الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالحق أبلج لا يخفى على أحد
…
والشمس شمس بأغوار وأنجاد
وحائر جامدٍ في العلم مبتدع
…
ما إن له غير إنذار وإيعاد
فغير خاف بأن الصبر آخره
…
أحلى وأذكى من الحلواء والجادي
لكنَّ بابَ النصارى يلتقون به
…
وغوثكم لا يُرى في كل آباد
وقد زعمتم بأنّ الغوث مركزه
…
في بطن مكة مأوى كل قصاد
سلوا الحجيج وكم في الدهر من عبر
…
هل كان بينهم لُقْيًا بميعاد
واهل مكة أدرى بالشعاب فهل
…
رأوا بها الغوث في أرجاء أجياد
ما الغوثُ إلا إله العرش خالقنا
…
سبحانه من حكيم مرشد هادي
أدبُه:
أولا: تقريظه لكتاب (شرح موطأ الإمام مالك) للشيخ زكريا الكاندهلوي تقريظ الفاضل النبيل والحبر الألمعي الشهير اللوذعي النحرير الجامع بين أنواع العلوم النقلية وأصناف الفنون العقلية العلامة الأديب والفهّامة الأديب الصالح التقي الشيخ محمد عبد الله النتبكتي المدني إمام الحرم المدني بالتناوب مع الشيخ صالح الزغيبي:
"بسم الله الرحمن الرحيم. وبه ثقتي.
الحمد لله العليِّ الماجد الحميد، الرؤوف الودود، من رفع قدر المنتصبين لخدمة الحديث، وشرح صدر من اتصل بمرفوعه في القديم والحديث، وأعلى درجاتهم مذ أرسلوا أزمة مطايا الطلب والسير الحثيث، وصحّح من متفقههم أدراجًا في مسلسل رحمته كل عليل رثيث.
وصلى الله تعالى على من وطّا مسالك الهدى والمدارج، ووضح عن أمته
الآصار وسلك بها أوجز المسالك وأحسن المعارج، وعلى آله وأصحابه الذين وقفوا على سنته أكمل وقوف، ولم يتركوا منقطعًا لضعفه إلا أسندوه، وما شأنُهم التبديل والتحريف وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فإن العالم الأفضل، العالم الأمثل، صدر الأفاضل، بدر المحافل، العلامة المحقق، البحّاثة المدقق، الحبر النحرير، الشيخ الشهير أبو يحيى الحافظ محمد زكريا بن العلامة محمد يحيى شيخ الحديث بمدرسة مظاهر العلوم، لازالت أفنانُ دوحته باسقة، وغيوث معارفه دافقة، ماتوا إلى الملوان، أهداني تصنيفه المجلى، وترصيفه المحلى المسمى "أوجز المسالك إلى موطأ الإمام مالك"، فوجدته مرتعًا أُنُفًا لم يقتطف، ومكرعًا قُدُسًا لم يرتشف، رائق المبنى، فائق المعنى.
كتاب فيه من غُرَر المعاني
…
قلائد لا تنظمها اليدان
إذا نُشِرت صحائفه تجلت
…
بروضتها أزاهير المعاني
ترود العين منه في مرَادٍ
…
مريع جاده فيض البنان
كيف لا وقد تفجّر ينبوعه من أقلام حِبْر هو البَحْر، فلا غروة أن بدا منه كل سطر بمنزلة سفر، وهو البحر الرائق، وملتقى بحار الدقائق، وكنز العمّال والمحدِّثين، والدرّ المختار، ورياض الصالحين، فجزى الله تعالى مؤلّفَه عن بذل مجهوده وإعمال فكره، وإدمان نظرِه وإدامة سهرِه، إنه لا يضيع أجرَ المصلحين.
وقد قرّظته بهذه الكلمات الجديرة بالقصور، وقفيّتها بأبياتٍ خليقة بالتقصير، ورمزت لاسمه وصفته بأول حرف من كل بيت على الطريقة الموسومة بالتشجير، وهي هذه:
ش
…
شأن المحبة أن يُرَى مَخْفِيًّا
…
والدمع يجعله لنا مرئيّا
يهوى المحبّ عن العزول تستّرًا
…
لو يستطيع تصبّرًا مرضيًّا
خ
…
خل الهوى إن النوى تلو الهوى
…
متشابهان مرارة وعِتيّا
ا
…
أحرى بشعرك أن يكون منوهًا
…
بالحافظِيْنَ المسند المرويا
ل
…
لهم على وجه البسيطة رحلة
…
برًّا وبحرًا بكرة وعشيّا
ح
…
حازوا بها ذكرًا جميلاً خالدًا
…
في الآخرين معنبرًا مسكيا
د
…
درست مآثر غيرهم ممن خلا
…
والعلم ينشر ما غدا مطويّا
ي
…
يتعاقبون ذُرى المعارف إن مضى
…
سلف بدا خلف له مهديّا
ث
…
ثجت على أوراقهم أقلامهم
…
حبرًا يحور دم الشهيد زكيّا
م
…
منهم أبو يحيى محمد الذي
…
شرح (الموطأ) مخلصًا ووفيّا
ح
…
حَلَّتْ عبارته (موطأ مالك)
…
والروض أبهج ما يرى مَوْشِيّا
م
…
ملكت أبا يحيى حلاك ودادنا
…
لله درُّك مالكًا حنفيّا
د
…
دعني أحبر فيه مدحًا رائقًا
…
جزلا رقيقًا حاضرًا بدويّا
ز
…
زادت بلاغته ورقّة لفظه
…
فتخاله أحيى الفتى الخطفيّا
ك
…
كان "الموطأ" درة مكنونة
…
فشرحتها شرحًا أتى موفيّا
ر
…
راقت مبانيه لناظره كما
…
راقت معانيه فجاء سويّا
ي
…
يهنيك يا شيخ الحديث مصنَّفٌ
…
فاق المجرة راقيًا وعُلِيّا
ا
…
إذا جا يؤرّخه أبيٌّ ماهر
…
حبر الحديث محمد زكريّا
سنة 1353هـ.
إمامُ الحرم المدني: محمد عبد الله التنبكتي المدني. غفر الله له آمين.
الرد على الكلالي الخرافي:
قال الشيخ محمد عبد الله المدني:
تبًّا لشيخ السوء لا يلوي على
…
قول الإله ولا مقال رسولِ
يتلو الكتاب كما تلى الحاخام
…
للتوراة والقسيس للإنجيلِ
أو كالحمار الحامل الأسفار لا
…
يدري الذي فيها من التنزيل
وإذا تلى الآيات فهو يخوض
…
في التحريف والتأويل والتبديل
وقال فيه أيضًا:
قد زدت في دين النبي محمد
…
سفهًا كما زدت في اسم محمد
أوَ ما علمتَ ومثل جهلكَ واضح
…
أنّ النحاة للاحن بالمرصد
فارجع إلى الخضري تعلمْ أنَّ اَلْ
…
ما إن تزاد به ولا في أحمد
وقال فيه أيضًا:
استوف بالكيل يا كلالِ
…
واشرب كئوسًا من النكال
واعلم بأن النضال مر
…
وأنت أدنى من النضال
فإن تكن في الوغي جسورًا
…
فعد إلى ساحة القتال
آثرت للشر مستطيرًا
…
فبؤ بما فيه من وبال
وإن تجيء راجيًا لعفو
…
فالعفو من شيمة الرجال
والنصر حلف الأولى تفانوا
…
في حب مولاي ذي الجلال
لم يشركوا بالإله غوثًا
…
وما أتوا بابتداع غال
لم يعدلوا بالكتاب قولاً
…
كفعل غُمْر أخي ضلال
وقول خير الورى لديهم
…
أهدى وأولى من كل قالي
صلاة ربي بلا انقطاع
…
ولا انتهاء ولا زوال
على إمام الورى جميعًا
…
والصحب والآل خير آل
وفيه أيضًا:
خب الكلالي إلى العلياء طاقته
…
فضلَّ عنها فلم يلحق ولم يصل
قل للكلالي طريق المجد مُجْهدةٌ
…
من لم تصله عرى العلياء ينفصل
أتى الكلالي المعالي وهو يخطبها
…
فجدعته ونحته عن الأمل
الشوق إلى وطنه المدينة النبوية:
قال الشيخ محمد عبد الله المدني:
إلى الله أشكوا أنّةً ثم زفرة
…
لها بين أرجاء الضلوع وجيبُ
وشوقًا إلى الأوطان في كل ساعة
…
تغنّت على الأغصان ورقا ندوب
وكنت إذا ما الشوق نادى أجبته
…
وذا هو يناديني ولست أجيب
دعوتك يا رب لتفريج كربتي
…
وأنت لمن يدعو قريب مجيب
وقال أيضًا:
القلب بعد فراقكم مجروح
…
والدمع من هجرانكم مسفوح
كتم اللسان عن الأنام هواكم
…
لكن دمعي بالغرام يبوح
وقال أيضًا:
لمن طلل يلوح بتا رجابا
…
أُسائِلُه ولكن ما أجابا
يلوح به سنا برق ولكن
…
إذا ما لاح يحتجب احتجابا
ذكرت به زمانًا كان صفوًا
…
وقد أقضي به العجب العُجابا
به أدعو الصِّبا طورًا وأدْعى
…
فلم أبرح مجيبًا أو مجابا
ذم من يتحاكم إلى الطاغوت:
ومن يجر مسلمًا لكافر
…
لا لشريعة النبي الطاهر
فإنه بمقتضى الأحكامِ
…
خرج عن دائرة الإسلام
لأنه انتصر بالنصارى
…
ولمحاكم النصارى صار
وقال أيضًا مبتهلاً:
إلهي تيسير العسير يسير
…
عليك وإني عاجز وأسير
أسير ذنوب خلفتني عن التي
…
إليها وفود العالمين تسير
فمُنَّ بتوفيق ونصر مُؤَزَّرٍ
…
فإنك يا مولاي نعم النصير
وكن لي عونًا في الأمور جميعها
…
متى تك عونًا فالعسير يسير
وقال أيضًا في ذم الدَّين:
الدَّين أوله حلو وآخره مر
…
وأوسطه هم وأكدار
وللمَدين مُرُوّات ممزقة
…
وليس تسلم للمديون أقدار
وقد روى مالك عن الرضا عمر
…
نهيًا عن الدَّين لا يغررك غدار
فإن وردت حياض الدَّين عن ظمأ
…
فاصبر فقد يعقب الإيرادَ إصدار
حثُّه على طلب العلم:
قال محمد عبد الله المدني لتلميذه أبي سالم محمد بن حبيب التنبكتي في حثِّه على طلب العلم:
إن يومًا يمرُّ في غير علم
…
واكتساب فذاك يوم مُضاعُ
إنما العمر ساعة فاغتنمها
…
ليس للعمر إن تولى ارتجاعُ
وقال أيضًا:
يا عازبًا كلفًا بالبيت يبنيه
…
مهلاً عليك ففيه غير سديه
إن النساء لأهل المال عاشقة
…
لا يلتفتنّ إلى ما ليس يسديه
وأم خارجة بالعار إن رضيت
…
فالعار لا يرتضيه غير أهليه
وقال في وصف الشاي:
جمع المكركب في الجمال محاسنًا
…
لكنه في غيره لم تجمع
اللون ياقوت تكلل عُلْوه
…
بلآلي زهيت بكل تنوع
والريح في البراد طيبة الشّذَى
…
سطع البخار به وإن لم يسطع
وتراه دون الكأس وهو محجب
…
بكؤوسها فحجابها لم يمنع
والطعم لذّ لشارب فانقع به
…
جوفًا مضى زمن ولما ينقع
ودع الرقيقة والذي يدعونه الـ
…
مفتول في قفر خراب بلقع
فهو الشراب وإن أردت صفاته
…
فاسمع لما يحكي الأديب اللوذعي
وهذه القصيدة قد أنشدَها الشيخ محمد عبد الله في أثناء وجوده في المدينة المنورة، وقد عثر عليها مؤخّرًا في بعض سجلاّت أحد أصدقائه، وقد قال في
فضل العلم ونُشرت في أول عددٍ من أعداد مجلة (المنهل)، قال:
العلم أفضل ما سعيت لكسبه
…
وأجلّ مدّخر وخير عتاد
العلم خير مكاسب ومرابح
…
وذخائر الأجداد للأحفاد
العلم ذلل زاخرًا متلاطمًا
…
وبه اختراع الجو بالمنطاد
وبه اختراع الغائصات سوابحًا
…
في اليم والنساف والطرادِ
كم أمة مهضومة نهضت به
…
فاقتادت الجوزاء دون عتادِ
وعماده الإخلاص فهو قوامه
…
والبيت لا يبنى بغير عمادِ
والشرق مطلعه ومنه تشعشعت
…
أنواره فأضاء كل بلادِ
والغرب قبل الشرق كان مُكَبّلاً
…
بالجهل في الأغلال والأصفادِ
إن ابن رشد فيلسوف زمانه
…
أستاذ هذا الغرب في الإرشاد
والغرب أقبل بعده بسفاسف
…
وزخارف ومطالع الأوغادِ
شتان بين معلم أدبًا ومن
…
هو قائد لخلاعة وفسادِ
يا غرب إن تك لم تزل متغطرسًا
…
فاعلم بأن الشرق بالمرصاد
يا شرق قدت الغرب في عدل وفي
…
علم ونور بصيرة وسداد
فأظلك الغرب الغشوم سحابه
…
بفواجع الإبراق والإرعادِ
أبني الجزيرة يا سلالة يعرب
…
الفاتح الأغوار والأنجاد
شيدوا المعاهد وارفعوا أعلامها
…
بعزيمة وبصيرة وجهادِ
في ظل باني المسجدين مليكنا
…
عبد العزيز الماجد الأجداد
فالعلم يرفع ما بنت آباؤكم
…
وجدودكم من طارف وتلاد
ولنا بخير الخلق أفضل أسوة
…
للمقتدي وبصحبه الأمجاد
كالسابق الصديق والفاروق مع
…
عثمان ذاك مجهز الأمداد
وعليّ الكرّار في وهج الوغى
…
وأبي عبيدة قائد الأجناد
وبخالد وبجعفر وبقاهر
…
للفرس سعدُ كاسر الآساد
والتابعين بحكمة وبصيرة
…
كابن الفرات وطارق بن زياد
ثم الصلاة مع السلام على النبي
…
والصحب والأزواج والأولاد
وقال أيضًا رحمه الله مخاطبًا لمحمود الكلالي:
الحمد لله رب من ألوذ به
…
فيما أؤمّله ومن أعوذ به
الله أحمده على تحببه
…
الله أشكره على تقرّبه
الله حسب الفتى في دفع مفسدة
…
والله حسب الفتى في جلب مطلبه
ثم الصلاة على المختار صفوته
…
طوبى لعبد رآها في تكسّبه
أزكى سلامًا وأنماه وأكمله
…
أهدى لأفصح إنسيٍ وأخطبه
هذا وقد قام إزب العصر مرحبه
…
يدعو إلى بدع كصنع مرحبه
يرمي بتكذيب خير الخلْق صفوته
…
من لم يكن غاليًا من غير موجبه
لغير رب الورى يا سوء مركبه
…
ويدعي قسمة الأزراق من سفه
تشتق غوثًا من الرب المغيث كما
…
اشتقت قريش مناة فاخش وانجبه
فالغوث لو كان مخلوقًا فمركزه
…
بمكة لا بغرب في تغربه
وقلت يا ولدي وذا مغالطة
…
أو مطمع من غبي العصر أشعبه
أأرنب قد تسامي الورد من سفه
…
أسد الشرى لا ترى وزنًا لأرنبه
أما الجلال فما قد قال بينه
…
في النازعات بأجلى القول أعذبه
إن الملائك بالتدبير نازلة
…
ليست مدبرة تبًّا لمكذبه
بالقَسْم نازلة ليست بقاسمة
…
فارجع لأقطع برهان وأثقبه
وحكمة الكون للأكوان يُوضحها
…
ما جاء في الذاريات غير مشتبه
الجن والإنس مخلوقان من قدم
…
ليعبدوه جزاءً عن ترببه
قد قلت ما قال عبّاد المسيح لنا
…
فبؤ بما باء عُبّاد المسيح به
حزب الحديث تعالى في مداركه
…
عن أجنبي تعامى عن مهذبه
فمن مصححه بل من مخرجه
…
فالغيث لا ينهمي من برق خلّبه
هب الحديث صحيحًا لا دليلَ به
…
فما السراب شرابًا في تأوبه
أما المعاني التي خصّ الإله بها
…
نبينا الوارث العليا عن أبه
وعن أبيه إلى عدنان مرتقيًا
…
لآدم قبل قحطان ويعربه
إلى أن قال:
فطر إلى الجو من غيظ ومن كمد
…
أو فاتّخذ نفقًا كيما تضل به
هذي القصيدة لابتراء تجمعها
…
من كل قول سخيف الأصل أخيبه
فيها ضمائر لا تدري مراجعها
…
وكل قول مضل الفكر متعبه
هذي القصيدة لا عجماء مصدرها
…
من أعجم طمطميّ غير منتبه
بل من منازله قبا إلى أحد
…
ومن ثبير فنعمان فكبكبه
ابْرُزْ ورُدَّ ترى والله أجوبة
…
مثل الصواعق تُرْدِي من تمر به
وقال أيضًا:
قل لأزب العصر ماذا تبتغي
…
من صدام الليث والليث حَرِبْ
اخش ليثًا باسلاً منقبضًا
…
ليس شأن الجد من شأن اللعبْ
نحن لا نخشى نعامًا جافلاً
…
دأبه الفر إذا الشر اقتربْ
حسبنا الله تعالى ربنا
…
حسبنا في رغب أو في رهبْ
نحن أنصار النبي الهاشمي
…
نحن نفديه بأم وبأبْ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ محمد عبد الله بن المحمود المدني في مساجلته مع محمود الكلالي:
يا بارقًا في ذُرَى أكنافِ ذي سلم
…
قد هجت قلبًا براه دائمُ السقم
هيجت في القلب شوقًا قد يعاهده
…
ذكَّرته بليالي جيرةِ العلم
فانهل شمل دموعي وهو منتظم
…
وءاض شمل اصطباري غير منتظم
يا واقفًا واجمًا في الربع ذا أسف
…
طال الوقوف وما بالربع من أَرمِ
ربع عهدت به الأزهار زاهرة
…
من كل مبتسم بالحسن متسم
ربع عهدت به الغزلان رائعة
…
من فاتن الطرف أو من مطرب النغم
ربع عهدت به سلمى منعمة
…
هيفاء رافلة في الحسن والنعم
ربع عهدت به سلمى إذا نظرت
…
تَقُدُّ في القلب قدَّا غير ملتئم
أيام أصبح من سلمى على ثقة
…
وحبل وُدِّي وثيق غير منفصم
أيام تنجز لي سلمى مواعدها
…
ولا تماطل في دين ولا سلم
أيام لست من الواشي على حذر
…
وما رقيبي سوى بعض من الحشم
يا ربع سلماي لا تنفكّ مرتويًّا
…
من كل غيث خفوق البرق منسجم
يا ليت وصلك يا سلمى يدوم لنا
…
والوصل منقطع في الدهر لم يدم
ألاطف الليل كيما ينقضي فأبَى
…
ليل المحب طويل غير منفصم
رأيت أوله فليت ءاخره
…
ما قد توهمته إن كنت لم أهِمِ
يا عاذلاً نائمًا عما أكابده
…
إن كنت نمت فليل الحب لم ينم
قد كنت ناعم بال لست ذا شجن
…
ولو تكابد ما كابدت لم تلم
عدلت في الحكم إذ رمت السلو فهل
…
عدلت عن عزل مشتاق لذي سلم
سلمى سلمت عدى المضنى وإن ضمنت
…
وعودك الخلف فالإنجاز في عدم
إن كنت ءافكة للوعد مخلفة
…
فقد نجوت نجاء الآفك الأثم
إذ قال خالع جلباب الحياء على
…
جسر من الإفك والإضلال والظلم
ليس التفكّه بالأعراض من شيمي
…
قد فُهْتُ بالزور والبهتان والأثم
فكم تعرضت للعرض المصون بلا
…
داع سوى أنه عال على القمم
وكم هجرت فتى قد كان متبعًا
…
للمصطفى المجتبى في الهَدْي والكلم
وكم لسعت كريمًا سيدا نبهًا
…
وقد يكون صحيح العرض والأدم
وكم لدغت همامًا ماجدًا فطنًا
…
إن كان ذا رحم أو ليس ذا رحم
وكم تعرضت للأعراض تنهشها
…
ولا تبالي بأهل الحل والحرم
ولا تبالي بمن تهجو وتشتمه
…
وظل في حلل أو بات في رحم
وكم عدوت ولا ترعى لحرمته
…
إن اللئيم لعداء على الحرم
وكم عدوت وكم عاديته سفهًا
…
إن اللئيم عدو المجد والكرم
وكم تفكهت بالأعراض واعجبًا
…
من ظالم منكر أن كنت ذا هدم
الله أكبر كم في الدهر من عجب
…
هذا الكلالي يُزهي غير محتشم
كم من غرائب في غرب وأغربها
…
أنّ الكلالي ذو فخر بلا سأم
أضحى يفاخرنا من لو يطاولنا
…
لا يبلغ الرأس منه أخمص القدم
من في الجلاد كهام السيف مرتعش
…
وفي الجدال ردئ القول والقلم
وفي الحوار عييٌّ جد مرتبك
…
وفي الجوار مضيع العهد والذمم
وفي الخلاء كمى ذو محافظة
…
وفي الملا بهمة من أضعف البهم
أربع على الظلم وانكص عن مبارزتي
…
فما مبارزة الظلعاء من هممي
وإن تشابهت بالعشواء في خطأ
…
فما مخابطة العشواء من شيمي
وإن تكن عن مقال الحق في صمم
…
فما مخاطبة الصماء من أمم
يا ظالعًا في سباق الخيل ضامرة
…
إن الصقور لقد تعلو على الرخم
زعمت نفسك شهمًا باسلاً بطلاً
…
إن التجارب أبدت منك غير كمي
فلا تَرُمْ إن ترى المشتاق من سفه
…
إلى مراماتنا فمن رمانا رمى
ورطت نفسك في دهياء داهية
…
فغادرتك صريعًا من يد لفم
يا إزْب ذا العصر يا من كان مرحبَه
…
أقلتَ واندمي إذا قلتَ وا ألمي
هلا انتهيت على ما قد نهيتك إذ
…
قد كنت في سعة عن لذعة النّدمِ
تحدِّي الكلالي:
رد الشيخ على الكلالي في نسبته إلى الإعتزال، قال الشيخ محمد عبد الله المدني: إن الكلالي صرّح بأني معتزلي زمخشري، وإني أتحدّى الكلالي فأسلُه:
أولاً: ما هو العصر الذي نشأ فيه الاعتزال؟، ومتى بلغ أشدَّه؟، ومتى بدأ أُفولُ نجمِه؟.
ثانيًا: مَن سمى المعتزلة بهذا الاسم؟.
ثالثًا: ما الحكمة في اختيار هذا الاسم دون غيره من الألقاب؟.
رابعًا: ما المسائل التي انفردت بها أتباع أبي الهذيل العلاف عن سائر المعتزلة دون أهل السنة والجماعة؟.
خامسًا: لم عُدَّت الجهمية أتباع جهم بن صفوان من المعتزلة والجهمية جبرية والجبرية والمعتزلة على طرفي نقيض؟.
سادسًا: هل الجمع بينهم إلا كما قيل في المثل جمع بين النعام والأَرْوَى، والضبّ والنون، حتى قال في الجهمية رأسٌ من المعتزلة: ننفيهم عنا ولسنا منهم، ولاهم منا، ولا نرضاهم.
سابعًا: ما الداعي إلى رجوع الإمام ابي الحسن الأشعري عن الاعتزال؟، وهل هو مسألة الصبيان وإفحامه للجبائي فيها أم غير ذلك؟، وكم أطوار الأشعري في الاعتقاد؟.
ثامنًا: الإمام الأول للمعتزلة هل هو سني كما يعتقد السلف الصالح أم هو معتزلي كما ادّعى أهل الاعتزال؟، وهل كان ذلك الإمام اعتنق عقيدة الاعتزال ثم رجعَ عنه كأبي الحسن؟، أم لم يفارق العقيدة السلفيّة بادئ ذي بدء وإنما رُمِيَ به من تلويث المعتزلة فقط؟.
تاسعًا: كم ألقاب المعتزلة؟، وهل إنما بقي الاعتزال في الأمة أم انقرض؟، وإن كان باقيًا فمن أهلُه في الأقطار الإسلامية؟، وهل لهم دولة مستقلّة الآنَ أم لا؟.
وإني أتبرع بتأجيل الكلالي حولاً كاملاً وعامًا منصرمًا فإنْ أجابَ في اثنى عشر شهرًا فيُقبلُ منه تلقيب من لقّبه معتزليًّا بالشرط المعتبر وإلا هو
كالضبع: قيل للضبع: هل تعرفين اللبن والحليب؟، قالت: نعم هو أسود نائم تحت الثمام.
وهل يتلوّث اللبن بمعرفة الضبع له هذه المعرفة الخاطئة؟، وهنا أُنشد ما قاله حسّان:
لا أبالي أنبَّ بالحزن تيس
…
أم لحاني بظهر غيب لئيم
وقد بلغني أن الكلالي استسمن من نفسه ذا ورم فقال:
بلغ النصاب فحوله شوال
…
أما القريض فإنه لي مال
فقلت ناقضًا لبيتِه الخرب:
أفلست في علم القريض وتفلس
…
في كل فن غيره يا مفلس
قل للذي يرجو زكاتك فليمت
…
جوعًا وعُرْيًا إنه لموسوس
منتك نفسك في الخلاء مطامعًا
…
كذبتك نفسك فايئسن يا أهوس
عجبًا لأعجم طمطمي يدعي
…
علم القريض وذاك علم موئس
يا من غدا ذنبًا أخيرًا هل ترى
…
ذنبًا على أهل العلى يترأس
ولأمحونّ خرافة سطرتها
…
ولأقلعن عروق ما قد تغرّس
ولأبعثن من القريض نواطقًا
…
تركتك أخرس مُعْجِمًا لا تنبس
ولقد وضعتك في الأداهم موثقاً
…
فالغوث من بكا الأداهم مبلس
لا الغوث غوثك لا ولا بدل ولا
…
قطب فكل عن جوابك أخرس
وقال محمد أحمد عبد الله:
هذه القصيدة وجدتها بين مخطوطات المرحوم الشيخ محمد عبد الله بن الشيخ المحمود -رحمهما الله-، وهي بخطّ يده وأغلب ظنّي أنها قيلت فيه، إلاّ أني لم أقف على مطلعها، ولم أتمكّن من كتابة بعض أبياتِها لفساد القرطاس، فرحم الله قائلَها.
ولا انتديت مع الأُلى بذكرتهم
…
يرتج قلبي شوقًا أي ذي زجل
ولا عقدت قريضًا في مجادلة
…
ولا مددت بروح الشعر والجدل
ولا تواطأ قلبي في عقيدته
…
نطق اللسان ولا كان الهدى شغلي
إن كنت أسلو فلن أسلو حياتي عن
…
قوت الفؤاد بلالي نهْلَتي عَلَلِي
إنسان عيني روحي أستريح به
…
وفي مريئي مثل الراح والعسل
من أرضعته لبان المجد في صغر
…
عناية الله لم يُطبع على خلل
بل فيه حنَك لم يجزع تكالفه
…
بعد البلوغ فلن يلجأ إلى ملل