المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌576 - (16) أبواب الربا والصرف وتحريم التفاضل والنساء في بيع النقود - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١٧

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب: البيوع

- ‌561 - (1) باب النهي عن الملامسة والمنابذة وبيع الحصاة والغرر وبيع حبل الحبلة

- ‌562 - (2) باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه وسومه على سومه وتحريم تلقي الركبان والنجش والتصرية

- ‌563 - (3) باب النهي عن تلقي الجلب وبيع حاضر لباد وبيان أن التصرية عيب يوجب الخيار

- ‌564 - (4) باب بطلان بيع المبيع قبل القبض وتحريم بيع الصبرة المجهولة القدر بتمر معلوم

- ‌565 - (5) باب الخيار للمتبايعين والصدق في البيع وترك الخديعة والنهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها

- ‌566 - (6) باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا ومن باع نخلًا عليها ثمر أو عبدًا له مال

- ‌567 - (7) باب النهي عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة وبيع الثمرة قبل بدو صلاحها وعن المعاومة

- ‌568 - (8) باب ما جاء في كراء الأرض

- ‌569 - (9) باب كراء الأرض بالطعام المسمى أو بالذهب والفضة والنهي عن المزارعة والأمر بالمنيحة بها

- ‌570 - (10) باب المساقاة على جزء من الثمر والزرع وفضل الغرس والزرع

- ‌571 - (11) باب وضع الجوائح وقسم مال المفلس والحث على وضع بعض الدين

- ‌572 - (12) باب من أدرك ماله عند مفلس وفضل إنظار المعسر والتجاوز عنه والحوالة

- ‌573 - (13) باب النهي عن بيع فضل الماء وعن ضراب الفحل والنهي عن ثمن الكلب ونحوه

- ‌574 - (14) باب الأمر بقتل الكلاب وبيان نسخه وتحريم اقتنائها إلَّا لحاجة وإباحة أجرة الحجامة

- ‌575 - (15) باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام

- ‌576 - (16) أبواب الربا والصرف وتحريم التفاضل والنساء في بيع النقود

- ‌فصل في بيان اختلاف الفقهاء في علة ربا الفضل

- ‌577 - (17) باب النهي عن بيع الورق بالذهب دينًا وبيع القلادة فيها خرز وذهب بذهب

- ‌578 - (18) باب بيع الطعام بالطعام مثلًا بمثل وحجة من قال: لا ربا إلا في النسيئة

- ‌579 - (19) باب لعن من أقدم على الربا واتقاء الشبهات وبيع البعير واستثناء حملانه

- ‌579 - (19) باب الاستقراض وحسن القضاء فيه وجواز بيع الحيوان بالحيوان من جنسه وجواز الرهن والسلم

- ‌580 - (20) باب النهي عن الحكرة والحلف في البيع والشفعة وغرز الخشب في جدار الجار

الفصل: ‌576 - (16) أبواب الربا والصرف وتحريم التفاضل والنساء في بيع النقود

‌576 - (16) أبواب الربا والصرف وتحريم التفاضل والنساء في بيع النقود

ــ

576 -

(16) أبواب الربا والصرف وتحريم التفاضل والنساء في بيع النقود

والربا بكسر الراء مع القصر وبفتحها مع المد ويقال فيه رما بالميم بدل الباء وهو حينئذٍ أيضًا بكسر الراء وفتحها مع القصر والمد فيهما، ففيه ثمان لغات ويكتب بالألف والواو معًا كما في المصحف العثماني نظرًا للأصل والبدل معًا فإن أصله ربو تحركت الواو وانفتح ما قبلها قُلبت ألفًا وبالياء وحدها في غير خط المصحف نظرًا لإمالته عند بعض القراء وإن كان واويًا وهو لغة الزيادة كقوله تعالى:{فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} أي زادت ونمت ويقال: ربا الشيء إذا زاد سواء كانت الزيادة بعقد أو لا، وسواء كانت في العوضين أو في أحدهما، وشرعًا: عقد على مقابلة عوض مخصوص بآخر غير معلوم التماثل حالة العقد بمعيار الشرع وقولنا عقد خرج به ما إذا لم يكن هناك عقد كما لو باع معاطاة وهو الواقع في أيامنا غالبًا فلا يكون ربا وإن كان حرامًا لكن أقل من حرمة الربا، وقولنا عوض مخصوص وهو الجنس الربوي الذي هو النقد والمطعوم ودخل في النقد النوط العصري لأنه بدل عن النقد فلا ربا في غيرهما كنحاس ورصاص وقماش، وقولنا غير معلوم التماثل يصدُق بمعلوم التفاضل وبمجهول التماثل والتفاضل وقوله في معيار الشرع متعلق بالتماثل ومعيار الشرع هو الكيل في المكيل كالثمار والحبوب والوزن في الموزون كالنقدين والعد في المعدود والذرع في المذروع ودخل بذلك ما لو كان معلوم التماثل لكن في غير معيار الشرع كوزن المكيل وكيل الموزون فإنه يصدق عليه أنه مجهول التماثل في معيار الشرع كما هو مبسوط في كتب الفروع ولا يكون الربا إلا في الذهب والفضة لكونهما قيم الأشياء وإلا في المطعومات لكونها مطعومًا وهي كل ما يقصد للطعم اقتياتًا كالبر والشعير والذرة ونحوها أو تفكهًا كالتمر والزبيب والتين ونحوها أو تداويًا كالملح والمصطكى والزنجبيل ونحوها ولا فرق بين ما يصلح البدن أو ما يصلح الغذاء فإن الأغذية تحفظ الصحة والأدوية ترد الصحة ولا ربا في حب الكتان ودهنه ودهن السمك لأنها لا تقصد للطعم، والربا من أكبر الكبائر فإن أكبر الكبائر على الإطلاق الشرك بالله ثم قتل النفس التي حرم الله تعالى قتلها إلا بالحق، ثم الزنا، ثم الربا، ولم يحل في شريعة لقوله تعالى:{وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ} أي

ص: 284

3921 -

(1520)(84) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأتُ عَلَي مَالِكٍ، عَنْ نَافِع، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِي، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَا تَبِيعُوا الذهَبَ بِالذهَبِ إِلا مِثلًا بِمِثْلٍ. وَلَا

ــ

في الكتب السابقة فهو من الشرائع القديمة ولم يؤذن الله تعالى في كتابه بالحرب سوى آكله ولذا قيل: إنه يدل على سوء الخاتمة والعياذ بالله تعالى، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه" متفق عليه.

والربا أربعة أقسام: ربا الفضل وهو بيع الربوي بجنسه مع زيادة في أحد العوضين، وربا اليد وهو بيع الربويين ولو مختلفي الجنس مع تأخير القبض لهما أو لأحدهما عن المجلس ونُسب إلى اليد لأن القبض يكون بها أصالة، وربا النساء بفتح النون والمد وهو بيع الربويين ولو مختلفي الجنس مع أجل ولو لحظة، وربا القرض وهو كل قرض جر نفعًا للمقرض غير نحو رهن لكن لا يحرم عند الشافعية إلا إذا شُرط في عقده ولا يختص بالربويات بل يجري في غيرها كالعروض والحيوانات.

واعلم أن علة الربا في النقود النقدية أي كونها قيم الأشياء وفي الطعام المطعومية كما مر ويشترط لصحة التعاقد على الجنس الربوي نقدًا كان أو طعامًا فيما إذا اتحد جنس العوضين كذهب بذهب وبر ببر ثلاثة شروط المماثلة بين العوضين، والتقابض في المجلس، والحلول أي عدم ذكر الأجل ولو دقيقة، وفيما إذا اختلف الجنسان كذهب بفضة وبر بشعير شرطان التقابض في مجلس العقد، والحلول، فلا تشترط المماثلة لاختلاف الجنس كما هو مستفاد من الأحاديث الآتية ومبسوط في كتب الفقه.

(والصرف) مصدر صرف يصرف صرفًا من باب ضرب إذا دفع ذهبًا وأخذ فضة أو عكسه وحقيقته الشرعية هي بيع النقود بعضها ببعض، وتقدم شروط صحة بيعها في الحالتين والتفاضل عدم علم المماثلة فيما يشترط فيه التماثل، والنساء بالمد تأخير قبض العوضين أو أحدهما.

3921 -

(1520)(84)(حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن نافع عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا) حالة كونه (مثلًا) مقابلا (بمثل) في الوزن (ولا

ص: 285

تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ. وَلَا تَبِيعُوا الوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلا مِثْلا بِمِثْلٍ. وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَي بَعْضٍ. وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ".

3922 -

(00)(00) حدثنا قتيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثنَا لَيثٌ. ح وَحَدثنَا

ــ

تشفوا) أي لا تفاضلوا (بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلًا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض) وقوله: (إلا مثلًا بمثل) حال من الذهبين أي إلا حالة كونهما متساويين وقوله: (ولا تشفوا) بضم التاء وكسر الشين من باب الإفعال أي لا تزيدوا في البيع (بعضها على بعض) وهذه الجملة كما قال ابن الملك تأكيد لما قبلها، قال في المصباح: وشفَّ الشيء يشف شفًا (من باب حَسَّ) مثل حمل يحمل حملًا إذا زاد وقد يُستعمل في النقص أيضًا فيكون من الأضداد يقال هذا يشف قليلًا أي ينقص وأشففت هذا على هذا أي فضلت اهـ وقال في الذهب: هو معروف وهو جوهر معدني أحمر ويؤنث فيقال هي الذهب الحمراء ويقال: إن التأنيث لغة الحجاز اهـ. وتأنيث الضمير في الورق باعتبار أنها النقرة المضروبة أو باعتبار معنى الفضة وهي جوهر معدني أبيض اهـ من الهامش، وفي هذا النهي عن ربا الفضل ثم ذكر النهي عن ربا النسيئة بقوله:(ولا تبيعوا منها) أي من النقود (غائبًا) أي مؤجلًا (بناجز) أي بحال، والغائب المؤجل والناجز هو الحاضر ومنه إنجاز الوعد أي إحضاره اهـ من المبارق. وقد ذكر في هذا الحديث تحريم التفاضل والنسيئة في مبادلة شيئين الذهب بالذهب والفضة بالفضة، وسيأتي في حديث عبادة بن الصامت ذكر أربعة أشياء معهما وهي البر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح فصارت هذه الأشياء ستة وقد نص الحديث على حرمة التفاضل والنسيئة في كل واحد منها إذا بيع بجنسه ويُسمى ربا الفضل ويقال له: ربا السُّنَّة أيضًا لأن هذا النوع من الربا لم يذكره القرآن نصًّا وإنما عرفت حرمته بالسنة اهـ من التكملة.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [2177]، والنسائي [7/ 278 و 279].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:

3922 -

(00)(00)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث) بن سعد (ح وحدثنا

ص: 286

مُحَمَّدُ بن رُمْح. أخْبَرَنَا الليثُ، عَنْ نَافِع؛ أَن ابنَ عُمَرَ قَال لَهُ رَجُل مِن بَنِي لَيث: إِنَّ أَبَا سَعِيد الخُدْرِي يَأثُرُ هذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فِي رِوَايَةِ قُتَيبَةَ: فَذَهَبَ عَبْدُ اللهِ وَنَافِعٌ معَهُ. وَفِي حَدِيثِ ابنِ رُمْح: قَال نَافِعٌ: فَذَهَبَ عَبْدُ اللهِ وَأَنا مَعَهُ وَاللَّيثِي، حَتى دَخَلَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدرِي. فَقَال: إِنَّ هذَا أَخْبَرَنِي أنَّكَ تُخْبِرُ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيعِ الْوَرِقِ بِالوَرِقِ إِلا مِثْلًا بِمِثْل وَعَنْ بَيعِ الذهَبِ بِالذهَبِ إِلا مِثْلًا بِمِثْلٍ. فَأَشَارَ أَبُو سَعِيد بِإصْبَعَيهِ إِلَى عَينَيهِ وَأُذنَيهِ. فَقَال: أَبْصَرَتْ عَينَايَ وَسَمِعَتْ أذُنَايَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ. وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ. إِلا مِثْلًا بِمِثلٍ. وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهُ عَلَي بَعْضٍ

ــ

محمد بن رمح) المصري (أخبرنا الليث) بن سعد (عن نافع، أن ابن عمر قال له رجل من بني ليث): لم أر من ذكر اسم هذا الرجل (إن أبا سعيد الخدري يأثر) بضم المثلثة من باب نصر أي يذكر ويروي (هذا) الحديث (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني حديث النهي عن بيع الورق بالورق إلا مثلًا بمثل والذهب بالذهب إلا مثلًا بمثل (في رواية قتيبة فذهب عبد الله ونافع معه) أي مع ذلك الرجل الليثي (وفي حديث ابن رمح قال نافع: فذهب عبد الله) بن عمر (وأنا) يريد نافع نفسه أي والحال أني (معه) أي مع ابن عمر (و) الرجل (الليثي) الذي نبه ابن عمر على حديث أبي سعيد، معطوف على عبد الله (حتى دخل) عبد الله (على أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه. وهذان السندان أيضًا من رباعياته (فقال) ابن عمر لأبي سعيد:(أن هذا) الرجل الليثي (أخبرني) آنفًا (أنك) يا أبا سعيد (تخبر) وتحدّث (أن رسول الله صلى الله عليه وسأنهى عن بيع الورق بالورق إلا) حالة كونهما (مثلًا) مقابلًا (بمثل) أي إلا حالة كونهما متساويين في الوزن (و) نهى (عن بيع الذهب بالذهب إلا مثلًا) مقابلًا (بمثل) قال نافع: (فأشار أبو سعيد بأصبعيه) المسبحتين (إلى عينيه وأذنبه فقال: أبصرت عيناي) هاتان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نهى (وسمعت أذناي) هاتان (رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة كونه (يقول: لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلًا) مقابلًا (بمثل ولا تشفوا) أي لا تزيدوا (بعضه) أي بعض المعقود عليه (على بعض) في هذا دلالة على

ص: 287