الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب في صحة اشتراط الضمان عقب العقد]
وفي صحة اشتراط الضمان عقب العقد على من ليس عليه حيث يجوز فيه قولان خرجهما اللخمي على فعله عثمان، وعبد الرحمن بعد عقدهما أو فيه بعد مراوضتهما العقد مصوبًا منعه؛ لأنه ضمان بجعل، والمازري على أن الملحق بالعقد كواقع فيه أولا، ورد التونسي تخريجه على إلحاق مال العبد به والثمرة بأصلها، بأن الإلحاق فيهما للمشتري مع ما اشتري والضمان إنما يرجع للبائع وهو لو باع عبدًا بماله ثم أراد بائعه شراء ماله ما جاز، وقصر ابن محرز الخلاف في ضمان الغائب على ما في قبضه مشقة سفر. قال: وما يقبض دونها لقربه كحاضر لقول ابن القاسم في ثاني نكاحها: إن تزوجها بثوب فهلك ببينه ضمنته مع قوله في الغائب إنه من بائعه فدل أن الثوب المهر لا مشقة في قبضه.
قُلتُ: هذا خلاف نقل المازري واللخمي قول ابن حبيب رابعًا، وخرج المازري الخلاف على اعتبار قدر التسليم قائلًا: وعليه يرتفع الضمان على البائع بمضي زمن الخروج لقبضه عادة، وبه صوب تفرقة شيخه اختيار ابن القاسم من قولى مالك في ضمان الغائب ضمانه البائع، وفي المحبوسة بالثمن: ضمانه المبتاع لعجزه عن التسليم في الغائب، وقدرته عليه في المحبوسة.
اللخمي والمازري: لو بيع الغائب على كيل أو وزن ضمنه بائعه اتفاقًا.
اللخمي: إنما الخلاف فيما صدق المبتاع بائعه في صفته وما كان على وقفه على كونه على الصفة أو اختياره فمن بائعه، ورده المازري بأن كونه على الصفة أو لًا ككونه موجودًا حين العقد أو لا؟ فكما تقرر الخلاف في الكون الثاني فكذا الأول لاستوائهما في احتمال المطابقة ونفيها يرد بوضوح الفرق بين ما بيع على خيار ضمانه من بائعه وما بيع على بت، ضمانه من مبتاعه وبين اقتضاء شيء على تصديق دافعه في صفته ضمانه من قابضه وعلى عدم تصديقه؛ بل على اختياره ضمانه من دافعه، ولو كان دارًا على مذارعة أو نخلًا على عدها ففي كونهما من البائع أو المبتاع رواية المازري ونقله عن ابن حبيب مع الأخوين فخرجهما على أن الذرع والعد حق توفية أو مجرد صفة.
زاد الصقلي عنهم: تقاس الدار وتعد النخل على ما هي به فما كان منها لزمه قال: وإنما يصح هذا إن وفي قيسها وعدها بما شرط أو نقص يسيرًا ويحط منابه، وقولهم بلزوم ما وجد غير صحيح؛ لأنه إذا نقصت الأذرع بمثل الثلث فالمصيبة من البائع.
وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: من اشترى سلعة غائبة بعينها وهي ببلد على أن يوفاها بموضع آخر أو بموضعه، شك. أصبغ: لا خير فيه للضمان.
ابن رُشْد: هذا بين؛ لأن بعض الثمن وقع للضمان ولا يحل وهو حرام بإجماع، وسمعه أيضًا من اشترى جارية غائبة بالشام على أنها من البائع حتى يوفيه إياها بمصر لا خير فيه من الضمان والتغرير، ولو كان يقبضها في مكانها بالشام لم يكن بذلك بأس.
ابن رُشْد: هذا مثل الأول لا فرق بين السلعة والجارية في شرط ضمان ذلك في البيع لا يجوز.
قُلتُ: لا يتوهم أن هذا خلاف المذهب في جواز شرط الضمان على البائع في الغائب؛ لأن ذلك في مدة الوصول إليه لا في مدة إيصاله.
اللخمي: الإتيان بالغائب على مبتاعه وشرطه إياه على بائعه مع ضمانه إياه يفسد بيعه، وضمانه في وصوله من بائعه وإن هلك بعد قبضه ضمن قيمته، وإن شرط ضمانه في إتيانه من مبتاعه جاز، وكان بيعًا وإجارة، فإن هلك قبل خروجه من موضع بيعه أو في الطريق حط عن المشتري من الثمن بقدر الإجارة.
ولابن القاسم: من اشترى غلامًا غائبًا بغنم غائبة فتقدم بالعبد ثم مات قبل وصول الغنم، إن جاءت على الصفة أو على غيرها فرضيها مشتريها فالعبد ممن كان إليه صائرًا، ومحمل قوله: إن بائع الغنم تطوع بجلبها. عياض عن فضل: مسائل المدَوَّنة دالة على أن على بائع الغائب الإتيان به، وجواز اشتراطه المبتاع عليه خلاف سماع أصبغ، ابن القاسم منعه، وإن المشتري هو الذي يخرج لأخذه وصوبه أبو عمران وأنكره غيره، وتأول بعضهم قولها: إن البائع طاع بذلك، وقال: إن شرطه عليه المبتاع دون ضمان جاز والإ فسد.
قلت ظاهر جعله سماع أَصْبَغ خلاف ما ذكر قبله، إن معناه جواز اشتراط ضمانه
مدة الإتيان به، وذلك خلاف ما ذكره قبله أن معناه ما تقدم لابن رُشْد.
وفيها: احتيار ابن القاسم الضمان من البائع في الموت والنماء والنقصان، التونسي: ظاهره يحدث للبائع بالنماء خيار كخيار المشتري بالنقض، وعن سَحنون: إن ذلك في مال يحدث للعبد ولا فرق بينهما، والأشبه النقص اليسير، والنماء اليسير لا يوجبه؛ لأنهما دخلا عليهما، وما كان غير معتاد من نقص ونماء يوجبه.
ابن محرز: حمله بعض المذاكرين على ظاهره، وقال: حدوث النماء ولو في البدن يوجب خيار البائع في فسخه ثم صوب قول سَحنون، ونص أشهب: لا خيار له إن حدث نماء وإن كان في ضمانه كحاله في عهدة الثلاث.
وفيها: ما بيع بصفة أو تقدم رؤية وهلك فقال بائعه: هلك بعد الصفقة، والمشتري قبلها هو من البائع في قول مالك الأول إلا أن يأتي ببينة وإلا حلف المبتاع على علمه إن ادعى البائع علمه وإلا فلا يمن كما لو جهلا وقت هلاكه، وعلى آخر قول مالك هو من البائع في كل حال فخرجه المازري على تغلب استصحاب حالة موجودة على استصحاب حالة سابقة فيما شك في كونه بينهما على السابقة أو اللاحقة، وخرج هو واللخمي نقيضه من أحد القولين في مسألة كتاب عيوبها، من ابتاع عبدًا بالبراءة من إباقه فأبق في الثلاث ووجد ميتًّا بعدها، فقال المبتاع: مات فيها والبائع بعدها فى كون القول قول المبتاع بناء على تغليب اللاحقة أو البائع بناءً على تغليب السابقة، ومن قول ابن القاسم في الموَّازيَّة في عبد بيع على خيار وجد ميتًا بعد مدته، قال مبتاعه: مات فيها وبائعه بعدها، القول قول البائع.
قُلتُ: يرد بتحقق ثبوت متعلق البيع يوم الصفقة في المبيع بالبراءة والخيار ضرورة حضورهما وعدمه في الغائب لغيبته، وما قال مبتاعه بصفة أو تقدم رؤية في عيب اطلع عليه به حين قبضه هو قديم، بائعه حادث، قال التونسي: لا جواب فيها عنه، ولابن حبيب والأخوين وابن القاسم: لو ظهر بعبد، بيع على إن أدركته الصفقة عيب. قال: مبتاعه قديم وبائعه حادث، القول قوله مع يمينه أنه: ما علمه، فناقض التونسي قول ابن القاسم فيه بقوله في هلاكه: هو من بائعه. قال: والجزء كالكل، وفرق ابن محرز بأن هلاكه قادح في وجود متعلق البيع وهو المبيع بخلاف العيب، الاختلاف في قدمه
كالاختلاف فيه والمبيع حاضر، وعزا المازري المناقضة لبعض أشياخه قال: وأشار بعض المتأخرين إلى أن ابن القاسم فرق بينهما ولم يشر إلى الفرق، قال: وعندي أن الفرق بينهما، وذكر مثل ما تقدم.
وفيها: لمن اكترى دارًا بثبوت موصوف ببيته شراؤه من المكري إن علم وجوده يوم شرائه.
ابن رُشْد: في هذا نظر: إذ ليس من شرط بيع الغائب علم قيامه حين عقده، فمراده إن الصفقة إن علم بعدها قيام الثوب حين عقدها صحت، وعلم انتقال الملك عن المشتري للبائع والضمان عنه للمشتري على قول مالك الآخر، أو منه للبائع على القول الأول، وإن علم تلفه أو جهل، فالصفقة باطلة لا ينتقل بها ملك ولا ضمان: عبد الحق عن بعض شُيُوخه: إنما شرط علم ذلك؛ لأن جهله يؤدي للجهل بما يرجع به إن تهدمت الدار في بعض المدة إن كان الثوب موجودًا يوم الصفقة انتقص من الثوب قدر باقيها وإن لم يكن رجع بقدر ذلك في الدراهم إذ كان الكراء إنما وقع بها، وقال غيره: لأنه لا يدري هل باع منه موجودًا أو لا؟ فعقد البيع إذا وقع جائز، ثم ينظر فإن علم وجوده، حينئذ صحت الصفقة الأولى والثانية وإلا فلا.
المازري عن بعضهم: لأن عدم علمه يوجب غررًا في بيعه؛ لأنه إن ادعى بائعه ضياعه لم يقبل إلا بيمينه فإن نكل خير مشتريه في فسخ بيعه أو إلزامه قيمته.
ابن رُشْد: قوله•انتقض من الثوب قدر باقيها) يريد ويرجع بقدر ذلك في قيمة الثوب؛ لأنه فات بيعه منه كفواته ببيعه من غيره، وقال التونسي: يرجع في الثمن نفسه بقدر ما بقى من السكنى، وعلته إن استحق من الثوب بقدر ما انهدم من الدار وذلك غير صحيح؛ لأن الثوب إنما يجب الرجوع فيه ما لم يفت، وهو قد فات ببيعه من ربه ولا فرق بين بيعه منه أو من غيره؛ لأن شراء من اشترى عبدًا ممن باعه منه بيعًا فاسدًا فوت يوجب صحة بيعه البيع الفاسد، وقول بعض القرويين: إن لم يكن الثوب عنده وقت الصفقة الثانية، فكأن الكراء إنما وقع بالدراهم، فإذا انهدمت الدار وجب الرجوع فيها غير صحيح، والواجب إن تلف قبل الصفقة الأولى أو بعدها، وقبل الثانية على أن ضمان الغائب من بائعه رجوع رب الدار على رب الثوب بقيمة ما سكن، كمن اكترى