلاثي فيقال في ثلاثيه سامه بسلعة كذا يسومه سومًا، والمرة منه سومة، وقد يكسر ما قبل الواو فتنقلب ياء فيقال سيمة، وقد جاء في رواية كما ذكره المصنف بقوله:(وفي رواية) أحمد بن إبراهيم (الدورقي على سيمة أخيه) بدل قوله على سوم أخيه بكسر السين وسكون الياء أصله سومة قلبت الواو ياءً لسكونها وانكسار ما قبلها وهو مصدر بمعنى السوم، ومعنى قوله:(نهى أن يستام الرجل على سوم أخيه) أي نهى أن يكون الرجل طالبًا لشراء سلعة تقارب الانعقاد على طلب أخيه لتلك السلعة اهـ من بعض الهوامش.
3694 -
(1444)(7) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَا يُتَلَقَّى الرُّكْبَانُ لِبَيعٍ. وَلَا يَبعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيعِ بَعْضٍ. وَلَا تَنَاجَشُوا. وَلَا يَبعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ
ــ
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله تعالى عنه فقال:
3694 -
(1444)(7)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (قال: قرأت على مالك) بن أنس (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم مدنيون إلا يحيى بن يحيى (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يتلقى الركبان) بالبناء للمفعول أي لا تستقبل القافلة قبل دخولهم البلد (لبيع) أي لشراء ما معهم من البضاعة برخص، قال النووي: تلقي الركبان هو أن يستقبل الحضري البدوي قبل وصوله إلى البلد ويخبره بكساد ما معه كذبًا ليشتري منه سلعته بأقل من ثمن المثل، والركبان جمع راكب وهم القافلة سماهم ركبانًا لركوبهم الإبل غالبًا، والمعنى لا تستقبلوا الذين يحملون المتاع إلى البلد للاشتراء منهم قبل أن يقدموا الأسواق ويعرفوا الأسعار (و) قال:(لا يبع بعضكم على بيع بعض) وقد مر بسط الكلام فيه (ولا تناجشوا) أصله تتناجشوا حذفت إحدى التاءين لتوالي الأمثال، وقد مر أنه الزيادة في الثمن بلا رغبة في الشراء ليغر غيره بتلك الزيادة اهـ قسط، قال القرطبي: أصل النجش الاستثارة والاستخراج، ومنه سمي الصائد ناجشًا لاستخراجه الصيد من مكانه والمراد به في الحديث النهي عن أن يزيد في ثمن السلعة ليغر غيره وكأنه استخرج منه في ثمن السلعة ما لا يريد أن يخرجه فإذا وقع فمن رآه لحق الله تعالى فسخ ومن رآه لحق المشتري خيره فإما رضي أو فسخ، قال أبو عبيد الهروي: أصل النجش مدح الشيء وإطراؤه فالناجش يغر المشتري بمدحه ليزيد في الثمن اهـ.
(ولا يبع حاضر لباد) وهذا مفسر بقول ابن عباس رضي الله عنهما لا يكن سمسارًا، وظاهر هذا النهي العموم في جميع أهل البوادي أهل العمود وغيرهم قريبًا كانوا من الحضر أو بعيدًا كان أصل المبيع عندهم بشراء أو كسب وإليه صار غير واحد من العلماء، وحمله مالك على أهل العمود ممن بعد منهم عن الحضر ولا يعرف
وَلَا تُصَرُّوا الإِبِلَ وَالْغَنَمَ
ــ
الأسعار إذا كان الذي جلبوه من فوائد البادية بغير شراء وإنما قيده مالك بهذه القيود نظرًا إلى المعنى المستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم: "دع الناس يرزق الله بعضهم من بعض" وذلك أن مقصوده أن يرتفق أهل الحاضرة بأهل البادية بحيث لا يضر ذلك أهل البادية ضررًا ظاهرًا وهذا لا يحصل إلا بمجموع تلك القيود اهـ من المفهم باختصار.
واختلف في شراء أهل الحاضرة للبادي فقيل بمنعه قياسًا على البيع لهم، وقيل: يجوز ذلك لأنه لما صار ثمن سلعته بيده عينًا أشبه أهل الحضر فإذا وقع هذا البيع فهل يفسخ معاقبة لهم أو لا يفسخ لعدم خلل ركن من أركان البيع قولان اهـ منه (ولا تصروا) بضم التاء وفتح الصاد وضم الراء المشددة بعدها واو الجمع (الإبل والغنم) بالنصب على المفعولية نظير {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32] وهو من التصرية كالتزكية وهو الصحيح ضبطًا ومعنى وضبطه بعضهم (ولا تصروا) بفتح التاء وضم الصاد ونصب الإبل وبعضهم بضم التاء وفتح الصاد ورفع الإبل وعلى هذين الضبطين من الصر الذي هو الربط ولو كانت كذلك لقيل فيها مصررة وإنما جاء مصراة وما هنا من التصرية، يقال: صرى الإبل يصري تصرية كزكى يزكي تزكية، ويقال: صرّاها يصرِّيها تصرية فهي مصراة كغشاها يغشيها تغشية فهي مغشاة وزكاها يزكيها تزكية فهي مزكاة، ومعنى (التصرية) عند الفقهاء أن يجمع اللبن في الضرع يومين أو ثلاثة حتى يعظم فيظن المشتري أن ذلك لكثرة اللبن وعظم الضرع وهي المسماة أيضًا بـ (المحفَّلة) في حديث آخر رواه البخاري [2149] يقال: ضرع حافل أي عظيم و (المحفل) الجمع العظيم، وقال الشافعي: التصرية أن يربط أخلاف الناقة أو الشاة ويترك حلبها يومين أو ثلاثة حتى يجتمع لبنها فيزيد المشتري في ثمنها لما يرى من ذلك، قال الخطابي: والذي قال الشافعي صحيح لأن العرب تصر الحلوبات وتسمى ذلك الرباط صرارًا، واستشهد لهم بقول العرب (العبد لا يحسن الكر، وإنما يحسن الحلب والصر) قاله عنترة لأبيه.
وأصل (لا تصروا الإبل) على القول الصحيح لا تصرِّيُوا استثقلت الضمة على الياء فنُقلت إلى ما قبلها لأن واو الجمع لا يكون ما قبلها إلا مضمومًا فانقلبت الياء واوًا واجتمع ساكنان فحذفت الواو الأولى وبقيت واو الجمع ساكنة فحذفت لالتقاء الساكنين، ومعنى الحديث لا تجمعوا اللبن في ضرعها عند إرادة بيعها حتى يعظم ضرعها فيظن المشتري أن كثرة لبنها عادة لها مستمرة، ومنه قول العرب صريت الماء في
فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهْو بِخَيرِ النَّظَرَينِ، بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا. فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا. وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ".
3695 -
(00)(00) حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيٍّ (وَهُوَ ابْنُ ثَابِتٍ) عَنْ أَبِي حَازِمٍ،
ــ
الحوض أي جمعته وصرى الماء في ظهره أي حبسه فلم يتزوج وخص الإبل والغنم بالذكر لأنهما أكثر أموال العرب وإلا فالبقر كذلك، والضمير في قوله:(فمن ابتاعها بعد ذلك) للمصراة المفهومة من السياق أي فمن اشترى المصراة ظانًّا كثرة لبنها فبان خلافها (فهو) أي فمشتريها ملتبس (بخير النظرين) أي مستحق بخير الأمرين من الرد والإمساك (بعد أن يحلبها) بضم اللام (فإن رضيها) مع عيبها (أمسكها) في ملكه فلا يردها (وإن سخطها) لعيبها ولم يرض إمساكها (ردها) أي رد المصراة (و) رد معها (صاعًا من تمر) بدل اللبن المحلوب، ولو اشترى مصراة بصاع من تمر ردها وصاع تمر إن شاء واسترد صاعه، قال القاضي وغيره: لأن الربا لا يؤثر في الفسوخ.
قوله: (بخير النظرين) أي بخير الأمرين له إما إمساكه المبيع أو رده أيهما اختاره فعله كما فُسر في الحديث بقوله: (فإن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعًا) أي مع صاع من تمر عوضًا عن لبنها المحلوب، قال في المبارق: لأن بعض اللبن حدث في ملك المشتري وبعضه كان مبيعًا فلعدم تميزه امتنع رده ورد قيمته فأوجب الشارع صاعًا قطعًا للخصومة من غير نظر إلى قلة اللبن وكثرته كما جعل دية النفس مائة من الإبل مع تفاوت النفس، وعمل الشافعي بالحديث وأثبت الخيار في المصراة، وقال أبو حنيفة: لا خيار فيها، والحديث متروك العمل لأنه مخالف للأصل المستفاد من قوله تعالى:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيكُمْ} وهو إيجاب المثل أو القيمة عند فوات العين، أو يقال: إنه كان قبل تحريم الربا بأن جوز في المعاملات أمثال ذلك ثم نُسخ اهـ. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [2727] والنسائي [7/ 255].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
3695 -
(00)(00)(حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري) البصري (حدثنا أبي) معاذ بن معاذ العنبري (حدثنا شعبة) بن الحجاج البصري (عن عدي وهو ابن ثابت) الأنصاري الكوفي، ثقة، من (4)(عن أبي حازم) سلمان الأشجعي الكوفي، ثقة، من
عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ التَّلَقِّي لِلرُّكْبَانِ. وَأَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ. وَأَنْ تَسْأَلَ الْمرْأَةُ طَلاقَ أُخْتِهَا. وَعَنِ النَّجْشِ. وَالتَّصْرِيَةِ. وَأَنْ يَسْتَامَ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ.
3696 -
(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ أَبُو بَكْرٍ بْنُ نَافِعٍ - حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ. ح وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ. ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ
ــ
(3)
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة أبي حازم لعبد الرحمن الأعرج (أن رسول الله صلى الله عليه وسأنهى عن التلقي) والاستقبال (للركبان) أي للرفقة القادمة بالسلع ليشتريها منهم قبل أن تبلغ الأسواق بدون ثمن مثلها (وأن يبيع حاضر لباد وأن تسأل المرأة) الأجنبية (طلاق أختها) في الإسلام، وزاد في رواية سعيد بن المسيب عند البخاري (لتكفأ ما في إنائها) ومعناه نهي المرأة الأجنبية أن تسأل الزوج طلاق زوجته لينكحها أو أن يخطب الرجل المرأة وله امرأة فتشترط عليه طلاق الأولى لتنفرد به وليصير لها من نفقته ومعاشرته ما كان للمطلقة فعبر عن ذلك بإكفاء ما في الإناء، والكفوء والإكفاء بمعنى الإمالة وهذا مثل لإمالة الضرة حق صاحبتها من زوجها إلى نفسها كذا في عمدة القاري [4/ 497](و) نهى (عن النجش) وهو أن يزيد في ثمن السلعة المعروضة للبيع بلا رغبة فيها ليغر المشتري بها بإيقاعه في الزيادة على ثمن المثل وهو حرام لما فيه من إضرار المشتري (و) نهى عن (التصرية) وهو أن يترك اللبن في ضروعها أيامًا ولا يحلب ليراها الناظر منتفخة الضروع فيظنها كثيرة الدر (وأن يستام الرجل على سوم أخيه).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
3696 -
(00)(00)(وحدثنيه) أي حدثني الحديث المذكور يعني حديث أبي هريرة (أبو بكر) محمد بن أحمد (بن نافع) العبدي البصري ثقة من (10)(حدثنا غندر) محمد بن جعفر الهذلي البصري، ثقة، من (9)(ح وحدثناه محمد بن المثنى حدثنا وهب بن جرير) بن حازم بن زيد الأزدي البصري، ثقة، من (9)(ح وحدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد) بن عبد الوارث بن سعيد العنبري البصري، صدوق، من
حَدَّثَنَا أَبِي. قَالُوا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ فِي حَدِيثِ غُنْدَرٍ وَوَهْبٍ: نُهِيَ. وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الصَّمَدِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى. بِمِثْلِ حَدِيثِ مُعَاذٍ عَنْ شُعْبَةَ.
3697 -
(1445)(8) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ النَّجْشِ
ــ
(11)
(حدثنا أبي) عبد الصمد بن عبد الوارث (قالوا) أي: قال كل من غندر ووهب بن جرير وعبد الصمد بن عبد الوارث حالة كونهم (جميعًا) أي مجتمعين متفقين على الرواية عن شعبة (حدثنا شعبة بهذا الإسناد) يعني عن عدي عن أبي حازم عن أبي هريرة، غرضه بسوق هذه الأسانيد بيان متابعة هؤلاء الثلاثة لمعاذ بن معاذ ولكن (في حديث غندر ووهب) بن جرير لفظة (نُهي) بالبناء للمجهول (وفي حديث عبد الصمد أن رسول الله صلى الله عليه وسأنهى) بصيغة المبني للمعلوم، وساقوا (بمثل حديث معاذ عن شعبة).
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث ابن عمر في النجش رضي الله عنهم فقال:
3697 -
(1445)(8)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (قال: قرأت على مالك عن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما، وهذا السند من رباعياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسأنهى عن النجش). وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 63]، والبخاري [2165]، وأبو داود [3436]، والنسائي [7/ 257]، وابن ماجه [2179].
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب أربعة أحاديث: الأول: حديث ابن عمر الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني: حديث أبي هريرة الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث: حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والرابع: حديث ابن عمر الأخير ذكره للاستشهاد به لحديث أبي هريرة والله أعلم.
***