الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
578 - (18) باب بيع الطعام بالطعام مثلًا بمثل وحجة من قال: لا ربا إلا في النسيئة
3947 -
(1529)(93) حدثنا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرٌو. ح وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ؛ أَنَّ أَبَا النَّضْرِ حَدّثَهُ؛ أَنَّ بُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ؛ أَنَّهُ أَرْسَلَ غُلامَهُ بِصَاعِ قَمْحٍ. فَقَال: بِعْهُ ثمَّ اشْتَرِ بِهِ شَعِيرًا. فَذَهَبَ الْغلامُ فَأَخَذَ صَاعًا وَزِيادَةَ بَعْضِ صَاعٍ. فَلَمَّا جَاءَ مَعْمَرًا أَخْبَرَهُ بِذلِكَ. فَقَال لَه مَعْمَرٌ: لِمَ فَعَلْتَ ذلِكَ؟
ــ
578 -
(18) باب بيع الطعام بالطعام مثلًا بمثل وحجة من قال: لا ربا إلا في النسيئة
3947 -
(1529)(93)(حدثنا هارون بن معروف) المروزي أبو علي الضرير نزيل بغداد (حدثنا عبد الله بن وهب) بن مسلم القرشي المصري (أخبرني عمرو) بن الحارث ابن يعقوب الأنصاري المصري، ثقة، من (7)(ح وحدثني أبو الطاهر أخبرنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن أبا النضر) سالم بن أبي أمية التميمي مولاهم المدني (حدثه) أي حدّث لعمرو بن الحارث (أن بُسر بن سعيد) مولى ابن الحضرمي الزاهد العابد المدني، ثقة، من (2) روى عنه في (8) أبواب (حدّثه) أي حدّث بسر لأبي النضر (عن معمر بن عبد الله) بن نافع بن نضلة القرشي العدوي المدني رضي الله عنه من الصحابة المهاجرين، أسلم قديمًا وهاجر إلى الحبشة ثم رجع إلى مكة فأقام بها ثم قدم المدينة بعد ذلك كذا في الإصابة [3/ 428] وقد ورد أنه حلق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع كما في التهذيب [10/ 246] وحديثه هذا لم يخرجه غير مسلم من الأئمة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن عمر بن الخطاب، ويروي عنه (م د ت ق) وبُسر بن سعيد في البيوع، وسعيد بن المسيب في البيوع، وعبد الرحمن بن جبير المصري وغيرهم (أنه) أي أن معمر بن عبد الله (أرسل غلامه) إلى السوق (بصاع قمح فقال) معمر (بعه) أي بيع صاع قمح بنقد (ثم اشتر به) أي بذلك النقد (شعيرًا، فذهب الغلام) إلى السوق (فأخذ) الغلام أي اشترى بصاع قمح (صاعًا) من شعير (وزيادة بعض صاع) من شعير (فلما جاء) الغلام (معمرًا أخبره) أي أخبر الغلام معمرًا (بذلك) أي ببيعه صاع قمح بصاع شعير وزيادة (فقال له) أي للغلام (معمر لِمَ فعلت ذلك) أي بيع القمح
انْطَلِقْ فَرُدَّهُ. وَلَا تَأْخُذَنَّ إلا مِثْلا بِمِثْل. فَإِني كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الطعَامُ بِالطعَامِ مِثْلا بِمِثْلٍ". قَال: وَكَانَ طَعَامُنَا، يَوْمَئِذٍ، الشعِيرَ. قِيلَ لَهُ: فَإِنهُ لَيسَ بِمِثْلِهِ. قَال: إِني أَخَافُ أَنْ يُضَارعَ
ــ
بالشعير الزائد لأنهما ربويان (انطلق) أي اذهب يا غلام إلى من بعت له القمح (فرده) أي فرد هذا الشعير عليه (ولا تأخذن) منه الشعير (إلا مثلًا بمثل) أي إلا صاعًا مقابلًا بمثل من صاع قمح وإنما أمرتك برد الشعير الزائد (فإني كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ) يباع (الطعام بالطعام) حالة كونه (مثلًا) مقابلًا (بمثل) يعني بيع أحدهما بالآخر يكون مثلًا بمثل وأراد بالطعامين ما يكون من جنس واحد بقرينة حديث آخر وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم" اهـ مبارق (قال) بسر بن سعيد (وكان طعامنا يومئذٍ) أي يوم إذ أرسل معمر غلامه (الشعير، قيل له) أي لمعمر (فإنه) أي فإن الشعير (ليس بمثله) أي بمثل القمح يعني ليس الشعير من جنس القمح، والمراد أن القمح والشعير جنسان فلا يحرم فيهما التفاضل لقوله صلى الله عليه وسلم:"إذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم" فلماذا تريد فسخ هذا البيع (قال) معمر: (إني أخاف أن يُضارع) هذا الشعير أي يشابه ويشارك هذا الشعير القمح فيكون في معنى المماثل فيكون له حكمه في تحريم الربا يعني أخاف أن يشابه هذا البيع المنهي عنه من الربا لكون الحنطة والشعير متقاربين ولإطلاق لفظ الطعام على كل واحد منهما وهذا تورع واحتياط منه رضي الله عنه وإلا فالحديث في جواز مثله واضح.
وحمله مالك رحمه الله تعالى على الفتوى فقال: لا يجوز التفاضل في بيع الحنطة بالشعير لتقارب منفعتهما وإن الحنطة والشعير والسلت جنس واحد عنده وكذا الخل والنبيذ جنس واحد عنده لتقارب المنافع، وخالفه الجمهور ولا حجة لمالك في حديث الباب لأن قوله إني أخاف أن يضارع صريح في كون عمله مبنيًّا على الورع والتقوى، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه، قال القرطبي: إن حديث معمر هذا لا حجة فيه لأصحابنا وإن كانوا قد أطبقوا على الاحتجاج به ووجه ذلك أن غايتهم في التمسك به أن يحتجوا بمذهب معمر وهو صحابي وهو أعلم بالمقال وأقعد بالحال (قلت): إن قول معمر هذا رأي منه لا رواية وما استدل به من قوله صلى الله عليه وسلم: "الطعام بالطعام" لا حجة له فيه لأنه إن حمل على عمومه لزم منه أن لا يباع التمر بالبر ولا الشعير بالملح إلا مثلًا بمثل وذلك خلاف الإجماع فظهر أن المراد به الجنس الواحد
3948 -
(1530)(94) حدثنا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَب. حَدَّثَنَا سُلَيمَانُ (يَعْنِي ابْنَ بِلالٍ) عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يحدث؛ أَنَّ أَبَا هُرَيرَةَ وَأَبَا سعيد حَدَّثَاهُ؛ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَخَا بَنِي عَدِيٍّ الأنْصَارِيَّ فَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى خَيبَرَ
ــ
من الطعام وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم الأجناس المختلفة في حديث عبادة بن الصامت وغيره كما مر وفصلها واحدًا واحدًا ففصل التمر عن البر والشعير عنه ثم قال بعد ذلك فإذا اختلفت الأجناس فبيعوا كيف شئتم ثم الظاهر من فتيا معمر أنها إنما كانت تقية وخوفًا وتورعًا ألا ترى نصه حيث قال: إني أخاف أن يضارع والحجة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا في قول غيره اهـ من المفهم. وهذا الحديث أعني حديث معمر بن عبد الله انفرد به الإِمام مسلم عن أصحاب الأمهات.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث معمر بن عبد الله بحديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم فقال:
3948 -
(1530)(94)(حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب) الحارثي القعنبي البصري، ثقة، من (9)(حدثنا سليمان يعني ابن بلال) التيمي مولاهم أبو محمَّد المدني، ثقة، من (8)(عن عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن) بن عوف القرشي الزهريّ أبي وهب المدني، روى عن سعيد بن المسيب في البيوع، وعطاء بن أبي رباح في المدبر، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة في التفسير وعمه أبي سلمة، ويروي عنه (خ م د س) وسليمان بن بلال ومالك وأبوالعميس والمغيرة بن عبد الرحمن، وثقه ابن معين والنسائي، وقال في التقريب: ثقة، من السادسة (أنه سمع سعيد بن المسيب) بن حزن المخزومي المدني، ثقة، من (3)(يحدّث أن أبا هريرة وأبا سعيد) الخدري (حدّثاه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث) إلى خيبر (أخا بني عدي الأنصاري فاستعمله) أي جعله عاملًا واليًا (على) أهل (خيبر) اسمه سواد بن غزية بوزن عطية كما صرح به في رواية الدراوردي عند أبي عوانة والدارقطني نبه عليه الحافظ في الفتح 41/ 334، وروى ابن إسحاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل الصفوف في يوم بدر وفي يده قدح فمر بسواد بن غزية فطعن في بطنه فقال:(يعني سواد بن غزية) أوجعتني فأقدني فكشف عن بطنه فاعتنقه وقبل بطنه صلى الله عليه وسلم فدعا له بخير، راجع الإصابة [3/ 94]
فَقَدِمَ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ. فَقَال لَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "فُى تَمْرِ خَيبَرَ هكَذَا؟ " قَال: لَا، وَاللهِ، يَا رَسُولَ الله، إِنا لَنَشْتَرِي الصَّاعَ بِالصَّاعَينِ مِنَ الْجَمْعِ. فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"لَا تَفْعَلُوا. وَلكِنْ مِثْلًا بِمِثْلٍ. أَوْ بِيعُوا هذَا وَاشتَرُوا بِثَمَنِهِ مِنْ هذَا. وَكَذلِكَ الْمِيزَانُ"
ــ
(فقدم) ذلك العامل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة (بتمر جنيب) بوزن حبيب نوع من أعلى التمر ذكره النووي، وقال في المرقاة نوع جيد من أنواع التمر، وقال مالك: هو الكبيسي، وقال الطحاوي: هو الطيب وقيل: الصلب وقيل الذي أُخرج من حشفه ورديئه يعني المنتقى، وقال غيرهم: هو الذي لا يخلط بغيره بخلاف الجمع (فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكُل تمر خيبر هكذا) أي مثل هذا الذي جئت به، فيه أن الاستخبار عن أحوال بلد آخر وعما يوجد فيه من الأطعمة والثمار ليس من فضول الكلام ولا من اللغو منه (قال) الرجل:(لا) أي ليس كل تمر خيبر هكذا (والله يا رسول الله إنا لنشتري الصالح) من هذا الجنيب (بالصاعين من الجمع) يعني من المخلوط الذي يجمع الجيد والرديء، وفي المرقاة: الجمع هو منوع من التمر لا يعرف اسمه أو تمر رديء أو تمر مختلط من أنواع متفرقة وليس مرغوبًا فيه وما يخلط إلا لرداءته اهـ وفسره في المصباح بالدقل وهو بفتحتين أردأ التمر (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفعلوا) ذلك البيع أي بيع الصاع بالصاعين (ولكن) بيعوا التمر بالتمر حالة كونه (مثلًا) مقابلًا (بمثل أو بيعوا هذا) الجنيب (واشتروا بثمنه من هذا) الجمع، وفيه دليل على أن الذي ارتكب المحظور لجهالة معذور في أحكام الآخرة ولذلك لم يلمه النبي صلى الله عليه وسلم على فعله السابق وإنما أمره في المستقبل أن لا يعود ولكنه غير معذور في أحكام الدنيا فلا يصح العقد الباطل أو الفاسد بعذر الجهالة ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم برد هذا التمر وفسخ البيع فيما سيأتي من طريق أبي نضرة عن أبي سعيد والظاهر أن القصة واحدة (وكذلك) أي ومثل الكيل المذكور في الربوي المكيل (الميزان) يُعتبر التساوي فيه فيما إذا كان الموزون ربويًا، وقال النووي: معناه وكذلك الميزان لا يجوز التفاضل فيه فيما كان ربويًا موزونًا وحاصله أن الموزونات إنما تكون ربوية إذا كانت من المطعومات ولكنه تقييد لمطلق لفظ الحديث فيحتاج إلى دليل وفي بعض الهوامش: أي وكذلك ما يوزن من الربويات إذا احتيج إلى بيع بعضها ببعض يعني أن الموزون مثل المكيل لا يجوز التفاضل فيه اهـ.
3949 -
(00)(00) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأتُ عَلَى مالك، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَوْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّب، عَنْ أَبِي سعيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَعَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيبَرَ. فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيب. فَقَال لَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"أَكُلُّ تَمْرِ خَيبَرَ هكَذَا؟ " فَقَال: لَا، وَاللهِ، يَا رَسُولَ الله! إِنا لَنَأخُذُ الصَّاعَ مِنْ هذَا بِالصَّاعَينِ. وَالصَّاعَينِ بِالثلاثَةِ. فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"فَلَا تَفْعَلْ"
ــ
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري أخرجه في البيوع، والنسائي أخرجه أيضًا في البيوع.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
3949 -
(00)(00)(حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف) الزهريّ المدني (عن سعيد بن المسبب) المدني (عن أبي سعيد الخدري وعن أبي هريرة) المدنيين. وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم مدنيون إلا يحيى بن يحيى، غرضه بيان متابعة مالك لسليمان بن بلال، وفائدتها تقوية السند الأول لأن سليمان بن بلال قال فيه عثمان بن أبي شيبة لا بأس به وليس ممن يعتمد على حديثه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل) أي جعل (رجلًا) من الأنصار عاملًا (على خيبر) أي واليًا على أهلها (فجاءه) أي فجاء ذلك الرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المدينة (بتمر جنيب) أي جيد (فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكُلّ تمر خيبر هكذا) أي مثل هذا النجيب (فقال) الرجل: (لا) أي ليس مثل هذا (والله يا رسول الله) أي أقسمت لك بالله ليس مثل هذا يا رسول الله، أتى بالقسم تأكيدًا للنفي (إنا) معاشر أهل خيبر (لنأخذ) ونشتري (الصاع من هذا) النجيب (بالصاعين) من الجمع (و) نأخذ (الصاعين) من هذا النجيب (بالثلاثة) آصع من الجمع كذا في رواية مسلم، وفي رواية البخاري في البيوع (بالثلاث) قال في الفتح: كلاهما جائز لأن الصاع يذكر ويؤنث أي نأخذ تارة الصاع منه بالصاعين من غيره وتارة الصاعين منه بثلاثة آصع من غيره، قال ملا علي: ويمكن أن يكون الاختلاف باختلاف وجوده وكثرته أو باختلاف أنواعه وأصنافه (فقال) له (رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تفعل) هذا الشراء الذي فيه التفاضل بين العوضين مع اتحاد
بعِ الجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ. ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا".
3950 -
(1531)(95) حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ. حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ. ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سهْلٍ التَّمِيمِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ الدَّارِمِيُّ (وَاللَّفْظُ لَهُمَا). جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى بْنِ حَسَّانَ. حَدَّثَنَا مُعَاويةُ (وَهُوَ ابْنُ
ــ
الجنس وإن اختلفا رداءة وجودة فإنه تشترط المماثلة بينهما عند اتحاده، ولكن (بيع الجمع) الذي عندك (بالدراهم) أي مثلًا، والمراد ما لا يكون مالًا ربويًا اهـ مرقاة (ثم ابتع) أي اشتر (بـ) تلك "الدراهم (تمرًا (جنيبًا) فإن ذلك التفاضل لا يجوز عند اتحاد الجنس الربوي.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث معمر بن عبد الله بحديث آخر لأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما فقال:
3950 -
(1531)(95)(حدثنا إسحاق بن منصور) بن بهرام الكوسج التميمي النيسابوري، ثقة، من (11)(أخبرنا يحيى بن صالح الوحاظي) بضم الواو وتخفيف المهملة ثم معجمة أبو زكرياء الحمصي، صدوق، من (9) روى عنه في (2) بابين (حدثنا معاوية) بن سلام بن أبي سلام الحبشي الدمشقي، ثقة، من (7)(ح وحدثني محمَّد بن سهل) بن عسكر (التميمي) مولاهم البغدادي، ثقة، من (11)(وعبد الله بن عبد الرحمن) بن الفضل بن مهران (الدارمي) أبو محمَّد السمرقندي صاحب المسند والتفسير والجامع، ثقة متقن، من (11) روى عنه مسلم ثلاثة وسبعين حديثًا (73) في (14) بابا، وروى عنه البخاري في غير الجامع، ورُوي أن البخاري رحمه الله تعالى لما بلغه نعي الدارمي نكس رأسه ثم رفع واسترجع وجعل تسيل دموعه على خديه ثم أنشأ يقول:
إن تبق تفجع بالأحبة كلهم
…
وفناء نفسك لا أبالك أفجع
كذا في التهذيب [5/ 296](واللفظ) الآتي (لهما) أي لمحمد بن سهل وعبد الله بن عبد الرحمن لا وإسحاق بن منصور (جميعًا) أي كلاهما رويا (عن يحيى بن حسان) بن حيان بتحتانية التنيسي بكسر المثناة الفوقية والنون المشددة المكسورة وسكون التحتية ثم مهملة أبو زكرياء البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا معاوية وهو ابن
سَلَّامٍ). أَخْبَرَنِي يَحْيَى (وَهُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ). قَال: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَبْدِ الْغَافِرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ يَقُولُ: جَاءَ بِلالٌ بِتَمْرٍ بَرْنِيٍّ. فَقَال لَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مِنْ أَينَ هذَا؟ " فَقَال بِلالٌ: تَمرٌ، كَانَ عِنْدَنَا، رَدِيءٌ. فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَينِ بِصَاعٍ. لِمَطْعَمِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَقَال رَسُولُ الله، عِنْدَ ذلِكَ "أَوَّهْ. عَينُ الرِّبَا. لَا تَفْعَلْ. وَلكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ التَّمْرَ فَبِعْهُ
ــ
سلام أخبرني يحيى وهو ابن أبي كثير) الطائي اليمامي (قال) يحيى (سمعت عقبة بن عبد الغافر) الأزدي العوذي نسبة إلى عوذ بن سود بن الحجر بن عمران بن عمرو بن عامر أبا نهار بفتح النون والهاء المشددة البصري، روى عن أبي سعيد الخدري في البيوع والرحمة، وعبد الله بن مغفل، ويروي عنه (خ م س) ويحيى بن أبي كثير وقتادة، وثقه النسائي والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من الرابعة، قديم الموت مات سنة (83) ثلاث وثمانين (يقول: سمعت أبا سعيد) الخدري (يقول: جاء بلال) بن رباح مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (بتمر برني) بفتح الموحدة وسكون الراء في آخره ياء مشددة نسبة إلى برن، قيل اسم أول من غرسه في المدينة وهو نوع من التمر وهو من أجود ما يوجد في المدينة يسمى بهذا الاسم حتى الآن (فقال له) أي لبلال (رسول الله صلى الله عليه وسلم من أين) حصلت (هذا) النوع النجيب الجيد، وهذا دليل على أن للإنسان أن يبحث عما يستريب فيه حتى ينكشف له حاله (فقال بلال) لرسول الله صلى الله عليه وسلم:(تمر) مبتدأ سوغ الابتداء بالنكرة وصفه بقوله: (كان عندنا رديء) خبر المبتدإ (فبعت منه) أي من الرديء الذي كان عندنا (صاعين بصاع) من هذا النجيب المطعم النبي صلى الله عليه وسلم أي لأجل إطعامه صلى الله عليه وسلم (فقال رسول الله) صلى الله عليه وسلم (عند ذلك) أي عندما أخبره بلال أنه اشترى صاعًا من هذا النجيب بصاعين من تمرنا: (أو) بفتح الهمزة وتشديد الواو المفتوحة وسكون الهاء وهي اللغة الفصيحة المشهورة المثبتة في جميع الروايات، وفيها لغات بسطها الأبي والنووي وهي اسم فعل مضارع بمعنى أتوجع وأتحزن من شرائك هذا هو (عين الربا) أي نفس الربا المحرم شرعًا لعدم التماثل بين العوضين مع اتحاد الجنس (لا تفعل) يا بلال مثل هذه المعاملة بعد اليوم (ولكن إذا أردت) وقصدت (أن تشتري التمر) الجيد (فبعه) أي فبع هذا الرديء الذي
بِبَيعِ آخَرَ. ثُمَّ اشتَرِ بِهِ".
لَمْ يَذْكُرِ ابْنُ سَهْلٍ في حَدِيثِهِ: عِنْدَ ذلِكَ.
3951 -
(00)(00) وحدّثنا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أعْيَنَ. حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ، عَنْ أَبِي قَزَعَةَ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ. قَال: أتِيَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِتَمْرٍ. فَقَال:
ــ
عندك (ببيع آخر) يعني بيع التمر الرديء بشيء آخر غير التمر الجيد (ثم اشتر) أي اشتر التمر الجيد (به) أي بذلك الشيء الذي بعت به الرديء (لم يذكر) محمَّد (بن سهل في حديثه) أي في روايته لفظة (عند ذلك) من قوله: (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك).
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 62] ، والبخاري [2312] ، والنسائي [7/ 272 - 273].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة فيه فقال:
3951 -
(00)(00)(وحدثنا سلمة بن شبيب) المسمعي أبو عبد الله النيسابوري، ثقة، من (11) روى عنه في (4) أبواب (حدثنا الحسن) بن محمَّد (بن أعين) الأموي مولاهم مولى مروان أبو علي الحراني نُسب إلى جده لشهرته به، صدوق، من (9) روى عنه في (6) أبواب:(حدثنا معقل) بن عبيد الله العبسي أبو عبد الله الحراني، صدوق، من (8) روى عنه في (8) أبواب:(عن أبي قزعة) سويد بن حجير بتقديم المهملة وبالتصغير فيهما وقزعة بسكون الزاي إن كان من قزع بمعنى أسرع وبفتحها أن كان واحدًا لقزع وهي السحاب المتفرق والسكون أكثر كما مر في أوائل الكتاب (الباهلي) البصري، ثقة، من (4) روى عنه في (3) أبواب:(عن أبي نضرة) المنذر بن مالك بن قطعة العبدي البصري، ثقة، من (3)(عن أبي سعيد) الخدري رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة أبي النضر لعقبة بن عبد الغافر (قال) أبو سعيد:(أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمر) والآتي به هو بلال كما صُرح به في الرواية السابقة وهو المراد أيضًا بقوله: (لقد جاء فتيان رسول الله صلى الله عليه وسلم الآتي في حديث آخر لأبي سعيد اهـ من تنبيه المعلم على مبهمات المسلم (فقال) رسول الله صلى الله عليه
"مَا هذَا التَّمْرُ مِنْ تَمْرِنَا" فَقَال الرجُلُ: يَا رَسُولَ الله، بِعْنَا صَاعَينِ بِصَاع مِنْ هذَا. فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"هذَا الرِّبَا. فَرُدوهُ. ثُمَّ بِيعُوا تَمْرَنَا وَاشْتَرُوا لَنَا مِنْ هذَا".
3952 -
(1532)(96) حدّثني إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ. حَدَّثَنَا عُبَيدُ الله بْنُ مُوسَى، عَنْ شَيبَانَ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ. قَال: كُنَا نُرْزَقُ تَمْرَ الْجَمْعِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. وَهُوَ الْخِلْطُ مِنَ التَّمْرِ
ــ
وسلم للآتي به: (ما هذا التمر) الذي أتيت به هل هو (من تمرنا، فقال الرجل) الآتي به (يا رسول الله) ليس هو من تمرنا بل (بعنا صاعين) من تمرنا (بصاع من هذا) التمر النجيب الذي أتيت به (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا) البيع أي بيع صاعين بصاع هو (الربا) أي هو عين الربا المحرم لما فيه من التفاضل في أحد العوضين مع اتحاد الجنس وإن اختلفا بالجودة والرداءة (فردوه) أي ردوا هذا الصاع الجيد على بائعه واستردوا منه صاعين من تمرنا الرديء (ثم) بعد استردادهما (بيعوا تمرنا) بدراهم مثلًا (واشتروا لنا) بتلك الدراهم (من هذا) التمر الجيد انفرد بهذه الرواية الإمام مسلم رحمه الله تعالى.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث معمر بن عبد الله بحديث آخر لأبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنهما فقال:
3952 -
(1532)(96)(حدثني إسحاق بن منصور) الكوسج، من (11)(حدثنا عبيد الله بن موسى) العبسي الكوفي، ثقة، من (9)(عن شيبان) بن عبد الرحمن التميمي الكوفي، ثقة، من (7)(عن يحيى) بن أبي كثير الطائي اليمامي، ثقة، من (5)(عن أبي سلمة) عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهريّ المدني، ثقة، من (3) (عن أبي سعيد) الخدري رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته اثنان منهم مدنيان واثنان كوفيان وواحد يمامي وواحد نيسابوري (قال) أبو سعيد:(كنا) معاشر الأصحاب (نُرزق) بالبناء للمجهول (تمر الجمع) أي كنا نُعطى التمر الرديء في رزقنا وسهمنا، وكان هذا العطاء مما يقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم مما أفاء الله عليهم من خيبر (على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أي في زمن حياته لضيق العيش (وهو) أي الجمع (الخلط) بكسر الخاء المعجمة وإسكان اللام أي المخلوط (من التمر) من أنواع مختلفة
فَكُنَّا نَبِيعُ صَاعَينِ بِصَاعٍ. فَبَلَغَ ذلِكَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقَال: "لَا صَاعَيْ تَمْرٍ بِصَاعٍ. وَلَا صَاعَي حِنْطَةٍ بِصَاعٍ. وَلَا دِرْهَمَ بِدِرْهَمَينِ".
3953 -
(1533)(97) حدّثني عَمْرٌو النَاقِدُ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ
ــ
وإنما خُلط لرداءته، وهو تفسير مدرج من بعض الرواة وهذا الخلط لا يعد غشًا لأنه متميز ظاهر بخلاف خلط اللبن بالماء فإنه لا يظهر اهـ قسطلاني (فكنا نبيع) أي نستبدل (صاعين) من الجمع (بصاع) من الجيد، ولفظ ابن ماجه (كان النبي صلى الله عليه وسلم يرزقنا تمرًا من تمر الجمع فنستبدل به تمرًا هو أطيب منه ونزيد في السعر) (فبلغ ذلك) البيع الذي فعلنا (رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا يدل على أن ما فعلوه كان بمجرد رأيهم وإلا فقول الصحابي كنا نفعل كذا من قبيل المسند عند المحدثين (فقال) لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا) تبيعوا (صاعي تمر) جيدًا كان أو رديئًا، وصاعي اسم لا منصوب بالياء لأنه مضاف إلى ما بعده (بصاع) من تمر كذلك لعدم المماثلة (ولا) تبيعوا (صاعي حنطة بصاع) منها (ولا درهم) بالفتح من غير تنوين لأنه اسم لا الجنسية أي لا تبيعوا درهمًا واحدًا (بدرهمين) لذلك، والدرهم هو ما يزن سبعة عشر قيراطًا إلا خمس قيراط، والقيراط ما يزن ثلاث حبات من شعير، وقوله:(لا صاعي تمر بصاع) إلخ، ولفظ المشارق إلا صاعين تمرًا بصاع كما في بعض نسخ مسلم، والظاهر من السياق كونه (لا صاعين بصاع) كما هو لفظ البخاري، وقال ابن الملك في المبارق: اسم لا محذوف أي لا بيع صاعين تمرًا بصاع تمر موجود والنفي بمعنى النهي كما قررناه في معنى حلِّنا اهـ والمراد أن لا لنفي الجنس والمراد لا يحل بيع صاعين من تمر بصاع منه لا أنه لا يتحقق شرعًا فيدل الحديث على بطلان العقد في الربا اهـ من بعض الهوامش. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 49 - 50] ، والنسائي [7/ 272].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله رابعًا لحديث معمر بن عبد الله بحديث آخر لأبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنهما فقال:
3953 -
(1533)(97)(حدثني عمرو) بن محمَّد بن بكير (الناقد) البغدادي (حدثنا إسماعيل بن إبراهيم) بن مقسم الأسدي البصري المعروف بابن علية (عن سعيد) بن إياس (الجريري) البصري (عن أبي نضرة) المنذر بن مالك بن قطعة العبدي
قَال: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّرْفِ؟ فَقَال: أَيَدًا بِيَدٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَال: فَلَا بَأسَ بِهِ. فَأَخْبَرْتُ أَبَا سَعِيدٍ. فَقُلْتُ: إِنِّي سَأَلْتُ ابْنَ عَباس عَنِ الصَّرْفِ؟ فَقَال: أَيدًا بِيَدٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَال: فَلَا بَأْسَ بِهِ. قَال: أَوَ قَال ذلِكَ؟ إِنا سَنَكْتُبُ إِلَيهِ فَلَا يُفْتِيكُمُوهُ. قَال: فَوَاللهِ لَقَدْ جَاءَ بَعْضُ فِتْيَانِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِتَمْرٍ فَأَنْكَرَهُ. فَقَال: "كأنَّ هذَا لَيسَ مِنْ تَمْرِ أَرْضِنَا"
ــ
البصري، ثقة، من (3) وهذا السند من خماسياته مع أبي سعيد الخدري لأنه راوي الحديث (قال) أبو نضرة:(سألت ابن عباس عن) حكم (الصرف) وهو بيع النقد بالنقد سواء كان متفاضلًا أو متساويًا، وكان ابن عباس يرى جواز الصرف في كلتا الصورتين فكان يحيى التفاضل في الصرف دون النسيئة، وسيأتي دليله والكلام عليه بعد حديثين إن شاء الله تعالى أي سألته عن حكم بيع الصرف وهو في الأصل مبادلة الثمن بالثمن هل يحل أم لا (فقال) لي ابن عباس:(أ) تبيعه (يدًا بيد) أي مقابضة (قلت) له: (نعم) أي أبيعه يدًا بيد (قال) في: (فلا بأس به) أي لا مانع بالصرف حينئذٍ أي حين إذ كان البيع مقابضة وإن تفاضلا، قال أبو نضرة:(فأخبرت أبا سعيد) الخدري بما أفتاه ابن عباس من جواز الصرف مطلقًا إذا كان يدًا بيد (فقلت) لأبي سعيد في إخباره قول ابن عباس وهو عطف تفسير لأخبرت (إني سألت ابن عباس عن) حكم (الصرف) هل يجوز أم لا (فقال) لي ابن عباس: (أ) تبيعه (يدًا بيد) فـ (قلت) له: (نعم) أبيعه يدًا بيد فـ (قال) لي: (فلا بأس به) أي فلا مانع بالصرف حينئذٍ (قال) أبو سعيد: فهو معطوف على أخبرت بعاطف مقدر أي فأخبرته بما قال ابن عباس، فقال لي أبو سعيد (1) أفتى لك (وقال) في إفتائه (ذلك) أي بجواز الصرف إذا كان يدًا بيد وإن تفاضلا اصبر (أنا سنكتب إليه) أي إلى ابن عباس حديث النهي عن الصرف بالتفاضل (فلا يفتيكموه) بعد ما كتبنا إليه حديث النهي أي فلا يفتيكم بجواز الصرف مطلقًا بعد ما بلغه حديث النهي عنه، ثم (قال) أبو سعيد في بيان حديث النهي عنه:(فوالله) الذي لا إله غيره (لقد جاء) وأتى (بعض فتيان) وغلمان (رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه (بتمر) نجيب (فأنكره) أي فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك التمر النجيب عليه بأنه ليس من تمرنا (فقال) النبي صلى الله عليه وسلم في إنكاره: كان هذا) التمر الذي جئت به (ليس من تمر أرضنا) في خيبر لنجابته فـ (قال) بعض الفتيان الذي جاء بالتمر بيانًا لسبب إنكاره صلى الله عليه وسلم
قَال: كَانَ في تَمْرِ أرْضِنَا (أَوْ في تَمْرِنَا)، العَامَ، بَعْضُ الشيءِ، فَأَخَذْتُ هذَا وَزِدْتُ بَعْضَ الزِّيَادَةِ. فَقَال:"أَضْعَفْتَ أَرْبَيتَ. لَا تَقْرَبَنَّ هذَا. إِذَا رَابَكَ مِنْ تَمْرِكَ شَيءٌ فَبِعْهُ. ثُمَّ اشتَرِ الذِي تُرِيدُ مِنَ التمْرِ".
3954 -
(00)(00) حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى. أَخْبَرَنَا دَاوُدُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ. قَال: سَأَلْتُ
ــ
التمر عليه (كان) يا رسول الله (في تمر أرضنا أو) قال بعض فتيان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان (في تمرنا) شك الراوي أي الكلمتين قال ذلك البعض (العام) أي في هذا العام (بعض الشيء) من الرداءة وهو اسم كان مؤخر عن خبرها يعني كان في تمرنا شيء من الرداءة في هذه السنة (فأخذت) أي فاشتريت بتمرنا (هذا) الجيد (وزدت بعض الزيادة) في تمرنا لرداءته (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك البعض: هل (أضعفت) أي هل أعطيت الضعف من تمرنا و (أربيت) أي أعطيت الربا والزيادة لصاحب النجيب (لا تقربن هذا) أي لا تقربن مثل هذا الشراء فيما يستقبل فضلًا عن مباشرته فإن قربه يضر فضلًا عن معاملته (إذا رابك من تمرك شيء) أي إذا أصابك من تمرك شيء من الرداءة التي تشوش قلبك، يقال رابني الشيء وأرابني بمعنى شككني وأوهمني الريبة فيه فإذا استيقنته قلت: رابني بغير ألف كذا في مجمع البحار، وذكر جواب الشرط بقوله:(فبعه) أي فبع ذلك التمر الرديء بدراهم (ثم اشتر) بتلك الدراهم (الذي تريد) هـ (من التمر) النجيب ولا تشتر بتمرك الرديء النجيب الذي تريده بالتفاضل لأنه عين الربا المحرم. وهذا الحديث انفرد به المؤلف عن أصحاب الأمهات ولكن شاركه أحمد [3/ 60].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
3954 -
(00)(00)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (أخبرنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى السامي بالمهملة البصري، ثقة، من (8)(أخبرنا داود) بن أبي هند دينار القشيري أبو محمَّد البصري، ثقة، من (5)(عن أبو نضرة) المنذر بن مالك بن قطعة العبدي البصري، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة داود بن أبي هند لسعيد الجريري (قال) أبو نضرة: (سألت
ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّرْفِ؟ فَلَمْ يَرَيَا بِهِ بَأْسًا، فَإنِّي لَقَاعِدٌ عِنْدَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَسَأَلْتُهُ عَنِ الصَّرْفِ؟ فَقَال: مَا زَادَ فَهُوَ رِبًا. فَأَنْكَرْتُ ذلِكَ، لِقَوْلِهِمَا. فَقَال: لَا أُحَدِّثُكَ إلا مَا سَمِعتُ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. جَاءَهُ صَاحِبُ نَخْلةٍ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ طَيِّبٍ. وَكَانَ تَمْرُ النبي صلى الله عليه وسلم هذَا اللَّوْنَ. فَقَال لَهُ النبي صلى الله عليه وسلم: "أَنَّى لَكَ هذَا؟ " قَال: انْطَلَقتُ بِصَاعَينِ فَاشْتَرَيتُ بِهِ هذَا الصَّاعَ. فَإِن سِعْرَ هذَا في السُّوقِ كَذَا. وَسِعْرَ هذَا كَذَا. فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "وَيلَكَ!
ــ
ابن عمر وابن عباس) رضي الله تعالى عنهما (عن) حكم (الصرف) أي عن حكم بيع النقد بالنقد (فلم يريا) أي لم يعتقدا ولم يعلما (به) أي في الصرف (بأسًا) أي منعًا أي لم يريا في التفاضل فيه منعًا يعني أنهما كانا يعتقدان أنه لا ربا فيما كان يدًا بيد كانا يريان جواز بيع الجنس بعضه ببعض متفاضلًا وأن الربا لا يحرم في شيء من الأشياء إلا إذا كان نسيئة ثم رجعا عن ذلك اهـ نووي (فـ) قال أبو نضرة: (إني لقاعد عند أبي سعيد الخدري فسألته عن الصرف فقال) أبو سعيد: (ما زاد) فيه أحد العوضين على الآخر (فهو ربا) محرم لا يجوز، قال أبو نضرة:(فأنكرت ذلك) الذي قاله أبو سعيد عليه تمسكًا (لقولهما) أي لقول ابن عمر وابن عباس لا ربا في التفاضل (فقال) لي أبو سعيد حين أنكرت عليه والله (لا أحدثك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: وذلك أنه (جاءه) صلى الله عليه وسلم (صاحب نخلة) بخيبر أي قيم نخلة (بصاع من تمر طيب) أي جيد (وكان تمر النبي صلى الله عليه وسلم هذا اللون) أي هذا النوع الرديء، قال القرطبي: يشير به إلى أنه نوع رديء من التمر وهو الذي سُمي في الحديث المتقدم بالجمع أو أشار إلى ما هو المعروف من التمر حينئذٍ ثم إنه رضي الله عنه تأدب في ذكر تمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث لم يقل إنه كان أردأ في التمر الذي جاء به صاحبه ولكن قال: هذا اللون وفيه حُسن أدبه رضي الله عنه (فقال له): أي لصاحبه (النبي صلى الله عليه وسلم أنى لك) أي من أين حصل لك (هذا) التمر الطيب (قال) صاحبه: (انطلقت) أي ذهبت إلى السوق (بصاعين) من تمرنا (فاشتريت به) أي بصاعين من تمرنا (هذا الصاع) الطيب (فإن سعر هذا) الطيب (في السوق كذا) أي درهمان أي سعر صاعه درهمان (وسعر) صاع (هذا) الرديء (كذا) أي درهم يعني سعر هذا الطيب ضعف ذلك التمر (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبه: (ويلك) أي ألزمك الله الويل
أَرْبَيتَ. إِذَا أَرَدْتَ ذلِكَ فَبعْ تَمْرَكَ بِسِلْعَةٍ. ثُمَّ اشْتَرِ بِسِلْعَتِكَ أي تَمْرٍ شِئْتَ".
قَال أَبُو سَعِيدٍ: فَالتمْرُ بِالتمْرِ أَحَق أَنْ يَكُونَ رِبًا أمِ الْفِضةُ بِالْفِضةِ؟ قَال: فَأَتَيتُ ابْنَ عُمَرَ، بَعْدُ، فَنَهَاني. وَلَمْ آتِ ابْنَ عَباسٍ. قَال: فَحدثَنِي أَبُو الصَّهْبَاءِ أَنهُ سَأَلَ ابْنَ عَباسٍ عَنْهُ بِمَكةَ، فَكَرِهَهُ
ــ
والهلاك لأنك (أربيت) أي فعلت الربا المحرم (إذا أردت ذلك) الطيب (فبع تمرك) الرديء (بسلعة) أي بدرهم (ثم اشتر بسلعتك) أي بدرهمك (أي تمر شئت) تحصيله.
(قال أبو سعيد فـ) هل بيع (التمر بالتمر أحق) أي أحرى وأولى (أن يكون ربا) أي أن يسمى ربا (أم) بيع (الفضة بالفضة) أحق وأحرى بأن يسمى ربا، وهذا استدلال بطريق نظري ألحق الفرع الذي هو بيع الفضة بالفضة بالأصل الذي هو بيع التمر بالتمر بطريق أحرى وهو أقوى طرق القياس ولذا قال به أكثر منكري القياس، وإنما ذكر أبو سعيد هذا الطريق من الاستدلال لأنه لم يحضره شيء من نصوص حديث عبادة وفضالة المتقدمة وإلا فالأحاديث أحق وأولى بالاستدلال بها على ذلك لأنها نص (قال) أبو نضرة:(فأتيت ابن عمر بعد) أي بعد ما سألته عن الصرف، وقال في: لا بأس به (فنهاني) أي ابن عمر عن بيع الصرف مفاضلة، فيه تصريح بأن ابن عمر قد رجع عن قوله في الصرف بعد ما سمع الحديث (ولم آت ابن عباس، قال) أبو نضرة: (فحدثني أبوالصهباء) الهاشمي مولاهم مولى ابن عباس صهيب المدني، روى عن مولاه ابن عباس في الربا وعلي وابن مسعود، ويروي عنه (م ت س) وأبو نضرة وسعيد بن جبير وطاوس، قال أبو زرعة: ثقة، وقال النسائي: ضعيف، وقال في التقريب: مقبول، من الرابعة (أنه سأل ابن عباس عنه) أي عن الصرف بالتفاضل (بمكة) المكرمة (فكرهه) أي فكره ابن عباس الصرف مفاضلة، وهذا صريح أيضًا أنه رجع عن رأيه الأول كما رجع عنه ابن عمر.
وقد أخرج الحاكم عن أبي مجلز قال: كان ابن عباس لا يرى به بأسًا زمانًا من عمره ما كان منه عينًا بعين يدًا بيد، وكان يقول: إنما الربا في النسيئة فلقيه أبو سعيد الخدري فقال له: يا ابن عباس: ألا تتقي الله إلى متى تؤكل الناس الربا، أما بلغك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم وهو عند زوجته أم سلمة رضي الله تعالى عنها:"إني لأشتهي تمر عجوة" فبعثت صاعين من تمر إلى رجل من الأنصار فجاء بدل صاعين بصاع من تمر عجوة فقامت فقدمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه
3955 -
(1534)(98) حدّثني مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَينَةَ (وَاللَّفْظُ لابْنِ عَبَّادٍ) قَال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي صَالِحٍ. قَال: سَمِعْتُ أبا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ، مِثْلا بِمِثْلٍ. مَنْ زَادَ أَو ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبى. فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ غَيرَ هذَا. فَقَال:
ــ
أعجبه فتناول تمرة ثم أمسك فقال: "من أين لكم هذا؟ فقالت أم سلمة: بعثت صاعين من تمر إلى رجل من الأنصار فأتانا بدل صاعين هذا الصالح الواحد وها هو، كُل. فألقى التمرة بين يديه فقال: "ردوه لا حاجة لي فيه، التمر بالتمر والحنطة بالحنطة والشعير بالشعير والذهب بالذهب والفضة بالفضة يدًا بيد عينًا بعين مثلًا بمثل فمن زاد فهو ربا" ثم قال:"كذلك ما يكال ويوزن أيضًا" فقال ابن عباس: جزاك الله أبا سعيد الجنة، فإنك ذكرتني أمرًا كنت نسيته أستغفر الله وأتوب إليه فكان ينهى عنه بعد ذلك أشد النهي، قال الحاكم في مستدركه [2/ 43] بعد إخراجه هذا حديث صحيح: وهذه الرواية انفرد بها الإِمام مسلم رحمه الله تعالى.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما فقال:
3955 -
(1534)(98)(حدثني محمَّد بن عباد) بن الزبرقان المكي نزيل بغداد، صدوق، من (10)(ومحمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي، صدوق، من (10)(و) محمَّد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي، صدوق، من (10) (جميعًا) أي حالة كونهم مجتمعين في الرواية (عن سفيان بن عيينة واللفظ لابن عباد قال) ابن عباد:(حدثنا سفيان عن عمرو) بن دينار الجمحي المكي (عن أبي صالح) ذكوان السمان المدني (قال) أبو صالح: (سمعت أبا سعيد الخدري) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي صالح لأبي نضرة (يقول) يباع (الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم) حالة كونه (مثلًا) مقابلًا (بمثل) أي بمماثله (من زاد) أي أعطى الزيادة (أو ازداد) أي أو أخذ الزيادة (فقد أربى) أي فقد ارتكب الربا المحرم، قال أبو صالح:(فقلت له): أي لأبي سعيد الخدري (إن ابن عباس يقول غير هذا) الحكم الذي ذكرته من اشتراط المماثلة بين العوضين فإنه يقول بجواز المفاضلة في أحد العوضين إذا اتحد الجنس (فقال) أبو سعيد
لَقَدْ لَقِيتُ ابْنَ عَبَّاسٍ. فَقُلتُ: أَرَأَيتَ هذَا الذِي تَقُولُ أَشَيءٌ سَمِعْتَهُ من رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَوْ وَجَدْتَهُ في كِتَابِ الله عز وجل؟ فَقَال: لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. وَلَمْ أجِدْهُ في كِتابِ الله. وَلكِنْ حَدثني أُسَامَةُ بْنُ زَيدِ؛ أَنَّ النبِي صلى الله عليه وسلم قَال: "الرِّبَا في النَّسِيئَةِ"
ــ
الخدري: والله (لقد لقيت) أنا ورأيت (ابن عباس فقلت) له: أي لابن عباس (أرأيت) أي أخبرني يا ابن عباس (هذا) الحكم (الذي تقول) وتفتي في الربا من جواز المفاضلة عند اتحاد الجنس (أشيء) أي هل هو شيء (سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو وجدته في كتاب الله عز وجل (قال القرطبي: هو سؤال منكر طالب للدليل إذ لا دليل على الأحكام إلا الكتاب والسنة اهـ من المفهم (فقال) ابن عباس مجيبًا لأبي سعيد (لم أسمعه) أي لم أسمع هذا الحكم الذي أفتيته من جواز ربا الفضل (من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أجده في كتاب الله) تعالى (ولكن حدثني أسامة بن زيد) بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبه (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الربا في النسيئة) لا في الفضل، والتعريف فيه للعهد أي الربا الذي عرف كونه في النقدين والمطعوم أو المكيل أو الموزون على اختلاف فيه ثابت في النسيئة اهـ مرقاة أي في تأخير أحد العوضين عن العقد لا في المفاضلة فيه.
قوله: (ولكن سمعته من أسامة) قال القرطبي: لا شك في صحة حديث أسامة لأن أسامة عدل لكنه حديث ترك الأخذ به لأحاديث الربا فيكون منسوخًا بها، وقيل معنى لا ربا إلا في النسيئة في العروض، وقيل أراد بذلك الأجناس الستة المختلفة المذكورة التي هي الذهب وما بعده وما ينقاس عليها، وقيل: أراد ربا الجاهلية الذي كانوا يقولون فيه: إما أن تقضي أو تربي وهو الربا المذكور في قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} وهذا الجواب هو الذي سلكه بعض العلماء وارتضى به اهـ من الأبي والسنوسي بتصرف واختصار.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [5/ 250 و 204] ، والبخاري [2178] ، والنسائي [7/ 281] ، وابن ماجه [2257].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أسامة رضي الله عنه فقال:
3956 -
(00)(00) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ (وَاللَّفْظُ لِعَمْرٍو)(قَال إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرُونَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ) عَنْ عُبَيدِ الله بْنِ أبي يَزِيدَ؛ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي أسَامَةُ بْنُ زيدٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: "إِنما الربَا في النَّسِيئَةِ".
3957 -
(00)(00) حدثنا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا عَفَّانُ. ح وَحَدَّثَنِي محمدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثنَا بَهْزٌ. قَالا: حَدَّثنَا وُهَيبٌ
ــ
3956 -
(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو) بن محمَّد بن بكير (الناقد وإسحاق بن إبراهيم) الحنظلي (و) محمَّد بن يحيى (بن أبي عمر واللفظ) الآتي (لعمرو) الناقد (قال إسحاق: أخبرنا، وقال الآخرون: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عبيد الله بن أبي يزيد) القرشي مولاهم مولى آل قارظ بن شيبة المكي، ثقة كثير الحديث، من (4) (أنه سمع ابن عباس يقول: أخبرني أسامة بن زيد) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عبيد الله بن أبي يزيد لأبي سعيد الخدري في روايته عن ابن عباس، وفيه رواية صحابي عن صحابي (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما الربا) في الأجناس المختلفة (في النسيئة) أي في تأخير أحد العوضين لا في التفاضل، قال الخطابي: هذا محمول على أن أسامة سمع كلمة من آخر الحديث فحفظها فلم يدرك أوله، كان النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن بيع الجنسين متفاضلًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الحديث يعني إذا اختلف الأجناس جاز فيها التفاضل إذا كانت يدًا بيد، وإنما يدخلها الربا إذا كانت نسيئة اهـ مبارق.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أسامة رضي الله عنه فقال:
3957 -
(00)(00)(حدثنا زهير بن حرب) بن شداد الحرشي النسائي (حدثنا عفان) بن مسلم بن عبد الله الأنصاري البصري، ثقة ثبت، من كبار (10)(ح وحدثني محمَّد بن حاتم) بن ميمون البغدادي، صدوق، من (10)(حدثنا بهز) بن أسد العمي البصري، ثقة، من (9) (قالا): أي قال عفان وبهز: (حدثنا وهيب) بن خالد بن عجلان
حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُس، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيدٍ؛ أَن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا رِبًا فِيمَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ".
3958 -
(00)(00) حدثنا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى. حَدَّثَنَا هِقْلٌ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ. قَال: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ؛ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ لَقِيَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَال لَهُ: أَرَأَيتَ قَوْلَكَ في الصَّرْفِ، أَشَيئًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ الله
ــ
الباهلي البصري، ثقة، من (7)(حدثنا) عبد الله (بن طاوس) بن كيسان الحميري اليماني، ثقة، من (6)(عن أبيه) طاوس، ثقة، من (3)(عن ابن عباس عن أسامة بن زيد) بن حارثة رضي الله تعالى عنهم أجمعين. وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة طاوس لعبيد الله بن أبي يزيد (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا ربا) بالتنوين على إلغاء لا وجل ما بعدها مبتدأ وبتركه على إعمال لا عمل إن أي لا ربا موجود (فيما كان يدًا بيد) أي فيما كان مقابضة بل فيما كان نسيئة، قال الحافظ في الفتح: المعنى ليس الربا الأغلظ الشديد التحريم المتوعد عليه بالعقاب الشديد موجودًا فيما كان يدًا بيد بل فيما كان نسيئة وتأجيلًا كربا الجاهلية الذي يقولون فيه: إما أن تقضي أو تربي.
وحاصله أن الربا الذي حرمه القرآن الكريم وآذن عليه بحرب من الله ورسوله هو الذي يكون في القرض والنسيئة، أما ربا الفضل الذي نُهي عنه في حديث أبي سعيد وعبادة وغيرهما فليس إثمه بمثابة إثم ربا النسيئة اهـ.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما فقال:
3958 -
(00)(00)(حدثنا الحكم بن موسى) بن أبي زهير البغدادي أبو صالح القنطري، صدوق، من (10)(حدثنا هقل) بن زياد السكسكي مولاهم أبو عبد الله الدمشقي، وهقل لقب غلب عليه واسمه محمَّد، ثقة، من (9) روى عنه في (3) أبواب (عن الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو الشامي، ثقة حجة، من (7) (قال: حدثني عطاء بن أبي رباح) أسلم القرشي مولاهم المكي، ثقة، من (3)(أن أبا سعيد الخدري لقي ابن عباس فقال) أبو سعيد (له) أي لابن عباس (أرأيت) أي أخبرني (قولك في) حكم (الصرف) أي في جواز بيع النقد بالنقد بالتفاضل (1) كان (شيئًا سمعته من رسول الله
صلى الله عَلَيهِ وَسلمَ، أَمْ شَيئًا وَجَدْتَهُ في كِتَابِ الله عز وجل؟ فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: كَلَّا. لَا أَقُولُ. أما رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ بِهِ. وَأَمَّا كِتَابُ الله فَلَا أَعْلَمُهُ. وَلَكِنْ حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيدٍ؛ أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَال: "أَلا إِنَّمَا الرِّبَا في النَّسِيئَةِ"
ــ
صلى الله عليه وسلم أم) كان (شيئًا وجدته في كتاب الله عز وجل فقال ابن عباس) لأبي سعيد: (كلا) أي ارتدع يا أبا سعيد عما تقول فأنا (لا أقول) لكم سمعت رسول الله ولا وجد في كتاب الله تعالى أي لم أسمع فيه من النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا ولا فهمت من كتاب الله تعالى فيه شيئًا (أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنتم أعلم) مني (به) أي بأحاديثه فإنكم أسن مني وأنتم ملازموه حضرًا وسفرًا فعندكم من حديثه ما ليس عندي لصغر سنين، وقد بينا أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وابن عباس لم يحتلم والذي سمع من النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث يسيرة وأكثر حديثه عن كبار الصحابة رضي الله عنهم، وفي سنه يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أقوال: قيل عشر، وقيل: خمس عشرة، وقيل: ثلاث عشرة، قال أبو عمر: وهو الذي عليه أهل السير والعلم وهو عندي أصح اهـ من المفهم (وأما كتاب الله) تعالى (فلا أعلمه) وأنتم أعلم به مني أيضًا ثم أخذ يُسند الحديث عن أسامة وأخبر أنه سمعه منه فقال: (ولكن حدثني أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا) أي: انتبهوا واستمعوا ما أقول لكم (إنما الربا) فيما اختلفت أجناسه يكون (في النسيئة) وعدم المقابضة في مجلس العقد لا في الفضل فثبت الحديث بنقله وهو الإِمام العدل عن أسامة ذي المآثر والفضل فلا شك في صحة سند الحديث وإنما هو متروك بأحد الأوجه المتقدمة والله أعلم اهـ منه.
وسند هذا الحديث من سباعياته، غرضه بيان متابعة عطاء بن أبي رباح لأبي صالح السمان في روايته عن أبي سعيد الخدري ولو قدم هذه المتابعة على المتابعتين قبلها لكانت أوضح ليلي المتابم المتابَع والله أعلم.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذه الترجمة ستة أحاديث: الأول: حديث معمر بن عبد الله ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة، والثاني: حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد به لحديث معمر بن عبد الله وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث: حديث
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أبي سعيد الخدري الأول ذكره للاستشهاد به ثانيًا وذكر فيه متابعة واحدة، والرابع: حديث أبي سعيد الثاني ذكره للاستشهاد به ثالثًا، والخامس: حديث أبي سعيد الثالث ذكره للاستشهاد به رابعًا وذكر فيه متابعة واحدة، والسادس: حديث أسامة بن زيد ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه ثلاث متابعات والله سبحانه وتعالى أعلم.
***