الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
564 - (4) باب بطلان بيع المبيع قبل القبض وتحريم بيع الصبرة المجهولة القدر بتمر معلوم
3715 -
(1454)(17) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زيدٍ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ وَقُتَيبَةُ. قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حتَّى يَسْتَوْفِيَهُ".
قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَحْسِبُ كُلَّ شَيءٍ مِثْلَهُ
ــ
564 -
(4) باب بطلان بيع المبيع قبل القبض وتحريم بيع الصبرة المجهولة القدر بتمر معلوم
3715 -
(1454)(17)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (حدثنا حماد بن زيد) بن درهم الأزدي البصري (ح وحدثنا أبو الربيع العتكي) الزهراني سليمان بن داود البصري (وقتيبة) بن سعيد بن جميل الثقفي البلخي (قالا: حدثنا حماد) بن زيد (عن عمرو بن دينار) الجمحي المكي (عن طاوس) بن كيسان اليماني (عن ابن عباس) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ابتاع) واشترى (طعامًا) أيًا كان (فلا يبعه) لغيره (حتى يستوفيه) أي حتى يقبضه من البائع وافيًا كاملًا وزنًا أو كيلًا، وعبارة المشكاة (فلا يبيعه) بصيغة النفي وهو في معنى النهي المذكور في مسلم.
والمعروف أن الاستيفاء والقبض بمعنى واحد وفرّق بعضهم بينهما لغة بأن الاستيفاء يتحقق بمجرد الاكتيال أو الاتزان أو العد ولا يلزمه قبض المشتري، وأما القبض فهو أن يدخل الشيء في حرزه وضمانه كذا يظهر من كلام الحافظ في الفتح [4/ 293] ولا خلاف في أن الاستيفاء ها هنا بمعنى القبض، وقد صرح به في الرواية الآتية وفي رواية الإسماعيلي عند البخاري.
(قال ابن عباس) بالسند السابق: (وأحسب كل شيء) من الأموال (مثله) أي مثل الطعام في بطلان البيع قبل قبضه فيحرم بيع كل شيء قبل قبضه طعامًا كان أو غيره، وفي المسألة أقوال متضاربة والمعنى قال ابن عباس: وأظن كل شيء مثل الطعام لا يجوز
3716 -
(00)(00) حدَّثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ. قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. ح وحَدَّثنَا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ. قَالا: حَدَّثنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ (وَهُوَ الثَّوْرِيُّ). كِلاهُمَا عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
3717 -
(00)(00) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ
ــ
للمشتري أن يبيعه حتى يقبضه وهذا قول ابن عباس، قالوا: فتخصيص الطعام بالذكر للاهتمام به لكونه قوتًا محتاجًا إليه اهـ، وفي المبارق: قيد الطعام اتفاقي لأن بيع ما لم يقبض منهي عنه منقولًا كان أو عقارًا عند الشافعي ومحمد، ومنهي عنه في المنقول فقط عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال مالك وأحمد: يجوز فيما سوى الطعام فعلى هذا يكون قيد الطعام للاحتراز اهـ.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 111]، وأبو داود [3496]، والنسائي [7/ 286].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:
3716 -
(00)(00)(حدثنا) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (وأحمد بن عبدة) بن موسى الضبي أبو عبد الله البصري، ثقة، من (10) (قالا: حدثنا سفيان) بن عيينة (ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي (قالا: حدثنا وكيع) بن الجراح الكوفي، ثقة، من (9)(عن سفيان) بن سعيد بن مسروق (وهو الثوري) الكوفي (كلاهما) أي كل من السفيانين رويا (عن عمرو بن دينار) الجمحي المكي (بهذا الإسناد) يعني عن طاوس عن ابن عباس (نحوه) أي نحو ما حدّث حماد بن زيد عن عمرو بن دينار. وهذان السندان الأول منهما من خماسياته والثاني من سداسياته، غرضه بسوقهما بيان متابعة السفيانين لحماد بن زيد.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:
3717 -
(00)(00)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم) بن راهويه الحنظلي المروزي (ومحمد بن رافع) القشيري النيسابوري (وعبد بن حميد) بن نصر الكسي كلاهما من
(قَال ابْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا وَقَال الآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ). أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حتَّى يَقْبِضَهُ".
قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَحْسِبُ كُلَّ شَيءٍ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ
ــ
(11)
(قال ابن رافع: حدثنا) عبد الرزاق (وقال الآخران): يعني إسحاق وعبد بن حميد (أخبرنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني (أخبرنا معمر) بن راشد الأزدي البصري (عن) عبد الله (بن طاوس) اليماني الصنعاني (عن أبيه) طاوس بن كيسان (عن ابن عباس) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة عبد الله بن طاوس لعمرو بن دينار (قال) ابن عباس (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ابتاع) واشترى (طعامًا) أو غيره (فلا يبعه) أي فلا يبع المشتري ذلك الطعام لثالث (حتى يقبضه) بإقباض البائع أو بنقله عن موضعه في حالة العقد.
(قال ابن عباس: وأحسب) أي أظن (كل شيء) من المبيعات طعامًا كان أو غيره منقولًا كان أو عقارًا أن يكون (بمنزلة الطعام) وفي حكمه في النهي عن بيعه قبل قبضه وهذا من تفقه ابن عباس رضي الله عنهما وبظاهر هذا الحديث أخذ مالك غير أنه ألحق بالشراء جميع المعاوضات، وحمل الطعام على عمومه ربويًا كان أو غير ربوي في مشهور الروايتين عنه، وروى ابن وهب عنه تخصيصه بما فيه الربا من الأطعمة ورأى ابن حبيب وسحنون أن يتعدى إلى كل ما فيه حق توفية فحذفا خصوصية الطعام وكذلك فعل الشافعي غير أنه لم يخصه بما فيه حق توفية بل عداه لكل مشترٍ وكذلك أبو حنيفة غير أنه استثنى من ذلك العقار وما لا ينقل، وقال عثمان البتي: يجوز بيع كل شيء قبل قبضه، وانفرد به اهـ من المفهم.
وحكمة النهي عن البيع قبل القبض منع المشتري من التصرف فيه حتى يتم استيلاؤه عليه. وينقطع عن البائع وينفطم عنه فلا يطمع في الفسخ والامتناع من الإقباض إذا رأى المشتري قد ربح فيه ويغره الربح، وربما أفضى إلى التحيل على الفسخ ولو ظلمًا وهذا من المصالح التي لا يهملها الشارع حتى إن من لا خبرة له من التجار بالشرع يتحرى ذلك ويقصده لما في ظنه من المصلحة وسد باب المفسدة اهـ ابن القيم.
3718 -
(00)(00) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (قَال إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ) عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَكْتَالهُ".
فَقُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ: لِمَ؟
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:
3718 -
(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وإسحاق بن إبراهيم قال إسحاق: أخبرنا) وكيع (وقال الآخران: حدثنا وكيع عن سفيان) الثوري (عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة سفيان الثوري لمعمر بن راشد في الرواية عن ابن طاوس (قال) ابن عباس:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ابتاع) واشترى (طعامًا) يعني مكايلة (فلا يبعه) لثالث (حتى يكتاله) من البائع أي حتى يأخذه عنه بالكيل، وإنما قيدنا الشراء بالمكايلة لأنه لو كان مجازفة لا يشترط الكيل في القبض، وفُهم من قيد الاشتراء أنه لو ملك المكيل بهبة أو إرث أو غيرهما جاز له أن يبيعه قبل الكيل، ومن قوله فلا يبعه أنه لو وهبه جاز وهو قول محمد، وإنما نهى عن البيع قبل الكيل لأن الكيل فيما بيع مكايلة من تمام قبضه لأنه إنما يتعين به فكما أن بيع المبيع قبل القبض كان منهيًا صار قبل تمامه منهيًا أيضًا أفاده ابن الملك.
قال القاضي عياض: قوله: (فلا يبعه حتى يكتاله) يدل على أنه يكتفي في بيعه لثالث بكيله من البائع الأول ولا يحتاج أن يكتاله المشتري الثاني من المشتري الأول مرة ثانية إذا كان المشتري الثاني حاضرًا أو صدّقه، وبه يقول مالك إلا أن يبيعه بدين فلا يجوز على التصديق خوفًا أن يقع السلف بالتأخير، وقال الشافعي وأبو حنيفة: لا يبيعه على التصديق ولا بد من كيله ثانية واحتجوا بما في بعض طرق هذا الحديث من قوله حتى يجري فيه الصاعان صاع البائع وصاع المشتري اهـ أبي.
قال طاوس (فقلت لابن عباس) رضي الله عنهما: (لم) نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعه حتى يكتاله، ولم بكسر اللام وفتح الميم والمعنى أي ما سبب النهي
فَقَال: أَلا تَرَاهُمْ يَتَبَايَعُونَ بِالذَّهَبِ، وَالطَّعَامُ مُرْجَأٌ؟
وَلَمْ يَقُلْ أَبُو كُرَيبٍ: مُرْجَأٌ
ــ
(فقال) ابن عباس: (ألا تراهم) أي: ألا ترى الناس وتعلمهم أنهم (يتبايعون) الطعام (بالذهب) فإذا بيع ذلك الطعام بذهب آخر أي باعه المشتري لثالث بذهب، وقوله:(والطعام مرجأ) مبتدأ وخبر، والجملة حال من مفعول يتبايعون المحذوف كما قدرناه آنفًا أي فإذا بيع ذلك الطعام بذهب والحال أن قبضه من البائع الأول مؤخر عن البيع الثاني فكأنه بيع الذهب بالذهب مع عدم التقابض وهو لا يجوز لأنه في معنى الربا وهذا إشارة إلى علة النهي والمراد أن الطعام لما سقط لكونه مرجأ صار ذلك مبادلة الذهب بالذهب متفاضلًا أو مؤجلًا اهـ تكملة، وقوله:(مرجأ) بصيغة اسم المفعول إما من الإفعال فتسكن راؤه أو من التفعيل فتفتح راؤه مع تشديد الجيم المفتوحة يهمز ولا يهمز وعلى ترك همزه يرسم بالياء كالمعتل فيقال: مرجى ومعنى الإرجاء التأخير ومعنى مرجأ مؤخر.
قال الخطابي: وكل شيء أخرته فقد أرجيته يقال: أرجيت الشيء ورجيته أي أخرته وقد يتكلم به مهموزًا وغير مهموز اهـ.
والمعنى أنه إذا اشترى طعامًا بمائة دينار ودفعها للبائع ولم يقبض منه الطعام وتأخر في يد البائع ثم باع المشتري الطعام لآخر بمائة وعشرين دينارًا مثلًا فكأنه اشترى بذهبه ذهبًا أكثر كذا في النيل، وقال في مرقاة الصعود معنى الحديث أن يشتري من إنسان طعامًا بدينار إلى أجل ثم يبيعه منه أو من غيره قبل أن يقبضه بدينارين مثلًا فلا يجوز لأنه في التقدير بيع ذهب بذهب والطعام غائب فكأنه باعه ديناره الذي اشترى به الطعام بدينارين فهو ربا ولأنه بيع غائب بناجز فلا يصح اهـ وحاصله أن البيع قبل القبض يتضمن بيع الذهب بالذهب متفاضلًا وذلك أن الرجل إذا اشترى طعامًا بمائة دينار مثلًا ودفعها للبائع ولم يقبض منه الطعام ثم باع الطعام لآخر بمائة وعشرين دينارًا وقبضها والطعام في يد البائع فكأنه باع مائة دينار بمائة وعشرين دينارًا لأنه أدى إلى البائع الأول مائة دينار ولم يأخذ الطعام في عوضه بل أخذ مائة وعشرين دينارًا من المشتري الثاني عوضًا عما أدى إلى البائع الأول وهذا التفسير لقول ابن عباس مأخوذ من كلام الحافظ في فتح الباري [4/ 292](ولم يقل أبو كريب) أي لم يذكر في روايته لفظة والطعام (مرجأ) أي مؤخر ولم يبين ماذا قال أبو كريب بدل مرجأ، قال المنذري: وأخرج هذه الرواية
3719 -
(1455)(18) حدَّثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ. حَدَّثنَا مَالِكٌ. ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ".
3720 -
(1456)(19) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: كُنَّا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَبْتَاعُ الطَّعَامَ. فَيَبْعَثُ عَلَينَا مَنْ يَأْمُرُنَا بِانْتِقَالِهِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي ابْتَعْنَاهُ فِيهِ. إِلَى مَكَانٍ سِوَاهُ. قَبْلَ أَنْ نَبِيعَهُ
ــ
البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه بنحوها اهـ من العون.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عباس بحديث ابن عمر رضي الله عنهم فقال:
3719 -
(1455)(18)(حدثنا عبد الله بن مسلمة) بن قعنب الحارثي (القعنبي) نسبة إلى جده المذكور، ثقة، من (9) (حدثنا مالك) بن أنس المدني (ح وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (قال: قرأت على مالك عن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذان السندان من رباعياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ابتاع طعامًا) أو غيره (فلا يبعه) بالجزم على صيغة النهي (حتى يستوفيه) كيلًا أو وزنًا ويقبضه قبضًا تامًّا.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه اهـ تحفة الأشراف.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عباس بحديث آخر لابن عمر رضي الله عنهم فقال:
3720 -
(1456)(19)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (قال: قرأت على مالك عن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من رباعياته (قال) ابن عمر: (كنا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم نبتاع) ونشتري (الطعام) ونريد أن نبيعه قبل القبض كما هو المستفاد من الحديث الآتي ويدل عليه قوله: (فيبعث) أي يؤمر ويستعمل (علينا من يأمرنا بانتقاله) أي بنقله (من المكان الذي ابتعناه) أي اشتريناه (فيه إلى مكان سواه) أي غيره (قبل أن نبيعه) لآخر لأن بنقله يحصل قبضه فإن القبض فيه كما ذكره ملا
3721 -
(00)(00) حدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ عُبَيدِ اللهِ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ (وَاللَّفْظ لَهُ). حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"مَنِ اشْتَرَى طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حتَّى يَسْتَوْفِيَهُ".
قَال: وَكُنَّا نَشْتَرِي الطَّعَامَ مِنَ الرُّكْبَانِ
ــ
علي عن الطيبي بالنقل من مكانه، وقال ابن الملك: وفيه أن قبض المنقول بالنقل والتحويل من موضع إلى موضع.
ظاهر هذا الحديث أن قبض المشتري المبيع لا يكفي لجواز بيعه بل يجب أيضًا أن يحوله إلى مكان آخر لكن قال العيني في العمدة [5/ 487] إن الإيواء المذكور في الحديث يعني نقل المبيع من مكان إلى غيره، وقد عبّر عنه بالإيواء إلى الرحال في بعض الروايات كما سيأتي عبارة عن القبض، وقد صرح الحافظ في الفتح [4/ 293] أن الجمهور لم يقيدوا جواز البيع بالإيواء إلى الرحال لأنه خرج في الحديث مخرج الغالب فتحصل منه أن المقصود أن لا يبيع المشتري ما اشتراه إلى غيره حتى يقبضه فإن قبضه جاز له البيع سواء نقله إلى مكان غيره أو لم ينقل، وقد اتفق عليه العلماء اهـ من التكملة. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 15]، والبخاري [2167]، وأبو داود [3494]، والنسائي [7/ 287]، وابن ماجه [2229].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3721 -
(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر) القرشي أبو الحسن الكوفي ثقة من (8)(عن عبيد الله) بن عمر بن حفص بن عاصم العمري المدني ثقة من (5)(ح وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير واللفظ له حدثنا أبي) عبد الله بن نمير الهمداني الكوفي (حدثنا عبيد الله) بن عمر بن حفص (عن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذان السندان من خماسياته، غرضه بيان متابعة عبيد الله بن عمر لمالك بن أنس ولكن كرر المتن لما بين الروايتين من المخالفة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من اشترى طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه) ويقبضه (قال) ابن عمر بالسند السابق: (وكنا) معاشر الصحابة (نشتري الطعام من الركبان) أي من القافلة التي جاءت بالطعام
جِزَافًا. فَنَهَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَبِيعَهُ، حَتَّى نَنْقُلَهُ مِنْ مَكَانِهِ.
3722 -
(00)(00) حدّثني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ
ــ
(جزافًا) بكسر الجيم مصدر قياسي لجازف يجازف كقاتل يقاتل وقيل هو بضم الجيم وقيل بفتحها ولكن الكسر أفصح وأقيس ومعناه الشراء بدون كيل أو وزن وهو معرب من لفظ الفارسية كزاف ومن ثم جعله بعضهم مضموم الجيم لأن الكاف الفارسية في أصل الكلمة مضمومة ولكن بعدما عرّبوه وبنوا منه فعلًا أجروا فيه القياس الصرفي وهو كسر الجيم فصار أفصح كما يظهر من تاج العروس للزبيدي.
ثم قد اتفق العلماء على أن ذكر الجزاف في الحديث بيان للواقع وليس قيدًا لحرمة البيع قبل القبض فيحرم البيع قبل القبض فيما بيع مكايلة أو موازنة كما يحرم فيما بيع مجازفة لأن ألفاظ الحديث في المرويات السابقة عامة تشمل المجازفات والمكايلات جميعًا ولأنه قد روي عن ابن عمر هذا الحديث بلفظ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيع أحد طعامًا اشتراه بكيل حتى يستوفيه) أخرجه أبو داود والنسائي فقد جاء فيه التنصيص على أن بيع المكيل قبل القبض حرام أيضًا فتبين أن ذكر الجزاف في حديث الباب ليس قيدًا للحكم وإنما هو لبيان ما كانوا يفعلونه في الغالب.
ودل هذا الحديث بإشارته على جواز البيع مجازفة لأن الحديث لم ينه عن المجازفة وإنما وقع النهي عن بيع المبيع قبل قبضه وقد اتفق العلماء على جواز أصل المجازفة في البيع على اختلاف بينهم في تفاصيلها أما الحنفية فجواز المجازفة عندهم مقيد بغير الأموال الربوية إذا بيعت بجنسها فأما الأموال الربوية فلا يجوز فيها المجازفة إذا بيعت بجنسها لأنه يحتمل التفاضل وهو ربا وعدم الجواز في الأموال الربوية مقيد أيضًا بما يدخل تحت الكيل منها وأما ما لا يدخل تحت الكيل كحفنة بحفنتين فيجوز إلا ما رُوي عن محمد أنه كره التمرة بالتمرتين وقال ما حرم في الكثير حرم في القليل راجع كتب فروعهم.
(فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبيعه حتى ننقله من مكانه) الذي كان فيه حالة العقد.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا فقال:
3722 -
(00)(00)(حدثني حرملة بن يحيى) التجيبي المصري (أخبرنا عبد الله بن
وَهْبٍ. حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"مَنِ اشْتَرَى طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ وَيَقْبِضَهُ".
3723 -
(00)(00) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ (قَال يَحْيَى: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ. وَقَال عَلِيٌّ: حَدَّثنَا إِسْمَاعِيلُ) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ".
3724 -
(00)(00) حدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثنَا عَبْدُ الأَعْلَى،
ــ
وهب) المصري (حدثني عمر بن محمد) بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العمري المدني ثقة من (6) روى عنه في (10)(عن نافع عن عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من اشترى طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه) كيلًا أو وزنًا (وبقبضه) بالنقل من مكانه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عمر بن محمد لعبيد الله بن عمر.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3723 -
(00)(00)(حدثنا يحيى بن يحيى وعلي بن حجر) السعدي المروزي ثقة من (9)(قال يحيى: أخبرنا إسماعيل بن جعفر) بن أبي كثير الزرقي المدني، ثقة، من (8) (وقال علي) بن حجر (حدثنا إسماعيل عن عبد الله بن دينار) العدوي مولاهم مولى ابن عمر المدني (أنه سمع ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من رباعياته غرضه بيان متابعة عبد الله بن دينار لنافع (قال) ابن عمر:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يقبضه) من البائع.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3724 -
(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى
عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّهُمْ كَانُوا يُضْرَبُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إِذَا اشْتَرَوْا طَعَامًا جِزَافًا، أَنْ يَبِيعُوا فِي مَكَانِهِ حَتَّى يُحَوِّلُوهُ.
3725 -
(00)(00) وحدّثني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ؛ أَنَّ أَبَاهُ قَال: قَدْ رَأَيتُ النَّاسَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إِذَا ابْتَاعُوا الطَّعَامَ جِزَافًا، يُضْرَبُونَ
ــ
السامي البصري ثقة من (8)(عن معمر) بن راشد الأزدي البصري (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب المدني (عن سالم) بن عبد الله بن عمر (عن ابن عمر) رضي الله عنهما وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة سالم بن عبد الله لنافع وعبد الله بن دينار وعمر بن محمد (أنهم) أي أن الناس (كانوا يُضربون) بالبناء للمجهول أي يُعزرون بالضرب (على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أي في زمان حياته على مخالفتهم لحكم الشرع في بيعهم قبل القبض (إذا اشتروا طعامًا جزافًا) أي بلا كيل ولا وزن كراهية (أن يبيعوا في مكانه) قبل أن يحوِّلوه أو لئلا يبيعوه في مكانه (حتى يحولوه) أي ينقلوه إلى مكان آخر ففيه حذف لا على حد قوله تعالى:{يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} أي لئلا تضلوا أفاده شراح البخاري، قال الحافظ في كتاب المحاربين من الفتح [12/ 159] ويستفاد من الحديث جواز تأديب من خالف الأمر الشرعي فتعاطى العقود الفاسدة بالضرب، ومشروعية إقامة المحتسب في الأسواق، والضرب المذكور محمول على من خالف الأمر بعد العلم اهـ.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا فقال:
3725 -
(00)(00)(وحدثني حرملة بن يحيى) التجيبي المصري (حدثنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي المصري (أخبرني يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب أخبرني سالم بن عبد الله) بن عمر (أن أباه) عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (قال): وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة يونس بن يزيد لمعمر بن راشد (قد رأيت الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أي في حياته المباركة (إذا ابتاعوا) واشتروا (الطعام جزافًا) أي مجازفة بلا كيل ولا وزن (يُضربون) ضرب تعزير وتأديب
فِي أَنْ يَبِيعُوهُ فِي مَكَانِهِمْ. وَذلِكَ حَتَّى يُؤْوُوهُ إِلَى رِحَالِهِمْ.
قَال ابْنُ شِهَابٍ: وَحَدَّثَنِي عُبَيدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَشْتَرِي الطَّعَام جِزَافًا، فَيَحْمِلُهُ إِلَى أَهْلِهِ.
3726 -
(1457)(20) حدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَابْنُ نُمَيرٍ وَأَبُو كُرَيبٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا زَيدُ بْنُ حُبَابٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ بُكَيرِ بْنِ عَبْد اللهِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ سُلَيمَانَ بْنِ يَسَارٍ،
ــ
(في أن يبيعوه) أي لأجل أن يبيعوا الطعام (في مكانهم) أي في مكان طعامهم قبل أن يقبضوه وينقلوه (وذلك) الضرب (حتى يؤووه) أي لكي يأخذوه ويقبضوه ناقلين (إلى رحالهم) ومنازلهم ليحصل تمام القبض، قال النووي: فيه دليل على أن ولي الأمر يُعزر من تعاطى بيعًا فاسدًا ويعزره بالضرب وغيره مما يراه من العقوبات في البدن اهـ.
(قال ابن شهاب) بالسند السابق (وحدثني عبيد الله بن عبد الله بن عمر) العدوي أبو بكر المدني شقيق سالم ثقة من (3) روى عنه في (3) أبواب (أن أباه) عبد الله بن عمر (كان يشتري الطعام) في السوق شراءً (جزافًا) بالنصب على المصدرية ويجوز نصبه على الحال أي حال كونه مجازفًا في شرائه وكذا يقال فيما قبله ولكن تقول في تأويله على الحالية حال كونهم مجازفين (فيحمله) على ظهره (إلى) منازل (أهله) ليحصل تمام القبض قبل بيعه لغيره.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث ابن عباس بحديث أبي هريرة رضي الله عنهم فقال:
3726 -
(1457)(20)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة و) محمد بن عبد الله (بن نمير وأبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني (قالوا: حدثنا زيد بن حباب) بضم الحاء المهملة وبموحدتين العُكْلي بضم المهملة وسكون الكاف نسبة إلى عكل بطن من تميم أبو الحسين الكوفي، صدوق، من (9) روى عنه في (11) بابا (عن الضحاك بن عثمان) بن عبد الله بن خالد بن حزام الأسدي الحزامي أبي عثمان المدني، صدوق، من (7) روى عنه في (8) أبواب (عن بكير بن عبد الله بن الأشج) المخزومي مولاهم أبي عبد الله المدني ثم المصري ثقة من (5) روى عنه في (13) بابا (عن سليمان بن يسار) الهلالي
عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "مَنِ اشْتَرَى طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حتَّى يَكْتَالهُ".
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: "مَنِ ابْتَاعَ".
3727 -
(00)(00) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ الْمَخْزُومِيُّ. حَدَّثَنَا الضحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ بُكَيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ سُلَيمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّهُ قَال لِمَرْوَانَ:
ــ
مولاهم مولى ميمونة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها المدني ثقة من (3)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مدنيون واثنان كوفيان (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من اشترى طعامًا فلا يبعه) لغيره (حتى يكتاله) من البائع أي حتى يقبضه منه بالكيل وهذا إذا اشتراه مكايلة فأما إذا اشتراه مجازفة فلا يجب الاكتيال وإنما يجب قبض المشار إليه فقط (وفي رواية أبي بكر من ابتاع) بدل اشترى. وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم عن أصحاب الأمهات ولكن أخرجه مالك في الموطأ بلاغًا في البيوع، وأحمد في مسنده في مسند أبي هريرة رضي الله عنه والله أعلم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
3727 -
(00)(00)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (أخبرنا عبد الله بن الحارث) بن عبد الملك (المخزومي) أبو محمد المكي ثقة من (8) روى عنه في (3) أبواب (حدثنا الضحاك بن عثمان) المدني (عن بكير بن عبد الله بن الأشج) المدني (عن سليمان بن يسار) المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة عبد الله بن الحارث لزيد بن الحباب (أنه) أي أن أبا هريرة (قال لمروان) بن الحكم بن أبي العاص بن أمية القرشي الأموي المدني أمير المدينة ولاه عليها معاوية بن أبي سفيان ذكره الحافظ فيمن له رؤية من الصحابة وكان يعد من الفقهاء، وأخرج له البخاري في صحيحه وكان كاتبًا لسيدنا عثمان رضي الله عنه ثم شهد الجمل مع عائشة رضي الله عنها ثم صفين مع معاوية ثم ولي إمرة المدينة لمعاوية رضي الله عنه ثم لم يزل بها إلى أن أخرجهم ابن الزبير في أوائل إمرة يزيد بن معاوية
أَحْلَلْتَ بَيعَ الرِّبَا. فَقَال مَرْوَانُ: مَا فَعَلْتُ. فَقَال أَبُو هُرَيرَةَ: أَحْلَلْتَ بَيعَ الصِّكَاكِ. وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيعِ الطَّعَامِ حَتَّى يُسْتَوْفَى. قَال: فَخَطَبَ مَرْوَانُ النَّاسَ، فَنَهَى عَنْ بَيعِهَا.
قَال سُلَيمَانُ: فَنَظَرْتُ إِلَى حَرَسٍ يَأْخُذُونَهَا مِنْ أَيدِي النَّاسِ
ــ
فكان ذلك من أسباب وقعة الحرة وبقي بالشام إلى أن مات معاوية بن يزيد بن معاوية فبايعه بعض أهل الشام في قصة طويلة.
أي قال أبو هريرة لمروان في زمن إمرته على المدينة (أحللت) أي هل أحللت يا مروان (بيع الربا) أي هل أجزته وأذنت فيه بتركك النهي عنه فهذا إغلاظ في الإنكار عليه وكان مروان إذ ذاك واليًا على المدينة من جهة معاوية (فقال مروان) لأبي هريرة مستفهمًا عن فعل نفسه حين قال له أبو هريرة ذلك (ما فعلت؟ ) أي: أي شيء فعلت مما يدل على إحلال بيع الربا (فقال) له (أبو هريرة: أحللت) للناس (بيع الصكاك) أي أجزته فكأنك جعلته حلالًا، والصكاك جمع صك ويجمع على صكوك وهي الورقة المكتوبة بدين والمراد هنا الورقة التي تخرج من ولي الأمر بالرزق لمستحقه بأن يكتب فيها لفلان كذا وكذا من طعام أو غيره فيبيع صاحبها ما فيها لإنسان آخر قبل أن يقبضه (و) الحال أنه (قد نهى) وزجر (رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يستوفى) ويقبض وهذا موضع الاستشهاد منه (قال) سليمان بن يسار (فخطب مروان الناس فنهى) مروان الناس (عن بيعها) أي عن بيع الصكاك أي عن بيع ما فيها من الطعام وغيره، وكانت الأرزاق المعينة للمستحقين من الجند وغيرهم كالمحاويج تكتب صكاكًا فتخرج مكتوبة فتباع وهي كالشيكات في زماننا (قال سليمان) بن يسار (فنظرت إلى حرس) معطوف على محذوف تقديره فبعث مروان أجناده إلى أفراد الناس يبحثون عن الصكاك فنظرت إلى حرس أي إلى جند من أعوانه حال كونهم (يأخذونها) أي يأخذون الصكاك (من أيدي الناس) الذين اشتروها من مستحقيها فيردونها إلى أصحابها الذين كتبت لهم، وعبارة الموطأ (فبعث مروان الحرس يتبعونها ينتزعونها من أيدي الناس ويردونها إلى أهلها) وهي أوضح من عبارة مسلم. وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم عن أصحاب الأمهات ولكن أخرجه أحمد [2/ 349].
قال القرطبي: وقول أبي هريرة لمروان: (أحللت بيع الصكاك) إنكار منه عليه
3728 -
(1458)(21) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا رَوْحٌ. حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
ــ
وتغليظ، وهذا نص في أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يُفتي على الأمراء وغيرهم وهو رد على من جهل حال أبي هريرة وقال: إنه لم يكن مفتيًا وهو قول باطل بما يوجد له من الفتاوى وبالمعلوم من حاله وذلك أنه كان من أحفظ الناس لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وألزم الناس للنبي صلى الله عليه وسلم ولخدمته حضرًا وسفرًا وأغزرهم علمًا (والصكوك) جمع صك وهي التوقيعات السلطانية بالأرزاق وهذا البيع الذي أنكره أبو هريرة للصكوك إنما هو بيع من اشتراه ممن رزقه لا بيع من رزقه لأن الذي رزقه وصل إليه الطعام على جهة العطاء لا المعاوضة ودليل ذلك ما ذكره مالك في الموطأ [2/ 641] قال: إن صكوك الجار بتخفيف الراء مدينة على ساحل بحر القلزم - الأحمر - بينها وبين المدينة المنورة يوم وليلة معجم البلدان [2/ 92] أي إن صكوكها خرجت للناس في زمن مروان من طعام "الجار فتبايع الناس تلك الصكوك بينهم قبل أن يستوفوها، وذكر الحديث في الموطأ أيضًا (أن حكيم بن حزام ابتاع طعامًا أمر به عمر بن عبد العزيز للناس فباع حكيم الطعام قبل أن يستوفيه) "فإن قيل فما في الموطأ يدل على فسخ البيعتين بيع المعطي له وبيع المشتري منه إذ فيه أن مروان بعث الحرس لينزعوا الصكوك من أيدي الناس ولم يفرق فالجواب ما قد بينه بتمام الحديث حيث قال: ويردونها إلى من ابتاعها وكذلك فعل عمر بحكيم فإنه رد الطعام عليه لأنه هو الذي كان اشتراه من الذي أعطيه فباعه قبل أن يستوفيه كما نصّ عليه فيه، (والجار) موضع معروف بالساحل كان يجتمع فيه الطعام فيرزق الناس منه بصكاك كما مر آنفًا اهـ من المفهم.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث ابن عباس بحديث جابر رضي الله عنهم فقال:
3728 -
(1458)(21)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا روح) بن عبادة القيسي البصري ثقة من (9)(حدثنا ابن جريج) الأموي المكي (حدثني أبو الزبير) محمد بن مسلم المكي (أنه سمع جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما (يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول): وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مكيان وواحد مدني
"إِذَا ابْتَعْتَ طَعَامًا، فَلَا تَبِعْهُ حتَّى تَسْتَوْفِيَهُ".
3729 -
(1459)(22) حدّثني أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيجٍ؛ أَنَّ أَبَا الزُّبَيرِ أَخْبَرَهُ قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيعِ الصُّبْرَةِ مِنَ التَّمْرِ، لَا يُعْلَمُ مَكِيلَتُهَا، بِالْكَيلِ الْمُسَمَّى مِنَ التَّمْرِ
ــ
وواحد بصري وواحد مروزي (إذا ابتعت) أي اشتريت (طعامًا فلا تبعه) لغيرك (حتى تستوفيه) أي حتى تقبضه من البائع. وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم عن أصحاب الأمهات.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث آخر لجابر رضي الله عنه فقال:
3729 -
(1459)(22)(حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح) الأموي المصري (أخبرنا) عبد الله (بن وهب) القرشي المصري (حدثني ابن جريج أن أبا الزبير) الأسدي المكي (أخبره) أي أخبر لابن جريج (قال) أبو الزبير: (سمعت جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما (يقول): وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مكيان واثنان مصريان وواحد مدني (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس (عن بيع الصبرة) أي عن بيع الكومة المجموعة (من التمر) المجهولة القدر (لا يعلم مكيلتها) صفة للصبرة، وفي بعض النسخ مكيلها وهو لفظ النسائي أي نهى عن بيع الصبرة التي لا يعلم قدر كيلها، وقوله:(بالكيل المسمى من التمر) متعلق بالبيع أي نهى عن بيع الصبرة المجهولة المقدار بالكيل المعين من التمر كأن قال: بعتك هذه الصبرة من التمر بعشرة آصع من التمر، قال النووي: وهذا تصريح بتحريم بيع التمر بالتمر حتى تعلم المماثلة لأن الجهل بالمماثلة في هذا الباب كحقيقة المفاضلة وحكم سائر الربويات إذا بيع بعضها ببعض حكم التمر بالتمر اهـ باختصار.
قوله: (عن بيع الصبرة من التمر) ولفظ النسائي (لا تباع الصبرة من الطعام بالصبرة من الطعام، ولا الصبرة من الطعام بالكيل المسمى من الطعام) والمراد أن التمر إذا بيع
3730 -
(00)(00) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِهِ. غَيرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ: مِنَ التَّمْرِ. فِي آخِرِ الْحَدِيثِ
ــ
بالتمر فالواجب أن يكون كل منهما مساويًا للآخر في الكيل فإذا كانت إحدى الصبرتين جزافًا لا يعلم قدرها والأخرى معلومة الكيل فيمكن أن يكون بينهما تفاضل وهو عين الربا، ومنه استنبط الفقهاء قاعدة وهي أن الجهل بالمماثلة في هذا الباب كحقيقة المفاضلة لقوله صلى الله عليه وسلم:(إلا سواء بسواء) ولم يحصل تحقق المساواة مع الجهل وحكم الحنطة بالحنطة والشعير بالشعير وسائر الربويات إذا بيع بعضها ببعض حكم التمر بالتمر قاله النووي.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث النسائي ولم يخرجه غيرهما من أصحاب الأمهات.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
3730 -
(00)(00)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي (حدثنا روح بن عبادة) القيسي البصري (حدثنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة روح بن عبادة لعبد الله بن وهب وساق روح بن عبادة (بمثله) أي بمثل حديث عبد الله بن وهب لفظًا ومعنى إلا ما استثنى بقوله: (غير أنه) أي لكن أن روح بن عبادة (لم يذكر) في روايته لفظة (من التمر في آخر الحديث) في قوله: (بالكيل المسمى من التمر).
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث ستة: الأول: حديث ابن عباس ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه ثلاث متابعات، والثاني: حديث ابن عمر ذكره للاستشهاد، والثالث: حديث ابن عمر الثاني ذكره للاستشهاد أيضًا وذكر فيه خمس متابعات، والرابع: حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد أيضًا وذكر فيه متابعة واحدة، والخامس: حديث جابر الأول ذكره للاستشهاد أيضًا، والسادس: حديث جابر الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة والله سبحانه وتعالى أعلم.
***