الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد يقال: إنَّه يصِحُّ الاجتهاد في التَّعاريف في حالة، وهو إذا كان التعريف ضابطًا وقاعدة، فليس الاجتهاد فيه؛ لأنَّه تعريفٌ وحَدٌّ، وإنَّما لأنَّه قاعدة.
قَوْلُهُ: «والأحكام الشرعية خمسة» .
اشتهر تسمية هذه الأحكام الخمسة ب
الأحكام التكليفيَّة
، وهذه التَّسمية فيها نَظَرٌ، وأصلها من المعتزلة، وقد أنكرها شيخ الإسلام ابن تيمية
(1)
، وابن القيم
(2)
، وسيأتي بيان هذا أكثر عند التعليق على رسالة ابن عثيمين رحمه الله في أصول الفقه.
والأصوليُّون يَجعلون الأحكام الشرعية قسْمَين:
الأوَّل: أحكام تكليفيَّة.
الثاني: أحكام وضعيَّة.
والأحكام التكليفية هي الأحكام الخمسة المشهورة.
قَوْلُهُ: «الواجب وهو: ما أُثيبَ فاعله وعوقب تاركه» .
الذي ينبغي معرفته في الواجب: أنَّه ما طلبت الشريعة فعله، بحيث إذا لم يُفعل أثم صاحبه، ولا ينبغي أن يُشتغل ب
تعريف الواجب
، وإنما يُكتفى بفهم معناه.
(1)
مجموع الفتاوى (1/ 25).
(2)
إغاثة اللهفان (1/ 31).
وأيضا - والله أعلم - لا ينبغي أن يُدَقَّق فيُقال في تعريفه: ما أثيب فاعله، أي: امتثالًا، وعوقب تاركه، أي: استحقاقًا؛ لأنَّ هذا تحصيل حاصل.
ثم إنَّ كلَّ ما يدلُّ على الواجب فهو من الدَّلائل الدَّالة على الوجوب، فكلُّ ما دلَّت الأدلة على أنَّ تركه إثم فهو واجب.
وذلك مثل قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} ، فالصلوات الخمس المفروضة واجبة.
قَوْلُهُ: «والحرام يقابِلُه» .
أي: يقابل الواجب، فكلُّ ما دلَّت الشريعة على أنَّ فعلَه إثمٌ فهو مُحرَّم، وكلُّ ما دلَّ على ذلك من الدلائل والصيغ فهو مما يدُلُّ على المُحرَّم، وسيذكر المصنِّفُ شيئًا من ذلك كالنَّهي.
وذلك مثل قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} ، فالزنا مُحرَّم.
قَوْلُهُ: «والمسنون وهو ما أُثِيبَ فاعلُه ولم يُعاقَب تاركُه» .
المسنُونُ: هو كلُّ ما أثابت الشريعة على فعله، ولو تُرِك لم يؤثم تاركه.
ويعرف المسنون: بكلِّ فعلٍ امْتَدَحَتْهُ الشريعة بأيِّ دلالة، ولو تُرِكَ هذا الفعل لم يأثم تاركه، كأن تَذْكُر فضلَ فِعلٍ، أو تَجعلَه مِن شعب الإيمان .. وهكذا.
وذلك مثل: صلاة السنن الرواتب؛ لما أخرج مسلم (728) عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:«مَنْ صلَّى اثنتي عشرة ركعة في يومٍ وليلةٍ، بُني له بِهِنَّ بيتٌ في الجنة» .
قَوْلُهُ: «وضِدُّه المكروه» .
أي: ضِدُّ المسنون المكروه، وهو: كلُّ فعلٍ أَثابت الشريعة على تَرْكِه، ولو فعله المسلم المكلف لم يأثم، وكلُّ ما يدُلُّ على ذلك فهو مكروه.
وذلك مثل: الشرب قائمًا؛ لما أخرج مسلم (2024) عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«أنَّه نَهى أن يشرب الرجل قائمًا» .
قَوْلُهُ: «والمباحُ ما لَا يتعلَّقُ بِهَ مدْحٌ ولا ذمٌّ» .
أي: المباح وسط لم تطلب الشريعة فعله ولا تركه.
وذلك مثل النَّوم فإنَّه مباح.
وينبغي أن يُتنبه فيما يتعلق بالأحكام إلى أمور:
الأمر الأول: أنَّ العبادة هي: فعلُ ما يُحبُّه الله أو تركُ ما يُحبُّ الله تركه، وهذا معنى قول ابن تيمية أنَّها: «اسم جامعٌ لِكلِّ ما يُحبُّه الله ويرضاه من