الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
_________
يرجون رحمتي ولم يروا عذابي فلم ير يوما أكثر عتقاء من النار من يوم عرفة وعن أوس بن أوس مرفوعا أفضل أيامكم يوم الجمعة رواه جماعة منهم أبو داود والنسائي وصححه ابن خزيمة وابن حبان وظاهره أنه ليس هو أفضل الأيام لإتيانه بلفظة من.
وقد ثبت بالحديث المتقدم أنه أفضل من يوم النحر فلم يبق أفضل منه إلا أن يكون يوم عرفة وأفضل الشهور شهر رمضان على ظاهر كلام الأصحاب وغيرهم لأن أفضل الصدقة عندهم صدقة رمضان للخبر فيه ولأن الحسنات فيه تضاعف وهذا يدل على أفضليته على غيره من الشهور وينبني على ذلك فوائد من الطلاق والعتق والنذر وغير ذلك.
باب صلاة الكسوف
.
وهي مسنونة حضرا وسفرا بلا خطبة ولا يصلي بعد تجلي الكسوف ولا غروبه فإن كان ذلك وهو فيها أتمها فأوجز وتصح من المنفرد وفعلها جماعة في الجامع أفضل وهي ركعتان يجهر فيهما بالقراءة فيقرأ في الأولى بالحمد ثم بنحو البقرة ثم يركع فيسبح نحو مائة آية ثم يرفع فيقرأ مع الفاتحة دون قراءته.
صلاة الكسوف.
قوله: "ولا يصلى بعد تجلي الكسوف ولا غروبه".
وظاهره سواء كان الغائب شمسا أو قمرا لأنه قد ذهب الانتفاع بنورهما وكما نقول لا تشرع صلاة الاستسقاء عن الجبال والبراري التي لا تسكن ولا تزرع فكذا هنا وحكى المصنف هذا في شرح الهداية في خسوف القمر احتمالا وحكاه غيره وجها والمشهور في القمر إذا غاب خاسفا ليلا صلى له وقطع به جماعة كالقاضي وأبي المعالي وهو ظاهر كلام آخرين لأن سلطان
الأولى ثم يركع دون الركوع الأول ثم يرفع فيسجد سجدتين نحو الركوعين ثم يصلي الثانية كذلك ويقصرها عن الأولى في القراءة والتسبيح ثم يتشهد ويسلم ولو أتى في كل ركعة بثلاث ركوعات أو أربع جاز والمختار هو الأول.
القمر الليل وهو باق فهو كما لو حجب الشمس غيم فعلى هذا إن غاب خاسفا بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس فهل تصلي لأن سلطان القمر باق ما بقيت الظلمة ولا ينقطع حتى تطلع الشمس أو لا يصلي لأنه ابتداء نهار فيه وجهان ذكرهما أبو المعالي بن المنجا.
قوله في صلاة الكسوف: "ثم يرفع ثم يسجد سجدتين".
ظاهر كلامه أنه لا يطيل هذا القيام وهو القيام الذي يليه السجود وهو صحيح لظاهر أكثر الأحاديث ويحمل ما يخالف هذا من الأحاديث على الجواز أو على مدة قليلة قدر ما يقول أهل الثناء والحمد إلى آخر الدعاء المشهور ونحوه ولو قال ثم يرفع فيسجد كان أولى ولم أجد في هذا خلافا في المذهب صريحا وذكره في الرعاية قولا ولم يذكر فيه ما يخالف.
وظاهر كلامه أيضا أنه لا يطيل الجلوس بين السجدتين لأنه لم يذكر الإطالة فيها كما ذكره في غيرها وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب كظاهر أكثر الأحاديث.
ولنا في هذه المسألة وجهان أحدهما يطيل وهو قول الآمدي وقطع به في التلخيص وزاد كالركوع وقد ورد عنه عليه الصلاة والسلام إطالة الجلسة بين السجدتين في حديث إن صح فهو محمود على الجواز.
وظاهر كلامه في قوله: "ثم يصلي الثانية كذلك ويقصرها عن الأولى في القراءة والتسبيح" أنه إن شاء جعل القيام الأول منها كالقيام الثاني من الركعة الأولى أو أطول أو أقصر وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية وغيرها.
وإذا اجتمع كسوف وجمعة قدم الكسوف إن أمن فوتها.
وإن اجتمع خسوف ووتر قريب الفجر قدم الخسوف وقيل: الوتر وإذا.
وذكر القاضي وابن عقيل والمصنف في شرح الهداية وغيرهم أن تكون أقصر وأن القراءة في كل قيام أقصر من التي قبلها وكذا التسبيح وذكر أبو الخطاب وغيره أنه يقرأ في القيام الأول من الركعة الأولى بالبقرة أو نحوها وفي القيام الثاني منها بآل عمران أو نحوها وفي الثالث من الركعة الثانية1 بالنساء أو نحوها وفي الرابع منها بالمائدة أو نحوها وذكر القاضي إن قرأ هكذا فحسن قال وليس هذا التقدير عن الإمام أحمد لكنه أومأ إلى تطويل الأولى على الثانية والثانية على الثالثة والثالثة على الرابعة فهذه ثلاثة أقوال ودعوى ظهور شيء من الأحاديث لهذا القول أو الذي قبله فيه نظر يبقى القول الأول بالتخيير.
وظاهر كلامه أن صلاة الكسوف تصلى في أي وقت حدث فيه الكسوف وأن ذلك لا يتقيد بوقت وأنه لا يلتفت إلى قول المنجمين في ذلك وهو صحيح قال المصنف في شرح الهداية لا يلتفت إلى قول المنجمين أن الكسوف لا يقع في يوم العيد وأنه لا يكون إلا في الثامن والعشرين أو التاسع والعشرين من الشهر ذكره القاضي وغيره.
وقد قدمنا عن الشافعي اختلاف قوله في تقديم العيد على الكسوف إذ قد ثبت بالنقل المخرج في الصحيحين وغيرهما "أن الشمس انكسفت يوم توفي إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم" وقد اتفق أهل السير أنه توفي في اليوم العاشر من الشهر كذا حكاه القاضي وقال نقل الواقدي أنه مات يوم العاشر من ربيع الأول وكذلك نقل الزبير بن بكار انتهى كلامه.
وقال ابن عقيل فإن انكسفت الشمس قبل النصف من الشهر: صلينا
_________
1-
كذا في الأصل. ولعل الصواب "وفي الثالث".
كان الكسوف في وقت نهي ومنعنا من صلاته فيه سبح ودعا مكانها ولا تصلى صلاة الكسوف لغيره إلا للزلزلة وللزلزلة الدائمة.
صلاة الكسوف ولانعول على قول المنجمين أن ذلك يختص بالنصف الأخير من الشهر ولا نقول ذلك عارض وليس بخسوف فإن الفقهاء فرعوا وقالوا إذا اتفق عيد وكسوف وبنوا ذلك على ما روي أن الشمس كسفت عقب موت ابراهيم في اليوم العشر من الشهر ولا يختلف النقل في ذلك وأنه مات يوم العاشر من ربيع نقله الواقدي والزبيري.
وقال الشيخ وجيه الدين بن المنجا في شرح الهداية فإن قيل: ما فرضتموه من اجتماع الصلوات لا يتصور لأن العيد في أول شوال أو عشر ذي الحجة والخسوف في مطرد العادة في الرابع عشر عند إبدار القمر وكسوف الشمس عند الاجتماع بالقمر في التاسع والعشرين أو الثامن والعشرين.
قلنا قد أجاب العلماء عن هذا من وجوه.
أحدها أن الغرض بيان معنى الأحكام وتصويرها كما قالوا مائة جدة فقد يقدر الفقيه أمرا لا يتوقع وقوع مثله لتشحيذ الخاطر وتنبيه القريحة والتدرب في مجال الأقيسة والمعاني.
الثاني أن النقل صح في كسوف الشمس يوم مات إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم في العاشر من شهر ربيع الأول وقيل في العاشر من شهر رمضان فهذا رواه علقمة عن ابن مسعود وذكره الزبير في كتاب الأنساب في الكسوف وأن الشمس كسفت في العاشر من شهر ربيع الأول وقيل في الثالث عشر ورواه الواقدي أيضا وقيل كسفت الشمس في يوم عاشوراء يوم مات الحسين وإنما نقل العلماء ذلك ورووه لأنهم رأوا شيئا يدعى على خلاف المعتاد.