الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
_________
صلاته ولا يلتفت إليهم وأطلق اعتبار قول الأكثر وكذا غيره ومنهم من قال ديانة.
قال القاضي والمستحب أن لا يؤمهم صيانة لنفسه فإن استووا فالأولى أن لا يؤمهم.
وذكر الشيخ شمس الدين في الشرح قال ابن عقيل فإن استووا استحب له إزالة الخلاف بترك الإمامة وذكر ابن الجوزي في المذهب فيما إذا استويا وجهين.
واحتج الأصحاب حيث قالوا يكره بما يدل على التحريم ولهذا قال بعض الأصحاب تفسد صلاته إذا تعمد وللشافعية أيضا وجهان في التحريم ونص الشافعي على تحريمه فقال لا يحل لرجل أن يصلي بجماعة وهم له كارهون.
نقله الماوردي في كتاب الحاوي وفي الأم ما يقتضيه وكأن الأخبار لضعفها لا تنهض للتحريم وإن كانت تقتضيه فيستدل بها على الكراهة كما يستدل بخبر ضعيف ظاهره يقتضي وجوب أمر على ندبية ذلك الأمر ولا يقال لعل هناك صارفا عن مقتضى الدليل ولم يذكر لأنه خلاف الظاهر وأكثرهم يخص الكراهة بالإمام كعبارته في المحرر.
ومن كرهت إمامته كره الائتمام به قال ابن عقيل تكره له الإمامة ويكره الائتمام به.
باب موقف الإمام والمأموم
لا تصح الصلاة قدام الإمام بحال ولا عن يسرته إذا لم يكن عن يمينه
قوله: "لا تصح الصلاة قدام الإمام بحال".
الاعتبار بالقدمين في الوقوف بالأرض فإن شخص المأموم قد يكون أطول فيتقدم رأسه وإن تأخر قدمه فإن كان قدم أحدهما أكبر من الآخر فالاعتبار
أحد ولا يصح أن يقف الرجل صفا وحده إلا في صلاة الجنازة على قول ابن عقيل وهو المذهب والمرأة مثله إلا إذا ائتمت برجل ولم تجد امرأة تقف
بمؤخر القدم وهي العقب وإن تقدم رأس القدم على رأس القدم كما لو كان القدم كذا ذكره الشيخ وجيه الدين بن المنجى في شرع الهداية وأطلق في المحرر عدم صحة الصلاة قدام الإمام ومراده غير حول الكعبة فإنه إذا استدار الصف حول الكعبة والإمام منها على ذراعين والمقابلون له على ذراع صحت صلاتهم نص عليه الإمام أحمد.
قال المصنف في شرح الهداية ولا أعلم فيه خلافا وحكاه الشيخ وجيه الدين إجماعا لأن القدم إنما يعتبر حكمه إذا اتحدت جهة الإمام والمأموم.
فأما إذا تعددت فلا ألا ترى أن الصفين المقابلين بين جهة الإمام ومقابلته تصح صلاتهم وإن كانا في الجهة التي بين يدي الإمام حيث لم يستقبلوها بوجوههم ولعل السبب في تسويغ ذلك كثرة الخلق في الموقف فلو كلفوا القيام في جهة واحدة لشق ذلك وتعذر وظاهر هذا أنه لا فرق لمن يكونوا عند المسجد أو خارجه وذكر الشيخ وجيه الدين أن هذا إذا كانوا عند المسجد وإن كانوا خارج المسجد فبين الإمام وبين الكعبة مسافة في تلك الجهة والذين في بقية الجهات بينهم وبين الكعبة دون تلك المسافة ففيه وجهان.
وظاهر ما قدم في الرعاية أنه لا يضر قرب المأموم إلى الجدار أكثر من الإمام من اتحاد الجهة وفيه نظر فأما إذا تقابل الإمام والمأموم داخل الكعبة في صلاة تصح فيها ففيه وجهان أحدهما تصح قطع به الشيخ وجيه الدين وهو قول الحنفية والشافعية والثاني لا تصح لأنه مع كونه قدام إمامه مستدبر لبعض جهة الإمام فأشبه ما لو كان قفا المأموم في وجه الإمام وهذا بخلاف ما إذا وصلوا حول الكعبة فإنه لم يستدبر شيئا من جهة إمامه.
معها فإن وقفت مع رجل فهو فذ عند ابن حامد وهو المذهب وقال القاضي: ليس بفذ وإن وقفت مع رجل لم تبطل صلاة من يليها عندهما وقال أبو بكر:
ومراد صاحب المحرر أيضا غير الصلاة جماعة في شدة الخوف فإنها تنعقد مع إمكان المتابعة نص عليه وهو قول الأصحاب وقطع به المصنف في شرح الهداية لعمومات النصوص في صلاة الجماعة ويعفى عن التقدم للعذر كما يعفى عن الاستدبار والمشي في صلاة الخوف غير الشديد وإن كان يمكنهم أن يصلوا جماعتين أو فرادى بدون ذلك محافظة على تكثير الأجر بإيقاع جماعة واحدة والوهن الحاصل في قلوب العدو بذلك.
وقال ابن حامد لا تنعقد الصلاة جماعة في شدة الخوف وحكاه في المغني احتمالا ورجحه فلهذا قال الشيخ مجد الدين على عدم صحة الصلاة قدام الإمام لقول سمرة بن جندب " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا جماعة أن يتقدم أحدنا " حسنه الترمذي فأمره بتقدم الإمام ينهى عن تقدمهم عليه ومصافتهم له ترك ظاهره في المصافة لنصوص يبقى الباقي على الظاهر ولأن وقوفه عن يساره أو خلف الصف فذا أحسن حالا وأقرب إلى معنى الاقتداء والمتابعة من وقوفه قدامه ثم صلاته تبطل هناك على أصلنا فهنا أولى ولأن الأصل إن كان إنسان يصلي بنفسه ويستقل بتأدية فرضه ولا يحمل غيره عنه شيئا فحث الشرع بالجماعة أوجب فعلها على ما جاءت به النصوص ولم يرد في شيء منها الوقوف بين يدي الإمام ثم ذكر قياسا ضعيفا وفي المسألة أدلة ضعيفة وقيل: تصح الصلاة قدام الإمام ضرورة في عيد أو جمعة وجنازة فقط وقيل: مطلقا.
وقال الشيخ تقي الدين في مذهب أحمد وغيره قول أن صلاة المأموم تصح قدام الإمام مع العذر دون غيره قال وهذا أعدل الأقوال وأرجحها وهو قول طائفة من العلماء وذلك لأن ترك المتقدم على الإمام غايته: أن يكون
تبطل ومن لم يقف معه إلا كافر أو محدث يعلم حدثه فهو فذ وإن وقف معه صبي فقيل هو فذ وقيل: ليس بفذ والمنصوص أنه فذ في الفرض
واجبا من واجبات الصلاة في الجماعة والواجبات كلها تسقط بالعذر وإن كانت واجبة في أصل الصلاة والواجب في الجماعة أولى بالسقوط انتهى كلامه.
وقد يقال انعقاد الصلاة جماعة في شدة الخوف مع العفو عن التقدم للعذر يقوي هذا القول وقد تقدم ما يدل على الفرق بينهما.
وإذا بطلت صلاة المأموم قدام الإمام فهل تبطل صلاة الإمام فيه وجهان ذكره ابن تميم وغيره والأولى أن يقال إن نوى الإمامة بمن يصلي قدامه مع علمه لم تنعقد صلاته كما لو نوت المرأة الإمامة بالرجال لأنه يشترط أن ينوي الإمامة بمن يصح اقتداؤه به وإن نوى الإمامة ظنا واعتقادا أنهم يصلون خلفه فصلوا قدامه انعقدت صلاته عملا بظاهر الحال كما لو نوى الإمامة من عادته حضور جماعة عنده ثم هل تبطل صلاته ذكر المصنف في مسألة الأصل إذا لم يأته أحد وأحرم إمام بحاضرين فانصرفوا عنه قبل أن يحرموا احتمالين وهذا مثله أحدهما تبطل لأنا تبينا أنه نوى الإمامة بغير مأموم والثاني يتمها منفردا لأن إحرامه إماما انعقد لكن تعذرت الإمامة في الدوام فأشبه ما لو أحدثوا وانصرفوا كلهم بعد دخولهم معه قال والوجه الأول أشبه بكلام أحمد لأنه قال في رجلين نوى كل واحد منهما أنه إمام صاحبه صلاتهما فاسدة وكان يجب على قياس الثاني أن تصح صلاة الذي أحرم ابتداء لأن الثاني أعرض عنه بعدما انعقدت تحريمته إماما انتهى كلامه.
والاستدلال بالمنصوص لهذه المسألة فيه نظر لأن مسألة النص لا ظاهر فيها يعمل به فنظيره ما لو نوى الإمامة وليس بحضرته أحد ولكن يحتمل الحضور وعدمه فإنها لا تصح بخلاف مسألتنا فإنه طرأ البطلان وعلى صلاة المأموم
دون النفل.
ومن خاف فوات الركعة فركع فذا ثم دخل في الصف والإمام في الركوع
بتقدمه على الإمام فهو كما لو حدث البطلان بغيره على ما تقدم عند ذكر صاحب المحرر المسألة
وكلامهم يتناول صلاة الجنازة أيضا وصرح الشيخ تقي الدين فيها بروايتين واختار الجواز.
فصل
قد اشتهر أن تسوية الصفوف أمر مطلوب للشارع وعندنا وعند عامة العلماء أن ذلك مستحب وفيه إشكال فإن في الصحيحين من حديث أنس أنه عليه الصلاة والسلام قال: " سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة" وفيهما من حديث النعمان بن بشير أنه عليه الصلاة والسلام قال " لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم " وفي لفظ أقيموا صفوفكم ثلاثا والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم قال فرأيت الرجل يلزق منكبه بمنكب صاحبه وركبته بركبته وكعبه بكعبه إسناده صحيح رواه الإمام أحمد وأبو داود قيل في قوله " ليخالفن الله بين وجوهكم " معناه يمسخها ويحولها عن صورتها كقوله في الذي يرفع قبل الإمام: " يجعل صورته صورة حمار " وقيل: يغير صفتها وقيل: معناه يوقع بينكم العداوة واختلاف القلوب لأن اختلاف الظاهر سبب لاختلاف الباطن ومخالفة الصفوف مخالفة في الظاهر وهذا ظاهر في الوجوب وعلى هذا بطلان الصلاة به محل نظر.
وقد قال في شرح الأحكام الصغرى قوله: " من تمام الصلاة " قد يؤخذ منه أنه مستحب غير واجب لأنه لم يذكر أنه من أركانها ولا من واجباتها
أو الاعتدال عنه صحت صلاته وعنه إن علم بالنهي عن ذلك لم يصح وعنه
وتمام الشيء زائد على وجود حقيقته التي لا يسمى إلا بها في مشهور الاصطلاح وقد يطلق بحسب الوضع على بعض مالا تتم الحقيقة إلا به انتهى كلامه
وهذا اللفظ دلالته محتملة فلا ينهض أن يؤخذ منه خلاف ما تقدم وروى البخاري عن أنس مرفعوعا أقيموا صفوفكم وتراصوا فإني أراكم من وراء ظهري وأخذ عدم الوجوب من هذا متوقف على القول بدلالة الاقتران وليس مذهبا لنا ومتوقف أيضا على أن التراص لا يجب بالإجماع.
فصل
والتسوية في الصف بمحإذاة المناكب والأكعب فيه دون أطراف الأصابع ذكره المصنف وغيره لما روى أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " رصوا صفوفكم وقاربوا بينها " وحاذوا بين الأعناق إسناده صحيح رواه أحمد وأبو داود والنسائي ورووا أيضا والاسناد جيد عن أنس مرفوعا أتموا الصف الأول ثم الذي يليه فإن كان نقصان فليكن في الصف المؤخر.
والمشهور القول بموجبه وأن ترك الصف الأول ناقصا مكروه خلافا لابن عقيل فإنه اختار أن لا يكره تطوع الإمام في موضع المكتوبة وقاسه على ترك الصف الأول للمأمومين والأول أولى واختاره الشيخ تقي الدين.
ويدخل في إطلاق كلامهم لو علم أنه لو مشى إلى الصف الأول فاتته ركعة وإن صلى في الصف المؤخر لم تفته لكن في صورة نادرة ولا يبعد القول بالمحافظة على الركعة الأخيرة وإن كان غيرها مشى إلى الصف الأول وقد يقال يحافظ على الركعة الأولى والأخيرة وهذا كما قلنا لا يسعى إذا أتى الصلاة للخبر المشهور وقال الإمام أحمد فإن أدرك التكبيرة الأولى فلا بأس أن يسرع ما لم يكن
إن دخل الصف قبل رفع إمامه صحت وإلا فلا تصح ومن فعل ذلك لغير
أعجل بفتح
…
1 جاء الحديث عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يعجلون شتاء إذا تخوفوا فوت التكبيرة الأولى وقد ظهر مما تقدم أنه يعجل لإدراك الركعة الأخيرة لكن هل تقيد المسألتان بتعذر الجماعة فيه تردد.
فصل
فإن لم يجد فرجة في الصف ولا وجد أحدا يقوم معه فله أن ينبه من يقوم معه بنحنحة أو إشارة أو كلام من غير كراهة لا يختلف المذهب فيه وهل يجذب من يقوم معه نص أحمد على أنه يكره ذكره المصنف وغيره وذكر الشيخ وغيره أنه استقبحه أحمد وإسحاق وهو قول مالك وذكر المصنف أنه أصح ونصره الشيخ وجيه الدين بن المنجي لأنه تصرف بلا إذن ولا ولاية وفيه تأخيره عن فضيلة السبق إلى الصف الأول وذكر المصنف أن هذا اختيار ابن عقيل قال في التلخيص في جواز ذلك وجهان والذي اختاره ابن عقيل أنه لا يجوز وهذا ظاهر قول الشيخ تقي الدين فإنه قال صلى وحده خلف الصف ولم يدع الجماعة ولم يجتذب أحدا يصلي معه.
وقوله: "صلى وحده" هذا وجه في المذهب وهو قوي بناء على أن الأمر بالمصافة إنما هو مع الإمكان واعترف ابن عقيل أن قول الأصحاب الجواز واختاره في المغني لقول النبي صلى الله عليه وسلم لينوا في أيدي إخوانكم حديث حسن رواه أحمد من حديث أبي أمامة ورواه أحمد وأبو داود من حديث ابن عمر وقاسه الشيخ على السجود على ظهر إنسان أو على قدمه
_________
1-
كذا بالأصل. وبياض موضع كلمة
غرض لم تصح صلاته وقيل: تصح.
عند الزحام في الجمعة والتسوية بين المسألتين صرح بها جماعة منهم ابن عقيل وصاحب التلخيص وهو قول مالك والمنقول عن أحمد السجود عند الزحام بخلاف مسألة الجذب لكن هل السجود وجوبا كما صرح به جماعة كما هو ظاهر قول عمر فليسجد على ظهر أخيه رواه أبو داود الطيالسي وسعيد بن منصور أو السجود أولى فقط كما روي عن أحمد وهذه التفرقة اختيار جماعة منهم الشيخ وجيه الدين لأنه لا ضرر في مسألة الزحام ومسألة الجذب فلا يؤثر الانتقال من الصف الأول فيفوته فضيلته وإن كان له أجر في وقوفه مع الفذ وعلى قول ابن عقيل يومي غاية الإمكان في مسألة الزحام فإن احتاج إلى وضع يديه أو ركبتيه وقلنا يجوز في الجبهة فوجهان.
فصل
فإن خرج معه وإلا تركه قال مالك لا يتبعه لقوله عليه الصلاة والسلام: " من قطع صفا قطعه الله " رواه أحمد وأبو داود والنسائي ويصلي فذا ولنا أنه لمصحة كتأخيره عن يمين الإمام إذا جاء آخر ويجبر ما يفوته بسبقه إلى تصحيح صلاة أخيه المسلم وروى أبو داود في المراسيل عن الحسن بن علي عن يزيد بن هارون عن الحجاج بن حسان عن مقاتل بن حيان رفعه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن جاء رجل فلم يجد أحدا فليختلج إليه رجلا من الصف فليقم معه فما أعظم أجر المختلج " كلهم ثقات وذكره البيهقي وغيره.
فصل
إذا وقف الصبي في الصف الأول أو قرب الإمام فهل يؤخر؟ قال الشيخ
وإذا أمت امرأة نساء قامت بينهن وسطا وكذلك إمام العراة.
مجد الدين فإن وضعت جنازة المفضول بين يدي الإمام ثم جيء بالأفضل تأخر الإمام إن أمكنه ليلي الأفضل وإن لم يمكن أخرت السابقة في أحد الوجهين والثاني لا يؤخر وهو قول الشافعي إن كان السابق صبيا والمسبوق رجلا مراعاة للسبق كما لا يؤخر السابق إلى الصف الأول وإلى قرب الإمام وإن كان مفضولا قال ابن عبد القوي وقد تقدم في صفة الصلاة أن بعض الصحابة أخر صبيا من الصف الأول
قال الشيخ مجد الدين وتؤخر هنا المرأة لمجيء الرجل على المذهبين معا لمكان الذكورية وكون المرأة لا تقف في صف الرجال بخلاف الصبي انتهى كلامه.
والوجه الثاني اختيار القاضي والأول اختيار الشيخ موفق الدين وغيره وقال الشيخ وجيه الدين في شرح الهداية لو حضرت جنازة امرأة ثم جنازة رجل قدم الرجل إلى الإمام وأخرت المرأة لقول عليه الصلاة والسلام: " أخروهن من حيث أخرهن الله " ولو حضرت جنازة صبي ثم حضرت جنازة رجل قدم الرجل لقوله " ليليني منكم ذوو الأحلام والنهى " وقال الشافعي لا يؤخر الصبي لأنه يجوز أن يقف في صف الرجال بخلاف المرأة.
قال الشيخ وجيه الدين فإن كانت من جنس واحد وتفاوتوا في الفضائل وتعاقبوا في الحضور فمن سبق إلى قرب الإمام فهو أحق به كما في الصف الأول فإنه لا يؤخر عنه بحضور من هو أفضل منه انتهى كلامه.
وظاهر كلام جماعة من الأصحاب أنه لا فرق بين الجنس والأجناس خلاف ما ذكره الشيخ وجيه الدين كما أن ظاهر كلامهم أنه لا فرق بين مسألة الجنائز ومسألة الصلاة خلاف ما ذكره الشيخ مجد الدين.
ومن سمع التكبير ولم ير الإمام ولا من وراءه لم يصح أن يأتم به إلا
فظهر من ذلك أنه هل يؤخر المفضول بحضور الفاضل أولا يؤخر أو يفرق بين الجنس والأجناس أو يفرق بين مسألة الجنائز ومسألة الصلاة أقوال والخبر الذي أشار إليه ابن عبد القوي رواه الإمام أحمد عن قيس بن عباد قال أتيت المدينة للقاء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فأقيمت الصلاة وخرج أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمت في الصف الأول فجاء رجل فنظر في وجوه القوم فعرفهم غيري فنحاني وقام في مكاني فما عقلت صلاتي فلما صلى قال يا بني لا يسؤك الله فإني لم آت الذي أتيت بجهالة ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: " كونوا في الصف الأول الذي يليني وإني نظرت في وجوه القوم فعرفتهم غيرك وكان الرجل أبي بن كعب ".
وهذا الخبر إن صح فهو رأي صحابي وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من سبق إلى ما سبق إليه مسلم فهو أحق به " وفي الصحيحين عن جابر وابن عمر رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يقام الرجل من مجلسه ويجلس فيه ولكن تفسحوا أو توسعوا
قوله: "ومن سمع التكبير ولم ير الإمام ولا من وراءه لم يصح أن يأتم به إلا في المسجد وعنه لا يصح بحال وعنه تصح بكل حال".
أطلق عدم الرؤية ونقض غير واحد بالأعمى ونقض المصنف في شرح الهداية فقال لو كان الحائل ظلمة أو اقتدى ضرير بضرير صح مع سماع التكبير والرؤية ممتنعة ونقض الشيخ وجيه الدين في شرح الهداية بسواري المسجد وفيه نظر.
وظاهر كلامه في المحرر أن الخلاف الذي ذكره سواء اتصلت الصفوف أم لا وأنه لا يشترط اتصال الصفوف مطلقا أما في غير المسجد فسيأتي
في المسجد وعنه لا يصح بحال وعنه يصح بكل حال.
الكلام فيه في المسألة بعدها وأما في المسجد فلا يعتبر حكاه في شرح الهداية إجماعا وكذا قطع به الأصحاب.
وظاهر هذا أنه سواء كان بينهما حائل أم لا قطع في شرح الهداية أبو المعالي ابن المنجي بأنه إذا حال بينهما في المسجد نهر يمكن فيه السباحة والخوض متعذر غير متيسر ولا جسر يمكن العبور عليه أنه يجوز ولا يمنع الاقتداء لأن المسجد معد للاجتماع كما لو صلى في سطح المسجد ولا درجة هناك وأنه على روايتي الاكتفاء بسماع التكبير في المسجد يشترط الاتصال العرفي الذي يعد أن يجتمعن عرفا1 كالاتصال في الصحراء انتهى كلامه.
وقال الآمدي لا خلاف في المذهب أنه إذا كان في أقصى المسجد وليس بينه وبين الإمام ما يمنع الاستطراق والمشاهدة أنه يصح اقتداؤه به فإن لم تتصل الصفوف فظاهر هذا أن ما يمنع المشاهدة يمنع صحة الاقتداء وهو ظاهر إطلاق ما رواه أبو بكر عبد العزيز عن عمر في أن النهر مانع من صحة الاقتداء
فقد ظهر من هذا أنه لا يشترط اتصال الصفوف في المسجد وعلى قول الشيخ أبو المعالي يشترط إن كان يمنع الرؤية وأنه لا يضر حائل غير مانع من الرؤية في المسجد خلافا للآمدي وأطلق في المحرر الحائل المانع من الرؤية في المسجد وغيره وكذا ذكر غير واحد وقد نص الإمام أحمد في رواية المروزي وأبي طالب في المنبر إذا قطع الصف لا يضر
قال المصنف في شرح الهداية فمن أصحابنا من قال هذا على عدم اعتبار المشاهدة في المسجد فأما على رواية اعتبارها فيقطع قال ومنهم من قال هذا يجوز على كلتا الروايتين في الجمعة ونحوها للحاجة انتهى كلامه
_________
1-
كذا في الأصل. ولعل "الذي يعد أنه اجتماع عرف" أو نحوهما
فإن ائتم به خارج المسجد وهو يراه أو يرى من خلفه جاز إلا إذا كان
والرواية الخاصة بالجمعة عامة سواء كان الإمام والمأموم في المسجد أولا وعنه رواية رابعة أن ذلك يمنع منهما في الفرض دون النفل قال بعض أصحابنا فيما إذا كانا في المسجد وقيل: إن كان المانع لمصلحة المسجد صح وإلا لم يصح وقال فيما إذا كان المأموم في غير المسجد وعنه إن كان الحائل حائط المسجد لم يمنع وغيره يمنع.
قوله: "فإذا ائتم به خارج المسجد وهو يراه أو يرى من خلفه جاز".
وظاهره أنه سواء رآه في كل الصلاة أو في بعضها وهو صحيح وقد صرح به غير واحد وقال في المغني وإن كانت المشاهدة تحصل في بعض أحوال الصلاة فالظاهر صحة الصلاة لحديث عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل وجدار المسجد قصير الحديث.
وظاهره أيضا أنه لا يشترط اتصال الصفوف وقد قطع به غير واحد منهم القاضي أبو الحسين وذكر المصنف في شرح الهداية أنه الصحيح من المذهب وأنه قول جمهور العلماء كما لو كانا في المسجد وأن ظاهر قول الخرقي أنه يشترط لظاهر أمره عليه الصلاة والسلام بالدنو من الإمام وقطع به الشيخ في الكافي وقطع به الشيخ وجيه الدين أيضا في شرح الهداية.
فعلى هذا يرجع في اتصال الصفوف إلى العرف قطع به الشيخ وجيه الدين فقال مضبوط بالعرف عندنا وقطع به أيضا في الكافي فقال لا يكون بينهما بعد كثير لم تجر العادة بمثله وهو قول الخرقي على ما ذكره المصنف وذكر في التلخيص والرعاية أنه يرجع فيه إلى العرف أو ثلاثة أذرع وقيل: متى كان بين الصفين ما يقوم صف آخر فلا اتصال اختاره المصنف في شرح الهداية حيث اعتبر اتصال الصفوف وهو في الطريق على
بينهما نهر تجري فيه السفن أو طريق لم تتصل به الصفوف فهل يجوز على روايتين.
ما سيأتي قال في المغني معنى اتصال الصفوف أن لا يكون بينهما بعد لم تجر العادة بمثله فلو اقتصر في المغني على هذا كان مثل قوله في الكافي وكان واضحا لكن زاد يمنع إمكان الاقتداء وهذه الزيادة فيها إشكال.
وفهم الشيخ شمس الدين من هذه الزيادة أنها تفسير وقيد الكلام قبلها فقال في شرحه معنى اتصال الصفوف أن لا يكون بينهما بعد لم تجر العادة به بحيث يمنع إمكان الاقتداء وتفسير اتصال الصفوف بهذا التفسير غريب وإمكان الاقتداء لا خلاف فيه.
وقال الشافعي متى بعدت بينه وبين من وراء الإمام لم تصح قدوته به وقدرها بما زاد على ثلاثمائة ذراع وجعل ما دون ذلك قريبا أخذا من مدى الغرضين في المفاضلة.
وقال الشيخ وجيه الدين وضبطه الشافعي بضابط حسن بمائتي ذراع أو ثلاثمائة ذراع.
وظاهر كلامه في المحرر أنه إن كان بينهما حائل غير مانع من الرؤية لا يضر إلا ما استثناه على ما سيأتي وقيل: إن كان بينهما شباك ونحوه لم يمنع في أصح الوجهين وقيل: بل في أصح الروايتين والقول بأنه يمنع حكاه المصنف في شرح الهداية عن بعض الشافعية لانقطاع بعد المكانين عن الآخر.
قوله: "إلا إذا كان بينهما نهر تجري فيه السفن أو طريق لم تتصل فيه الصفوف فهل يجوز على روايتين".
اتصال الصفوف في الطريق فيه الخلاف السابق إذ لا أثر للطريق فيه هذا فيما إذا كان لحاجة لعموم البلوى بذلك في الجمعة والأعياد ونحوها أو قلنا بصحة الصلاة في الطريق مطلقا فإن قلنا بعدم الصحة وهي الرواية المشهورة
ومن كان موقف إمامه أعلى منه صح ائتمامه به وكره وقال ابن حامد:
لا يصح ولا بأس باليسير من ذلك ويكره للإمام خاصة أن يتطوع موضع
على ما ذكره المصنف في شرح الهداية فحكم من وراء الواقف في الطريق حكم من اقتدى بالإمام وبينهما طريق خال.
وقوله: "فهل يجوز على؟ روايتين" رواية الجواز اختارها الشيخ موفق الدين وذكر المصنف في شرح الهداية أنه القياس لكنه ترك للأثر ورواية المنع اختيار الأصحاب لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال من صلى وبينه وبين الإمام نهر أو جدار أو طريق فلم يصل مع الإمام وعن علي أنه رأى قوما في الرحبة فقال من هؤلاء فقالوا ضعفاء الناس فقال لا صلاة إلا في المسجد وعن أبي هريرة وحكاه عنه ابن المنذر لا جمعة لمن صلى في رحبة المسجد وعن أبي بكر أنه رأى قوما يصلون في رحبة المسجد فقال لا جمعة لهم روى هذه الآثار أبو بكر عبد العزيز بإسناده.
وهذه الآثار في صحتها نظر والأصل عدمها وبتقدير صحتها لا دلالة لأكثرها على محل النزاع بل في أصح1 وعن الإمام أحمد يمنع في الفرض خاصة.
وألحق الآمدي بالنهر النار والبئر وألحق صاحب المبهج الشيخ أبو الفرج بذلك السبع وقطع الشيخ وجيه الدين في شرح الهداية برواية المنع كما اختاره الأصحاب قال لعدم الاتصال العرفي وهذا بناه على اختياره في اعتبار اتصال الصفوف عرفا والأصحاب من اعتبر منهم ولا يلزم اختلاله2 ومن لم يعتبره فلا إشكال عليه عنده قال وأما الطريق المختصة بعبور الرجل والساقية التي يمكن خوضها فليس بمانع ولا قاطع عرفا.
قوله: "ولا بأس باليسير من ذلك".
_________
1-
كذا في الأصل: وكتب وفوقها "كذا".
2-
كذا في الأصل.