المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب في الإسكان] - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٥

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب النفقة]

- ‌[باب فيما تجب فيه النفقة على الزوج]

- ‌[باب في اعتبار حال النفقة]

- ‌[باب فيما تكون منه النفقة]

- ‌[باب في اللباس]

- ‌[باب في الإسكان]

- ‌[كتاب الحضانة]

- ‌[باب في مستحق الحضانة]

- ‌[كتاب البيوع]

- ‌[باب الصيغة في البيع]

- ‌[باب العاقد الذي يلزم عقده]

- ‌[باب في شرط المبيع]

- ‌[باب في المعقود عليه]

- ‌[باب في بيع العذرة والزبل]

- ‌[باب في بيع الزيت النجس، وعظم الميتة

- ‌[حكم بيع جلد السبع]

- ‌[باب في بيع الخصي]

- ‌[باب في بيع الكلب]

- ‌[باب في بيع الصور]

- ‌[باب في بيع آلات اللهو]

- ‌[باب في بيع الهر ونحوه]

- ‌[باب في جبر بائع جلد الشاة على ذبحها]

- ‌[باب في بيع المريض وذي مرض السياق]

- ‌[باب في بيع الآبق والشارد]

- ‌[باب في بيع المغصوب]

- ‌[باب في بيع الرَّهن وملك الغير بدون إذنه]

- ‌[باب في من باع جارية حلف بعتقها]

- ‌[باب في بيع عمود عليه بناء، وعلى من يجب قلعه]

- ‌[باب في بيع نصل سيف دون حليته]

- ‌[باب في بيع الهواء]

- ‌[باب في بيع طريق في دار رجل]

- ‌[باب في جهل أحد العوضين في البيع]

- ‌[باب في بيع لحم الشاة الحية]

- ‌[باب في بيع الحب المختلط في أندره]

- ‌[باب في بيع دقيق بحنطة]

- ‌[باب في بيع الحيتان في البرك]

- ‌[باب في الجهل بالثمن]

- ‌[باب في جمع الرجلين سلعتيهما في البيع]

- ‌[باب في عقد البيع على حرام وحلال]

- ‌[باب في الاستثناء من المبيع]

- ‌[باب في جبر مشتري الشاة المستثنى منها على ذبحها]

- ‌[باب في أجرة الذبح]

- ‌[باب في بيع حائط من عنب واستثناء سلل منه]

- ‌[باب في بيع العبد وله مال]

- ‌[باب في شراء مال العبد بعد شرائه]

- ‌[باب في بيع العبد وثمر الحائط

- ‌[باب في بيع أحد الشريكين حظه في عبد]

- ‌[باب في بيع الجزاف]

- ‌[باب في الشراء بمكيال مجهول]

- ‌[باب في الصفة تقوم مقام العيان في الحزر]

- ‌[باب في شرط الجزاف]

- ‌[باب في بيع ما تقدمت رؤيته]

- ‌[باب في بيع ذي ورم تقدمت رؤيته]

- ‌[باب في شرط لزوم بيع الغائب]

- ‌[باب في بيع البرنامج]

- ‌[باب في بيع الأعمى]

- ‌[باب في نقد ثمن الغائب]

- ‌[باب في شرط النقد في بيع الغائب]

- ‌[باب في بيع دار على الصفة من غير البائع]

- ‌[باب في من اشترى غائبًا هل يوقف ثمنه

- ‌[باب في ضمان بيع الغائب غير ذي توفيةٍ]

- ‌[باب في صحة اشتراط الضمان عقب العقد]

- ‌[باب ما يحرم به فضل القدر والنساء]

- ‌[باب ما يحرم فيه النساء]

- ‌[كتاب الصرف]

- ‌[باب في شرط الرد في الدرهم]

- ‌[باب المراطلة]

- ‌[باب المبادلة]

- ‌[باب في الاقتضاء]

- ‌[باب الطعام]

- ‌[باب في شرط المماثلة]

- ‌[باب الاقتناء في الحيوان]

- ‌[باب المزابنة]

- ‌[باب الكالئ بالكالئ]

- ‌[باب في الغرر]

- ‌[باب في بيع الحامل بشرط الحمل]

- ‌[باب في بيع المضامن والملاقيح]

- ‌[باب في بيع الملامسة والمنابذة]

- ‌[باب في بيع الحصاة]

- ‌[باب في النهي عن بيعتين في بيعة]

- ‌[باب بيعتين في بيعة]

- ‌[باب في بيع عسيب الفحل]

- ‌[باب في النهي عن بيع وشرط]

- ‌[باب في البيع بشرط السلف]

- ‌[باب في البيع بشرط أن لا يبيع]

- ‌[باب في بيع الثنيا]

- ‌[باب في هلاك الرَّهن بعد قبضه]

- ‌[باب في استحقاق الرَّهن قبل قبضه]

- ‌[باب في بيع الأمة بشرط رضاع ولدها ونفقته]

- ‌[باب في أرض الجزاء]

- ‌[باب في الأرض المطبلة]

- ‌[باب في بيع العربان]

- ‌[باب في بيع الولد دون أمه أو العكس]

- ‌[باب في التفرقة بين الأم وولدها في البيع]

- ‌[باب في الإيصاء بالولد دون أمه أو العكس]

- ‌[باب في من وهب الولد دون أمه]

- ‌[باب في وسائل إثبات النبوة المانعة من التفرقة]

- ‌[باب في بيع المزايدة]

- ‌[باب في بيع الحلي مزايدة بعين أو أصلها]

- ‌[باب بيع النجش]

- ‌[باب في بيع المقاومة]

- ‌[باب في بيع المقاومة بالحصاة]

- ‌[باب في بيع الحاضر للبادي]

- ‌[باب في البيع زمن نداء سعي صلاة الجمعة]

- ‌[باب في شراء تلقي السلع]

- ‌[باب في الخروج شراء الغلل من الحوائط]

- ‌[باب في التسعير]

- ‌[كتاب بيوع الآجال]

- ‌[باب في شرط بيع الأجل]

- ‌[باب ما يمنع فيه اقتضاء الطعام من ثمن المبيع وما يجوز]

- ‌[باب العينة]

- ‌[كتاب بيع الخيار]

- ‌[باب دليل رفع الخيار]

- ‌[باب في الفعل الدال على إسقاط الخيار]

- ‌[كتاب الرد بالعيب]

- ‌[باب الغش والتدليس]

- ‌[باب البراءة]

- ‌[باب فيما يهده في حق المدلس بسبب تدليسه]

- ‌[باب في قدر مناب العيب القديم من ثمن المعيب]

- ‌[باب في قدر الحادث من العيب في المبيع]

- ‌[باب معرفة قدر زيادة زادها المشتري في المبيع]

- ‌[باب ما يكون فيه المبيع المتعدد كالمتحد في العيب]

- ‌[باب صفة يمين البائع في العيب]

الفصل: ‌[باب في الإسكان]

وفيها: ليس عليه خادم.

[باب في الإسكان]

وفيها: ووجوب الإسكان كالنفقة وحال السكنى قدرا وصفة ومكانا باعتبار حال الزوجين.

وسمع ابن القاسم في كتاب النكاح: من أسكن زوجته مع أبيه وأمه فشكت ضرر ذلك فليس ذلك له قيل: يقول: إن أبي أعمى لا أغلق دونه بابا. قال ينظر في ذلك إن رئي ضرر حولها عن حالها.

ابن رُشْد: ولا يسكن معها أولاده من امرأة أخرى في دار واحدة إلا برضاها. قاله في سماع سَحنون من طلاق السنة لضررها باطلاعهم على تصرفاتها وأمر الأعمى أخف، فأوقف مالك أمر الأعمى على النظر، وحمله على عدم الضرر حتى تثبت المرأة أنه يضر بها؛ لأن قوله:(فإن رئي ضرر) معناه فإن ثبت ذلك.

وقال ابن الماجِشُون فيمن هي وأهل زوجها في دار واحدة تقول: أهله يؤذونني، أفردني عنهم: رب امرأة ليس لها ذلك لقلة صداقها أو وضيعة قدرها، ولعله على ذلك تزوجها وفي المنزل سعة، فأما ذات القدر واليسار فلا بد له أن يعزلها، وإن حلف أن لا يعزلها حمل على الحق أبره ذلك أو أحنثه ليس بخلاف؛ لقول مالك فيمن لا يشبه حالها من النساء أن يسكنها وحدها، وله أن يسكنها في دار جملة، ليس على زوجها أن يخرج أبويه عنها إلا أن يثبت إضرارهما بها.

ابن سهل: أجاب ابن زَرْب: من تزوج امرأة له ولد صغير من غيرها، فأراد إمساكه بعد البناء وأبت ذلك، إن كان له من يدفعه إليه من أهله ليحضنه له ويكلفه أجبر على إخراجه، وإلا أجبرت على بقائه، ولو بنى بها والصبي معه ثم أرادت إخراجه لم يكن لها ذلك، وكذا الزوجة إن كان لها ولد صغير مع الزوج حرفا بحرف.

ابن عات في المجالس: إن أراد أن يكتري لها دارا ورغبت هي في السكنى في دارها بمثل ما يكرى لها فالقول قولها.

وفي العدة منها: إن كانت المعتدة في مسكن بكراء، فلم تطلب به الزوج إلا

ص: 15

بعد العدة فلها الكراء، وكذا لو لم يفارقها فطلبته به بعد تمام السكنى، فذلك لها إن كان موسرًا.

وفي الرواحل منها: من نكح امرأة وهي ببيت اكترته سنة، فدخل بها فيه، وسكن باقي السنة، فلا كراء عليه لها ولا لربه، وهو كدار تملكه إلا أن تبين له أني بالكراء أسكن فإما وديت أو خرجت، قال غيره: عليه الأقل من كراء المثل أو ما اكترت به.

عياض: ما في العدة خلاف ما في الدور، وتكلم الأشياخ عليهما، وهو بين اختلاف قول أو سؤال، وترجح في ذلك بعضهم، وفسر المتيطي وغيره المثل بأمرين مثل كراء الدار أو مثل كراء ما يكريه لها، فهو أقل من ثلاثة أشياء. قال: وقال أبو عمران على الخلاف حملها فضل وابن لبابة وغيرهما، وليس كذلك؛ مسألة العدة لم تملك فيها السكنى وفي الأخرى ملكتها.

ابن عبد الرحمن: الكراء في العدة مشاهرة، فبناء الزوج والكراء غير لازم لها فلزمه، وفي الآخر هو لسنة معينة فبنا وهو لازم لها، كمسكن لها، وذكر عن ابن القاسم: إن دعته للبناء في دارها أو في دار هي فيها بكراء، فلا كراء عليه، وإن كان هو الذي اختار ذلك فعليه الكراء.

وفرق غيره بأنها في مسألة العدة مطلقة فصار كأجنبي، وفي الأخرى هي في عصمته، واختار ابن لبابة أن تحلف ما سكنت عن القيام عليه في الكراء هبة له وتأخذه به.

قال فضل: جيدة في اليمن.

وقال ابن الهندي: جرى العمل بوجوب الكراء عليه في دارها ولم يذكر يمينا.

وفرق ابن العطار في مسألة الكراء، فأجبه للمولى عليها، ولم يوجبه للمالكة نفسها.

وتعقبه ابن الفخار، فقال: إن كان الكراء من حق الزوجة فيما سلف فلا فرق بين المولى عليها وغيرها، وقد اختلف في ذلك قوله في المدَوَّنة، ولم يختلف قول مالك في أكله مالها وهي تنظر، لا تغير ولا فيمن أنفقت عليه، أن ذلك لها، وإن كان عديما حال الإنفاق.

ص: 16

وتعيين المسكن اللائق بهما دونها لقول الباجي وقبوله.

ابن عات: للأب، شرط أن لا يخرجها من دارها بموضع كذا، وإن كان ممنوعا من هبته مالها؛ لأن للزوج إسكانها حيث شاء، فلما قصره الأب على دارها ترك له شيئًا من مالها، وتقدم لابن عبد السلام في فصل سكنى المعتدة خلافه بتخريج تقدم.

رده ابن عات، صوب ابن لبابة قضاء سليمان بن أسود على أب طلب زوج ابنته، وهي في ولايته بإخراجه من دارها ليكريها لها، وقال القاضي: لزوجها: ألك دار؟ قال: لا؛ يمنعه إخراجه منها قائلا له: لا كرامة لك أن تخرج ابنتك من دارها إلى دار خرج، تمشي بفراشها على عنقها من دار لدار، ليس هذا من حسن نظر.

ثم قال: سأل ابن دحون ابن زَرْب عن شرط أن لا يرحلها من دارها إلا أن تطلبه بالكراء، فقال: ذلك جائز، فإن طلبته بكراء ما مضى لم يلزمه إن كانت رشيدة عالمة بالشرط، وإن كانت مولى عليها غرمه.

قال ابن دحون: فإن كانت ذات أب وأباح له السكنى لأي شيء لا يضمن الأب الكراء، ويكون محمل الهبة، فقال: ليس هبة، والكراء على الزوج، وليس للأب أن يهب مال ولده، وتأمل هذا مع قضية سليمان بن أسود.

وللباجي وابن مغيث خلاف قول ابن زَرْب.

وفي ثاني نكاحها لا يجوز العفو عن شيء من صداقها إلا للأب لا لوصي ولا غيره.

ابن القاسم: إلا أن يكون على وجه النظر لها، فيجوز إذا رضيت، مثل أن يعسر بالمهر فيسأل التخفيف، ويخاف الولي الفراق.

عياض: يحتج به في مسألة: إذا رضيت المحجورة بسكنى زوجها معها دارها، وإنفاقها على نفسها خوف طلاقها رغبة في زوجها، وأنه إن فارقها رجعت تسكن دارها وتنفق على نفسها، أن ذلك لها، على ما أفتى به شُيُوخ الأندلس، وبه أفتى ابن عتاب وشيخنا هشام بن أحمد وابن حمدين القاضي وغيرهم وهو النظر، ولم يره في إسقاط النفقة أبو المُطَرَّف الشعبي، وقال: يلزم هذا فيما يطلبه من مالها إذا خشيت فرقته.

عياض: وهذا لا يلزم؛ لأنها تقول في الوجه الأول: إن فارقني رجعت آكل مالي

ص: 17

وأسكن داري ولا أتزوج سواه.

قُلتُ: إن كانت ممن يرغب فيها فالأظهر قول الشعبي وإلا فقول غيره، وأخذه عياض أيضًا من قولها في إرخاء الستور بوجوب إنفاقه على أمه الفقيرة وله زوج معسر لا حجة له، إن قال: لا أنفق حتى يطلقها.

وفيها: ليس عليه خادم إلا في يسره، ويتعاونان في الخدمة.

وفيها: ليس عليها من خدمتها وخدمة بيتها شيء.

وفي إرخاء الستور منها: إن اتسع أخدمها.

الباجي واللخمي عن ابن الماجِشُون وأصبغ: عليه إخدامها إن كانت ممن لا تخدم لحالها وغنى زوجها، وإن لم تكن ذات شرف ولا في صداقها ثمن خادم فعليها الخدمة الباطنة؛ العجن والطبخ والكنس والفرش واستقاء الماء، وكذا إن كان مليا إلا أنه مثلها في الحال وأشرف، وليس من أشرف الناس الذين لا يمتهنون نساءهم بخدمة، وإن كان معسرًا فلا خدمة عليه، وإن كانت ذات شرف وعليها الخدمة الباطنة كالدنية.

زاد عياض عن ابن مسلمة: يجب عليها خدمته داخل بيتها.

ابن نافع: عليها أن تنظف وتفرش وتخدم.

ابن خويز منداد: عليها خدمة مثلها، وخدمة ذات القدر الأمر والنهي في مصالح المنزل، وإن كانت دنية فعليها السكنى؛ الكنس والفرش وطبخ القدر واستقاء الماء إن كانت عادة البلد، لعله يريد من بئر دارها، وما قرب منها وخف، وقال أصحابنا: لا شيء عليها غير تمكين نفسها.

وفي المبسوط: لا شيء عليها من خدمة بيتها ولا كنس ولا عجين إلا مثل أصحاب الصفة، التي إن لم تطحن لزوجها طحنت لغيره.

وفي أجوبة ابن رُشْد قيل: الإخدام واجب لها تطلق عليه بالعجز عنه، قال ابن الماجِشُون، ولا بن القاسم: لا تطلق به.

ابن حبيب: لا يجب إلا أن يكون موسرا، وهي من ذوات القدر.

قُلتُ: ففي وجوبه مع التطليق بالعجز عنه أو دونه، ثالثها: يجب بيسره مع كونه ممن لا يخدم بنفسه أو كونه ممن لا تخدم امرأته بنفسها، ورابعها: وجوبه إلا أن يكون

ص: 18

مثل أصحاب الصفة، وخامسها: وجوبه إن اتسع وإلا تعاونا في الخدمة، لابن رُشْد عن ابن الماجِشُون وابن القاسم وابن حبيب وابن خويز منداد عن أصحابنا ولها.

ونقل ابن رُشْد عن ابن الماجِشُون: التطليق بالعجز عنه خلاف نقل الباجي واللخمي عنه، وعلى الثالث: لو تنازعا في كونها من ذوي الخدمة ففي كون البينة عليه أو عليها نقلا ابن عات.

المتيطي: إن كان في عقد نكاحه، وعلم الزوج المذكور أن زوجته هذه ممن لا تخدم نفسها لحالها ومنصبها، فطاع بالتزام خدمتها، وأقر أنه ممن يلزمه ذلك، ويتسع ماله له لم يقبل قوله أنه لا يطيق الإخدام، وكذا لو شهد له بما زعم بينة لم تنفعه لاعترافه بسعته، إلا أن يعلم أنه أصابه أمر أذهب ماله، كقولهم في الغريم يعترف لرب الدين بملائه ثم يقيم بينة بعدمه، قال: وحكى بغض شُيُوخنا من القضاة عن بعض شُيُخه من القرويين، أن بينته بالعدم تنفعه، ولا يضره ما أشهد به على نفسه، ولولا ذلك لم يداين، والذي عليه العمل، وقاله غير واحد من الموثقين: أنه لا تنفعه بينته ويسجن أبدا حتى يؤدي دينه.

المتيطي: ذو السعة في قصر وجوب إنفاقه على خادم ولزوم ثانية إن كانا ممن لا تصلحهما واحدة، ثالثها: إن ارتفع قدرها جدا كابنة السلطان والهاشمية زيد في عدد خدمها الأربع والخمس؛ لرواية ابن القاسم والمبسوط مع سماع أصبغ.

ابن القاسم: تلزمه نفقة الخادمين والثلاث إن كانت ذات غنى وشرف، وقول أصبغ: قال الشَّيخ أبو إبراهيم: يريد إن طالبها باستعمال هذه الأموال والرتب، وإن اقتصد لم يلزمه أكثر من واحدة، ولو طلبت نفقة خادمها، وقال: أخدمها بخادمي أو أكري من يخدمها بقدر نفقة خادمها أو أكثر، ففي قبول قولها أو قوله نقل الباجي رواية ابن القاسم مع فتوى ابن عبد الرحمن.

ونقل المتيطي عن بعض الموثقين قائلا، وقال غيره: يخير في نفقة خادمها وكراء امرأة تخدمها حرة أو أمة وشراء خادم تخدمها.

الباجي: أو يخدمها بنفسه.

قُلتُ: منهن من إخدامها بكراء غضاضة عليها، ولا سيما إن كان ذلك لموت

ص: 19

خادم مهرها.

وفي طرار ابن عات: قيل: إنما تلزم الزوج نفقة من يخدم زوجته إن أتت بها، وليس عليه أن يأتي بمن يخدمها.

المشاور: يلزمه أن يأتي بمن يخدمها أو يشتري لها خادمها، وعاب القول الأول ولم يره شيئًا.

المشاور: إن ادعى الزوج أن خادم زوجته تفسدها عليه وتسرق ماله، فأراد إخراجها لذلك، لم يقبل منه إلا ببينة، أو يعرف ذلك جيرانه، ونحوه في مسائل محمد بن تليد فتأمله، ففيه خلاف ما نقل محمد بن الموَّاز.

وفي أجوبة ابن رُشْد: على القول بإيجاب الإخدام لا أثر لشرطه في عقد النكاح، وعلى سقوطه لا يصح اشتراطه، فإن وقع أوجب الفسخ قبل البناء، فإن طاع به بعد العقد جاز اتفاقا.

وسمع ابن القاسم في كتاب السلطان: ليس لمن سألته امرأته أن تسلم على أخيها وأبيها منعها ذلك ما لم تكثر، والأمور التي يريد أن يمنعها لها وجوه، ليس كل النساء سواء، وأما المتجالة فلا أرى له ذلك ورب امرأة لا تؤمن في نفسها، فله ذلك فيها.

ابن رُشْد: هذا مثل سماع أشهب من الأيمان بالطلاق، يقضى عليه أن يدعها تشهد جنازة أبويها وتزورهم، والأمر الذي فيه الصلة والصلاح؛ فأما شهود الجنائز والعبث واللعب فليس ذلك عليه، خلاف قول ابن حبيب: لا يقضى عليه حتى يمنعها الخروج إليهم ودخولهم إليها، فيقضى عليه بأحد الوجهين، ولا يحنث إذا حلف حتى يحلف على الأمرين فيحنث في أحدهما، وإنما هذا الخلاف في الشابة المأمونة، ويقضى عليه في المتجالة اتفاقا لزيارة أبيها وأخيها، والشابة غير المأمونة لا يقضى عليه بالخروج إلى ذلك ولا إلى الحج، رواه ابن عبد الحَكم، والشابة محمولة على الأمانة، حتى يثبت أنها غير مأمونة.

وسمع القرينان يمينه ألا تخرج زوجه إلا بإذنه في الأيمان بالطلاق إن حلف به أو بعتق، أن لا يدعها تخرج أبدا، أيقضى عليه في أبيها وأمها ويحنث؟ قال: لا.

المتيطي: له منعها من زيارة أهلها إلا ذا محرم منها.

ص: 20

قال مالك: إن اتهم ختنه بإفساد أهله نظر، فإن كانت متهمة فله منعها بعض المنع لا كل المنع وإلا لم تمنع.

وروي ابن أشرس وابن نافع: إن وقع بينه وبين أخي امرأته كلام لم يكن له منعه منها.

قال مالك: ولها أن تعود أخاها أو أختها في مرضها، ولو كان زوجها غائبا عنها ولم يأذن لها حين خروجه، وذكر ما تقدم لابن حبيب، وقال: ولو كان في عقد نكاحه شرط أن لا يمنعها من زيارة أهلها من النساء، وذي محارمها من الرجال، ولا يمنعهم زيارتها فيما يحسن من المتزاورين ارتفع الخلاف، وكان لها ذلك.

قُلتُ: ظاهر المذهب عدم لزوم الشروط إذا لم تعلق بيمين وهذا منها، قال: ويدخل في أهلها من النساء العمات والخالات وبناتهن وبنات الأخ والأخت والعم والخال وبنات بناتهن، ومن هن عند الناس من الأهل وإن لم تكن ذات محرم.

قال مالك: ممن لا زوج لها منهن، ومن لها منهن زوج لا تزورها إلا بإذن زوجها، قيل له: فما حد تزور فيه؟ قال: في كل شهر مرتان، أما كل يوم فذلك تبرج الجاهلية قبل ضرب الحجاب، قيل له: قال قوم: في كل جمعة مرتان فأنكره.

المتيطي: أما البنون الصغار الذين ليسوا مع أمهم فيقضى لهم بالدخول عليها في كل يوم، وإن كانوا كبار ففي كل جمعة، فإن حلف بالطلاق أن لا يدخلوا عليها أمر الزوج بإخراج أمهم إليهم، فإن حلف على الأمرين جبره السلطان على دخولهم أو خروجها إليهم، ولا يحنث إلا أن يزيد في يمينه ولا بسلطان.

قُلتُ: هذا خلاف ما تقدم لابن رُشْد عن ابن حبيب من حنثه، ولو لم يزد في يمينه ولا بسلطان، ومثله نقل الصقلي عنه، وهو على الخلاف في إكراه السلطان حسبما مر في الأيمان.

المتيطي: قال بعض الموثقين: إن احتاجت أن يدخل بينة للشهادة عليها لم يكن للزوج منعها، وليس لها أن تدخل أحدا بغير إذنه.

قُلتُ: الأولى عزو ذلك لنوازل سَحنون في كتاب الشهادات.

ص: 21

فيها: لذات الزوج أن تدخل رجالا تشهدهم على نفسها بغير إذن زوجها وهو غائب؛ لأنه لو حضر لم يكن له منعها ذلك، ولا تدخلهم في مغيبه إلا ومعها ذو محرم.

قُلتُ: وأخل المتيطي بشرط وجود ذي المحرم.

قال ابن رُشْد: لقوله صلى «لا تسافر امرأة مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم منها» ، فإن لم يكن ذو محرم قام أهل الصلاح والفضل مقامه.

وفي الشفعة منها لذات الزوج تسليم شفعتها ولها الشراء والبيع، ولا يمنعها الزوج من ذلك ولا من أن تتجر، فأخذ منه غير واحد أن ليس للزوج أن يجعل على باب مسكنها قفلا، وهو نقل ابن فتحون عن المذهب، قال في آخر الباب التالي لباب عقد الشهادات في الوصيَّة ما نصه: وله منعها من الخروج إلى المتجر، وليس له أن يقفل عليها إلا برضاها.

في الطرر ما نصه: في المديان من المدَوَّنة: له منعها من الخروج ولم يشترط إلا من التجر.

وقال ابن أبي زَمَنَيْن في المقرب: إلا أن تخرج المرة بعد المرة فيما يجوز لها أن تخرج فيه فليس له منعها، ذكره بعض العلماء.

وقال ابن محرز مفسرا لما في المدَوَّنة عن ابن الكاتب: يعني الخروج للتجر وإلا فقد قال: إن كانت حسنة الحال لها الخروج المرة بعد المرة لأبويها.

وفي كون الواجب في فرض النفقة ثمن ما فرض أو نفسه، ثالثها: الخيار فيها للزوج، ورابعها: بل للحاكم، ولا يجوز في الطعام ثمن، لعياض عن ظاهر المذهب مع أخذ ابن محرز من قولها: من له دين على امرأته وهي معسرة فلا يقاصها في نفقتها، فإن كانت ملية فله مقاصتها بدينه في نفقته.

ونقل عياض عن محمد، ونقله مع ابن سهل والباجي عن ابن حبيب وعياض عن البغداديين، وعلى الثاني قال: تردد بعض الشُيُخ في جواز دفع الثمن عن الجميع،

ص: 22

ومنعه أو دفعه عن غير الطعام.

وتردد ابن عبد السلام في منع تأخير ما أخذ عن ما وجب، وجوازه بعيد؛ لوضوح كونه فسخ دين، وبعد قياسه على فسخ الكتابة في مؤخر واضح.

وفيها: قلت: إن خاصمت زوجها في النفقة كم يفرض لها؟ أيفرض لها نفقة سنة أم نفقة شهر؟ قال: لم أسمع فيه من مالك شيئًا، وأرى أن ذلك على اجهاد الوالي في عسر الزوج ويسره، ليس الناس سواء.

اللخمي: أجاز ابن القاسم أن يفرض سنة، وقال سَحنون: الفرض سنة؛ لأن الأسواق تحول، وأرى أن يوسع في المدة إن كان الزوج موسرا ولم يؤد إلى ضروه؛ لأن الشأن الفرض عند مقابحة الزوجين وقلة الإنصاف ولدد الزوج، وفي قصر المدة ضرر في تكرير الطلب عند لدده، فإن كان موسرا فالأشهر الثلاث أو الأربع حسن، وفي المتوسط الشهر والشهران، وإن كان ذا صنعة فالشهر، فإن لم يقدر فعلى قدر ما يرى أنه يستطيع أن يقدمه.

والكسوة تفرض مرتين في الشتاء والصيف؛ لأنها لا تبعض وتكون بالشهر والأيام، وكذا الغطاء والوطاء.

قُلتُ: انظر هل مرادهم بالمدة مدة دوام القدر المفروض أو مدة ما يقضى بتعجيله، والأول ظاهر تعليل سَحنون منع السنة بأن الأسواق تحول، والثاني نص اللخمي وتعليلهم باعتبار حال الزوج.

وفي كتاب ابن سَحنون: سأله حبيب عن من لا يجد ما يجري على امرأته رزق شهر، هل يجري عليها رزق يوم بيوم من خبز السوق؟ قال: نعم، يجري رزق يوم بيوم بقدر طاقته، قيل: فإن كان به جدة، وليس بالملي، تطلب أن يرزقها جمعة بجمعة؟ قال: بقدر ما يرى السلطان من جدته، من الناس من يري يوم بيوم، ومنهم جمعة بجمعة، ومنهم شهر بشهر.

قُلتُ: انظر لم يقطع لفظ الخبز إلا في لفظ السائل مع إضراب سَحنون عنه في لفظ جوابه، ومقتضى متقدم أقوالهم عدم فرض الخبز، ففي قول ابن الحاجب: فقد يكون باليوم أو بالجمعة أو بالشهر، وقد يكون بخبز السوق نظر.

ص: 23

وضياع نفقة الزوجة وكسوتها: عن محمد: ولو قامت بذلك بينة منها وهو ظاهرها، قال: ويتخرج فيها أنها منه قياسا على الصداق إذا كان عينا؛ لأن محملها على أنها تكتسي نفس ذلك حتى يعرف أنها أمسكته لتلبس غيره وتبيعه، ولأنه لو كساها بغير حكم لم تضمن، وإنما فعل الحاكم ما حقها أن تفعله بغير حكم، ويختلف إن بليت الكسوة قبل الوقت الذي فرضت له، هل يكون حكما مضى أم لا؟ كالخارص يبين خطأ، ومن أخذ دية عينه ثم برئت اختلف فيه، وأرى أن يرجع إلى ما تبين؛ لأن هذا حقيقة والأول ظن، ولأن من حق الزوج إذا انقضى أمد فرضها وهي قائمة أن لا شيء عليه حتى تبلى، فكذا إذا بليت قبل، وقبله المتيطي وغيره، ويرد بتحقق الخطأ في المقيس عليه في الصور الثلاث وعدم تحققه في المقيس لجواز كونه بحوزها في اللبس.

ابن محرز عن محمد: إن ادعت تلف نفقة ولدها لم تصدق، وإن كانت لها بينة فلا ضمان عليها إلا في أجر الرضاع فقط.

ابن محرز: لأنه شيء أخذته على وجه المعاوضة، ونفقة ولدها إنما قبضتها للولد إلا إنه ليس محض أمانة من الزوج فتصدق في عدم البينة؛ لأنه لو امتنع من دفعها لحكم به عليها، فضارع ذلك حكم العواري والرهان والمشتري على خيار، فإن قامت بتلفها بينة لم تضمنها وإلا ضمنتها وقبله ابن عات.

ويرد بأن منفعة الرَّهن والعارية والمبيع بخيار لقابضه، وهي في الحاضنة لغيرها وهو المحضون، ولا سيما على أن حق الحاضنة للمحضون، ففي ضمانها نفقتها لا لإرضاعها ونفقة ولدها، ثالثها: نفقتها فقط لتخريج ابن محرز، وتخريج اللخمي وقول محمد، وقول ابن عبد السلام في قول ابن الحاجب: ويحاسبها من دينه إن كانت موسرة وإلا فلا.

القياس أن لا فرق بين الملية والفقيرة، كما في الأجنبيين إذا كان لكل واحد منهما على صاحبه حق، يرد قوله فيها وفيما زعمه في الأجنبي، بأن شرط وجوب المقاصة وجوب تعجيل الحق من الجانبين، وهو لا يجب على المرأة إلا بشرط يسرها بالحق زائدا على ما يجب تركه للمفلس من نفقته وعيش أهله الأيام، فإذا كانت معسرة به وجب تأخيره فبطلت المقاصة، وكذا الأجير المعسر بنفقته، لا يجب عليه مقاصة من استأجره

ص: 24

بأجرته في دين له عليه، إلا فيما زاد على قدر نفقته.

وفي سقوط نفقتها بنشوزها، ثالثها: إن لم تكن حاملا، ورابعها: إن خرجت من المسكن، وخامسها: إن عجز عن صرفها عن نشوزها، وسادسها: إن فعلت ذلك بغضة لا لدعوى طلاق.

لابن رُشْد عن سماع عيسى، مع نقله عن سَحنون والأبهري مدعيا الإجماع على ذلك، والمتيطي عن رواية القاضي قائلا هي الأظهر، وابن رُشْد عن رواية محمد مع قول والمتيطي: هى الأشهر، وله عن الشَّيخ أبي القاسم، وعن الوقار وعن القابسي وعن سَحنون.

ابن عبد البر: خالف ابن القاسم الفقهاء في وجوب نفقة الناشز، واختار اللخمي الأول.

ابن رُشْد: وأخذه ابن الشقاق من قول ابن القاسم فيها، فيمن غلبت زوجها فخرجت من منزله في العدة من طلاق بائن وسكنت غيره، لا كراء لها عليه فيما سكنته، غير صحيح؛ لأن ابن القاسم فرق بين المسألتين في الموَّاّزية، فأوجب للناشز النفقة بخلاف المعتدة، والفرق بين؛ لأن السكنى متعين لها في مسكن الطلاق لا في ذمته، فليس لها أن توجب في ذمته ما لم يكن واجبا عليه.

قُلتُ: وهذا أبين من نقل عياض عن أبي عمران، الفرق بأن بقاء المعتدة في المنزل حق لله، وبقاؤها مع الزوج حق له، قال: وقال نحوه ابن عبد الرحمن وخالفه في التعليل، لأن السكنى حق له، وعزو ابن عبد السلام الوجوب لسماع عيسى وهم.

سمع عيسى ابن القاسم في كتاب الأيمان بالطلاق: من خرجت امرأته تزور بعض أهلها، فحلف بطلاقها أن لا يرسل إليها بنفقتها حتى تكون هي التي ترسل، فكرهت أن ترسل واستدانت نفقة على نفسها، ثم طلبت النفقة من زوجها لكل ما غابت عنه، وقال الزوج: أنت تركت ذلك حين لم ترجعي إلى بيتك، لها النفقة لكل ما غابته؛ لأنه لو شاء نقلها لنفسه ومنعها أن تستدين.

ابن رُشْد: قوله (لأنه لو شاء نقلها

إلخ) يدل على أنه لو أرسل لنقلها فأبت الانتقال وغلبت على ذلك لم يكن لها أن تتبعه بنفقتها، فلا نفقة للناشز بدليل

ص: 25

هذه الرواية.

وفي الطرر: إن وجب عليها الحج خرجت له، وإن كره إذا وجدت ذا محرم أو رفقة مأمونة، ونفقتها المعتادة على زوجها، وكذا زائرة أهلها لشرطها ونفقة سفرها عليها ونفقة المحبوسة على زوجها، وكذا إن حبس في حقها أو حق غيرها.

التونسي: ونفقة امرأة المؤجل قبل البناء سنة لجنونه، إذا دعته للبناء مع امتناعها منه لجنونه كمعسر بالمهر يؤمر بالنفقة مع امتناعها منه.

ابن رُشْد: والظاهر سقوطها لعذره بخلاف المعسر بالمهر؛ إذ لعله كتمه، وسفر الزوج بزوجته لبلد آخر تقدم في الشروط.

وفيها مع غيرها: لا نفقة لحامل في وفاة، وسكنى البائن في عدتها، ونفقة حملها كالرجعية.

وفيها: إن طلقها طلاقا بائنا ثم مات في العدة، فقد وجب لها السكنى في مال الزوج قبل الوفاة دينا، فلا يسقطها موته بخلاف المتوفى عنها ولم يطلقها، وروى ابن نافع هما سواء.

ابن عات: هي ثلاثة أقوال؛ سقوط سكناها كالنفقة، ولو كانت دار الميت، وهو الصحيح في القياس الآتي على رواية ابن نافع.

الثاني: بقاؤها، ولو كانت لغير الميت، وهو قول ابن القاسم في المدَوَّنة، والثالث: بقاؤها إن كانت للميت وإلا سقطت، قاله ابن القاسم في المدينة، ويقوم من رواية أبي زيد على تأويل، ولو كان الطلاق رجعيا سقطت السكنى كالنفقة لرجوعها لعدة الوفاة، وهي في عدة من طلاق رجعى، والمعتدة من الوفاة لا سكنى لها في مال الميت، إن لم تكن في مسكن يملكه ولا أدى كراءه.

وفي سماع ابن القاسم: إن اختلعت الحامل أو طلقها طلاقا بائنا فلزمته نفقتها، ثم مات قبل وضعها سقطت نفقتها بموته، ومثله روى ابن نافع في إرخاء الستور فألزم أهل النظر ابن القاسم أن يسقط السكنى كالنفقة، وقيل: لا يلزم؛ لأن سقوط النفقة لأنها للحمل، وقد صار الحمل وارثا فوجب سقوطه، والسكنى إنما هي للمرأة، وقد وجبت عليه في الصحة فلا تسقط بموته.

ص: 26

وعزا الصقلي الجواب عن إلزام ابن القاسم لبعض الفقهاء، ولأن السكنى لا تسقط في الموت ولا في الطلاق البائن، إن كان المسكن له ونقد كراءه، وتسقط في ذلك النفقة، فدل أن السكنى أقوى.

قُلتُ: يدل قوله هذا على أن السكنى على رواية ابن نافع لا تسقط إن كان المسكن له أو نقد كراءه خلاف ما تقدم لابن عات: أنها على رواية ابن نافع تسقط مطلقًا، ومثله ذكر اللخمي عن ابن القصَّار في تفسيره رواية ابن نافع أن السكنى تسقط كما تسقط النفقة.

ونفقة المرضع الحامل البائن تقدمت في الرضاع، وتقدمت سكنى الملاعنة ولا نفقة لحاملها؛ لأنه غير لا حق به حسبما مر.

وفيها مع غيرها: نفقة المعتدة من رجعي وأحدهما رق، كنفقتهما دون طلاق، ومن بائن ساقطة ما لم تعتق فتجب.

وسمع ابن القاسم في كتاب العدة: إن طلقت حامل فطلبت الكسوة نظر لما بقي لها من الأشهر ولقدر الكسوة فتعطاه دراهم.

ابن رُشْد: هذا مجمل بينه سماع يحيى، إن طلقت أول الحمل فلها الكسوة، وإن لم يبق من أجل الحمل إلا الشهران والثلاثة ونحوها قوم ما يصير لها لتلك الأشهر من الكسوة، ولو كسيت أول الحمل وتعطاه دراهم، وهذا في الكسوة التي تبلى في مدة الحمل، وإن كانت لا تبلى في مدته مثل الفرو والحشو وشبهه، فالوجه أن ينظر لما ينقصه اللباس مدة الحمل، فيعرف ما يقع من ذلك للأشهر الباقية.

وفي وجوب نفقة الحمل بتحركه أو بوضعه روايتا المشهور وابن شعبان، ثم رجع للأولى.

ابن رُشْد: وهما جاريتان في اللعان به، وثبوت حكم أم الولد، وعزا المتيطي الثانية لرواية المبسوط، وقال: الذي وقع لمالك في غير كتاب أن بظهور حملها تجب نفقتهما، وفي الموَّازية: وتحركه، وهو نحو ما قدمناه، فقال بعض شُيُوخنا: هذا قول ثالث.

قُلتُ: لابن عات عن ابن رُشْد: لا يتبين الحمل في أقل من ثلاثة أشهر، ولا يتحرك تحركا بينا يصح القطع به على حركته في أقل من أربعة أشهر وعشر، فإن شهد

ص: 27

النساء أن بها حملا بينا لا يشككن فيه من غير تحريك ردت الأمة فيما دون ثلاثة أشهر، لا فيما زاد على ذلك لاحتمال حدوثه عند المشتري.

قُلتُ: فهذا يؤيد نفقة الثالث، وفيمن انفش حملها بعد النفقة عليه طرق.

المتيطي: إن أنفق بحكم رجع، وإلا فروايتان.

ابن رُشْد: إن انفش بعد النفقة ففي رجوعه، ثالثها: إن كان بحكم لرواية ابن الماجِشُون مع قوله، ومحمد وروايته، وسماع ابن القاسم، ولابن شاس نحوه.

وقال ابن الحاجب: ورابعها عكسه، ولم يعزه شراحه.

وقال ابن حارث: قال سَحنون: قال ابن نافع: إن أنفق بقضاء لم ترد شيئًا؛ لأنه حكم مضى، وكذا يقول المغيرة وابن الماجِشُون.

وقال محمد: أخبرني عبد الملك، عن مالك فيما أظن أنه قال: إن كان بأمر السلطان لم يرجع، وإن كان بغير أمره رجع.

قال محمد: والصواب إن أنفق بحكم أن لا يرجع إلا أن تقر المرأة أنه انفش، وإن قالت: أسقطت لم يرجع؛ لأنه حكم مضى، وكذا إن أنفق بغير حكم.

ابن عبد الحكم: إن أنفق خمسة أعوام ثم وضعت بعد ذلك بشهرين، فإن كان الطلاق بائنا رجع بجميع النفقة، وإن كان الطلاق غير بائن رجع بنفقة الوقت الذي حملت فيه ووضعت لستة أشهر.

وقال ابن حارث أول الترجمة: اتفقوا أن من أخذ من رجل ما لا يجب له بقضاء أو بغير قضاء، ثم ثبتت الحقيقة أنه لم يكن يجب له عليه شيء، أنه يرد ما أخذ.

وقال ابن رُشْد عقيب كلامه: ولهذه المسألة نظائر تفوت العد.

منها: مسألة كتاب الشفعة، فيه: من أثاب من صدقة ظنا أن ذلك يلزمه، ومسألة كتاب الصلح، فيها: من صالح عن دم الخطأ ظنا أن الدية تلزمه، ومسألة الصداق في سماع أَصْبَغ من كتاب النكاح، وما في سماعه من كتاب الشهادات وما في سماع عيسى ونوازل سَحنون من كتاب الهبات.

وسمع ابن القاسم: إن شهد رجل وامرأة على غائب بطلاق امرأته ينفق عليها وتطلب ذلك، فإن أثبت ذلك اعتدت من يوم طلق، ولا غرم عليها فيما أنفقت؛ لأنه

ص: 28

ألبس على نفسه.

ابن رُشْد: ثبوت ذلك بشاهد آخر؛ لأن شهادة النساء في الطلاق ساقطة، فإن اتفق الشاهدان على يوم الطلاق اعتدت منه، وإن اختلفا فمن يوم آخرهما، ولو لم يذكرا اليوم الذي طلق فيه وفات سؤالهما عن ذلك، فالعدة من يوم شهدا عند القاضي لا من يوم الحكم إن تأخر.

وقوله: (لا غرم عليها فيما أنفقت) يريد من يوم الطلاق إلى يوم علمت به.

ولو أنفقت من مالها أو تسلفت ففي رجوعها عليه بذلك قولان؛ لسماع أشهب، وقول ابن نافع: وأما من مات في غيبته ففي العدة منها تغرم ما أنفقت؛ لأنه لم يكن منه تفريط، ويجب على هذا التعليل أن تغرم ما أنفقت من ماله بعد أن طلق إلى أن يمضي من المدة ما يمكن أن يصل العلم إليها بذلك دون تفريط ولم يقولوه، ووجهه أنه أذن لها في الإنفاق من ماله، فلا رجوع له عليها.

وفيها مع غيرها: سقوطها بإعساره وعدم الرجوع بما أنفق عليها في عسره غائبا أو حاضرا.

وفيها: لها الرجوع بما أنفقت عليه ولو كان معسرا، وكذا الأجنبي إلا أن يرى أنها بمعنى الصلة منها أو الضيافة، ويرجعان بما ليس بسرف كالدجاج والخراف ونحوه.

وعدم تخريج قول عبد الحق بالرجوع بالسرف في قولها في السلم الثاني: من باع دارا على أن ينفق عليه المبتاع حياته واضح لتعليله قوله بأن السرف هبة لأجل البيع، وقول ابن عبد السلام:(إنما يتم هذا حيث تقول المرأة: قصدت الرجوع بما أنفقت، ويقول زوجها أو الأجنبي: إنما ظننت أنها صلة، ولم يقبل ذلك منه فقضى لها، وأما إن اتفق المنفق والمنفق عليه أن النفقة على الرجوع فلا يتحقق الفرق) يرد بوضوح المكايسة في مسألة البيع وعدمه في مسألة اتفاق المنفقين على الرجوع كالفرق بين صريح البيع وهبة الثواب ببنائها على المعروف.

ونوقض قولها بقولها في الهبات: ليس بين المرأة وزوجها ثواب إلا أن يعلم أنها أرادت ذلك، ويجاب بأن كون قيامها بنفقته قيامًا بضروري أو حاجي آكد عوضه، والقيام بالهبة قيام بزائد عليها، فأشبه السرف في الإنفاق.

ص: 29

وفيها: لاشيء لها في رأي، فيما أنفقت على نفسها حال عسره، وإن كان موسرًا فذلك دين عليه، وإن أنفقت على نفسها وعلى ولدها والزوج غائب، فذلك لها إن كان موسرًا يوم أنفقت والولد صغار أو جوارٍ أو أبكار ولو حضن.

ابن علت عن بعض المفتين: من تزوجت فطاع زوجها بنفقة ابنها ثم أراد الرجوع بها عليه؛ إذا له مال وقت الإنفاق فلا رجوع له عليه لأنه معروف.

وذكر لي بعض أصحابنا أنها وقعت في مجلس الشُيُوخ فأجمعوا على ذلك، وفي الاستغناء في بعض الكتب: إن كان الطوع لمدة الزوجية فإنما يلزمه الإنفاق على الربيب ما دام صغيرا لا يقدر على الكسب.

قُلتُ: فيلزم ما لم يطر له مال.

ابن شاس: والقادر بالكسب كالقادر بالمال.

قال ابن عات: فإن قال: لا أعمل لم يجبر على العمل، وكذا في الفلس.

قُلتُ: للخمي في كتاب المديان: إن كان المفلس صانعا يداين للعمل ويقضي من عمله ثم عطل أجبر على العمل، فإن لد استؤجر في صناعته تلك.

قُلتُ: فكذا الزوج في النفقة: قال ابن لبابة: ثبوت النكاح لا مجرد قول المرأة والرجل أنهما زوجان.

ابن سهل: إلا في الطارئين فيقبل قولهما، وكذا إن كان نكاحهما فاشيا معروفا بموضعهما، وإلا فلا.

قُلتُ: تقدم لابن رُشْد في هذا الأصل اختلاف في فصل المفقود.

وعجز الزوج عن حاضرها لقيام الزوجة لطلبها يخيرها في طلاقه، ولو كان أحدهما عبدًا.

فيها مع غيرها: كل من لم يقو على نفقة امرأته فلها فرقته.

ابن القاسم: ولم يفرق مالك بين حرة ولا أمة.

روى مسلم بسنده، عن عبد الله بن عمر، عن النبي صلى «كفى بالمرء إثما أن يضيع

ص: 30

من يقوت».

وعن عائشة: دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، ما يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني إلا ما أخذت من ماله بغير علم، فهل على ذلك من جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك» .

وللدار قطني بسنده إلى حماد بن سلمة، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته، فقال:«يفرق بينهما» .

ولم يتعقبه ابن القطان على عبد الحق، وحماد قال فيه المزي: إمام، قال عمرو بن معين وعمر بن عاصم: إذا رأيت من يقع في حماد فاتهمه على الإسلام، كذا نقل الذهبي في اختصاره كتاب المزي، والذي رأيت للحاكم ما نصه:

قال أحمد بن حنبل: إذا رأيت من يغمر حماد بن سلمة فاتهمه؛ فإنه كان شديدا على أهل البدع، وقد قيل مع ذلك في سوء حفظه وجمعه بين جماعة في إسناد بلفظ واحد، وعاصم ثقة، قاله المزي وغيره.

سمع القرينان في كتاب النكاح: من تزوجت محتاجًا عظمت حاجته ألها نفقة عليه؟ قال: أمر الناس أنها عليه إلا أن يكون من السؤال الطائفين على الأبواب فلا نفقة لها.

ابن رُشْد في بعض الكتب علمت حاجته، وقوله في السماع عظمت أصح لأنها إذا وجبت على المحتاج المعلوم حاجته إذا لم يكن سائًلا فأحرى إن كان سائًلا؛ لأن مسكنة غير السائل أشد وإنما أسقطها عن الطائف على الأبواب لشهرة حاله، فحملها على العلم بحاله بخلاف غير السائل فيرجع معنى السماع إلى أنها إن تزوجته عالمة عجزه عن النقة فلا نفقة لها كان سائًلا أو لا، وأنها في السائل محمولة على العلم بحاله

ص: 31

بخلاف غيره، ويؤيد هذا التأويل قول ابن حبيب: إن تزوجته وهو فقير لا شيء عنده فقد علمت عجزه عن النفقة فلا قول لها بعد ذلك.

وفي المدَوَّنة من قول يحيى بن سعيد ما يدل على أن الفقير لا نفقة عليه، ومعناه إن علمت فقره وهو قوله: إن تزوج الرجل امرأة وهو غني ثم احتاج فلم يجد ما ينفق عليها فرق بينهما.

وللقباسي: إن ترك السائل التطواف كان لها حجة وفرق بينهما، وقال محمد بن عبد الحَكم لرواية محمد، قال وقال بعض الموثقين: إن تزوجها قادرًا على القليل منها ثم عجز عنها فلها القيام عليها.

وقال اللخمي ــ كالقابسي قال ـ: وإن كان فقيرًا فأيسر ثم افتقر يختلف في الطلاق عليه، وإن كان يسأل وهو مقصود مشهور بالعطاء ثم تعذر فلها أن تقوم بالطلاق.

ابن زرقون: فتحصل فيها ثلاث، قول ابن عبد الحَكم، ورواية ابن حبيب: لا نفقة لها على حال، والفرق بين السائل وغيره.

قُلتُ: هذا خلاف نقل ابن رُشْد إن لم تعلم فقره لم تسقط نفقتها بحال.

المتيطي مع غيره من الموثقين: إن ادعى العدم وصدقته نظر في تأجيله وإن أكذبته فبعد إثباته عدمه وحلفه.

قُلتُ: انظر ما فائدة إثباته عدمه إذا ادعاه وأكذبته هل هي تأجيله بناء على أنه لو أقر بملائه وامتنع من الإنفاق لعجل لها الطلاق أو هي عدم سجنه بناء على أنه لو علم ملاءه وامتنع من الأنفاق سجن حتى ينفق، وعليه إن كان له مال ظاهر أخذ منه النفقة كرهًا، والأول ظاهر كلام الموثقين.

قال ابن عات في مقنع ابن بطال: كتبت لبعض من أثق بعلمه في رجل قامت عليه امرأته بنفقتها فادعى العدم هل يحبس قبل أن تقوم عليه شبهة أو لا حتى تقيم عليه

ص: 32

المرأة شبهة فيظهر لذلك لدده، فقال: لا يحبس ويخير بين أن ينفق أو يطلق، فإن ثبت عدمه وحلف أنه لا مال له ضرب له الأجل، فإن أيسر فيه وإلا طلقت عليه وتكون معه في خلال التأجيل، وإن علم أن له مالا أو ظهر لدده كان للسلطان أن يسجنه، والثاني أقيس وهو ظاهر قولها:

قُلتُ: اتباع عروضه في نفقتها؟ قال: قال مالك تلزمه النفقة، فإذا كان ذلك يلزمه بيع فيه ماله وهو دليل حديث هند المتقدم وهو مقتضي قول ابن عبد السلام يجبر ذو المال على النفقة من ماله كالديون.

عياض: فيها أول الباب يباع ماله لنفقة زوجته، أبو عمر: إن لم يكن غائبا ولا حاضرا وفي الحاضر نظر.

عياض: ليحيى بن إسحاق عن ابن القاسم إن أبى وله مال أيدفع منه نفقتها؟ قال: يوقف إما أنفق أو طلق عليه، وإذا ثبت عدمه ففي الطلاق عليه دون تلوم وبعده قولان لإحدى روايتي محمد وغيرها، وعليه في كون التلوم اليوم ونحوه أو أياما، ثالثها: الشهر ونحوه، ورابعها: الشهر والشهرين، وخامسها: إن لم يرج له مال فالشهر، وسادسها: ثلاثون يوما؛ لرواية المبسوط ورواية محمد، ونقله عن أصحاب مالك وابن حبيب عن ابن الماجِشُون وأصْبَغ وأبي عمر قائلا: التوقيت في هذا خطأ إنما هو لاجتهاد الحاكم، وفي رجوع روايتي الجلاب ثلاثه أيام وشهرا للثاني والثالث نظر.

وفيها: منهم من يطمع له بقوة، ومنهم من لا يطمع له بقوة.

عياض: قال بعضهم ظاهره لا تلوم لمن لا يرجى له، وحكى فضل أنه مذهب ابن القاسم وحمل الأكثر المدَوَّنة على التلوم للجميع كما روى ابن حبيب وهو الصواب وإلا كان ظلما على الزوج، وكما يتلوم له في الرخاء وتؤمر بالصبر والإنفاق على نفسها من مالها وما تصنعه لو لم يكن لها زوج حتى يختبر حاله، كما إذا قطعنا أن لا شيء عنده فلعل

ص: 33

أن يأتيه الله بشيء أو يتسلف.

وسمع أبو زيد ابن القاسم: من جيء به ليطلق عليه بعدم النفقة، فقالت امرأته لا تطلقوني عسى الله أن يرزقه، فمكثت أياما ثم طلبت طلاقه ليس لها ذلك ويتلوم له ثانية.

ابن رُشْد: وقال أول السماع في امرأتي المعترض والمولي إن أنظرتاهما بعد الأجل إلى أجل آخر لهما أن يطلقا عند الأجل الذي أنظرتاهما إليه ولا يستأنف لهما ضرب أجل، والفرق أن أجل هذين سنة لا مدخل لاجتهاد فيها فإذا حكم بهما ووجب للمرأة القضاء بتمام الأجل لم ينتقض الحكم الماضي بتأخيرها ما وجب لها، والتلوم في النفقة إنما هو اجتهاد فإذا رضيت بعده بالمقام بطل وطلقة المعسر بها رجعية اتفاقا، شرط رجعته يسره بنفقتها.

وفي حدها بنفقة شهر أو بما كان يفرض عليه، ثالثها بنصف شهر. للمتيطي عن ابن القاسم قائلا: قدر نصف شهر لغو، وابن حبيب، وعزاه الصقلي لابن الماجِشُون وجعله تفسيرا للأول، وبعضهم عن ابن مزين.

وفي سماع عيسى من كتاب العدة إذا وجد نفقة شهر فهو أملك بها.

ابن رُشْد: معناه وإن لم يطمع له بمال سوى ذلك وهو صحيح؛ لأنه إذا أيسر في العدة وجبت عليه النفقة وإن لم يرتجع، قاله ابن حبيب وحكاه عن الأخوين، وهو الآتي على قولها: كل طلاق يملك فيه الزوج الرجعة فالنفقة عليه لا مرأته وإن لم تكن حاملا، وكذا المولي فلا يصح أن يحكم عليه بالنفقة ويمنع الرجعة، وحمل بعضهم قول الواضحة على أنه ساوى بين المطلق عليه بالإيلاء والمطلق عليه بعدم الإنفاق في عدم النفقة عليهما حتى يرتجع لقوله فيها: وكل طلاق لا يملك الزوج فيه الرجعة إلا بقول وفعل فلا نفقة عليه حتى يرتجع، وليس ذلك بصحيح إذ قد فرق بينهما، وقوله في الذي يطلق عليه بالإيلاء أنه لا نفقة عليه حتى يرتجع، مثله حكى ابن شعبان عن مالك وهو خلاف نص المدَوَّنة.

وقوله: إذا لم يجد إلا نفقة الأيام اليسيرة العشرة والخمسة عشر وشبه ذلك فلا رجعته له، معناه إذا لم يجد إلا ذلك ثم ينقطع، وأما لو قدر على أن يجري عليها النفقة

ص: 34

مياومة، فإن كان ممن يجريها قبل الطلاق عليه مياومة فله الرجعة، واختلف إن كان ممن يجريها قبل الطلاق مشاهرة، فقيل له الرجعة، وقيل: لا رجعة له حكاهما ابن حبيب.

قُلتُ: قوله: (وهو خلاف نص المدَوَّنة) هو نصها في كتاب العدة.

المتيطي: روى أبو عمر إن أيسر في العدة كانت له الرجعة في المدخول بها وغيرها، ولا أدري ما هذا أري رجعة فيمن لم يدخل بها، وعزا أبو إبراهيم للجلاب مثل رواية أبي عمر هذه ولم أجده في الجلاب بحال.

وفي صحة رجعته برضاها بعجزه عن نفقتها نقلا المتيطي عن الواضحة وسَحنون في السليمانية.

وعجزه عن نفقة مثلها مع قدرته على ما دونها لمن؛ في الطلاق عليه به نقلا عياض عن فضل مع محمد ونقله، ونقل ابن رُشْد عن أشهب وعياض عن ما في الموَّازيَّة مع الواضحة وسماع عيسى ابن القاسم وسماع يحيى إياه وابن وَهْب.

وفي عجزه عن ما سوى ما يقيم رمقها قولا المشهور، ومحمد.

اللخمي: قول محمد فيما لا تعيش إلا به حرج تصبح وتمسي جائعة وعليه ما يسد جوعها وإلا فرق بينهما، وإن كان من خشن الطعام ولا إدام معه لم تطلق عليه إلا أن تكون من أهل الشرف وممن لا يألف مثل ذلك ولا ينساغ لها، وإن جاعت لم تلزم به، وكذا الكسوة وإن كان لباس مثل ذلك معرة عليها طلقت عليه وإلا فلا.

الباجي: إن كانت ذات حال وشرف لا تلبس خشن الثياب ولا تتناول غليظ العيش ولم يجد إلا قوتها من قمح أو شعير غير مأدوم وكسوة دنية، فسمع عيسى ابن القاسم لا يفرق بينهما.

وقال ابن حبيب: إن لم يجد إلا الخبز وحده وما يواريها ولو بثبوت واحد، قال مالك: من غليظ الكتان لم يفرق بينهما ولو كانت غنية، ومعناه إنما يجب لها الخيار إذا لم يجد قوتا معتادا، وروى ابن حبيب: إن عدم نفقة أو كسوة فرق بينهما.

اللخمي: والغطاء والوطاء كالكسوة.

ابن رُشْد: ولا بن المعذل عن ابن الماجِشُون تطلق عليه لعجزه عن نفقة خادمها.

ابن زرقون: وقاله سَحنون، وذكر أبو عمران عن الصدفي أن في سماع ابن

ص: 35

القاسم مثله.

وفي الطلاق على بعيد الغيبة بعدم النفقة قولا الشَّيخ مع الأكثر، وللصقلي عن القابسي مفرقا بأن الحاضر استقصى حجته، والغائب عسى أن تكون له حجة.

عياض: بالأول أفتى الشُيُوخ والقضاة، وقال بعض الأندلسيين لم نجد الطلاق عليه في الكتب ولا جاء فيه أثر عن عالم إلا عن ابن ميسر، وعلى الأول قال المتيطي: تثبيت غيبته ببينة تعرف غيبته واتصال زوجيتهما وغيبته بعد بنائه أو قبله بموضع كذا أو بحيث لا يعلمون منذ كذا ولا يعلمونه ترك لها نفقة ولا كسوة ولا شيئًا تمون به نفسها ولا تعدى فيه بشيء من مؤنها ولا أنه آب إليها ولا بعث بشيء ورد عليها في علمهم إلى حين التاريخ، ثم يؤجله القاضي في الأنفاق عليها شهرا أو شهرين أو خمسة وأربعين يوما، فإذا انقضى الأجل ولا قدم ولا بعث بشيء ولا ظهر له مال ودعت إلى النظر لها أمر بتحليفها بحضور عدلين كما يجب في صفة الحلف أنه ما رجع إليها زوجها المذكور من مغيبه الثابت عند الحاكم إلى حين حلفها ولا ترك لها نفقة ولا كسوة ولا وضعت ذلك عنه ولا وصل إليها شيء منه إلى الآن، فإذا ثبت عند القاضي حلفها طلقها عليه.

قُلتُ: ولابن سهل في بكر قام أبوها بتوكيلها إياه قبل البناء بذلك؛ أفتى ابن عتاب أنها تحلف فإذا حلفت طلقت نفسها، وروى أبو عمر ابن القطان: لا يمين عليه ولا على أبيها ولها أن تطلق نفسها، وأفتى أبو عمر بن رشيق فقيه المرية بحلفها، وزاد فيه: أن زوجيتهما لم تنقطع.

ابن سهل: زيادة هذا في يمينها لا أعلمه لغيره، وقول ابن القطان لا يمين عليها ولا على أبيها لا وجه له وقد تقرر من قول ابن القاسم وغيره أن السفيه يحلف في حقه.

ابن الحاجب حكم الغائب ولا مال له حاضرا حكم العاجز.

ابن عبد السلام: يعني أن الغائب البعيد الغيبة وليس له مال أو له لا يمكنها الوصول إليه إلا بمشقة، حكمه حكم الحاضر العاجز.

قُلتُ: قوله: إلا بعد مشقة خلاف ظاهر أقوالهم أنه لا يحكم لها بطلاقه إلا إذا لم يكن له مال بحال دون استثناء، وما تقدم لابن سهل في فتاويهم من قولهم طلقت نفسها خلاف ما تقدم للمتيطي من قوله: طلقها القاضي عليه.

ص: 36

وفي الحديرية سئل ابن رُشْد عمن طلقت نفسها بما ذكر وتزوجت ثم قالت البينة التي شهدت بمغيبه وأنها لا تعرف له مالاً تعدى فيه الزوجة أن له أنقاض حجرة قيمتها سبعة مثاقيل أو نحوها، وأنهم كانوا يعرفون ذلك حتى شهدوا وجهلوا أن الأنقاض تباع في نفقتها أو شهدوا وجهلوا أن الأنقاض تباع في نفقتها أو شهد بذلك غيرهم.

فأجاب: الحكم بالطلاق نافذ لا يرد برجوع الشهود عن شهادتهم ويعذرون بما قالوا ولا يؤدبون ولا تسقط شهادتهم في المستقبل، هذا قول مالك في المدَوَّنة وغيرها لا يرد الحكم برجوع البينة سواء شهد بالأنقاض البينة التي حكم بها أو غيرها.

الصقلي عن ابن عبد الرحمن: لو ثبت بعد قدومه تركه لها نفقتها ردت له ولو بنى بها متزوجها كقول مالك: من قال عائشة طالق، وقال أردت زوجة لي أخرى اسمها عائشة، فلم يصدق وطلقت عليه، ثم ثبت أن له زوجة أخرى اسمها عائشة ردت إليه ولو بنى بها من تزوجها.

قُلتُ: تقدمت نظائر هاتين المسألتين في فصل المفقود ولم يذكرهما ابن زرقون ولا أبو عمران، وزاد المتيطي على ما ذكره الصقلي ما نصه قال الشَّيخ: إذا قضي على الغائب بالطلاق لا يلزمه منه شيء متى تزوجها، وتكون عنده على جميع الطلاق إذا ثبت ما يوجب حل ذلك، قال: ومثله قول أصحابنا إذا قامت على الغائب بينة بدين بيع فيه داره ثم قدم فهو على حجته، فإن أتى بحجة سقط الدين ورجع به على آخذه ولا ينقض بيع الدار؛ في الموَّازية: كمن شبه على الشهود في موته فبيع ماله أنه يأخذه إن كان قائما بالثمن، وما فات بتدبير أو كتابة مضى.

المتيطي: وما حكاه الشَّيخ في مسألة الدار مثله في الواضحة، ولابن القاسم في الموَّازيَّة مثل قول الشَّيخ وابن عبد الرحمن.

وفيها: لا يفرض على الغائب النفقة لزوجته إلا أن يكون له مال تعدى فيه.

قُلتُ: ظاهره إن لم يكن له ذلك لم يفرض لها، وقال المتيطي: إن علم أنه ملي في غيبته فرض لها القاضي نفقة مثلها وكان دينا لها عليه تحاص به غرماؤه، وإذا قدم أخذته به وإن كان معدما في غيبته فالمشهور لابن القاسم أنه لا يفرض لها، وقال في الموَّازيَّة

ص: 37

يتداين عليه ويقضى لها.

قُلتُ: هذا يؤدي إلى وجوبها على المعسر.

قُلتُ: ولابن رُشْد في آخر مسألة من سماع يحيى من طلاق السنة إن جهل ملاؤه من عدمه ففيها لا يفرض لها السلطان عليه نفقة حتى يقدم، فإن كان موسرا فرض لها.

وقال ابن حبيب: إن أحبت الصبر أشهد لها السلطان إن كان فلان زوج فلانة اليوم مليا في غيبته فقد أو جبنا لها عليه فريضة مثله.

وفيها: يباع فيها عروضه وربعه إن لم يكن له عين لا يؤخذ منها بما تأخذه كفيلا والزوج باق على حجته، وكذا يصنع إن قيم عليه بدين وإن كان للزوج ودائع وديون فرض لها في ذلك ولها إقامة البينة على من جحد من غرمائه أن له عليهم دينا، وكذا لمن قام عليه بدين.

عياض: قولها لها أن تقيم البينة دليل على أنه إذا أقر لا تقيم بينة ويحكم على الغائب فيما أقر له به ويفرض لها فيه، واختلف قول سَحنون في هذا الأصل فيمن أقر بوديعة لغائب فقال: لا يقضى منه دينه، وحجته أن الوديعة قد تكون لغير مودعها وديعة عنده أيضًا أو رهنا أو عارية، وقال أيضًا فيمن أقر ببضاعة لغائب يقضى منه دينه.

المتيطي: ما في المدَوَّنة هو المشهور المعمول به ونحوه لسَحنون في أسئلة حبيب، ولابن اللباد عنه: لا يقضى من ودائعه دين ولا غيره، أبو عمران: وهو القياس إذ لو حضر وأنكرها لم يكن للغرماء إليها سبيل إذ لا يجبر على قبول الهبة لقضاء دينه.

قُلتُ: فوله: (نحوه لسَحنون) يدل على أنه غير صريح له كما صرح بأخذه.

عياض: فأخذه من البضاعة وقد يفرق بأن كون دفع البضاعة للتنمية دليل ملكه، وكون دفع الوديعة لمجرد الحفظ لا يدل على ذلك.

اللخمي: إن قامت بالنفقة في غيبته أحلفت أنه لم يخلفها ولا بعثها وقضي لها بها.

اللخمي: إنما يحسن قول ابن القاسم ببيع عروضه والقضاء لها من ودائعه وديونه إن قامت بعد انقضاء مدة سفره ورجوعه أو قامت بقرب سفره وهو يعرف بقلة القيام بها أو البغض والإساءة أو خرج مختفيا لأمر ما، وإن خرج على الوجه المعتاد ولا يعرف

ص: 38

بلدد ولا إساءة وقامت بقرب سفره كان الوقوف على القضاء لها أحسن لأنها أتت بما لا يشبه، ولمالك في الجلاب ما يؤيده يذكر فيما بعده.

وقال ابن القاسم فيمن خرج من الأندلس حاجا فهلك أبوه عن مال لا ينفق على زوجته لإمكان أن يكون الابن مات، وأرى إن مات الأب بفوز سفره وقبل أن يبعد أن يستنفق منه.

ابن رُشْد: من قدم فادعى عسره مدة غيبته مجهولا حاله يوم خروجه ففي حمله على أيسر حتى يثبت عسره وعكسه، ثالثها إن قدم موسرا لابن الماجِشُون مع تأويل بعض أهل النظر عليه، وظاهر قول سَحنون مع ابن كنانة هنا ونص قول ابن القاسم في الموَّازيَّة مع ظاهر المدَوَّنة عندي.

ومن علم يسره أو عسره يوم خروجه حمل على ما علم منه ولو قدم على خلافه، قاله ابن الماجِشُون، وقال أبو عمر الإشبيلي في اختصار الثمانية أنها رواية ابن القاسم، وهو صحيح إذا لا يسقط حكم ما خرج عليه إلا بيقين، وتأويل ابن زَرْب على سَحنون وابن كنانة أن القول قوله ولو خرج موسرا، وأنكره وهو تأويل بعيد لا سيما إن كان قدم موسرًا.

قُلتُ: قول ابن الماجِشُون بناء على أصالة الملاء ولو فيما عوضه غير مالي مع ترجيح استصحاب حكم الحالة السابقة على اللاحقة فيما شك فيه، والثانى على أصالة العدم مع ذلك، والثالث على ترجيح اللاحقة على السابقة، وما ذكره عن ابن زَرْب نقله ابن زرقون أيضًا عن ابن لبابة قال: وليس بشيء، ومن قال بعد قدومه تركت لها نفقة غيبتي أو أرسلت بها لها، فقال اللخمي فيها ثلاثة أقوال: فيها القول قوله إن لم تكن استعدت في غيبته ورواه الجلاب، وقال أيضًا القول قوله أنه خلف أو بعث وإن استعدت، وقال في موطأ ابن وَهْب القول قولها إن استأذنت إلى السلطان أو كانت تذكره أو تشكو إلى جيرانها أو تسلفت لذلك، وإن لم يسمع ذلك منها ولا ذكرته فلا شيء لها وهذا أصوب؛ لأن كثيرا من النساء لا يرضى الرفع إلى السلطان وتراه معرة وفسادا مع زوجها إن قدم، فإن لم يسمع ذلك منها فالقول قوله أنه خلف ذلك إلا أن يقيم أكثر من معتاده في سفره فيكون القول قولها في الزائد، ولا أرى قبول قوله إن قال:

ص: 39

بعثت لا عترافه أنه لم يخلف فعليه البيان مع من أرسل، ولا يكاد يخفى ذلك.

وسمع ابن القاسم في طلاق السنة: من غاب عن امرأته سنين وتسلفت لنفقتها وعلمه جيرانها من حالها وأنه لا يبعث إليها بنفقة فمات في غيبته وطلبت ذلك من ماله قضى عليه الإمام باجتهاده، والحي إذا قدم أبين؛ إن أنكر حلف. يريد: ويبرأ.

ابن القاسم: ذلك رأيي وأحسن ما سمعت وبلغني عن مالك إن قدم وقد رفعت إلي السلطان وزعم أنه بعث أو خلف عندها رجعت عليه، وإن لم تكن رفعت حلف وبرئ وإن مات فلا شيء لها إلا تكون رفت إلى السلطان فيكون لها من يوم رفعت إلى أن مات.

ابن رُشْد: لا خلاف أن القول قوله مع يمينه أنه أنفق عليه إن كان حاضرا أو أنه خلف عندها نفقتها أو بعث بها إليها إن كان غائبا، ويحلف في دعواه بعث النفقة لقد بعثت بها إليها فوصلتها وقبضتها، كذا سمع أشهب في كتاب الأقضية لابن غانم، واختلف إن رفعت إلى السلطان في غيبته فقال هنا وهو المحفوظ في المذهب أن القول قولها من يوم رفعت وهي إحدى روايتي الجلاب، والأخرى أن القول قوله بكل حال، وله وجه صحيح؛ لأنها تتهم أنها إنما فعلت ذلك ليكون القول قولها.

المتيطي: عن بعض الموثقين: الرواية الأولى أظهر وأشهر وبها القضاء، وإن رفعت ذلك إلى عدول بلدها والثقات من جيرانها ففي كونه كالرفع للسلطان رواية ابن القاسم مع ابن الهندي في مقالاته، ونحوه لأبي محمد الوتد ورواية غيره مع ابن الهندي في وثائقه، وقول بعض الموثقين هو مشهور المذهب وعليه العمل.

قُلتُ: الذي استمر عليه عمل قضاة بلدنا أن الرفع إلى العدول كالرفع للسلطان، ورفع الجيران لغو، وقول ابن رُشْد يحلف في دعواه بعث النفقة لقد بعثت بها إليها خلاف نقل الصقلي: روى محمد ليس عليه أن يحلف أنه بعث بذلك إليها، إنما يحلف أنه قبضت ذلك ووصل إليها، قيل: كيف يعلم وهو غائب، قال: يكون دفعه إليها قبل خروجه أو جاء بذلك كتابها إليه أو قدم من عندها من أخبره.

ابن رُشْد: وإن مات في مغيبه فلا شيء لها إلا تكون رفعت أمرها إلى السلطان حسبما ذكره ابن القاسم عن مالك، ونقل ابن الحاجب أن القول قولها مطلقًا وقبوله ابن

ص: 40

عبد السلام وابن هارون لا أعرفه إلا لنقل شاس، فإن صح فالأقوال أربعة ثلاثة اللخمي ورابع ابن شاس، والطرق ثلاثة للخمي وابن رُشْد وابن شاس.

وسمع ابن القاسم ما أنفقت على نفسها في غيبته بعد أن رفعت للسلطان من مالها أو دراهم لم تتعين.

فيها: هي عليه غرم وإن تعينت في ذلك لم يلزمه ما أربت ينظر إلى قيمة ما أنفقت فيكون عليه وما أربت فعليها، وإن كان عليه دين أكثر من ماله حاصه الغرماء بما أنفقت.

ابن القاسم: من يوم رفعت إلى السلطان، سَحنون: في الدين المستحدث لا القديم قبل نفقتها لأنه لم يكن موسرا حين أنفقت وعليه دين محيط بما له.

ابن رُشْد: معنى تعينت أنها اشترت ما تأكل أو تلبس بدين إذا لم يكن عندها نقد فزادت لأجل ذلك في الثمن، فلا ترجع ذلك إلا بثمن ذلك نقدا، وقول سَحنون صواب، وكان بعض الشُيُوخ يحمله على الخلاف لقول مالك. ويكون لها على ظاهر قول مالك محاصة الغرماء في الدين القديم؛ لأن للغريم أن ينفق على امرأته ما لم يفلس وإن أحاط الدين بماله، وليس ذلك بصحيح؛ لأن إنفاقه على امرأته بخلاف إنفاقها على نفسها ورجوعها عليه بما أنفقت إذ لا يتحقق أنه لم يخلف عندها شيئًا، فلعله ترك عندها نفقتها وجحدت ورفعت أمرها للسلطان إعدادًا ليكون القول قولها، ولو كانت نفقتها على نفسها في مغيبه بعد رفعها للسلطان كنفقته هو عليها فوجب أن تبدأ بما على الغرماء إذ نفقته هو عليها في حكم المبرأة.

وسمع يحيى ابن القاسم دعواه بعث نفقة ولده لامرأته وإنكارها ذلك كدعواه ذلك في نفقتها إن رفعت أمرها إلى السلطان فالقول قولها من يومئذ وكان ذلك لها دينا تتبعه به.

وفيها: إن أراد الزوج سفرا فطلبته بالنفقة فرض لها بقدر ما يرى من إبعاده ومقامه فيرفعه لها أو يقيم لها به كفيلا يجريه لها.

اللخمي: إن اتهم بالمقام أكثر من السفر المعتاد أحلف أنه لا يقيم أكثر من ذلك أو يقيم حملا في البيان إن ادعت أنه أراد أبعد مما ذكر حلف على نفي ذلك.

ص: 41

اللخمي: إن كانت مطلقة طلاقا بائنا أو رجعيا وهي حامل كان مطالبا بالأقل من مدة سفره ذلك والباقي من أمد الحمل وإن كانت غير حامل والطلاق بائن فلا نفقة لها واختلف إن طلبت حميلًا خوف الحمل فلم يثبته مالك، وقال أَصْبغ في الموَّازية: لها ذلك والأول أحسن إن قامت بعد حيضة وإلا أقام لها حميلًا بالأقل من مدة السفر أو انقضاء العدة التي هي ثلاث حيض، وعلى قول أصْبَغ يراعى مدة الحمل كالمطلقة طلاقا بائنا فيقيم حميلا بالزائد على مدة الحيض.

وفيها: سمع ابن القاسم جواب مالك عمن يطلق امرأته ويريد سفرًا فتدعي حملًا وتقول ضع لي النفقة، ليس لها هو كالمقيم.

ابن رُشْد: هذا مثل قولها في النكاح الثاني ولا خلاف أعمله في هذا.

قُلتُ: فإنه علم قول أَصْبَغ وحكاه ابن بشير غير معزو.

وفيها: إن اختلفا في قدر ما فرضه قاض زال حكمه فالقول قوله إن أشبه نفقة مثلها وإلا فقولها فيما يشبه، فإن لم يأتيا بما يشبه ابتدأ الفرض.

عياض: في كون قول من أشبه قوله مع يمينه أو دونه قولا بعضهم قائلا أنه حجة للحلف مع الشاهد على قضاء الحاكم، ونبه عليه ابن سهل وبعض أصحاب سَحنون مع ما لابن القاسم في العتبية.

عياض: عندي أنها خارجة عن الدعوى في حكم القاضي لاتفاقهما على ثبوت الحكم، وإنما غختلفا في قلة مال وكثرته فلا بد من يمين المشبه.

قُلتُ: وهو نقل اللخمي عن المذهب.

عياض: وعن سَحنون أن المسألة إنما هي فيما مضى من الفرض والمستقبل يستأنف الحاكم النظر فيه، واختلفت الرواية فيها ففي روايتنا إن لم يشبه ما قالاه أعطيت نفقة مثلها فيما يستقبل يفرض لها القاضي نفقة مثلها، وعليه اختصرها المختصرون، وفي بعض النسخ: وفيها يستقبل بزيادة واو وضربت عليها في كتابي لرواية شُيُوخي وإثباتها أصح على ما تقدم، ويصحح ذلك ما قاله سَحنون، وبإسقاطها يأتي الكلام الآخر مكررا ويشكل هل أراد به الماضي أو الآتي.

وفيها: إن ادعت في ثوب أنها أخذته هدية وقال الزوج: بل في فرضك، فالقول

ص: 42

قوله إلا أن يكون الثوب لا يفرض مثله لمثلها.

وفي القذف منها لمالك: من دفع نفقة امرأته لسنة أو كسوتها بحكم أو دونه، ثم مات أحدهما ولو بعد شهرين رد مناب باقي السنة من النفقة، واستحسن مالك في الكسوة أن لا ترد إن مات أحدهما بعد أشهر.

ابن القاسم: وإن مات بعد عشرة أيام ونحوها فهذا قريب.

ابن عات، عن المشاور: الوجه أخذ الكسوة على أي حال كانت لأنه حقه، وقول مالك استحباب. التونسي: التحقيق أن الكسوة كالنفقة إلا ما قدر له كفاضل كسوة عامل القراض؛ لأن العادة إلغاؤه، وما وقع لمالك في التقدير لاقتضاء أهل المدينة، فالقول قولها. انظر مثله لمثلها موافق لقول ابن القُصَّار أن النفقة في البلاد بحسب أحوالهم. ونفقة من له فضل عن نفقته مع زوجته إن كانت واجبة على ولده الحر الصغير إن لم يكن له مال ولا كسب ولو كان كافرا، في ثاني نكاحها من قوي على نفقة زوجته دون صغار ولده لم تطلق عليه إذ لا تلزمه النفقة على ولده إلا في يسره، ويكون الولد من فقراء المسلمين.

وفي إرخاء الستور منها: من أسلم وله بنات قد حضن فاخترن الكفر فعليه نفقتهن.

وفيه: منها يلزم الأب نفقة ولده الذكور حتى يحتلموا أو الإناث حتى يدخل بهن أزواجهن إلا أن يكون للصبي كسب يستغني به أو مال ينفق عليه منه.

اللخمي: إن كانت صنعته لا تدركه بها معرة، وكذا الصبية إن كان لها صنعة رقم أو غيره لا تدركها بها معرة ما لم تكسد صنعتهما أو يقع بهما مرض فتجب على الأب، قال: واختلف إن كان زمنا أعمى أو مقعدا أو شبه ذلك فقال ابن القاسم: إن بلغ كذلك بقيت نفقته على أبيه، وإن طرأ بعد البلوغ لم تعد، ولابن وَهْب في الموَّازية: لا نفقة عليه ولو بلغ على ذلك وللجلاب عن ابن الماجِشُون يجب على الأب ولو حدث ذلك بعد البلوغ وهو أحسن، ولمحمد إن دخل بها زوجها زمنة ثم طلقت عادت على الأب نفقتها، وعل قول عبد الملك تعود عليه، ولو حدثت بعد الطلاق، وكذا إن كانت غير زمنة وعجزت عن القيام بنفسها إلا من التكفف فعلى أبيها نفقتها وهي أولى من

ص: 43

الصبي؛ لأن معرتها أشد.

قُلتُ: ما حكاه عن محمد فيمن بنى بها زوجها زمنة حكاه الصقلي عن مالك، قال: هذه كالصغيرة تطلق بعد البناء وقبل المحيض.

الصقلي: واختلف في نفقة هذه بعد بلوغ المحيض.

قُلتُ: ذكر المتيطي سقوط نفقتها بحيضتها غير معزو كأنه أصل المذهب، وعزا بقاء نفقتها إلى سَحنون، وللصقلي في النكاح الأول ما نصه: ومن الخلع قال ولو رجعت هذه الثيب قبل بلوغها فله إنكاحها كالبكر؛ لأن النفقة ترجع على الأب، لها في نوازل الشعبي: إن رفعت مطلقة أمرها لقاض في نفقة أبيها وأرادت بيع ماله فلا يمين عليه أنه ما خلف عندها شيئًا ولا بعث به؛ لأن نفقة الابن ليس بحق لها؛ لأنها لو نكلت لم تسقط بنكولها نفقة الابن.

قُلتُ: الأظهر حلفها لأنها إن نكلت غرمتها.

وسمع ابن القاسم: من أنفق على ولده ولهم مال ورثوه وكتب عليهم ما أنق فلما هلك أراد سائرهم من الورثة محاسبتهم، واحتجوا بالكتاب إن كان مالهم عنده موضوعا فلا شيء عليهم فيما أنفق عليهم، إذا لم يقل ذلك عند موته؛ لأن من أمر الناس أن ينفق الرجل على ولده ولهم المال، وإن كان مالهم في عرض أو حيوان حوسبوا بذلك لأنه كتبه.

ابن القاسم هذا أحسن ما سمعت.

ابن رُشْد: هذه مسألة تتفرع لوجوه وقعت مفرقة في مواضع من هذا السماع وفي سماع عيسى وسماع أبي زيد من الوصايا يعارض بعضها بعضا في الظاهر، فكان الشُيُوخ يحملونه على الخلاف، وقولي إنه لا اختلاف في شيء مما وقع في هذه الروايات كلها وبيانه أن لمال الولد أربعة أحوال: كونه في يد الأب عينًا أو عرضًا أو في ذمته باستهلاكه أو لم يصل إليه فالأولى إن وجد بحاله وكتب النفقة عليه لم تؤخذ منه إلا بإيصائه بأخذه وهو دليل هذا السماع، وإن لم يكتبها لم تؤخذ ولو أوصى به، سمعه أَصْبَغ من ابن القاسم.

الثانية: إن وجد بعينه وكتبها عليه حوسب ولو أوصى بتركه، وهو ظاهر هذا

ص: 44

السماع وقول أَصْبَغ في الواضحة وابن القاسم في المدنية؛ لأن كتبها دليل إرادة محاسبته، فالوصيَّة بالترك وصيَّة لوارث، وإن لم يكتبها حوسب إلا أن يوصي بتركه وهو سماع عيسى ابن القاسم.

الثالثة: إن كتب لولده بذلك ذكر حق أشهد به لم يحاسب رواه زياد، وهو تفسير لما في السماع وإلا حوسب، وإن لم يكتبها على ما في رسم الشجرة من هذا السماع.

والرابعة: ككونه عرضا ولو كان عينا وموت الابن كموت الأب في المحاسبة.

زاد ابن عات عن ابن فتحون إن أبقى ماله على حاله، وقال حاسبوه أو لا تحاسبوه عمل على قوله وإن سكت ولم يكتب شيئًا لم يحاسب، وإن كتب ومال الابن عين لم يحاسب، وإن كان عرضا حوسب. قاله ابن القاسم ورواه المتيطي إن ورث الولد أبوه وجدته فطلبته بإرثها من ماله، فقال: أنفقته عليه، فروى ابن القاسم إن كان مأمونا مقلا صدق دون يمين، وإن كان غنيا أحلف؛ لأن جل الآباء ينفقون على أولادهم وإن كانت لهم أموال.

المتيطي: إنما يحلف الأب إن لم يشهد عند الإنفاق ولو أشهد حينئذ أنه إنما ينفق على ابنه من ماله إن كان المال عينا أو من مال نفسه إن كان عرضا ليرجع بذلك عليه لم يحلف لما قال، وله أن يؤاجر ابنه الصغير للنفقة عليه ولو كان الأب غنيا، قاله غير واحد من الموثقين، وقال بعض الفقهاء: إن كان الأب أو الابن غنيا لم تجز مؤاجرته ونحوه روي محمد.

وفي منعه الانتفاع بفاضل خراج ابنه الصغير عن نفقته وجوازه قولا غير واحد من الموثقين وأصْبَغ ونحوه لابن لبابة.

وفيها: إن بنى بالبكر زوجها ثم طلقها أو مات عنها فهي أحق بنفسها وتسكن حيث شاءت إلا أن يخاف منها هوى أو ضيعة أو سوء موضع فيمنعها الأب أو الولد من ذلك ويضمانها إليهما، وإذا احتلم الغلام فله أن يذهب حيث شاء وليس لأبيه منعه.

ابن القاسم: إلا أن يخاف منه سفها فله منعه.

ابن محرز: لم يطلق لها أن تسافر إذا كانت عورة، لا تسافر إلا مع ذي محرم، وأطلق ذلك للغلام إذا احتلم.

ص: 45

عياض: ظاهره أن مجرد بلوغ الذكران ودخول الإناث يخرجهم من الولاية وهي رواية زياد أن بلوغهما يخرجهما من ولاية الأب، قال شُيُوخنا: معناه فيمن لم يعلم سفهه.

وقال ابن القاسم: أن الولد لا يأخذ ماله حتى يعلم رشده إلا ما وقع له هنا وهو تأويل الشَّيخ يذهب بنفسه لا بماله وهذا هو ظاهر الروايات عن مالك وابن القاسم في المدَوَّنة وغيرها.

قُلتُ: وتمامها في كتاب الحجر.

ابن سهل: اختلف المتأخرون هل قول ابن القاسم خلافا أو تفسيرا؟ والصواب أنه تفسير لوجوده في غير موضع من قول مالك وقاله ابن مالك والاتفاق أولى من الخلاف.

وسمع القرينان في كتاب المديان: من بلغ وليس بسفيه ولا ضعيف العقل فجائز ذهابه عن أبيه ولو كان شيخا كبيرا، وإن كان سفيها فليس له ذلك.

ابن رُشْد: هذا كما قال أن للمالك أمر نفسه الذهاب حيث شاء، وأما السفيه الذي لا يملك ماله ويخشى منه أبوه أو وليه السفه في ذاته والفجور بانفراده فله ضمه لنفسه ومنعه السفر والمغيب عنه، واختلف في السفيه في ماله المأمون في نفسه وذاته فقيل للولي ضمه ومنعه من الذهاب حيث أحب، وهو قول مالك في هذا السماع، وقيل: ليس له ذلك وهو ظاهر قول مالك فيها: إذا احتلم الغلام فله أن يذهب حيث شاء على ما تأوله عليه الشَّيخ بقوله يريد بنفسه لا بماله.

قُلتُ: ظاهر كلامه أن للمالك أمر نفسه الذهاب حيث شاء وإن لم يكن مأمونا في نفسه وهو مقتضى من لم يشترط في الرشد الصلاح الديني ويجعل من لم يعلم سفهه بالبلوغ رشيدا.

ابن الحاجب: ولهما أن يذهبا حيث شاءا إلا أن يخافا سفها فيمنعهما الأب أو الولي.

ابن عبد السلام: هذه المسألة التي ذكرها في المدَوَّنة في احتلام الصبي في كتاب إرخاء الستور والنكاح الأول، وتشاركه البنت بالمعنى في ذلك كما ذكر المؤلف.

قُلتُ: ظاهره أن ذلك غير منصوص في البنت مطلقًا أو في المدَوَّنة وقد تقدم

ص: 46

نصها فيه.

وفيها: نفقة ولد المكاتبة عليها كاتبت عليهم أو حدثوا في كتابتها كان زوجها عبدا أو في كتابة أخرى ونفقتها هي على زوجها، وإن كانت مع الأب في كتابة واحدة فنفقة الولد على الأب كاتب عليهم أو حدثوا، وليس عجزه عن نفقة ولد الصغار كعجزه عن الكتابة والجناية ونقلها ابن الحاجب، ووجهه ابن عبد السلام بقوله؛ لأن الكتابة عوض عن رقه فعجزه عنها يبقيه على رقه، والجناية مقدمة على الكتابة، وأما نفقته على ولده فهي مواساة مشروطة باليسر والفرض عدمه.

قُلتُ: فظاهره أن ذلك عام في نفقة تقدمت أو كانت حالية وهو ظاهر كلام الصقلي ولفظ المدَوَّنة.

وقال أبو عمران في لفظ المدَوَّنة: يعني في نفقة تقدمت، وأما ما يحتاجون إليه فإحياء رمقهم مقدم على كل شيء، ويقال له أنفق عليهم أو يقال ذلك للسيد.

عياض: هذا صحيح بين ألا ترى كيف سوى الكتابة والجناية ولا إشكال في هذا.

قُلتُ: يرد قولهما بأن قصره على النفقة السابقة يوجب كون النفقة الحالية باقية على وجوبها عليه وذلك باطل؛ لأن ثبوته يؤدي إلى نفيه لأنه لو كان باقيا لأوجب عجزه عنها تعجيزه فتبطل كتابته وكلما بطلت عاد عبدا، وكلما عاد عبدا سقطت نفقتهم عنه ضرورة أن العبد لا نفقة عليه لولده وكلما أدى ثبوته إلى نفيه كان باطلا حسبما تقدم في المسألة السريجية في تعليق الطلاق ودفع السيد عبده في مهره إذا تحمل به.

والمعروف لا نفقة على الأم لولدها الصغير اليتيم الفقير، ولابن العربي في آخر سورة الطلاق، نفقة الولد على الوالد دون الأم خلافا لابن الموَّاز أنها على الأبوين على قدر الميراث، ولعله أراد أنها على الأم عند عدم الأب.

قُلتُ: لا أعلم من ذكره عن محمد على قدر الميراث، وتأويله بحال عسر الأب نحو قول التونسي في كتاب الصيام. وقع في الموَّازيَّة أن الأب إن كان فقيرا أو لا لبن للأم أن عليها أن تستأجر له، وليس ببين لاتفاقهما على أن نفقته لا تلزمها في عسر الأب، فإذا لم يكن لها لبن لم يتعلق طلبه بذمتها كما لم تلزمها نفقته.

المتيطي: يجوز للأب مقاطعة الحاضنة على نفقة مدة معينة بناض يدفعه لها.

ص: 47

قُلتُ: تقدم هذا في نفقة الزوجة، وتردد بعض الشُيُوخ فيه، قال: فإن غلا السعر في خلال مدة المقاطعة فصارت النفقة لا تقوم بالولد فعلى الأب إكمالها إلا أن تكون الحاضنة ابتاعت تمام القوت وقت المقاطعة فلا شيء على الأب، وإن رخص السعر وسكت الأب لانقضاء المدة فلا شيء له؛ لأن سكوته توسعة على الولد، وإن تكلم في خلالها حسب لباقيها نفقة مثله وكان له الفضل.

قُلتُ: وقاله ابن فتحون، وفي طرر ابن عات ما نصه: وعند قوله: والتزمت له ضمان هذه النفقة أنظر إذا لم تضمن الحاضنة في وثيقة المقاطعة هذه وغلا السعر فذكر ما تقدم.

قُلتُ: فمفهوم قوله: (إذا لم تضمن الحاضنة) أنها إذا ضمنتها ثم غلا السعر أنه لا شيء على الأب، ولفظ المذكور في أصل الوثائق المجموعة ما نصه: والتزمت له ضمان هذه النفقة إن دخل ذلك نقص بتلف أو غلا سعر ضمانا لازما، وهذا المفهوم لازم إن كانت الحاضنة موسرة، وإلا لزم الأب إتمام النفقة ولا يرجع على الحاضنة بذلك، ولا يتخرج إتباعه إياها من أحد قولى ابن القاسم: فيمن خالعت على نفقة ولدها مدة رضاعه فأسرعت فوجب على الأب نفقته أنه يتبعها بها؛ لأن نفقتها في الخلع عوض، وحكم إرضاع الأم الولد تقدم في الرضاع.

ص: 48