الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
_________
حسن غريب وقال مزيدة العصري1 دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح وعلى سيفه ذهب وفضة رواه الترمذي وقال غريب وهذا كقول أنس إن قدح النبي صلى الله عليه وسلم انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة لتكون حجة إباحة اليسير في الآنية وقد ثبت في الصحاح والسنن من حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من الفضة.
وفي هذا الباب مسائل حسنة وفوائد مهمة وما تيسر منها مذكور فيما علقته في الآداب الشرعية فليطلب هناك والله سبحانه وتعالى أعلم.
1- هو مزيدة –بوزن كبير– بن العصر– بفتح المهملتين – العبدي. صحابي.
باب صلاة الجمعة
وهي فرض على الرجال الأحرار المكلفين المستوطنين ببناء متصلا أو متفرقا تفرقا يسيرا بحيث يشمله اسم واحد إذا بلغوا أربعين فأما المقيم في مصر لعلم أو شغل والمسافر سفرا لا قصر معه ومن كان خارج المصر على فرسخ أو بحيث يسمع النداء مقيما في غير بناء أو في قرية فيها دون الأربعين الموصوفين فتلزمهم الجمعة بغيرهم لا بأنفسهم ولا تنعقد بهم وهل تصح إمامتهم فيها يحتمل وجهين.
ولا تجب على مسافر له القصر ولا عبد ولا امرأة ولا تنعقد بهم ولا تصح إمامتهم فيها ويجزئهم حضورها تبعا وعنه تجب على العبد.
ومن لزمته الجمعة لم يحز أن يسافر في يومها حتى يصليها وعنه يجوز قبل الزوال [وهو المذهب] وعنه يجوز قبله للجهاد خاصة.
ويجوز إقامتها في الصحراء لعدم البنيان.
وهل تجوز في موضعين للحاجة؟ على روايتين فإن قلنا لا تجوز أو لم.
صلاة الجمعة.
قوله: "وهل تجوز في موضعين للحاجة على روايتين".
تكن حاجة بطلت المسبوقة بالإحرام إلا أن تختص بإذن الإمام فتصح دون الأولى وقيل: السابقة الصحيحة بكل حال فإن جهلت السابقة أعادوا ظهرا وإن أحرموا بهما معا بطلتا وصلوا جمعة وإن لم يعلم هل أحرموا بهما معا أو في وقتين فهل يصلون ظهرا أو جمعة على وجهين.
وتجب الجمعة بالزوال ويجوز فعلها في وقت صلاة العيد وقال الخرقي في الساعة السادسة.
ولا يشترط إذن الإمام الجمعة ولا عيد ولا استسقاء وعنه يشترط ويجب السعي إلى الجمعة بالنداء الثاني وعنه بالأول إلا من منزل بعيد فعليه أن يسعى في وقت يدركها به.
أطلق الروايتين والمذهب عند الأصحاب الجواز وهو المنصور في كتب الخلاف ونصره أيضا المصنف.
وقوله: "في موضعين" ليس الحكم مختصا بموضعين بل تجوز إقامتها في مواضع للحاجة وصرح به المصنف في شرح الهداية وقد عرف من هذا أن المصنف لو قال وتجوز في موضعين فأكثر للحاجة وعنه لأولى وقد قال القاضي في الخلاف إن من قال لا تجوز في موضعين للحاجة احتج بأنه لا تجوز في موضعين قياسا على الثلاثة قال والجواب أن الخرقي أجاز ذلك من غير أن يختص ذلك بموضعين ولم يمتنع أن يجوز في موضعين ولا تجوز في ثلاثة مواضع كصلاة العيد وقد قيل إن القياس يقتضي أن لا تجوز إلا في موضع واحد لأنها لو جازت في موضعين لجازت في سائر المساجد كسائر الصلوات ولجازت في سائر المواطن من السفر والحضر كسائر الصلوات إلا أنا تركنا القياس في موضعين لما ذكرنا من حديث علي رضي الله عنه وأنه أقام العيد في موضعين وحكمه حكم الجمعة من الوجه الذي بينا انتهى كلامه.
والسنة: أن يغتسل لها عند الرواح ويلبس ثوبين أبيضين نظيفين ويتطيب ويبكر إليها ماشيا ويدنو من الإمام ويشتغل بالذكر والقراءة.
وما حكاه عن الخرقي هو الذي عليه كلام الأصحاب ولا فرق بين العيد والجمعة في ذلك فكيف يجعل العيد أصلا في المنع وما حكاه القاضي من إجازتها في موضعين للحاجة والمنع عن ثلاث يروى عن أبي حنيفة ومحمد ابن الحسن وظاهر كلام المصنف القطع بمنعها في موضعين لغير حاجة وهو المعروف في المذهب وعن عطاء أنه يجوز وهو قول الظاهرية وعن أحمد ما يدل عليه قال في رواية المروزي وقد سئل عن صلاة الجمعة في مسجدين فقال صل فقيل له إلى أي شيء تذهب فقال إلى قول علي رضي الله عنه في العيد إنه أمر رجلا يصلي بضعفه الناس وكذلك نقل أبو داود وعنه أنه سئل عن المسجدين اللذين جمع فيهما ببغداد هل فيه شيء متقدم فقال أكثر ما فيه أمر علي رضي الله عنه أن يصلي بالضعفة.
قال القاضي بعد أن ذكر هذين النصين فقد أجاز الإمام أحمد رحمه الله تعالى ذلك على الإطلاق وقال وهو محمول على الحاجة قال وهو ظاهر كلام الخرقي لأنه قال إذا كان البلد يحتاج إلى جوامع فصلاة الجمعة في جميعها جائزة فاعتبر الحاجة قال وكذلك ذكره شيخنا يعني أبا عبد الله بن حامد.
قوله: "ويبكر إليها ماشيا" للخبر في ذلك.
وذكر المصنف في شرح الهداية في بحث هذه المسألة أن فيه انتظار فريضة بعد أخرى يعني أن هذا مستحب قال وفي ذلك ترغيب مشهور في الأخبار وقطع الشيخ موفق الدين في مسألة وإن جلس في مسجد أو طريق واسع فعثر به حيوان أن انتظار الصلاة قربة في جميع الأوقات وذكر ابن الجوزي في منهاج القاصدين أن من أفضل الأعمال انتظار الصلاة بعد الصلاة للخبر.
والدعاء ولا يتخطى أحدا إلا لفرجة يجلس فيها وعنه يكره ذلك أيضا.
ومن فرش شيئا في مكان فهو أحق به وقيل: لغيره رفعه والجلوس مكانه.
وقطع في المستوعب وغيره أنه يستحب الجلوس بعد صلاة الجمعة إلى العصر وفيه خبر فيه ضعف رواه البيهقي وفي الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعا ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة وهو عام في الصلوات كلها وروى ابن ماجه وإسناده ثقات عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب فرجع من رجع وعقب من عقب فجاء رسول الله مسرعا قد حفزه النفس قد حسر عن ركبتيه فقال أبشروا هذا ربكم قد فتح بابا من أبواب السماء يباهي بكم الملائكة يقول انظروا إلى عبادي قد أدوا فريضة وهم ينتظرون أخرى وقد ذكر ابن تميم وصاحب الرعاية أنه يسن الجلوس بعد العصر إلى غروب الشمس وبعد الفجر إلى طلوعها ولا يستحب ذلك بعد بقية الصلوات نص عليه وقد ورد في هذين الوقتين خبر خاص يدل على استحباب الجلوس بعدهما ولكن لا ينفي استحباب الجلوس بعد غيرهما.
قوله: "ولا يتخطى أحدا إلا لفرجة".
يعني يكره لقوله: "وعنه يكره ذلك أيضا" وهذا هو المعروف في كلام الأصحاب مع أن دليلهم على الكراهة يقتضي التحريم وقد رأيت الشيخ وجيه الدين بن المنجا في شرح الهداية صرح بأنه لا يجوز وفي كلام الشيخ موفق الدين في مسألة التبكير إلى الجمعة أن التخطي مذموم والظاهر أن الذم إنما يتوجه على فعل يحرم وقال الشيخ تقي الدين ليس لأحد أن يتخطى الناس ليدخل في الصف إذا لم تكن بين يديه فرجة لا يوم الجمعة ولا غير يوم الجمعة بل هذا من الظلم والتعدي لحدود الله ثم استدل بالحديث في ذلك.
ويشترط للجمعة خطبتان تحتوي كل خطبة على حمد الله والصلاة على
وللشافعية في تحريمه وكراهته وجهان وفي تعليق أبي حامد التصريح بتحريمه عن نص الشافعي وذكر في موضع آخر من الباب عن الشافعي أنه مكروه.
قوله: "في الخطبتين يحتوي كل منهما على حمد الله".
ظاهره أنه لا يعتبر لفظ مخصوص وقطع المصنف في شرح الهداية أنه يعتبر قول الحمد لله لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخل به في خطبة ما بحال وكذا قطع به الشيخ مجد الدين وابن تميم وابن حمدان وغيرهم ولم أجد فيه خلافا.
ثم ذكر في المحرر ما تحتوي كل واحدة عليه قال المصنف في شرح الهداية بعد ذكر اشتراط العدد يرفع صوته بقدر ما يسمعهم فإن منع السماع نوم أو ضجة أو غفلة أو وقع مطر ونحوه لم يؤثر ذلك لأن اعتبار حقيقة السماع تشق فتضبط بمظنته وإن لم يسمعوه لبعدهم منه أو لكونه خفض صوته جدا فهو كما لو خطب وحده وإن لم يسمعوا لصمم بهم ووراءه من لا يسمعه لبعد ولا صمم به فوجهان أحدهما يجزئه اعتبار المظنة كما لو كان من بقربه أعجميا أو كان الجميع صما والثاني لا يجزىءلأن السماع لم يحصل وإنما أسقطنا حقيقة السماع حيث يسقط اعتبارها وقطع بعضهم بأنهم إن كانوا صما لم تصح وإن كانوا طرشا أو عجما لا يفهمون صحت.
وقال ابن تميم وإن كان لطرش وليس من يسمع صحت وإن كان من يسمع بعيدا فوجهان.
ولم يذكر في المحرر الوقت للخطبة ولم أجد في اشتراطه خلافا وقطع به المصنف في شرح الهداية قال لأنها كبعض الصلاة وهذا قول الجماعة.
وتشترط أيضا الموالاة إلى آخر الخطبة وبين الخطبتين وبينهما وبين الصلاة
رسوله والوصية بالتقوى وقراءة آية.
في الأصح وقطع به المصنف في شرح الهداية لأنهما مع الصلاة كمجموعتين ولأنهما ذكر يشترط لصحة الجمعة فأشبه أركان صلاتهما.
فعلى هذا لو طال الفصل استأنف إلا أن يقرأ سجدة فينزل لسجودها ويطول الفصل فوجهان الاستئناف لأنه من غير جنس الخطبة كالسكوت والبناء لأنه من مسنونات القراءة المشروعة في الخطبة فأشبه سائر سننها إذا طولت.
وظاهر كلامه في التلخيص والرعاية أنه لا يضر كثير بدعاء لسلطان ونحوه وينبغي أن يخرج على هذا وجه استحبابه والمرجع في طول الفصل إلى العرف.
ويشترط أيضا تقديم الخطبة على الصلاة ولم أجد فيه خلافا لفعله عليه الصلاة والسلام وهو بيان مجمل فيجب الرجوع إليه.
وظاهر كلامه أنه لا تشترط الطهارة بل قد صرح به بعد ذلك فقال فالأفضل أن يخطب طاهرا وفي اشتراط الطهارة لصحة الخطبة روايتان الاشتراط كتكبيرة الإحرام وعدمه كالأذان والأصلان فيهما إشكال لكن الأصل عدم اشتراط شيء والنقل عنه يفتقر إلى دليل ووجه ابن عقيل عدم الاشتراط بعدم اشتراط طهارة البقعة وفيه نظر وقد تبعه طائفة كأبي المعالي بن المنجا على هذا ولم يتبعه آخرون نظرا إلى التسوية بينهما وهو أولى ثم قال أبو المعالي ومتى قلنا باشتراط الطهارة اشترط طهارة الستارة والبقعة لأنهما أقيما مقام الركعتين انتهى كلامه.
وقال القاضي يشترط لهما ستر العورة ولعله على الخلاف.
وقد ذكر الخرقي والثناء عليه تعالى وتبعه بعضهم على هذه العبارة كابن عقيل وظاهره اعتبار الثناء مع اعتبار الحمد بل صريحه.
ويشترط العدد لأركان الخطبتين وللصلاة كلها وتصح خطبة الجنب نص عليه وهو عاص بقراءة الآية.
وقد ذكر الشيخ وجيه الدين بن المنجا كلام الخرقي وقال فيكون الثناء قسما خامسا انتهى كلامه.
وأكثر الأصحاب لم يذكر الثناء مع الحمد وبعض من شرح الخرقي لم يتكلم على هذا ولعله حمل الثناء على الحمد.
قوله في المحرر: "وتصح خطبة الجنب نص عليه وهو عاص بقراءة الآية إلا أن يغتسل قبل قراءتها ثم يتيمم ويتخرج أن لا تصح".
ذكر هذا مع أنه ذكر أن قراءة الآية شرط في صحة الخطبة كما هو معروف أنه الراجح في المذهب وأن الجنب يحرم عليه قراءتها مع أنه قدم ما هو الراجح في المذهب من أن الصلاة في الدار المغصوبة لا تصح وتصحيح خطبة الجنب مع ذلك مشكل وفيه نظر ظاهر ولم أجد أحدا ذكره غير صاحب المحرر والإمام أحمد إنما نص على صحة خطبة الجنب نصا مطلقا لم يتعرض فيه لشيء مما تقدم فمن الأصحاب كابن عقيل من قال هذا من الإمام أحمد يعطى أحد أمرين إما أن تكون الآية ليست شرطا أو جواز قراءة الآية للجنب فأما أن تكون الآية شرطا أو لا يجوز قراءتها للجنب ثم يجمع بينهما فلا وجه لذلك والأشبه أن يخرج أنه لا يشترط الآية هذا كلامه.
وذكر ابن عقيل أيضا في عمد الأدلة أن صحة خطبة الجنب تلحق بصحة الصلاة في الدار المغصوبة قال ويحتمل أن نقول يجوز للجنب قراءة آية أخذا من تصحيحه خطبة الجنب.
وذكر الشيخ أبو المعالي وجيه الدين بن المنجي في شرح الهداية نص الإمام على إجزاء خطبة الجنب ثم قال وهذا إنما يكون إذا خطب في غير المسجد أو خطب في المسجد غير عالم بحال نفسه ثم علم بعد ذلك ثم قال:
_________
والأشبه بالمذهب اشتراط الطهارة من الجنابة فإن أصحابنا قالوا تشترط قراءة آية فصاعدا وليس ذلك للجنب ولأن الخرقي اشترط للأذان الطهارة من الجنابة فالخطبة أولى وصحح في التلخيص ما صححه في المغني من اشتراط الطهارة الكبرى وقال هو أليق بالمذهب.
وذكر في المغني أيضا أن ظاهر كلام الإمام أحمد أنه لا تشترط لصحة الخطبة القراءة واحتج بنص أحمد على إجزاء خطبة الجنب وقال غير واحد من الأصحاب فإن جاز للجنب قراءة آية أو لم تجب القراءة في الخطبة خرج في خطبته وجهان قياسا على أذانه.
وقال الشيخ مجد الدين في شرح الهداية خطبة الجنب تصح نص عليه في رواية صالح فقال إذا خطب بهم جنبا ثم اغتسل وصلى بهم أرجو أن تجزئه قال ومن أصحابنا من شرط أن يكون خارج المسجد لأن لبثه فيه معصية تنافي العبادة ومنهم من قال يجزئه بناء على الصحيح في اعتبار الآية للخطبة ومنع الجنب منها والصحيح أن ذلك لا يشترط لأنه قد يكون متوضئا فيباح له اللبث وقد يغتسل في أثنائها قبل القراءة ثم يتيمم وقد ينسى جنابته ولا يكون عاصيا بلبث ولا قراءة ثم على تقدير عدم ذلك نقول تحريم اللبث لا أثر له في الفساد لأنه لا تعلق له بشيء من واجبات الصلاة فأشبه من أذن في المسجد جنبا أو صلى وفي كمه ثوب غصب وأما تحريم القراءة فإنه أيضا لا يختص هذه العبادة لكنه متعلق بفرض لها فالتحقيق فيه أن يلحق حكم الخطبة معه بالصلاة في الدار المغصوبة انتهى كلامه.
وقياس هذه المسألة على مسألة الأذان للجنب في المسجد في الحالة المحرمة فيه نظر لأن الأذان في هذه الحالة كالأذان والزكاة1 في أرض مغصوبة وفي
1- كذا في الأصل ولعلها "والصلاة".
إلا أن يغتسل قبل قراءتها ثم يتيمم ويتخرج أن لا تصح.
والأفضل أن يخطب طاهرا على منبر أو موضع عال.
الصحة مع التحريم قولان وذكر بعض الأصحاب روايتين فإن قلنا بعدم الصحة فلا كلام وإن قلنا بالصحة وهو الصحيح من المذهب فالفرق ما ذكره بعض الأصحاب أن البقعة ليست من شرائط ذلك فلم يؤثر تحريمها في صحته بخلاف الخاتم وحمل شيء مغصوب لأنهما لم يتعلقا بشرط العبادة المأمور بها وهذا ظاهر إن شاء الله تعالى.
وقال الشيخ وجيه الدين ويعصي الجنب بدخول المسجد بلا أذان ويجزي أذانه وكذا لو كان مكشوفا عن عورته لأنه ليس من شرائط الصلاة بخلاف الخطبة فإنها من شرائط الصلاة وفيها للشافعية وجهان مع صحة الأذان عندهم.
قوله في المحرر: "إلا أن يغتسل قبل قراءتها ثم يتيمم".
عبارته تقتضي ولو طال الفصل وليس الأمر كذلك لأن الموالاة شرط هنا عنده وهو المذهب وهنا استثناء آخر في المسألة وهو استنابة من يقرأ ذكره جماعة منهم ابن عقيل وابن الجوزي لأن مقصود الخطبة حاصل مع ذلك.
فهو كخطبة الواحد أو كأذان شخص وإقامة آخر وهذا بخلاف الأذان الواحد فإنه لا يصح من اثنين لقوله عليه الصلاة والسلام " فليؤذن لكم أحدكم " ولأن مقصوده وهو الإعلام يحصل بذلك غالبا لاختلاف الأصوات وقاسه في المغني على الصلاة والأول هو معنى كلام القاضي وجماعة.
قال القاضي في الجامع الكبير ويفارق هذا الصلاة لأنه يجوز أن يستخلف فيها إذا أحدث على إحدى الروايتين فتكون صلاة واحدة بإمامين وأما الخطبة إذا أحدث فيها فهل يجوز أن يستخلف فيها؟ فحكمها حكم
ويسلم إذا استقبل الناس ويجلس وقت التأذين وبين الخطبتين ويخطب قائما ويعتمد على سيف أو قوس أو عصا ويقصد تلقاءه ويقصر الخطبة،
الصلاة يخرج على الروايتين وقد نص على الروايتين في موضع وهل تصح أن تكون الخطبة من رجل والصلاة من آخر على روايتين وإنما كانت الخطبة كالصلاة لأنها شرط في صحتها انتهى كلامه.
وظاهره القطع بأن الخطبة لا تصح من اثنين في غير حال الحدث كالصلاة وقد قال القاضي والأصحاب بأن الأذان والإقامة يتولاهما واحد فإنهما فصلان من الذكر من جنس واحد كصلاة واحدة فالأفضل أن يتولاهما واحد أصله الخطبتان.
قال القاضي وفيه احتراز من الأذان والخطبة الأولى كالإمامة والخطبة الثانية أنه يتولاهما اثنان لأنهما من جنسين.
وقال ابن عقيل وهل يجوز أن يتولى الخطبتين اثنان يخطب كل واحد خطبة فيه احتمالان أحدهما يجوز كالأذان والإقامة والثاني لا يجوز وقال لما بينا من الوجوه المانعة أن يتولاهما غير من يتولى الصلاة وكذا ذكر هذه المسألة الشيخ وجيه الدين في شرح الهداية.
وظاهره أن الخطبة الواحدة لا تصح من اثنين قال الشيخ وجيه الدين أيضا في باب الأذان وإن قيل هل يجوز الاستخلاف في الخطبة قلنا فيه وجهان أحدهما يجوز كالصلاة والثاني لا يجوز كالأذان انتهى كلامه.
وقطع ابن عقيل في باب الأذان بالوجه الأول وقطع به الشيخ مجد الدين في شرح الهداية فلا يقال إنه لم يذكر الاستثناء لأنه لعله لم يره.
وهذه المسألة يعايى بها فيقال عبادة واحدة بدنية محضة تصح من اثنين.
ويدعو للمسلمين وإن دعا لمعين جاز ومن دخل والإمام يخطب لم يزد على ركعتين خفيفتين.
ويحرم الكلام وقت الخطبة إلا على الخاطب وله لمصلحة وعنه يكره من غير تحريم ولا بأس به قبل الخطبة وبعدها.
قوله: "ومن دخل والإمام يخطب لم يزد على ركعتين خفيفتين".
لو كان في آخر الخطبة بحيث إذا اشتغل بها فاته معه تكبيرة الإحرام فقال المصنف في شرح الهداية لا نستحبها في مثل ذلك وكذا قال الشيخ في المغني إذا تشاغل بالركوع فاته أول الصلاة لم يستحب له التشاغل بالركوع.
حكى القاضي عياض عن داود وأصحابه وجوب تحية المسجد ومذهب الشافعية لا يشترط أن ينوي التحية بل تكفيه ركعتان من فرض أو سنة راتبة أو غيرها ولو نوى بصلاته المكتوبة والتحية انعقدت صلاته وحصلتا له.
قوله: "ويحرم الكلام والإمام يخطب إلا على الخاطب وله لمصلحة وعنه يكره من غير تحريم".
يباح من الكلام ما يجوز قطع الصلاة له كتحذير ضرير أو غافل عن بئر أو حفيرة لأنه إذا لم تمنع منه الصلاة مع فسادها به فالخطبة أولى.
ويجوز للمستمع إذا عطس أن يحمد الله خفية لأنه ذكر وجد سببه ولا يختل به مقصود وله أن يؤمن على دعاء الخاطب كما يؤمن على دعاء القنوت وله أن يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر في الخطبة نص عليه لأنه سنة في الخطبة فأشبه التأمين بل أولى لأن الصلاة عليه آكد من التأمين على الدعاء.
وليس للأخرس الإشارة بما يمنع منه الكلام لأن الشارع جعل إشارته كنطق القادر قطع بهذا كله المصنف في شرح الهداية وغيره ولم أجد ما يخالف ذلك صريحا بل إطلاقا وظاهرا وقال إسحاق بن إبراهيم وسمعته يقول في
وإذا خطب رجل وأم غيره جاز وعنه لا يجوز وعنه يجوز للعذر لا غير.
وصلاة الجمعة ركعتان ويسن أن يقرأ في الأولى بسورة الجمعة وفي الثانية بالمنافقين ويجهر بالقراءة وعنه يقرأ في الثانية بسبح اسم ربك الأعلى.
رجل يأتي والإمام في الخطبة وهو يتكلم قال لا بأس بالكلام ما لم يجلس.
وكلامه في المحرر ظاهر في تحريم ابتداء نافلة بعد الشروع في الخطبة وأنه على الروايتين في تحريم الكلام وكذا ظاهر كلام غيره.
وقطع الشيخ وجيه الدين المنجا بأنه يحرم ابتداء نافلة من حين خروج الإمام وأنه يخفف ما كان فيه لأن الكلام لا ضرر في قطفه بالحال بخلاف الصلاة ومراده على ظاهر المذهب في تحريم الكلام وتحريم إباحة الاشتغال عن استماع الخطبة بكلام لا فائدة فيه مع تحريم الاشتغال عنها بالصلاة وهذا معنى كلام الشيخ موفق الدين والمصنف في شرح الهداية فليتأمل في عدة مسائل.
وقد جعل المصنف ابتداء نافلة في حال الخطبة أصلا كمسألة تحريم الكلام.
ومراده على الشافعي من تأمل كلامه في مسائل لأن أكثر الشافعية يقولون بذلك وإن لم يجب الإنصات وقد نقل صاحب الحاوي من الشافعية الإجماع على تحريم ابتداء النافلة.
وقد عرف من مسألة إكمال النفل أن كلامه صادق عليها وأنه غير مراد.
وقد حكى الشيخ موفق الدين عن أبي حنيفة ومالك كراهة فعل تحية المسجد والإمام يخطب وقال لأن الركوع يشغله عن استماع الخطبة فكره كركوع غير الداخل ولم يجب عن ذلك وكذا ذكر الشيخ مجد الدين وبحثهما مع ابن عقيل في أن من لا يستمع الخطبة له أن يبتدىءنافلة يدل على التحريم وذكر أن التنفل ينقطع بجلوس الإمام على المنبر ومرادهما بخروجه بدليل ما استدلوا به وقد صرح به الشيخ مجد الدين ولم يتعرض الشيخ موفق الدين لتحريم ولا كراهة
ولا سنة للجمعة إلا بعدها وأقلها ركعتان وأكثرها ست.
ومن أدرك مع الإمام ركعة بسجدتيها أتمها جمعة وإن زحم عن سجدتيها.
صريحة إلا أنه قال بعد كلامه المذكور فلا يصلي أحد غير الداخل يصلي تحية المسجد ويتجوز فيها ولعل ظاهره التحريم لأنه ظاهر النهي في لسان الشرع وحكمه وهذا معنى عبارته في المستوعب مع أنه قطع بأنه لا يكره الكلام في هذه الحال.
وقال الشيخ مجد الدين في بحث المسألة ولأن النفل في هذه الحال قد يفضي إلى المنع من سماع الخطبة فإن قطعه مكروه أو محرم بخلاف الكلام فإن قطعه عند الأخذ في الخطبة لا محذور فيه فلذلك لم يكره قبلها وهذا الكلام يقتضي ابتداء النفل بعد خروج الإمام وقد سبق أن الشيخ وجيه الدين ذكر التحريم.
وقال المصنف في بحث مسألة تحية المسجد لأنها صلاة لها سبب فلم تمنع الخطبة منها كالفائتة وإكمال النفل المبتدأ إذا خرج الإمام وهو فيه وذكر أيضا فيها أن القياس على النفل المطلق لا يصح لأنهما أوكد منه ولهذا لو شرع في تطوع مطلق بأربع ثم جلس الإمام على المنبر وهو في أولها تعين عليه أن يقتصر على ركعتين ولو كانت الأربع الراتبة قبل الجمعة فإنه يتمها عند أبي حنيفة لأنها سنة مؤكدة عنده فكذلك هنا ولعل ظاهر هذا موافقة كلام الشيخ وجيه الدين وفيه نظر لأنه تحية من قال بكراهة التحية وغيرها ولم يحل التحريم.
وقال في المستوعب ولا يصلي بعد صعود الإمام المنبر إلا من دخل المسجد يوجز فيهما.
والذي يظهر مما تقدم أن النفل المبتدأ يحرم بعد الشروع في الخطبة وهل يحرم بعد خروج الإمام على وجهين.
حتى سلم أو عن ركوعها وسجودها فإنه يستأنف ظهرا وعنه يتمها ظهرا وعنه يتمها جمعة ومن أدركهم بعد الركوع في الثانية فقد فاتته الجمعة ويصح ظهره.
وقال في المحيط للحنفية ويكره التطوع من حين يخرج الإمام للخطبة إلى أن يفرغ من الصلاة قال وكذلك الكلام عند أبي حنيفة وعندهما لا بأس به قبل الخطبة وبعدها مالم يدخل الإمام في الصلاة واحتج صاحب المحيط بقوله عليه الصلاة والسلام " إذا خرج الإمام فلا صلاة ولا كلام حتى يفرغ " وهذا لا تعرف صحته فيعتمد عليه.
ورواية عدم تحريم الكلام على ظاهرها عند أكثر الأصحاب.
وقال الشيخ وجيه الدين بن المنجا وهذا محمول على الكلمة والكلمتين لأنه لا يخل بسماع الخطبة ولأنه لا يمكنه التحرز من ذلك غالبا لا سيما إذا لم يفته سماع أركانها.
وذكر أيضا ما ذكر غير واحد أنه هل يجب الإنصات لخطبة العيد إذا وجب الإنصات لخطبة الجمعة على روايتين وقال عن رواية عدم الوجوب وهذا محمول على كمال الإنصات وإلا فتركه بالكلية والتشاغل باللغو غير جائز وفاقا.
قوله: "ومن أدركهم بعد الركوع في الثانية فقد فاتته الجمعة".
فقطع به أكثر الأصحاب وهو مذهب مالك والشافعي لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " من أدرك من الجمعة ركعة أضاف إليها أخرى ومن أدركهم جلوسا صلى الظهر أربعا " رواه جماعة منهم ابن ماجه والدارقطني والبيهقي.
قال المصنف في شرح الهداية وقل أن تسلم طريق لهذا الحديث عن القدح إلا أن أحمد قال في رواية حنبل وعبد الله لولا الحديث الذي يروى في الجمعة لكان ينبغي أن يصلي ركعتين إذا أدركهم جلوسا وهذا يدل على
معهم بشرط أن ينويها بإحرامه وقال ابن شاقلا ينوي جمعة ثم يبني ظهرا وقيل: لا يصح ظهره معهم بحال ولا يصح أن يصلى ظهرا قبل تجميع الإمام،
أنه قد صح له طريق عنده وهو كما قال المصنف لأن كلام الإمام يعطى أنه ترك قياسا وأصلا لهذا الحديث فلا بد وأن يكون الناقل له عن الأصل صالحا للحجة وقد روى الحاكم في المستدرك هذا الحديث من طرق ثلاثة وقال أسانيدها صحيحة وروى غير واحد من الأئمة هذا المعنى عن ابن مسعود وابن عمر ورواه بعضهم عن أنس ولم يعرف لهم مخالف وقد ذكر أبو بكر في التنبية أن ذلك إجماع الصحابة وقال مهنى قلت لأحمد إذا أدركت التشهد مع الإمام يوم الجمعة كم أصلي قال أربعا كذلك قال ابن مسعود وكذلك فعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أحمد يصلي جمعة ركعتين وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف وداود لقوله صلى الله عليه وسلم: " ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا أو فاقضوا ".
وأجيب بأن هذا لا يتناول إلا من أدرك شيئا يعتد به بدليل قوله: " فأتموا " ولا يقال أدرك تكبيرة الإحرام وهي معتد بها لأنا نقول لم يدركها معه وإنما يأتي بها ليدخل بها معه على أنه عام فيختص بما تقدم فإن أدرك دون الركعة إدراكا يعتد به كمثل المرجوم ونحوها فقد ذكر المصنف قبل هذه وفيها روايات إحداها يتمها جمعة كقول أبي حنيفة وأبي يوسف والثانية ظهرا كقول الشافعي والثالثة يستأنف ظهرا كقول مالك فأما باقي الصلوات الخمس فمن أدرك الإمام فيها قبل سلامه فقد أدرك الجماعة نص عليه أحمد وقطع به أكثر الأصحاب وهو قول أبي حنيفة ومالك والشافعي.
قال المصنف في شرح الهداية وهذا إجماع من أهل العلم لا نعلم فيه خلافا لعموم الأدلة في دخوله معه على أي حال كان وعن كثير بن شنظير عن عطاء
إلا من لا حضور عليه كالمسافر والمريض والعبد وقال أبو بكر لا تصح منهم أيضا وإذا خرج وقت الجمعة وهم فيها أتموا جمعة وعلى قول الخرقي إن خرج.
ابن أبي رباح عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك فضل الجماعة ومن أدرك الامام قبل أن يسلم فقد أدرك فضل الجماعة " رواه أبو أحمد بن عدي في الكامل قال حدثنا حاجب بن مالك أخبرنا عباد بن الوليد أخبرنا صالح بن رزين المعلم محمد بن جابر عن أبان بن طارق عن كثير فذكره.
وكثير بن شنطير من رجال الصحيحين وتكلم فيه بعضهم واختلف قول ابن معين فيه وقال أحمد صالح الحديث وذكر ابن عدي هذا الخبر في ترجمة كثير وقال ولكثير بن شنطير من الحديث غير ما ذكرت وليس في حديثه شيء منكر وأحاديثه أرجو أن تكون مستقيمة انتهى كلامه.
وهذا يدل على أن الحديث قد صح إلى كثير وأن الحديث حديثه وأنه يعرف به وأنه ليس بمنكر عند ابن عدي مع أن في الاسناد إلى كثير ضعفا ولأنه أدرك جزءا من صلاة الإمام أشبه ما لو أدرك ركعة لأنه أدرك جزءا من الصلاة فأشبه ما لو أدركه في تشهد صلاة العيد وسيأتي الكلام في الأصل.
قال الشيخ تقي الدين في شرح المقنع1 ولأنه إذ أدرك جزءا من صلاة الإمام فأحرم معه لزمه أن ينوي الصفة التي هو عليها وهو كونه مأموما فينبغي أن يدرك فضل الجماعة.
وظاهر كلام ابن أبي موسى أن الجماعة لا تدرك إلا بركعة قاله بعضهم وحكاه في الرعاية قولا وهذا اختيار الشيخ تقي الدين قال وهو مذهب مالك.
_________
1-
بهامش الأصل لعله الشيخ مجد الدين أو لعل الشرح العمدة.
قبل كمال ركعة بطلت الجمعة وهل يتمون ظهرا أو يستأنفون على وجهين.
وأحمد في إحدى الروايتين عنه اختارها جماعة من أصحابه قال وهو وجه في مذهب الشافعي واختاره أبو المحاسن الروياني وغيره.
وجه هذا ما رواه البخاري ومسلم من حديث مالك عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ورواه مسلم من حديث يونس عن الزهري وزاد مع الإمام ورواه أيضا من حديث سفيان بن عيينة ومعمر والأوزاعي ومالك ويونس وعبيد الله عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وليس في حديث أحد منهم مع الإمام وفي حديث عبيد الله قال فقد أدرك الصلاة كلها.
ولمن اختار الأول أن يقول هذا الحديث يدل بالمفهوم وليس بحجة ولو كان فهذا المفهوم ليس بحجة لوجهين.
أحدهما وهو الذي قطع به في مسلم أنه خرج على الغالب فإن غالب ما يمكن معرفة إدراكه ركعة ونحوها وأما التكبيرة فلا يكاد يحس بها.
الثاني أن التقييد بركعة إنما كان لكمال ثواب الصلاة بإدراكها عملا برواية عبيد الله المذكورة إذ هو أولى من إلغائها ولا يمكن حملها على أن من أدرك من الصلاة ما يعتد به لا يجب عليه قضاء شيء.
وما ذكره المصنف في شرح الهداية في بحث مسألة ومن أدرك مع الإمام منها ركعة أتمها جمعة لأنه يفوت الثواب الكامل بفوات الخطبة فلا ينافي ذلك فإنه قد يكون ثوابا كاملا وأكمل منه.
وقد ذكر في المغني في بحث مسألة صحة الصوم بنية من النهار أنه يحكم له بالصوم الشرعي المثاب عليه وقت النية في المنصوص وهو قول بعض الشافعية.
وإذا اجتمع عيد وجمعة سقطت الجمعة عمن حضر العيد إلا الإمام وعنه.
وقال أبو الخطاب يحكم له بذلك من أول النهار وهو قول بعض الشافعية لأنه لو أدرك بعض الركعة أو بعض الجماعة كان مدركا لجميعها.
وقال الشيخ مجيبا عن هذا وأما إدراك الركعة والجماعة فإنما معناه أنه لا يحتاج إلى قضاء ركعة وينوي أنه مأموم وليس هذا مستحيلا أما أن يكون ما صلى الأمام قبله من الركعات محسوبا له بحيث يجزئه عن فعله فكلا ولأن مدرك الركوع مدرك لجميع أركان الركعة لأن القيام وجد حين كبر وفعل سائر الأركان مع الإمام وأما الصوم فلأن النية شرط له أو ركن فيه فلا يتصور وجوده بدون شرطه أو ركنه انتهى كلامه.
ولو سلم أن هذا المفهوم حجة فهل يخص عموم الأمر بالدخول مع الامام على أي حال كان وللعلماء فيه خلاف مشهور.
ومن جملة الأدلة حديث أبي هريرة عنه عليه الصلاة والسلام إذا جئتم ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئا ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة رواه جماعة منهم أبو داود والدارقطني وإسناده حسن وفيه يحيى بن أبي سليمان المدني روى له النسائي ولم يتكلم فيه مع أنه شرطه في الرجال وكذا أبو داود وذكره ابن حبان في الثقات وقال أبو حاتم يكتب حديثه ليس بالقوي وقال البخاري منكر الحديث.
ولو سلم أنه يخص العموم فلا نسلم أن المفهوم عموما وفيه لنا خلاف.
واختار الشيخ موفق الدين في بحث مسألة الماء الجاري هل ينجس بمجرد الملاقاة أنه لا عموم له وأنه تكفي المخالفة في صورة واختاره الشيخ تقي الدين.
ومفهوم قوله: " ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة " أن من لم يدرك الركعة لم يدرك الصلاة ونحن نقول به في بعض الصور.
تسقط عنه أيضا وحضورها أولى وكذلك يسقط العيد بالجمعة إذا قدمت عليه.
قال المصنف في شرح الهداية فإن كبر والإمام في التسليمة الأولى أو لم يفرغ منها حتى أخذ فيها ففيه وجهان.
أحدهما يكون مدركا لأنه كبر والإمام في الصلاة لم يتمها لأن السلام عندنا منها.
والثاني وهو الأصح لا يكون مدركا له وبه قالت الحنفية لأنه لم يدرك معه ما يجوز متابعته فيه بل صادفه في نفس الخروج والتحلل ولأنه أحد طرفي الصلاة فلم ينعقد إحرام المؤتم والإمام فيه كالتحريمة.
وكذا الوجهان عندنا إذا كبر بعد التسليمة الأولى وقبل الثانية وقلنا بوجوبها فأما أن قلنا إنها سنة لم يدرك الجماعة وجها واحدا انتهى كلامه.
وإن أدركه في سجود سهو بعد السلام فهل يدخل معه وتصح صلاته فيه روايتان ولو سلم عموم المفهوم خص بما تقدم من الأثر والقياس والفرق بين الجمعة وغيرها من أوجه.
أحدها ما ذكره المصنف في شرح الهداية وهو أن الجماعة لو زالت في أول ركعة لسبب كان مدركا لفضلها ولو نقص العدد في أول ركعة من الجمعة لم يدرك الجمعة.
الثاني أن الجمعة عند أبي حنيفة وصاحبيه والشافعي ورواية لنا يشترط وقوع جميعها في الوقت فبعضها خارج الوقت لما نقلنا حكمها توقف مدركها على ركعة بخلاف غيرها فإنه يجوز وقوع بعضها في الوقت وبعضها خارجه وفاقا فكان حكمها أخف.
الثالث أن الإدراك نوعان إدراك إلزام يحصل بتكبيرة الاحرام كإحرام المسافر خلف المقيم يلزمه الإتمام وإدراك إسقاط لا يحصل