المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ابن زرقون: فالحاصل أربعة أقول: المازري: لو كانت التصرية في غير - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٥

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب النفقة]

- ‌[باب فيما تجب فيه النفقة على الزوج]

- ‌[باب في اعتبار حال النفقة]

- ‌[باب فيما تكون منه النفقة]

- ‌[باب في اللباس]

- ‌[باب في الإسكان]

- ‌[كتاب الحضانة]

- ‌[باب في مستحق الحضانة]

- ‌[كتاب البيوع]

- ‌[باب الصيغة في البيع]

- ‌[باب العاقد الذي يلزم عقده]

- ‌[باب في شرط المبيع]

- ‌[باب في المعقود عليه]

- ‌[باب في بيع العذرة والزبل]

- ‌[باب في بيع الزيت النجس، وعظم الميتة

- ‌[حكم بيع جلد السبع]

- ‌[باب في بيع الخصي]

- ‌[باب في بيع الكلب]

- ‌[باب في بيع الصور]

- ‌[باب في بيع آلات اللهو]

- ‌[باب في بيع الهر ونحوه]

- ‌[باب في جبر بائع جلد الشاة على ذبحها]

- ‌[باب في بيع المريض وذي مرض السياق]

- ‌[باب في بيع الآبق والشارد]

- ‌[باب في بيع المغصوب]

- ‌[باب في بيع الرَّهن وملك الغير بدون إذنه]

- ‌[باب في من باع جارية حلف بعتقها]

- ‌[باب في بيع عمود عليه بناء، وعلى من يجب قلعه]

- ‌[باب في بيع نصل سيف دون حليته]

- ‌[باب في بيع الهواء]

- ‌[باب في بيع طريق في دار رجل]

- ‌[باب في جهل أحد العوضين في البيع]

- ‌[باب في بيع لحم الشاة الحية]

- ‌[باب في بيع الحب المختلط في أندره]

- ‌[باب في بيع دقيق بحنطة]

- ‌[باب في بيع الحيتان في البرك]

- ‌[باب في الجهل بالثمن]

- ‌[باب في جمع الرجلين سلعتيهما في البيع]

- ‌[باب في عقد البيع على حرام وحلال]

- ‌[باب في الاستثناء من المبيع]

- ‌[باب في جبر مشتري الشاة المستثنى منها على ذبحها]

- ‌[باب في أجرة الذبح]

- ‌[باب في بيع حائط من عنب واستثناء سلل منه]

- ‌[باب في بيع العبد وله مال]

- ‌[باب في شراء مال العبد بعد شرائه]

- ‌[باب في بيع العبد وثمر الحائط

- ‌[باب في بيع أحد الشريكين حظه في عبد]

- ‌[باب في بيع الجزاف]

- ‌[باب في الشراء بمكيال مجهول]

- ‌[باب في الصفة تقوم مقام العيان في الحزر]

- ‌[باب في شرط الجزاف]

- ‌[باب في بيع ما تقدمت رؤيته]

- ‌[باب في بيع ذي ورم تقدمت رؤيته]

- ‌[باب في شرط لزوم بيع الغائب]

- ‌[باب في بيع البرنامج]

- ‌[باب في بيع الأعمى]

- ‌[باب في نقد ثمن الغائب]

- ‌[باب في شرط النقد في بيع الغائب]

- ‌[باب في بيع دار على الصفة من غير البائع]

- ‌[باب في من اشترى غائبًا هل يوقف ثمنه

- ‌[باب في ضمان بيع الغائب غير ذي توفيةٍ]

- ‌[باب في صحة اشتراط الضمان عقب العقد]

- ‌[باب ما يحرم به فضل القدر والنساء]

- ‌[باب ما يحرم فيه النساء]

- ‌[كتاب الصرف]

- ‌[باب في شرط الرد في الدرهم]

- ‌[باب المراطلة]

- ‌[باب المبادلة]

- ‌[باب في الاقتضاء]

- ‌[باب الطعام]

- ‌[باب في شرط المماثلة]

- ‌[باب الاقتناء في الحيوان]

- ‌[باب المزابنة]

- ‌[باب الكالئ بالكالئ]

- ‌[باب في الغرر]

- ‌[باب في بيع الحامل بشرط الحمل]

- ‌[باب في بيع المضامن والملاقيح]

- ‌[باب في بيع الملامسة والمنابذة]

- ‌[باب في بيع الحصاة]

- ‌[باب في النهي عن بيعتين في بيعة]

- ‌[باب بيعتين في بيعة]

- ‌[باب في بيع عسيب الفحل]

- ‌[باب في النهي عن بيع وشرط]

- ‌[باب في البيع بشرط السلف]

- ‌[باب في البيع بشرط أن لا يبيع]

- ‌[باب في بيع الثنيا]

- ‌[باب في هلاك الرَّهن بعد قبضه]

- ‌[باب في استحقاق الرَّهن قبل قبضه]

- ‌[باب في بيع الأمة بشرط رضاع ولدها ونفقته]

- ‌[باب في أرض الجزاء]

- ‌[باب في الأرض المطبلة]

- ‌[باب في بيع العربان]

- ‌[باب في بيع الولد دون أمه أو العكس]

- ‌[باب في التفرقة بين الأم وولدها في البيع]

- ‌[باب في الإيصاء بالولد دون أمه أو العكس]

- ‌[باب في من وهب الولد دون أمه]

- ‌[باب في وسائل إثبات النبوة المانعة من التفرقة]

- ‌[باب في بيع المزايدة]

- ‌[باب في بيع الحلي مزايدة بعين أو أصلها]

- ‌[باب بيع النجش]

- ‌[باب في بيع المقاومة]

- ‌[باب في بيع المقاومة بالحصاة]

- ‌[باب في بيع الحاضر للبادي]

- ‌[باب في البيع زمن نداء سعي صلاة الجمعة]

- ‌[باب في شراء تلقي السلع]

- ‌[باب في الخروج شراء الغلل من الحوائط]

- ‌[باب في التسعير]

- ‌[كتاب بيوع الآجال]

- ‌[باب في شرط بيع الأجل]

- ‌[باب ما يمنع فيه اقتضاء الطعام من ثمن المبيع وما يجوز]

- ‌[باب العينة]

- ‌[كتاب بيع الخيار]

- ‌[باب دليل رفع الخيار]

- ‌[باب في الفعل الدال على إسقاط الخيار]

- ‌[كتاب الرد بالعيب]

- ‌[باب الغش والتدليس]

- ‌[باب البراءة]

- ‌[باب فيما يهده في حق المدلس بسبب تدليسه]

- ‌[باب في قدر مناب العيب القديم من ثمن المعيب]

- ‌[باب في قدر الحادث من العيب في المبيع]

- ‌[باب معرفة قدر زيادة زادها المشتري في المبيع]

- ‌[باب ما يكون فيه المبيع المتعدد كالمتحد في العيب]

- ‌[باب صفة يمين البائع في العيب]

الفصل: ابن زرقون: فالحاصل أربعة أقول: المازري: لو كانت التصرية في غير

ابن زرقون: فالحاصل أربعة أقول:

المازري: لو كانت التصرية في غير الأنعام كالحمر والآدميات فللمبتاع مقال بأن زيادة لبنها يزيد في ثمنها لتغذية ولدها قاله الشافعيَّة ويجب تسليمه.

ابن زرقون عن الخطابي: التصرية في الآدميات كالأنعام، وقال بعض القرويين من أصحابنا لا ترد الأمة لذلك.

ابن محرز قال: لو اشترى شاة مصراة وسافر قبل حلابها فحلبها أهله زمانًا فقدم فعلم تصريتها فله ردها، ويرد الصاع فقط وغيره خراج بالضمان.

[باب البراءة]

البراءة: ترك القيام بعيب قديم.

ص: 431

فيها: وفي عدد أقوالها اضطراب.

ابن زرقون: في اعتبارها في كل شيء، ثالثها: في الرقيق، ورابعها: وفي الحيوان لراية الأخوين والقاضي، والمشهور والموطأ، وعزا المتيطي الأول لأشهب وابن كنانة وابن حبيب وابن وَهْب مع الرواية المذكورة.

وقال ابن رُشْد: في رسم مساجد القبائل من سماع ابن القاسم من جامع البيوع: لم يختلف قول مالك: أنها لغو في العروض، وقال المتيطي عن الباجي: أن الثاني غير معروف في المذهب.

قال المتيطي: وبالثالث العمل والفتيا وعليه جمهور أصحاب مالك.

الباجي والصقلي: لمحمد عن أشهب بيع البراءة في الحيوان غير الرقيق لا أفسخه وأفسخه في العروض إلا أن يطول.

عياض: له ولأصحابه فيها عشرة أقوال له منها تسعة منها في الكتاب ست.

الأول: القديم ورواية ابن القاسم وأشهب أنها جائزة في الرقيق بالشرط في كل عيب لم يعلمه البائع ولو كثر، وفي بيع السلطان في كل شيء، وإن لم يشترط، وبيع الميراث إن علم المبتاع أنه بيع ميراث وهو بين في الكتاب.

الثاني: في الرقيق فقط في بيع التفليس فقط لنص الموَّازيَّة معها.

الثالث: في الحيوان والرقيق، للموطأ الواضحة، وأحد قولي الموَّازية.

الرابع: لا تنفع البراءة في الحيوان والثياب إلا في التافه غير المضر، ونحوه في العتبية، وحمل عليه قول المغيرة لا تنفع البراءة من عيب جاوز الثلث ونحوه قولها: لا تنفع إلا في عيب خفيف.

الخامس: في الحيوان العروض وكل شيء.

ص: 432

السادس: فيما طالت إقامته عند بائعه، واختبره لا في غيره، للواضحة والموَّازيَّة مثل قولها: لا تنفع الجالب الذي يأتيه الرقيق، وظاهر الروايات إلغاء الطول.

زاد عبد الملك في ذلك بيع العبد الغائب على الصفة وما وهب للثوب.

السابع: قولها: رجع مالك أنها لا تنفع في الرقيق يريد ولا في غيره، ولو في بيع السلطان عليه تأوله اللخمي ويدل عليه قولها: من اشترى عبدًا من مال مفلس فأصاب به عيبًا رده على الغرماء، وأول جماعة مسألة المفلس أنه كان علم بالعيب، وقال الشًّيخ وابن الكاتب لم يختلف قوله: أن بيع السلطان بيع براءة.

الثامن: إنما تنفع في بيع السلطان والميراث لا فيما يشترط فيه وهو قولها عند مالك إلا في الرقيق من الميراث، وبيع السلطان.

التاسع: قولها: لا تنفع إلا في الرقيق، كانوا أهل ميراث أو غيرهم، فظاهره لا يكون إلا بشرط؛ لأن لا تنفع إنما يستعمل فيما قصد وما يوجبه الحكم إنما يقال فيه يكون أو يصح.

العاشر: قول ابن حبيب لا تنفع فيما بيع طوعًا إلا في الرقيق، وفيما باعه السلطان مطلقًا في كل شيء من حيوان وعروض وقاله الأخوان وأصبغ، وعلى اعتبار بيع الميراث، ففي كونه ما بيع منه لقضاء دين فقط أو ولما بيع لقسم الورثة قولان: للباجي وعياض عن غيره.

والبراءة في ذكور الرقيق لا يفتقر لقيد، وفي إناثه.

قال المتيطي: الصواب بيان كون الأمة من الوخش إن كانت منه والعلية إن كانت مستبرأة جاز بيعها على البراءة، يقول في كتب بيعها مستبرأة في عظم دمها، وإن لم تكن مستبرأة فلا بد من مواضعتها ولا تجوز فيها البراءة من الحمل، وفي جواز بيعها بالبراءة من سائر العيوب غيره قولا مالك وابن القاسم ووجهه ابن أبي زَمَنَيْن بأن السنة في بيع البراءة عمومها في كل عيب فتخصيصها بغير الحمل يخرجها عن وجه الرخصة فيها، وقواه بعض الموثقين برواية ابن نافع بيع عبد بالبراءة من عهدة السنة دون عهدة الثلاث غير حسن؛ لأنه بيع غير براءة، ولا تمسك بعهدة تامة.

ابن أبي زمنين: بالأول عمل كثير من الفقهاء ورأى أن يستأنى إلى خروجها من

ص: 433

العهدة ثم ينفذ فيها بيع البراءة ولا يرد في بيع البراءة بما ظهر من عيب قديم إلا ببينة أن البائع كان عالمًا به فإن لم تكن ففي وجوب حلفه ما كان عالمًا به، وإن لم يدع المبتاع علمه، أو إن ادعاه رواية ابن حبيب مع نقله عن أصحاب مالك ورواية محمد ويحيي عن ابن القاسم.

المتيطي: الأول المشهور وحيث تجب في كونه على البت في الظاهر والعلم في الخفي أو على العلم مطلقًا، قولا ابن العطار وابن الفخار متعقبًا قوله بأنه إنما يرد في البراءة بما علم ولو نكل البائع ففي وجوب الرد عليه دون حلف المبتاع أو بعد حلفه على العلم، رواية أشهب مع رواية محمد وسماع يحيي ابن القاسم.

قُلتُ: ما ذكره عن ابن الفخار هو نص سماع يحيي بن القاسم.

ابن رُشْد: اتفاقًا، ولو كان العيب ظاهرًا لا يشك أن البائع يعلمه لم تنفع فيه براءة روى زياد من باع عبدًا بالبراءة فوجد مقعدًا أو أعور أو مقطوع اليد ونحوه لم تنفعه براءة، وسمعه أصْبَغ من ابن القاسم، ومعناه: فيما بيع على صفة وهو في الحاضر عيب ظاهر لا يرد به.

الباجي: ويحلف على ذلك من ورثته من يظن به به علم ذلك من صغار الورثة ثم يكبر في الظاهر والخفي رواه ابن حبيب عن الأخوين وأَصْبَغ قائلًا: هو قول مالك، وهذا إن كان صغيرًا يعلم ذلك عند التبايع، ومقتضى رواية ابن القاسم في اليمن على العلم سقوطها عن الصغير والغائب ولعله فيمن لا يفهم الأمر عند وقوعه لصغيره وأوجب عبد الله بن عوف اليمين عليهما ويقول لعلهما تيقنا ذلك كحلفهما مع شاهد لهما.

قُلتُ: تيقنهما فيما لهما أقرب لبحثهما عنه، بخلاف ما لا نفع لهما فيه.

المتيطي: ولو ظهر عيب يمكن قدمه وحدوثه ففي حلف البائع ما علمه سماع يحيي ابن القاسم وقول ابن حبيب مع رواية عن مالك وأصحابه، وعلى حلفه إن نكل ففي رده عليه بنكوله أو حتى يحلف المبتاع سماع يحيي، وقول اللخمي، وعزا ابن رُشْد الأول لرواية محمد وابن حبيب ولم يعز الثاني لأحد، ولو شرط للبائع بالبراءة سقوط اليمين عنه، ثم ظهر عيب قديم ففي الوفاء بشرطه مطلقًا أو إن كان غير متهم قولان

ص: 434

للمتيطي عن ابن الهندي مع ابن لبابة وابن زَرْب وسماع القرينين وبعض الموثقين وخرجها ابن زَرْب على من باع بثمن إلى أجل وشرط سقوط اليمين في دعوى القضاء.

قُلتُ: لابن رُشْد في سماع القرينين في الوفاء بشرطه مطلقًا أو في المأمون والوصي والوكيل سماع القرينين وسماع ابن القاسم وخرجهما شُيُوخنا على شرط التصديق في الاقتضاء فيأتي في أعماله.

ثالثها الثاني والصواب عدم التخريج؛ لأن مسألة البراءة كمن أسقط حقًا بعد وجوبه، وقبل العلم به، وشرط التصديق في الاقتضاء، كمن أسقط شيئًا قبل وجوبه وقبل العلم به وشرط التصديق في الاقتضاء كمن أسقط شيئًا قبل وجوبه في أعماله اختلاف.

المتيطي: ومنع بعضهم اشتراطه؛ لأنه داعية إلى التدليس.

ابن شاس: لو ظن المبتاع في بيع السلطان أنه بيع غيره ففي خياره في رده خوف البراءة ولزومهما قولان.

قُلتُ: روى اللخمي: إن جهل المشتري أنه بيع ميراث أو سلطان فله العهدة إلا أن يشعل لذلك فيخير المشتري إن شاء أخذ بالبراءة أورد، وأرى له العهدة.

الباجي: على قصر البراءة على بيع السلطان والميراث إن باع أحد بأمره ولم يذكر أنه بيع مغنم ولا مفلس ولا ميراث، فلابن حبيب عن أصبغ: هو على البراءة، وروى محمد: هو على البراءة إلا أن لا يعلم المشتري ذلك، وأما بيع الوصي أو الورثة فلا يحمل على البراءة إلا بعلم المبتاع أنه بيع براءة؛ لأن بيع السلطان لا يكاد يخفى بخلاف بيع الوصي.

الباجي: من باع على البراءة ولم يذكر الميراث ثم علم أنه بيع ميراث فروى ابن القاسم في المدَزَّنة أنه لازم؛ لأنها صادفت محلها مع قوله لا تكون البراءة في بيع الرجل في خاصة نفسه، وفي التهذيب إن باع السلطان عبد مفلس كان أعتقه فوجد مبتاعه به عيبًا قديمًا بعد قسم ثمنه بين غرمائه لم يرد؛ لأنه بيع براءة إلا أن يعلم أن المفلس كتمه فيرد ويؤخذ ثمنه من الغرماء فيباع بالبراءة من العيب إن نقص ثمنهم عن حقهم اتبعوه، ولو كان الآن مليًا غرم ثمنه من ماله، ولم يتبع الغرماء بشيء وكان العبد حرًا؛

ص: 435

لأن البيع الأول لم يتم حين رده بالعيب.

الصقلي عن محمد عن أشهب: إنما يرد ببينته على علم المفلس به وإن لم يعلم إلا بقوله لم يرد فإن رده مبتاعه فلا شيء له على الغرماء.

وقال ابن زَمَنَيْن عن أشهب: لا عتق للعبد. قال فناقضا أصلى الله عليه وسلمهما في قوليهما بالمواضعة ونفيها في قول استبرائها من رد أمة رائعة بعيب.

قُلتُ: يفرق لابن القاسم بالاحتياط ولأشهب بأن ذلك فيما باعه لنفسه، بخلاف بيع السلطان؛ لأنه كحكم لا ينقض، ولفظها فيها: من اشترى عبدًا من مال مفلس فأصاب به عيبًا، فله رده على الغرماء الذين بيع لهم وأخذوا ثمنه فأخذ منه اللخمي أن بيع السلطان غير بيع براءة، وقال غيره معناه: إن المفلس علم العيب.

وفيها: لو حدث به عيب عند مبتاعه فله رده، والتماسك به ويرجع بقيمة العيب.

الصقلي: قال جماعة من أصحابنا: إن رده وما نقصه فما نقصه لسيده؛ لأنه اليوم تم عتقه وظهر لي لو كان بيعه بعرض ولم يفت حتى رده بالعيب وما نقصه كان ما نقصه للعبد؛ لأنه ثمن بعضه فكما لا يجوز للمفلس ملك ما بقي منه فكذا لا يمتلك ثمن نقصه؛ لأنه ثمن بعضه. ومعنى قولهم: يرده ويرد ما نقصه إذا كان الثمن عينًا أن يرد منه ما بقي بحصته من الثمن وما نقصه كسلعة ثانية فاتت عند المشتري فيرد العبد معيبًا، ويرد عليه هذا ما يقابله من الثمن ويعتق ما نقص فيه البيع وما فات عند مبتاعه لا نقض فيه كما لو تمسك بالعبد ورجع بقيمة العيب ثم ظهر لي أن نقصه لسيده، ولو كان الثمن عرضا؛ لأن ما نقصه فات عند مبتاعه، فتم فيه البيع كما لو تمسك بجميعه ورجع بقيمة العيب بقيمة ثمنه سائغًا لبائعه.

المتيطي: ما بيع على مفلس فظهر عيب كان به عالمًا بعد قسم ثمنه على غرمائه في وجوب الرد لمبتاعه، قول أشهب مع أصل مالك المعمول به ورواية داودين بن جعفر في المدينة، وعلى المشهور في رجوعه على الغرماء بكل الثمن أو قيمة العيب فقط رواية محمد ورواية المدينَّة مع قول ابن نافع وابن القاسم، كذا نقل المسألة هو والباجي: في العيب الذي كان المفلس به عالمًا، ورأيت للمازري ما نصه: ذكر بعض المتأخرين أن بيع البراءة إذا وقع من السلطان أو أهل الميراث لقضاء دين أو إنفاذ وصيَّة واطلع

ص: 436

المبتاع على عيب قبل تفرقة الثمن على الغرماء فله رد المبيع، وبعد تفرقته لا رد له بخلاف ثبوت البراءة باشتراط البائع على أحد القولين فيما باعه لنفسه لا رد للمشتري ولو كان الثمن حاضرًا، وفيه نظر عندي لا فرق بين بيع السلطان وبيع الإنسان مال نفسه، بل ربما كان ما يجب بالحكم آكد مما يجب بالشرط؛ لكن وقع في المدينَّة فيما باعه السلطان وثبت أنه علم بالعيب هو أو الغريم الذي بيع عليه لذلك إن للمبتاع الرد به إن لم يقسم الثمن على الغرماء وهذه التفرقة تشير إلى ما ذكره بعض المتأخرين، وحكى عن مالك وأصحابه إن العلم بالعيب حيث عقد السلطان يوجب المطالبة بالعيب.

قُلتُ: مقتضى قولها في عتق الجنين إن عتق السنة أقوى من عتق الاقتراف، أن براءة بيع السلطان أقوى من براءة اشتراط البائع، ومقتضي ما تقدم أن رد من اشترط قدرًا من الحلاب بأن نقصه أقوى من رد المصراة العكس، وفي الموَّازيَّة معها البراءة بعد تمام البيع على ترك ثمنه كالبراءة في العقد فيما يصح فيه، وما تمنع فيه.

الصقلي: عن الشَّيخ قول ابن حبيب: من باع جارية بعشرة دنانير على أن وضع في عيوبها دينارًا إن وجد عيبًا ردها، ولو تم البيع ثم وضع له دينار في عيوبها، جاز بجواز البراءة فيها، وما جاز شرطه في العقد جاز أن يلحق به تناقض، وسمع القرينان: من ابتاع بيع الإسلام وعهدته لا بيع بالبراءة إلا من باع في دين عليه أو ميراث ورثه أو بيع سلطان أو شبهه من العذر.

ابن رُشْد: هو بيع غرر؛ لأنه ترك أن يكشف عن ما بالعبد الذي اشترى من العيوب التي يجب له بها القيام ليلزم ذلك من باع منه بيع براءة، فأضر من باع منه ونفع من ابتاع منه بمجهول لا يعلم قدره، في فسخه قولا مالك في هذا السماع ونوازل سَحنون والبراءة من عيب معين إن لم يقبل التفاوت برئ بذكره.

الباجي: كالعور وقطع اليد من الكوع وإلا لم يبع حتى يبين قدره فإن باعه دون بيانه ففي فسخه نقلا الباجي عن أشهب وابن القاسم، وقاله أشهب: في الإباق وداء الفرج والمتفاوت، فيها الدبر منه المفسد والمنقل، والإباق منه القريب كما إلى العوالي والبعيد كما إلى الشام ومصر.

ابن القاسم وكالسرقة منها سرقة الرغيف في البيت، ومنها نقب بيوت الناس،

ص: 437

والكي منه المتفاحش وغيره لا يبرأه منه إلا أن يخبره بشنيع الكي أو يريه إياه، وكذا عيوب الفرج إن كان منها الفاحش وغيره وكذا الرتق.

ابن حبيب إن تبرأ من دبرة عرف غولا\رها، وما بداخلها لم يبرأ من متافحشة إلا ببيانه وإن لم يعرفهما لم يضره ما ظهر منها كعيب البائع والمبتاع فيه سواء، قاله من كاشفته من أصحاب مالك.

الصقلي: صواب ويرد قوله في عيوب الخشب لا يبرأ منه إلا ما من أصل خلقته.

قُلتُ: ظاهر لفظها، ونقل الباجي علم البائع بحال المتفاوت وجهله به سواء.

ابن عبد الرحمن: من تبرأ من إباق ذكر قدره فأبق عند مبتاعه فهلك في إباقه ثم اطلع على أنه عنده أكثر مما بين إن هلك في مثل ما بين فهومن مبتاعه.

الصقلي: يريد ويرجع عليه بما بين القيمتين وإن هلك في أكثر من ذلك أو في مثل ما دلس فيه فمن بائعه، ويرجع عليه بكل ثمنه.

الصقلي: عن غيره إن قال: أبق مرة وكان أبق مرتين فهلك بسبب الإباق رجع بقدر ما كتمه فقط، وقال غيره يرجع بجميع الثمن، وفي الموَّازيَّة لها لمالك: من كثر من أسماء العيوب في براءته لم يبرأ إلا من عيب يوقفه عليه، في الواضحة أو يكون ظاهرًا أو يخبره غير بائعه.

محمد: روى أشهب: لا يبرأ من عيب علم به ولو سماه بعينه ولم يخلطه بغيره حتى يقول إنه به.

الصقلي: أرى أن يبرأ بذكره وإن لم يقل أنه به، ولابن سَحنون عنه: من قام بسقوط أضراس عبد ابتاعه فقال بائعه تبرأت إليك منها، فأكذبه مبتاعه فأتى ببينة على بيعه إياه منه بالبراءة من كل عيب، وقال لا أعرف هذه الأضراس وأردت بقولي تبرأت منها أني بعت بالبراءة من كل عيب لا تنفعه بينته، وقوله: برئت منها إقرار بأنه كان يعرفها، وله من ابتاع عبدًا قام فيه بعيب فقال: بائعه بعته بالبراءة منه ولم أعلم العيب، فأكذبه، وعجز عن البينة، فرد عليه فطلب رده على بائعه فقال له: قد أقررت أنك بعته بالبراءة، والمبتاع ظلمك في رده عليك وبراءتك من عيبه براءة لي، له رده على بائعه الأول.

وفيها: من تبرأ من عيب أمة ذكره بعد عقد بيعها، إن كان ظاهرًا خير المبتاع في

ص: 438

ردها وإلا لم تنفعه براءته فإن ظهر بها عيب قديم فلمبتاعها ردها ولبائعها إقامة البينة على عيب بها ليبرأ منه، محمد عن أشهب: لا تنفعه البينة إن لم يقبلها ويبرئه إلا أن يقفه السلطان على الرد والإمساك.

محمد: لو أراد ردها بمجرد إقراره دون ظهور عيب بها لم يكن له ذلك إلا ببقاء إقراره.

الصقلي: قال بعض شُيُؤخ أصحابنا: يريد ولو أقر بعد بيعه أنه دلس بإباقه فلم يصدقه مبتاعه، ثم أبق بعد ذلك فمات في إباقه فلمبتاعه أخذه بثمنه؛ لأن من أقر بمال أخذ به وكذا فسره أبو الحسن وحكم ثبوت العيب والمبيع قائم تخيير مبتاعه في رده في كونه نقضًا أو ابتداء قولا أشهب وابن القاسم في استبرائها والتمسك به على أخذ أرشه بعد معرفتهما به جاز برضاهما اتفاقًا، وقبلها خرج المازري جوازه على قولي ابن حبيب وابن القاسم في جةاز تمسك مبتاع ما استحق أكثره معينًا من ذوات بباقيه ومنعه، وفيها لوارث مبيع القيام بعينه على بائعه، فإن قال: تبرأت منه فعليه البينة وإلا حلف من يظن به من الورثة علم ذلك ولا يحلف من يرى أنه لا يعلم ذلك.

قُلتُ: كسماع القرينين في تداعي ورثة الزوجين دفع المهر بعد البناء يحلف ورثة الزوج ما نعلم بقاءه عليه.

فناقض ابن رُشْد: إيجاب حلفه دون تحقيق دعوى علمه ذلك بقول نكاحها إن قال ورثة الزوج في المدخول بها لا علم لنا بعدم دفعه المهر فلا شيء عليهم، فإن ادعى ورثة الزوجة علمهم حلفوا أنهم لا يعلمون أن الزوج لم يدفعه، وقول غررها في التداعي في وقت موت الجارية الغائبة المبيعة على الصفة فإن فات المعيب غير مثلي بتلف تعين قدر العيب من الثمن وهو جزؤه المسمى للخارج من تسمية فضل قيمته سليمًا على قيمته بعيبه من قيمته سليمًا والقيمة إن صح البيع يوم الصفقة فيما لا يتواضع، وإن فسد فيوم قبضه، فيها: لمالك من ابتاع جارية بيعًا صحيحًا قبضها بعد شهرين قيمة العيب فيها يوم الصفقة.

سَحنون: إن كانت لا تتواضع وبيعت على القبض.

قُلتُ: فإن كان بيعها حرامًا فقيمتها يوم قبضها؛ لأن له ترك قبضها، والبيع

ص: 439

الصحيح القبض له لازم.

ابن محرز: ظاهره يوم ضمانها يوم تقويمها فالبيع بالخيار والعهدة والمواضعة إنما قيمتها يوم ضمانها مبتاعها ببت الخيار، والخروج من المواضعة.

عياض: وهو قولها إن كانت الجارية لا تتواضع وهو متصل بكلام ابن القاسم عند ابن عات وغيره، ولشَحنون عند ابن عيسى، وإن كان مثليًا ففي سقوط حقه بعدم غرم مثله ورجوعه بقيمة عيبه قولا ابن القاسم وأشهب: وصوبه اللخمي وعزاه الباجي لابن حبيب، والأول لابن القاسم: في الدينار، ولَسحنون في: الشعير يعلم أنه لا ينبت بعد زرعه.

وفيها: من أكل حنطة أو لبنا ثم بعيبه رجع بقيمته، إذ لا يوجد مثله ولو وجد مثله سواء رده الصقلي عن الشَّيخ عن سَحنون: لا يرد مثله، ولو وجد؛ بل يرجع بقيمة العيب، ولو اختلفا في صفة ما فات، ففي قبول قول بائعه مطلقًا، أو إن انتقد وإلا فالمشتري، نقلا اللخمي عن محمد مع أشهب وابن القاسم فيها.

وفيها: مع غيرها إن علم بعيب ما ابتاعه بعد عتقه أو صدقته أو هبته أو كتابته أو تدبيره أو إيلاد الأمة وجب رجوعه بقيمة عيبه.

ابن زرقون: روى زياد: إن تصدق به أو أعتقه فات ولا يرجع بقيمة العيب، ولو كانت الهبة لمن له اعتصارها منه ففي كونها فوتًا أو لا؟ قولا ابن حبيب وابن الكاتب، فخرجها المازري على الخلاف فيمن ملك أن يملك هل يعد مالكًا أو لا؟ وإن علم عيبه بعد رهنه أو إجارته ففي وجوب كونه كفوته إن عجز عن استخلاصه وبقائه على حكم رده لاستخلاصه.

ثالثها إن بعد كالأشهر والسنة، وإن قرب كالشهر ونحوه، فالثاني لأشهب وابن القاسم فيها، وغير واحد عن ابنحبيب وكذا نقلها ابن شاس واقتصر ابن الحاجب على نقل الأول والثاني معزوًا لابن القاسم فتعقبوه، ونقل اللخمي قول ابن القاسم مقيدًا بتخيير المبتاع في الرجوع بقيمة العيب والتربص، واختار الثالث غير معزو كأنه لنفسه.

الشَّيخ: روى أشهب تحبيس فرس مبتاعه اطلع على عيب به قبله إن حيز عنه

ص: 440

فات وإلا فلا وبع بيعه من بائعه والمبتاع يجهل عيبه إن باعه بمثل ثمنه فلا تراجع، وبأقل في رجوعه عليه ببقية ثمنه قول ابن القاسم فيها، وتخريج اللخمي على قوله: من علمت بعيب زوجها بعد مخالعته لا رجوع لها عليه. ورد المازري بأن العوض في البيع أشد ثبوتًا منه في الخلع؛ لأنه لو خالعها على خمر مضى، ولا رجوع له عن العصمة بشيء، ولو باع عبده بخمر ففسخ بيعه رجع في عبده، يرد بأن هذا في العوض العصمة لا العوض المالي ومحل المزاع مالي، وبأكثر إن كان الأول مدلسًا فلا رد له وإلا فله، إلا أن يرد له الثاني فضل ثمنه على الأول، ولو علم عيبه دون الأول فلا رجوع له في الجميع ولبائعه رده عليه.

الصقلي: إن كان العيب في الأول يمكن حدوثه عندك أو عنده في الملك الأول أو الثاني حلفت في الظاهر على البت وفي الخفى على العلم إنما حدث عندك وبرئت من رده عليك، فإن نكلت حلف كذلك، ورده عليك، وفي الثاني قال محمد: يحلف ويبرأ من رده عليك إن نكل حلفت ورجعت عليه بتمام ثمنك، وفي الثالث حلفت وبرئت من رده عليك، فإن نكلت حلف ورده عليك.

اللخمي: في الثاني إن شك هل كان عند الأول قبل بيعه أو حدث عند المشتري الأول ما حدث عنده وسقط الرجوع عليه، وفي الثالث يحلف المشتري الآخر وحده ما حدث عنده ولم يرجع عليه بفضل الثمن إلا أن يعترف أنه عند البائع الأول فيجب عليه رد الفضل.

قُلتُ: كذا وجدته في نسختين إحداهما عتيقة والصواب يحلف المشتري الأول لا الآخر، ولذا قال عند البائع الأول، وله في ترجمة جامع العيوب: محمد من اشترى ما باعه من مشتريه بدون ثمنه فوجد به عيبًا شك فيه حلف، فإن نكل حلف الآخر وأخذ بقيمة ثمنه يريد شك أحدث في الصفقة الأولى أو عند المشتري الأول وأحب التماسك، ولو أحب الرد حلفا إن نكل من هو بيده، وحلف الآخر وأخذ بقية ثمنه، وفي عكسه ترد عليه ويرد الثمن الثاني، ولو شك أحدث عند بائعه في الصفقة الثانية أو عند مشتريه حلف وبرئ، وإن نكل حلف بائعه ورده، ولو شك مع ذلك أكان عند بائعه قبل بيعه

ص: 441

حلف وبرئ ويحلف البائع ما علمه قبل بيعه ولا بعد شرائه إن نكل عنها حلف المشتري وأخذ بقية ثمنه وفي عكسه للبائع رده وأخذ ثمنه ولو حلف ما علمه في الصفقة الأولى ونكل عنه في الثانية لم يغرم، ولم يرد ولا يمين على المشتري؛ لأنه إن نكل ردت اليمين على من نكل عنها وبع بيعه من غيره في رجوعه بقيمة عيبه ثالثها بالأقل منه، ومن تمام ثمنه، ورابعها إن باعه ظانًا أن عيبه عنده أو باعه وكيله وبينه القاضي مع ابن عبد الحَكم وروايته، وأخذه من الموطأ وابن القاسم فيها مع روايته وابن حبيب مع أشهب وروايته والصقلي عن محمد، وجعل عياض وابن رُشْد في سماع يحيي قول محمد تفسيرًا لقول ابن القاسم فيها، وعزاه عبد الحق لابن القاسم في الموَّازيَّة لا لمحمد، ولو رجع على الثاني مبتاعه بأرش ذلك العيب ففي رجوعه على الأول بالأقل مما غرم أو تمام ثمنه أو أرش العيب أو بأقل الأخرين، ثالثها كما لم يغرم شيئًا للخمي عن ابن القاسم والآتي على قول أشهب وعلى رواية ابن عبد الحَكم.

الصقلي عن محمد: إن فلس الثاني والمبيع بيد الثالث فلا رد له على الأول؛ بل على الثاني فيرده مع غرمائه على الأول ليتحاصوا في ثمنه ولو فات عند الثالث رجعوا على الأول بما كان يرجع به الثاني عليه يضرب فيه وفيما له الثالث مع غرمائه بأرش العيب من ثمنه وإن لم يكن عليه غرماء رجع الثالث على الأول بما يرجع به على الثاني إلا أن يعطيه الأول قيمة عيبه الذي كان يلزمه أو بقية رأس مال الثاني، لابن رُشْد: في مسألة لو باع نصفه أو اشتراه بمائة وباعه بتسعة وتسعين فرجع عليه مبتاعه بأرش عيبه وهو دينارران وأرش عيبه فيما فيما ابتاعه به ثلاثة دنانير، على سماع عيسى ابن القاسم رجوعه بقيمة عيبه من الثمن الأول رجع الثاني على الأول بثلاثة دنانير وعلى أحد قولي ابن القاسم في الموَّازيَّة رجوعه بالأقل من ذلك أو مما غرم يرجع بدينارين. وعلى أحد قولي ابن القاسم واختار محمد رجوعه بالأقل منهما ومن بقية رأس ماله يرجع بدينار فقط.

وفيها: من ابتاع عبدًا فادعى عيبًا به بعد بيعه لا خصومة له فيه إذ لا رجوع له به لو ثبت.

قُلتُ: على متقدم تقييد ابن رشد قول ابن القاسم، بقول محمد: إن ادعى أنه باعه مبينًا عيبه لظنه حدوثه عنده أو باعه وكيله مبينًا له فله خصومته.

ص: 442

وفيها: من اطلع على عيب بعبد بعد بيعه نصفه خير بائعه في قبول نصفه برد نصف ثمنه ورد نصف قيمة عيبه ومثله، سمع عيسى، فخرج ابن رشيد فيها ما في سماعه فيمن تصدق بنصف عبد ابتاعه ثم ظهر على عيب به قال ما تصدق به رد له نصف قيمة العيب وما بقي بيد المشتري في لزوم رجوعه بمنابه من قيمة العيب وتخييره في الرضا به، ورده، وأخذ منابه من الثمن ثالثها يخير البائع في رد منابه من الثمن بأخذه ورد منابه من العيب، والمذهب أنه إن رجع المعيب لمبتاعه بوجه ما فله رده على بائعه.

المازري: توقف فيه بعض الأشياخ؛ لأن ملك شرائه من بائعه الأول لا ضرر فيه عند ابن القاسم بعد بيعه، وهذا ملك مستأنف باق بحاله ولم يحب عنه، ويرد بأن ابن القاسم إنما قال ذلك في إغرام البائع، أرش العيب دون ضرر المبتاع بغرم أرش عيب حدث عنده.

وفيها: قلت: إن اشتريت جارية بها عيب لم أعلمه ثم بعتها وتداولتها رجال ثم اشتريتها فعلمت بيعها.

قال سَحنون: قال أشهب: لك ردها على من اشتريتها منه آخرًا؛ لأن عهدتك عليه.

قُلتُ: كذا نقلها ابن محرز والتونسي إلا أنهما ذكرا بدل. قال سَحنون: قال أشهب: لفظ قال غيره، وفي بعض نسخ المدَوّنة قبل قال سَحنون، قال لك أن تردها عليه إن لم يدخلها عيب مفسد مثل ما وصفت لك.

قال التونسي: الأشبه قصر رده على الآخر إذ قد يكون بعض المشترين قد خسر في بيعه فيريد نقض البيع ليرجع بتمام ثمنه، وبعضهم ربح فلا يريد نقضه فإن قيل يدخل هذه العلة فيمن اشتراها بمائة ثم باعها من رجل بثمانين ثم اشتراها بتسعين قيل إذا ردها مبتاعها على البائع الأول فكأنه رضي أن لا يرجع، على من اشتراها منه أخيرًا بعشرة، ولا حجة لمن اشتراها أخيرًا؛ لأنه لا يرجع ولا يرجع عليه، ولا حجة للمشتري الأول في أن يقول انتقض البيع لما رددته على الأول، فيجب نقض شرائه من الآخر فإن رجع عليه بعشرة إذ هو مختار في رده على الأول، وإنما ينتقض بيع الآخر لو كان اشتراها منه بستين ثم ردها على الأول فأخذ منه مائة لرجع الآخر بتمام ثمنه وهو عشرون؛ لأنه

ص: 443

يقول لما انتقض البيع في العبد وجب أن لا تربح أنت فرد على ما كنت خسرته ومثله قال ابن محرز.

المازري: لو باع المعيب من اشتراه فتداولته الأملاك فاشتراه مشتريه الأول من مشتريه الآخر فذكر في المدَوَّنة لمن اشتراه أولا رده على من اشتراه آخرا، وفي بعض روايات المدَوَّنة له أن يرد عليه، وظاهر هذا الضمير عند بعض المتأخرين عوده على من اشتراه منه أولا وتعقب هو وغيره من الأشياخ رده على الأول، وقرر ما قاله التونسي بأنه لو رجع العبد لمن لا يريد رده؛ لأن تمسكه به أنفع له لم يصل لمشتريه الأول وإذا لم يصل إليه لم يكن له على بائعه منه أولا مقال: حسبما قاله ابن القاسم ورأى بعض أشياخي أن هذا يجري على مسألة من اشترى سلعة شراء فاسدًا فباعها بيعًا صحيحًا ثم اشتراها في ارتفاع حكم الفوت بعود السلعة إليه، ولم تحل أسواقها قولان، وفي تخريجه نظر؛ لأن فسخ البيع الفاسد حق لله لا يسقط بتراضي المتبايعين والرد بالعيب يسقط بالتراضي، وقد ذكرنا إمكان رضا أحد المتبايعين به.

قُلتُ: ما ذكرته عن بعض النسخ وذكره المازري عن بعض رواياتها وقع فيها بعد هذه الترجمة في كل النسخ ولم يذكر البراذعي غيره ما نصه:

قُلتُ: إن بعت عبدًا من رجل فباعه المشتري ثم ادعى عيبًا بالعبد أنه أن يخاصم بائعه فيه في قول مالك قال: لا أرى أن يرجع بالعيب فكيف يخاصمه؟

قُلتُ: فإن رجع العبد إلى المشتري بوجه من الوجوه بهبة أو شراء أوميراث فأراد أن يخاصم الذي باعه في العيب الذي ادعى أنه كان به يوم ابتاعه أله ذلك في قول مالك؟ قال: نعم، وهذا ظاهر في أن له الرد على الأول وما ذكروه من التعقب، يرد بأنه بناء على أن رده على الأول موجب لنقض البياعات وهذه دعوى لم يقم عليها دليل مجرد منعها كافٍ في ردها، وبأنه لو انتقضت البياعات في هذا المبيع برده بالعيب لنقضت في المبيع بيعًا فاسدًا، إذا فسخ برجوعه لمبتاعه بيعًا فاسدًا بعد بيعه بيعا صحيحًا، والمذهب أنها لا تنتقض وما رد به المازري تخريج اللخمي ينتج هنا تأكيد لزوم النقص في البيع الفاسد، للنقض في الرد بالعيب؛ لأنه إذا أوجب النقض مع أنه اختياري لحق آدمي فأحرى في الفاسد؛ لأنه جبري لحق الله تعالى، ولهذا المعنى قال في

ص: 444

"المدَوَّنة" وغيرها: عتق السنة آكد من عتق الافتراق ولا أعلم لما زعموه من نقض البياعات متمسكًا إلا توهم القياس على نقض البياعات المتعددة في الشفعة الكائنة بعد البيع الذي شفع بثمنه وتقرير القياس أنه إذا تعدد بيع الشقص أربعًا فأخذ الشفيع بالبيع الأول فقد نقض البيع الثاني اتفاقًا، وأوجب نقض هذا الثاني، نقض ما بعده اتفاقًا، والمشتري الأول إذا رد المبيع على البائع الأول فقد نقض بيعه وهو أول البياعات فوجب نقض ما بعده قياسًا على الشفعة بجامع مطلق نقض البيع، ورد هذا القياس واضح وهذا؛ لأن موجب النقض في الشفعة ليس هو نقض البيع الثاني عن البيع الذي أخذ فيه بالشفعة وإنما موجبه أن الشفيع إذا أخذ بالشفعة بثمن البيع الأول أخذ الشقص من يد مشتريه بغير عوض يعطيه إياه إجماعًا فوجب رجوع المشتري الآخر على بائعه بما أخذ منه من ثمن الشقص وكذا كل مبتاع يرجع على بائعه إلى أن ينتهي الأمر إلى المشتري الذي أخذ الشفيع بثمن شرائه فيعطي لمن ابتاع منه ثمنه ولا يرجع هو على أحد لأخذه ثمنه من الشفيع، فموجب النقض في الشفعة إنما هو أخذ المبيع من يد آخر مشتريه بغير ثمن، وفي مسألة الرد بالعيب إنما أخذه الراد بثمن دفعه إليه، فعلة النقض في الشفعة معدومة في الرد بالعيب فتأمله.

وقال ابن عبد السلام إثر ذكره كلام التونسي: وهذا ظاهر ولكنه يصعب إذا تعدت الباعات ورجع للمشتري الأول بهبة أو صدقة.

قُلتُ: لا صعوبة فيه؛ لأن اللازم عند عدم رده على البائع الأول وهذا هو اختيار التونسي وله في الهبة كلام يأتي إن شاء الله.

وفي شرط رد مشتريه إذا رجع إليه بشراء على بائعه الأول بعدم علمه بالعيب قبل شرائه الثاني نقلا عياض: تأويل الأقل قولي ابن القاسم مع أشهب وتأويل الأكثر قال: وهو ظاهر قولها: إن اشترى عبدًا فباعه ثم ادعى عيبًا لم يكن له أن يخاصم بائعه؛ لكن إن رجع إليه بشراء أو غيره فله رده على بائعه قال: قالوا لو رجع إليه بشراء بعد تخيير مشتريه الثاني في رده بالعيب لم يكن له رده.

قُلتُ: التأويل الأول عزاه عبد الحق لمحمد، والثاني لبعض شُيُوخه واختاره قال: وقال بعض شُيُوخنا: لو باعه مشتريه من مشتريه من بائع بائعه لم تنقض البياعات؛ لأن

ص: 445

هذا أمر حادث قال: وخالفني غيري وقال تنتقض كل البياعات كالاستحقاق قال: وعلى قول أشهب لو رجع بالأقل من قيمة العيب أو نفيه رأس ماله ثم رجع إليه بشراء أو غيره فله رده وخالفه غيره ورآه حكمًا مضى.

عبد الحق: ورأيت لابن حبيب إن باعه مبتاعه بمثل الثمن فأكثر ثم رجع إليه بشراء أو غيره بحالة دون تغير، فإن كان قام قبل رجوعه إليه وقضى عليه ألا يرجع بشيء فلا قيام له الآن، وإن لم يكن حكم بينهما بشيء فله رده.

قُلتُ: لما ذكر الصقلى قول ابن حبيب قال: وقال أبو محمد: هذا بعيد من أصولهم، قال: وقال بعض شُيُوخنا القرويين لو أن مشتري نصف عبد رده بعيب على بائعه وكان بائعه رجع على بائعه بنصف قيمة العيب فلبائعه الأول أن يقول له إنما غرمت لك نصف قيمة العيب لتبعيض العبد والآن صار كله لك إن شئت رده إلي وخذ ثمنك أو احسبه ورد على نصف قيمة العيب وللمشتري ذلك، وإن أبى البائع.

وقال غيره: ذلك حكم مضى وأجراه الصقلي على قولي ابن حبيب والشَّيخ.

وفيها: من باع ثوبًا من رجلين فباع أحدهما حظه من صاحبه ثم ظهر على عيبه فلا قول له ولمالك كله رد حظه فقط.

وفيها: لو رجع إليه بهبة أو صدقة ممن اشتراه منه فلمعطيه الرجوع عليه بأرش العيب وله رده على بائعه الأول وأخذ جميع ثمنه لا يحاسب بشيء مما بقي في يده من ثمن الواهب؛ لأنه كأنه رد عليه فوهبه أو تصدق عليه، ببقية الثمن بعد أرش العيب ونقلها التونسي بلفظ: إن رجع إليه بهبة رده على الأول ورجع الواهب بقيمة العيب على البائع منه قال: ولم يجعل للواهب استرجاع بقية ثمنه بأن يقول لما رده الذي باعه منه على الأول انتقض البيع والهبة وصار ما وهبته كاستحقاقه فلا شيء للموهوب في ثمنه إذ لو شاء الموهوب لم يرده على البائع الأول فشبه رده هنا إلى الأول كابتداء بيعه وإمضاء الهبة في بقيته بعد أرش العيب.

قُلتُ: جوابه يجعل رده كتبتداء بيع يرد ما تقدم له من تعقبه القول برده على بائعه في رجوعه إليه بشراء إلا أن يريد بجوا به هذا إجراء القول على قوله ذلك لا تصويبه عنده، وهذا إذا وهبه من ابتاعه منه ولو وهبه من ابتاعه ممن ابتاعه منه أو ممن ينتهي.

ص: 446

ابتياعه إليه بعد بياعات لرجع واهبه بأرش العيب على بائعه منه وكذا كل بائع حتى ينتهي الرجوع بأرش ذلك العيب في يوم عقد بيعه إلى من ابتاعه من المشتري الأول الموهوب فيغرم له أيضًا أرش العيب كذلك ورضا المبتاع العيب يسقط مقاله.

المازري: الأصل المعتبر أن كل فعل لا يقع عادة إلا رضى منه بالعيب يسقط مقاله وما أشكل من التصرف لغو.

ابن شاس: إن تمكن رد المعيب فسكت عنه لا لعذر، بطل خياره.

وفي الجلاب: من ظهر على عيب سلعة اشتراها ثم مات قبل رده لها فلورثته ردها، وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: إن دبر مكاتب عبده فعلم سيده ذلك فلم ينكر عليه حتى عجز لا تدبير إلا أن يكون أمره بتدبيره، وليس السكوت والعلم شيئًا.

ابن رُشْد: في كون السكوت إذنًا في الشيء وإقرارًا به قولان مشهوران لابن القاسم في سماع عيسى من كتاب المديان مع كتاب النكاح وهذا السماع مع سماعه عيسى في كتاب الدعوى والصلح وهذا الأظهر لقوله صلى الله عليه وسلم: «البكر تستأذن وإذنها صماتها» . فغيرها بخلافها في النكاح إجماعًا، يوجب قياس غيره عليه إلا ما علم عادة أن السكوت عليه رضا فلا يختلف أنه إقرار به كمن سكت عن حمل امرأته وشبهه.

قُلتُ: في التفليس منها قال ابن القاسم: من كان من غرماء المفلس حاضرًا عالمًا بتفليسه فلم يقم مع من قام فلارجوع له على الغرماء وذلك رضا ببقاء دينه في ذمة الغريم كعلمهم بعتقه وسكوتهم عنه فلا يرد لهم عتقه بعد ذلك إن قاموا، وقيل توقف لهم حقوقهم كالغائب.

وفيها: إن أخر رب الحق الغريم وسكت الحميل وعلم بذلك لزمته الحمالة وله أن يرضى بذلك خوف أن تلزمه الحمالة.

وفي النكاح الأول من زوج ابنه البالغ المالك لأمره وهو حاضر صامت فلما فرغ الأب من النكاح قال الابن: ما أمرته ولا أرضى، صدق مع يمينه والقولان قائمان من مسائلها.

وغيبة بائع المعيب لا تسقط حق مبتاعه.

اللخمي لمحمد عن ابن القاسم: من أقام بيده عبدًا استراه ستة أشهر لغيبة بائعه

ص: 447

ولم يرفع للسلطان حتى مات العبد، له الرجوع بعيبه ويعذر بغيبة البائع الخصومة عند القضاة، ويرجو إن قدم البائع موافقته.

وقول ابن الحاجب: إن كان البائع غائبًا استشهد شهدين يقتضي أن الشهادة شرط في رده أو في سقوط اليمين عنه إن قدم ربه، ولو لم يدع عليه ذلك ولا أعرفه لغير ابن شاس وله القيام في غيبته.

فيها لمالك: إن رفع للسلطان سأله البينة على شرائه بعهده الإسلام وبيعه، فإن أقامها تلوم للبائع، فإن طمع بقدومه وإلا باعه، وقضى المبتاع حقه فإن نقص عنه تبعه بما بقي، وإن فضل منه شيء حبسه للبائع.

قُلتُ: حصر اللخمي ما يثبته في أمرين كون بيعه على العهدة، ودفع الثمن قال: وأرى إن كان العادة البراءة كلف إثبات أن بيعه على العهدة وإلا فهو عليها ويستظهر بيمينه في مكانه، والنقد إنما يكلف البينة عليه فيما يقبل فيه إنكار البائع قبضه لا فيما يقبل فيه قول المبتاع، فإن كانت العادة في بيع الرقيق النقد أو طال مقام البائع قبل سفره، أو كان أحد المتايعين غريبًا لم يكلف المشتري بينة.

قُلتُ: اعتبار العادة في النقد سبقه به.

ابن محرز قال: فإن لم يقم البينة، كفت العادة في ثبوته مع يمينه قال: وهذه عكس مسألة غيبة المكتري، وطلب مكري الإبل أن يكرى له عليه وقال: لم أقبض الكراء، إن كانت العادة تأخيره صدقته، وإن كانت نقده، لم يحكم عليه بها، لعدم حضور مدعيها، وحكم له بالكراء بعد يمينه فيهما لاحتمال دعوى الكتري النقد في الأولى واحتمال دعوى المكتري النقد في الأول واحتمال نكوله في الثاني، وقاله المازري كأنه من عند نفسه هو قول ابن محرز: هذه عكس مسألة الجمال، وقول المازري: هذه بخلاف مسألة الجمال يريد أن العادة بالنقد في مسألة العيب يحكم بها لمدعيها وهو المبتاع، والعادة به في مسألة الكراء، لا يقتضي بها لمدعيها وهو المكتري، وفرقا بأن العادة في مسألة المبتاع من يقوم بها حاضر، والعادة في مسألة الجمال من يقوم بها غائب ويرد بأن عدم حضور من يقوم بالعادة في مسألة الحمال أشد أموره أن يصيرها كالعدم وعدمها في مسألة المبتاع

ص: 448

أوجب عدم قبول دعوى الحاضر على الغائب فيجب ذلك في مسألة الحمال فلا فرق بما قالاه فإن قيل: بل من أشد أمرره أن يصيره كحاضر نكل وإليه أشار ابن محرز بقوله: واحتمال نكوله في الثاني رد بأن غيبة من لو حضر قيل له لا تنزل منزلة نكوله ضرورة أن من ادعى عليه بمال لا توجب غيبته قبول قول خصمه وهو لو حضر نكل قبل قول خصمه، والمكتري أقوى لشهادة العادة له، فإن قيل: إنما أجابا بالفرق عن سؤال لغو العادة بالنقد للمكتري واعتبارها للمبتاع.

قُلتُ: قول ابن محرز عكسها، ولفظ المازري مطلق في اعتبار العادة ولغوها، وقبول قول من لم يشهد له مع يمينه ولغوه، والإطلاق كالعموم، ومسألة الحمال عكس مسألة المبتاع فيهما، أما في الأول فظاهر، وأما في الثاني فلأن المبتاع إذا لم تقم له عادة فدعواه لغو، والمكري إذا لم تقم له عادة. قوله: مع يمينه مقبول وفرقهما إنما يتم في الأول لا الثاني، والصواب التفريق بأن المبتاع في عدم العادة يدعي ثبوت النقد والأصل عدمه والحمال في عدم العادة يدعي عدمه وهو الأصل، وفسر ابن محرز والمازري المدَوَّنة بأنه يكلف مع الأمرين صحة العقد فالأخوف دعوى الغائب فساده وفائدة بينته بذلك سقوط حلفه على ذلك.

وقال فضل: لابد أن يحلف ما تبرأ البائع له من هذا العيب لاحتمال كون البراءة بعد العقد الذي حضرته البينة، وعزاه المتيطي لابن حبيب معه قال: وتثبت غيبته.

قُلتُ: وعلى قول فضل يزيد في حلفه ما أسقط حقه فيه بوجه وذكره المتيطي كأنه المذهب وأنه ما استخدم العبد بعد رؤية العيب.

ابن لبابة: وتؤرخ البينة يوم الشراء لقدم البيع.

المتيطي: إن قربت غيبته لم يعجل عليه وإن بعدت، فقال: مالك: في عيوبها يتلوم له الأيام إن طمع بقدومه وإلا باعه، وفي التجارة للحرب منها: إن بعدت غيبته قضى عليه، ولم يذكر تلومًا، ونحوه لابن القاسم في قسمتها فحمله غير واحد على الخلاف لما في عيوبها. قال بعضهم: ولمالك أيضًا في بعيد الغيبة إن خاف عليه الضيعة أو النقص باعه وما فضل عن ثمنه حبسه له عند أمين.

قُلتُ: هذا نص عيوبها.

ص: 449

المتيطي: القولان وفاق أي: يتلوم له إن طمع بقدومه ما لم يخف عليه ذلك ولابن رُشْد: في سماع ابن القاسم من الأقضية غيبة الخصم إن قربت كمسافة ثلاثة أيام كتب إليه بالإعذار إما قدم أو وكل فإن أبى حكم عليه في كل شيء من طلاق وعتق وغيره ولم ترج له حجة في شيء وبعيد الغيبة كمسافة عشرة أيام يقضى عليه في غير استحقاق الأصول، وترجى حجته، ومنقطع الغيبة كمكة من إفريقيَّة والعدوة من الأندلس يقضي عليه في كل شيء وترجى حجته.

وقال سَحنون وابن الماجِشُون: لا ترجى له حجة إلا إن بان أن البينة عليه ذات حجر عليها أو رق أو كفر فعلى قولهما يوكل له وكيل يحتج عنه ويعذر إليه، وعلى قول ابن القاسم لا يوكل له، وفي كون قول البينة غاب منذ شهر ونحوه بحيث لا نعلم مستقره شهادة ببعدها أو حتى تنص على بعدها قولا أبي مروان وابن القطان وصوب ابن سهل الأول، وقال: هو ظاهرها، وأنكر الثاني.

وقال ابن محرز: معنى قوله في بيع المردود أنه لم يكن للغائب مال غيره أو رأى أنه أمثل ما يباع له، وتبعه المازري.

قُلتُ: ما فيها هو نص الروايات وأقول المتكلمين على المدَوَّنة وغيرها وأهل الشورى كابن عتاب، وابن القطان وابن مالك، وابن سهل وغيرهم، وسمع عيسى ابن القاسم من ابتاع جارية فغاب البائع ووجد المبتاع بها عيبًا لم يعلم به إن أقام البينة عند الإمام أنه ابتاع بيع الإسلام وعهدته لأداء ولا غائلة باعها السلطان فإن كان نقص اتبع به البائع ولا شيء عليه في وطئها إلا أن تكون بكرًا فيكون عليه ما نقصها ولا يمين عليه إنه لم يطأها منذ علم عيبها إلا أن يكون متهمًا.

ابن رُشْد: قوله: أقام البينة ببيع الإسلام، يريد في يوم كذا لأجل العيوب التي تقدم وتحدث ويقيم البينة على نقد الثمن ويحلف ما وحينئذ يبيع العبد على الغائب، ويفع الثمن إن لم تقم البينة على الأول حلف عليه وإن لم يقمها على النقض حلف عليه أيضًا إن مضى من المدة ما لو أنكر البائع القبض قبل قوله: مع يمينه أنه دفعه وذلك العام والعامان في قول ابن حبيب والعشرون ونحوها، على قول ابن القاسم.

قُلتُ: فقد نص ابن رُشْد على بيعه له دون شرط، وإنما ذكر أهل المذهب اعتبار

ص: 450

أولوية ما يباع على بيعه.

اللخمي: من قال بعيب مبيع في غيبة بائعه، والبائع منه حاضر رد له عليه لحجته بدعواه أن الغائب رضيه إلا في عدم الغائب؛ لأنه لو رضيه وثمنه لا يفي بثمنه لم يقبل رضاه، ولو استحق من الآخر فله القيام على الأول؛ لأنه غريم غريمه.

وفيها قلت: إن كان ذلك في بيع فاسد. قال: لم أسمعه، وأرى إن أقام البينة إنه ابتاعه بيعًا حرامًا، ونقد ثمنه ولم يفت بحوالة سوق حكم فيه كالصحيح وإن فات جعله القاضي عليه بقيمته ويترادان الفضل متى اتقيا، ونوقض قولها بنزع فضل الثمن من مشتري المعيب في البيع الصحيح بقولها: لا ينزع من مشتريه في فوته في البيع الفاسد ابن محرز فرقوا بأنه في البيع الصحيح لم يكن الغائب رضي معاملته، وفي الفاسد، كان رضيها وزاد بعضهم أنه دين للغائب والسلطان لا يقتضى دين الغائب ورده ابن محرز بأنه إنما رضي معاملته في بيعة فسخت، قال: إنما رأي ابن القاسم أن بقاءه في ذمة خيرًا من أمانة إلا أن يخشى على ذمته ثلم فينزع منه.

زاد المازري: إن البيع في الصحيح نقض وبطل ملك المشتري فصار البائع والمشتري كأنهما لم يتعاملا قط، وفي الفاسد لم ينقض بكليته لبقاء ملك مشتريه، قال: والحق عندي فذكر مثل ما تقدم لابن محرز.

قُلتُ: تفرقة المازري في غير محل السؤال؛ لأن السؤال طلب الفرق بين مشتريه من السلطان في البيع الصحيح وبين مشتريه من ربه في البيع الفاسد لا بينه وبين مشتريه من ربه في البيع الصحيح.

اللخمي: إن كان بائع المعيب بعيد الغيبة وأثبت مبتاعه فاسًدا والمبيع قائم نقض بيعه، وبيع للغائب ودفع لمبتاعه ثمنه إن نقده ووقف فضله إن كان لبائعه واتبع بنقصه، وإن لم يكن نقده وقف كل ثمنه.

قُلتُ: في بيعه إن لم يكن نقد ثمنه نظر إلا أن يخاف عليه قال: وإن فات قوم وتركت القيمة في الذمة ولو لم يكن دفع ثمنه لرضا الغائب ببقاء الثمن في ذمته.

وتصرف المضطر في لغوه اختلاف. سمع ابن القاسم من ابتاع دابة فسافر عليها فوجد بها عيبًا له ركوبها ولا شيء عليه فيه وردها بعيبها إن ردها بحالها والحاضر إن

ص: 451

ركبها بعد علمه بعيبها ركوب احتباس لزمته، وإن ركبها ليردها، وما أشبهه فلا شيء عليه.

ابن رُشْد ابن القاسم: يجيز له ركوبها إلا أن يكون قريبًا مؤنة عليه في رجوعه، ويستحب أن يشهد أن ركوبه ليس رضا، وإن لم يشهد فلا شيء عليه، وهو ظاهر قول مالك في هذا السماع.

وقال ابن كنانة: يشهد على العيب ويردها، ولا يركبها في رده، إلا أن يكون بين قريتين فيبلغ عليها إلى القرية يشهد.

وقال ابن نافع: لا يركبها ولا يحمل عليها شيئًا إلا أن يجد من ذلك بدا فليشهد على ذلك ويركب ويحمل إلى الموضع الذي لا يجوز أن يركبها فيه يعني حتى يجد حكمًا وبينة تشهد له بذلك الموضع بما يوجب ردها فاعرف أنها ثلاثة أقوال.

اللخمي: اختلف فيه قول مالك في الموَّازية، قال مرة: يسقط قيامه، وقال مرة: له الرد، ولم يكن عليه أن يقودها، ويكتري غيرها ولا يكريها فإن أكراها فهو رضا، وعلى قول ابن حبيب له أن يكري الدابة والمشتري حاضر حتى يحكم له بالرد يكريها في السفر، وعزا الصقلي لغو ركوب السفر لابن القاسم وروايته وعدم الرد به لأشهب وروايته وابن عبد الحَكم وهو خلاف ثلاثة أقوال.

ابن رُشْد: فالأقوال أربعة.

وتصرف المختار معتبر، أما سكنى الدار ونحوها بعد علم عيبها، وقبل القيام به فلا أعرف فيه نصًا وهو أشد من مجرد السكوت، وبعد القيام به.

اللخمي والمازري: له أن ينتفع بغلة الدار والحائط حين الخصام ولا يخرج من الدار ويمنع لبس الثوب والتلذذ بالجارية.

المازري: في منع اسخدام العبد والدابة المشهور، وقول ابن حبيب: وقيد المازري وقول ابن حبيب بوقت الخصومة، ومثله قول ابن رُشْد ففيه إن ألجأه البائع إلى الخصومة وهو خلاف قول اللخمي، اختلف في ذلك إذا ركب الدابة واستخدم العبد بعد علمه بالعيب أو بعد أن أقام، كذا وجدته في غير نسخة واحدة معطوفًا بأولا بالواو.

وفيها: زوال عيب دين العبد بإسقاطه ربه أو أداه وولده بموته وحماه في الثلاث

ص: 452

وبياض عينيه بذهابهما، وكون الأمة في عدة بانقضائها قبل الرد يسقطه.

الصقلي عن سَحنون: إلا أن يكون أدانه في فساد.

أشهب: إن علم بالدين قبل أن يسقطه فله رده وإن أسقطه بعد علمه؛ لأنه اطلع عليه ولم يحك غيره، وزاد اللخمي.

قال ابن القاسم: لا رد له، وهو أصوب وذكر قول ابن القاسم لا يرد اللخمي الحادثة في عهدة الثلاث إن ذهبت.

قال: وقال أشهب: يرد، وكيف يعرف ذهابها بها؟ وأرى أن يستأنى به إن استمر برؤه لم يرد، وإن عاوده عن قرب رد والعيب الذاهب إن غلب عوده أو أشكل فكبقائه، وإلا لم يرد، وغالب خفيف الحمى البرء والاستئناء أحسن إلا حيث تكثر حمى الثلاث والتربع، وسمع القرينان: من ابتاع عبدًا دلس بائعه بزوجيته فلم يعلم ذلك حتى طلقها أو ماتت فله رده لذلك.

ابن رُشْد: وقيل يذهب العيب بارتفاع الصمة بموت أو طلاق وتأوله فضل على قول ابن القاسم فيها: إن اشترى الأمة في عدة طلاق فلم يعلم ذلك حتى انقضت لا رد له، وليس ببين لاحتمال أن يكون علم أنه كان لها زوج، ولم يعلم أنها في عدة منه، وهذا القول اختاره التونسي، قال: لأن العصمة إذا ارتفعت بموت أو طلاق لم يبق إلا اعتيادها الوطء، وهو لو وهبها لعبده بطؤها، ثم انتزعها ما كان عليه بيان ذلك، ولم ير بين اعتبادها الوطء بالنكاح، والتسرر فرقًا ولعمري أن بينهما فرقا للزوجة حق بخلاف الأمة، والقول الثالث ذهاب العيب بزوال العصمة بالموت دون الطلاق لابن حبيب وأشهب وهو أعدلها.

وتعقب ابن عبد السلام تفريق ابن رُشْد بأن قال: ليس هذا الفرق ببين؛ لأن علة كون الزوجية عيبًا ليس وطء الزوج أو الزوجة، وإنما هو نأنس العبد والأمة بالوطء، وكون ذلك مؤديًا إلى تخلفهما على سيدهما وهذا لايفترق فيه وطء السيد من وطء الزوج فإذا اتفق على زوال أحد السببين يزيل العيب وجب في الآخر كذلك.

قُلتُ: لا يخفى على منصف ضعف هذا الرد؛ لأن فقد التأنس بما كان يملكه المتأنس به أشد عليه من فقده ما كان يتأنس به مما لا يملكه؛ لأن الملك مظنة لكثرة

ص: 453

أوقات التأنس به وعدمه مظنة لقلتها وهذا مدرك بالعادة ضرورة؛ لأن تمتع الإنسان بما يملكه من مركوب به أكثر مما ينال من ذلك دون ملك، وفقد ما كثر ألفه أشد مما قل.

الصقلي عن أشهب: زوال الجنون والجذام والبرص إن طال مكثه بعد برئه حتى أمن عوده فلا رد به وإن لم يؤمن عوده فله الرد، وفيها لابن القاسم: يرد بالجنون وإن لم يعلم به حتى ذهب؛ لأنه لا يؤمن عوده، ولو أصابه في السنة جذام أوبرص فبرئ قبل علمه به لم يرد به إلا أن يخاف عوده فيكون كالجنون، وتقدم للخمي إن علم أن العبد كان به قبل شرائه جذام أو برص ثم ذهب أنه يرد بذلك وتقدم قول ابن القاسم انقطاع البول في الفراش لا يؤمن عوده، وقول أشهب فيها: إلا أن يمضي كثير السنين عليه مما يؤمن عوده، وما حدث عند مبتاعه ألغى يسره وأوجب الأرش مفسده وغيرهما يخيره في أرشه ورده، وأرش الحادث، فلو أسقط البائع أرش الحادث ففي سقوط خيار المبتاع ثالثها إن حدث بالمبيع رفع سوقه أو فراهة، ورابعها إن كان بائعه مدلسًا لها مع غيرها وعيسى بن دينار مع الباجي.

الأظهر من قول البغداديين وعياض عن ابن القاسم في العشرة وابن نافع وروايته وشُيُوخ المذهب وابن لبابة.

قال عياض: نص ابن حبيب على المدلس وغيره سواء.

قُلتُ: هو فيها نص في سؤال أجاب عنه برأيه ولم يسمعه.

ابن محرز: ناقض ما أوجب التخيير الأول بعض المذاكرين بمنع ابن القاسم من ابتاع سلعًا فاستحق أكثرها التمسك ببقيتها؛ لأن منابه من الثمن مجهول، وأجاب ابن محرز بأن التقدير فيما يصيب بالحبس في العيب معروف لا يتفاوت التقدير في الفض علي السلع في الاستحقاق، وفي هذا المعنى قول ابن القاسم لمن انهدم بعض ما اكتراه أثناء سكناه التمسك بما بقي بمنابه ويرد بمنع أن ما ذهب فالباقي في المعيب معروف بخلاف الاستحقاق؛ بل العكس أقرب؛ لأن الذاهب بالعيب جزء هو الآن عدمي، وفي الاستحقاق وجودي، والموجود أعرف، ومناب الأعراف، والجواب أن لزوم الإمضاء في الجزء الذاهب عند المبتاع بحادث العيب وفيما سكنه المكتري يوجب كون التمسك بالباقي بالعقد الأول لا مستأنف.

ص: 454

قُلتُ: وهذه المناقضة خلاف قول عبد الحق لا يخير إلا بعد معرفة مناب العيب القديم والحادث، فالأول فيها لابن القاسم ما لا ينقصه نقصًا كثيرًا.

الصقلي: ألغى للمبتاع دون البائع لشرط السلامة عليه، ولأنه بسبب تدليسه أو تفريطه هذا الاستحسان، والقياس عدم إلغائه له كالبائع، وقاله اللخمي: إن كان البائع غير مدلس.

وفيها: الرمد والكي والدمامل والحمى والصداع وإن نقصه يسير.

اللخمي عن سَحنون: الحمى من أمراض الموت يريد فلا يرد به وهو حسن فلا يعجل بالرد فقد ينكشف عن مخوف يمنع الرد وكذا الرمد.

المازري: أشار بعض الأشياخ إلى أن مراد ابن القاسم، الحمى اللطيفة، قال: وقال ابن كنانة: يتوقف في رد المريض حتى يتبين موته أو إفاقته.

قُلتُ: هو للباجي قال: ولابن القاسم: يرده ما لم يكن مخوفًا فالأمراض ثلاثة: خفيف لا يثبت خيارًا، ومتوسط يثبته، ومخوف يمنع الرد.

قُلتُ: ظاهره اتفاقًا وفيه خلاف، قال: وقال أشهب: الوعك والحمى يوجب خياره وذكره ابن الحاجب رواية له: سمع ابن القاسم: لمن اطلع على عيب عبد بعد مرضه رده إلا أن يكون مرضًا مخوفًا.

قال عيسى: قال ابن القاسم: إن كان مخوفًا استؤني به ما لم يدخل في ذلك ضرر، فإن قرب برؤه رده وإن تطاول رد إليه قدر قيمة العيب.

ابن رُشْد: قول ابن القاسم تفسير لقول مالك، ولو لم يرج برؤه لأمد قريب لم يستأن به، ورجع بقيمة العيب ابن رُشْد: يقول ابن القاسم.

وفي نوازل سَحنون: في بعض الروايات: يرده مريضًا وإن كان مخوفًا رد معه ما نقصه عيب المخوف فقيل هذا الاختلاف على الخلاف في بيع المريض وليس بصحيح؛ لأن الخلاف في ذلك إنما هو مع تراضي المتبايعين والمردود عليه بالعيب لا يرضى أخذه مريضًا يخاف موته، ويدل عليه قول مالك مخوف المرض فوت في المراد بالعيب مع أن مذهبه جواز بيعه وهو دليل قوله في بيع الخيار منها وفي استبرائها، وسماع عيسى بعد هذا وقول أَصْبَغ خلاف قول ابن الماجِشُون واختيار ابن حبيب إذا بلغ مرضه ما يقصر

ص: 455

تصرف الحر على ثلثه وألغى ابن حبيب حدوث العيب الخلقي كالسرقة والزنا وشرب الخمر والإباق.

اللخمي: هذا خلاف الأصل، بعض شُيُوخ عبد الحق: قول ابن القاسم: النكاج عيب يغرم المبتاع أرشه، خلافه، ولما ذكر الباجي قول ابن حبيب قال: وسمع ابن القاسم: من اشترى جارية فزوجها فولدت عنده، ثم وجد بها عيبًا قديمًا حبسها ولا شيء له، وإما ردها بولدها. وروى محمد بن صدقة

في المدينَّة من اشترى جارية فزوجها ثم وجد بها عيبًا فله ردها مع نقص التزويج والتمسك مع الرجوع بقيمة العيب القديم.

قُلتُ: ظاهر قول ابن القاسم عنده كابن حبيب ولم يتكلم عليها ابن رُشْد في هذا المعنى بحال.

عياض: وقول أبي الفرج ما حدث من غير سبب المشتري، وكان من الله لا يرد له شيئًا، خلاف أصل المذهب.

ونص ابن القُصَّار عن المذهب. وفيها: ذهاب الظفر يسير.

اللخمي: ليس بخفيف في العلي من الجواري، وفيها: وزوال الأنملة في الوخش.

اللخمي: إن كان صانعًا يرغب فيه لصنعته فبطلت لذهاب أنملته مفسدًا.

ابن الحاجب: فيها الوعك أو الرمد والحمى يسير.

ابن عبد السلام: لم أقف على الوعك فيها إنما فيها الرمد والحمى.

قُلتُ: فيها مع الرمد والحمى الصاع، وكل وجع ليس بمخوف، وفي الصحاح: الوعك مغث الحمى، والمغث: ضرب ليس بالشديد يقال: مغثوا فلأنا إذا ضربوه ضربا ليس باشديد كأنهم تلتلوه وفيها: ذهاب الأصبع من الثالث.

اللخمي: كما قال في الأنملة.

ص: 456

الباجي: برء الموضحة والمنقلة والجائفة كعدم حدوثها.

محمد: ولو أخذ لذلك عقلًا لم يرده مع العبد؛ لأنه عاد لهيئته بخلاف قطع اليد.

وروى محمد بن صدقة: يرده ولا يرد عقل الموضحة؛ لأنها لا تعيبه وما شانه من جرح رد ما أخذ فيه.

ابن القاسم: وكذا عقل المنقلة والمأمومة والجائفة لأخذه إلا أن يشين فيرده معه عيسى إن شانه فله رده وما نقصه الشين بسبب أخذه العقل، وإمساكه ولا شيء له من قيمة العيب، ومن اشترى عبدًا به ورم لم يعلمه فزاد عنده، ثم اطلع على عيب في رده بعيب دون غرم أرش جنايته نقلا المازري عن ابن عبد الرحمن وغيره من الشُيُوخ.

وفيها: العمى والشلل من الثالث.

اللخمي عن محمد بن مسلمة: إن عمي أو أقعد أو هرم أو عجفت الدابة، أو انقطع ذنبها فصارت في غير ما يراد منه تعين الأرش.

اللخمي عن محمد بن مسلمة وكذا قطع اليد والشلل والعجف إن لم يرج ذهابه، ولم يذكر اللخمي عن ابن مسلمة إلا ما ذكرته ولم يذكر الشلل إلا إلحاقًا بما ذكر، وذكره ابن شاس وابن الحاجب عنه نصًا، وقول ابن عبد السلام هو أقرب لقولها في الديات من فقأ عيني عبد غيره أو قطع يديه أبطله فيضمن قيمته، ويعتق عليه يرد بأن ذلك مثلة يوجب عتقه فكان الظالم أحق وعلى قوله: هما تناقض.

وفيها: كبر الصغير من الثاني.

اللخمي: وروى محمد له رده وأخذ ثمنه، قال عن محمد: لم يختلف قول مالك في الدابة تعجف أن له ردها ويرد ما نقصها، وتقدم قول ابن مسلمة أنه فوت، وعزاه الصقلي لابن حبيب وابن القاسم.

الباجي: رواه ابن حبيب عن من يرضى من شُيُوخه وعبد الرحمن بن دينار عن ابن كنانة، وفي كون هرم الرقيق من الثاني أو الثالث ثالثها مع قيامه، ورابعها إن هرم عن حالته السابقة كثيرًا وإلا فمن الثالث لها، ولمحمد وأَصْبَغ واللخمي، ونقل ابن الحاجب أنه من الأول وقبوله.

ابن عبد السلام: لا أعرفه، وفي كون بين سمن الرقيق بعد بين هزاله، وبينه بعد

ص: 457

بيته فوتا ثالثها في الهزال للصقلي عن ابن حبيب قوله: أحسن ما سمعت وروايته وعن ابن القاسم.

اللخمي: إن قال أهل المعرفة غيرها السمن كثيرًا فله الرجوع بالأرش، وإن قالوا غيرها الهزال كثيرًا فله ردها وما نقصها.

قُلتُ: بلغوهما في إقالة الطعام أحرويا هنا؛ لأن حق الله آكد.

ابن رُشْد: في لغو السمن وكونه من الثالث أو الثاني ثلاثة لابن القاسم وابن حبيب، والتخريج على الكبر.

الباجي: روى ابن حبيب هزال الرقيق وسمنه لغو، وهزال الدواب يخير المبتاع، وفي سمنها ثالثها إن كان بينًا لروايتي الجلاب مع الباجي عن روايتي أَصْبَغ ونقله عن ابن القاسم وصلاح البدن بغير السمن لغو.

اللخمي: اختلف في مريض بيع يصح هل هو فوت يوجب الرجوع بالأرش أو ليس إلا الرد؟ وهذا قول محمد.

وفي كون وطء الثيب من الأول أو الثاني نقلا الجلاب مع رواية الموطأ وأبي عمر عن ابن وَهْب مع المازري عن ابن حبيب عنه وعن ابن نافع وأَصْبَغ ووطء البكر المنصوص من الثالث، وتخريج قول ابن وَهْب أحروي.

الباجي: قول مالك في وطئ البكر ما نقص من ثمنها يريد، وكانت ممن ينقصها الاقتضاض؛ لأن الوخش لا ينقصها رما زاد فيهن، وقبله المازري ونحوه قولها في المرابحة: لو كانت أمة فوطئها لم يبين إلا أن يكون اقتضها هى ممن ينقصها، وأما الوخش التي ربما كان أزيد لثمنها فلا بيان عليه، وفي كون النكاح من الأول أو الثاني. ثالثها من الثالث، للمازري عن أخذه بعضهم من سماع ابن القاسم: من ابتاع جارية فزوجها فولدت أولادًا ثم وجد بها عيبًاقديمًا له ردها بولدها وحبسها ولا شيء له وقاله ابن القاسم وتخريج اللخمي قول ابن مسلمة في الفوت بالعمى وما ذكر معه والمشهور مع رواية المدينة، ورد المازري الأول بحمله على جبره بالولد، وعلى المشهور في جبره بالولد قولا ابن القاسم وغيره فيها.

المازري: فأخذ منه السيوري أن الولد غلة كنقل الباجي عن عبد الرحمن بن دينار

ص: 458

عن ابن كنانة فيمن ابتاع شاة حاملا فولدت عنده وأكل سخلتها هو مخير في ردها مع ما نقصها الولادة؛ لأنها كانت ترجى

لولدها وإمساكها، وأخذ الأرش ولاشيء عليه في الولد كذهاب السمن خلاف قول ابن القاسم في المدنيَّة إن ردها رد الولد، قد تزيد قيمته على قيمة العيب، وتعقب محمد قول ابن القاسم بأنه قد تكون قيمة عيب النكاح نصف الثمن ولا يسوى فع ولدها دينارًا فردها دون الولد ظلم، ورده الصقلي بأن مراد ابن القاسم يجبره به إن كان قدر قيمة العيب فأكثر وإن كان أقل رد معه بقية النقص.

قُلتُ: وبه فسره التونسي وابن محرز والمازري قالوا صفة التقويم: أن يقال قيمتها سليمة مائة، وبعيب التدليس ثمانون، ثم إن كان قيمتها به وبعيب النكاح والولد ثمانين فقد جبر الولد عيب النكاح وإن كانت سبعين خير في إمساكها مع رجوعه بعيب التليس وهو خمس الثمن وردها مع ما نقص عنده وهو العشر، وفي رواية فيها قال أشهب: بدل غيره، وعزوه ابن عبد السلام لمالك فيها لا أعرفه، ونصها: الجبر عيب نكاحها بالولد في نكاح مالك قال: نعم؛ لأن مالكًا قال: بما ردها وولدها وقد زاد في ثمنها فهذا يدل أنه يجبر به عنده، وفي كتاب الوديعة ما نصه وقاله مالك: فيمن رد أمة ابتاعها بعيب وقد زوجها فولدت يجبر نقص النكاح بالولد كما يجبر بزيادة قيمتها والنكاح ثابت.

ابن الحاجب: النكاح من الأول منصوصًا لا أعرفه، لغير ابن شاس.

المازري: ورد أخذ السيوري بأنه لو كان غلة ما جبر به العيب؛ لأنه غير عين وقيمة العيب إنما هي عين فالجبر به يوجب كونه كعضو منها وبأنه يجبر به، ولو زاد على أرش العيب وجه اللخمي الجبر بأنه لرفع ضرر عيب النكاح بالولد كما قيل فيمن اطلع على عيب بعد بيع المبيع بمثل الثمن لا رد له.

المازري: ويجب عليه جبره بنماء الجارية ورد القول بأن الولد غلة بأنه لا خلاف أن ولد الحرة من العبد حر وولد الأمة من الحر عبد، وولد المعتق بعضها والمعتقة لأجل والمكاتبة والمدبرة بمنزلتها، ولو كان غلة ما كان كذلك.

قال المازري: وعندي أن الجبر بالولد؛ لأنه عن عيب النكاح فكأنه يجبره لم يكن

ص: 459

ومقتضاه أن لا يجبربه عيب النكاح، وفي الموَّازيَّة يجبر به غير النكاح وبه ترد حجة أشهب على ابن القاسم بعدم جبره بالنماء.

قُلتُ: قوله: به ترد حجة أشهب يقتضي أن ابن القاسم يوافق أشهب في عدم جبره بالنماء، وقال ابن محرز: زيادة البدن.

ابن القاسم: يلتزم ذلك فيها ويجبر بها العيب كالولد، وحملوا قولها في الوديعة يجبر النكاح بزيادة قيمتها على زيادتها بنماء بدنها، وكذا رواه ابن شعبان.

اللخمي: موت الولد كعدم ولادته.

المازري: إن قيل: رده قائمًا يوجب كونه كيدها فموته كذهاب يدها فيرد قيمته كرد قيمة يدها قيل: ليدها حظ من ثمنها لوجودها يوم الصفقة، ولا حظ للولد منه لعدم وجوده يومئذ.

قُلتُ: سبقه به التونسي.

اللخمي: إن ماتت الأم دون الولد فقال ابن القاسم: كموتها يرجع بقيمة العيب، وقال أشهب: يخير البائع في دفع قيمة العيب وتخيير المشتري في حبس الولد ولا شيء له ورده، وأخذ الثمن ولما ذكر المازري قول أشهب قال: الحكم في عيب حدث عند المشتري أن المشتري يبدأ بالتخيير وفي مسألة الولد خير أشهب البائع، وأجاب بأنه خير البائع هنا لفوت المبيع، وقال بعض المتأخرين: ابن القاسم لا يخالف أشهب في هذه المسألة؛ لأنه ذكر في المدَوَّنة في باب بعد هذا هذه المسألة، وقال: يأخذ المشتري قيمة العيب إلا أن يشاء البائع أن يسترد الولد فقط، ويرد جميع الثمن فيخير المشتري في قبول هذا منه أو تمسك الولد ولا شيء له قيمة العيب فقدر هذا أن الجواب الأول مطلق وهذا مقيد، فيرد المطلق إليه وأنكره غيره من المتأخرين وقال: قال سَحنون عقيب هذا: هذا مذهب أشهب، فلا ينبغي إضافة هذا لابن القاسم، وأجاب غيره عن هذا بأن مراده بقوله: هذا مذهب أشهب أي: هذا النوع قاله ابن القاسم مثل مذهب أشهب.

اللخمي: وإن بيعا فذكر ما تقدم لابن القاسم وأشهب في بيع المعيب، قال: وقال ابن القاسم: إن بيع الولد أو قتل رد الأم وما أخذ من ثمن الولد أو قيمته بخلاف

ص: 460

المفلس يبيع الولد ثم يجد البائع الأم لا شيء له فيما بيع من ولده.

وقال أصبغ: في الولد يرد من ثمنه قدر قيمته كأنه اشتراه مع أمه مولودًا.

قُلتُ: قول أَصْبَغ في الرد بالعيب حسبما بينه المازري والصقلي قال: قال ابن الموَّاز: يرد جميع ما أخذ في الولد وقاله ابن القاسم وأشهب ولا يعجبنا قول أصبغ.

الصقلي: معنى قولهم: يرد ما أخذ في الولد أي: يقاصص البائع بما أخذ في الولد إن كان الثمن عيبا وإن كان عرضًا لم يفت رده، والفرق بين التفليس والرد بالعيب: أن المبتاع في الرد بالعيب مخير، وفي التفليس مجبور لقوله صلى الله عليه وسلم:«أيما رجل فلس فأدرك البائع ماله بعينه فهو أحق به من غيره» ، فدل أن ما فات فلا حق له فيه، والولد قد فات، وذكر المازري مسألة التفليس احتجاجًا للسيوري، وقال: روى محمد: من ابتاع أمة فزوجها فولدت عنده وباع ولدها ثم فلس فللبائع أخذ الأمة دون ما أخذ المشتري من ثمن الولد قال: لأن الولد غلة فقد نص على أن الولد غلة: واعتذر بعض المتأخرين عن هذا فذكر ما تقدم للصقلي من التفريق وزاد وأشير أيضًا إلى فرق آخر، وهو أن البائع إنما يحاصص بثمن الأم فكذا إن عدل عنه ليس له إلا أخذ الأم.

قُلتُ: فلا يأخذ الولد وإن كان قائمًا قال المازي: التحقيق إن قيل الولد غلة أن لا يرد في عيب ولا تفليس ولا ثمنه، ولما كان ما في الموَّازيَّة من أوضح دليل للسيوري، لذكره أن الولد غلة دعا هذا بعض أشياخي أن قال: لم يرد أنه غلة في سائر أحكام الغلة إنما أراد أن الأمة إن ردها في الفليس بعينها قدر أن الولد لم يكن كما لو أصابتها موضحة أخذ لها أرشًا ولم تنقصها فإنه لا يرد ما أخذ من أرشها، ومقتضي قول شيخنا هذا أن لا يرد الولد وإن كان قائمًا.

اللخمي: ولو قتلا أو قتلت دون الولد رجع على قول ابن القاسم بقيمة العيب وعلى قول أشهب لا شيء له إن أخذ مثل الثمن، وإن أخذ أقل رجع بالأقل من قيمة

ص: 461

العيب أو تمام الثمن إن قتلا وإن قتلت وقيمتها أقل فله أن يعطيه قيمة العيب أو يخيره بين أن يسلم الولد ويتم له الثمن أو يمسكه، ولا شيء له وإن قتل الولد دونها وفي قيمته ما يجبر عيب النكاح خير في تماسكه ولا شيء له أو يرد ويحاسب بالولد وإن لم يجبر فله أن يمسك ويأخذ قيمة العيب أو يرد ويغرم ما نقص العيب بعد الولد، واستحسن إن فات الولد ببيع أو قتل أن يمسك ويرجع بالعيب مطلقًا كالصغير يكبر.

ابن رُشْد: في كون زيادة الولد لغوا، وإيجابه تخيير المبتاع قولان، لسماع عيسى ابن القاسم، إن أحب أمسك ولا شيء له في العيب أو ردها بولدها أو ثمنهم إن كان باعهم وسماعه، موسى يخير بين ردها بولدها أو ثمنهم إن باعهم أو يمسك ويرجع بقيمة العيب، وقول أَصْبَغ إن باع الأولاد رد الأم وأخذ حصتها من الثمن كأنها بيعت معهم بعيد، وفي كون كبر الصغير من الثاني أو الثالث قولان لها، ولابن حبيب، مع روايته ولا فرق بين زيادة الولد والكبر فيكون في كل منهما ثلاثة أقوال.

وفيها: تعليم العبد والأمة صنعة تزيد في الثمن لغو.

ابن رُشْد: اتفاقًا كإفادتهما الأموال.

اللخمي: اختلف في تعليمهما الصنعة، ففي الموَّازية: لغو، وقال في المبسوط: إن غرمت الزوجة في تعليم الأمة المهر فطلقت قبل البناء فعلى الزوج نصف ما غرمت، وهذا أحسن، فعليه يخير المشتري في التماسك مع أخذ الأرش أو يعطيه المشتري ما غرم من أجره أو يباع فيكون ما زادت الصنعة على الثمن الأول فإن الأول فإن لم تزد شيئًا فله الرجوع بقيمة العيب لئلا يضيع عمله، وقد قال ابن القاسم: من نقل طعامًا غصب لبلد لقيه المغصوب منه به ليس له أخذه منه لئلا يضيع عمله، فالمشتري أحرى، ورده المازري بأن غرم الزوج لعله على القول بأنه بالطلاق شريك يرجع بنصف غلة المهر وخرجه التونسي من قول الموَّازيَّة من ابتاع عبدًا باعه، القاضي بعد عتقه ربه عديمًا لدينه ثم أيسر المدين ثم أعسر فاطلع مبتاعه على عيب قديم له حبسه والرجوع بأرشه؛ لأنه إن رده عليه عتق بيسره الطارئ ولا يجد ثمنًا يأخذه لعسره الثاني بعد اليسر المذكور، وعزاه المازري لبعض الأشياخ ورده وأجاب بأن ضرر عدم الرجوع بالثمن ناشيء عن الرد، وعدم أجر الصنعة ليس كذلك.

ص: 462

قال: وقال بعض الأشياخ: غرم قبالة السلطان على شراء ما يشتري يوجب رجوع المشتري بالأرش وخرجه بعضهم على غرم أجر الصنعة، قال: وقال بعضهم إن ادعى في حمل سلعة ثقيلة أجرًا فله الرجوع بالأرش وخرجه بعضهم على غرم أجر

الصنعة. الشَّيخ عن الموَّازية: من سافر بعبد ابتاعه فاطلع على عيب به فأشهد عليه وباعه، فإن كان ببلد لا سلطان فيه أو يعسر تناوله رجع ببقية ثمنه، وإلا فإن لم يرفع إليه حتى يقضي له برده ويبيعه فلا شيء له وتمام حكم النقل في التدليس.

ص: 463