المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب بيعتين في بيعة] - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٥

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب النفقة]

- ‌[باب فيما تجب فيه النفقة على الزوج]

- ‌[باب في اعتبار حال النفقة]

- ‌[باب فيما تكون منه النفقة]

- ‌[باب في اللباس]

- ‌[باب في الإسكان]

- ‌[كتاب الحضانة]

- ‌[باب في مستحق الحضانة]

- ‌[كتاب البيوع]

- ‌[باب الصيغة في البيع]

- ‌[باب العاقد الذي يلزم عقده]

- ‌[باب في شرط المبيع]

- ‌[باب في المعقود عليه]

- ‌[باب في بيع العذرة والزبل]

- ‌[باب في بيع الزيت النجس، وعظم الميتة

- ‌[حكم بيع جلد السبع]

- ‌[باب في بيع الخصي]

- ‌[باب في بيع الكلب]

- ‌[باب في بيع الصور]

- ‌[باب في بيع آلات اللهو]

- ‌[باب في بيع الهر ونحوه]

- ‌[باب في جبر بائع جلد الشاة على ذبحها]

- ‌[باب في بيع المريض وذي مرض السياق]

- ‌[باب في بيع الآبق والشارد]

- ‌[باب في بيع المغصوب]

- ‌[باب في بيع الرَّهن وملك الغير بدون إذنه]

- ‌[باب في من باع جارية حلف بعتقها]

- ‌[باب في بيع عمود عليه بناء، وعلى من يجب قلعه]

- ‌[باب في بيع نصل سيف دون حليته]

- ‌[باب في بيع الهواء]

- ‌[باب في بيع طريق في دار رجل]

- ‌[باب في جهل أحد العوضين في البيع]

- ‌[باب في بيع لحم الشاة الحية]

- ‌[باب في بيع الحب المختلط في أندره]

- ‌[باب في بيع دقيق بحنطة]

- ‌[باب في بيع الحيتان في البرك]

- ‌[باب في الجهل بالثمن]

- ‌[باب في جمع الرجلين سلعتيهما في البيع]

- ‌[باب في عقد البيع على حرام وحلال]

- ‌[باب في الاستثناء من المبيع]

- ‌[باب في جبر مشتري الشاة المستثنى منها على ذبحها]

- ‌[باب في أجرة الذبح]

- ‌[باب في بيع حائط من عنب واستثناء سلل منه]

- ‌[باب في بيع العبد وله مال]

- ‌[باب في شراء مال العبد بعد شرائه]

- ‌[باب في بيع العبد وثمر الحائط

- ‌[باب في بيع أحد الشريكين حظه في عبد]

- ‌[باب في بيع الجزاف]

- ‌[باب في الشراء بمكيال مجهول]

- ‌[باب في الصفة تقوم مقام العيان في الحزر]

- ‌[باب في شرط الجزاف]

- ‌[باب في بيع ما تقدمت رؤيته]

- ‌[باب في بيع ذي ورم تقدمت رؤيته]

- ‌[باب في شرط لزوم بيع الغائب]

- ‌[باب في بيع البرنامج]

- ‌[باب في بيع الأعمى]

- ‌[باب في نقد ثمن الغائب]

- ‌[باب في شرط النقد في بيع الغائب]

- ‌[باب في بيع دار على الصفة من غير البائع]

- ‌[باب في من اشترى غائبًا هل يوقف ثمنه

- ‌[باب في ضمان بيع الغائب غير ذي توفيةٍ]

- ‌[باب في صحة اشتراط الضمان عقب العقد]

- ‌[باب ما يحرم به فضل القدر والنساء]

- ‌[باب ما يحرم فيه النساء]

- ‌[كتاب الصرف]

- ‌[باب في شرط الرد في الدرهم]

- ‌[باب المراطلة]

- ‌[باب المبادلة]

- ‌[باب في الاقتضاء]

- ‌[باب الطعام]

- ‌[باب في شرط المماثلة]

- ‌[باب الاقتناء في الحيوان]

- ‌[باب المزابنة]

- ‌[باب الكالئ بالكالئ]

- ‌[باب في الغرر]

- ‌[باب في بيع الحامل بشرط الحمل]

- ‌[باب في بيع المضامن والملاقيح]

- ‌[باب في بيع الملامسة والمنابذة]

- ‌[باب في بيع الحصاة]

- ‌[باب في النهي عن بيعتين في بيعة]

- ‌[باب بيعتين في بيعة]

- ‌[باب في بيع عسيب الفحل]

- ‌[باب في النهي عن بيع وشرط]

- ‌[باب في البيع بشرط السلف]

- ‌[باب في البيع بشرط أن لا يبيع]

- ‌[باب في بيع الثنيا]

- ‌[باب في هلاك الرَّهن بعد قبضه]

- ‌[باب في استحقاق الرَّهن قبل قبضه]

- ‌[باب في بيع الأمة بشرط رضاع ولدها ونفقته]

- ‌[باب في أرض الجزاء]

- ‌[باب في الأرض المطبلة]

- ‌[باب في بيع العربان]

- ‌[باب في بيع الولد دون أمه أو العكس]

- ‌[باب في التفرقة بين الأم وولدها في البيع]

- ‌[باب في الإيصاء بالولد دون أمه أو العكس]

- ‌[باب في من وهب الولد دون أمه]

- ‌[باب في وسائل إثبات النبوة المانعة من التفرقة]

- ‌[باب في بيع المزايدة]

- ‌[باب في بيع الحلي مزايدة بعين أو أصلها]

- ‌[باب بيع النجش]

- ‌[باب في بيع المقاومة]

- ‌[باب في بيع المقاومة بالحصاة]

- ‌[باب في بيع الحاضر للبادي]

- ‌[باب في البيع زمن نداء سعي صلاة الجمعة]

- ‌[باب في شراء تلقي السلع]

- ‌[باب في الخروج شراء الغلل من الحوائط]

- ‌[باب في التسعير]

- ‌[كتاب بيوع الآجال]

- ‌[باب في شرط بيع الأجل]

- ‌[باب ما يمنع فيه اقتضاء الطعام من ثمن المبيع وما يجوز]

- ‌[باب العينة]

- ‌[كتاب بيع الخيار]

- ‌[باب دليل رفع الخيار]

- ‌[باب في الفعل الدال على إسقاط الخيار]

- ‌[كتاب الرد بالعيب]

- ‌[باب الغش والتدليس]

- ‌[باب البراءة]

- ‌[باب فيما يهده في حق المدلس بسبب تدليسه]

- ‌[باب في قدر مناب العيب القديم من ثمن المعيب]

- ‌[باب في قدر الحادث من العيب في المبيع]

- ‌[باب معرفة قدر زيادة زادها المشتري في المبيع]

- ‌[باب ما يكون فيه المبيع المتعدد كالمتحد في العيب]

- ‌[باب صفة يمين البائع في العيب]

الفصل: ‌[باب بيعتين في بيعة]

بيع الغرر.

المازري: اختلف في تأويله، وأحسن ما قيل فيه تأويلات منها: أن يبيع من أرضه قدر رمية الحصاة ولا شك في جهله لاختلاف قوة الرامي، وقيل معناه: أي ثوب وقعت عليه حصاتي فهو المبيع، وهو مجهول كالأول وقيل معناه ارم بالحصاة فما خرج كان لي بعدده دنانير أو دراهم وهذا مجهول أيضًا، وقيل معناه: إذا أعجبه الثوب ترك عليه حصاة، وهذا إن كان بمعنى الخيار، وجعل ترك الحصاة علمًا على الاختيار لم تمنع إلا أن تكون عادتهم في الجاهلية أن يضعوا أمورًا تفسد البيع مثل أن يكون متى ترك الحصاة، وإن كان بعد عام وجب له البيع وهذا إن كان معناه إذا سقطت باختياره فهو بيع خيار أذا وقع مؤجلًا فلا يمنع إلا أن يكون ثمنه مجهولًا، وقد يكون هذا هو معنى القولين الأخيرين.

قُلتُ: هذا هو قول اللخمي بعد ذكر التفسيرين الأخيرين لا يكون البيع هنا فاسدًا إن كان الثمن معلومًا.

[باب في النهي عن بيعتين في بيعة]

ونهى عن بيعتين في بيعة، فأخرج الترمذي عن أبي هريرة رضي، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة. وقال: حديث صحيح، وفي الموطأ لمالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى بمثله، أبو عمر: هذا حديث من طرق صحاح تلقاها أهل العلم بالقبول.

[باب بيعتين في بيعة]

الباجي: هو تناول عقد البيع لزومًا بيعتين على أن لا تتم منهما إلا واحدة كبيع

ص: 293

ثوبه بدينار وآخر بدينارين يختار أيهما شاء لازمًا لهما أو لأحدهما.

ابن رُشْد: هو تناول البيع مبيعين لا يتم مع لزومه للمتبايعين أو لأحدهما إلا في أحد المبيعين، وقلنا: أحد المبيعين لا أحد الثمنين ولا أحد المثمونين ليعم الأمرين لاستوائهما فيه.

قُلتُ: تعريف الباجي يشمل صحيحًا وفاسدًا وتمثيله به وذكر علة فساده ينافيه، وتعريف ابن رُشْد كذلك، وتقسيمه لصحيح وفاسد يناسبه والأولى ما يخص متعلق النهي وهو بيع لأحد مثمونين يختلف الغرض فيهما أو بأحد ثمنين كذلك لزومه لأحد عاقديه.

وقول ابن الحاجب: ومحمله عند مالك: على سلعة ثمنين مختلفين وسلعتين مختلفتين بثمن واحد على اللزوم لهما أو لأحدهما يبطل طرده بيع سلعتين مختلفتين بثمن واحد لزومًا أو لأحدهما.

وفيها: بيعتان في بيعة بيع سلعة بدينار تقدًا أو دينارين لأجل قد لزم المتبايعين أو أحدهما، وكأن وجب بدينار نقدًا وجعله بدينارين لأجل أو وجب بدينارين لأجل لجعله بدينار نقدًا ونحوه في الموطأ، وفي البيوع الفاسدة منها مع رواية محمد إن كان دون لزوم جاز، وفي الموطأ، خيار ما لو اتحد الثمن واختلف قدر عوضه من صنفي نوع طعام ربوي بكيل لم يجز للتفاضل وبيعه قبل قبضه.

ص: 295

قُلتُ: فالغرر ولو قال: خذ الثوب أو الشاة بدينار إن شئت ففي جواز نقل الباجي روايتي أشهب وابن القاسم مع ابن وَهْب.

محمد: هذا أصوب، لخلو العقد من معنى التخيير والمساومة، به فسره ابن القاسم قال: ولفظ الإيجاب قوله: هي لك بكذا أو خذها بكذا ولفظ المساومة أنا أبيع هذا بدينار، وهذا بدينارين أو يقول له بكم هذا؟ فيقول له بدينار نقدًا، ويقول وبكم هذا لأجل فيقول بدينارين، فاشتر بأحدهما جاز.

ابن رُشْد: صور بيعتين في بيعة ثلاثة؛ لأن اختلاف الغرض إما في الثمنين أو المثمنين أو أحدهما فإن امتنع تحويل أحدهما في الآخر، فإن ظهرت التهمة منع اتفاقًا، وإن انتفت جاز كاختلاف المبيعين في غير الطعام في القلة والكثرة مع النقد والتساوي في الأجل أو اختلافه مع كون المؤجل أو الأبعد أجلًا أقل عددًا للعلم، إن البيع إنما وجب الأكثر إن كان الخيار للبائع أو بالأقل إن كان للمبتاع وما جاز فيه تحويل أحد الثمنين أو المثمنين في الآخر، فإن كانا صنفين يجوز سلم أحدهما في الآخر، لم يجز إلا على قول عبد العزيز بن أبي سلمة، وإن كانا صنفًا وتباينت صفتاهما بحيث يمتنع أحدهما في الآخر جاز عن محمد وعبد العزيز وإن كانا صنفا واحدًا وتفاضلًا في الجودة ففي جوازه قولها مع الأولين، وقول ابن حبيب وإن كان صنفًا واحدًا بصفة واحدة جاز اتفاقًا.

قُلتُ: وهو بيع الاختيار دون خيار.

زاد في البيان بعد الإحاطة بمعرفة خيارها وشرارها وحصل في جوازها بشرط تساويهما في الجودة، أو بعد اختلافهما بما تختلف فيه الأغراض، ولو لم يجز سلم أحدهما في الآخر ثالثها بشرط عدم اختلافهما بما يجوز به سلم أحدهما في الآخر، ورابعها

الجواز، ولو صح سلم أحدهما في الآخر لابن حبيب، ولها ولمحمد، وعبد العزيز، وسمع عيسى ابن ال قاسم لو اشترى عشرة يختارها من غنم بعد اشترائه عشرة منها قبل اختيارها جاز. ولو اشتراها غيره قبل اختياره لم يجز؛ لأنه غرر.

ابن رُشْد: الفرق بينهما أنه يعلم ما يختار فلم يدخل في العشرة الثانية على جهل،

ص: 296

وغيره لا يعلم ذلك، ويجوز له يشتري بقيتها قبل أن يختار فلم يدخل في العشرة الثانية على جهل، وغيره لا يعلم ذلك، ويجوز له أن يشتري بقيتها قبل أن يختار عشرته الأولى ولا يجوز لغيره، وأجازهما محمد لغيره، ووجهه أن الثاني علم أن الأول لا يختار إلا خيارها، وخيارها لا يخفي على ذي معرفة فكأن البائع أبقى تلك العشرة لنفسه، وباع باقيها أو عشرة منه على أن يختارها، وعليه يجوز بيع عشرته قبل اختيارها من غيره يختار المشتري الثاني لنفسه خلاف ما في سماع سَحنون، لأشهب ومن حق مشتري عشرة يختارها أن يختارها هو أو من يعينه لذلك وهذا مقتضى النظر، ويأتي على قول أشهب في سماع سَحنون، إن ذلك ليس له، إذا لم يجز له بيعها من غيره على أن يأخذ ما اختار هو ولا على أن يختارها هو لنفسه إذ لا يتنزل عنده أحد منزلة المبتاع في اختياره إلا وارثه، وهو بعيد، وقول بعض الشُيُوخ إنما قال أشهب هذا؛ لأن من حق البائع أن يقول إنما رخصت عليك لعلمي أنك غير ما هو في اختيار الغنم أرجو أن يختار ما ليس بخيارها ليس بشيء إذ لو كان ذلك لكان غررًا.

قُلتُ: قوله: ليس بشيء إلى آخره، وتضعيفه قول أشهب سبقه به التونسي.

ابن رُشْد وقول: ابن دحون إن شرط البائع عليه أن يختاره بفسه لزمه غير صحيح.

قُلتُ: قوله: ليس بشيء إلى آخره، وتضعيفه قول أشهب سبقه به التونسي.

ابن رُشْد وقول: ابن دحون إن شرط البائع عليه أن يختاره بنفسه لزمه غير صحيح.

قُلتُ: ففي لزوم اختياره بنفسه ما لم يمت، ثالثها إن شرطه البائع وعزوها واضح،

ابن رُشْد، وغيره عن ابن حبيب: إن اشترى عشرة من خيرة غنمه ولم يعينا من يختارا، واختلفا في تعيين خيرتها، دعا لذلك أهل العدل والبصر، قال: وهو صحيح؛ لأن خيرتها معلوم، وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: من اشترى عشرة يختارها من غنم حوامل فلم يختر حتى ولدت لا خيرة له إلا في الأمهات فقط، وله ما جزه البائع من صوفها، لا ما اغتله من لبنها وسمنها؛ لأنه كان ضامنًا لها، ولو كان المبيع كذلك جواري، ولم يشترط حملهن فوضعن قبل اختياره فسخ البيع؛ لأنه آل لبيع الأم دون ولدها، وقال أصبغ: لايفسخ؛ لأن أصله جائز، ويخير المبتاع ثم يجمع ما اختار لولده ويباعان معًا ويقسم الثمن على الأقدار.

ابن رُشْد: قول ابن القاسم إنما يختار في الغنم الأمهات مثل قول أشهب في خيارها

ص: 297

خلاف قول ابن القاسم.

فيها: من ابتاع أمة بخيار فولدت في أيامه الولد للمبتاع إن أبت البيع فجعل الولد كعضو منها، وهو في هذه أحرى للزوم البيع في عشرة منها، وقول ابن دحون، وليس ذلك باختلاف؛ لأنه إنما جعل الولد للمشتري في مسألة المدَوَّنة للتفرقة ولا تفرقة في الغنم غير صحيح لقول ابن القاسم في الجواري البيع للتفرقة، والتفرقة ببقاء الولد للبائع.

وفي قوله: يفسخ البيع، نظر؛ لأنه إنما فسخه؛ لأنه رأى أن اختياره إن اختار إنما يكون على العقد الأول، وكأنها لم تزل ملكًا له، من يومئذ، وهذا يوجب كون الولد له، وفسخه البيع أيضًا من أجل التفرقة خلاف قوله فيها: أنه لا يفسخ إلا إن امتنعا أن يجمعا بينهما في ملك أحدهما، وقيل: لا يفسخ بينهما فإن أبيا أن يجمعا بينهما في ملك أحدهما بيعًا عليهما وقسم الثمن بينهما على قيمتهما وهو قول أَصْبَغ هنا.

وقوله: (ماجز البائع من صوفها فها هو للمبتاع) لايختلف فيه، وفي قوله: في اللبن والسمن للبائع نظرًا؛ لأن المبتاع ضامن للعشرة على قوله لوجوب البيع عليه فيها، لو تلفت لزمه غرم الثمن بقياس قوله: أن يكون له ما يقع للعشرة من لبن الغنم وسمنها؛ لأنه شريك فيها بالعشرة، وإنما يصح كون اللبن والسمن للبائع على قول سَحنون إن المصيبة من البائع في كل الغنم إن تلفت قبل أن يختار، وشراؤه الطعام على الاختيار لزومًا لا يجوز في غير متماثلين مطلقًا، ولا فيهما ربويين جزافًا ولا كيلًا إن اختلف قدر مع فيها مع غيرها لا يجوز شراء صبرة يختارها من صبر أو ثمرة شجرة يختارها من شجر، وإن اتفق الجنس أو عد ما يختار من هذه النخلة؛ لأنه في الجنس الواحد تفاضل مع بيعه قبل قبضه في الكيل؛ لأنه يدع هذه وقد ملك أخذها، ويأخذ هذه وبينهما فضل وكذا عشرة: أصبغ: محمولة بدينار أو تسعة سمراء على الإلزام وهو من بيعتين في بيعة.

المازري: إنما يحسن هذا على أن مجرد اختياره بقلبه دون لفظه يوجب ملكه إياه، وأما إذا قيل إنما علق الشارع أحكام الملك على الألفاظ فلا يحتاج لهذا المعنى والتحقيق النظر للأصل الذي أشرنا إليه.

ص: 298

قُلتُ: لم يتقدم له فيها غير التعليل بالانتقال المذكور، ولفظ يريد غير ذلك، وزعمه إنه إنما يتوجه على اعتبار مجرد الاختيار القلبي يرد بأنه مستند للفظ العقد اللازم والأمر القلبي إنما قيل بالغاية إذا تجرد عن لفظ سابق كالطلاق لمجرد النية، قال: وعلى الأول في اعتبار علة المنع المذكورة مطلقًا حماية للذريعة، كبيوع الآجال، وصرف ذلك لأمانة ذي الاختيار في أنه لم يختر ولم ينتقل نظر، ومال بعض المتأخرين إلى أنه ينبغي صرف ذلك لأمانته.

قُلتُ: هو اللخمي وشاعت فتوى بعض شُيُوخ شُيُوخنا أن شراء الغبن من البائع الذي بعض عند أسود وبعضه أبيض إنما يجوز إذا عين المشتري الأخذ من أحدهما وكذا شراء التين من البائع المختلف تينه محتجًا بما تقدم من نص المدَوَّنة، وغيرها، وأفتيت بجوار ذلك؛ لأن المنع المذكور إنما هو فيما بيع على الإلزام حسبما مر، وبياعات أهل زمننا في الأسواق إنما هو بالمعطاة فهي منحلة قبل قبض المبيع ولا يعقدونها بالإيجاب والقبول اللفظي بحال ويؤيد ما قلته في سماع القرينين: من ابتاع بدرهم فاكهة فبدا له بعد دفعه الدرهم، فقال للبائع: أعطني نصفه بطيخًا ونصفه تينًا لا أرى به بأسًا.

ابن رُشْد: إنما أجازه؛ لأن عقد البيع لم يتم إنما كانا في حال التفاوض، ولم يقطعا السعي بعد إذ لو أراد أخذ درهم كان له ذلك.

التونسي: لو اشترى مدين من إحدى صبرتين يختارها لزومًا جاز أن يتساويا ولم يتراضيا؛ لأنه بيع طعام بطعام.

الباجي: روى ابن حبيب عقد البيع على عشرة آصع من هذه الصبرة من جنس واحد، لا يجوز.

ابن زرقون: في الحاوي مثله، وذكر ابن محرز عن من لقي من الشُيُوخ جوازه وذكر عبد الحق أنه يدخله طعام على خيار لا بيعه قبل قبضه لجواز أخذ سمراء من محمولة مثل كيلها بعد الأجل وهو بدل ابن الكاتب معنى رواية ابن حبيب إن تأخر الاختيار عن وقت العقد.

قُلتُ: إن روعي مانع التأخير وجب كون معناها إن عقدا على تأخير الاختيار.

ابن زرقون: وقال فضل بن سلمة: ظاهر المدَوَّنة يدل أنه اتفق الكيل والصنف

ص: 299

جاز، قال وفيه مغمز؛ لأن الطعام بالطعام لا يجوز فيه خيار ساعة.

ابن زرقون: انظر كيف هو ظاهر المدَوَّنة، وقد علل فيها بما يشبه ذلك ببيع الطعام قبل قبضه.

قُلتُ: لم أجد في المدَوَّنة ما يدل على ما قاله فضل بحال، التونسي لو كان الاختيار في آحاد طعام يجوز فيه التفاضل كالقثاء لم يدخله إلا الغرر إن اختلفت كالثياب أو التراخي في بيع بآخر لا بيع طعام قبل قبضه، وذكره المازري غير معزوً وذكر ما تقدم عن الحاوي وابن الكاتب.

وفيها: لا بأس باشتراء أربع نخلات يختارهن من هذا الحائط، ولا ثمر فيهن، وقبل الصقلي قول عبد الحق بعموم الجواز ولو لم يعلم المبتاع عدد نخلات الحائط؛ لأن قدر ما ابتاعه معلوم، قال: ولو لم يشترط الخيار وأبهم ذلك لم يجز إلا بمعرفة عددها؛ لأنه يصير شريكًا في الحائط بقدر عدة ما ابتاع من كل عدة نخل الحائط، وشرط البائع استثناء اختياره عددًا من مبيعه غير الطعام مع لزوم العقد جائز إن قل اللخمي: لا يجوز إن كان أكثر واختلف في النصف منعه في نكاحها الأول، قال: إن تزوجها على أحد عبديه، والخيار للمرأة جاز، وإن كان على أن الخيار له لم يجز وأجازه سَحنون وهو ظاهر قول ابن القاسم في خيارها لا يجوز بشرط البائع خيار جلها، والنصف ليس بجل.

قُلتُ: ظاهر نقله إن نص المدَوَّنة إنما هو النكاح بأحدهما دون البيع، وكلاهما فيه مقيسة مسألة النكاح على مسألة البيع وهي في التهذيب معكوسة، وسمع عيسى ابن القاسم لا خير في شراء عشرة من شرار هذه الغنم؛ لأن الخيار للبائع يعطيه ما أحب ولا يدري ما اشترى.

ابن رُشْد شرط البائع اختيار عدد مسمى هو جلها أو أكثرها لم تختلف نصوص الروايات أنه لا يجوز، وإن جاز أن يدخله الخلاف بالمعنى.

قال ابن حبيب: فيمن يبيع البز المصنف، ويستثني منه ثيابًا إن شرط اختيارها من رقم بعينه فلا بأس، وإن كانت جل ذلك الرقم وإنما يكره في الكيل من الجزاف وهو بعيد.

ص: 300

قُلتُ: كذا رأيته في اختصار الواضحة، قال فضل إثر نقله: انظره مع قوله في الغنم: لا يجوز أن يشترط خيار أكثرها.

قُلتُ: ويحتمل أنه إنما أجازه؛ لأن أكثر الصنف لا يكون أكثر الصفقة؛ لأنه فرض كون المبيع أصنافًا، فالغالب إن أكثر صنف منها لا يكون أكثر مجموعها.

وقال ابن عبدوس: إن حمل هذا على النظر لم يجز منه شيء إذ لا يجوز جهل البائع ما باع ولا جهل المشتري ما اشترى فإن كان الخيار للمبتاع فقد جهل البائع ما باع، وإن كان للبائع جهل المبتاع ما ابتاع وإنما جاز اختيار المبتاع إن اتفق الصنف والثمن بالتسهيل؛ لأنه من بياعات الناس، والذي يجوز للبائع أن يستثني اختياره الثلث فأقل. فإن كان أكثر من الثلث لم يجزه ابن القاسم وأجازه سَحنون. يريد ما لم يكن الجل أكثر من الصنف؛ لأنه أجاز بيع الرجل أحد عبديه أيهما شاء على الإلزام للمشتري وأن يتزوج المرأة على ذلك خلاف ما في نكاحها.

قُلتُ: ففي جواز استثناء البائع اختيار أكثر من الصنف وقصره عليه ثالثها على الثلث فقط، ورابعها ما دون النصف لابن حبيب وسَحنون وابن رُشْد عن ابن القاسم واللخمي مع غيره عنه، وفي السماع المذكور إن باع عشرة من غنمه يختارها المبتاع بعد بيعه عشرة كذلك من غيره قبل اختياره إياها فلا خير فيه؛ لأن غرر.

ابن رُشْد: أجازه محمد وبيع بقيمتها من غيره.

ووجهه أن العشرة التي للأول كأنها معلومة للثاني لعلمه أنه لا يختار إلا خيارها وخيارها معلوم لأهل المعرفة فكأن البائع أبقاها لنفسه، وباع منه الباقي أو عشرة على أن يختارها وعليه يجوز للأول بيع عشرته قبل أن يختارها، ويختارها المشتري الثاني لنفسه خلاف ما سماع سَحنون لأشهب، ولما ذكر اللخمي منع البيع على اختيار المبتاع في الطعام، قال: اختلف قوله إن كان الخيار للبائع فمنعه وأجازه ففرق بين البائع والمبتاع والفرق بينهما فإن خشي أن يختار ثمر شجرة ثم ينتقل إلى أخرى لم يجز لبائع ولا مبتاع، وإن كان غير منتقل جاز لهما بعد بيان ذلك لهما وصرف الأمر إلى أمانة ذي الخيار ما لم يكم المبيع أصنافًا فيمنع للغرر. وفيها: إن استثنى البائع خيار ثمر أربع نخلات أو خمس أجازه مالك بعد إن وقف فيه أربعين ليلة.

ص: 301