الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بيع الغرر»، وفي الموطأ من مراسيل ابن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:«نهى عن بيع الغرر» .
[باب في الغرر]
المازري الغرر ما تردد بين السلامة والعطب.
قُلتُ: يريد ذو الغرر أو صفة ما تردد، ويرد بعدم انعكاسه لخروج غرر فاسد
صور بيع الجزاف وبيعتين في بيعة ونحوهما إذ لا عطب فيها والأقرب أن بيع الغرر ما شك في حصول أحد عوضيه أو مقصود منه غالبًا، وقول ابن الحاجب: بيع الغرر ذو الجهل والخطر وتعذر التسليم يتعقب بأن الجهل صفة العاقد والغرر صفة المبيع فهو تعريف بمباين وبأن الخطر مساو في المعرفة للغرر أو أخفى، وتعذر التسليم إنما ذكره الأصوليون حكمةً في التعليل بالغرر.
الباجي: يسيره عفو إذ لا يكاد يفارق، وزاد المازري كون متعلق باليسير غير مقصود، ودليل ارتكابه، وقرره بقوله: منع بيع الأجنة وجواز بيع الجبة المجهول قدر حشوها الممنوع بيعه وحده، وجواز الكراء لشهر مع احتمال نقصه وتمامه، وجواز دخول الحمام مع اختلاف قدر ماء الناس ولبثهم فيه والشرب من الساقي إجماعًا في الجميع دليل إلغاء ما هو منه يسير غير مقصود دعت الضرورة للغو.
ابن عبد السلام في زيادة المازري: إن لم يكن محتاجًا إليه منع صحة البيع إشكال من وجهين:
الأول: أنه إذا كان يسيرًا في نفسه غير مقصود إليه من المتبايعين ولا من أحدهما فلا معنى للمنع منه؛ لأن المنع من بيع الغرر، إنما هو لما يؤدي إليه من المخاصمة والمنازعة.
والثاني: إنهم قالوا والمازري فيهم: والعيان يشهد له إن أكثر البياعات لا تخلو عن يسير غرر، فلو شرطنا منع ذلك في إجازة البيع احتياج المتبايعين إلى ارتكاب ذلك الغرر، ومعلوم أن الذي يباح عند الحاجة، ويمنع منه عند عدمها هو رخصة، فيلزم
كون أكثر البياعات رخصة وهو باطل قطعًا.
قُلتُ: حاصل الأول أن الغرر كل ما كان يسيرًا غير مقصود بوجه لم يمنع صحة البيع وبين الملازمة بأن مانعية الغرر إنما هي لما يؤدي إليه من مخاصمة المتبايعين، ويرد بأنه دعوى إخراج صورة النزاع من عام شامل لها بمفهوم علة، مستنبطة، ومثل هذا لا يوجب إشكالًا؛ لأن العموم مقدم على مفهوم العلة المستنبطة، وإنما الخلاف في مفهوم منطوق أو علة منصوص عليها، وما بين فيه الملازمة غير صحيح؛ لأن مانعيه الغرر إنما هي لا شتمال الغرر على حكمة هي عجز البائع عن تسليم المبيع لمبتاعه حسبما قرره الفخر في المحصول وغيره من الأصوليين، ولقد كان شيخنا أبو عبد الله بن الحباب ينكث على متفقهة وقته ويقول يقرأون كتاب بيع الغرر ويعللون به ولا يعرفون وجه علته وكيف يتوهم كون حكمة علة الغرر المخاصمة، وأكثر صورها عرية عنها كبيع الآبق والثمر قبل بدو صلاحه على أن ضمانه من مبتاعه إلى غير ذلك من صور الغرر، وحاصل وجهه الثاني أنه كلما اشترطت الحاجة لارتكاب يسير الغرر متمنًا لما في الواقع من عدم خلو أكثر البياعات عنه لزم كون أكثر البياعات رخصة، وبين الملازمة بأن ما يباح عند الحاجة، ويمنع عند عدمها رخصة ويرد من بوجهين: الأول: قوله: ما يباح عند الحاجة ويمنع عند عدمها رخصة إن أراد مع كون الحاجة خاصة فمسلم كأكل الميتة فإنه محتاج إليه لبعض الناس في بعض الأزمنة لا عام فيهما وكثيرًا العرية بخرصها تمرًا ونحوهما، وإن أراد سواء كانت خاصة أو عامة منعناه، وسند المنع استقراء صور الرخصة، والحاجة في ارتكاب يسير الغرر في البيع عامة، لا خاصة، وقد تقرر في كتاب القياس أن الحاجي العامي من المقاصد معتبر، ومثلوه بالبيع والإجازة.
الثاني: الملازمة التي ادعى صحتها، وادعى بطلانها لازمها، وهو كذلك ينتج له إن وصف الحاجة في يسير الغرر، لا شتراط في لغوه، وذلك باطل للاتفاق على صحة بيع جبة محشوة بحشوها
الثاني: الملازمة التي ادعى صحتها، وادعى بطلانها لازمها، وهو كذلك ينتج له إن وصف الحاجة في يسير الغرر، لا شتراط في لغوه، وذلك باطل للاتفاق على صحة بيع جبة محشوة بحشوها المجهول وفساد بيع حملة ثياب قيمتها ضعف قيمة الجبة مع حشو الجبة دونها صفقة واحدة ولا فرق غير الحاجة، للحشو في بيعه مع حببته وعدمها في بيعه مع الأثواب.