الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب المراطلة]
المراطلة: بيع ذهب به وزنًا أو فضة كذلك؛ فتخرج الفلوس وتدخل بزيادة أو
فلس بمثله عددًا لا وزنًا في آخر ثالث سلمها: لا يصلح فلس بفلسين نقدًا ولا مؤجلًا والفلوس في العدد، كالنانير والدراهم في الوزن، وقول ابن الحاجب وابن بشير بيع العين بمثله وزنًا يرد بقصوره على العين دون أصلها فالموزونان إن اتحدا في الجودة أو اختص بها كل أحدهما أو كانا في الرداءة كذلك جازت، وإن اختص بعضه بجودة وبعضه برداءة لم تجز.
ابن حارث وابن رُشْد وابن بشير: اتفاقًا، وإن اختص بعضه فقط بأحدهما ففي جوازه قولان، للمشهور معها، وسَحنون.
المازري: مراطلة ذهب برديء وجيد لا يعرف قدلاه منه لا يجوز، ونقل ابن رُشْد غحتجاج سَحنون بالقياس على منع ذلك مد قمح ومد شعير بمثلهما للذريعة.
الشَّيخ عن محمد: كل وجوه المراطلة جائزة، إلا ما بعضه أجود وبعضه أردى، أو
ما رجح فيه ذهب أحدهم فأخذ لرجحانه شيئًا عرضَا أو ورقًا.
وفيها: يدخل في كليته جواز ترك الرجحان دون عوض.
قُلتُ: نص حرمته والإجماع على ثبوت رجوع ابن عباسٍ.
الشَّيخ: روى محمد كل ما منع فيه التفاصيل من عين وطعام لا ينبغي أن يجعل مع جيده رديء يستحل به التفاصيل. قال: وخفف مالك أن يجعل مع الجيد من المالين لا عتدال الميزان قطعة ذهب ثلثًا فأقل إن لم يقصد بها فضل عيون ما معها.
محمد: ما لم تكن القطعة ردية، مالك: وإن كان فيها قدر الدينار لم يجز، إلا أن يكون مثل المنفردة فأجود.
قُلتُ: ظاهره جواز ما بعضه أجود وبعضه أردأ إذا قل، ولم يذكره ابن رُشْد ولا أكثرهم، وعزا ابن عبد السلام قوله: وإن كان فيها قدر الدينار لمحمد وهو في النوادر لمالك، كما مر، وسمع ابن القاسم: لا بأس بالمراطلة بالصنجة في كفة واحدة.
ابن رُشْد: هي أصح من كون الذهبين في كفتين ليتفق المماثلة بالصنجة والتحرز من عدمها بعين تكون في الميزان، وعزا المازري هذا الترجيح لبعض شُيُوخه، وصوبه، وسمع القرينان: لا بأس بالمراطلة بالشاهين إذا كان عدلًا.
ابن رُشْد: لا فرق بينه وبين غيره من الموَّازين، وقال وكيع: في قوله تعالى: وزنوا المستقيم [الاسراء] هو الشاهين ابن سيدة: هذه كلمة غير عربية.
قُلتُ: وأظنه الميزان المسمى عندنا بالقرسطون وهو لا يحصل به تحقيقًا؛ لأن الوازنين فيه قد يختلفان لجواز استواء مختلفي القدر في الزيادة على قدر معين، وقول ابن الحاجب الوزن بصنجة جائز، وقيل: بكفتين يقتضي وجود القول بمنعه بالصنجة، ولا أعرفه إلا نقل المازري.
قال ابن كنانة لمالك لما قال بالمراطلة بالصنجة: إنهم يقولون إنما المراطلة كفة بكفة، فقال: لا بأس بذلك كله إذا اعتدل الوزن، ولعل هؤلاء الذين حكى عنهم ابن كنانة رأوا أن كفة بكفة أسرع تناجزًا.
قُلتُ: أو لأن مساواة قدر لقدر في الحس بتسويته به دون وسط أبين في يقين تساويهما من مساواته بتوسط مساواته، ولذا إذا كثرت الأوساط بينهما بان
اختلافهما، أبو حفص: والشريكان في دراهم وزناها بمثقال مائة، لا تجوز مراطلة أحدهما الآخر عن نصفه، فيها مثقال خمسين لجواز الاختلاف، ولو كانا وزناها وزنتين بمثقال خمسين جازت به، ولا يجوز مراطلة دينار وزن بمثقاله بوزنه بمثقالين النصف، بخلاف حلي أو دينار بينهما تجوز عن نصفه بمثقاله.
وفي اعتبار السكة والصياغة مقالات وطرق: عبد الحق عن بعض القرويين: في مراعاة السكة قولان لقول «الموَّازية» : مراطلة دراهم بيض بسود أفضل من البيض معها فضة مكسورة مثل فضة البيض لا يحل مع قول ابن القاسم في الموَّازية، مراطلة تبرٍ بدينار، وتبر أدنى من المنفرد لا تجوز، وقولها: مراطلة مسكوك بآخر معه تبر وهما أدنى من المنفرد جائز.
قال القروي: لو راعى السكة لم تجز؛ لأن التبر أدون وما معه له فضل السكة، فكان لا يجوز. فقبله عبد الحق ورده الصقلي بأن المنفرد أرفع منهما فالفضل في جهته فقط وصحح المازري وجود القولين فذكر الأول كما مر، وقال: وأجاز ذلك في «المدَوَّنة» ، قال فيها: من راطل تبرًا بتبر ودنانير، وهما أدنى من المنفرد جاز، فلو اعتبر السكة كان التبر المنفرد وسطًا؛ لأنه أجود مما يقابله من تبر، وأدنى مما يقابله من مسكوك لفضل سكته. قال: وردَّ هذا التخريج بعض المتأخرين بأنه إنما ذكر في «المدَوَّنة» : إن التبر والدنانير دون التبر المنفرد وكون المنفرد أعلى جائز، وما قاله غفلة عما نبهنا عليه.
قُلتُ: قول المازري هذا وهم؛ لأنه نقل مسألة المدَوَّنة على أنها في تبرين حسبما ذكره، وليست كذلك، إنما هي في مسكوكين حسبما ذكرها عبد الحق في «تهذيب الطالب» ، وكذا نقلها الصقلي وكذا هي في «المدَوَّنة» و «التهذيب» ، وما عزاه للمدَوَّنة في التبرين نص ابن القاسم في سماع أَصْبَغ على عدم جوازه كما تقدم عنه في الوَّازية، وقال ابن رُشْد في سماع أصبغ: هذا وفاق لقوله في المدَوَّنة.
ولما ذكر التونسي قول الموَّازيَّة في الدراهم السود والبيض قال: وكذا تجنب إن كان التبر وما معه أجود؛ لأن التبر الذي مع الدنانير فيه جودة الذهب وهو دون المنفردة لعدم سكته، قال:
فإن قيل: يلزم عليه منع دنانير فيه جودة الذهب وهو دون المنفردة لعدم سكته، قال: فإن قيل: يلزم عليه منع دنانير بتبر أجود لتركه الجودة للسكة قيل: لا
يلزم هذا؛ لأنه يلزم عليه جواز تبرين بتبر متوسط بينهما، لأن كل تبر لو انفرد بأجود منه أو أردأ جاز.
قُلتُ: لا يخفى خلل هذا البحث لتريبه فيه جوازا على منع، فإن أراد به ترتيب حكم الفرع على حكم الأصل في القياس التمثيلي بطل؛ لأن شرطه مماثلة حكم الفرع للأصل، وإن أراد ترتيب لازم على ملزوم اثتثى نفيض لازمه فلا ملازمة بينهما بحال، ثم قال: ما حقه أن يقول أولًا؟ فأجاب: بأن المنفرد الوسط وبين ما يقابله يجب فيه الفض فيؤدي إلى التفاضل، والنتفرد لا فض فيه.
قُلتُ: وتمامه بجواب سؤال إن قيل: كما لزم فض المنفرد الوسط على ما هو وسط منهما، يجب فض المسكوك الأدنى من مقابله الأجود غير مسكوك؛ لأن سكته وسط بين جودة ما يقابله وعدم سكته قيل ما هو وسط بينهما في مسألة المنع أمران كل منهما قائم بنفسه يستقل بتعليق التقويم به دون الأخر فتتعدد قيماتهما فيمكن الفض، وما هو وسط بينهما في صورة الجواز أمران هما صفتان لموصوف واحد لا يستقل أحدهما بقيمة دون الآخر، وما هما له يمكن تقويمه من حيث كونه موصوفًا بهما، فاتحدت القيمة فامتنع الفض.
المازوي: إن كان لأحدهما فضل، وللآخر فضل آخر، فمعروف المذهب جوازه، وروى الأبهري كراهة مراطلة أفضل عين بأفضل في الجواز؛ لأنها مبايعة أخرجتها عن المعروف.
قُلتُ: ويأتي على نقل ابن شاس: أن السكة والصياغة في المراطلة كالاقتضاء قول ثالث بالمنع.
اللخمي: في اعتبار السكة والصياغة مطلقًا أو فيما لم يتساويا في الجودة، نقل الشَّيخ أبي الحسن وقوله، ثم قال اللخمي: مراطلة دنانير سكة واحدة بدنانير سكتين إن اختصت المنفردة بجودة أو رداءة جازت، وإن تساوت إحدى الأخريين فعلى القولين، وإن توسطت امتنعت؛ لأنها مبايعة توجب قبض المنفردة على قيمتي السكتين فيختلف منابهما فيقع التفاصيل، وكذا لو ظهر في إحجاهما عيب لم يرجع بنصف الدنانير، وكذا مراطلة مسكوك بتبرين أو تبر ومسكوك، وإنما يراعى في المسكوك نفاقه لا صفة ذهبه،
وإنما يراعيها الشَّيخ أبو الحسن، وعلى القول الآخر يراعى الذهب والسكة إن كانت الدنانير المنفردة أنفق من الدنانير والتبر، وذهبهما أردى لم يجز، وكذلك إن كانت المنفردة أنفق من الدنانير ودون التبر، أو أنفق من التبر ودون الدنانير؛ لأنها تختلف بالفض، ومراطلة مسكوك، وتبر بمسكوك وتبر إن تساوت السكتان، واختلف التبران أو العكس، جائزة على قول ابن القاسم لا سَحنون.
ابن شاس: في اعتبار السكة والصياغة كما في الاقتضاء ولغوهما إذ لو اعتبرا كانا مع العين كعرض فيجب المنع ولم يقله أحد، ثالثها الصياغة فقط؛ لأنها مقصودة والسكة علامة فقط، وفي اختصاص الأقوال باتحاد العوضين أو تجري مع الاحتياط قولا المتأخرين، والظاهر أنها لا تجري لوجود القصد إليه فيتفق اعتبارهما مع الاحتياط.
قُلتُ: وعلى هذا يجب حمل قول ابن الحاجب: وفي اعتبار السكة والصياغة كالجودة طريقان: الأولى ثالثها: تعتبر الصياغة فقط، والثانية تقييد الأقوال باتحاد
العوضين واعتبارهما إذا اختلف العوضان.
ابن عبد السلام: قوله: والثانية تقييد الأقوال باتحاد العوضين واعتبارهما إذا اختلف العوضان يعني: إن كانا متساويين في الجودة والرداءة، ألغيت السكة والصياغة اتفاقًا، وهذا هو مراد المؤلف باتحاد العوضين وإن اختلفا في الجودة والرداءة فها هنا تختلف في اعتبار السكة والصياغة وهو مراد المؤلف بقوله: واعتبارهما إذا اختلف العوضان.
قُلتُ: هذا وهم من وجهين:
الأول: جعله اتحاد العوضين محلًا للاتفاق على إلغاء السكة والصياغة وليس كذلك إنما هو محل الاتفاق على وجود الأقوال الثلاثة فيه، وجعله اختلاف العوضين محل الاختلاف بيس كذلك، إنما هو محل للاتفاق على اعتبارهما حسبما نص عليه ابن شاس وهو الذي يشهد له قاعدة الفض.
الثاني: تفسيره الاتحاد بالتساوي في الجودة والرداءة، ليس كذلك، إنما هو في كون عوض كل منهما من صنف واحد تساويا في الجودة أو اختلفا، وتفسيره الاختلاف
باختلافهما في الجودة والرداءة ليس كذلك إنما هو كون عوض أحدهما من صنفين بحيث يفرض الفض، ومن تذكر ما تقدم من الأقوال والروايات اتضح له ذلك.
وفي المراطلة بالمسكوك دون معرفة وزنه قولا الصقلي مع ابن عبد الرحمن، والقابسي محتجًا بمنع بيع المسكوك جزافًا، ونقل الصقلي عنه أولًا: لفظ المنع، وثانيًا: لفظ الكراهة، ولو وجد من راطل تبر ذهب أصفر بدنانير ذهب أحمر فوجد فيها ما لا يجوز في السوق وذهبه أحمر جيد ففي تمكينه من رده قولا أشهب وابن القاسم فيها قائلًا: لأنه إنما يرجع بمثل ما يرد أو أدنى، وكذا لو راطل تبرًا بخلخال ذهب مثل تبره أو أجود.
وفيها: كره مالك أن يصرف دراهم من رجل بدنانير، ثم يبتاع منه بتلك الدنانير دراهم غير دراهمك، وغير عيونها في الوقت أو بعده بيومين.
ابن القاسم: إن طال الزمان وصح أمرهما لا بأس به.
اللخمي أجاز ابن القاسم مراطلة الذهب الأحمر بالأصفر، ومحمله في الأصفر من أصل الخلقة، وإن كان لغش لم يجز لرواية ابن شعبان: إن كانت الدنانير مغشوشة فلا أظن المراطلة بها جائزة.
وعبر المازري عن هذه الرواية بالمنع.
اللخمي: زفيها لابن القاسم: من اشترى دنانير ذهبًا أحمر ابريزا بتبر أصفر، فوجد في الدنانير ما لا يجوز في السوق، فلا يرده إلا أن يكون مغشوشًا فيتنقض من الصرف بقدره فلم يبين هل ذلك إن قام مشتريها بالعيب أم لا؟ وعلى قول مالك ينتقض جبرًا، فلا يجوز تبر بتبر أحدهما مغشوش، فإن دخلا على السلامة، ثم ظهر غش أحدهما أجبرا على نقضه، إن كان المغشوش أجود ذهبا متى أزيل غشه، وإن كان يكون مساويًا أو أدنى جاز؛ لأنه تفضل لا مبايعة.
ابن رُشْد: في كون الدنانير المشوبة بفضة أو نحاس والدراهم المشوبة به يعتبر وزن كلها بما فيها كوزن خالص، واعتبار قدر الخالص فيها فقط في المراطلة والنكاح، والزكاة والسرقة قولان للشُيُوخ مستدلًا قائلهم بالأول بقول أشهب في صرفها، والثاني