المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب في الاقتضاء] - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٥

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب النفقة]

- ‌[باب فيما تجب فيه النفقة على الزوج]

- ‌[باب في اعتبار حال النفقة]

- ‌[باب فيما تكون منه النفقة]

- ‌[باب في اللباس]

- ‌[باب في الإسكان]

- ‌[كتاب الحضانة]

- ‌[باب في مستحق الحضانة]

- ‌[كتاب البيوع]

- ‌[باب الصيغة في البيع]

- ‌[باب العاقد الذي يلزم عقده]

- ‌[باب في شرط المبيع]

- ‌[باب في المعقود عليه]

- ‌[باب في بيع العذرة والزبل]

- ‌[باب في بيع الزيت النجس، وعظم الميتة

- ‌[حكم بيع جلد السبع]

- ‌[باب في بيع الخصي]

- ‌[باب في بيع الكلب]

- ‌[باب في بيع الصور]

- ‌[باب في بيع آلات اللهو]

- ‌[باب في بيع الهر ونحوه]

- ‌[باب في جبر بائع جلد الشاة على ذبحها]

- ‌[باب في بيع المريض وذي مرض السياق]

- ‌[باب في بيع الآبق والشارد]

- ‌[باب في بيع المغصوب]

- ‌[باب في بيع الرَّهن وملك الغير بدون إذنه]

- ‌[باب في من باع جارية حلف بعتقها]

- ‌[باب في بيع عمود عليه بناء، وعلى من يجب قلعه]

- ‌[باب في بيع نصل سيف دون حليته]

- ‌[باب في بيع الهواء]

- ‌[باب في بيع طريق في دار رجل]

- ‌[باب في جهل أحد العوضين في البيع]

- ‌[باب في بيع لحم الشاة الحية]

- ‌[باب في بيع الحب المختلط في أندره]

- ‌[باب في بيع دقيق بحنطة]

- ‌[باب في بيع الحيتان في البرك]

- ‌[باب في الجهل بالثمن]

- ‌[باب في جمع الرجلين سلعتيهما في البيع]

- ‌[باب في عقد البيع على حرام وحلال]

- ‌[باب في الاستثناء من المبيع]

- ‌[باب في جبر مشتري الشاة المستثنى منها على ذبحها]

- ‌[باب في أجرة الذبح]

- ‌[باب في بيع حائط من عنب واستثناء سلل منه]

- ‌[باب في بيع العبد وله مال]

- ‌[باب في شراء مال العبد بعد شرائه]

- ‌[باب في بيع العبد وثمر الحائط

- ‌[باب في بيع أحد الشريكين حظه في عبد]

- ‌[باب في بيع الجزاف]

- ‌[باب في الشراء بمكيال مجهول]

- ‌[باب في الصفة تقوم مقام العيان في الحزر]

- ‌[باب في شرط الجزاف]

- ‌[باب في بيع ما تقدمت رؤيته]

- ‌[باب في بيع ذي ورم تقدمت رؤيته]

- ‌[باب في شرط لزوم بيع الغائب]

- ‌[باب في بيع البرنامج]

- ‌[باب في بيع الأعمى]

- ‌[باب في نقد ثمن الغائب]

- ‌[باب في شرط النقد في بيع الغائب]

- ‌[باب في بيع دار على الصفة من غير البائع]

- ‌[باب في من اشترى غائبًا هل يوقف ثمنه

- ‌[باب في ضمان بيع الغائب غير ذي توفيةٍ]

- ‌[باب في صحة اشتراط الضمان عقب العقد]

- ‌[باب ما يحرم به فضل القدر والنساء]

- ‌[باب ما يحرم فيه النساء]

- ‌[كتاب الصرف]

- ‌[باب في شرط الرد في الدرهم]

- ‌[باب المراطلة]

- ‌[باب المبادلة]

- ‌[باب في الاقتضاء]

- ‌[باب الطعام]

- ‌[باب في شرط المماثلة]

- ‌[باب الاقتناء في الحيوان]

- ‌[باب المزابنة]

- ‌[باب الكالئ بالكالئ]

- ‌[باب في الغرر]

- ‌[باب في بيع الحامل بشرط الحمل]

- ‌[باب في بيع المضامن والملاقيح]

- ‌[باب في بيع الملامسة والمنابذة]

- ‌[باب في بيع الحصاة]

- ‌[باب في النهي عن بيعتين في بيعة]

- ‌[باب بيعتين في بيعة]

- ‌[باب في بيع عسيب الفحل]

- ‌[باب في النهي عن بيع وشرط]

- ‌[باب في البيع بشرط السلف]

- ‌[باب في البيع بشرط أن لا يبيع]

- ‌[باب في بيع الثنيا]

- ‌[باب في هلاك الرَّهن بعد قبضه]

- ‌[باب في استحقاق الرَّهن قبل قبضه]

- ‌[باب في بيع الأمة بشرط رضاع ولدها ونفقته]

- ‌[باب في أرض الجزاء]

- ‌[باب في الأرض المطبلة]

- ‌[باب في بيع العربان]

- ‌[باب في بيع الولد دون أمه أو العكس]

- ‌[باب في التفرقة بين الأم وولدها في البيع]

- ‌[باب في الإيصاء بالولد دون أمه أو العكس]

- ‌[باب في من وهب الولد دون أمه]

- ‌[باب في وسائل إثبات النبوة المانعة من التفرقة]

- ‌[باب في بيع المزايدة]

- ‌[باب في بيع الحلي مزايدة بعين أو أصلها]

- ‌[باب بيع النجش]

- ‌[باب في بيع المقاومة]

- ‌[باب في بيع المقاومة بالحصاة]

- ‌[باب في بيع الحاضر للبادي]

- ‌[باب في البيع زمن نداء سعي صلاة الجمعة]

- ‌[باب في شراء تلقي السلع]

- ‌[باب في الخروج شراء الغلل من الحوائط]

- ‌[باب في التسعير]

- ‌[كتاب بيوع الآجال]

- ‌[باب في شرط بيع الأجل]

- ‌[باب ما يمنع فيه اقتضاء الطعام من ثمن المبيع وما يجوز]

- ‌[باب العينة]

- ‌[كتاب بيع الخيار]

- ‌[باب دليل رفع الخيار]

- ‌[باب في الفعل الدال على إسقاط الخيار]

- ‌[كتاب الرد بالعيب]

- ‌[باب الغش والتدليس]

- ‌[باب البراءة]

- ‌[باب فيما يهده في حق المدلس بسبب تدليسه]

- ‌[باب في قدر مناب العيب القديم من ثمن المعيب]

- ‌[باب في قدر الحادث من العيب في المبيع]

- ‌[باب معرفة قدر زيادة زادها المشتري في المبيع]

- ‌[باب ما يكون فيه المبيع المتعدد كالمتحد في العيب]

- ‌[باب صفة يمين البائع في العيب]

الفصل: ‌[باب في الاقتضاء]

بني هاشم إن كان كوزنه، وإن كان الهاشمي أنقص فقد كرهه مالك بحال ما أخبرتك ولا بأس به عندي.

قُلتُ: سكة الهاشمي أنفق؛ لأنها الثانية حسبما مر فإذا كان أنقص وجب منعه على كل حال، وإنما يتوجه قول ابن القاسم إن كانت سكته أدنى.

المازري: وشرط بدل الناقص بالوازن اتحاد العدد لا يبدل دينارًا بدينارين.

قُلتُ: لقولها: لو أبدل ستة تنقص سدسًا سدسا بخمسة لم يجز.

اللخمي: يجوز بدل دينار طيب بدينار مغشوش بنحاس أو فضة إن كانت السكة واحدة، وكذا دينار صحيح.

[باب في الاقتضاء]

الاقتضاء: قبض ما في ذمة غير القابض؛ فيخرج قبض المعين والمقاصة وينقض

ص: 221

بقبض الكتابة لإطلاقاتها على قبض أحد الشريكين في الكتابة اقتضاء وقبض منافع معين لإطلاقهم اقتضاء منافع من دين، وليسا في ذمة فيقال قبض ما وجب منفعةً أو غير معين في غير ذمة قابضه، وهو في القرض بالمماثل أو الأجود صفة جائز اللخمي: وكذا وازن أو أوزن عن مقابله كمائة درهم وازنة عن مائة كل درهم منها نصف درهم.

قُلتُ: هو نصها، وفي تقييدها بكون الأنقص معتبرًا درهمًا بذاته لا نصف درهم، وإلا منع كزيادة كثيرة في العدد كخمسين قيراطًا جديدة تونسية لا يصح عنها خمسون درهمًا جديدة تونسية وإطلاقها فتصح فيها الخمسون عن الخمسين نقلا بعض شُيُوخنا

ص: 222

عن شُيُوخه.

قُلتُ: وهما، نقل اللخمي، وقوله: ثانيًا روى محمد إن قضى أكثر عددًا فلا خير فيه، وإن صح؛ لأنه ذريعة اللحرام فجعله حماية للحرام لا حرامًا، والحماية في العدد والوزن واحد في قضاء مائة درهم وازنة عن مائة وزن كل منهما نصف درهم، وزيادة العدد والوزن فيما أقرض به جملة في جوازه ومنعه إلا رجحان الميزان، ثالثها إلا فيما قل كدرهمين في مائة وإردبين فيها، للخمي عن عيسى بن دينار مع القاضي والشَّيخ عن محمد عن ابن القاسم مع اللخمي عن رواية محمد والشَّيخ عن أشهب مع ابن حبيب قائلًا: في كل شيء إن كانا من أهل الصحة عند القضاء أو بعده ولا قبله، وذكر ابن بشير الثالث جاعلًا الثلاثة كالدينارين في المائة، وقول ابن عبد السلام عزا اللخمي لابن حبيب قول عيسى لم أجده، وقبوله عزو ابن الحاجب الأول لأشهب لا أعرفه، إنما عزا له الشَّيخ والصقلي ما قلناه وقضاء أقل صفة وقدرًا جائز بعد حلوله لا قبله لمنع (ضع وتعجل)، وفيه خلاف، وإن دار الفضل بين العوضين منع ابن بشير اتفاقًا.

اللخمي: إن اختلف الوزن وإن اتفق كان على قولين في كون القضاء، كالمراطلة، والاقتضاء في ثمن البيع كالقرض ويجوز الأفضل مطلقًا، ومسائلها مع غيرها واضحة في اعتبار السكة والصياغة كالجودة والقدر في الاقتضاء.

ابن شاس عن ابن بشير: السكة والصياغة معتبرتان فيه اتفاقًا، ثم حكى فيها عن اللخمي قولين من إجرائه الاقتضاء على المراطلة عول على روايات:

منها: إذا استسلف قائمة بمعيار، أو باع به فله اقتضاء مجموعة مثل وزنها، والمجموعة أكثر عددًا قال: وهذا على أن الاقتضاء كالمراطلة، ورد ابن بشير بأن التعامل بالوزن يلغي العدد، فذكره ابن الحاجب بلفظ: والسكة والصياغة في القضاء كالجودة اتفاقًا، وخرج اللخمي مما إذا باع أو أسلف قائمةً وزنًا إلى آخر رد ابن بشير: فقال ابن عبد السلام: تخريج اللخمي ضعيف؛ لأن دوران الفضل إنما هو باختصاص كل من الجهتين بفضل ليس في الأخرى، وإن اتحد نةع الفضل بينهما فلا دوران، والقائمة والمجموعة في نوع السكة والصياغة في الاقتضاء، واستدل عليه بما تقريره كلما كان الاقتضاء بالمراطلة لزم إلغاء السكة، إنما هو باختصام كل من الجهتين بفضل ليس

ص: 223

في الأخرى، وإن اتحد نوع الفضل بينهما فلا دوران، والقائمة والمجموعة اتحدا في نوع السكة سلمنا صحته في السكة، ولا يلزم في الصياغة؛ لأنها أقوى عند بعضهم حسبما تقدم في المراطلة، وضعف رد ابن بشير بأنه في غير محل النزاع؛ لأن النزاع في السكة والصياغة لا في العدد.

قُلتُ: رده تخريج اللخمي ورد ابن بشير، وهم نشأ عن عدم إدراكه فهم تخريج اللخمي وتصوره، وبيان تخريجه أنه ادعى لغو السكة والصياغة في الاقتضاء، واستدل عليه بما تقريره كلما كان الاقتضاء كالمراطلة لزم إلغاء السكة والصياغة، والملزوم حق لإجازة ابن القاسم اقتضاء المجموعة من القائمة في الصورتين، وهذا؛ لأن للقائمة فضلًا في وزنها، وعينها حسبما قالوه في صفتها، وللمجموعة فضل عددها فلو لم يجعل اقتضاءها منها كمراطلتها بها لم تجز؛ لأن دوران الفضل بينهما في الاقتضاء يمنعه، وفي المراطلة لا يمنعها فثبت أن الاقتضاء كالمراطلة، وبيان الملازمة واضح؛ لأن السكة والصياغة في المراطلة لغو، والاقتضاء ثبت كونه مثلها فوجب لغوهما فيه، فإذا فهمت هذا علمت أن تضعيفه تخريج اللخمي بما ذكر إنما هو لاعتقاده أن اللخمي أخذ من إجازة ابن القاسم المذكورة نفس لغو السكة ثابتة فيهما، واعتقاده هذا وهم، إنما أخذ اللخمي من إجازة ابن القاسم، المذكورة أن الاقتضاء كالمراطلة حسبما صرح به اللخمي في موضعين من كلامه في تبصرته كما قررناه، وقول ابن عبد السلام سلمناه في السكة فلم يلزم في الصياغة بناء على فهمه المذكور، وكذا تضعيفه رد ابن بشير بقوله: إنه في غير محل النزاع بناء عليه فتأمل ذلك، وبما ذكرناه وقررناه سلم.

ابن شاس وابن الحاجب: تخريج اللخمي ورده ابن بشير، وفي صرفها من لك عليه قلوس من بيع أو قرض فأسقطت لم تتبعه إلا بها، وقاله ابن المسيب في الدراهم إذا أسقطت.

وفي رهونها: من باع بفلوس ففسدت فليس له إلا مثلها، ولو كانت حين العقد مائة بدرهم ثم صارت ألفا به، وفي التلقين: من باع بنقد أو أقرضه ثم بطل التعامل به لم يكن عليه غيره، أو قيمته إن فقد.

ابن بشير: حكى الأشياخ عن كتاب ابن سَحنون، إن انقطعت الفلوس

ص: 224

قضى بقيمتها.

ابن محرز: اختلف في هذا الأصل، روى محمد في الفلوس والتمائم من الرصاص تباع بعين لأجل لم لم يبلغه تحريمه، عن أحد وليس بحرام، وتركه أحب إلىَّ.

أشهب: يفسخ إن نزل إلا أن تفوت الفلوس بحوالة سوق، أو تبطل فجعل حوالة أسواقها أو بطلانها فوتًا، وظاهره أنه يرد قيمتها.

ابن بشير: استقراء ابن محرز، يحتمل كونه كما قال، أو إنه قضى بالقيمة؛ لأنها زيوف أو لأنها على صفة لا يوجد مثلها، واختلف فيما دخلته الصنعة، من موزون هل يقضي فيه بالمثل أو القيمة كالغزل.

قُلتُ: يرد استقراء ابن محرز بأن مراد أشهب بقوله: إلا أن تفوت الفلوس بحوالة سوق، أو تبطل أنه يمضي البيع حينئذ لا أنه يقضي بقيمة الفلوس، ولم يحك المازري غير قولها. قال: وكان شيخنا عبد الحميد يعدل عن مذهب المدَوَّنة، ويستدل بأن دافع عوضها دفع ما انتفع به ليأخذ ما ينتفع به، ولا يحصل له ذلك إلا بقيمتها، فإن لم توجد بعد انقطاعها فعليه قيمة السلعة كمن أسلم في فاكهة فانقطع إبانها، وجرت المسألة بمجلسٍ شيخي أبي الحسن اللخمي فنصرت ما قاله شيخي عبد الحميد، فقال لي الشَّيخ أبو الحسن: ناظرته في هذه المسألة، وألزمته أن يجعل مقالًا لمن أسلم في طعام فصار لا يساوي شيئًا له قدر أيبطل السلم، وأفهمني أنه لم يجب عن هذا الالتزام فأجبته

بأن أصل جواز السلم اعتبار اختلاف الأسواق، ولذا منع السلم الحال، فلو أوجب اختلاف أسواقه فسخه كان تناقضًا فلم يجبني بشيء.

قُلتُ: يرد جواب المازري بنفي التناقض؛ لأن شرط السلم اختلاف الأسواق وموجب فسخه صيرورته لكونه لا يساوي شيئًا، فالانتفاع بذاته باق وهو الأكل، وهو المقصود منه بالذات لا الأثمان، ولذا كان الأصل فيه القنية، والفلوس لا منفعة فيها إلا نفاقها، وعلى القول بقيمتها في البيع أو القرض، ففي كونها يوم اجتماع انقطاعها وحلول أجلها، أو يوم انقطاعها، ثالثها يوم القيام لنقل اللخمي، مع ابن محرز وأحد نقلي المازري، وثانيهما، ونقل ابن بشير، الصقلي عن بعض القرويين: إن أقرضه دراهم فلم يجدها بالموضع الذي هو به الآن فله قيمتها بموضع قرضها يوم الحكم، وقول ابن

ص: 225

عبد السلام: لا أدري كيف يتصور القضاء بقيمتها مع وجودها إلا أن يريد بقيمتها يوم تعلقت بالذمة مع تسليمه تصور قيمتها في انعدامها يرد بأن لا فرق بينهما في التحقيق كما تصورى قيمتها معدومة على تقدير وجودها، فكذا في حال وجودها، وانقطاع التعامل بها على تقدير ثبوته، وتقويم الشيء على تقدير حالة هي غير حاصلة في المدَوَّنة وغيرها كثير.

ومعرفة دوران الفضل في الاقتضاء بمعرفة حقيقة العوضين والمقصود منهما، وفيها الدنانير المجموعة هي المقطوعة الناقصة تجمع في الكيل.

قُلتُ: يريد المعتبر وزنها من حيث جمعها لا من حيث آحادها.

وفيها: القائمة هي الميالة الجياد إذا جمعت مائة زادت في الوزن مثل الدينار، والفرادى إذا جمعت في الوزن نقصت في المائة مثل الدينار، وابن شاس: للقائمة فضل الوزن والعين، وللمجموعة فضل العدد ونقص الصفة، وللفرادى نقص الوزن، وقد تكون خالصة أو دون ذلك.

قُلتُ: هذا ينتجه اتقراء مسائلها، وصور اقتضائها ست مجموعة منهما وعكسه وأجدهما من الأخرى وعكسه، وفي منع المجموعة من القائمة، وجوازها ثالثها، هذا إن لم يكن لكثرة العدد عندها فضل لها، وللمازري مع ابن رُشْد عن تخريج التونسي من إجازة الموَّازيَّة أخذ دينار ينقص خروبة مع خروبة عن دينار وازن، والمازري عن تخريج التونسي ومن إجازة أشهب أخذ نصف دينار وعرض عن دينار، واللخمي عن المذهب.

قُلتُ: عزا ابن شاس الأول لها دون ذكر استثناء، وهي فيها بزيادة؛ لأنه ترك فضل عين ووزن لفضل عدد، إلا أن يسلفه بمعيار عرف وزنه أو شرط في البيع الكيل مع العدد فيجوز أخذك مجموعة، وإن كانت أكثر عددًا، ونقلها الصقلي باستثنائها ولم يتعقبها، وفيه نظر؛ لأن المعيار يرفع فضل وزن القائمة لا جودتها فيدور الفضل بجودتها، وعدد المجموعة، واستشعر اللخمي هذا التعقب، فقال: هذا أحد القولين أن الاقتضاء كالمراطلة، وقبول المازري تخريج التونسي واضح الرد؛ لأن إجازة الموَّازيَّة محملها على الأصل وهو التساوي في الجودة فلا دوران فضل وإنما يتوهم هذا التخريج

ص: 226

من ظن أن منع المجموعة من القائمة إنما هو لكثرة عددها دون اعتبار دوران الفضل، وما أبعده عن مثل التونسي، والمازري، وتخريجه من مسألة القراض أبعد؛ لأنها بيع واقتضاء قائم من شائع مساو له صفة وقدرًا كما لو وهبه نصف دينار له عليه، وأخذ نصفه ذهبًا، ولابن رُشْد عن التونسي نحو ما للمازري عنه، وفي جواز القائمة من المجموعة قولها، وقول اللخمي، وتعقب قولها بأن تعليلها منع الأولى بدوران الفضل يوجب منعها، وأجاب الشَّيخ بأن اعتبار عدد المجموعة إنما هو من حيث قيضها لتحقق وجودها به، وهو من حيث تقررها في الذمة لغو لعدم تحققه بالفعل، والمجموعة من الفرادى وعكسه فيها منعهما لدوران الفضل، فضل عيون الفرادى، وفضل عين المجموعة.

وفيها: ما بعت بفرادى وشرطت كيله مع العدد جاز أن تأخذ كيلًا أقل عددًا، أو أكثر.

قُلتُ: هذه من باب اقتضاء المماثل صفة وقدرًا، المخالف عددًا ولا دوران فيه.

الشَّيخ: يجوز عندي القائمة من الفرادى وعكسه، ما لم تكن الفرادى أفضل عيونًا.

قُلت: أصل قول مالك جواز مثل عدد دراهم القرض فأقل، إن كان وزن كل درهم كدرهم القرض فأقل إذا اتفقت العيون، ولا يجوز أقل عددًا وأكثر وزنًا.

الصقلي: لأن الأوزان أنفق كقائمة أقل عددًا من فرادى لا يجوز؛ لأنه باع فضل عيون بزيادة.

قُلتُ: هذا خلاف قبوله إطلاق قول الشَّيخ: تجوز القائمة من الفرادى، وعكسه دون قيد كون القائمة ليست أقل عددًا.

وفيها: ما بعت بفرادى فلا تأخذه كيلًا، وكذا عكسه، وما بعت بفرادى وشرطت كيله مع العدد جاز أن تأخذ فيه كيلًا أقل عددًا أو أكثر، كبيع سلعة بمائة درهم كيلًا تشترط عددها داخل المائة خمسة فجائز أخذك أقل، عددًا أو أكثر في مثل الوزن ومثله، سمع ابن القاسم.

ابن رُشْد: معنى قوله: ما شرطت كيله لا تأخذه عددًا، أي: لا تأخذه عددًا

تتحرى أنه وزن مالك، أو عددًا يعلم أنه أقل وزنًا مما لك لترك زيادة الوزن لفضل

ص: 227

العدد، ولو علم أن ما أخذ أكثر في الوزن مما له لجاز، وهو نص قولها في جواز القائمة من المجموعة، وظاهر قوله: ما شرطته عددًا لا تأخذ به كيلًا إنه لا يأخذ به كيلًا مثل وزنه أو أقل أو أكثر، أما مثل وزنه فلا يجوز إلا على قول أشهب، وأكثر من وزنه لا يجوز بحال، وأقل منه يجوز إن كان أقل عددًا لا إن كان أكثر.

وفيها: لا تأخذ عن درهمين فرادى عرف وزن كل منهما، ولم يجمعا في الوزن وزنهما تبر فضة مثل جودتهما أو أقل؛ لأن وزن الفرادى يزيد على المجموعة الحبة والحبتين أو ينقص.

عبد الحق عن بعض القرويين: معناها: أنه عرف وزنهما تحريًا، ولو كان تحقيقًا لجاز لاتفاق وزن المجموع والمفروق إنما يتقى اختلافهما في ما كثر، ونحوه نقل الصقلي عن أشهب إن عرف وزن كل منهما على حدة؛ جاز قضاؤهما تبرًا مفردين ومجموعين.

وفي الموَّازية: يجوز قضاء وزن كل درهم مفردًا فضة، وسمع ابن القاسم: من باع بدنانير قائمة أو وازنة أو ناقصة نقصًا معلومًا لا ينبغي أن يأخذ ناقصة مكانها بوزنها؛ لأنه يدخل فيه اختلاف في الوزن.

ابن رُشْد: إنما قال لا تجوز؛ لأنه إن أخذ ذهبًا بوزن العدد الذي له لم يدر أخذ أقل وزنًا أو أكثر إذ لابد أن يزيد وزنه أو ينقص فيغتفر فضل العدد رجاء زيادة الوزن؛ لأن الصرافين يزعمون أن الذهب إذا جمع نقص، وإن فرق زاد، وهو كقولها في الدرهمين الفردين يأخذ بوزنهما تبر فضة، وقول ابن حبيب في الواضحة خلاف قوله في سماع أشهب: لا بأس بدينار ينقص خروبة وخروبة عن دينار قائم، وقيل ليس بخلاف؛ لأنه في دينار واحد ولو اقتضى عن العدد الذي له ذهبا مجموعة في الوزن أكثر وزنًا من عدد الذهب التي له لتركه فضل العين لزيادة العدد، انتهى.

قُلتُ: قف على تفسيره لا ينبغي بلا يجوز، وسمع أيضًا لا بأس على من اتباع بدانق، ثم بدانق حتى كثرت أن يقضي عنها دراهم، ودين الله يسر.

ابن رُشْد: إنما خففه ولم يصرح بجوازه؛ لأن الدوانق لو جمعت بعد وزنها، مقطعة لم يكن بد من أن ينقص عن وزن الدراهم التي قضاه أو تزيد، وقد اتقى هذا المعنى في التي قبلها.

ص: 228

الشَّيخ: روى محمد من نكح بدنانير لم يجز عنها سوارا ذهب.

قال في المختصر: إلا مثلًا بمثل ولتردهما وتأخذ دنانيرها فإن فاتا فمثلهما، وإن جهلا وزنهما فقيمتهما، وإن أخذت قلادة فيها قليل ذهب مما يباع مثلها بذهب جاز.

وفيها: إن قبضت عشرة مجموعة من بيع فرجحت جاز أخذ رجحانها عرضًا أو ورقًا.

الصقلي: إن قل الوزن كالدرهمين، فإن أضيف للعقد الأول كان كسلعة نقدًا بدينار إلا درهمين مؤجلين وإن خص بعقدة فأجوز، وإن كثر الرجحان كان كبيع سلعة بدنانير إلا دراهم؛ لكن يرده قول العتبيَّة إن قضاه دنانير زادت ثلثا فلا بأس بأخذه ورقًا.

الصقلي: لأن السكة في المجموعة ملغاة آحادها كقراضة، فزيادتها كزيادة دينار في عشرة قائمة له أخذه ورقًا، وفي الموَّازيَّة والواضحة، وكذا لو كانت من قرض. واختلف فيه قول مالك.

محمد: أجازه ابن القاسم وأصحابه.

الصقلي: منعه أحسن.

قُلتُ: الذي في النوادر عن الموَّازيَّة كرهه مالك، وللشيخ عن محمد عن أشهب واللخمي عنه: إن نزل لم أفسخه، وظاهر نقل الصقلي التحريم.

ابن رُشْد: أجازه في المدَوَّنة، وفي رسم صلى نهارًا، من سماع ابن القاسم وسمع أشهب منعه، والأول أظهر. قال: وفي اجتماع القضاء والمراطلة في الدنانير المجموعة، ثالثها إن كانت قرضًا لا ثمنًا لأحد قولي أشهب؛ لأنه ذهب بذهب بعضه حاضر وبعضه حال في ذمة حاضر وغيره مع سماع ابن القاسم؛ لأنه في البيع ذهب بذهب نقدًا، وسلعة لأجل لتقديم دفعها وفي القرض ذهب بذهب، زذهب لأجل لتقدم دفعه، وابن حبيب لقرب التهمة في البيع دون السلف، وقيل رابعها عكسه لسماع عيسى ابن القاسم، والصواب أنه غير رابع؛ لأنه إنما تكلم على درهم قائم فهي مسألة أخرى لا اختلاف فيها، والصحيح لغو التهمة في البيع والقرض والعلة كون ما وقعت فيه المراطلة لم يوزن وحده؛ بل مع غيره وما وزن مجموعًا، ثم فرق ربما زاد ونقص فالجواز

ص: 229

مطلقًا للغو احتمال الاختلاف، والمنع لاعتباره، وعليه الخلاف في مراطلة أحد الشريكين صاحبه عن حظه فيها.

قُلتُ: هذا التقرير يوجب عموم الخلاف في الدينار المجموع، والقائم خلاف ما تقدم له من نفي الخلاف في القائم ويوجب المنع في مسألة مراطلة أحد الشريكين الآخر في دينار، وقد تقدمت، وسمع ابن القاسم: أرجو أن لا بأس في أخذ دينار ينقص خروبة مع خروبة عن دينار قائم إن كانت أعيانهما سواء.

ابن رُشْد: إنما شرط كونهما من عين وحدة خوف كون عين الناقص أفضل، فيرضى نقصه لفضل عينه على القائم، ولم يراع زيادة العدد التي تمنع اقتضاء المجموعة من القائمة، وإن كان أقل منها في الوزن فكيف إذا كانت بوزنها فهي مسألة لا يحملها القياس، وأجازها استحسانًا؛ لأنها في دينار واحد، وأقام التونسي منها جواز اقتضاء المجموعة من القائمة، والقياس رواية محمد منعها.

قُلتُ: في قوله: خوف كون الناقص أفضل فيرضى نقصه لفضل عينه نظر؛ لأن نقصه ليس بخسًا؛ لأن الخروبة تعدله، فإن كانت مضروبة فالفضل في جهتها بالعدد والجودة، وإن كانت تبرًا فالمغتفر حينئذ ترك السكة لا النقض؛ بل الأظهر أنه لخوف كون الناقص أدنى فيختص بفضل العدد، والقائم بالجودة، وسمع ابن القاسم: من له عشرو دنانير مجموعة قبضها ناقصة ثلثًا، أو نصفًا له أخذ النقص بعد افتراقهما عرضًا أو ورقا، وأكرهه في مجلسهما خوف أن يزيده في الصرف لما تجاوز عنه ابن القاسم: إن صح أمرهما ولم يزد لذلك فلا بأس به.

ابن رُشْد: سمع أشهب جوازه في المجلس، وهو الأظهر؛ لأن الدنانير المجموعة كالطعام بعض الدينار فيها كدينار إنما يمنع ذلك في بعض الدينار القائم.

قُلتُ: منعه في الدينار المجموع موجب له في الدنانير القائمة؛ لأن أجزاء المجموع كقائمة كما قاله ابن رُشْد، ومنعه في الدينار القائم يوجب في دينار من دينارين قائمين أحدهما صرف؛ لأن أجزاء القائم في الذمة كدنانير قائمة لا كأجزاء، وإلا لما جاز صرف بعضه كالقائم المحسوس، ونصها مع غيرها جوازه، ولذا كان بعض من لقيناه يقول: الاطلاع على درهم زائف في صرف دينار في الذمة يوجب قصر الفسخ على

ص: 230

الدرهم، وما يعدله من الدينار لا في كله.

وفيها: من أخذ من دينار قرض بعضه عرضًا أو ورقًا؛ لم يجز أخذ باقيه ذهبًا؛ لأنه ذهب وعرض، أو ذهب وورق بذهب.

اللخمي: من صرف من رجل بعض دينار له عليه ففي جواز أخذ باقيه ذهبًا مثل ذهبه ووزنه قولا أشهب وابن القاسم مع مالك، والأول أحسن، وإن أخذ تبرًا مثل جودة ذهبه وقدره، أو دونه صفة وقدرًا جاز، ولو أخذ وزنه أجود جاز على أن القضاء كالمراطلة لا على أنه بخلافها، وتقدم أخذ البعض ذهبًا وأخذ الباقي عرضًا أو ورقًا جاز على القولين، ونقل الصقلي عن محمد قول أشهب والدينار قرض، وصوبه محمد بأن الباقي بعد أخذه بعضه، عرضًا أو ورقًا ذهب وإلا لما جاز الاقتضاء بالأول لايجابه صرفًا مؤخرًا.

قُلتُ: ويتخرج من قول زكاتهل من باع سلعة تجر بنصاب عين حوله أخذ فيه قبل قبضه سلعة، لا زكاة عليه جوازه في البيع لا القرض.

وفي جواز دينار ناقص مع قدر نقصه فضة عن وازن، نقلا الصقلي عن ابن عبد الحَكم، والشَّيخ عن يحيي بن عمر قائلًا: لو كانت دنانير جاز أخذ بعضها، وسمع عيسى ابن القاسم: لا خير في أخذ دينار قائم عن ثلثي دينار ذهبًاوثلثه ورقًا؛ لأنه ذهب وورق بذهب.

ابن رُشْد: لأن للدينار القائم فضلًا في عينه على الناقص، ولو أقرضه الثلثين من ذهب مقطعة مجموعة لا تجوز إلا بالوزن، وثلث درهمٍ جاز عنها دينار مقطوع مجموع، ومن له دينار حال، ففي منع تنجيمه أثلاثًا ثالثها يكره، الصقلي عن محمد قائلًا: لأنه بيع وسلف أو صرف، كذلك مع قول ابن القاسم لا يجوز تنجيم ثلثي دينار أنجمًا، ورواية أشهب مع قول أَصْبَغ خفف غير ابن القاسم التنجيم، وابن عبد الحَكم.

الصقلي عن محمد: لا يجوز عن دينار حال ثلاثة أثلاث نقدًا، ولا لأجل؛ لأن الأثلاث كالمجموعة فهو كاقتضاء مجموعة عن قائمة أقل عددًا، وسمع أبو زيد ابن القاسم: لا خير في قضاء نصفين وازنين عن دينار، إلا أن يكون للدينار جريان بمعيار عنده.

ص: 231

ابن رُشْد: يعني بجريانه أن للدينارعنده وزنًا معلومًا فيجوز عنه نصفان وزنان كوزنه، أو أفضل؛ لأن الفضل من جهة واحدة، ولو كان الدينار أفضل لم يجز لترك فضل العين لزيادة العدد أولها وللوزن.

قلت: ذكرها الشَّيخ ولم يزد فيها إلا قوله: يريد الدينار من قرض وبه كان يفتي بعضهم، ولو تساوى الدينار والصنفان قدرًا وصفة، وكذلك في القيراطين الجديدين عن درهم جديد، والصواب قول ابن رُشْد، وسمع ابن القاسم: لا بأس بدينار عن ثلاثة أثلاث مجمة.

ابن رُشْد: هذا على رعي ما في الذمة لا على مقتصى الحكم عليه بقضاء الثلث ورقًا، وسمع لا ينبغي لمن أعسر بدينار وازن ثمن حنطة إعطاء ناقص عنه مع بعض الحنطة عن النقص إذا ثبت البيع بالوزن؛ لأنه دينار بدينار وحنطة، وإن ثبت البيع بناقص فلا ينبغي أن يعطي وازنًا، ويأخذ شيئًا ما، ولو كان في المراوضة قبل وجوب البيع جاز.

ابن رُشْد: قال ابن حبيب: موجب فساده تفاضل الذهبين والطعامين، وبيع الطعام قبل قبضه والأخذ من ثمنه طعامًا.

ابن رُشْد: الاقتضاء من ثمن الطعام طعامًا لا بجامع بيعه قبل قبضه؛ لأن الطعام إن قبض وافترقا انتفى بيعه قبل قبضه وإن لم يقبض ولم يفترقا انتفى الاقتضاء من ثمن الطعام طعامًا، وإن قبض ولم يفترقا انتفيا معًا ولا يجوز أخذ نقص الدينار فلوسًا ولا غيرها، وأجاز في رسم المحرم أخذ النقص طعامًا لا فلوسًا، ولو كان بعد الوجوب وفيه تأويلان:

الأول: أن المبتاع أوجب البيع دون البائع لقوله في الرواية؛ لأنه حمله على وجه المساومة فيكون معنى قوله في الرواية بمنزلة من اشترى بدرهمين حنطة، ثم قال: أعطني بدرهم، وأقلني من درهم بمنزلته في الجواز لا في العلة؛ لأنه في الدرهمين إقالة جائزة كما هو في نقص الدرهم قبل تمام البيع، ومقتضى هذا التسوية بين أخذ النقص فلوسًا أو طعامًا.

وهو أظهر وأحسن أن يكون محمل الدينار في مسألة المنع أن الوازن له فضل في

ص: 232

عينه على الناقص، ومحمله في الثانية لا فضل له في عينه فصار كمبتاع حنطة بدرهمين استقال من أحدهما، ولم يقو عنده قوة الدرهمين إذ يجوز فيهما أخذ أحدهما فلوسًا، ولا يجوز في درهم وازن أخذ نصف درهم وبالنصف الآخر فلوسًا، إلا أنه أجازه رعيًا للقول إن البيعين بالخيار ما لم يفترقا، وهو معنى قوله: كأنه حمله على المساومة، ولو كان الدينار من الدنانير التي لا تجري إلا مقطوعة بالميزان كالعبادية والمشرقية جاز إن وجد أقل من مثقال أن يأخذ بالنقص فلوسًا، أو ما شاء من عرض، أو يحاسبه بالنقص فيما له من الطعام، فقف على أن الدينار الوازن إن كان له فضل عن الناقص؛ لم يجز بعد الوجوب أخذ نقصه فلوسًا، ولا المحاسبة به في طعام وإن لم يكن له فضل؛ لم يجز أخذ فضله في الوزن فلوسًا وجازت محاسبته به في طعام، وإن كان الدينار إنما يجري بالميزان مقطوعًا مجموعًا ولم يشترط أخذه صحيحًا جاز فيه الأمران، ولما ذكر الصقلي مسألة الدينارين قال: وقد قال ابن القاسم عن مالك: من ابتاع بدراهم كيلًا فوجد فيها حين الدفع درهمًا ناقصًا فقال: أعطني بقدر ما فيه وحاسبني بنقصه لا بأس به كمن ابتاع بدرهمين حنطة، ثم قال بعد ذلك: أعطني بدرهم وأقلني من درهم.

قُلتُ: بعد الوجوب قال: نعم، كأنه حمله على المساومة، وفيه تفسير من البيع.

الصقلي: انظر هل علة جوازه قصدهما الإقالة؛ لأنها معروف ولو قصد البيع لم يجز؛ لأنه مكايسة فيجب عليه إن ابتاع حنطة بدينار وازن فأعطاه ناقصًا سدسًا، ورد عليه من الحنطة قصدًا لإقالته جاز، وإن قصد البيع لم يجز. فإن قلت: إنه باع منه الوازن بالناقص، وسدس الطعام قيل: يلزمك لو اشترى أربع وبياتٍ بأربعة دنانير قائمة، فقال: أقلني من وبيتين بدينارين، وخذ دينارين أن لا يجوز؛ لأنه وجب له أربعة دنانير باعها بدينارين وويبتين، وهذه جائزة.

قُلتُ: يرد بأن الدينارين من الأربعة الثمن لمماثلتها ما وجب في ذمة المبتاع كان قبضها اقتضاء لما في الذمة لا بيعًا، فانضمام البيع فيما لم يقتض إليه لا يوجب فسادًا، والناقص لعدم مماثلته ما في الذمة كان قبضه مبايعة بما في الذمة لانتفاء شرط حقيقة الاقتضاء وهو المماثلة فانضمام البيع فيما سواه إليه يوجب الفساد، وبهذا يتبين لك ما تقدم لابن رُشْد، من التفريق بين الدينار الذي إنما يجري بالميزان مقطوعًا مجموعًا، ولم

ص: 233

يشترط أخذه صحيحًا وغيره.

في سماع أبي زيد ابن القاسم قال: لمن قال له: أبيع الصوف أربعة وعشرين رطلًا بدينار قائم، زن لي بدينار فوزن ما عنده فلم يجده إلا اثنيم وعشرين رطلًا، فأعطاه دينارًا ينقص قيراطين لا يعجبني، ولو وجد فيه ستة عشر رطلًا أو عشرين فأعطاه دينارًا ينقص سدسًا أو دينارًا فيه ثلثان فلا بأس به.

ابن رُشْد: قال محمد: ما كرهه هو عندي خفيف؛ لأن من اشترى وزنًا من شيء بعينه فلم يف به، لم يجب على البائع إتمامه ووجبت المحاسبة، وكذا قال فضل: لا معنى لكراهته، ومعناه عندي أنها تأتي على رعي ما ثبت في الذمة ذهبًا؛ لأنه اقتضاء مجموع بالميزان من قائم لا ميزان فيه.

وتفرقته بين اثنين وعشرين وبين ستة عشر أو عشرين لا وجه له؛ بل هو اختلاف قول ظنه المؤلف قولًا واحدًا باختلاف صورتين.

قُلتُ: قول مالك من استقرض دينارًا أو نصفه، دراهم إنما عليه عدد ما قبض من الدراهم علا الصرف أو رخص.

وقال ابن وَهْب عن الليث عن يحيي بن سعيد: من دفع دينارًا لمن استسلفه نصف دينار فانطلق به فكسره، فأخذ نصف دينار ودفع للمسلف باقيه، فعلى المستسلف أن يدفع دينارًا يكسره فيأخذ نصفه ويرد نصفه.

ابن وَهْب: وقال ابن مالك: يرد له مثل ما أخذ منه، وليس الذي أعطاه دهبًا إنما أعطاه ورقًا ولو أعطاه دينارًا فصرفه المتسلف فأخذ نصفه، ورد عليه نصفه، كان عليه نصف دينار علا الصرف أو رخص.

الصقلي عن محمد عن ابن القاسم: إن دفع له دينارًا قال: صرفه خذ نصفه، وجئني بنصفه لم يكن عليه إلا ما أخذ من الدراهم، وضمان الدينار قبل صرفه من دافعه، وبعدد منهما؛ لأن قابضه قبل صرفه أمين، ولو أعطاه دينارًا قال: خذ بنصفه وجئني بنصفه كان عليه نصف دينار، يريد: ويعطيه به دراهم بصرف يوم القضاء وضمانه قبل صرفه منهما، وسمع أبو زيد ابن القاسم: من قال لمن قال: أسلفني خذ هذا الدينار، وصرفه خذ نصفه وجئني بنصفه أخشى أن ليس له عليه إلا كا أخذ دراهم، وإن قال:

ص: 234

خذ نصفه وجئني بنصفه فعليه نصف عين.

ابن رُشْد: لمحمد عن أبي زيد لا يعجبني قوله: أخشى؛ لأنه لو تلف الدينار لم يلزمه شيء لقوله: صرفه ابن رُشْد تعقبه على ابن القاسم غير صحيح لاحتمال قوله: صرفه إرادته صرفه لي فيضمنه الدافع، وإرادة صرفه بيننا فيضمنانه، ويلزم المتسلف نصفه لا دراهم فلما لم يترجح أحد الاحتمالين على الآخر توقف فيما يجب على المتسلف، وكذا في الضمان والواجب سؤاله فيصدق فيما أراد منهما فيجري عليه ضمان وما يجب رده، وفي حلفه على ما أراده قولان على أيمان التهم لا متناع ادعاء المتسلف تعيين أحد الأمرين، ولو بين أحدهما عند الدفع قبل دون يمين، وإن لم تكن له نيَّة كان عليه الضمان وله الأقل مما قبض من الدراهم أو قيمة النصف دينار يوم القضاء، وسمع عيسى ابن القاسم لمن ابتاع سلعة بثلثي دينار، ثم استسلف من بائعه دراهم قضاء دينار عنهما، ولو كان الثلثان قرضًا لم يجز؛ لأن الأولى قضاء، وصرف والثانية ذهب وورق بذهب؛ لأن للدينار القائم فضلًا في عينه على الناقص، ولو استسلف الثلثين من ذهب مقطعة مجموعة لا يجوز إلا بالوزن جاز عنهما وعن الدراهم دينار، في سماع أَصْبَغ ابن القاسم لأشهب: من ابتاع سلعة بثلثي دينار ونصف قيراط لا بأس بدفعه قطعة فيها ثلثا دينار وورقا بالنصف قيراط، وما دون الدينار مجموع.

ابن رُشْد: قوله: ما دون الدينار مجموع يحتمل أن يريد أن العرف المبايعة فيما دون الدينار بذهب مجموع موزون، والجواز على هذا واضح، وإن يريد أن له حكم المجموع في جواز أخذ بعضه ذهبا وبما نقص ورقا، وإن لم يكن مجموعًا، وعليه تحمل كراهته في رسم البيوع؛ لأن الواجب له على هذا صرفه دراهم فإذا أخذها ذهبا وورقًا في مجلس واحد لم يجز، ولو كان في مجلسين جاز كأخذه درهمين ثم يأخذ بعد ذلك عن بقية دراهمه ذهبًا، وإنما استثقله في رسم الجواب، ولم يقل لا يجوز ليسارة القيراط فرأى التهمة فيه مرتفعة.

وفيها: اقتضاء ما لزم عن استحقاق عرض أخذ عن أحد عوضي الصرف متعلق بعرض عوضه دونه كقول: استحقاقها ما صرف ثمنه من مبتاعه، يوجب رجوع مبتاعه بما دفع لا بما عقد.

ص: 235

الشَّيخ لأبي زيد وعيسى عن ابن القاسم: من ابتاع ثوبًا بنصف دينار فأحال به على غريمه، فدفع فيه دراهم ثم رد الثوب بعيب، رجع المبتاع على البائع بنصف دينار.

محمد: وقاله أَصْبَغ قائلًا فيه ضعف.

وفيها: من باع بنصف دينار أو ثلثه وقع البيع على الذهب لا الدراهم، ويقضي إن تشاحا به دراهم بصرف يوم القضاء.

اللخمي: إن أتى بدينار يكونان شريكين فيه لزم الطالب قبوله؛ لأن القضاء في الدراهم إن طاع بها الغريم لعدم فائدة الطالب بالجزء شركة بما لها بالفصل فيه بالدراهم.

قُلتُ: هذا خلاف نصها، وأخذ بعض المغاربة مثل قول اللخمي من لفظ التهذيب من أقرضته دينارًا فوهبته نصفه فله قضاؤك باقيه دراهم تجبر على أخذها إن كانت كصرف الناس أخذه من قوله له، وفيه نظر؛ لأن لفظها إذا أعطاك دراهم صرف الناس جبرت عليها كقول مالك فيمن باع بنصف دينار فلم يذكر لفظ له وتشبيهها بالبيع مع قوله فيه: إن تشاحا قضي بالدراهم يرده، وسلم هذا الأخذ أن قولها في البيع خلاف قول اللخمي.

وفيها: البيع بدانق أو بخمسة دوانق أو بنصف درهم، واقع على الفضة، والقضاء بصرفه فلوسًا يومه والبيع بدانق فلوسًا نقدًا أو بدينار دراهم نقدًا إن سميا قدر الفلوس والدراهم أو عرفاه جاز، وإلا فلا خير فيه وإلى أجل سميا قدر الفلوس الدراهم جاز، وإلا فلا خير فيه.

اللخمي: لا يكفي فيه لأجل معرفتهما قدر الصرف حينئذ لاحتمال اختلافه يوم القضاء.

والدانق: سدس درهم، فالبيع بجزء درهم إن كان قدره مضروبًا قضى به، وإلا قضى به فلوسًا كالدراهم في جزء الدينار، فإن لم تكن فلوس قضى بما العادة أن يقضي عنه من طعام، أو غيره، فإن لم تكن عادة قضي بشركتهما في درهم، ثم يبيعانه بما ينقسم.

قُلتُ: فإن اختلفا فيه قضي بالأدوم بقاء من غالب مثلي حينئذ كالفلفل ونحوه، وسمع ابن القاسم لمن باع سلعة بنصف دينار ممن باع منه قبلها سلعة بنصف دينار قبل

ص: 236

قبضه جبره على أخذه بدينار كامل.

ابن رُشْد: لو أعسر المبتاع بما زاد على نصف دينار جبر البائع على أخذه منه نصف دراهم، بخلاف أن لو كان أصل بيعه بدينار قائم، وذكرها اللخمي عن محمد واستدل بها على قوله: يجبر من له نصف دينار على أخذ دينار شركة بينهما، ويرد بأن الجزء إنما قضى به دراهم لدفع ضرر الشركة، وعدم الاستقلال المقتضي بحقه،

في اجتماع النصفين منتفيان فوجب القضاء بعين ما في الذمة.

زاد اللخمي عن محمد: من له ثلاثة أرباع دينار وعشرون قيراطًا ذهبًا حكم له بدراهم، ويحكم في دينار إلا قيراطين بدينار.

اللخمي: يريد ويعطي الغريم ما ينوب الغريمين لا أن يأخذ دينارًا ينقص قيراطين، إلا أن يكون ذلك النقص ليس بعيب، وسمعه أيضًا من له نصف دينار لشهر على رجل يكره بيعه له ثوبًا فنصف دينار لذلك الشهر على أن يعطيه دينارًا قائمًا.

ابن القاسم: ويجبر المبتاع عند الأجل على دفعه دينارًا قائمًا.

ابن رُشْد: كراهته ذلك نحو كراهة مالك. فيها: بيع سلعة بنصف دينار لأجل بشرط أخذه دراهم مع وجوب القضتء بها، وظاهره أنه شرط لما يوجبه الحكم فأخذ منه بعضهم أن من الشروط التي يوجبها الحكم ما لا يجوز اشتراطه، وهو ما كان منها مخالفًا للقياس، وليس بصحيحٍ؛ لأن شرط موجب الحكم كتركه، وكرتهة مالك في الأولى لاحتمال أن يحل الأجل، وللمبتاع على البائع نصف دينار فتجب مقاصته به فيجب قضاء النصف الباقي دراهم، وفي الثانية لاحتمال أن يحل الأجل وللبائع على المبتاع نصف آخر.

قُلتُ: يرد الأول بمنع المقاصة؛ لأن النصف من دينار ثبت جمعه في ذمة ذهب والنصف من دينار لم يثبت جميعه ذهبًا ورق لا ذهب، والمقاصة في الذهب بالورق غير واجبة، وتعليل كراهة الثانية بأن الشرط فيها يئول للبيع بصرف يوم القضاء وهو مجهول أبين.

وسمع القرينان: من له على رجل صك بعشرة دراهم من صرف عشرين درهمًا بدينار إنما له نصف دينار ما بلغ غلا الصرف، أو رخص إن كانت من بيع، وفي القرض

ص: 237