الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قُلتُ: يرد قياسه منع الرد على بائع نصف عبد ابتاعه بأن التنظير فيه من قباه، وفي أحد المشتريين ليس من قبله.
[باب ما يكون فيه المبيع المتعدد كالمتحد في العيب]
ةتعدد المبيع ومعيبه وجهه أو أحد مزدوجيه كمتحد والأخص الرد المعيب بحصته من الثمن يوم وجب
…
ككونهن عليات يوم الخروج من المواضعة، وفي كون ذلك مطلقًا قولان لمعروف المذهب ونقل الباجي، عن محمد وأشهب: إن نقص المعيب الجملة رده وحده وإن لم ينقصه لم يرده، ولو نقصه عيبه، وسمع ابن القاسم: من ابتاع جملة رقيق من السند والزنج صفقة فوجد جارية منهم حاملًا لا رد له لأنهم وخش.
ابن رُشْد: لم ير رد الحامل بعيب حملها إذا لا ينقص الحمل من الثمن شيئًا لأنهم وخش ولو اشتراها وحدها كان له ردها قاله في آخر سماع أصْبَغ على قولها مع غيرها الحمل عيب في الوخش والعلي والقياس ردها مطلقًا على قولها مع غيرها في الاطلاع على عيب بعض السلع تشترى جملة إن المعيب يرد منها بمنابه من الثمن إلا أنه استحسن هذا في الحمل فقط مراعاة لقول ابن كنانة حمل الوخش غير عيب وقاله ابن حبيب لأهل البادية لا الحاضرة.
قُلتُ: ففي رد أفراد المبيع بعيب ينقصه مطلقًا أو إلا أن ينقص الجملة، ثالثها مطلقًا إلا أن يكون حملًا من جملة وخش لمعروف المذهب، ومحمد مع أشهب وسماع ابن القاسم مع سماعه أصبغ.
وفيها: إن كان المبيع جملة ثياب أو رقيق أو مكيل أو موزون فاستحق أقل ذلك أو وجد به لزمه الباقي بحصته من الثمن.
قُلتُ: ظاهره ولا حجة عليه في ذلك للبائع، وللتونسي في كتاب الخيار إن قال له البائع: إما أن تأخذه معيبًا كله أو ترد فالقول قول البائع؛ لأنه يجمل بعضه بعضًا وكذا
إن كان مكيلًا أو موزونًا غير الطعام يوجد بعضه معيبًا، وللصقلي في ثاني ترجمة من هذا الكتاب ما نصه: نظرنا إلى السالم إن كان وجه الصفقة لزم المبتاع ولا حجة له إذ سلم له جل صفقته فكما لم تكن له حجة في ذلك لم يكن للبائع حجة في أن يقول إما أن تأخذ الجميع أو ترد، وهذا خلاف نقل التونسي في الخيار منها من اشترى ثيابًا أو رقيقًا أو غنمًا على أنه بالخيارإذا نظرها فنظر أولها وصمت حتى رأى آخرها فلم يرضها فذلك له ولو كانت حنطه فنظر بعضها فريضه ثم نظر ما بقي فلم يرضه فإن كان على صفة ما رضي لزمه الجميع لتساويه؛ لأن الصفقة واحدة وإن خرج آخر الحنطة مخالفًا لأولها لم يلزمه شيء وله رد الجميع إن كان الاختلاف كثيرًا.
قُلتُ: مفهوم قولها لتساويه أن موجب لزوم العقد في الطعام وعدمه في الرقيق تماثل الطعام مثليًا وكون الرقيق من ذوات القيم، وهو قول ابن شبلون، وظاهر منطوقها أن موجبه ثبوت رضاه في الطعام وعدمه في الرقيق وهو قول ابن محرز،
الشَّيخ: لو كان ما رضيه معيبًا لم يلزمه باقيه إن كان معيبًا، ولو ماثل الأول لطعمه في سلامته.
عياض: لم يتكلم إن كان يسيرًا، وفي بعض نسخ المدَوَّنة قال غيره: إلا أن يكون ما خرج مخالفًا أقله فلا قول للمشتري؛ بل يلزمه، وإن أراد الرد إلا أن يقيله البائع، وثبت هذا لابن عيسى وسقط في أكثر الروايات ونبه عنده على سقوطه من بعض الروايات، وهو كتاب ابن عتاب وابن المرابط مخوف عليه، وهو مثل ما في العتبيَّة إن الطعام يلزم المبتاع بحصته من الثمن وكذا لابن حبيب عن أَصْبَغ والأخوين وقول سَحنون يلزم البائع والمبتاع. فضل قول سَحنون هنا لزمه المبتاع على ما أحب البائع أو كره وقاله عبد الملك وأَصْبَغ خلاف رواية ابن القاسم.
ابن أبي زمنين: لم يعطنا في اليسير جوابًا بينًا وفيه تنازع، وكل هذا خلاف تأويل الشَّيخ عن سَحنون إن ذلك إنما يلزم المبتاع برضا البائع، وفي الواضحة لابن القاسم يقال للمشتري إن شئت فخذه كله وإن شءت فدفع، قل الفاسد أو أكثر؛ لأن البائع يقول لم أبعه إلا ليحمل الصحيح الفاسد.
ابن القاسم: هذا تفسير قول مالك، وحكى الداودي هذا القول.
اللخمي، قول ابن القاسم، فيها: إن قل السالم لم يكن للمبتاع أخذه فقط لحجة البائع في جملة المعيب يوجب كونه في عكسه أبين، وسمع ابن القاسم في جامع البيوع: من اشترى طعامًا جزافًا أو كيلًا أو غيره فوجد أسفله مخالفًا لأوله فله أخذ كله أو رده إلا أن يسلم له بائعه ما وجد طيبًا أن أحب ذلك المبتاع وإلا لم يلزمه، وإنما يلزم بتراضيهما معًا قال سَحنون: إنما هذا إن وجد العيب بجله.
ابن رُشْد: في لفظه تقديم وتأخير صوابه طعامًا أو غيره جزافًا أو وكيلًا، ويريد بغيره ما عدا الطعام من مكيل أو موزون كالحناء والعصفر، لأن له حكم الطعام، فالخلاف الموجود في المكيل والموزون من طعام أو عرض على خمسة أقسام:
الأول: إن كان يسيرًا وهو مما لا ينفك منه الطعام كالكائن في قيعان الأهراء والبيوت فهو لازم للمشتري.
الثاني: ما ينفك منه الطعام، وهو يسير لا خطب له إن البائع أن يمسك المعيب، ويلزم المشتري السالم بما ينوبه من الثمن فله ذلك اتفاقًا وإن أراد المشتري أن يلزم السالم، ويرد المعيب لم يكن ذلك له على نصها: إن البائع إنما باع على أن حمل بعضه بعضًا وظاهر هذه الرواية وليحيى عن ابن القاسم له ذلك.
الثالث: أن يكون مثل الخمس والربع، ونحو ذلك إن أراد البائع أن يلزم المشتري السالم بحصته من الثمن ويمسك المعيب فله ذلك إن أراد البائع أن يلزم المشتري السالم بحصته من الثمن ويمسك المعيب فله ذلك اتفاقًا إذا لا خلاف أن استحقاق ربع الطعام لا يوجب للمبتاع رد الباقي، وإن أراد المبتاع رد المعيب، ويأخذ السالم بحصته من الثمن لم يكن له ذلك اتفاقًا.
الرابع: أن يكون مثل النصف والثلث أن أراد البائع أن يمسك المعيب ويلزم المبتاع السالم بحصته من الثمن لم يكن له ذلك على مذهب ابن القاسم وروايته وله ذلك عند أشهب وسَحنون ولم يكن للمبتاع أن يأخذ السالم ويرد المعيب.
الخامس: أن يكون أكثر من النصف لا خلاف أن ليس للبائع أن يلزم المشتري السالم بحصته من الثمن ولا للمبتاع أن يرد المعيب ويأخذ السالم بحصته، ومذهب ابن القاسم وروايته إن استحقاق ثلث الطعام والمكيل والموزون من العروض يوجب للمشتري رد الجميع بخلاف العبيد والعروض وسوى أشهب بين العبيد والعروض
والطعام في ذلك لا يرد المبتاع الباقي إلا أن يستحق أكثر من النصف.
قُلتُ: قوله في القسم الثالث للبائع إلزم المبتاع السالم إن كان المعيب خمسًا أو ربعًا .... إلخ، خلاف قول الصقلي جعلوه مخيرًا إذا وجد ثلث الطعام أو ربعه معيبًا كالكثير في العروض.
اللخمي: أنكر أشهب قول ابن القاسم النصف في الطعام كثير قال ما قاله مالك قط.
اللخمي: أرى أن ينظر في ذلك عرف بلد الطعام إن كان ثمن النصف وحده أقل لم يلزمه وإلا لزمه.
الصقلي: قال الشَّيخ: إن قل معيب الطعام جدًّا لزم البيع في السالم البائع والمبتاع، وقال بعض أصحابنا: ذلك كالعشر.
الشَّيخ: وإن كان له بال أو ليس بكثير فليس للمبتاع أخذ السالم إلا برضا بائعه.
الصقلي: قال بعض شُيُوخنا: ذلك كالخمس.
محمد: كثير جزاف الطعام كالعروض.
اللخمي: القياس أنه كمكيله وتبعه المازري في قوله القياس بعد أن نقله كأنه المذهب.
وفيها: لمن ابتاع شاتين مذبوحتين إحداهما ميتة حبس الذكية بحصتها من الثمن وردها كقول مالك فيمن ابتاع طعامًا على أن فيه مائة فلم يجد فيه إلا خمسين، يحيي لا يعجبني قوله له حبس الذكية.
المازري: أشار إلى أنه خالف أصله.
الصقلي عن الشَّيخ: أراد أنه مما لا يعرف ثمنه إلا بالقيمة، وقد وجب الرد فصار بيعًا بثمن مجهول إلا أن يشتريهما على الوزن فيصح قول ابن القاسم.
ابن الكاتب: حمل شرائها على الوزن غير مستقيم، وظاهره أنهما غير مسلوختين إذ لا يعلم عدم ذكاتها إلا قبل سلخها إذ بسلخها يزول رأسها فلا يعلم عدم ذكاتها، وقوله:(مذبوحتين) يدل أنه لم يحدث فيهما غير الذبح، ولو كان على الوزن لزم التقويم إذ قد يختلفان في السمانة فلا يعتبر ما يسمى لكل رطل.
الصقلي: تصحيح الشَّيخ المسألة بكونه على الوزن واستوائهما في السمانة خير من إفسادها ويحتمل كون إشترائهما مسلوختين على الوزن، وأتى من يشهد أن إحداهما بعينها غير ذكية، وعلى الوزن حملها اللخمي وعزاه المازري وابن محرز لابن عبد الرحمن.
اللخمي: وقال سَحنون: يفسخ البيع فيهما؛ لأنهما صفقة جمعت حلالا وحرامًا كقوله: (من نكح بعبد ثبت أنهحر فسخ نكاحه).
قُلتُ: وهو قول ابن القاسم عند ابن محرز: لاعتذاره عنها بقوله: (وجه هذه المسألة ما بينته غير مرة) أن القصد إذا كان سؤال عن معنى أهمل التحرز عن غيره اكتفاء ببيانه في موضع آخر، والقصد هنا بيان حكم العيب لا تصحيح العقد بخلاف قوله في العقد على أم وابنتها.
اللخمي: أخذ ابن القُصَّار: من هذه إمضاء الصفقة الجامعة حرامًا، وحلالًا فيه.
ابن محرز: ناقضوها بحكم نقض الصفقة الجامعة حرامًا وحلالًا، بقوله:(من تزوج أمًا وابنتها، وللأم زوج لم يعلم به فسخ نكاحهما)، فرق بعضهم بأن نكاح الأم يقدح في نكاح البنت لسراية التحريم، والعقد على الميتة لا يسري إلى تحريم غيرها، وليس بشيء؛ لأن الأم متزوجة فليس لنكاحها حرمة تسري، ومن علل تحريم عقد نكاح الأم والبنت بأنه لم يسم لكل منهما مهرها لزمه هنا؛ لأنه لم يسم لكل واحدة ثمنها ومنهم من حملها على اختلاف القول في حرام البيع إذا علم به أحد المتبايعين فقط.
قُلتُ: يرد نقضه تعليل فسخ نكاح الأم وابنتها بعدم التسمية لكل منهما بعدم تسميته في الشاتين بتعدد مستحق المهر واتحاد مستحق ثمن الشاتين والتحقيق عندي أن جمع الصفقة حلالًا وحرامًا على وجهين:
الأول: أن يتعلق العقد بنفس إنشائه بالحرام منهما من حيث وصفه الموجب حرمة بيعه، ولو جهل العاقد إيجابه الحرمة كبيع ثوب مع أم ولد من حيث إنها أم ولد.
الثاني: أن يتعلق العقد كذلك بالحرام منهما من حيث وصفه المعتقد ثبوته له غير موجب الحرمة، كبيع ثوب مع أم ولد من حيث كونها أمة لم تلد من سيدها.
فالأول: يفسخ فيهما لتعليقه بأحدهما من حيث وصفه الموجب فساده فيمنع تعلق
العقد به فيصير لا متعلق له ضرورة بطلان الكل ببطلان جزئه.
والثاني: لا ينفسخ فيهما معا؛ بل في الحرام فقط لتعلقه حين إنشائه بكل منهما من حيث وصفه الموجب صحة تعلق العقد به، فإذا ظهر فوت الوصف الذي تعلق العقد بالمبيع من حيث حصوله له صار شبيهًا شيهًا بينًا باستحقاقه فبطل فيه فقط، ومن البين كون مسألة نكاح الأم وابنتها من الأول، وكون مسألة الشاتين من الثاني.
غبد الحق: إن جهلت الذكية رد الثمن وطرحتا بحيث لا يأكلهما إلا الكلاب، وذكر عن الشَّيخ أبي الحسن، وينبغي عندي إن أكل إحدى الشاتين مع جهل الذكية منهما أن يرجع بثلاثة أرباع الثمن؛ لأن ثمن واحدة قد ثبت يقينًا، ويرد ثمن نصف الأخرى للشك في التي أكل هل هي الذكية أم لا؟ إذا كانتل متكافئين، وصورها الصقلي بأنه أتي بعد أكل إحداهما من شهد أن أحدهما كانت غير ذكية فيرد نصف الثمن؛ لأنه ثمن الباقية ونصف المأكولة، للشك في ذكاتها.
قُلتُ: ألزماه في المأكولة ربع الثمن بناء على اعتبار حكمها باعتبار وصفها في نفس الأمر دون اعتبار وصفها عند العاقدين والحاكم والصواب اعتبار وصفها بهذا لأنه الظاهر المدرك لقوله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أحكم بالظاهر»
…
، فيكون عليه قيمتها مشكوكًا في ذكاتها؛ لأن جهل الذكية منهما يوجب الفسخ حسبما مر فيبطل اعتبار ثمنها فيجب عليه فيما فوته قيمته.
وفيها: لو اشترى عشر شياه مذبوحة وجد إحداهن ميتة لزمه الباقي بحصته من الثمن، ولا خيار لأحدهما وكذا من ابتاع قلتي خل أو قلالًا فأصاب إحداهن خمرًا على ما وصفنا من قول ملبك.
الشَّيخ: يريد أن الخمر والميتة كالنقص لا كمعيب.
محمد: لأشهب لو أصاب من العشر تسعًا خمرًا لزمته الواحدة. الصقلي عن بعض
أصحابنا أشهب يرى استحقاق تسعة أعشار ما ينقسم لا يرفع لزوم الباقي بحصته.
اللخمي: لو اشترى جملة عبيد أو ثياب متقاربة، فكان المعيب والاستحقاق في أكثر فقال ابن القاسم: له رد السالم والباقي، وقال أشهب: يلزمه ذلك ولو بقي واحد من عشرة بناء على اعتبار وصف الجملة ولغوه، وليس اختلاف فقه، وأرى الرجوع في ذلك إلى ما يقوله التجار.
عبد الحق والصقلي عن الإبياني من نقل قلالًا ابتاعها فوجد منها ثلاثة خمرًا فسهي عن ردها أيامًا فصارت خلًا إن ثبت ذلك ببينة أو إقرار البائع سقط عنه منابها من الثمن، وإن لم يعرف إلا بقوله: لم يرد عليه عليه منه شيء.
الشَّيخ: الجواب صحيح، ويرد القلال التي كانت خمرًا إلى البائع، ولما ذكرالمازري قول الإبياني قال: استدركه الشَّيخ، وتأوله على أن هذه القلال التي تخللت ترد لبائعها وهذا يمكن أن الإبياني لم يرده؛ لأن هذه القلال كانت خمرًا عند العقد فلا ملك للبائع عليها فتخللها عند المبتاع رزق ساقه الله إليه كطائر سقط بداره.
قُلتُ: وكان بعض من لقيناه لا يحمل كلام الشَّيخ على ما فهمه المازري ويحمله على أن خل القلال التي كانت خمرًا سقط منابها من الثمن ويكون خلها للمبتاع، ويقول معنى قول الشَّيخ ويرد القلال التي كانت خمرًا للبائع على رد القلال من حيث هي ظروف لا ردها بما فيها.
قُلتُ: الصواب ما فهمه المازري عن الشَّيخ واستشكاله إياه، وقول من لقيناه يردهما نص قولها في الغصب: وإن غصب مسلم خمرًا من مسلم فخللها فلربها أخذها ثم قال المازري بناء على وجوب ردها لبائعها: لم لا يتم البيع فيها ويكون تخللها كذهاب عيب بالمبيع قبل رده، وأجاب بكلام طويل حاصله: المعيب تعلق البيع به صحيح؛ لأنه لو رضيه البائع صح والخمر لا يصح تعلق العقد به بحال، وإن تعدد المبيع غير مثلى والعيب بأعلاه، ففيها لابن القاسم من ابتاع سلعًا فوجد ببعضها عيبًا فليس له إلا رد المعيب إن لم يكن وجه الصفقة، فإن كان وجهها فليس له إلا رد الجميع أو الرضا بالمعيب.
المازري: لا يتخرج لزوم الأدنى على قول أشهب؛ لأنه فيما ينقسم، وقيل لأنه فيما
ليس نبعًا.
اللخمي: اختلف فيمن ابتاع عبدين ظهر بأعلاهما عيب فمنع ابن القاسم إن رد الأعلى أو استحق أن يحبس الأدنى؛ لأنه كشراء بثمن مجهول وأجازه ابن حبيب ثم قال في مسألة الثوبين: إن كان المعيب وجهها فله رد الأدنى، ولا له أن يتمسك به على قول ابن القاسم وله ذلك على قول ابن حبيب وهو بالخيار، وعلى قول أشهب لا خيار له.
قُلتُ: هذا خلاف قول المازري لا يتخرج لزوم الأدنى على قول أشهب، ووجه المازري قول ابن حبيب بأنه أحق بمقتضى لزوم العقد الأول لعدم انحلاله؛ لأن ضمان المردود بالعيب من راده حتى يرد، وهو أصل أشهب في أن الصلح عن العيب شراء مرجع لا ابتداء بيع أو على أحد القولين في جمع الرجلين سلعتيهما في البيع، وعلى قول الموَّازيَّة لمن اطلع على عيب بعدين التمسك بأحدهما، الصقلي لأشهب نحو قول ابن حبيب وأنا أستحسن إن استحق الكثيرورضي المبتاع أخذ ما بقي بحصته من الثمن ألا يأخذ إلا بعد التقويم، ومعرفة حصة ما بقي فترتفع علة منع ابن القاسم، وإذا رد أعلى المبيع وفات أدناه، وعوضه عين أو غير مثلي قد فات، ففي مضي الأدنى بمنابه من الثمن، ورد قيمته لأخذ كل مطلقًا، ثالثها إن لم تكن أكثر من منابه من الثمن، لعبد الحق عن المذهب مع اللخمي عن ابن القاسم، ونقل المازري قائلا: وكذا قال محمد: فيمن باع شاة عليها صوف جزه وفات إن ردها بعيب رد مثل الصوف أو قيمته ما بلغت، كذا نقل الأشياخ هذه الرواية يرد قيمة الفائت مطلقًا، ونقل اللخمي مسألة الشاة معزوة لابن القاسم قائلًا: فعلى هذا يرد قيمة الأدنى إلا أن تكون أكثر فيمضي بالثمن، ووجه عبد الحق نقله بأنه لا فائدة في رد عين وأخذ عين، وأخذ عين، والمازري الثاني بحجة المغبون في رفع المغابنة بأنه إنما رضيها لحصول الغرض في إمضاء الصفقة، وردها في الجل يبطله، والثالث برعي هذا في جنبة المبتاع فقط لغرمه وصوب التونسي التعليل باعتبار المغابنة بأنه.
وقال ابن محرز: ليس بشيء ولو لزم ذلك للزم في بيع ثوبين بعين.
قُلتُ: يرد بالتزامه؛ لأن المازري صرح بفرض المسألة والثمن عين، وهو ظاهر كلام عبد الحق وغيره، وفي فوت الأدنى بحوالة الأسواق وقصره على العيب المفسد
المفيت الرد بالعيب، نقلا اللخمي عن ابن القاسم ومحمد مع عبد الحق وابن محرز عن المذهب بناء على الحكم له بعوض المعيب لوصف كونه لو كان قائمًا رد لرد معيب غيره أو بمعيب؛ لأنه تبع له ولو كان عوض المتعدد المعيب بعضه عرضا، ففيها لابن القاسم جوابًا عن السؤال عن قول مالك من باع عبدًا بثوبين، وجد أعلاهما معيبًا وفات أدناهما، العبد قائم رد المعيب وقيمة الأدنى ورد العبد وإن فات بحوالة سوق فأعلى وقيمة الثوب الباقي من التالف، ثلثًا أو ربعًا رجع بقدر ذلك من قيمة لا في العبد، وإن كان المعيب وأعلى الثوبين باق لم يفت، ولا بحوالة سوق، وفات أدناهما رد العبد وأعلى الثوبين وقيمة أدناهما وإن الباقي بحوالة سوق أو كان أدناهما ردت قيمتهما مكانهما.
اللخمي: إن كان المعيب الأعلى وفات الأدنى وفات العبد رد المعيب وأخذ منابه من قيمة العبد، وعلى القول الآخر للمبتاع رد قيمته وأخذ قيمة عبده إن نقصت عن منابه من قيمة العبد.
قُلتُ: ويجري في ثاني الثلاثة وإن كان المعيب الأدنى والعبد قائم رده، وفي رجوعه بمنابه في قيمة العبد أو عينه، ثالثها هذا ويخير مبتاعه في الرضا بضرر الشركة، ورده لها، ولنقل ابن رُشْد مع الصقلي والتونسي عن أشهب والمازري عن أحد قولي ابن القاسم مع اللخمي عنه مع أشهب قائلًا ما قيل في ذلك أن لا خيارله؛ لأن العيب من سببه غير حسن؛ لأن البائع إن لم يدلس فلم يقصد لبقاء شركة فيه، وإن دلس فهو راج خفاءه والاطلاع عليه فيجري على حكم الرد بالعيب لا يؤخذ في المعيب بغير ما باع به كما لا يجبر على إسقاط قيمة العيب مع القيام، وإن كان المعيب العبد ورد، رد العبدان الثوبان وقيمتهما إن فاتا بحوالة سوق إلا أن يحب البائع أخذ الأدنى فله ذلك، لأن المقال فيه له واختلف في الأدنى إن كان قائمًا، قيل يرد قيمته، وقيل لمشتريه رده؛ لأن انتزاع الأجود من يده عيب عليه في الأدنى.
قُلتُ: يريد بانتزاع الاجود من يده فسخ البيع فيه لرده، وحكم سماع عيسى ابن القاسم فيمن اشترى جارية بجاريتين في عيب إحداهن، وهلاكها كمسألة العبد بالثوبين.
وحدوث العيب في المواضعة كعيب قديم. الشَّيخ في الموَّازية: إن وجد بإحدى الجاريتين عيبًا وماتت الأخرى واختلفا في قيمتها وصفاتها، فإن اختلفا صدق البائع مع يمينه وإن لم ينتقد، وأنكر محمد فرق ابن القاسم بين النقد وعدمه، وكذا قال ابن حبيب وأصبغ.
قُلتُ: وعزاه التونسي لمحمد وأشهب في مسألة نصف حمل في الوكلات تفرقة ابن القاسم نصها في العيوب، وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: إن اختلفا في قدر ثمن المردود بالعيب أو نوعه صدق البائع مع يمينه فيما يشبه.
أصبغ: إن يشبه صدق المبتاع فيما يشبه، فإن لم يشبه، ولم يقارب فقيمته يوم قبضه معيبًا.
ابن رُشْد: يريد بيوم قبضه يوم باعه؛ لأنه بيع صحيح، وذلك بعد أيمانهما معًا أو نكولهما، ومن نكل صدق خصمه مع يمينه وإن لم يشبه وسمعه عيسى إن مات بائع المعيب ومبتاعه وجهل ورثتهما ثمنه، جهله فوت، ولو كان العبد قائًما يرجع بقيمة العيب ينظر كم قيمته يوم قبضه مبتاعه فإن كان أرفع قيمته يومئذ خمسين دينارًا وأدناها أربعين كان ثمنه خمسة وأرعين ورجع بقدر العيب من ذلك. عيسى: لا ينظر في هذا إلى وسط القيمة؛ لكن إلى قيمة يوم بيع تجعل القيمة ثمنه، ويرجع بقدر العيب في القيمة.
ابن رُشْد عن ابن القاسم: ليس جهل الثمن فوتًا ويرد العبد ويرجع بقيمة وسط، والقيمة يوم البيع لا يوم القبض؛ لأنه بيع صحيح ولم يذكر في هذا يمينًا، واليمين فيه واجبة على القول بلحقوق يمين التهمة فلا يحكم بما قال من رد العبد والرجوع بقيمته أو يوم مساكه والرجوع بقيمة العيب من القيمة على هذا القول إلا بعد أيمانهما أو نكولهما، فإن حلف ورثة البائع أنهم لا يعلمون عدة الثمن، ونكل ورثة المشتري لم يكن لهم شيء حتى يحلفوا، وإن حلف ونكل ورثة البائع اشترى بما يؤدي إليه اجتهاد الحاكم من الثمن ولو تصادقوا على جهله، وعدم قبضه، والسلعة قائمة حلفوا جميعًا ورد البيع على قولها في تضمين الصناع، وإن فاتت فهي لورثة المشتري بقيمتها وحكم في العيب كما تقدم، وقول عيسى: لا ينظر في شيء من هذا إلى وسط القيمة يرجع لقول ابن القاسم
في المعنى لا تخالفه إلا في صفة التقويم؛ لأنه لا يقول إنه يقوم أعلى القيم التي توجد في النادر ولا أدناها التي يبيع بها المضطر إنما يقول إنه يقول على الوسط من ذلك في الوكالة منها من ابتاع بمائة طعامًا رده بعيب وهو نصف حمل فقال بائعه: إنما بعتك بها حملًا فالقول قول المشتري إن أشبه؛ لأن البائع أقر له بالمائة كما لو رد عبدًا بعيب ابتاعه بمائة فقال بائعه: بعتكه وآخر معه بها، وإن لم يشبه قوله: وتفاحش صدق البائع بيمينه، ويرد نصف الثمن ولا غرم على المشتري في النصف الثاني إن حلف؛ لأن البائع مدع عبد الحق عن بعض شُيُوخه إن حلف البائع لنكول المشتري المشبه قوله في الطعام أو العبدين والمردود أعلاهما فلا يمين للمشتري لنكوله، ولا شيء له في الثمن إلا برد ما ادعاه البائع لتهمته على حبس ما ليس له حبسه، وإن كان أدناهما رجع بمنابه من الثمن، ولو حلف البائع لعدم شبه قول المشتري حلف ليرجع بمناب المردود وإلا فكنكوله مع شبه قوله، وقال غيره من شُيُوخنا: قولها: حلف البائع ولا يرد من الثمن إلا نصفه ولا غرم على المبتاع إذا حلف وليس يعني إن حلف البائع؛ لأن المشتري أتى بما لا يشبه أن اليمين على المشتري، وفي نقل الصقلي عن بعض الفقهاء: أنه إذا حلف البائع؛ لأن المشتري لم يشبه قوله: قيل للمشتري احلف وتبرأ من نصف حمل ويرجع بنصف الثمن فإن نكل لزمه المعيب بجميع الثمن. قال الصقلي: يريد إلا قيمة العيب، وهذا أبين وأشبه بظاهر الكتاب من قول بعض الفقهاء.
قوله: (ولا غرم على المبتاع إذا حلف) عائد على أول المسألة إذا أتى المبتاع بما يشبه.
التونسي: فائدة يمين المبتاع إذا أتى بما لا يشبه بعد حلف البائع ليرد على البائع المعيب ويرجع بمنابه من الثمن، في الموَّازيَّة إن الطعام إن كان مكيلًا وأتى بما لا يشبه كان عليه حمل كامل، ويقدم تضعيفه في كتاب السلم، وعزاه اللخمي لمحمد، وعبر بأنه مخير بين يمسك ولا شيء له أو يرد نصفًا سالمًا مع المعيب. قال: لأن إيتان المشتري بما لا يشبه، دليل على أن مع المردود غيره فلما لم يعينه مبتاعه قبل قول البائع في تعينه، ولو كان الطعام جزافًا لكان للمشتري رد المعيب وحده؛ لأن الجزاف في الفوت
كالسلع، وصار كمن اشترى سلعتين ظهر بإحداهما عيب.
قُلتُ: فيفرق بين كون العيب وجه الصفقة أو لا.
عياض: عن أبي عمران ظاهر الكتاب أن لا فرق بين المكيل والجزاف هنا خلاف قول محمد.
وقال ابن الماجِشُون: يلزمه تمام الحمل في المكيل، والموزون.
عبد الحق: ينبغي أن يفرق في المسألة بين نقد المبتاع وعدمه لتفرقة ابن القاسم فيمن اشترى عبدين هلك أحدهما ورد الآخر بعيب فاختلفا في صفة الهالك، وقاله بعض شُيُوخنا القرويين، فإن قيل: قوله: إذا حلف البائع يرد نصف الثمن دليل انتقاده قيل معناه بحكم الحاكم يرده وإلا ناقصت قوله في العبدين ونحوه للتونسي ولابن رُشْد في آخر مسألة من أول مسألة من نوازل أَصْبَغ في العيوب ظاهر قول ابن القاسم في أن القول قول المبتاع أنه نقد لقوله: (******)، وإن كان قد تأول أنه يرد بحكم الحاكم، وذكر عياض القياس على مسألة العبدين ثم قال: وقد فرقوا بين هذه المسألة يعني مسألة الحمل وبين غيرها بفروق كثيرة معلومة في كتاب البيوع.
قُلتُ: ولم أقف على هذه الفروق ولا بعضها ولاذكر شيئًا منه تقدم ذكره في المسألة؛ بل الظاهر أن القياس أحروي لتمام غرض البائع في مضي بيعه وهو الفائت بخلاف مسألة الطعام وتفريق أبي عمران بأن المبتاع في مسألة العبدين مقر مدع يرد بمنع كونه مقرًا بحال لقولها: إن قال الغاصب: غصبت الثوب خلقًا، وقال ربه: جديدًا فالقول قول الغاصب، وفيها مع غيرها: إنكار البائع ما رد عليه بعيب أنه معيبه مقبول بيمينه.
ابن عتاب: إن قال: أشك في كونه المبيع رد عليه ابن سهل.
قلت له: بيمين المبتاع. قال: قد تتوجه اليمين وقد لا تتوجه. قلت له: إن قال رجل لي عليك عشرة دنانير، فقال: المطلوب لا أدري أعشرة أم خمسة؟ قال: تلزمه عشرة، وقال لي ابن مالك في قول البائع: لا أعلم أهو الذي بعت منك أو غيره؟ يحلف المشتري.
ابن سهل: هذا أصل مختلف فيه الواضحة والموَّازية وغيرهما تركته خوف التطويل.
المتيطىي: إن اختلفا في قدر ثمن المردود بالعيب أو جنسه فلمحمد عن ابن القاسم يصدق البائع مع يمينه إن أتى بما يشبه وإلا صدق المبتاع بيمينه فيما يشبه وإلا فله قيمة المبيع سليمًا من العيب يوم البيع.
وفيها: مع سماع ابن القاسم في جامع البيوع من رد معيبًا دفع عن ثمنه الدنانير دراهم أو عرضا، رجع في الدراهم بها، وفي العروض بالدنانير زاد في السماع إلا أن لا يشبه كونه ثمنًا فما عليه إلا قيمة العرض.
ابن القاسم: يريد أخذه على وجه التجاوز والتخفيف ككونه معسرًا.
ابن رُشْد: هذا كقولها في العيوب والاستحقاق والرواحل والدور والتفرقة؛ لأنه في الدراهم صرف، وفي العرض بيع؛ لأن استحقاق السلعة المبيعة بالدنانير أو وجود عيب بها يسقط الدنانير عن المبتاع فتصير كأنها فوجب إن دفع فيها دراهم أن يرجع بالدراهم؛ لأنه صرف استحقت؛ لأن استحقاق الثمن في البيع لا يوجب نقضه؛ بل الرجوع بمثل المستحق، وقول مالك إلا أن يكون العرض لا يشبه كونه ثمنًا فيرجع بقيمته يوم قبضه صحيح لا يخنلف فيه، ومعناه إن فات العرض وإن كان قائمًا رجع في عينه، وروى أشهب يرجع بعينه أو قيمته إن فات ولو قبضه على غير التجاوز، وإلى هذا الخلاف أشار في العيوب منها بقوله:(وإنما اختلف الناس في السلعة الأولى) ولو باع سلعة بسلعة أخذ بها دنانير فاستحقت السلعة الأولى لرجع بالدنانير؛ لأن المبتاع يستحق السلعة الفائتة، فيرجع بثمنها وهو الدنانير.
قُلتُ: وكذا ردها بعيب وسمع أَصْبَغ ابن القاسم من أحال على ثمن عبد باعه بنصف دينار قضى عنه المبتاع دراهم ثم وجد به عيب رده رجع بصف دينار.
ابن رُشْد: سمع عيسى ابن القاسم يرجع بالدراهم وفيها مع غيرها: من ابتاع سلعًا صفقة واحدة وسميا ما لكل سلعة من الثمن المسمى، فهي لكل سلعة لغو في عيب بعضها أو استحقاقه؛ بل المعتبر مناب قيمة كل منها من المسمى لجميعها،
وفرضها المتيطي في العبيد ثم قال: إلا أن يقول بثمن كذا المملوك الفلاني منهم بكذا والفلاني بكذا والفلاني بكذا اتفقا على هذه التسمية أنفذاها على أنفسهما بعد أن حققا ذلك من قيمة كل واحد رضيا به فتنفذ التسمية عليهما فيهما، وتقدم اعتبار التسمية في نكاح امرأتين في عقد، وجمع الرجلين سلعتيهما في البيع، ولو كان المعيب قبض عن سليم في الذمة، كمن اطلع على عيب بعد موته قبضه من سليم، ففي رد قيمته لأخذ سليم، ورجوعه بقدر العيب جزاء في عبد سليم، ثالثها يرجع بقدر العيب عينًا للشيخ عن «الموَّازيَّة» وسَحنون وابن الحَكم قائلًا: إن قوم سليما بمائتين ومعيبا بمائة، رجع بمائة والعتق والإيلاد كالموت.
الشَّيخ: لا وجه له؛ لأن المقبوض إن كان غير صفقته لزم قول ابن القاسم، وإلا كان بعض صفقته، وهو قول سَحنون، وخرج المازري وغيره الأولين على رعي ضرر الشركة ولغوه.
الشَّيخ عن الواضحة: من أخذ عبدًا من دين سلف أو بيع أو دية خطأ فوجد به عيبًا فإن أشبه كونه ثمنًا لما أخذ منه رجع بجميعه، وإن لم يشبه أخذه إلا على الهضم البين لعدم أو صلة رجع بقيمته، وفيه اختلاف وهذا أحب إليَّ وذكر عن مالك.
وفيها: إن بعت عبدك من نفسه بأمة له فوجدت بها عيبًا أو استحقت، فلا رد لك وكأنه انتزاع وعتق ولو كانت حينئذ لغيره رجعت عليه بقيمتها، كما لو قاطعت مكاتبك على أمة بيده فاستحقت أو ظهر بها عيب، وسمع عيسى ابن القاسم: من اطلع على عيب مبيع كان عند بائعه وبائعه مفلس فأراد رده على الأول أو تغرمه أرش العيب لفوت المبيع لا يقبل قول المفلس أنه اشتراه بالبراءة من ذلك العيب إلا ببينة على قوله ذلك قبل التفليس أو على شرائه كذلك.
ابن رُشْد: لا خلاف في رجوعه على الأول ونحوه في سماع يحيي وأَصْبَغ وقوله: لا يقبل قوله بعد التفليس صحيح على أصولهم لا خلاف فيه إلا أنه رده على الأول لم يرجع عليه إلا بالأقل من الثمنين ثمنه بيعه، وثمن بيع المفلس إن كان الأول عشرة والثاني خمسة عشر رجع على الأول بعشرة وتبع المفلس بخمسة، وإن كانا بالعكس رجع عليه بعشرة والخمسة للمفلس على الأول يأخذها منه غرماؤه، وإن فات المبيع
رجع على الأول بالأقل من أرش العيب من الثمن الأول يوم بيعه ومن أرشه من الثمن الثاني يوم بيعه، وسمع عيسى رواية ابن القاسم: من اشترى جارية بستين وباعها بثمانين، فأراد مبتاعها ردها بعيب، فقال له بائعها أولًا: أنا أقيلك فرضي رجع عليه بستين لا بثمانين.
ابن القاسم: ولا يرجع على الثاني بشيء.
ابن رُشْد: هذا إن علم أن ثمنها أولًا ستون ولو جهله، وقال: ظننت ثمنها ستين حلف على ذلك، فإن أعطاه البائع الثاني بقية ثمنه لزمته الإقالة وإلا فلا.
قُلتُ: لهذه المسألة شبه بمسألة تعدي الوكيا على الإنكاح في زيادته في الصداق، ودخول الزوج عالمًا بتعدي الوكيل دون الزوجه وعكسه وعلمها، وجهلهما فتأمله فإن في تقريره طولًا.
وفيها: وفي شركتها مع غيرها إن ظهر عيب أنه لا يحدث مثله عند المبتاع فله رده به، وإن كان مما يمكن حدوثه عند أحدهما فإن كان ظاهرًا حلف البائع على البت، وإن كان يخفى مثله حلف على العلم.
زاد في سماع عيسى التصريح بمفهوم قولها فقال: إن كان مثله يحدث عند المشتري لطول مدته بيده فلا رد له.
ابن رُشْد: ما يمكن قدمه وحدوثه من عيب بدني يحلف فيه البائع اتفاقًا، وفي كون حلفه على البت مطلقًا أو على العلم، ثالثها: الأول: في الظاهر، والثاني: في الخفي، لابن نافع مع يحيي عن ابن القاسم وأشهب وابن القاسم أيضًا.
الباجي: سأل حبيب سَحنونا عن الحفر في الفم، والأضراس الساقطة، وعيب الفرج، وجري الجوف هل من الظاهر؟
قال: يسأل عنه أهل المعرفة.
ابن رُشْد: إن نكل ففي رجوعها على المبتاع بصفتها على البائع أو على العلم مطلقًا قولا ابن القاسم في المدنيَّة مع ابن حبيب وسماع عيسى، وعز الباجي الأول ليحيي عن ابن القاسم، وقال عن ابن نافع: يحلف المبتاع في العيوب على البت ولم يفرق وبه قال ابن أبي حازم وغيره من المدنيين. فإن نكل المبتاع فقال ابن القاسم في المدينة: لزمه البيع
وهذا يقتضي أن لا حلف له بعد نكوله، ولابن نافع في المدنيَّة إن نكل المبتاع لم يرده أبدًا حتى يحلف، وهذا يقتضي أن له الحلف بعد نكوله.
اللخمي عن محمد: من ابتاع سلعة ممن باعها منه بأقل من ثمنها فظهر بها عيب مشكوك فيه حلف فإن نكل حلف الآخر وأخذ بقية ثمنه يريد شك هل هو في الصفقة الأولى أو حدث عند المشتري أولا وأحب التماسك وإن أحب الرد حلفا معًا، فإن نكل بائعها أولا وحلف مشتريها أخذ بقية الثمن وإن حلف البائع ونكل المشتري ردها وأخذ الثمن الثاني، وإن شك هل كان عند المشتري أو البائع في الصفقة الأخيرة حلف المشتري أولا وحده وبرئ فإن نكل حلف الأخر أنه لا يعلم أنه حدث عنده ويرد، وإن شك هل كان عند البائع قبل البيع أوفي الصفقة الثانية أو عند المشتري حلفا معًا ويحلف البائع أنه لا يعلم أنه حدث عنده ويبرآن، فإن نكل البائع في الوجهين معًا حلف المشتري ورجع على البائع ببقية الثمن وإن حلف ونكل المشتري فللبائع أن يرد
عليه ويرجع بالثمن ولا يغرم شيئًا، وإن حلف البائع أنه لا يعلمه كان في الصفقة الأولى، ونكل عن الحلف أنه لا يعلمه حدث في الأخير ولم يعلم يغرم ولا يرد ولا يمين على المشتري؛ لأنه ينكل فيرد تلك اليمين على من نكل عنها، وسمع عيسى ابن القاسم: من ابتاع عبدًا ظهر به عيب قديم، وآخر يمكن حدوثه وقدمه، فله الرد بالقديم ولا شيء عليه في الأخير إلا حلفه: ما علمت أنه حدث عندي.
ابن رُشْد: لأنه وجب له الرد بالقديم وأخذ جميع الثمن، والبائع يريد نقصه من الثمن بقوله: (
…
عندك) فهو مدع.
قُلتُ: سبقه بهذا التوجيه الباجي.
الصقلي: قال بعض أصحابنا: لا يقبل قول المبتاع في المشكوك فيه؛ لأنه إذا طلب رده بالقديم طلبه البائع بأرش المشكوك فيه فيحلف ويرده، وهو بين في سماع عيسى.
ابن رُشْد: فإن نكل المبتاع حلف البائع أنه ما يعلم العيب عنده أو ما كان عنده إن كان ظاهرًا وثبت حكم حدوثه عند المبتاع، فإن نكل البائع لزمه العيبان حسبما في سماع عيسى.
اللخمي: لو قال المشتري في الممكن حدوثه هو حديث وأنا أتمسك وأرجع بقيمة
العيب القديم، وقال البائع: هو قديم فأمسك ولا شيء أورد ولاشيء عليك، فالقول قول البائع على قول ابن القاسم وعلى قول ابن وَهْب، وعيسى القول قول المشتري مع يمينه فيرجع بالقديم.
التونسي: لوثبت معهما عيب حادث فإن رد كان القول قوله في المشكوك فيه مع يمينه وغرم ما يخص الحادث عنده، وإن أمسك ورجع بقيمة العيب القديم فالقول قول البائع في المشكوك فيه مع يمينه.
ابن محرز والمازري: إيجاب حلف البائع مع الشك في حدوث العيب وعدم تحقيق الدعوى عليه لشبهة شك أهل المعرفة في قدم العيب مع تحقيق وجوده بخلاف من شك في ثبوت حق له على غيره لا يمين له عليه اتفاقًا، والصواب فيمن شك في قضائه دينا عليه أن لا يمين له على رب الدين.
المازري: في تحليفه اختلاف في المذهب من نفاه رأي الشك لا شبهة له، ومن أثبته رأى أن الشك في القضاء يصير الدين مشكوكًا في ثبوته قلت: قوله: يصير الدين مشكوكًا في ثبوته، واضح ضعفه.
ابن الحاجب: إن تنازعا في العيب الخفي أو قدمه فالقول قول البائع.
ابن عبد السلام: لا مفهوم لقوله: (الخفي)؛ لأن العيب الظاهر لا رجوع به، وهو قول ابن حبيب، وغير واحد من الموثقين.
قُلتُ: عزاه لابن حبيب، الصقلي وصوبه، وعزا لمالك خلافه في مسألة الزلاء في المدَوَّونة، وفيما ذكره عن غير واحد من الموثقين نظر، لأن المتيطي وغيره منهم وابن سهل، وغيره من الأندلسيين أوجبوا اليمين على البت، في العيب الظاهر، ومثله لابن عات في غير موضع من الطرر منها قوله: من امتنع من دفع ثمن ما ابتاعه لدعوى عيب به إن كان ظاهرًا لا طول في القيام به لم يلزمه دفعه حتى يحاكمه، وقاله ابن رُشْد إن كان شيئًا ينقضي من ساعته، والحق أنه لا خلاف في الرد بالعيب الظاهر وكلام المتقدمين والمتأخرين يدل على أن العيب الظاهر مشترك أو مشكك يطلق على الظاهر الذي لا يخفى غالبًا على كل من اختبر المبيع تقليبًا ككون العبد مقعدًا أو مطموس العينين، وعلى مايخفى عند التقليب على من لم يتأمل، ولا يخفى غالبًا على من تأمل ككونه أعمى وهو
قائم العينين فالأول لا قيام به، والثاني يقام به اتفاقًا فيهما، ومما يدل على ذلك قول اللخمي:
قال مالك: يرد بالعيب الظاهر لا يخفى.
محمد: ولو طالت إقامته.
ابن القاسم: لا يمين له أن يكون من الظاهر الذي لا يشك أنه لا يخفى كقطع اليد والرجل والعور.
اللخمي: إن كان مطموس العينين لم يرد به إلا بفور الشراء، ولو قيل لا يصدق أنه لم يره كان وجهًا، وكذا أقطع إن قلب يديه، وإن قال: كتمني العبد هذه اليد حلف على ذلك فيما قرب، وقطع الرجل أبين أن لا يمكن من الرد إلا أن يكون بفوز تصرفه عند
العقد والشراء وهو جالس، وروى محمد: إن ابتاع نحاس غلامًا فأقام عنده ثلاثة أشهر حتى صرع ونقص حاله فوجد به عيبًا فلا رد له؛ لأنه يشتري فإن وجد ربحًا باع، وإلا خاصم.
ابن القاسم: أحب إلىَّ إن كان عيبًا يخفى حلف ما رآه ورده، وللصقلي في ترجمة الرد بالعيب والتداعي فيه ما نصه: قال ابن حبيب: وهذا فيما يخفى، وأما في الظاهر الرد بالعيب والتداعي فيه ما نصه: قال ابن حبيب: وهذا فيما يخفى، وأما في الظاهر فاليمن على البت فما نقله أولًا عن ابن حبيب هو في القسم الأول، وما نقله عنه ثانيًا هو في الثاني، فلو تأمل نقله ما حمل قوله:(أولًا) على الخلاف ثم وقفت على نقل ابن الحاج في نوازله عن أبي زَمَنْين ما نصه: من اشترى شيئًا وأشهد على نفسه أنه قلب ورضي ثم وجد عيبًا مثله يخفى عند التقليب حلف ما رآه، ورده إن أحب، وإن كان ظاهرًا مثله لا يخفى عند التقليب لزمه، ولا رد له، وإن لم يشهد أنه قلبه رد من الأمرين معًا قاله عبد الملك وأصبغ.
[باب فيما يثبت
…
العيب عند المبيع في سماع عيسى أهل البصر.
الباجي: ما يطلع عليه الرجال قال محمد: لا يثبت إلا بعدلين من أهل العلم بعيوب تلك السلعة فيما يستوي الناس في معرفته، فإن اختصت معرفته بأهل العلم
كالأمراض المختصة بمعرفتها الأطباء لم يقبل إلا أهل المعرفة بها إن كانوا عدولًا فهو أتم وإن لم يوجد فيهم عدول قبل غيرهم، وإن لم يكونوا مسلمين؛ لأنه خبر عما ينفردون بعلمه
…
.
قُلتُ: ظاهر قوله: فهو أتم صحة الاجتزاء بغير العدل مع وجوده، ولفظ المازري إن لم يوجد من يعرف هذا إلا من ليس بعدل من أهل الإسلام أو غيرهم اكتفى بهم للضرورة كقبول شهادة الصبيان في الجراح للضرورة ونحوه قول ابن رُشْد: القياس قبول قول القائف وإن كان غير عدل كقبول قول النصراني الطبيب فيما يحتاج لمعرفته كالعيوب، ولفظ المتيطي: يقبل في الشهادات بالعيوب أهل المعرفة بها عدولًا كانوا أول غير عدول، ويقبل في ذلك أهل الكتاب إذا لم يوجد سواهم يقتضي قبول غير العدول لا بشرط عدم العدول لإطلاقه أولا وتقييده في أهل الكتاب.
قُلتُ: والواجب في قبول غير العدل عند الحاجة إليه سلامته من جرحة الكذب، وإلا لم يقبل اتفاقًا ولذا علله الباجي بأنه خبر ولا خلاف في لغو خبر المجروح بالكذب، قال: وإن كان مما لا يطلع عليه الرجال كعيب جسد المرأة فظاهر قول مالك أن ما تحت الثوب من عيب تقبل فيه شهادة امرأتين.
وقال سَحنون: إن كان في الحسد بقر عنه ينظر إليه الرجال وما بالفرج يشهد فيه النساء، وعندي إن أمكن ستر ما حواليه وإظهار موضع العيب فقط لم يبقر الثوب فإن كان العيب الذي يشهد به النساء مما يستوي فيه النساء قبل فيه امرأتان من عدولهن دون يمين وإن كان من العيوب التي ينفرد بمعرفتها الرجال شهدت امرأتان بصفته وسأل أهل العلم عن حكمها، وسمع القرينان: من قبض جارية ابتاعها على أنها عذراء فقال:
وجدتها ثيبًا وأكذبه بائعها، وقال: لعلك افترعتها أو غيرك؟ نظرها النساء إن قلن نرى
أثرًا قريبًا من افتراعها حلف البائع، ولزمن المبتاع.
ابن رُشْد: جعل شهادة النساء موجبة لقبول قول من شهدن له مع يمينه كالشاهد الواحد واليد والرَّهن وإرخاء الستر ومعرفة العفاص والوكاء وشبهه.
قلت في قوله: (ومعرفة العفاص والوكاء) نظر؛ لأن المعروف أنه لا يحلف معه إذ ليس فيه منازع قال: ولو كان ما رأه النساء منها أمرًا فيما لا يشككن في قدمه أو حدوثه إذ ذلك مما تعرف حقيقة بالنظر لكانت شهادتهن بذلك عاملة دون يمين على ما سمعه عسي، وكان من أدركناه من الشُيُوخ ومن لم ندرك من المتقدمين يحملون هذا السماع على الخلاف لرواية عيسى، وعلى ذلك اختلفوا في الحائط، بين داري رجلين يدعيه كل منهما ملكًا له وتشهد البينة بأنه لأحدهما من حقوق داره بدليل عقود البناء وشبهه هل يقضى له بذلك مع يمينه أو دون يمين، وهذه عندي مسألة أخرى لا ينبغي أن يختلف في إيجاب اليمين فيها، إذ لا يمكن البينة أن تشهد بالملك من جهة دليل البناء إذ قد تكون لمن لا دليل له فيه بشرط في مقاسمة الدار أو بيع أو هبة أو شبه ذلك، وباليمين أفتى أبو عمر الأشبيلي وهو نص ابن الماجِشُون ولو كان المتداعيان في الحائط لا يدعيه كل واحد ملكًا لنفسه إنما يقول أنه من حقوق داره، يقضي له دون يمين.
قُلتُ: كونه من حقوق داره ملزوم؛ لأنه ملك لما تقرر أن المملوك للآدمي إنما هو منافع الذات ما دمت موجودة لا الذات.
ابن عات: أخبرت عن بعض الشُيُوخ من ادعى في أمة ابتاعها استرخاءءها عند الجماع أي تغوط وأنكره البائع إنها تطعم أيامًا متوالية لما يعتبر به ذلك كالبقل، ونحوه ثم يجامعها فإذا فرغ نظر النساء ثيابها فإن رأين أثر ذلك ردت.
قُلتُ: في قوله: (نظر النساء) نظر، والصواب الرجال، وتقدم نحوه في عيوب الزوجة.
الباجي عن ابن الماجِشُون إن كان العبد المعيب حيًا حاضرًا أجرأ فيه قول واحد من أهل المعرفة وإلا لم يثبت إلا بعدلين. قال بعضهم: هذا إن كان القاضي أرسله ليقف عليه، وإن كان المبتاع وقفه عليه لنفسه، فلا يثبت إلا بعدلين اتفاقًا من أصحاب مالك، وفي أحكام ابن زياد: قام عندي مدعي عيب أمة فبعثت امرأة وثقت بها لتنظرها
فشهدت بأن بها عيبًا قديمًا يرد بمثله فأجاب.
ابن لبابة: بالحكم لمبتاعها بالرد، فتعقبه ابن سهل: بأن شهادة المرأة الواحدة في العيب لا يحكم بها.
قُلتُ: لعله جعله خبرًا لا شهادة؛ لأنه ببعث القاضي، وخبر المرأة كالرجل، ثم رأيت لابن عات عن أبي زيد وابن حبيب عن ابن الماجِشُون، إن كان المعيب قائمًا والعيب من أمور النساء سأل القاضي عنه أهل البصر وأخذ فيه بقول المرأة الواحدة، وقال المتيطي: معه عن بعضهم على قول مالك في الأمة الموقوفة للاستبراء يكفي فيها قول امرأة واحدة يثبت العيب بامرأة ويرد بأن في العيب منازعًا، والاستبراء لا منازع فيه، وعاب ابن سهل: قضاء القضاة بشهادة البينة بالعيب وإنه يحط من الثمن ويوجب الرد، وخطأ ابن لبابة في قبوله ذلك، وفتواه بعض القضاة على ذلك، وقال: الخطأ على ابن لبابة أقبح منه على القاضي إذ كان عليه أن يرشده، وقد أنكره ابن عتاب في شهادة شهود، وصلوا به شهاداتهم في عيب حوانيت وأنكرته أنا على شهود في حائط وقمطه أنه لفلان منهما، وقلت: ليس ذلك إليهم ولا يسمع منهم إنما يؤدون الشهادة بما عاينوا من حال البناء ووضعه ثم يفتي الفقيه على ذلك؛ لكني رأيت هذا المعنى كثر عند الحكام، ولا ينكرونه، وبلغني عن بعضهم أنه قال: لم تزال الشهادة تؤدى على هذا، والشُيُوخ متوافرون لا ينكرونه، ورأيت جواب جاهل بحال الفتيا أفتى في قناة ظهرت بدار مبيعة بقرب بئرها. قال: يقال للشهود هل يجب بذلك الرد قالوا ردت فليت شعري ما الذي استفتى هو فيه؟ وإذا ثبتت الجهالة في الناس ظنت حقًا وحسبت سنة
قُلتُ: لعل ذلك عندهم في الشهود الذين يعلم أنهم يعلمون ما يفرقون به بين ما يجب به الرد وما لا.
المتيطي: قولنا في شهادة الطبيب إن العيب الذي شهد به ينقص الثمن، حسن، وقال بعض المفتين: إنما يجب أن يبين صفة الداء فقط، ويشهد بنقص الثمن عدلان سواه، بعد أن تصف البينة لهما الداء؛ لأن الضرورة ارتفعت في هذه الزيادة، قال بعض الموثقين: الأول أحسن؛ لأن من لا يدري الداء كيف يدري نقص الثمن.
الباجي: إن شهد بقدم العيب شاهد واحد. قال محمد: يحلف معه المبتاع على
البت، وإن كان خفيًا، فإن نكل ففي حلف البائع على البت، أو العلم قولا محمد وأصبغ.
اللخمي: ليس هذا ببين، وأرى أن كانت الشهادة على قدمه وعلم البائع به، وقال المشتري: نعلم صحة الشهادة؛ لأن البائع اعترف عندي بذلك فحلف المشتري على البت وردها عند النكول كذلك، وإن قال الشاهد: علمته قبل البيع، ولا أدري هل رآه البائع، وقال المشتري: لا علم لي إلا بقول الشاهد لم يحلف مع شهادته على الصحيح من المذهب؛ لأنه يكلف اليمين على بت الشهادة ولا علم عنده من صدق الشاهد واليمين هنا في جنبة البائع على العلم، وكأنه لم يشهد بها شاهد، وإن قال الشاهد: علم بذلك البائع ولا علم عند المشتري من صدقه كانت اليمين في جنبة البائع فيحلف على البت في تكذيب الشاهد وعلى العلم في قدم العيب فإن نكل عن العيب وحلف على تكذيب الشاهد رجعت اليمين على المشتري على العلم بمنزلتها لو لم يشهد بذلك شاهد، وإن نكل عن تكذيب الشاهد رد البيع ولم ترد اليمين، وإن قطع المشتري بصدق الشاهد ولم يقطع بمعرفة البائع حلف المشتري على البت، فإن نكل حلف البائع على العلم، ولو اختلف أهل البصر في العيب، فقال بعضهم: يوجب الرد، وقال بعضهم: لا
يوجبه فللمتيطي عن الموَّازيَّة وابن مزين وغيرهما يسقطان؛ لأنه تكاذيب قال بعض الموثقين، إن تكافأتا في العدالة وإلا حكم بالأعدل.
قُلتُ: الجاري على قول الغير فيها في اختلاف المكاتب وسيدة في قول المكاتب نجمت على في عشرة أنجم، وقال السيد: في خمسة، أن تقدم بينة السيد؛ لأنها زادت.
وفي من مات وترك ولدين مسلمًا ونصرانيًا كلاهما يدعي أن الأب مات على دينه وأقاما على ذلك بينه من المسلمين وتكافأتا في العدالة، أن المال للمسلم أن تقدم بينة الرد؛ لأنها زادت لقولها الأصل السلامة ثم وجدت لابن سهل أن ابن القطان أفتى بذلك، وقال هو معنى المدَوَّنة والعتبية.
ابن سهل: الذي أشار إليه في المدَوَّنة هو قولها في اختلاف المقومين في السرقة، وقوله: في سماع عيسى: إن اجتمع رجلان على القيمة لم يلتفت لمن خالفهما، وفي نوازل سَحنون من شهد عليه بقتل عمدًا فأتى بينة أنه كان ببلد نائية عن موضع القتيل إذا
حق الحق لم يبطل إلا بجرح الشهود، وتمامها في الشهادات، ثم قال عن محمد: من أحضر حقًا لقضائه ربه فقال شاهدان: هو رديء، وقال آخران: هو جيد لم يقض بقبوله، ولو قبضه، فلما قلبه وجده رديئًا بزعمه، وشهد له به شاهدان وشهد آخران أنه جيد لم يقض له رده.
اللخمي: وكذا من باع ثوبًا لجنس فأراه مشتريه لأهل البصر، فاختلفوا فيه، إن تكافئوا في العدالة لزم المشتري، فأما إن لم يشتره على التصديق وإنما اشتراه بشرط إن كان من ذلك الجنس فلا يلزمه إذا اختلفا، ويلزمه ذلك إن ذلك إن اشتراه على التصديق؛ لأن اختلاف أهل المعرفة فيه عيب.
قُلتُ: عيب حادث لا قديم والأظهر إن كان الجنس المشترط هو غالب موضع التبايع فلا رد له، كقولها في اختلافهما في حدوث العيب وقدمه وإلا فله الرد.
ابن سهل: شهادة شاهد بعيب قديم وشهادة آخر قديم لغو، لعدم اجتماعهما على عيب واحد، وأشار ابن عتاب لتخريجها على قولي سَحنون في إعمال شهادة شاهد بجرحة رجل بشيء معين وآخر بآخر، ويرد بملزوميته الشيئين في الجرحة لوصف زائد عليهما هو الفسق، فاجتمعا على شيء واحد والعيبان لا شركة بينهما في أمر زائد عليهما.
وفيها: من ابتاع عبدًا فأبق بقرب البيع فقال له لبائعه أخشى أن يكون أبق عندك فاحلف لي، فلا يمين عليه، وما جهل أمره فهو على السلامة حتى تقوم بينة، وسمع ابن القاسم: من اشترى عبدًا فأبق منه فزعم العبد أنه أبق عند بائعه، فعلى بائعه اليمن.
ابن رُشْد: قول ابن القاسم بإيجاب اليمن على البائع ولو لم يعلم إباقه عند المشتري إلا بقوله مثل ظاهر سماعه هذا إذا لم يفرق بين ثبوت إباقه عند المشتري وعدمه خلاف ما في المدَوَّنة، وقول أشهب لا يمين عليه مثل سماعه في رسم الأقضية، ومثل ما في المدَوَّنة، وقول أشهب لا يمين عليه مثل سماعه في رسم الأقضية، ومثل ما في المدَونَّة حكى ذلك محمد عنهما، وقال: من رأيه قولًا ثالثًا، لا يمين عليه إلا أن يظهر العيب عند المشتري وما في المدَوَّنة إنما هو لأشهب لا لابن القاسم، وكذا القول في السرقة والزنا وعيوب الأخلاق، وقول بعض الشُيُوخ ليست هذه الرواية بخلاف لما في المدَوَّنة؛ لأنه إنما أوجب فيها اليمين على البائع لقول العبد أنه أبق عند بائعه فهي شبهة غلط ظاهر لا أثر لقول العبد لتهمته على إرادة رجوعه لبائعه.