المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌573 - (13) باب النهي عن بيع فضل الماء وعن ضراب الفحل والنهي عن ثمن الكلب ونحوه - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١٧

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب: البيوع

- ‌561 - (1) باب النهي عن الملامسة والمنابذة وبيع الحصاة والغرر وبيع حبل الحبلة

- ‌562 - (2) باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه وسومه على سومه وتحريم تلقي الركبان والنجش والتصرية

- ‌563 - (3) باب النهي عن تلقي الجلب وبيع حاضر لباد وبيان أن التصرية عيب يوجب الخيار

- ‌564 - (4) باب بطلان بيع المبيع قبل القبض وتحريم بيع الصبرة المجهولة القدر بتمر معلوم

- ‌565 - (5) باب الخيار للمتبايعين والصدق في البيع وترك الخديعة والنهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها

- ‌566 - (6) باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا ومن باع نخلًا عليها ثمر أو عبدًا له مال

- ‌567 - (7) باب النهي عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة وبيع الثمرة قبل بدو صلاحها وعن المعاومة

- ‌568 - (8) باب ما جاء في كراء الأرض

- ‌569 - (9) باب كراء الأرض بالطعام المسمى أو بالذهب والفضة والنهي عن المزارعة والأمر بالمنيحة بها

- ‌570 - (10) باب المساقاة على جزء من الثمر والزرع وفضل الغرس والزرع

- ‌571 - (11) باب وضع الجوائح وقسم مال المفلس والحث على وضع بعض الدين

- ‌572 - (12) باب من أدرك ماله عند مفلس وفضل إنظار المعسر والتجاوز عنه والحوالة

- ‌573 - (13) باب النهي عن بيع فضل الماء وعن ضراب الفحل والنهي عن ثمن الكلب ونحوه

- ‌574 - (14) باب الأمر بقتل الكلاب وبيان نسخه وتحريم اقتنائها إلَّا لحاجة وإباحة أجرة الحجامة

- ‌575 - (15) باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام

- ‌576 - (16) أبواب الربا والصرف وتحريم التفاضل والنساء في بيع النقود

- ‌فصل في بيان اختلاف الفقهاء في علة ربا الفضل

- ‌577 - (17) باب النهي عن بيع الورق بالذهب دينًا وبيع القلادة فيها خرز وذهب بذهب

- ‌578 - (18) باب بيع الطعام بالطعام مثلًا بمثل وحجة من قال: لا ربا إلا في النسيئة

- ‌579 - (19) باب لعن من أقدم على الربا واتقاء الشبهات وبيع البعير واستثناء حملانه

- ‌579 - (19) باب الاستقراض وحسن القضاء فيه وجواز بيع الحيوان بالحيوان من جنسه وجواز الرهن والسلم

- ‌580 - (20) باب النهي عن الحكرة والحلف في البيع والشفعة وغرز الخشب في جدار الجار

الفصل: ‌573 - (13) باب النهي عن بيع فضل الماء وعن ضراب الفحل والنهي عن ثمن الكلب ونحوه

‌573 - (13) باب النهي عن بيع فضل الماء وعن ضراب الفحل والنهي عن ثمن الكلب ونحوه

3871 -

(1500)(64) وحدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شَيبَةَ. أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ. ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ، عَنْ أبي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ. قَال: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيعِ فَضْلِ الْمَاءِ

ــ

573 -

(13) باب النهي عن بيع فضل الماء وعن ضراب الفحل والنهي عن ثمن الكلب ونحوه

3871 -

(1500)(64)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة أخبرنا وكيع ح وحدثني محمَّد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي (حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد) القطَّان (جميعًا) أي كل من وكيع ويحيى (عن ابن جريج عن أبي الزُّبير) المكيّ (عن جابر بن عبد الله) الأَنْصَارِيّ رضي الله عنهما. وهذا السندان من خماسياته (قال) جابر: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع فضل الماء) أي عن بيع ما فضل عن حاجته من ذي حاجة ولا ثمن له فإن كان له ثمن فالأولى إعطاؤه بلا ثمن اهـ مناوي، وفي رواية للنسائي عن طريق عطاء عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسأنهى عن بيع الماء، ولم يذكر لفظ فضل هذا الحديث يدل بظاهره على أن بيع الماء ممنوع مطلقًا وإليه جنح ابن حزم في المحلى، والشوكاني في نيل الأوطار ولكن لا يوجد من السلف من يحمل المنع على ظاهره فإن الماء المحرز في الجرار والأواني مملوك بالإجماع فيجوز بيعه فالمراد من الماء في الحديث ماء الأنهار والبحار التي لا ملك فيها لأحد، ويدل عليه ما أخرجه أَحْمد في مسنده عن إياس بن عبد من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: لا تبيعوا فضل الماء فإن النَّبِيّ صلى الله عليه وسأنهى عن بيع الماء. قال: والناس يبيعون ماء الفرات فنهاهم. فإنَّه يدل بظاهره أن النهي وارد في ماء الأنهار، وأما كون الماء المحرز مملوكًا فيدل عليه حديث الباب حيث خص النهي بفضل الماء فيدل على أن بيع أصله مباح وإنما الممنوع بيع فضله، ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم:"من أحيا أرضًا ميتة فهي له" فإن الأرض الميتة مباحة لكل أحد وتملك بالإحياء وكذلك الصيود كلها مباحة في الأصل وتملك بالاصطياد فيقاس عليها الماء فإنَّه مباح في أصله وصار هذا

ص: 227

3872 -

(1501)(65) وحدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله يَقُولُ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيعِ ضِرَابِ الْجَمَلِ، وَعَنْ بَيعِ الْمَاءِ وَالأرْضِ لِتُحْرَثَ، فَعَنْ

ــ

القياس مؤكدًا بإجماع الأمة فلا يجوز العدول عنه اهـ من التكملة بتصرف.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أَحْمد [3/ 356] والنَّسائيّ [7/ 306] ، وابن ماجه [2477].

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث آخر لجابر رضي الله عنه فقال:

3872 -

(1501)(65)(وحدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي (أخبرنا روح بن عبادة) بن العلاء بن حسان القيسي البَصْرِيّ، ثِقَة، من (9) روى عنه في (14) بابا (حَدَّثَنَا ابن جريج أخبرني أبو الزُّبير أنَّه سمع جابر بن عبد الله يقول) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مكيان وواحد مدني وواحد بصري وواحد مروزي. وشارك المؤلف في هذا الحديث النَّسائيّ [7/ 310] فقط (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ضراب الجمل) أي عن أجرة ضرابه فاستئجاره لذلك باطل عند الشَّافعيّ وأبي حنيفة للغرر والجهالة اهـ مناوي. والجمل ذكر الإبل والمراد ما يعم فحول كل الحيوان، قال ابن الأثير في جامع الأصول:[1/ 490] يقال: ضرب الفحل الأنثى إذا ركبها للوقاع وعلا عليها فالمراد من بيع ضراب الجمل إجارة الفحل للضراب، وقد ورد النهي عن أخذ الأجرة عليه في غير ما حديث وبه أخذ الحنفية والجمهور، وروي عن مالك وبعض العلماء إجازته وحمل الحديث على التنزيه اهـ.

(و) نهى (عن بيع الماء والأرض لتحرث) أي لتزرع بأن يعطي الرَّجل أرضه والماء الذي لتلك الأرض أحدًا فيكون منه الأرض والماء ومن الآخر البذر والحراثة ليأخذ رب الأرض بعض الخارج من الحبوب اهـ مرقاة، والمعنى نهى عن إجارتها للزرع وقد سبقت المسألة مبسوطة في باب كراء الأرض وذكرنا هناك أن الجمهور يجوزون إجارتها بالدراهم وبشطر ما يخرج منها ويحملون أحاديث النهي على التنزيه ليعتادوا إعارتها وإرفاق بعضهم بعضًا أو على إجارتها بأن يكون للمالك قدر معلوم من الخارج (فعن

ص: 228

ذلِكَ نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.

3873 -

(1502)(66) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأتُ َعَلَى مَالِكٍ ح وَحَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيثٌ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا يُمْنَعُ فَضلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلأُ"

ــ

ذلك) المذكور كله من بيع ضراب الفحل وبيع الماء والأرض لتحرث (نهى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كرره لتأكيد ما قبله.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى لحديث جابر الأول بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما فقال:

3873 -

(1502)(66)(حَدَّثَنَا يحيى بن يحيى) التَّمِيمِيّ (قال: قرأت على مالك) بن أنس الإِمام الأعظم في الفروع (ح وحدثنا قتيبة بن سعيد حَدَّثَنَا ليث) بن سعد (كلاهما) أي كل من مالك وليث رويا (عن أبي الزِّناد) عبد الله بن ذكوان المدنِيُّ (عن) عبد الرَّحْمَن بن هرمز (الأعرج) المدنِيُّ (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يُمنع فضل الماء) أي الماء الفاضل عن حاجة صاحبه (ليمنع به) أي بسبب منع الماء (الكلأ) المباح أي من رعيه، واللام فيه للعاقبة كما في قوله تعالى:{لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} والكلأ بفتحتين على وزن جبل كما في القاموس العشب بضم العين وسكون الشين؛ وهو النبات رطبًا كان أو يابسًا ويجمع على أكلاء كما في المصباح كسبب وأسباب، وأما الخلا مقصورًا غير مهموز فمختص بالرطب ويقال له أَيضًا: الرطب بضم الراء وإسكان الطاء ومعناه من كان له بئر مملوكة وحوله كلأ فلا يجوز له أن يمنع ماشية غيره من مائه فإنَّه يستلزم منعها من الكلإِ لأنه إذا منعهم عن فضل ماء من الأرض ولا ماء بها سواه لم يمكن لهم الرعي بها خوفًا من العطش فيصير الكلأ ممنوعًا بمنع الماء، واختلف العلماء في أن هذا النهي للتحريم أو التنزيه فرجح الطيبي حمله على كراهة التنزيه وحكى صاحب التوضيح حرمته عن مالك والأوزاعي والشافعي مطلقًا، والأصح عند الشافعية أنَّه يجب بذله للماشية لا للزرع وهو مذهب الحنفية فيما حكاه العيني ولا يُفرق مالك بين المواشي والزرع بل يوجب البذل في الجميع ووجه الفرق بين المواشي والزرع أن الماشية ذات روح يُخشى عليها الموت بالعطش بخلاف الزرع كما في عمدة القاري.

ص: 229

3874 -

(00)(00) وحدّثني أبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ (وَاللَّفْظُ لِحَرْمَلَةَ) أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ؛ أن أَبَا هُرَيرَةَ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تَمْنَعُوا فَضلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ الْكَلأَ"

ــ

ويتحصل مما ذكرنا أن الماء ثلاثة أقسام: الأول: ماء البحار والأنهار التي لا ملك عليها لأحد فهو مباح عام لا يجوز لأحد أن يمنع غيره منه، والثاني: الماء المحرز بالجرار والأواني والتنكات والبراميل وهو مملوك لمحرزه بالإجماع ولا يجب بذله إلَّا لمضطر، والثالث: ماء الأبيار والحياض والعيون والقنا المملوكة في الأراضي المملوكة أو الموات وفيه خلاف فقال بعض الشافعية: إنه مملوك كالماء المحرز في الأواني وهو قول يحيى والمؤيد باللهِ، وقال الحنفية وأكثر الشافعية: إنه حق لا ملك كما في نيل الأوطار [5/ 259] ومعنى كونه حقًّا أنَّه أحق به من غيره ولكن يجب بذل ما فضل عن حاجته لشرب غيره.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أَحْمد [2/ 244] ، والبخاري [2353] والتِّرمذيّ [1272] ، وابن ماجه [2478].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

3874 -

(00)(00)(وحدثني أبو الطاهر وحرملة) بن يحيى (واللفظ لحرملة أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب حَدَّثني سعيد بن المسيّب) بن حزن المخزومي المدنِيُّ، ثِقَة، من (2)(وأبو سلمة) عبد الله (بن عبد الرَّحْمَن) بن عوف الزُّهْرِيّ المدنِيُّ، ثِقَة، من (3) (أن أَبا هريرة) رضي الله عنه (قال): وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة ابن المسيّب وأبي سلمة لعبد الرَّحْمَن الأعرج (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا فضل الماء) أي الماء الفاضل عن حاجتكم عن سقي ماشية غيركم (لتمنعوا به الكلأ) أي لتمنعوها بسبب منع الماء عن رعي الكلإِ المباح وصورة ذلك كما مر آنفًا أن يكون للإنسان بئر في الفلاة فيها ماء فاضل عن حاجته ويكون هناك كلا ليس عنده ماء غيره فإذا منع صاحب الماء أصحاب المواشي عن الماء يكون مانعًا من رعي الكلإِ لأنه لا يمكن لهم الرعي خوفًا من العطش، قيل: النهي للتنزيه لأن الماء ملكه فبذله من باب المعروف اهـ نووي.

ص: 230

3875 -

(00)(00) وحدّثنا أحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّوْفَلِيُّ. حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أخْبَرَنِي زِيادُ بْنُ سَعْدٍ؛ أَنَّ هِلَال بْنَ أسَامَةَ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمنِ أَخْبَرَهُ؛ أنَّهُ سَمِعَ أبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يُبَاعُ فَضلُ الْمَاءِ لِيُبَاعَ بِهِ الكَلأُ".

3876 -

(1503)(67) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأتُ َعَلَى مَالِكٍ،

ــ

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

3875 -

(00)(00)(وحدثنا أَحْمد بن عثمان) بن أبي عثمان (النوفلي) البَصْرِيّ، ثِقَة، من (11) روى عنه في (7) أبواب (حَدَّثَنَا أبو عاصم) النبيل (الضحاك بن مخلد) الشَّيبانِيّ البَصْرِيّ، ثِقَة ثبت، من (9) روى عنه في (12) بابا (حَدَّثَنَا ابن جريج أخبرني زياد بن سعد) بن عبد الرَّحْمَن الخُرَاسَانِيّ ثم المكيّ ثم اليمنى، ثِقَة ثبت، من (6) روى عنه في (8) أبواب (أن هلال) بن عليّ (بن أسامة) بن أبي ميمونة القُرشيّ العامري مولاهم المدنِيُّ ويُنسب إلى جده كما في المتن، ثِقَة، من (5) روى عنه في (3) أبواب (أخبره أن أَبا سلمة بن عبد الرَّحْمَن أخبره أنَّه سمع أَبا هريرة) رضي الله عنه (يقول): وهذا السند من سباعياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان مكيان واثنان بصريان، غرضه بيان متابعة هلال بن أسامة لابن شهاب (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يباع فضل الماء) أي الماء الفاضل عن حاجة صاحبه (ليباع به) أي بسبب بيعه (الكلأ) أي العشب المباح (وقوله: لا يباع فضل الماء) صريح في حرمة بيع الفضل ممن يريد شربه أو سقي دابته منه، ففيه حجة على من قال: لا يحرم بيع الفضل وإنما يحرم منعه فيجب عليه البذل ولو بالقيمة (وقوله: ليباع به الكلأ) هذا يدل على أن حكم حرمة البيع إنما هو في فضل ماء أُريد شربه لأنه هو الذي يستلزم بيع الكلإِ، والكلأ لا يمنع لأنه مباح عام، وأما الماء الذي قصد به سقي المزارع فلا يستلزم ذلك، فظهر أن حكم المنع في الحديث إنما هو في الأول دون الثاني والله أعلم.

ثم استدل المؤلف على الجزء الأخير من الترجمة بحديث أبي مسعود الأَنْصَارِيّ رضي الله عنه فقال:

3876 -

(1503)(67) (حَدَّثَنَا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك

ص: 231

عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ، عَنْ أبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَمَهْرِ الْبَغِيِّ،

ــ

عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن) بن الحارث بن هشام القُرشيّ المدنِيُّ، والصحيح أن اسمه وكنيته واحد، ثِقَة، من (3)(عن أبي مسعود الأَنْصَارِيّ) البدري عقبة بن عمرو المدنِيُّ رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم مدنيون إلَّا يحيى بن يحيى (أن رسول الله صلى الله عليه وسأنهى عن) أخذ (ثمن الكلب) وأكله، وفي الحديث الآخر:(وثمن الكلب خبيث) وهو ظاهر في تحريم بيع الكلاب كلها، ولا شك في تناول هذا العموم لغير المأذون فيه منها لأنها إما مضرة فيحرم اقتناؤها فيحرم بيعها وإما غير مضرة فلا منفعة فيها، وأما المأذون في اتخاذها فهل يتناولها عموم هذا النهي أم لا؟ فذهب الشَّافعيّ والأوزاعي وأَحمد إلى تناوله لها فقالوا: إن بيعها محرم فيفسخ إن وقع ولا قيمة لما يُقتل منها، واعتضد الشَّافعيّ بأنها نجسة عنده، ورأى أبو حنيفة أنَّه لا يتناولها لأن فيها منافع مباحة يجوز اتخاذها لأجلها فتجوز المعاوضة عليها ويجوز بيعها لأنها غير نجسة عنده وجل مذهب مالك على جواز الاتخاذ وكراهية البيع ولا يفسخ إن وقع، وقد قيل عنه مثل قول الشَّافعيّ، وقال ابن القاسم: يكره للبائع ويجوز للمشتري للضرورة وكان مالكًا رحمه الله في المشهور عنه لما لم يكن الكلب عنده نجسًا وكان مأذونًا في اتخاذه لمنافعه الجائزة كان حكمه حكم جميع المبيعات لكن الشرع نهى عن بيعه تنزيهًا لأنه ليس من مكارم الأخلاق فإن قيل: قد سوى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بين ثمن الكلب وبين مهر البغي وحلوان الكاهن في النهي عنها والمهر والحلوان محرمان بالإجماع فليكن ثمن الكلب كذلك.

فالجواب إنَّا كذلك نقول: لكنه محمول على الكلب الغير المأذون فيه ولئن سلمنا أنَّه متناول للكل لكن هذا النهي ها هنا قُصد به القدر المشترك الذي بين التحريم والكراهية إذ كل واحد منهما منهي عنه ثم تؤخذ خصوصية كل واحد منهما من دليل آخر كما قد اتفق هنا فإنَّه إنما علمنا تحريم مهر البغي وحلوان الكاهن بالإجماع لا بمجرد النهي سلمنا ذلك لكنا لا نسلم أنَّه يلزم من الاشتراك في مجرد العطف الاشتراك في جميع الوجوه إذ قد يعطف الأمر على النهي والإيجاب على النافي وإنما ذلك في محل مخصوص كما بيناه في أصول الفقه اهـ من المفهم.

(و) نهى عن (مهر البغي) أي عن العوض الذي تأخذه على زناها وسماه مهرًا لأنه

ص: 232

وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ.

3877 -

(00)(00) وحدثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ومُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، عَنِ اللَّيثِ بْنِ سَعْدٍ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ. كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهذا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ

ــ

معاوضة عن الفرج، والبغي -بفتح الباء وكسر الغين وتشديد الياء كالقوي- الزانية والبغي بسكون الغين الزنا وكذلك البغاء بمعنى الزانية تجمع على البغايا، وأصله بغوي كركوب وحلوب، ومهر البغي هو ما تأخذه الزانية على زناها من الأجرة وإطلاق المهر عليه مجاز، وما وقع في بعض الروايات من النهي عن كسب الإماء فالمراد منه هذا والله أعلم اهـ من عمدة القاري.

(و) نهى عن (حلوان الكلاهن) والحلوان أجرة الكاهن يقال: حلوت الكاهن حلوانًا إذا أعطيت أجرته، قال الحافظ في الفتح: أصله من الحلاوة شُبّه بالشيء الحلو من حيث إنه يأخذه سهلًا بلا كلفة ولا مشقة يقال: حلوته إذا أطعمته الحلو والحلوان أَيضًا الرشوة والحلوان أَيضًا أخذ الرَّجل مهر ابنته لنفسه، وأما الكاهن فكان يطلق عند العرب على كل من يدعي الإخبار عن الغيب، والفرق بين الكاهن والعراف على ما ذكره النووي والأبي أن الكاهن هو الذي يُخبر عن المستقبل والعراف هو الذي يُخبر بالمستور الموجود كالمسروق والضالة وقد يطلق على العراف اسم الكاهن أَيضًا، وقد دل الحديث على حرمة حلوان الكاهن وهو حكم قد أجمع عليه الفقهاء، وفي معناه التنجيم والضرب بالحصا وغير ذلك مما يتعاناه العرافون من استطلاع الغيب والله سبحانه وتعالى أعلم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخَارِيّ [5346] ، وأبو داود [3481] ، والتِّرمذيّ [1276] ، والنَّسائيّ [7/ 309].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي مسعود الأَنْصَارِيّ رضي الله عنه فقال:

3877 -

(00)(00) (وحدثنا قتيبة بن سعيد ومحمَّد بن رمح عن الليث بن سعد خ

وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حَدَّثَنَا سفيان بن عيينة كلاهما) أي كل من ليث وسفيان رويا (عن الزُّهْرِيّ بهذا الإسناد) يعني عن أبي بكر عن أبي مسعود وساقا (مثله) أي مثل ما

ص: 233

وَفِي حَدِيثِ اللَّيثِ من رِوَايَةِ ابْنِ رُمْحٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مَسْعُودٍ.

3878 -

(1504)(68) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، قَال: سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يُحَدِّثُ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ. قَال: سَمِعْتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "شَرُّ الْكَسْبِ مَهْرُ الْبَغِيّ، وَثَمَنُ الْكَلْبِ، وَكَسْبُ الْحَجَّامِ"

ــ

حدّث مالك عن الزُّهْرِيّ، غرضه بيان متابعتهما لمالك بن أنس (و) لكن (في حديث الليث من رواية ابن رمح أنَّه) أي أن أَبا بكر (سمع أَبا مسعود) الأَنْصَارِيّ بدل العنعنة في رواية غيره.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي مسعود بحديث رافع بن خديج رضي الله تعالى عنهما فقال:

3878 -

(1504)(68)(وحدثني محمَّد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي (حدثنا يحيى بن سعيد القطَّان عن محمَّد بن يوسف) بن عبد الله بن يزيد الكندي المدنِيُّ الأعرج، ثِقَة، من (5) روى عنه في بابين الصوم والبيوع (قال) محمَّد:(سمعت السائب بن يزيد) بن سعيد بن ثمامة الكندي المدنِي الصحابي المشهور رضي الله عنه (يحدّث عن رافع بن خديج) بن رافع بن عدي الأَنْصَارِيّ الأوسي المدنِي الصحابي المشهور رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وواحد بصري وواحد بغدادي، وفيه رواية صحابي عن صحابي (قال) رافع:(سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول: شر الكسب) وأخبثه وأشده حرمة (مهر البغي) أي عوض الزانية بالإجماع (وثمن الكلب) على الخلاف فيه كما مر (و) أدنؤه كراهة (كسب الحجام) أي ما يكتسبه بحجامته، والحجام من يخرج الدم بحجم أو غيره، والكسب في الأصل مصدر كسب من باب ضرب يقال: كسبت المال أكسبه كسبًا وهو هنا بمعنى المفعول أي المكسوب لأنه أخبر عنه بالثَّمن ونحوه أي شر المكسوب مهر البغي الخ.

قال القرطبي: ومساق هذا الحديث يدل على صحة ما قلناه سابقًا من أنَّه لا تلزم المساواة في المعطوفات ألا ترى أنَّه شرك بين مهر البغي وثمن الكلب وكسب الحجام في الأشربة ثم إن نسبة الشر لمهر البغي كنسبته إلى كسب الحجام مع أن مهر البغي حرام بالإجماع وكسب الحجام مكروه فقد صح أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى

ص: 234

3879 -

(00)(00) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الأوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ قَارِظٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ. حَدَّثَنِي رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ

ــ

الحجام أجره رواه البُخَارِيّ وأبو داود قال ابن عباس: ولو كان حرامًا لم يعطه، وقد سأله رجل عن كسب الحجام فنهاه ثم سأله فنهاه ثم سأله فقال في الثالثة: اعلفه ناضحك وأطعمه رقيقك رواه أَحْمد وأبو داود والتِّرمذيّ وابن ماجه فلو كان حرامًا لما أجاز له تملكه ولا أن يدفع به حقًّا واجبًا عليه وهو نفقة الرقيق فيكون (شر) في كسب الحجام بمعنى ترك الأولى والحض على الورع وهذا مثل ما تقدم في الصلاة (شر صفوف النساء أولها) ويكون (شر) في مهر البغي محمولًا على التحريم.

وعلى هذا فإما أن يحمل لفظ (شر) في صدر الحديث على قدر مشترك بين المحرم والمكروه أو على أن اللفظ المشترك قد يراد به جميع متناولاته وهذا كله إذا تنزلنا على أن كسب الحجام هو ما يأخذه أجرة على نفس عمل الحجامة فإن حملناه على ما يكتسبه من بيع الدم فقد كانوا في الجاهلية يأكلونه فلا يبعد أن يكونوا يشترونه للأكل فيكون ثمنه حرامًا كما قد قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله إذا حرم على قوم شيئًا حرم عليهم ثمنه" رواه أَحْمد وأبو داود، وقد جاء في بعض طرق هذا الحديث:"ثمن الدم حرام". وهذا الحديث انفرد به الإِمام مسلم رحمه الله تعالى.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث رافع بن خديج رضي الله عنه فقال:

3879 -

(00)(00)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم) بن راهويه الحنظلي (أخبرنا الوليد ابن مسلم) القُرشيّ مولاهم الدِّمشقيّ، ثِقَة، من (8)(عن الأَوْزَاعِيّ) عبد الرَّحْمَن بن عمرو الشَّاميّ، ثِقَة، من (7)(عن يحيى بن أبي كثير) صالح بن المتوكل الطَّائيّ اليماميّ، ثِقَة، من (5)(حَدَّثني إبراهيم) بن عبد الله (بن قارظ) القُرشيّ المدنِيُّ، صدوق، من (3) وسماه في رواية هشام الآتية إبراهيم بن عبد الله وهو ابن قارظ هذا وهنا نسبه إلى جده فلا مخالفة بينهما (عن السائب بن يزيد) الكندي المدنِيُّ رضي الله عنه (حَدَّثني رافع بن خديج) الأَنْصَارِيّ الأوسي رضي الله عنه. وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة إبراهيم بن قارظ لمحمد بن يوسف (عن رسول الله صلى الله

ص: 235

عَلَيهِ وسلَّمَ قَال: "ثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ وَمَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ. وَكَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ".

3880 -

(00)(00) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، بِهذا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.

3881 -

(00)(00) وحدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيلٍ. حَدَّثنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الله، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ. حَدَّثنَا رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. بِمِثْلِهِ

ــ

عليه وسلم قال: ثمن الكلب خبيث) أي حرام على الخلاف المار (ومهر البغي خبيث) أي حرام بالإجماع (وكسب الحجام خبيث) أي مكروه.

وشارك المؤلف في هذه الرواية أبو داود [3421] والتِّرمذيّ [1275] ، والنَّسائيّ [7/ 190].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث رافع بن خديج رضي الله عنه فقال:

3880 -

(00)(00)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي (أخبرنا عبد الرَّزّاق) بن همام الصَّنْعانِيّ (أخبرنا معمر) بن راشد الأَزدِيّ البَصْرِيّ (عن يحيى بن أبي كثير) الطَّائيّ اليماميّ (بهذا الإسناد) يعني عن إبراهيم عن السائب عن رافع (مثله) أي مثل ما روى الأَوْزَاعِيّ عن يحيى، غرضه بيان متابعة معمر للأوزاعي.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث رافع بن خديج رضي الله عنه فقال:

3881 -

(00)(00)(وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا النضر بن شميل) المازنِيّ أبو الحسن البَصْرِيّ ثم الكُوفيّ نزيل مرو وشيخها، ثِقَة، من (9)(حَدَّثَنَا هشام) بن أبي عبد الله الربعي الدستوائي البَصْرِيّ، ثِقَة، من (7)(عن يحيى بن أبي كثير) اليماميّ، ثِقَة، من (5)(حَدَّثني إبراهيم بن عبد الله) بن قارظ القُرشيّ المدنِيُّ، صدوق، من (3)(عن السائب بن يزيد) الكندي الصحابي (حَدَّثَنَا رافع بن خديج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وساق هشام الدستوائي (بمثله) أي بمثل ما حدّث الأَوْزَاعِيّ عن يحيى، غرضه بيان متابعة هشام للأوزاعي.

ص: 236

3881 -

(1505)(69) حدّثني سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ. حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ، عَنْ أبِي الزُّبَيرِ. قَال: سَأَلْتُ جَابِرًا عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ؟ قَال: زَجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذلِكَ

ــ

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي مسعود بحديث جابر رضي الله تعالى عنهما فقال:

3881 -

(1505)(69)(حَدَّثني سلمة بن شبيب) المسمعي أبو عبد الله النَّيسَابُورِيّ ثم المكيّ، ثِقَة، من (11) روى عنه في (4) أبواب (حَدَّثَنَا الحسن) بن محمَّد (بن أعين) الأُموي مولاهم أبو علي الحراني، وقد يُنسب إلى جده كما في المتن، صدوق، من (9) روى عنه في (6) أبواب (حَدَّثَنَا معقل) بن عبيد الله العبسي بموحدة مولاهم أبو عبد الله الحراني، صدوق، من (8) روى عنه في (8) أبواب (عن أبي الزُّبير) الأسدي المكيّ (قال: سألت جابرًا) ابن عبد الله الأَنْصَارِيّ المدنِيُّ رضي الله عنهما (عن) حكم (ثمن الكلب و) ثمن (السنور) أي الهرة الأهلية. وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مكيان واثنان حرانيان وواحد مدني (قال) جابر (زجر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أي نهى (عن ذلك) أي عن ثمنهما. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [3479] ، والتِّرمذيّ [1279] ، والنَّسائيّ [7/ 309].

قال القرطبي: لفظ (زجر) يُشعر بتخفيف النهي عنهما وأنه ليس على التحريم كما قررناه بل على التنزيه عن ثمنهما، وقد كره بيع السنور أي الهرة الأهلية أبو هريرة ومجاهد وغيرهما أخذًا بظاهر هذا الحديث فمنهم من علله بأنه لا يثبت في البيوت ولا يمكن انضباطه وهذا ليس بشيء وهذا مناكرة للحس فإنَّها تنضبط في البيوت آمادًا طويلة وتسلمه ممكن حاله البيع فقد كملت شروط البيع ثم إن شاء مشتريه ضبطه وإن شاء سيبه وأحسن من هذا أن بيعه وبيع الكلب ليس من مكارم الأخلاق ولا من عادة أهل الفضل، والشرع ينهى عما يناقض ذلك أو يباعده كما قلنا في طرق الفحل وكذلك في كسب الحجام لأنه عمل خسيس لا يتعاطاه إلَّا أهل الخسة والدناءة كالعبيد ومن جرى مجراهم اهـ من المفهم.

قوله: (والسنور) استدل بهذا الحديث من قال بحرمة بيع السنور وروي ذلك عن أبي هريرة وطاوس ومجاهد وجابر بن زيد وبه أخذ ابن حزم في المحلى [9/ 13] واتفق

ص: 237

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأئمة الأربعة وجمهور من سواهم على جواز بيعه وحملوا النهي في حديث الباب على التنزيه وهو أصح ما قيل فيه اهـ من التكملة. (قلت): والمراد بالسنور هنا: الهرة الأهلية الإنسية لا الهرة الوحشية المعروفة بالسنور فإنَّه يجوز بيعها لغرض الزباد وهو بزاقة العطر لأنه يخلط بالطيب كما هو مبسوط في الفروع اهـ.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ستة أحاديث: الأول: حديث جابر الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة، والثاني: حديث جابر الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة، والثالث: حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد به لحديث جابر الأول وذكر فيه متابعتين، والرابع: حديث أبي مسعود الأَنْصَارِيّ ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والخامس: حديث رافع بن خديج ذكره للاستشهاد به لحديث أبي مسعود وذكر فيه ثلاث متابعات، والسادس: حديث جابر الأخير ذكره للاستشهاد به ثانيًا لحديث أبي مسعود رضي الله عنهم أجمعين والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

ص: 238