الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمهيد:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
أمَّا بعد:
فإنَّ علم أصول الفقه: علم مهم ومفيد وسهل، وحاجة المجتهد إليه ماسَّةٌ.
وقبل البدء بالتعليق على هذه الرسالة، أقدِّم بمقدِّمات:
المقدِّمة الأولى:
أهمُّ علوم الآلة على الإطلاق هو علم أصول الفقه، وهو الشَّرط الأساس لكلِّ مجتهد، ولا يُتَصَوَّر مجتهد ليس ذا علم بأصول الفقه، ذكر هذا أبو المظفر السمعاني
(1)
، والرازي
(2)
، والشوكاني
(3)
.
المقدِّمة الثانية:
علم أصول الفقه علمٌ سهل؛ لأنَّه علم عمليٌّ والذي صَعَّبه في الغالب ما يلي:
(1)
قواطع الأدلة (1/ 18).
(2)
المحصول (6/ 25).
(3)
إرشاد الفحول (2/ 209).
الأمر الأول: أنَّه أصبح أرض معركة بين المتكلمين من المعتزلة والأشاعرة.
الأمر الثاني: أنَّه أُدخِل فيه كثير من المسائل النَّظرية التي لا يترتب عليها عمل.
الأمر الثالث: أنَّ بعض مَنْ كتب فيه كتب بأسلوب صَعْب، وكأنَّه كتَبَه مُسْوَدَّة، كابن قدامة في روضة النَّاظر، فإنَّه يكتب بعبارات مغلقة، وأحيانًا يُدخل مسألتين في مسألة.
المقدِّمة الثالثة:
ينبغي لدارس علم أصول الفقه أن يعتمد المسائل الأصولية بدليلها، وألَّا يتبنى المسائل تقليدًا؛ لأنَّ المسألة الأصولية الواحدة ينبني عليها مسائل فقهية كثيرة، ولأنَّ علم أصول الفقه أساسٌ لكلِّ مجتهد، فكيف يكون مجتهدًا وقد بنى اجتهاده على تقليد؟!.
المقدِّمة الرابعة:
أنَّ هناك فرقًا بين علم أصول الفقه، وعلم الفقه، وعلم القواعد الفقهية؛ فأصول الفقه هو الأساس وهو آلةُ معرفةِ الفقه، فمنه ينتج الفقه، فإذا كثرت المسائل الفقهية وأمكن جمعها في قاعدة بحيث ترجع هذه الأجزاء والمسائل الكثيرة إلى قاعدة كلية، فتُسمى هذه القاعدة حينئذٍ بالقواعد الفقهية، فالأصوليُّ يبحث في الأدلة الإجمالية فَيقرِّرُ أنَّ الأمر يقتضي الوجوب، ويذكر الدليل على ذلك، والفقيه يُطبِّق هذه المسائل الأصولية على المسائل الفقهية فردًا فردًا، فهو
محتاجٌ إلى الأدلة الإجمالية، وعلماء القواعد الفقهية يُلَخِّصُون هذه المسائل الكثيرة في قاعدة ترجِعُ إليها مسائل كثيرة، وتُسمَّى بالقاعدة الفقهية.
تنبيهان:
التنبيه الأول:
ينبغي لدارس القواعد الفقهية أن يُفرِّق بين القواعد المذهبية والقواعد التي ذُكرت بالنَّظر للدَّليل؛ فإنَّ كتب القواعد الفقهية المذهبية تَذْكُر القاعدة التي ترجع إليها مسائل المذهب، ولو لم يكن كاتبها مقتنعًا بهذه القاعدة من جهة الدليل.
التنبيه الثاني:
لا يصح أن تُرَدَّ الأدلة الشرعية بكلِّ ما يُدّعى أنَّها قاعدة فقهية، وكم رُدَّتْ الأدلَّة بمثل هذا، ذكر هذا ابن القيم
(1)
، والشوكاني
(2)
.
لذا ينبغي لمن أراد أن يتبنَّى قاعدة؛ أن يتبناها بعد النَّظر في دليلها، وكم رَدَّ أهل البدع من الماضين والمعاصرين، من الحَرَكِيين وغيرهم الأدلة الشرعية؛ بحُجَّةِ أنَّ معهم قاعدة.
(1)
إعلام الموقعين (2/ 252).
(2)
أدب الطلب ومنتهى الأدب (ص 112 - 113).