الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
_________
الوجه الثالث أن العادات تنتقض إذا قربت الساعة فتطلع الشمس من مغربها وكذلك كسوفها وخسوفها انتهى كلامه.
قال الشيخ أبو شامة المقدسي الشافعي في مذيله في سنة أربع وخمسين وستمائة قال فيها في ليلة السادس عشر من جمادى الآخرة خسف القمر أول الليل وكان شديد الحمرة ثم انجلى وكسفت الشمس في غده احمرت وقت طلوعها وقريب غروبها وبقيت كذلك أياما مغبرة اللون ضعيفة النور والله تعالى على كل شئ قدير.
واتضح بذلك ما صوره الشافعي رضي الله عنه من اجتماع الكسوف والعيد واستبعده أهل النجامة انتهى كلامه.
وما يحكى عن المنجمين في هذا هو اختيار الشيخ تقي الدين وبحثه في غير موضع من كلامه.
باب صلاة الاستسقاء
.
وإذا أجدبت الأرض واحتبس القطر وعظ الإمام الناس ووعدهم يوما لخروجهم ثم يخرج فيه إلى مصلى العيد متنظفا غير متطيب متواضعا.
صلاة الاستسقاء.
قوله وإذا أجدبت الأرض واحتبس القطر.
ظاهره أنها لا تسن لخوف الجدب ودليله ظاهر وقيل تسن.
وقوله وعظ الإمام الناس إلى آخره.
اطلاق كلامه يدل على أنها لا تخص بأهل الجدب وقطع به جماعة كابن عقيل وابن تميم.
وقال في الرعاية وإن استسقى مخصب لمجدب جاز وقيل يستحب ولعل الظاهر استحبابه بالدعاء لا بالصلاة.
متذللا متضرعا ومعه الشيوخ والعجائز وأهل الصلاح.
قال المصنف في شرح الهداية ولا يختص بأهل الجدب بل يستحب أن يستسقى لهم أهل الخصب أيضا فإن دعاء المؤمن أقرب إجابة ويعرف من كلامه إن نذر الإمام أو آحاد الناس الاستسقاء لزمه لأنه قربة وطاعة ذكره جماعة ولا يلزم عن الناذر ولا يتعين زمان ولا مكان فإن عين صلاة أن خطبة لزمه وإن عين بغير صلاة ولا خطبة لم يلزمه وإن أطلق فوجهان.
ويعرف من كلام صاحب المحرر أيضا أنه لو نذر في زمان الخصب أن يصلي للاستسقاء لم ينعقد نذره.
وقال الشيخ وجيه الدين فيه وجهان أحدهما لا ينعقد والثاني ينعقد لأنه قربة في الجملة فيصلي ويسأل الله دوام النعمة والخصب عليهم وشمول بقية الخلق بهذه النعمة انتهى كلامه.
والأول أولى.
وظاهر كلامه أنه لا يستحب الاستسقاء لغور ماء عين أو نهر لقوله احتبس القطر ولو قال واحتبس الماء دخلت المسألة تحت كلامه.
وذكر في شرح الهداية وجهين في الاستحباب وذكر في التلخيص وغيره روايتين واختار ابن عقيل الاستحباب وقال إن الأصحاب اختاروا عدمه.
وذكر في الرعاية أن الاستحباب أقيس وقطع به في المستوعب وقيد جماعة المسألة بلحوق الضرر بذلك وهو صحيح.
وقال في الشرح قال القاضي وابن عقيل إذا نقصت مياه العيون أو غارت وتضرر الناس استحب الاستسقاء كما يستحب لانقطاع المطر وقال أصحابنا لا يستحب لأنه لم ينقل انتهى كلامه.
قوله: "ومعه الشيوخ والعجائز وأهل الصلاح".
يحتمل أن يكون مراده أنه يستحب خروج هؤلاء خاصة وعلى هذا يكون
_________
قوله وعظ الإمام الناس ووعدهم يوما لخروجهم. يعني من يستحب خروجه منهم ويكون الوعد المعطوف خاصا والوعد المعطوف عليه عاما وهذا ظاهر كلامه في شرح الهداية فإنه قال أما المستحب فخروج الشيوخ ومن كان من أهل الصلاح لأن دعاءهم أرجى للإجابة ويحتمل أن يكون مراده أن يكون خروج هؤلاء أشد استحبابا وهذا أقوى لكن يرد عليه الشباب من النساء فإنه لم يستثنهن وخروجهن غير مستحب لم أجد فيه خلافا صريحا وفي استحباب خروج العجائز ومن لاهيئة لها وجهان الاستحباب مذهب أبي حنيفة والشافعي كالشيوخ وعدمه ذكر القاضي أنه ظاهر كلام الإمام أحمد وهو قول مالك لأن المرأة في الجملة عورة وكذا حكى بعضهم عن ابن عقيل أنه ذكر هذا ظاهر كلام أحمد.
والذي رأيت في فصول ابن عقيل ولا يجوز إخراج العجائز على ظاهر كلام أحمد وعلى قول ابن حامد يستحب ذلك على ما قدمنا في صلاة العيد.
ووجه المنع أن النص ورد في المساجد فأما في الصحراء فلا ووجه الجواز أن الفتنة امتنعت في حقهن والدعاء منهن مرجو إجابته انتهى كلامه.
وكأنه يقول في توجيه المنع إن الأصل عدم خروج المرأة لأنها إذا خرجت استشرفها الشيطان وخيف منها الافتتان والنص الوارد في المساجد يختص بها هذا وجهه إن كان محفوظا وفيه نظر لا يخفى.
واعتباره المسألة على قول ابن حامد بصلاة العيد يدل على أن حكمها حكمها وخروج النساء في صلاة العيد فيه أقوال الإباحة والاستحباب اختاره ابن حامد والمصنف في شرح الهداية وقال في رواية اسحق بن ابراهيم وقيل له هل على النساء صلاة العيد قال ماسمعنا فيه شيئا وأرى أن يفعلنه يصلين وقال مرة أخرى ما سمعنا أن على المرأة صلاة العيدين وإن صلت فحسن وهو
ويجوز خروج الصبيان وقال ابن حامد يستحب.
أحب إلي والكراهة فأنه روى عن الإمام أحمد أنه قال لا يعجبني خروج النساء في وقتنا هذا لأنه فتنة قاله في رواية صالح في خروجهن إلى العيد واختار القاضي أنه لا يستحب لأنهن فتنة ويخرج من هذا قول رابع بالتحريم بناء على اختلاف الأصحاب في قول الامام لا يعجبني هل هو للتحريم أو للكراهة على وجهين.
وفي المسألة قول آخر روي عن الإمام أحمد يكره للشابة ولا بأس به للعجوز وقال المصنف في شرح الهداية وأما شواب النساء وذوات الهيئات فلا يسن حضورهن بل يكره عند الجميع بخلاف العيد لورود الأثر به هناك وليس هذا مثله لأنه لايخشى بحضورهن مفسدة هكذا في مجمع البحرين1 العكس مقصود الحضور وهو إجابة الدعاء ومقصود العيد لا يختل بذلك ولأنه بحضور العيد يعرفن كثيرا من شعائر الدين وأحكامه بما يسمعنه في الخطبة وهنا جل المقصود الدعاء وهو ممكن منهن في بيوتهن انتهى كلامه ولا يخلو من مناقشة ونظر.
قوله ويجوز خروج الصبيان وقال ابن حامد يستحب.
ظاهره سواء كانوا مميزين أم لا وهو ظاهر كلام غيره وقد احتج الشيخ وجيه الدين بن المنجا بالاستحباب بما روى من قوله عليه الصلاة والسلام: " لولا شيوخ ركع وأطفال رضع وبهائم رتع لصب عليكم العذاب صبا ".
_________
1-
بهامش الأصل: الذي في مجمع البحرين لابن عبد القوي – والظاهر أنه كلام للشيخ مجد الدين في شرح الهدية – ويكره حضور شواب النساء وذوات الهيئات عند الجميع بخلاف العيد لورود الأثر فيه فربما عكس حضورهن مقصود الاستسقاء من إجابة الدعوى بخلاف العيد.
وإن خرج أهل الذمة لم يمنعوا وأفردوا عن المسلمين ويصلى بهم.
ولم يزد على ذلك وهذا يؤيد عدم الفرق.
وقال المصنف في شرح الهداية إنما يخرج منهم المميزون قال وإن قلنا لا استحباب فلعدم التكليف كما في الطفل والمجنون وإن قلنا يستحب وهو أصح فلأنهم من أهل العبادة ويمتازون عن البلغ برفع الآثام عنهم وكونهم أقرب لأن يرحموا ويجابوا ولعل هذا أقوى فإن من ليس أهلا للعبادة لا فرق بينه في هذا وبين البهيمة ولا يستحب إخراجها عندنا لكن يجوز قطع به جماعة وحكى غير واحد وجها بكراهته.
قوله وإن خرج أهل الذمة لم يمنعوا وأفردوا عن المسلمين.
ظاهر هذا أنه يكره إخراجهم وإن كنا لا نمنعهم إن خرجوا وكذا ذكر غير واحد أنه يكره إخراجهم وهو قول مالك والشافعي لبعد إجابتهم لأنهم أعداء لله وإن أغيث المسلمون فربما قالوا هذا حصل بدعائنا.
وذكر المصنف في شرح الهداية أن ظاهر كلام أبي بكر أنه لا بأس بإخراجهم وأما كونهم لا يمنعون إذا خرجوا فلأنهم يطلبون أرزاقهم والله قد تكفل برزق المسلم والكافر.
وقوله وأفردوا عن المسلمين يعني إذا خرجوا يوم خروج المسلمين يفردون عنهم لئلا يحصل عذاب فيعم الجميع ولهذا أفردوا عن مقابر المسلمين والأولى أن لا يفردوا بيوم على ظاهر ماقطع به في المغني وغيره واختاره المصنف لعدم نقله في الأعصار السابقة ولما فيه من استقلالهم به وربما نزل غيث فيكون أعظم لفتنتهم وربما اغتر بهم غيرهم وقال ابن أبي موسى الأولى إفرادهم بيوم وقطع به جماعة منهم صاحب المستوعب والتلخيص لئلا يظنون أن ما حصل من الغيث بدعائهم.
ركعتين كصلاة العيد وعنه يصلي بلا تكبير ثم يخطب خطبة واحدة مفتتحة بتسع تكبيرات وقيل: بالحمد ويكثر فيها الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدعو ويدعون ويكثرون الاستغفار وعنه أنه يخطب قبل الصلاة وعنه يخير وعنه لا يخطب وإنما يدعو ويستقبل القبلة في أثناء دعائه فيدعو سرا ويحول رداءه فيجعل اليمين يسارا واليسار يمينا ويفعل الناس كذلك لا ينزعوه إلا مع ثيابهم ويسن أن يقف المستسقي في أول المطر ويخرج رجله وثيابه لينالها ويغتسل منه ويتوضأ فإن لم يسقوا عادوا ثانيا وثالثا وإن سقوا قبل الخروج صلوا شكرا وسألوا الله المزيد.
قوله ":وإن سقوا قبل الخروج صلوا شكرا".
يعني فيما إذا عزموا على الخروج وتأهبوا له وإلا فلو سقوا قبل العزم على الخروج والتأهل له لم يصلوا على ظاهر كلام المصنف في شرح الهداية والأصحاب وذلك لأنهم قد شرعوا في أمر الاستسقاء فهو كما لو خرجوا فسقوا قبل أن يصلوا فإنهم يصلون وقد علل بعضهم بأن الصلاة شرعت لإزالة العارض من الجدب وذلك لا يحصل بمجرد النزول ومقتضى هذا أنهم يصلون مطلقا فعلى هذا هل يخرجون فيه وجهان والقول باستحباب الخروج قول القاضي وابن عقيل وقطع به جماعة منهم صاحب المستوعب والتلخيص وقيل لا يخرجون ولا يصلون اختاره الشيخ موفق الدين وغيره لأن الصلاة تراد لإنزال المطر وقد وجد ولأنه لم يرد فيه أثر وفيه كلفة.
قال المصنف ويفارق ما لو خرجوا فسقوا قبل الصلاة لأنه ليس في التكميل كبير مشقة بل قد شرعوا وأتوا بأكثر المقصود من الاجتماع والدعاء ولذلك كان تكميله بالصلاة أولى انتهى كلامه.
وظاهر كلام الآمدي أنهم يخرجون فيدعون ولا يصلون وهو قول بعض الشافعية.