المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب صفة يمين البائع في العيب] - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٥

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب النفقة]

- ‌[باب فيما تجب فيه النفقة على الزوج]

- ‌[باب في اعتبار حال النفقة]

- ‌[باب فيما تكون منه النفقة]

- ‌[باب في اللباس]

- ‌[باب في الإسكان]

- ‌[كتاب الحضانة]

- ‌[باب في مستحق الحضانة]

- ‌[كتاب البيوع]

- ‌[باب الصيغة في البيع]

- ‌[باب العاقد الذي يلزم عقده]

- ‌[باب في شرط المبيع]

- ‌[باب في المعقود عليه]

- ‌[باب في بيع العذرة والزبل]

- ‌[باب في بيع الزيت النجس، وعظم الميتة

- ‌[حكم بيع جلد السبع]

- ‌[باب في بيع الخصي]

- ‌[باب في بيع الكلب]

- ‌[باب في بيع الصور]

- ‌[باب في بيع آلات اللهو]

- ‌[باب في بيع الهر ونحوه]

- ‌[باب في جبر بائع جلد الشاة على ذبحها]

- ‌[باب في بيع المريض وذي مرض السياق]

- ‌[باب في بيع الآبق والشارد]

- ‌[باب في بيع المغصوب]

- ‌[باب في بيع الرَّهن وملك الغير بدون إذنه]

- ‌[باب في من باع جارية حلف بعتقها]

- ‌[باب في بيع عمود عليه بناء، وعلى من يجب قلعه]

- ‌[باب في بيع نصل سيف دون حليته]

- ‌[باب في بيع الهواء]

- ‌[باب في بيع طريق في دار رجل]

- ‌[باب في جهل أحد العوضين في البيع]

- ‌[باب في بيع لحم الشاة الحية]

- ‌[باب في بيع الحب المختلط في أندره]

- ‌[باب في بيع دقيق بحنطة]

- ‌[باب في بيع الحيتان في البرك]

- ‌[باب في الجهل بالثمن]

- ‌[باب في جمع الرجلين سلعتيهما في البيع]

- ‌[باب في عقد البيع على حرام وحلال]

- ‌[باب في الاستثناء من المبيع]

- ‌[باب في جبر مشتري الشاة المستثنى منها على ذبحها]

- ‌[باب في أجرة الذبح]

- ‌[باب في بيع حائط من عنب واستثناء سلل منه]

- ‌[باب في بيع العبد وله مال]

- ‌[باب في شراء مال العبد بعد شرائه]

- ‌[باب في بيع العبد وثمر الحائط

- ‌[باب في بيع أحد الشريكين حظه في عبد]

- ‌[باب في بيع الجزاف]

- ‌[باب في الشراء بمكيال مجهول]

- ‌[باب في الصفة تقوم مقام العيان في الحزر]

- ‌[باب في شرط الجزاف]

- ‌[باب في بيع ما تقدمت رؤيته]

- ‌[باب في بيع ذي ورم تقدمت رؤيته]

- ‌[باب في شرط لزوم بيع الغائب]

- ‌[باب في بيع البرنامج]

- ‌[باب في بيع الأعمى]

- ‌[باب في نقد ثمن الغائب]

- ‌[باب في شرط النقد في بيع الغائب]

- ‌[باب في بيع دار على الصفة من غير البائع]

- ‌[باب في من اشترى غائبًا هل يوقف ثمنه

- ‌[باب في ضمان بيع الغائب غير ذي توفيةٍ]

- ‌[باب في صحة اشتراط الضمان عقب العقد]

- ‌[باب ما يحرم به فضل القدر والنساء]

- ‌[باب ما يحرم فيه النساء]

- ‌[كتاب الصرف]

- ‌[باب في شرط الرد في الدرهم]

- ‌[باب المراطلة]

- ‌[باب المبادلة]

- ‌[باب في الاقتضاء]

- ‌[باب الطعام]

- ‌[باب في شرط المماثلة]

- ‌[باب الاقتناء في الحيوان]

- ‌[باب المزابنة]

- ‌[باب الكالئ بالكالئ]

- ‌[باب في الغرر]

- ‌[باب في بيع الحامل بشرط الحمل]

- ‌[باب في بيع المضامن والملاقيح]

- ‌[باب في بيع الملامسة والمنابذة]

- ‌[باب في بيع الحصاة]

- ‌[باب في النهي عن بيعتين في بيعة]

- ‌[باب بيعتين في بيعة]

- ‌[باب في بيع عسيب الفحل]

- ‌[باب في النهي عن بيع وشرط]

- ‌[باب في البيع بشرط السلف]

- ‌[باب في البيع بشرط أن لا يبيع]

- ‌[باب في بيع الثنيا]

- ‌[باب في هلاك الرَّهن بعد قبضه]

- ‌[باب في استحقاق الرَّهن قبل قبضه]

- ‌[باب في بيع الأمة بشرط رضاع ولدها ونفقته]

- ‌[باب في أرض الجزاء]

- ‌[باب في الأرض المطبلة]

- ‌[باب في بيع العربان]

- ‌[باب في بيع الولد دون أمه أو العكس]

- ‌[باب في التفرقة بين الأم وولدها في البيع]

- ‌[باب في الإيصاء بالولد دون أمه أو العكس]

- ‌[باب في من وهب الولد دون أمه]

- ‌[باب في وسائل إثبات النبوة المانعة من التفرقة]

- ‌[باب في بيع المزايدة]

- ‌[باب في بيع الحلي مزايدة بعين أو أصلها]

- ‌[باب بيع النجش]

- ‌[باب في بيع المقاومة]

- ‌[باب في بيع المقاومة بالحصاة]

- ‌[باب في بيع الحاضر للبادي]

- ‌[باب في البيع زمن نداء سعي صلاة الجمعة]

- ‌[باب في شراء تلقي السلع]

- ‌[باب في الخروج شراء الغلل من الحوائط]

- ‌[باب في التسعير]

- ‌[كتاب بيوع الآجال]

- ‌[باب في شرط بيع الأجل]

- ‌[باب ما يمنع فيه اقتضاء الطعام من ثمن المبيع وما يجوز]

- ‌[باب العينة]

- ‌[كتاب بيع الخيار]

- ‌[باب دليل رفع الخيار]

- ‌[باب في الفعل الدال على إسقاط الخيار]

- ‌[كتاب الرد بالعيب]

- ‌[باب الغش والتدليس]

- ‌[باب البراءة]

- ‌[باب فيما يهده في حق المدلس بسبب تدليسه]

- ‌[باب في قدر مناب العيب القديم من ثمن المعيب]

- ‌[باب في قدر الحادث من العيب في المبيع]

- ‌[باب معرفة قدر زيادة زادها المشتري في المبيع]

- ‌[باب ما يكون فيه المبيع المتعدد كالمتحد في العيب]

- ‌[باب صفة يمين البائع في العيب]

الفصل: ‌[باب صفة يمين البائع في العيب]

اللخمي: إن سرق عبد أو أبق عند مبتاعه فادعى علم أنه فعل ذلك عند بائعه فعليه اليمين وإن لم يظهر ذلك عنده، وقال: يمكن أنه فعله عندك فلا يمين عليه اتفاقًا فيهما وإن قال: فعل ذلك عندي وأخبرت أنه أحدث مثله عندك فأصل ابن القاسم أنه يحلف، وقال أشهب: لا يمين عليه، ولابن القاسم في الموَّازيَّة إن قال: أبق عند البائع أو سرق أو زنى أو جن أو غير ذلك مما لا يعلم إلا بقوله: حلف البائع على علمه.

وقال ابن القاسم: لا يمين عليه وهو ظاهر قول ابن القاسم في المدَوَّنة، وذكر ما حكاه ابن رُشْد عن محمد وصوبه، قال: وكذا إن قال المشتري سرق عندي وهو من أهل الدين والثقة فأرى أن يحلفه.

[باب صفة يمين البائع في العيب]

وصفة يمين البائع: قال أبو عمر: يحلف لقد باعه وما به عيب، أو ما به ذلك العيب.

قُلتُ: هذا مقتضى الأصول؛ لأن متعلق اليمين إنما هو نقيض نفس الدعوى، وقول ابن الحاجب: يمينه بعته وأقبضته وما به عيب، خلاف المذهب في قوله، وأقبضته لما علم من نصوص المذهب أن الضمان فيما ليس فيه حق توفية وهو حاضر أنه بالعقد لا بالقبض، وكذا اقتصاره على قوله: وما به عيب إنما الواجب عليه نفى العيب المخصوص فإن نفاه بصيغة العموم كفاه حسبما تقدم لأبي عمر.

وفيها: من رد عبدًا بعيب فادعى بائعه أنه رضيه فلا يمين عليه إلا أن يدعي علم رضاه بمخبر أنه أخبره أنه تسوق به بعد علمه بالعيب أو رضيه أو تقول بينته له فريضه.

اللخمي: لأشهب في المَّوازيَّة لا يمين له عليه، وإن ادعى أن مخبرًا أخبره وهو أصوب لإمكان كذبه ليحلفه وعليه أن يحضر من أخبره، فإن كان عدلًا فله أن يحلف معه، وإن كان حسن الحال غير عدل أحلفه به، وإن كان ساقط الحال فهو لغو وعزًا

ص: 500

الصقلي قولها للواضحة أيضًا، قال: وقال ابن أبي زمنين: ويحلف البائع لقد أخبره بذلك مخبر، ورواه يحيي بن عمر عن ابن القاسم، وقال بعض شُيُوخنا: ويزيد البائع في يمينه مخبر صدق، ولو عين من أخبره سقطت يمنه، ولو مسخوطًا.

قُلتُ: ونقله الباجي بلفظ واشترط فيه بعض المتأخرين أن يحلف أخبرني مخبر صدق خوف الإلغاز يقيم صبيًا أو مسخوطًا يخبره بذلك. قال: وإن أظهر الذي أخبره بذلك لزم المشتري أن يحلف. وإن كان المخبر مسخوطًا، ويجب على هذا التعليل إن كان المخبر ممن لا يعبأ لم تجب اليمين.

قُلتُ: ففي حلفه بقول البائع أخبرت برضاك العيب مطلقًا، ثالثها إن عين المخبر ولو كان مسخوطًا أو حلف أن مخبرًا أخبره بذلك، ورابعها هذا بزيادة مخبر صدق، وخامسها لا يحلف إلا بتعيين مخبر مستور لها مع الواضحة، ولأشهب ولابن أبي زَمَنَيْن مع ابن القاسم وبعض الشُيُوخ، واللخمي: ولما ذكر المتيطي بعض ما تقدم قال: وفي العتبيَّة قال سَحنون: أخبرني أشهب وابن نافع عن مالك: من أراد تحليف من رد عليه جارية بعيب أنه ما وطئها منذ رأى العيب، فلا يمين عليه له، قال سَحنون: جيدة.

وقال ابن القاسم في سماع عيسى: إن كان متهمًا حلف وإلا فلا.

قُلتُ: هذا يدل دلالة واضحة أن سماع عيسى عنده فيمن رد على حاضر، وليس الأمر كذلك إنما هو فيمن رد جارية بعيب على غائب، وتقدمت في الرد على الغائب.

قُلتُ: هو جواب سَحنون واحتجاجه برواية أشهب وابن نافع فإن قلت قول ابن رُشْد احتجاج سَحنون بذلك صحيح، لأن الإمام إنما يحلف فيما لو كان حاضرًا وإن أراد أن يحلفه فيه؛ لكن له أن يحلفه فيه، يدل على مساواة تحليفه للغائب لتحليفه للحاضر، وهذا موافق لنقل المتيطي.

قُلتُ: إن سلم ما قاله ابن رُشْد فإنما يوافقه قياسًا وتخريجًا لا نصًا، والمتيطي إنما ساقه مساق النص، وذكرها بن سهل على الصواب.

قال في أحكام ابن زياد: إذا رد جارية بعيب مبتاعها يحلف أنه ما وطئها، قاله محمد بن وليد وأيوب بن سليمان.

وقال ابن لبابة: إن كانت من الوخش، فلا يمين عليه إلا أن يكون متهمًا.

ص: 501

قال ابن سهل: قول ابن لبابة هو قول ابن القاسم في سماع عيسى في جارية ابتاعها، وغاب بائعها، ووصل بها في العتبيَّة سئل عنها سَحنون فذكر ما تقدم.

قال ابن سهل: فأسقط مالك وسَحنون اليمين والبائع يدعو إليها فاتهامه بوطء الجارية.

أما في مسألة ابن لبابة وأصحابه فلا يمين فيها على حال إذ ليس في مسألتهم أن البائع دعا إلى ذلك، وأظهر اتهام المبتاع بالوطء فلمن يحلف إذا لم يطلبه المبتاع؟ وأخل المتيطي بعدم ذكر تعقب ابن سهل.

قال الباجي: وإن اتفق الشاهدان على تاريخ العيب، واختلف المتبايعان في تاريخ البيع، فعلى قول أشهب القول قول البائع انتقد أو لم ينتقد، وعلى قول ابن القاسم إت انتقد فالقول قوله، وإلا فالقول قول المبتاع، وقد قال كل منهما في هذا الأصل بالقولين.

قُلتُ: وتمامها في عهدة الثلاث والمذهب ما اغتله مبتاع من حادث في مبيعه بعد عقده لا شيء عليه منه إن رده بعيب لحدث الترمذي بسنده عن مخلد بن خفاف عن عروة عن عائشة رضي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قضى أن الخراج بالضمان»

.

عبد الحق: مخلد بن خفاف معروف بهذا الحديث لا يعرف له غيره، وقال أبو عيسى فيه: حديث حسن.

ابن القطان: ليس في هذا الكلام ما يبين حكم هذا الخبر عنده ومخلد مدني ثقة، ذكره المنتجالي عن أحمد بن خالد عن ابن وضاح وليس في هذا الحديث من ينظر فيه سواه فهو صحيح.

قُلتُ: هذا يقتضي أن ليس لعبد الحق فيه من الكلام غير ما نقل من كلامه وليس كذلك؛ لأنه أتبعه بقوله ورواه الترمذي أيضًا من حديث عمر بن علي المقدمي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما يعرف هذا بمسلم بن خالد

ص: 502

الزنجي عن هشام: ومسلم بن خالد لا يحتج به وعمر بن علي كان يدلس، وبه ضعفه من ضعفه وكان ابن حنبل يثني عليه، ويذكر تدليسه، وقال الترمذي في حديث عمر بن علي هذا الذي رواه عن هشام بمثل رواية مخلد بن خفاف: حديث حسن صحيح.

قُلتُ: فقد صرح بنقل صحته، وحديث مسلم بن خالد ذكره أبو داود عن مسلم بن خالد قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة أن رجلًا ابتاع غلامًا فأقام عنده ما شاء الله أن يقيم ثم وجد عيبًا فخاصمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: فرده عليه فقال له الرجل يا رسول الله قد استغل غلامى فقال رسول الله صلى الله وسلم: «الخراج بالضمان» .

الترمذي: تفسيره أن العبد لو هلك هلك من مال المشتري.

وفيها: غلة ما رد بعيب من عبد أو دار عند مبتاعه له، والولد كأمه ولا غرم للولادة إلا أن يفقصها.

الصقلي: ويجبر بالولد كقوله في الأمة.

ابن رُشْد: الغلة أقسام: ما لا يتولد عن المبيع كالعبد يؤاجر والمسكن يكرى لمباعه إلى يوم رده، وعليه نفقته، وما يتولد عنه، وشأنه قبضه كلما تولد كالبن كما لا يتولد، وما شأنه أن لا يقبض إلا في أوقات معهودة من صوف نبات كالنحل، فإن لم يكن بها ثمر يوم البيع ولا يوم الرد فلا شيء في سقيها، وقيل: يرجع به على مذهب ابن القاسم وهو جار على كون الرد نقض بيع أو ابتداء بيع بقاء الثمرة للمبتاع وقاله أَصْبَغ في البيع الفاسد، والرد على أنه نقض مثله، وفي جده ما تقدم وفي جده قبل إباره، ولو كان أبر وطاب فهو للمبتاع هذا قول ابن القاسم، فيها لا أعرف له خلافه وعلى قوله في الموَّازيَّة في الاستحقاق أن يرده ما لم ييأس ويرجع بالسقي والعلاج وعلى ما لأبي زيد عنه في الاستحقاق أن يرده ويرجع ما لم تجد كقول أشهب فيها أنه إذا اشترى الثمرة وقد أبرت، ولا فرق على مذهبه في هذا بين شراء النخل ولا ثمرة فيها أو فيها ثمرة أبرت أم لا؛ لأنه رآها ما لم تطب تبعًا للأصول لا حصة لها من الثمن وإن لم

ص: 503

تجب له بعد الإبار إلا باشتراطه إذ لا يصح بيعها مفردة عن الأصل وقاله ابن الماجِشُون في البيع الفاسد: أنه يرد الثمرة ما لم تجد، ولا فرق في الرد بالعيب وبفساد البيع، وبالاستحقاق، ففي صيرورة الثمرة غلة في الثلاثة بلإبار أو الطيب أو اليبس،

رابعها: لا إلا بالجذاذ وإن كان بها ثمر يوم البيع وردها ولم تؤبر ففي رجوعه بها نقل فضل عن ابن القاسم مع أشهب، ودليل قول القاسم فيها: فإن جده كان كعيب حدث عنده، ولو أبرت قبل الرد أو طابت، فكما تقدم إذا اشتراها ولا ثمر فيها، فأبرت قبل الرد أو طابت اتفاقًا واختلافًا وإن كان بها يوم البيع ثمر أبر وقام بالعيب قبل طيبه رد معها اتفاقًا، ويرجع بها عند ابن القاسم وأشهب فإن جده كا كعيب حدث عنده فإن قام به بعد طيبه ففي رده معها، ولو جد ومكيلته إن فات، وقيمته إن جهلت، ويرجع بها، وكونه غلة، ثالثها مضيه بمنابه من الثمن إن يبس لابن القاسم وأشهب، وتخريج سَحنون على قول ابن القاسم في الشفعة لعده ذلك تناقضًا منه، وعلى كونها غلة أو مضيها بالثمن في حد ذلك بالطيب أو اليبس، ثالثها بالجد ولو ذهب الثمر في هذا الوجه بجائحة رد المعيب، ورجع بجميع الثمن اتفاقًا ولو كان بها يوم البيع ثمر طاب، رده معها ومثله إن فات، فإن جهلت مكيلته ففي مضيه بمنابه من الثمن، ورد قيمته بدله قولان وحكم الرد لفساد البع كالرد بالعيب إلا أن رده للفساد لازم، فهو نقض بيع اتفاقًا، وجد

الثمرة فيه قبل الإبار أو بعده فوت يوجب تصحيحه بالقيمة، ورجع اللخمي: كون الثمرة بالطيب غلة وجعله المازري المشهور، قال: وكذا في البيع الفاسد، وفي الاستحقاق والشفعة، ترد ما لم تيبس، وفي التفليس ترد ولو يبست ما لم تجد، وقد اختلف في هذه المسائل فقيل الإبار فيها فوت، وكان أشياخي يرون أنه لا يتحقق فرق يقتضي اختلاف أجوبة هذه المسائل الخمس فيدخل في جميعها الفوت بالطيب، وباليبس وبالجداد والإبار قول وقع في المذهب من غير تخريج، وهو مقتضى كون الرد بالعيب ابتداء بيع وكذا في الشفعة، ولا يتصور هذا في الاستحقاق والبيع الفاسد، ولما ذكر اللخمي قولي ابن القاسم، وأشهب إذا اشتراها وبها ثمر أبر، قال: إن لم يزد ثمرها في ثمنها شيئًا أو زاد ما لا خطب له كان له بغير ثمن وإلا كان مبيعًا، وأرى أن يمضي بما ينوبه من الثمن يوم البيع وأصل مالك وابن القاسم في العيوب عدم

ص: 504

تهمتهما في البيع وإذا لم يتهما على إظهار البيع في الرقاب ليتوصلا لبيع الثمر قبل بدو صلاحه مضى بمنابه من الثمن.

الباجي: لا يجوز ترك التمر بحصته من الثمن؛ لأنه لا يجوز إفراده قبل بدو صلاحه بالبيع. ولما ذكر قول ابن القاسم إذا رد الثمن رجع بالسقي والعلاج قال:

وعندي أنه لا يكون له من العمل إلا ما لولا الثمرة لم يعلمه؛ لأنهم لم يذكروا في الغنم الرجوع بالرعي والسقي.

وفيها: لو هلكت الثمرة المأبورة يوم البيع ثم وجد بالنخل عيبًا ردها ولا شيء عليه في الثمر: ابن محرز عن بعض المذاكرين قوله في هلاك الثمرة من غير سببه لا شيء عليع فيها يدل على أنها لا حصة لها من الثمن إذ لو كان لها حصة لكان لها ضامنًا، وقال بعضهم: هذا لا دلالة فيه وإنما لم يضمنه؛ لأنها غير مقبوضة له، ألا ترى أنه لا يجوز شراؤها مع أصلها بطعام نقدًا.

ابن محرز: كل هذا غير صحيح، أما القول الأول فقد نص ابن القاسم على خلافه، وهو قوله: لو جدها كان لها ضامنًا فلو لم تكن لها حصة من الثمن ما اختلف حكمها إذا هلكت قبل جدها أو بعده، ولقوله: لو جدها بعد طيبها ثم جاء شفيع حط عنه من الثمن ما ينوبها يوم البيع، والقول الثاني متناقض لأنه يجب إذا كان الضمان على البائع أن يرجع المشتري عليه بما ينوبه من الثمن. قلت: يرد رده الأول بأنها قبل الجد تابعة فلم يكن لها حظ من الثمن وبعده مستقلة فإن هلكت ضمنها، كمال العبد يهلك قبل انتزاعه أو بعده، وإيه أشار فيها بقوله: وهي كمال العبد إن انتزعته رددته معه فإن هلك المال قبل انتزاعه لم يلزمك له نقص إن رددته بعيب، وكذلك ما يأتي على الثمرة من أمر الله قبل جدادها، وذكر المازري ما ذكره ابن محرز ولم يجب عنه، قال: وذكر بعض المتأخرين لو اشتراها بعد الزهو ضمنها وإن لم تفارق الشجر إذا هلكت بأمر من الله.

قُلتُ: هو الصقلي: وفيها: لا شيء عليك فيما حلبت من لبن ولو كان في ضروعها يوم البيع ولا فيما انتفعت به من زبد أو سمن.

اللخمي: إن لم تكن حين البيع مصراة؛ لأنه حينئذ مبيع على الصحيح من المذهب وإن كانت حين الرد مصراة فله أن يحلبها ثم يرد؛ لأنه قد جمع ولم يبق فيه إلا حلبه.

ص: 505

وفيها: ولا فيما جززت من صوف أو وبر، وإن كان يوم الصفقة تامًا رددته بردها بعيب أو مثله إن فات.

اللخمي: ما حدث بعد العقد فهو غلة بجزازه ولو جزه قبل وقته، وما لم يجزه في كونه غلة بتمامه أو تعسامه أو جزه ثلاثة قياسًا على الطيب واليبس والجد في التمر، وفي رد ما كان تامًا يوم البيع قول ابن القاسم وأشهب فيها وعلى الأول يرده أو مثله إن فات، وقول اللخمي: الأول أحسن؛ لأنه يزاد في الثمن لأجله، وللمشتري غرم مثله؛ لأن خطبه قريب كالقول في الجلد المستثنى يغرم مثله أو قيمته، وإن وجد العيب بعد أن صار عليها صوف وتم ردها ولا شيء عليه للأول وهذا أبين من جبر العيب بالولد.

الباجي: لم يذكروا الرجوع بالرعي والسقي وإنما يرجع بالجز عندي ولم أرفيه نصًا وبه استدل على ما تقدم له في السقي، والعلاج. قال: وما تلف قبل الجز فلا شيء عليه.

وفيها: إن هلك مال العبد قبل انتزاعه فلا شيء عليه فيه في رده بعيب، وإن انتزعته رددته معه.

الباجي: ما وهبه له غير المبتاع أو تصدق به عليه أو ربحه فيما بيده كما بيده يوم البيع وما وهبه له مبتاعه أو أفاده من عمله أو ربحه في مال دفعه له مبتاعه فله إمساكه.

المازري: هذا بناء على أن ماله تبع له وأن لا حصة له من الثمن ولذا جاز اشتراطه ولو كان مجهولًا ولو كان فيه عبد أبق.

قُلتُ: ومنه قولها في آخر شراء الغائب: من اشترى عبدًا واستثنى ماله، وماله دنانير ودراهم، وعروض ورقيق بدراهم نقدًا أو إلى أجل جاز. الصقلي عن «الموَّازيَّة» لو استثنى ماله وله جارية رهنها البائع إن افتكها فهي للعبد.

محمد: عليه افتكاكها من ماله، ولو كانت حاملًا منه فهي تبع له وولدها للبائع؛ لأنه ليس بمال له ولا يفسخ البيع؛ لأنه لو استثنى ماله وفيه عبد آبق فلا بأس بذلك.

محمد: وأظنها رواية أبي زيد عن ابن القاسم وأتوقف عنها، وعزا المازري: ما في الموَّازيَّة لمالك قال: وتوقف محمد في مسألة الجارية دون الآبق فلعله يفرق بينهما فإن الإباق الظاهر عدمه فلا يقصد بشيء من الثمن، والجارية معينة فلها حصة من الثمن فلا يجوز بيع أمة استثنى البائع جنينها مع انعقاده على تفرقة الولد منها.

ص: 506

قُلتُ: تفرقته بأن الجارية لها حصة من الثمن خلاف ما تقدم من قولها في شراء الغائب وقولها في الجنايات: إن أذن أحد الشريكين في العبد لصاحبه في أخذ حصته من ماله، وترك الآخر نصيبه بيد العبد جاز؛ لأنه هبة منه أو مقاسمة ثم إن باعها العبد بعد ذلك واشترط المبتاع ماله فالثمن بينهما نصفان؛ لأن ما له ملغى لا حصة له من الثمن، وتفرقته بأن في الجارية تفرقة بين الأم وولدها صواب به يجاب عن معارضة محمد: في توقفة مع أجازة ابن القاسم في أمهات الأولاد: شراء الولد زوجته الحامل منه من أبيه؛ لأن استثناء الولد فيها للحرية والتفرقة بالحرية جائزة حسبما في التجارة بأرض الحرب منها ولم يذكر المازري في كون مال العبد لا حصة له من الثمن خلافًا لما ذكره اللخمي، قال: ولابن القاسم في كتاب الجوائح أنه يزاد في الثمن لأجله.

قُلتُ: إن قيل أين ذكر ذلك في الجوائح؟ بل نص في الجوائح منها على أنه: لا حصة له من الثمن وهو لفظ أبي سعيد كمكتري الدار وفيها: نخل لم يطب وهو تبع للكراء فاشتراطها فذلك جائز ولا جائحة في ثمرها إذ لا حصة لذلك من الثمن في الكراء، وكمن ابتاع عبدًا فاستثنى ماله ثم هلك ماله ثم رده بعيب أو استحق فإنه يرجع بجميع الثمن ولا يحط لمال العبد من الثمن شيء إذ لا حصة له منه.

قُلتُ: هذا السؤال عارض لمن قصر نظره على المختصرات دون أصولها؛ لأن أبا سعيد أجل بذكر ما أخذ منه.

اللخمي: مدعاه؛ لأن لفظها في المدَوَّنة ما نصه، ومما يبين ذلك أن الرجل يشتري العبد ويشتثنى ماله فيصاب مال العبد ثم يجد به عيبًا أو يستحق فيرجع المشتري بالثمن كله فلا يوضع عن البائع شيء لمال العبد الذي تلف وهو لم ستثنه كان للبائع، وفيه زيادة في الثمن فلا يوضع عنه شيء قال اللخمي: وكذلك في الموَّازية، وقال في العبد الرَّهن يجني فيسلمه سيده فيفتديه المرتهن دون إذن سيده إنه يباع بماله ويفض الثمن فما ناب المال دخل معه فيه الغرماء وهو أحسن؛ لأن ذلك معلوم أن ثمنه بماله أكثر من ثمنه دونه وأرى أنه مبيع معه كسلعة أخرى فيتقى فيه الربا والجهالة فيمنع شراؤه بالعين إذا كان ماله عينًا لوجهين: أحدهما مراعاة الخلاف للقول: إن العبد لا يملك، الثاني مراعاة لأحد قولي ابن القاسم في العبد المأذون له يشتري ابنة مولاه أنها تعتق على

ص: 507

السيد ولا يطؤها العبد وكل هذا إذا اشتراه بماله، وإن قال: اشتريه وماله لم يجز إلا كأنه سلعة بيعت منه قولًا واحدًا.

الصقلي: لأصْبَغ عن ابن القاسم من قال: أبيعك عبدي هذا وله مائة دينار أو فيكها لم يجز، يريد والثمن عين، قال بعض أصحابنا: لأن قوله أوفيكها كالانتزاع ولو لم يذكر ذلك لجاز، وعن بعض القرويين لو قال: أبيعك عبدي هذا وله مائة دينار لم يجز، وقال بعض أصحابنا عن بعض شُيُوخنا: إنه جائز بناء على أن ذكرها موجب لها من الثمن قدرًا في دخول ما رد بعيب في ضمان بائعه بقول مبتاعه رددته أو بالحكم به، ثالثها يقبضه بائعه. للخمي عن ابن القُصَّار، مقيدًا له بكون عيب رد لا شك فيه، وعنا مع إحدى روايتي الموَّازيَّة وأخراهما المقدمات في دخوله في ضمان البائع بإشهاد مبتاعه أنه غير راض به ولم يطل أمره بحيث يرى أنه رضيه أو بإثباته عند السلطان، ثالثها بالقضاء به أو رضا بائعه بقبضه لأَصْبَغ وغيره، وسمع ابن القاسم من وجد بعبد ابتاعه عيبًا فلقى صاحبه فأشهد عليه أنه غير راض به وأنه برئ منه، فأقبل ليأخذ عبده فوجده هلك بعد قول المشتري أو امتنع البائع من قبضه، فذهب المشتري ليستعدي عليه فهلك العبد، فالعبد من مشتريه حتى يرده لبائعه بقضاء السلطان أو قبض البائع عبده.

ابن القاسم قال لي مالك: إذا قضى به السلطان فهو من البائع وإن لم يقبضه.

مبين قوله: قبل ذلك حتى يرده إلى البائع بقضاء السلطان. وفيما يدخل به المردود بالعيب في ضمان البائع أربعة:

أحدها: بإشهاد المبتاع على العيب وأنه غير راض به وهو قول أصبغ.

الثاني: برضا البائع بقبضه أو بثبوت العيب عند السلطان، وإن لم يحكم برده وهو الآتي على قول مالك في الموطأ وقول ابن القاسم في شهادات المدَوَّنة.

الثالث: إن رضي بقبضه، فحتى يمضي من المدة ما يمكنه فيه قبضه، وإن ثبت العيب عند السلطان فحتى يقضي فيه برده، ويمضي ما يمكنه فيه قبضه، وهو معنى ما في هذه الرواية، ولا خلاف في هذا؛ لأن حكم الحاكم لا يفتقر لحيازة وإنما يختلف إذا رضي البائع بأخذ مبيعه دون حكم هل يدخل في ضانه بنفس رضاه أو حتى يقبضه أو

ص: 508

يمضي ما يمكنه فيه قبضه أو حتى يقبضه، وإن مضى من المدة ما فيه قبضه فقيل يدخل في ضمانه بنفس الرضا دون القبض، وقيل أو يمضي من المدة ما فيه قبضه، وقيل حتى يقبضه، وإن مضى ما فيه قبضه، وهو ظاهر قوله في هذه الرواية أو بأمر يعرفه صاحب العبد فيقبض عبده، وهذا هو القول الرابع على القول إن الرد بالعيب ابتداء بيع، وإن على البائع في المبيع حق توفية، وجه الأول أن المبتاع لما كان بالخيار بين الرد والإمساك شاء البائع أو أبى لم يكن لاعتبار رضاه معنى ووجب بإشهاد المبتاع أنه رد نقض البيع، وكون المصيبة من البائع والثاني على أن الرد نقض بيع فإذا وجب بثبوت العيب أو بإقرار البائع به وجب كون الضمان منه.

والثالث على القول إن الرد ابتداء بيع، وإن البائع ليس عليه حق توفية، فإذا مضى ما يمكنه فيه قبضه فالمصيبة منه وإن لم يقبضه، والرابع على أن الرد ابتداء بيع وإن على البائع فيما باعه حق توفية فالمصيبة منه ما لم يقبض المبتاع، وإن مضى ما يمكنه فيه القبض، وهذا الاختلاف جار على اختلافهم في المكيال يسقط في يد المشتري بعد امتلائه، وقبل تفريغه في إنائه، فسمع يحيي ابن القاسم ضمانه من البائع وعليه يأتي قوله في هذه الرواية فيقبض عبده، ولسَحنون في نوازله: ضمانه من المشتري فعليه يدخل المردود بالعيب في ضمان البائع بنفس رضاه بقبضه، وقد قيل على البائع في العروض حق توفية وهي في ضمانه، وإن طال الأمر، وكان قبض الثمن ما لم يقبضها لمبتاع أو يدعوه البائع لقبضها فيأبى قاله أشهب في ديوانه، وعليه يأتي القول الرابع حسبما بيناه.

وقال ابن دحون: قوله في هذه الرواية: ويقبض العبد قول غريب يوجب أن من اشترى شيئًا بعينه فمات قبل قبض المشتري إنه من بائعه، ولا خلاف في ذلك إلا في هذه القولة النادرة وليس قوله بصحيح إذا قد بينا الاختلاف فيه، وإنه قول من رأى أن على البائع حق توفية في العروض.

قال ابن دحون: وإنما الخلاف إذا احتبسه البائع بالثمن.

قال ابن القاسم: حكمه كالرهن، وقال غيره: هو من البائع.

ابن رُشْد: القولان لمالك في كتاب العيوب من المدَوَّنة فلو كان البائع لما رضي بقبض عبده أبي المبتاع دفعه حتى يرد الثمن فهلك فيما بين ذلك لجرى الأمر فيه على

ص: 509

هذا الاختلاف.

وفيها: إن رددت السلعة بعيب رد السمسار الجعل على البائع فأخذ منها كونه عند عدم الشرط، والعرف على البائع، وخرجه غير واحد على أن الرد بالعيب نقض بيع، وعلى أنه ابتداء بيع لا يرده، وتخريج ابن الحاجب عدم رده على أنه نقض له الآن غير بين الصقلي عن ابن اللباد معنى قولها إن لم يدلس فإن دلس لم يرد الجعل.

القابسي: وهذا إذا لم يعلم السمسار بالعيب، وإن علمه فإن رد البيع فلا جعل له وإلا فله أجر مثله.

الصقلي: أرى له ما سمى له كما كان للبائع المدلس الثمن لا القيمة إلا أن يتعامل البائع والسمسار على التدليس فيكون له أجر مثله؛ لأن البائع قال له: دلس فإن تم البيع فلك كذا، وإن رد فلا شيء لك فهو غرر.

قُلتُ: يرد بأن هذا شأن الجعل أنه لا يثبت إلا بتمام العمل إلا أن يقال هذا الغرر عارض عن شيء تسبب فيه، بخلاف الغرر الناشئ عن نفس تمام العمل، وبعد رده، ولسَحنون إنما يرد جعل السمسار برد المعيب إذا رد بقضية، وأما بتبرع فلا؛ لأنه كإقالة، قال: ولو استحق المبيع فرجع المشتري بالثمن رجع بالجعل، ولو فات بيد المشتري فؤجع بقيمة العيب بقضية رجع بنسبة ذلك الجزء من الجعل، وقال بعض أصحابنا: لو حدث عند المشتري عيب واطلع على عيب قديم فإن أمسك ورجع بقيمة العيب، فكما تقدم، وإن رد المعيب وما نقصه العيب الحادث رد السمسار الجعل إلا قدر ما نقصه العيب.

وفيها: من باع لرجل سلعة بأمره من رجل إن أعلمه في العقد أنها لفلان فالعهدة على ربها إن ردت بعيب، فعليه ترد وعليه اليمين لا على الوكيل، وإن لم يعلمه حلف الوكيل، وإلا ردت عليه.

الصقلي عن الشَّيخ هذا إن بيعت بالبراءة أو كان عيبًا مشكوكًا في قدمه، فإن حلف فللمشتري تحليف الآمر ما علم بالعيب، وقاله محمد وروى يحلف الوكيل ولو بين أنه لغيره، وصوب عدم حلفه بأنه ليس له أن يقر ولو أقر إنه كان يعلم بالعيب لينقض البيع ما قبل قوله، وناقضه التونسي بقولها في الوكيل على دفع دراهم سلمًا أتى البائع

ص: 510

قال: هي زائفة إن عرفها الوكيل لزمت الآمر فما الفرق وقد انقضت وكالته كما انقضت هنا بعقد البيع.

الصقلي: يحتمل أنه اختلاف قول.

قُلتُ: يفرق بانقطاع ما وكل عليه في مسألة العهدة فصار كأجنبي وعدمه في مسألة الوكالات، فإن قلت: بل هو منقطع في مسألة الوكالات؛ لأنه إنما وكل على دفع الدراهم حسبما نص عليه التونسي في نقله لها، وكذا في لفظ الصقلي قال ما نصه: قال بعض فقهائنا القرويين: قال في المدَوَّنة: قال في الوكيل: على دفع دراهم سلمًا في طعام.

قُلتُ: أرأيت إن وكلت رجلًا يسلم لي في طعام إلى أجل، ودفعت إليه الدراهم وذكر المسألة، وظاهر قول المازري كالصقلي أنها اختلاف قول وذكر في كتاب الوكالات عن بعض المتأخرين إنه إنما صدقه في مسألة الوكالات؛ لأن الطعام المسلم فيه لم يقبض فبقى بعض أفعال الوكيل لم ينقض فصدق، ولو قبض الطعام انقطعت وكالته ولا يصدق.

قُلتُ: وهذا مثل ما فرقت به قبل أن أراه، قال المازري: ومن المتأخرين من أنكر هذا وقال: ظاهرها تصديق الوكيل، ولو قبض الطعام.

محمد: وإن لم يبين أنه لغيره ثم ثبت ذلك ببينة فللمشتري رد البيع إلا أن يرضى الوكيل العهدة عليه، ولا يلزمه ذلك.

المازري: إنما لم تلزمه العهدة إن أبى مع أن سكةته عن ذكر ذلك في العقد يوجبها عليه إن لم تقم بينة بأنه وكيل؛ لأن دلالة البينة وكيل أقوى من دلالة السكوت أنها عليه.

التونسي: جعل للمبتاع حجة في العهدة، وقال: إن أجاز المغصوب منه بيع الغاصب ما غصبه لم يكن للمبتاع حجة بانتقال عهدته على المستحق؛ لأن ذمة المستحق خير من ذمة الغاصب وتعقبه ابن عبد السلام بأن البائع لو كان غير غاصب لما كان للمشتري أيضًا حجة في انتقال العهدة، قال: وكان يمشي في مجالس المذاكرات إن احتمال الاستحقاق قائم في كل البياعات عسر الاحتراز منه بعيب انتقال العهدة فيه

ص: 511

كالعيب الذي يستوي فيه المتبايعان في الجهل به فلم يكن فيه مقال، واحتمال الوكالة ضعيف؛ لأن غالب متولي البيع مالك المبيع فعيب العهدة فيه، كالعيب الذي يمكن الإطلاع عليه وهذا ضعيف أقل ما فيه عدم تناوله مسألة الغاصب.

قُلتُ: وكان يجري لي الفرق بأن انتقال العهدة عن الوكيل أشق على المبتاع من انتقالها عن غيره من غاصب وغيره، وهذا؛ لأن كل ما يظهر من عيب قبل عقد البيع ولو بساعة لا مطالبة للمشتري به على الوكيل بحال، ولو تعذر عليه الموكل، وفي غيره له المطالبة به على بائعه منه كان غاصبًا أو غيره إن تعذر عليه المستحق بفرقة المذكور قوله، ولذا أجاز لمن أخذ من رجل دراهم سلمًا في طعام لفلان وشرط عليه الدافع إن أقر له فلان وإلا فالسلم عليك، ولم يجعل ذلك غررًا في البيع فلعله يريد لتساوي الذمتين وأنكره سَحنون.

قُلتُ: انظر قوله لتساوي الذمتين هل هو تقييد لحكم المسألة بما إذا تساوت الذمتان، وأنهما لو اختلفا لم تجز أو تقرير له بأن حكم الذمم التساوي وتصور اختلافها لغو، فإن كان الأول لزم إشكال ثبوت مقال المشتري في مسألة من ظهر أنه وكيل.

قُلتُ: الأظهر الأول، وجواب الإشكال أن عهدة العيب والاستحقاق أخف؛ لندور الطلب بهما لقلة وقوعهما، وتحقق الطلب في مسألة السلم، وعارض التونسي صرف العهدة عن البائع لغيره بإعلامه المبتاع أن المبيع لغيره بقولها: من ابتاع لغره سلعة فالثمن عليه ولو كان مؤجلًا وذكر للبائع أن الشراء لغيره إلا أن يقول: هو ينقدك دوني، قال: فلم يجعل ذكره أن الشراء لغيره يصرف عنه المطالبة بالثمن لمن أعلم أنه نائب عنه وصرف عنه العهدة له بقوله ذلك، وأجاب بأن غالب العادة أن من أمر غيره بشراء سلعة دفع له ثمنها إلا أن يقول لست من الثمن في شيء أو يقول بعثني إليك لتبيعه فهذا لا يتبع بالثمن ولو قال: لا أشتري منك إلا لفلان فرضي أن يبيع لفلان فيتبع أيهما شاء إلا أن يقول قد دفعت الثمن فيحلف ويبرأ ويتبع البائع المأمور ولم يذكر في الموَّازيَّة هل قبض الآمر السلعة أم لا؟ أَصْبَغ له في العتبيَّة عن ابن القاسم في قبض

ص: 512

الآمر السلعة، وقال: دفعت ثمنها للمأمور إن كان المأمور دفع الثمن للبائع صدق الآمر مع يمينه، وإن لم ينقد حلف المأمور أني ما قبضت، وأخذ سَحنون إن أشهد حين دفع الثمن إنه إنما ينتقد من ماله لم يقبل قول الآمر أنه دفعه إليه.

التونسي: وما في الموَّازيَّة خلاف هذا؛ لأنه ذكر أن الثمن لم يدفعه المأمور للبائع، وجعل القول قول الآمر، وذلك أن السلعة ليست رهنا في يد المأمور على قوله، ويشبه إذا لم يدفع السلعة أن يكون القول قوله على مذهب أشهب؛ لأنه يراها كالرَّهن بيده له حبسها حتى يقبض الثمن، وأما على قول ابن القاسم فليس له حبسها فيكون القول قول الآمر فيجب إذا دفع السلعة للآمر أن يكون القول قوله إذا لم يبق بيد المأمور عوض عما دفعه عما هو مجبور على دفعه، وجعل في العتبيَّة القول قوله: بعد دفع السلعة أذا كان هو لم يدفع الثمن للبائع فكأنه أحله محل البائع إذ الثمن لا يسقط عن المشتري بقبض السلعة منه فمتى كان الثمن لم يقبض كان القول قول المأمور، وقال: من قال: خذ لي دراهم سلما عن طعام إن الطعام لا يلزم المأمور وهو مشتر للدراهم بالطعام وبقول لو اشترى سلعة بثمن إلى أجل وأخبر أن الشراء لغيره فالثمن عليه وإن أخبر أنه لغيره حتى يقول لست من الثمن في شيء ولا فرق إلا أن يقال: القياس فيمن أخبر أن شراءه لغيره أن لا شيء عليه من الثمن؛ لكن جرت العادة أن من أمر بالشراء دفع ثمنه إليه في غير السلم فبقي على أصله.

قُلتُ: سمع أبو زيد ابن القاسم في جامع البيوع من استعان رجلًا يبتاع له سلعة فلما ابتاعها واستوجبها قال لبائعها: خذ ذهبك من هذا هو رب السلعة فادفعها إليه، يعلمه ذلك كان عليه بدلها.

ابن رُشْد: يريد: إن لم يغلمه عند الشراء أنه إنما يشتري منه لفلان وأنه إليه يدفع ومنه يقبض فعليه البدل، ولا ينفعه ذلك بعد الشراء إلا أن يصدقه في ذلك، ولو قال عند الشراء: إنما اشتريتها لفلان ودفع إليه هو الثمن وقال: إنه مال فلان، فوجد فيه نقصًا وقد غاب فلان لوجب على المشتري البدل ما لم يصدقه البائع على ذلك ويبيعه عليه بتصريح على قياس قول أَصْبغ في نوازله مثل هذا خلاف قول ابن الماجِشُون.

ص: 513

وفيها: ما باع الطوافون والنخاسون، ومن يعلم أنه يبيع للناس لا عهدة فيه عليهم في عيب ولا استحقاق والتباعة على ربها إن وجد وإلا اتبع.

قُلتُ: ذكرها الأكثر ولم يقيدوها بشيء، وقال المازري: لكن يؤمرون بإعلام مشتري السلعة من وكلهم على بيعها ليحاكموه فيها.

قُلتُ: انظر إن عجزوا عن تعيين البائع هل تلزمهم العهدة أم لا؟ وكثيرًا ما ينزل ذلك، والأظهر أن يشدد عليهم في طلب تعيينه وأن يؤمروا بأخذ الضامن ممن لا يغرفونه من بائع فإن لم يفعلوا ذلك بعد التقدم إليهم في ذلك كانت العهدة عليهم؛ لأن ذلك مصلحة عامة حاجية كتضمين الصناع، ولابن أبي زَمَنَيْن عن كثير من شُيُوخه إن قال السمسار: لا أعرف البائع حلف، فإن نكل واستريب سجن قدر ما يراه السلطان.

وفيها: لا عهدة على قاض ولا وصي فيما وليا بيعه، والعهدة في مال الأيتام.

اللخمي والمتيطي: القاضي كالوصي في أن لا تباعة عليه.

المازري: اختار محمد إثبات العهدة عليهم وعلى الوكيل المفرض إليه، وكان بعض أشياخي يشير إلى أن العهدة عليهم إنما يتصور فيما باعوه من أموال اليتامى لتجارة لفعلهم ذلك اختيارًا، إذ لا يلزم الوصي التجر بمال يتيمه وإذا فعل ذلك صار

كالوكيل المفوض إليه الذي يقضي بالعهدة عليه؛ لأنه أحل نفسه محل مالك السلعة.

قُلتُ: ما ذكره عن محمد في إثبات العهدة على الوصي لا أعرفه لغيره ولم يذكره اللخمي نصًا إنما قال: وكذلك الوصي يبيع لنفقة من يلي عليه أو لبعض مؤنه، أو لصدقة ويبين ذلك فلا تباعة عليه، إنما يرجع في عين ذلك الشيء، إن وجد قائمًا فإن أنفقوه لم يرجع عليهم بشيء، ولو اتباع به رقبة وأعتقته ففي نقضه عتقها قول وصاياها، وقول الموَّازيَّة لا يرد ويغرم الوصي، انتهى.

قُلتُ: فقوله: ويغرم الوصي يدل على أن العهدة عليه، ثم قال: إن تجر الوصي ليتمه أتبعت ذمته كالوكيل المفوض إليه ولابن حارث عن محمد الذي يأخذ به أن الوصي والوكيل المفوض إليه تلزمهما اليمين وإن أخبرا أنه لغيرهما إلا أن يشترط ذو الفضل منهم أن لا يمين عليه فأجيز له ذلك، وذكره اللخمي رواية لمحمد قال: وإن كان البيع لإنفاذ ديون على مفلس رجع على الغرماء، ولو استهلكوا المال أو ضاع لهم

ص: 514

وبيع العامل في القراض كبيعه ملك نفسه، وإن كان رد المال صفقة لربه، فللمشتري أن يتبعه أو رب المال ما لم يجاوز ما قبضه رب المال فيتبعه العامل بالزائد، ويبيع أحد الشريكين في معين حظ شريكه كوكيل عليه، وفي غير معين كبيعه ملك نفسه، ونقل المازري كاللخمي، وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: من باع عبدًا سرقه لربه أجازه بيعه ولا رد لمشتريه وعهدته على ربه.

ص: 515