الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دلَّت هذه الآية بالمنطوق على حرمة أكل أموال اليتامى بغير حقٍّ، ودلَّت بمفهوم الموافقة على حرمة سكنى دارهم بغير حقٍّ.
و
مفهوم الموافقة نوعان:
النوع الأول: مفهوم الموافقة المساوي: والمراد به أن تكون دلالة المفهوم كدلالة المنطوق، فهما متساويان في دلالتهما، وذلك كالمثال السابق، حرَّمت الشريعة بالمنطوق أكل أموال اليتامى، وبمفهوم الموافقة المساوي حرَّمت سكنى دارهم بغير حقٍّ.
النوع الثاني: مفهوم الموافقة الأولوي: وذلك أن يدلَّ المفهوم على حرمة أمرٍ لأنَّه أولى من حرمة المنطوق، قال تعالى:{فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} ] الإسراء: 23 [، فحرمة الضرب لهما من باب أولى، فيقال: إنَّ حرمة الضرب محرَّمٌ بمفهوم الموافقة الأولوي.
القسم الثاني: مفهوم المخالفة: أن يثبت الحكم في المسكوت عنه على خلاف ما ثبت في المنطوق، قال تعالى:{إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} ] الحجرات: 6 [، بدلالة المنطوق يجب التثبت من خبر الفاسق، وبمفهوم المخالفة يجب قبول خبر العدْل غير الفاسق.
إذًا دلالة المفهوم على خلاف دلالة المنطوق.
ومن أمثلته ما أخرج مسلم (510) عن أبي ذر، أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم ذكر ما يقطع الصلاة، ثم قال:«والكلب الأسود» فالمنطوق يدل على أنَّ الكلب الأسود يقطع الصلاة، وبمفهوم المخالفة فإنَّ الكلب الأصفر لا يقطع الصلاة.
ومفهوم المخالفة أنواعٌ سبعةٌ، وكلُّها حجةٌ إلا النَّوع الأخير، وهو مفهوم اللقب، إلَّا إذا دلت القرينة على أنَّه حجةٌ.
النوع الأول: مفهوم الصفة: ومثاله: عدم قطْع الكلب الأصفر للصلاة، وتقدَّم ذكره.
النوع الثاني: مفهوم الشرط: ومثاله: قبول خبر العدْل غير الفاسق، وقد تقدَّم.
النوع الثالث: مفهوم العدد: ومثاله: جلد الزاني مائة جلدة؛ لقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} ] النور: 2 [، ومفهوم المخالفة: ألا يجلَد أكثر من ذلك.
النوع الرابع: مفهوم الحصر: ومثاله: ما أخرج مسلم (55) عن تميم الداري، أنّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال:«الدين النَّصيحة» . وهذا حصرٌ للدين في النَّصيحة، ومعنى النصيحة: الإخلاص، مفهوم المخالفة: ما ليس فيه إخلاص فليس دينًا مقبولًا، وقد بيَّن الحصر بهذا المعنى ابن حجر
(1)
.
(1)
فتح الباري (1/ 138).
النوع الخامس: مفهوم التقسيم: ومعنى مفهوم التقسيم أنَّ الدَّليل إذا قسَّم أمرًا إلى قسمين، فجعل لأحد الأقسام حكمًا، فبمقتضى مفهوم التقسيم ألَّا يكون للثاني الحكمُ نفسه، بل يكون له حكمٌ مخالفٌ.
أخرج مسلم (1421) عن ابن عباس، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الأيم أحق بنفسها، والبكر تستأذَن» ، دلَّ هذا بمفهوم التقسيم أنَّ البكر ليست أحق بنفسها، فإذنها ليس واجبًا بخلاف الثيِّب.
النَّوع السادس: مفهوم الغاية: قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} ] البقرة: 187 [. مفهوم المخالفة: إذا تبيَّن فلا تأكلْ.
وهذه الأنواع الستة كلُها حجَّةٌ على الصحيح، منها ما هو مجمعٌ عليه، ومنها ما اختلف فيه.
النوع السابع: مفهوم اللَّقَب: وهو أن يعلَّق حكمٌ على اسم شخصٍ، أو جنسٍ، ونحو ذلك، كما أخرج مسلم (522) من حديث حذيفة:«وجعلت تربتها لنا طهورا، إذا لم نجد الماء» .
الأصل أنَّ التُّراب ليس شرطًا للتيمم؛ لأنَّه مفهوم اللقب، لكن على الصحيح في هذا المثال حجةٌ؛ لأنَّ هناك قرينة دلت على أنَّه حجَّة.
تنبيهان:
التنبيه الأول:
يسمي العلماء مفهوم الموافقة بـ «لحن الخطاب» ، و «تنبيه الخطاب» ، و
«فحوى الخطاب» ، لكن على الصحيح يختص مفهوم الموافقة الأولوي بـ
«فحوى الخطاب» ، ذكر هذا بعض أهل العلم، كابن السُّبْكِي
(1)
، فعلى هذا تقول: إنَّ دلالة قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} على حرمة الضرْب بدلالة فحوى الخطاب.
التنبيه الثاني:
يختصر العلماء في كتب الفقه وأصول الفقه بقولهم: «مفهوم الدليل كذا» ، فقد يريدون به مفهوم الموافقة المساوي، أو الأولوي (فَحْوَى الخطاب)، أو المخالف، فيُعرَف هذا بسياق كلامهم.
قَوْلُهُ: «والكلام له منطوق يوافق لفظه» .
يريد بهذا دلالة المطابقة.
قَوْلُهُ: «أو يدخل المعنى في ضمن اللفظ فيدخل في منطوقه» .
يريد بهذا دلالة التَّضمُّن، وهما من دلالة المنطوق، كما تقدم بيان ذلك.
(1)
جمع الجوامع (ص 120).
قَوْلُهُ: «وله مفهوم» .
بدأ الآن بالكلام على المفهوم بعد أن انتهى الكلام عن المنطوق.
قَوْلُهُ: «وهو المعنى الذي سكت عنه» .
أي سكت عن التلفظ به، فاستنبِط بالمفهوم.
ثم بدأ الآن بذكر مفهوم الموافقة ونوعيه.
قَوْلُهُ: «إن كان أولى» .
وهذا مفهوم الموافقة الأولى، فهو فحوى الخطاب.
قَوْلُهُ: «أو مساويا لحكم المنطوق به» .
وهذا القسم الثاني من مفهوم الموافقة، وهو المساوي، وهو لحن الخطاب، وتنبيه الخطاب.
قَوْلُهُ: «كان مفهوم موافقة» .
أي ما تقدم ذكره من أقسام مفهوم الموافقة.
ثمَّ عرَّفه بقوله: «يكون الحكم عليه كالحكم على المنطوق به» .
وبعد أن عرَّفه، بدأ بمفهوم المخالفة.
قَوْلُهُ: «وإن كان خلافه قيل له: مفهوم المخالفة» . ثمَّ عرَّفه بقوله: «فيكون الحكم فيه مخالفًا للحكم في المنطوق به» .
ولأنَّ المتن مختصر لم يذكر أنواع مفهوم المخالفة، وقد تقدَّم ذكره.
ثم بيَّن أمرًا مُهمًّا، وهي الأحوال التي لا يكون فيها المفهوم حُجَّةً: أي لا مفهوم للدليل، وجامعه: كلُّ لفظٍ لم يذكَر مقصودًا، وإنَّما ذُكِر لأمرٍ آخر.
قَوْلُهُ: «بشرط ألا يخرج مخرج الغالب» .
وذلك أنَّ ما خرج مخرج الغالب فليس مقصودًا؛ وإنَّما ذُكِر لأنَّه الغالب.
وما كان كذلك فليس له مفهوم بإجماع أهل العلم، قاله الآمدي
(1)
، والمرداوي
(2)
، وذلك كقوله تعالى:{وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} ] النساء: 23 [، فليس لذكر «الحجور» مفهوم المخالفة، بأن يقال: إنَّه يجوز لزوج الأمِّ أن يتزوج الربيبة التي ليست في حجره، أي لم يربها؛ وذلك أنَّ ذكر الحجر خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له.
(1)
الإحكام في أصول الأحكام (3/ 100).
(2)
التحبير شرح التحرير (6/ 2894 - 2895).
قَوْلُهُ: «ولا يكون جوابا لسؤال سائل» .
أي ما كان كذلك فليس له مفهوم المخالفة، وهذا بالإجماع، حكاه شيخ الإسلام في (الفتاوى الكبرى) عند الكلام على حديث القلتين
(1)
.
فقد أخرج الأربعة عن عمر، أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا كان الماء قلتين لم ينجُس» ، وفي لفظ:«لم يحمل الخبث»
(2)
. مفهوم المخالفة: إذا كان الماء أقلَّ من قلتين، ولاقى نجاسةً، فإنَّه ينجس مباشرةً، لكن لا مفهوم لهذا الحديث؛ لأنَّه خرج مخرج جواب على سؤال، كما أفاده شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى.
قَوْلُهُ: «ولا سيق للتفخيم» .
أي أنَّ ما سيق للتفخيم فلا مفهوم له، كقوله تعالى:{إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} ] التوبة: 80 [، ذكْر هذا العدد للتفخيم، فمعناه أنَّه لو استغفر أكثر من سبعين أيضا لا يغفر؛ لأنَّه لا مفهوم له.
قَوْلُهُ: «أو الامتنان» .
أي أنَّ ما ذُكِر على وجه الامتنان لا مفهوم له، كقوله تعالى:{لَحْمًا طَرِيًّا} ] النحل: 14 [.
(1)
(1/ 424).
(2)
أخرجه الترمذي (67) ، وأبو داود (63 - 65) ، والنسائي (52) ، وابن ماجه (517).
وجه الدَّلالة: أن الله امتن علينا باللحم الطَّري الذي يُستخرج من البحر، فلمَّا كان على وجه الامتنان فلا مفهوم له بأن يقال: إنَّ القديد من لحم البحر فلا يجوز أكله.
قَوْلُهُ: «ولا لبيان حادثة اقتضت بيان الحكم في المذكور» .
أي أنَّ ما ذُكِر من الأحكام لسببٍ فلا مفهوم له؛ لأنَّه ورد على سببٍ.
قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} ] البقرة: 196 [، ليس لهذا مفهوم بحيث أن يقال: إنَّ بقية المحظورات لا كفَّارة فيها؛ وذلك أنَّ ذِكر هذا المحظور، وهو ما يتعلق بحلْق الرأس كان لسببٍ، وهي قصة كعب بن عجرة لما تأَذَّى بالقمل، وكان يتناثَر على وجهه، فأذِن له النَّبي صلى الله عليه وسلم أن يحلق رأسه، وذكر له كفَّارة فِعل محظورات الحج، أخرجه الشيخان
(1)
.
(1)
أخرجه البخاري (1816) ، ومسلم (1201).
فصل
قَوْلُهُ: «النَّسخ» .
ذكر المصنِّف النَّسخ واقتصر فيه على الأمر العملي الَّذي يحتاجُ إليه الأصولي، ولم يذكر الأمور الأخرى التي لا يحتاج إليها الأصولي، كبحث نسْخ التِّلاوة دون الحكم، أو نسْخ الحكم دون التلاوة، أو هل يكون النَّسْخ إلى ما هو أشدّ، أو إلى ما هو أخفّ، أو إلى مساوٍ
…
وهكذا، بل اقتصر على الأمر الأهم، وهو المهمّ للأصولي.
قَوْلُهُ: «هو رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر عنه» .
أي عندنا دليلان، أحدهما متقدِّمٌ، والآخر متأخِّرٌ.
قَوْلُهُ: «ولا يصار إليه إلا بعد تعذر الجمع بين النصين» .
إذًا هذان الدليلان الذي أحدها متقدمٌ، والآخر متأخرٌ، إذا لم يمكن الجمع بينهما، فإنَّه ينتقل إلى النَّسخ، فعلى هذا لا يقال بالنسخ إلا بشرطين:
الشرط الأول: عدم إمكان الجمع بين النَّصين المتعارضين.
الشرط الثاني: أن يعلَم المتقدِّم من المتأخر.
إذا توَفَّر هذان الشرطان يقال بالنَّسخ، وقد ذكر هذين الشرطين الأصوليون كثيرًا، كما في المسودة
(1)
، وكابن السبكي في جمع الجوامع
(2)
وغيرهم.
قَوْلُهُ: «من كل وجه» .
يريد بهذا أنَّه ليس أيُّ تعارض يبيح القول بالنسخ، وإنَّما التعارض من كل وجه الذي لا يمكن معه الجمع، فعلى هذا التعارض بين العام والخاص لا يقال فيه بالنَّسخ؛ لأنَّه يمكن الجمع، وهو تعارضٌ من وجهٍ دون وجهٍ.
ويكثر عند بعض الفقهاء ذكر النَّسْخ، وإذا أمعِن النظر فيما يدَّعى أنَّ فيه نسخًا، تبيَّن خلاف ذلك، إمَّا لضعف أحد الدليلين روايةً، أو لإمكان الجمع، أو لِعدم معرفة المتقدِّم من المتأخر، لذا ينبغي أن يُدقَّق فيما يقال: إنَّه منسوخٌ، فأكثره ليس كذلك.
وكثيرٌ من متعصبة المذاهب يفزعون إلى ادِّعاء النَّسخ في الدليل الذي يخالف مذهبهم، وليس عندهم جواب على هذا الدليل.
(1)
المسودة (ص 229 - 230).
(2)
(ص 668).
تنبيهان:
التنبيه الأول:
إنَّ للنَّسخ معنى عند المتقدمين مغايرًا لمعناه عند المتأخرين، وما استقر عليه الأصوليون والفقهاء، فكل بيانٍ يسمى نَسخًا عند الأولين، فعلى هذا تخصيص العام، وتقييد المطلق، وتبيين المجمل يسمى نسْخًا عندهم، وكذلك النَّسخ بمعناه عند المتأخرين - أيْضًا - يسمى نسخا بمعناه عند الأولين، فهو داخلٌ في معنى النسخ عند الأولين، ذكر هذا ابن تيمية
(1)
، وابن القيم
(2)
، وابن رجب
(3)
.
التنبيه الثاني:
النَّسخ لا يدخل في الأخبار؛ لأنَّ معنى دخوله في الأخبار الكذب، فإذا ذُكِر خبرٌ، وقيل: قدْ وقع كذا وكذا، ثُمَّ بعد ذلك قيل: إنَّه لم يقعْ، فإنَّ هذا كَذِبٌ؛ لذا لا يدخل النَّسخ في الأخبار، إلَّا إذا استعمل النسخ بمعناه عند الأولين الذي هو مطلق البيان، فقد يُحكى خبرٌ ولا يُسمى صاحبه، ثُمَّ بعد ذلك يسمى صاحبه، فهذا يسمى نسخا عند الأولين، أفاد هذا شيخ الإسلام ابن تيمية
(4)
.
(1)
الاستقامة (1/ 23).
(2)
إعلام الموقعين عن رب العالمين (1/ 29).
(3)
جامع العلوم والحكم (1/ 523).
(4)
الاستقامة (1/ 23).
قَوْلُهُ: «وأمَّا القياس» .
بدأ المصنف بذكر دليلٍ مهمٍّ، وهو دليل القياس، وقبل توضيح معنى القياس ينبغي أن يعلَم أنَّ القياس نوعان:
النَّوع الأول: القياس الصحيح: وقد سمَّاه الله في كتابه بـ «الميزان» ، قال تعالى:{وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ} ] الحديد: 25 [، قاله ابن تيمية
(1)
، وابن القيم
(2)
.
النوع الثاني: القياس الفاسد: وهو الذي لم تتوافر فيه أركان القياس، فإذًا ما جاء عن السلف من ذمِّ القياس، فيرادُ به القياس الفاسد، وما جاء عنهم من اعتبار القياس، فيرادُ به القياس الصحيح، فبهذا يجمَع بين أقوال السلف في القياس.
وقد دلَّ على القياس الصحيح أدلةٌ كثيرةٌ، منها: قوله تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} ] الأنعام: 11 [.
(1)
مجموع الفتاوى (19/ 176).
(2)
إعلام الموقعين (1/ 103).
وجه الدَّلالة: أنَّ المكذبين السابقين عصوا الله فعذَّبهم، وكذلك إذا عصينا الله عذَّبنا.
وللقياس أركان أربعة:
الركن الأول: الأصل.
الركن الثاني: الفرع.
الركن الثالث: العلَّة.
الركن الرابع: الحكم، ويراد به حكم الأصل.
فتعرَف هذه الأركان الأربعة بالمثال: ثبت عند الأربعة من حديث أبي قتادة، أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال في الهرة:«إنَّها ليست بنجسٍ، إنَّها من الطَّوافين عليكم والطَّوافات»
(1)
، تنازع العلماء في قياس الفأرة على الهِرَّة، ويتَّضِح صحة القياس بتطبيق أركان القياس:
الأصل: الهرة.
والفرع: الفأرة.
والعلَّة: الطَّواف.
وحكم الأصل: الطهارة، هذه العلة يمكن تنزيلها على الفرع، وهو الفأرة، فإذًا تكون الفأرة طاهرةً كالهرة.
قَوْلُهُ: «فهو تسوية فرع غير منصوص عليه» .
وفي المثال السابق: يراد به الفأرة.
قَوْلُهُ: «بأصل منصوص عليه» .
وفي المثال السابق: يراد به الهرة.
(1)
سنن أبي داود (75) والترمذي (92) والنسائي (68) وابن ماجه (367).
قَوْلُهُ: «إذا كانت العلة واحدةً» .
وهي في المثال السابق: الطواف علينا.
قَوْلُهُ: «بحيث لا يكون بينهما فرق» .
أي بين وجود العلة في الأصل والفرع.
وينبغي أن يعلم أنَّ العِلَّة من حيث المعنى: هي المؤثِّر في حكم الأصل: أي هي سبب حكم الأصل، فإذا أمكن وجودها في الفرع، فإنَّ حكم الفرع كحكم الأصل؛ لأنَّ الشريعة لا تُفرِّق بين المتماثلات، فهي من حكيم عليم، وشريعةٌ محكمةٌ.
قَوْلُهُ: «وهذا مبني على الجمع بين المتماثلين في الحكم، والتفريق بين المتخالفين» .
هذا أمرٌ مهمٌّ، وهو أنَّ مرجع القياس إلى أنَّ الشريعة محكمةٌ، فهي لا تجمع بين المختلفات، ولا تُفرِّق بين المتماثلات، وإلى هذا كلِّه يرجع القياس، ذكر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية
(1)
، وابن القيم
(2)
.
(1)
مجموع الفتاوى (3/ 9).
(2)
إعلام الموقعين (2/ 42).