المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب ما يقضى فيه بالصفة في الشهادة] - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٩

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌[باب التحويز]

- ‌باب في الحوز الفعلي في عطية غير الإبن

- ‌[باب الاعتصار]

- ‌[باب صيغة الاعتصار]

- ‌باب هبة الثواب

- ‌[باب الهبة بشرط عوض عيناه]

- ‌[باب العدة]

- ‌[كتاب اللقطة]

- ‌[باب الضالة]

- ‌[باب الآبق]

- ‌[باب اللقيط]

- ‌[كتاب القضاء]

- ‌[باب في شروط صحة ولاية القضاء]

- ‌[باب في الشروط في القضاء التي عدمها يوجب عزل القاضي وتنعقد الولاية مع فقدها]

- ‌[باب ما يقضى فيه بالصفة في الشهادة]

- ‌[باب في الخطأ الموجب لرد حكم العالم العدل]

- ‌[كتاب الشهادات]

- ‌[باب في شروط الشهادة في الأداء]

- ‌[باب العدالة]

- ‌[باب في المروءة]

- ‌باب في التعديل

- ‌باب مانع الشهادة

- ‌[باب فيما تثبت به الحرابة]

- ‌[باب فيما تصير به الأمة أم ولد]

- ‌[باب شهادة السماع]

- ‌باب تحمل الشهادة

- ‌باب أداء الشهادة

- ‌[باب النقل]

- ‌[باب الرجوع عن الشهادة]

- ‌[باب تعارض البينتين]

- ‌[باب الملك]

- ‌[باب الدعوى]

- ‌[باب المدعي والمدعى عليه]

- ‌[(باب النكول]

- ‌[باب الخلطة]

- ‌[باب في القتل]

- ‌[باب العمد في القتل]

- ‌[باب في السبب الموجب للقود]

- ‌[باب في التسبب الموجب للدية في المال]

- ‌[باب في التسبب الموجب للدية على العاقلة]

- ‌[باب الموجب لحكم الخطأ]

الفصل: ‌[باب ما يقضى فيه بالصفة في الشهادة]

وبصدقهم ومعرفتهم يخبرونه بما يقول الناس فيه من خلفه، وما ينكرونه من أموره.

[باب ما يقضى فيه بالصفة في الشهادة]

وشاهد الزور: الشاهد بغير ما يعلم عمدًا، ولو طابق الواقع كمن شهد بأن زيدًا قتل عمرًا، وهو لا يعلم قتله إياه، وقد كان قتله، ولو كان لشبهة لم يكنه، وقول الباجي: من ثبت عليه أنه شهد بزور، فإن كان بنسيان أو غفلة؛ فلا شيء عليه، ومن كثر ذلك منه؛ ردت شهادته، ولم يحكم بفسقه؛ يقتضي أن غير العامل شاهد زور، ويرد بما في استحقاقها إن شهدوا بموت رجل، ثم قدم حيًا، فإن ذكروا عذرًا كرؤيتهم إياه صريعًا في قتلى، أو قد طعن، فظنوا أنه مات؛ فليست شهادتهم زورًا، وإلا فهم شهداء زور.

وفي شهاداتها: إن أخذ شاهد الزور ضرب قدر ما يراه الإمام، ويطاف به في المجالس.

ابن القاسم: يريد: في المجلس الأعظم.

ابن وهب: كتب عمر إلى عماله بالشام: إن أخذتم شاهد زور؛ فاجلدوه أربعين وسخموا وجهه، وطوفوا به حتى يعرف الناس، ويطال حبسه، ويحلق رأسه.

الباجي عن ابن عبد الحكم: يضرب ضربًا موجعًا.

ابن كنانة: ويكشف عن ظهره، قال مالك: ويطاف به، ويشهر في الأسواق والمساجد والجماعات ويسجن، وروى مطرف: لا أرى الحلق والتسخيم.

قلت: في إتيان سحنون برواية ابن وهب إياه عن عمر ميل منهما إليه.

اللخمي: اختلف في عقوبته إن أتى تائبًا، ولم يظهر عليه.

قال ابن القاسم: من رجع عن شهادته، ولم يأت بعذر لو أدب كان لذلك أهلًا.

ص: 129

وقال سحنون: لا يعاقب لو عوقب؛ لم يرجع أحد عن شهادته خوف العقوبة كالمرتد؛ يريد أنه لا يعاقب إن رجع للإسلام.

ولمالك في المبسوط: من سأل عن إصابة أهله في رمضان؛ لا يعاقب؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يعاقبه.

أبو عمر: أجمعوا أن شاهد الزور إن لم يكن له مخرج بغفلة أو خطأ أو نسيان؛ أنه يؤدب.

قلت: ظاهره: ولو جاء تائبًا، وهو خلاف ما تقدم عن سحنون في نقل اللخمي قوله ذلك في العتبية، ونحوه قول المتيطي: إن رجع الشاهد عن شهادته قبل الحكم، وقال: شبه علي إن كان عدلًا مأمونًا؛ قبل رجوعه، وإن كان بغير هذه الصفة؛ قال ابن القاسم وعبد الملك: أدب أدبًا وجيعًا.

ولابن القاسم في موضع آخر: لو أدب؛ لكان أهلًا، وقال ابن عبد الحكم وأشهب وسحنون: لا يؤدب؛ لأنه داعية إلى أن لا يرجع أحد عن شهادته، وروى مثله ابن الجلاب، وبه مضى العمل بقبول شهادته إن تاب.

عبارات ابن رشد: ظاهر سماع أبي زيد ابن القاسم: إن عرفت منه توبة وإقبال، وتزيد في الخير؛ قبلت شهادته خلاف قولها: لا يجوز أبدًا، وإن تاب وحسنت حاله، وقيل معنى السماع: إن أتى تائبًا مقرًا على نفسه قبل أن يظهر عليه، ومعنى ما فيها إن ظهر عليه.

اللخمي: إن أتى تائبًا، ثم انتقل حاله لخير وصلاح؛ قبلت إلا أن يكون عرف قبل ذلك بالخير والصلاح؛ فلا يقبل، ولأصبغ: لا تقبل أبدًا إن أقر بشهادة الزور، واختلف إن ظهر عليه، ثم تاب، وانتقل لخير وصلاح، فقال محمد آخر قولي ابن القاسم: لا يقبل.

ص: 130

الباجي: روى ابن القاسم فيها، وأشهب وابن نافع في الموازية: لا تقبل، وفي الموازية لابن القاسم: له تقبل إن تاب، وأظنه لمالك، وعن ابن عبد الحكم: ويكتب القاضي بذلك كتابًا يجعله على نسخ تكون بأيدي ثقات.

المتيطي: لم يصحب سماع أبي زيد عمل.

قلت: ففي قبول شهادته بتوبته بتزيده صلاحًا لم يكن له ثالثها: إن أتى تائبًا لا إن ظهر عليه؛ لسماع أبي زيد مع نقل اللخمي غير معزو كأنه معروف المذهب، وله عن أصبغ مع الباجي عنها، وعن رواية الأخوين، ونقل ابن رشد.

الباجي: وإذا قلنا: تقبل شهادته إذا تاب، فقال محمد: تعرف توبته بالصلاح والتزيد في الخير، وأشار إليه ابن الماجشون.

قلت: في اختصار الواضحة عنه: إن كان من أهل الفضل ظاهر العدالة؛ سقطت شهادته أبدًا، وإن أظهر توبة وازداد صلاحًا وفضلًا؛ لأنه كان كذلك يوم اطلع عليه بالزور، ومن لم يكن بهذه الحال، ولا يعرف بالفضل؛ جازت شهادته إن ظهرت منه التوبة والصلاة والبين، والعدالة الظاهرة.

ولابن شاس عن محمد بن عبد الحكم: من صح أنه شهد بالزور، ويأخذ على شهادته الجعل؛ طيف به في جموع الناس، وضرب ضربًا وجيعًا، ولا يحلق شعره، ولا تجوز شهادته أبدًا إن كان ظاهر العدالة حين شهد؛ لأنه لا يكاد تعرف توبته.

واختصره ابن الحاجب فقال: ابن عبد السلام: قال بعض الشيوخ: كما أشار إليه المؤلف إن كان ظاهر العدالة؛ لم تقبل توبته فلا خلاف، وإن كان غير ظاهر فقولان.

وقال ابن رشد بالعكس: إن كان العدالة فقولان، وإن لم يكن ظاهرها؛ لم يقبل أبدًا قولا واحدًا، والطريق الأول أنسب للفقه، والثانية أقرب لظاهر الروايات؛ لأن محمدًا قال: تعرف توبته بالصلاح والتزيد في الخير، وأشار إليه ابن الماجشون: لأن (تزيد الخير) لا يكون إلا في ظاهر العدالة.

قلت: ما ذكره عن ابن رشد لا أعرفه له ولا لغيره.

قال في المقدمات ما نصه: وأما شاهد الزور أبدًا، وإن تاب وحسنت حاله، قاله في

ص: 131

المدونة، ولأبي زيد عن ابن القاسم: تجوز شهادته إن تاب، وعرفت توبته بتزيد حاله في الصلاح.

قال: ولا أعلمه إلا قول مالك، فقيل ذلك اختلاف من القول، وقيل: رواية أبي زيد: إن أتى تائبًا قبل أن يظهر عليه، وهو الأظهر، ونحو هذا له في أول مسألة من سماع يحيى، وقوله: وطريقة ابن رشد أقرب لظاهر الروايات؛ لأن (تزيد الخير) لا يكون إلا في ظاهر العدالة؛ يرد بأن إدراك (تزيد الخير) في المتصف بمطلق العدالة أبين وأوضح من إدراكه في المتصف بالعدالة الظاهرة؛ لأن زيادة الحركة على المتصف بمطلقها أوضح من زيادة الحركة على المتصف بكثرتها.

الشيخ: لأشهب في المجموعة، وكتاب ابن سحنون: لا يجوز أن يقضي القاضي لنفسه.

ولابن رشد في رسم تأخير الصلاة من سماع ابن القاسم: له الحكم بالإقرار على من انتهك ماله، فيعاقبه، ويتمول المال بإقراره، ولا يحكم بشيء من ذلك بالبينة.

ودليله قطع أبي بكر الصديق يد الأقطع الذي سرق عقد زوجته أسماء لما اعترف بسرقته، هذه الرواية الصحيحة.

وفي صحة حكمه لمن لا تجوز شهادته له ومنعه ثالثها: إلا لزوجته وابنه الصغير ويتيمه، ورابعها: المنع إن قال: ثبت عندي، ولا يدري أثبت أم لا؟ وإن حكم ببينة، وجاز في الثلاثة.

للخمي مع الشيخ عن قوله: رأيته في كتاب أصبغ قائلًا: ولو لزوجته أو مدبره أو ولده أو مكاتبه، وهو من أهل القيام بالحق لا من أهل التهم.

وقد يحكم للخليفة وهو فوقه، فهو اتهم فيه لتوليته إياه، ومطرف وابن الماجشون وأصبغ مرة.

اللخمي: المنع أحسن، وهذا في المال وغيره مما تدرك فيه الحمية لم تجز بحال.

وما اجتمع فيه حق له ولله في جواز حكمه بما هو لله؛ كمن شهد عنده عدلان بأنه سرق لا يقطع فيه في حكمه بقطعه قولا ابن المواز ومحمد بن عبد الحكم.

ص: 132

قلت: هذا يوهم أن قول محمد إنما هو فيما شهد به عدلان.

وفي النوادر ما نصه: قال أشهب في المجموعة: إن أخذ القاضي من سرقه، فله قطعه، ولا يحكم عليه بالمال، وكذا في الموازية.

وفي المجموعة: وكذا في محارب قطع عليه الطريق، فليحكم عليه بحكم المحارب، ولو جاء تائبًا؛ سقط عنه حكم الله، ولا يستقيل السلطان منه لا بإقراره، ولا ببينة، ولا يرفعه لمن هو فوقه.

قلت: وجدته في نسخة عتيقة من النوادر، ولا يرفعه لمن هو فوقه، والصواب: إن كان ذلك ببينة أن له رفعه لمن هو فوقه، ثم قال: لو كان السلطان أحد الشاهدين عليه بالحرابة، وأخذ قبل أن يتوب، فله أن يقيم عليه الحد، وأحب إليه رفعه لمن فوقه.

وقال ابن عبد الحكم: قال ابن القاسم وأشهب: إن سرق من بيت القاضي، وقامت به عنده بينة؛ قطعه.

قال محمد بن عبد الحكم: لا يقطعه.

ابن حبيب عن الأخوين وأصبغ: إن تخاصم عنده خصمان له قبل أحدهما دين، فلا بأس أن يقضي بينهما إن كان غريمه مليًا، وإن كان عديمًا؛ لم يجز.

اللخمي: إن شهد القاضي وآخر على أنه سرق؛ للقاضي رفعه لمن هو فوقه، فقطعه بشهادتهما، وأغرمه بشهادة الأجنبي مع يمين القاضي، وقيل في هذا الأصل: لا يقطع بشهادتهما؛ لأن شهادة القاضي تسقط للتهمة؛ فلا تتبعض الشهادة.

وقول ابن شاس: لا يقضي على عدوه، ويحيل على غيره تبع فيه نص الغزالي في الوجيز، والأولى أن يتبع نص النوادر.

قال ابن المواز: إذا حكم القاضي، فأقام المحكوم عليه بينة أن القاضي عدو له؛ فلا يجوز قضاؤه عليه، وهذا اللفظ أتم؛ لأنه بعد الوقوع.

وفي نوازل ابن الحاج: قال الماوردي في الأحكام السلطانية: لا يشهد العدو على عدوه، ويحكم عليه؛ لأن أسباب الحكم ظاهرة، وأسباب الشهادة دقيقة.

قال ابن الحاج: وهذا خلاف مذهب مالك، وخلاف ما في نوازل سحنون من

ص: 133