المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

هذا بوجه. ولابن رشد في رسم الصبرة من سماع يحيى لو - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٩

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌[باب التحويز]

- ‌باب في الحوز الفعلي في عطية غير الإبن

- ‌[باب الاعتصار]

- ‌[باب صيغة الاعتصار]

- ‌باب هبة الثواب

- ‌[باب الهبة بشرط عوض عيناه]

- ‌[باب العدة]

- ‌[كتاب اللقطة]

- ‌[باب الضالة]

- ‌[باب الآبق]

- ‌[باب اللقيط]

- ‌[كتاب القضاء]

- ‌[باب في شروط صحة ولاية القضاء]

- ‌[باب في الشروط في القضاء التي عدمها يوجب عزل القاضي وتنعقد الولاية مع فقدها]

- ‌[باب ما يقضى فيه بالصفة في الشهادة]

- ‌[باب في الخطأ الموجب لرد حكم العالم العدل]

- ‌[كتاب الشهادات]

- ‌[باب في شروط الشهادة في الأداء]

- ‌[باب العدالة]

- ‌[باب في المروءة]

- ‌باب في التعديل

- ‌باب مانع الشهادة

- ‌[باب فيما تثبت به الحرابة]

- ‌[باب فيما تصير به الأمة أم ولد]

- ‌[باب شهادة السماع]

- ‌باب تحمل الشهادة

- ‌باب أداء الشهادة

- ‌[باب النقل]

- ‌[باب الرجوع عن الشهادة]

- ‌[باب تعارض البينتين]

- ‌[باب الملك]

- ‌[باب الدعوى]

- ‌[باب المدعي والمدعى عليه]

- ‌[(باب النكول]

- ‌[باب الخلطة]

- ‌[باب في القتل]

- ‌[باب العمد في القتل]

- ‌[باب في السبب الموجب للقود]

- ‌[باب في التسبب الموجب للدية في المال]

- ‌[باب في التسبب الموجب للدية على العاقلة]

- ‌[باب الموجب لحكم الخطأ]

الفصل: هذا بوجه. ولابن رشد في رسم الصبرة من سماع يحيى لو

هذا بوجه.

ولابن رشد في رسم الصبرة من سماع يحيى لو كانت شهادته لمن يحصره العدد كآل فلان، ومساكين آل فلان وشبهه، ففي استحقاقهم حقهم بحلف جلهم، وسقوط الحلف في هذا قولان قائمان من وصاياها الثاني، وتقدم حكم جراح العمد.

[باب النقل]

النقل عرفاً: إخبار الشاهد عن سماعه شهرة غيره، أو سماعه إياه لقاض،

ص: 404

فيدخل نقل النقل، ويخرج الإخبار بذلك لغير قاض، وظاهر عموم الروايات، وإطلاقها صحة نقل النقل، ولم أقف على نص فيه.

فيها مع غيرها: وتجوز على الشهادة في الحدود، والطلاق، والولاء وكل شيء.

قلت: والنقل عن الأصل شيء، فإن قال المنقول عنه للناقل عنه: اشهد على شهادتي أو انقلها عني صح نقله اتفاقاً.

الباجي: من سمع شاهداً ينص شهادته لم يجز نقلها عنه حتى يشهده على ذلك.

قلت: هي في النوادر عن محمد عن ابن القاسم.

فقال أشهب: وليس بضيق رفع ذلك إلى الإمام، وقيل: لا يرفع خوف أن يغلط فيقضي بها.

الباجي: ولو سمعه الحاكم ينصها، ولم يؤدها عنده لم يعمل بها، وإن سمع شاهداً يشهد على شهادته غيره، ولم يشهده، فقال محمد: لا يشهد على شهادته بخلاف المقر على نفسه، ويتخرج عندي على من يسمع رجلاً يشهد عند قاض في صحة نقلها قولا مطرف وأشهب مع أصبغ قائلا: لا يجوز نقلها حتى يشهده، أو يشهد على قبولها القاضي.

قلت: زاد الشيخ أن ابن حبيب قال كمطرف.

وفيها من مدير التصدير: برجلين يتكلمان في أمر فسمع منهما شيئاً، ولم يشهداه، ثم يطلب

ص: 406

أحدهما تلك الشهادة.

قال: لا يشهد له.

قال ابن القاسم: إلا أن يستوعب كلامهما من أوله فليشهد، وإلا فلا إذ قد يكون قبله ما يبطله أو بعده، ونحوها في سماع أبي زيد.

ابن رشد: شهادة الرجل بما سمعه دون إشهاد له من المشهود عليه ثلاثة أقسام:

الأول: ما سمعه منه من قذف فوجب حده أو عقوبته، شهادته به مقبولة اتفاقاً.

الثاني: ما سمعه منه من إقرار على نفسه لحق لرجل في صحتها به قولان لابن القاسم فيها مع أحد قولي مالك، وابن أبي حازم مع ابن الماجشون، وروايته في المدينة ورواية محمد، وأحد قولي مالك فيها.

الثالث: شهادته عليه بأن سمع منه من شهادته على غيره لحق أو قذف أو زنى لا تجوز اتفاقاً، وإن سمعه يؤديها عند الحاكم أو كان هو الحاكم فشهد بها عنده، أو سمعه يشهد غيره على شهادته، ولم يشهده؛ فالمشهور أنها جائزة.

وهو قول ابن القاسم في هذا السماع إن شهد رجل عند قاض بحق لرجل، فذهب ليأتي بشاهد آخر فوجده مات، وعزل القاضي، فشهادة القاضي أنه شهد عنده فلان أن له على فلان كذا جائزة، إن شهد معه غيره، وهي رواية حسين بن عاصم عنه في بعض روايات العتبية.

والآتي على قيس قوله في المدونة في إجازة شهادة الرجل على الرجل بما سمعه إذا استوعب كلامه، وإن لم يشهده، وقيل: لا تجوز، وهو الآتي على قولي مالك، وروايتي ابن الماجشون ومحمد.

وفي نوازل سحنون: أتجوز الشهادة على الشهادة في العدالة، كما تجوز في الأموال مثل أن يكون لي علم عند رجل أخاف أن يطلبني القاضي بتعديله، ولا أحد من يعدله إلا رجلين مرضيين أخاف موتهما أو غيبتهما، فقلت لهما: اشهدا لي أن فلاناً عندكما من أهل العدل والرضا؛ فأشهدا لي على ذلك رجلين، ثم سألني القاضي عدالة شاهدي فشهد الشاهدان أن فلاناً وفلاناً أشهدانا أن فلاناً من أهل العدل والرضا.

ص: 407

قال: يطلب القاضي من الخصم أن يعدله غيرهما، فإن لم يجد جازت الشهادة فيه على الشهادة إذا كان لغيب اللذان زكياه من أهل الحضر لا من أهل البادية؛ لأن البدوي لا يعدل الحضري.

قيل: فالتجريح أتجوز فيه الشهادة على الشهادة كما وصفنا في العدالة في غيبة الشهود أو مرضهم.

قال: نعم.

ابن رشد للأخوين خلاف قول سحنون: هذا لأن العدالة لا تكون في الشهادة إلا عند السلطان بعد أن يشهدوا في الحين الذي يقطع بشهادته، وأما أن يستدعي الرجل تعديله الرجل، ويشهد على ذلك منه كما يفعل في الشهادة تكون عنده إذا أراد أن يشهد عليها، أو يكون الشاهد تحمل لشهادته من بلد، ويكون الذي تحمل شهادته لا يعرفه بالعدالة، ولا بغيرها فيعدله عنده من يثق به فهذا لا يجوز، ولا علمنا من قاله إلا أن يشهد شاهد على شهادة آخر غائب، فيخبر بعلمه بعدالته مع شهادته على شهادته، ولو شهد شاهد عند حاكم فاستعدله فكان رجل مريض يعدله لا يقدر بمرضه البلوغ إلى الحاكم، فأراد أن يبعث للقاضي بتعديله إياه مع رجلين عدلين يشهدهما أنه عدل فذلك جائز؛ لأن الشهادة وقعت عند الحاكم والعدالة هنا إنما هي القطع بالشهادة، وقاله أصبغ، واستحسنه.

ولابن سحنون: أن أباه رجع عن الشهادة على الشهادة في العدالة والتجريح إلا في تعديل البدوي فهي جائزة، وهو الصواب؛ لأن التعديل لا يكون إلا بعد الشهادة، ولو جاز قبلها لجازت شهادة غير العدل لتغير أحوال الناس.

قلت: ظاهر قولها تجوز الشهادة على الشهادة في كل شيء جوازها في التعديل والتجريح؛ لأنها شيء.

ولما كان تمام شهادة النقل بأدائها ناقلها عنه كان ظرف مانع شهادة الأصل قبل أدائها ناقلها كطروه على شاهد قبل أداء شهادته وبعده، وقبل الحكم بها، والأول واضح، والثاني تقدم حكمه.

ص: 408

المازري: تقدمت الرواية بأن حدوث سبب العداوة بعد تقييد شهادة الشاهد لا يمنع القضاء بها؛ لأن أداء شهادته قبل صيرورته عدواً لا توجب تهمته، ومنع بعض العلماء بما نقل عمن صار عدواً للمشهود عليه؛ لأنه رأى ظهور عداوته يشعر بمقدمات وسوابق.

قلت: ظاهر كلامه أن المذهب عدم سقوط شهادة المنقول عنه بحدوث عداوته بعد سماع نقلها منه، وقيل: أداء نقله كحدوث ذلك بعد أدائها للحاكم قبل نفوذ حكمه، ولا يخفى أن أداءه للحاكم أدل على ثبوتها من سماعها للنقل عنه، ولذا قال ابن شاس: إذا طرأ فسق أو عداوة أو ردت امتنعت شهادة الفرع.

قال المازري: وحدوث فسق الأصل بعد سماع النقل عنه، وقبل أدائه يبطل شهادته، وأشار بعض أصحابنا إلى أن الفسق إن كان مما يخفى ويكتم كالزنا أشعر بسابق مقدمات تمنع العدالة، وإن كان مما يجاهر به كالقتل لم يشعر بأنه كان كذلك فيما سبق.

قال: ولو انتقل من طرأ فسقه لعدالة، ففي صحة النقل عنه بالسماع منه أولا، أو سماع منه بعد انتقاله خلاف بين الناس.

قلت: قد يتخرج الخلاف المذكور على قولي ابن القاسم وأشهب في فسخ شراء من اشترى سلعة شراء فاسداً، ورجعت إليه بعد أن باعها وفوته بما تقدم من بيعه، والله أعلم.

وطروء العمى والجنون: لغو في الأصل، والفرع للغوهما في شهادة غير النقل.

وشرط النقل تعذر أداء الأصل أو تعسره كموته أو مرضه أو بعد مكانه عن محل الأداء.

الشيخ عن الموازية: إنما ينقل عن مريض أو غائب لغيبة بعيدة، ويغير حداثة غيبتهم.

اللخمي: لا ينقل عن حاضر قادر على أداء شهادته لإمكان أن تأخره لريبة، لو حضر ثبتت عليه؛ ولأن تخوف سهو الأصل، وكذبه وغلطه أخف من تخوف ذلك منه،

ص: 409

ومن الناقل.

وعبر عنه المازري بأن ظن القاضي حقية المشهود بسماعه من الأصل يقوي من ظنه بسماعه من الناقل.

قلت: وعليه يشترط في قبول نقل الناقل ما يشترط في النقل.

اللخمي: لابن الماجشون، وفي الواضحة: ينقل عن النساء، وإن حضرن، وهو الشأن.

الباجي: رواه ابن حبيب عن مطرف قال: ولم أر قط بالمدينة امرأة قامت بشهادتها عند الحاكم، ولكنها تحمل عنها.

قال المازري: ولما أمر النساء به من الستر والبعد من الرجال، ولذا قال بعض العلماء: لا يلزم المخدرة حضور مجلس القضاء للمحاكمة.

وقال القفال: لابد من حضورهم للحكم.

قال بعضهم: والمخدرة هي التي لا تبتذل بكثرة التصرف، ولا تخرج إلا لزيارة أو حضور ما لابد منه.

قلت: تقدم هذا في الأقضية، والأظهر الفرق بين من يخشى من خروجها لمفسدة، ومن لا.

وسمع عيسى رواية ابن القاسم لا تجوز شهادة النساء على شهادة رجل، ولو كن ألفاً إلا مع رجل.

ابن رشد: هذا معلوم مشهور من مذهب ابن القاسم، وروايته في المدونة وغيرها خلاف قول ابن الماجشون، إن شهادتهن لا تجوز إلا فيما يجوز فيه شاهد ويمين.

قلت: فإذا جاز نقلهن فكيف ينقل عنهن على حضورهن على قول ابن القاسم، وظاهر قول المازري أن ما ذكره ابن حبيب هو المذهب لقوله ما نصه: إذا بان عذر المنقول عنهم كالنقل عن النساء جاز النقل عنهن بحضرتهن.

اللخمي: واختلف في حد الغيبة، فقال ابن القاسم في الموازية: إن كانت الشهادة في الحدود لم تنقل إلا في الغيبة البعيدة لا في ثلاثة أيام، وتجوز اليومان في غير الحدود.

ص: 410

وقال سحنون: إن كانت المسافة تقصر فيها الصلاة، أو الستين ميلا جاز النقل، ولم يفرق بين مالٍ وحدٍ.

ولابن القاسم في المدونة: من أراد أن يحلف خصمه لغيبة بينته، ثم يقوم بها إن كانت قريبة كثلاثة أيام؛ قيل له: قرب بينتك، وإلا فاستحلفه على تركها، والأول أحسن، والاحتياط للحدود أولى، وتبعه المازري في نقله، وقبل تخريجه من مسألة المدونة.

قلت: فعليه في كون مسافة الثلاثة أيام قربا، وهو على مسافتها كحاضر أو بعدا، ثالثها: في الحدود لا في الأموال لتخريج اللخمي من متقدم قولها، وسحنون وابن القاسم في الموازية، وقد يرد تخريجه بأن قوله:(قرب بينتك) أعم من كونه بإحضارها أو نقل عنها، وبأنه لا يلزم من عدم الحكم لها بالبعد في تحليف الخصم مع القيام بها إن حضرت عدم الحكم لها بالبعد في النقل لمشقة الحلف في مسألتها، وعدمه في النقل، واختصارها أبو سعيد بقوله: وإن قال الطالب للإمام بينتي غائبة، فأحلفه لي، فإذا قدمت قمت بها نظر الإمام، فإن كانت بينته بعيدة الغيبة، وخاف تطاول الأمر، وذهاب الغريم أحلفه له، وكان له القيام ببينته، إذا قدمت، وإن كانت بينته قريبة الغيبة على مثل اليومين والثلاثة لم يحلفه، إلا على إسقاطها فأسقط لفظ قرب بينتك متعقب لإسقاطه ما منه التجريح، فإن قلت: لا يتعين كون التخريج من قوله: (قرب بينتك) بل مما اقتصر عليه أبو سعيد، ولذا قال المازري ما نصه: أشار في المدونة إلى كون الثلاثة أيام في غير الحدود قريبة، فقال: من أراد أن يستحلف خصمه لكون من له على ثلاثة أيام لا يمكن من ذلك حتى يسقط القيام بالبينة فجعلها في حكم الحاضرة.

قلت: لا يتم الأخذ من هذا اللفظ؛ لأن عدم تمكينه من تحليفه دون إسقاطه القيام ببينته يحتمل أنه لقدرته على تسببه في نقلها دون مشقة لا؛ لأنها كالحاضرة.

الباجي: وأما الغيبة القريبة كاليومين والثلاثة، ففي الموازية لا تنقل فيها شهادة، ووجهة إن تغيب عن مكانه اليومين والثلاثة، وأما من كان في موضعه على مسيرة يومين أو ثلاثة؛ فيصح نقلها عنه.

ص: 411

قال محمد: إنما ينقل عنهم الشهادة إذا بعدت غيبتهم من يعرف الغيبة بعد مدة لا بإثر غيبتهم؛ يريد: أنه بإثر غيبتهم على مسافة قريبة، ولا يؤمن رجوعهم.

الشيخ عن الموازية: ليس النقل عن الشاهد بتعديل له حتى يعدله الناقلون أو يعرفه القاضي بعدالة.

أشهب: وإلا طلب منه من يزكيه.

ابن حبيب: قال مطرف: وإن قال الناقلون: أشهدنا على كذا قوم كانوا عندنا يومئذ عدولاً، ولا ندري اليوم من هم، لم يجز شهادتهم حتى يسموهم فيعرف أنهم غيب أو أموات، فتجوز شهادتهم، وإلا لم تجز إذ لعلهم حضور نزعوا عن شهادتهم، أو نسوها أو حالت حالتهم بجرحتهم، وقاله أصبغ.

وسمع أصبغ أشهب: إن شهد قوم على شهادة رجل لا يعرفونه، ويعرف القاضي عدالته أو يعدله عنده غيرهم جازت شهادته.

قال أصبغ: وذلك بعد معرفة أخرى أنه الذي شهد على شهادته بعينه لا يحتمل أنه لغيره.

ابن رشد: قوله: وهو لا يعرفونه؛ معناه: لا يعرفونه بالعدالة، ويعرفونه بالعين والاسم مع كونه مشهوراً لا يختلط بغيره، وإلا لم تجز الشهادة لاحتمال أن يكون الذي شهدوا على شهادته غير الذي عرفه القاضي بالعدالة والمعدلون؛ هذا معنى قول أصبغ، وهو تفسير قول ابن القاسم.

عياض: قيل: إن لم يعدل الشاهد من شهد على شهادته، فهي ريبة في شهادته والصواب جوازها بتعديل غير الناقل.

قلت: لم ينقل المازري عن المذهب غيره، وعزا الأول للشافعي قال: والمذهب أنه لا يجوز النقل عن من يعلم الناقل جرحته؛ لأن فيه على القاضي تلبيساً، وما نقله عياض أولا هو ظاهر نقل ابن عبد البر في كافية بقوله: ولا يجب لرجل أن يشهد على شهادة من لا يعرفه بالعدالة، ورد عياض أخذ بعضهم من قولها بصحة نقل النساء جواز نقل الرجل عمن لا يعدله لامتناع تعديلهن بأن منعه إنما هو بالسنة.

ص: 412

وفيها: قال مالك: تجوز شهادة النساء على الشهادة في الأموال والوكالة عليها، وهن وإن كثرن كرجل، فلا ينقلن إلا مع رجل نقلن عن رجل أو امرأة، وقاله أشهب.

وقال غيره: لا تجوز شهادتهن على شهادة، ولا على وكالة في مال.

سحنون: وهذا أعدل.

عياض: يريد أن أشهب وافقه في نقلهن فقط لا في الشهادة على الوكالة بينه سحنون بعد هذا.

وسمع عيسى ابن القاسم إن شهدت امرأتان على شهادة امرأتين بحق، ومعهما رجل شاهد بالحق مع المرأتين الغائبتين لم يجز ذلك إلا أن يكون مع المرأتين رجل، وإنما تجوز شهادة المرأتين بأبدانهما، فإن غابت أبدانهما فلابد أن يكون مع المرأتين رجل، واحتج بأن شهادة الرجل تجوز ببدنه، وتحلف معه، فإن غاب بدنه لم يجز أن يشهد على شهادته رجل واحد بل رجلان، ثم يكون ذلك كرجل يحلف معه.

وفي سماع أصبغ من كتاب القضاء المحض قال أشهب: لا يعجبني هذا أرى ما جازت فيه شهادتهن تامة بلا رجل، ولا يمين كالاستهلال، وعيوب النساء تجوز شهادتهن فيه على شهادة مثلهن بلا رجل معهن.

ابن رشد: قول ابن القاسم: إن غاب بدنه لم يجز أن يشهد على شهادته رجل واحد بل رجلان.

يريد: أو رجل وامرأتان هو نص ما في شهادتها خلاف قول ابن الماجشون وسحنون في أن شهادة النساء لا تجوز إلا فيما يجوز فيه الشاهد واليمين، ولم يتكلم ابن القاسم في شهادة النساء على شهادة النساء فيما يجوز فيه شهادتهن دون رجل، وقول أصبغ: لا يعجبني هذا، وأرى

إلخ.

يدل على أن روايته عن ابن القاسم أنه لابد في شهادتهن على شهادة النساء في ذلك من رجل معين، وأنه لا يجوز في ذلك شهادة النساء وحدهن، وهو القياس؛ لأن شهادتهن وحدهن على الأصل إنما هي للضرورة، ولا ضرورة في انفرادهن في النقل، وظاهر قول أصبغ أنه يجرئ في ذلك امرأتان على امرأتين.

ص: 413

وقال بعض أهل النظر: وأراه ابن لبابة معنى قول أصبغ أنه يجزئ في ذلك امرأتان على امرأتين، لا تقوم امرأتان بشهادة امرأتين حتى يكن أربعا، وهو تأويل بعيد لا وجه له في النظر.

قلت: ففي لغو نقلهن مطلقاً، وصحته في مطلق ما تجوز فيه شهادتهن بشرط نقل رجل معهن، ثالثها: تجوز فيما لا يطلع عليه غيرهن، ولو كن اثنتين دون رجل، ورابعها: إن كن فيه دون رجل فلابد من أربع لابن الماجشون مع سحنون، وابن القاسم فيها مع سماعة عيسى، وقول أصبغ، وتأويله ابن لبابة.

قال ابن الحاجب: وتنقل المرأتان مع رجل في شهادتهن، ومنعه أشهب.

قلت: تبع في غزوه لأشهب ابن شاس، وهو وهم لما تقدم من قولها، وقاله أشهب، وبينه عياض حسب ما قدمناه.

والعجب من ابن عبد السلام وابن هارون في قبولهما إياه، والظن بهما عدم جهلها لفظ المدونة، وكلام عياض، وقول اللخمي، أجاز أشهب نقل اثنين في الأموال، ولم يجز نقل النساء فيه؛ يريد: إن انفردن لنقله الشيخ عنه بزيادة غلا أن ينقل معهن رجل نقلن عن رجل أو امرأة.

فإن قلت: قال المتيطي، وابن فتوح ما نصه: منع أشهب وعبد الملك نقلهن شهادة رجل وامرأة مع رجل أو دونه.

قلت: هو عندي، وهم لنقل النوادر عن الموازية ما نصه: تجوز شهادتهن على الوكالة في المال عند ابن القاسم، وقال أشهب وعبد الملك: لا تجوز، ولا ينقلن شهادة، وإن كانت في مال إلا أن يزكى غيرهن، وينقل معهن رجل عن رجل أو امرأة.

اللخمي عن محمد: إن شهد رجلان على شهادة رجل في حق وعدلاً رجلاً شهد به جاز، ولو شهد رجلان بحق لم يجز تعديل احدهما الآخر.

وشرط نقل غير الزنا اثنان، ولو اشتركا في أصل آخر.

فيها: وشهادة رجلين تجوز على شهادة عدد كثير، ولا يقبل أقل من اثنين في الحقوق عن واحد فأكثر.

ص: 414

اللخمي: قال ابن الماجشون: لا يجزئ في الشهادة على السماع أقل من أربعة؛ لأنه كالشهادة على الشهادة فلا يجري على قوله في المال والحدود غير الزنا أقل من أربعة، وإن نقل عن حكم قاض، فإن كانت الشهادة على القاضي بحكم تضمن مالاً كفى اثنان، وإن كانت على بينة في الحكم لم يجز أقل من أربعة.

وشرط نقل الزنا أربعة عن كل واحد اثنان، فتصح الشركة في كل أصل أو بعضه.

في الرجم منها: تجوز الشهادة على الشهادة في الزنا مثل أن يشهد أربعة على شهادة أربعة، أو اثنان على شهادة اثنين، واثنين على شهادة اثنين آخرين، ولو شهد اثنان أو ثلاثة على شهادة أربعة لم يجد الرجل وحد الثلاثة إلا أن يقيموا أربعة سواهم على شهادة أربعة أشهدوهم، فلا يحدوا، ويحد الزاني.

وسمع أبو زيد ابن القاسم: يجوز ثلاثة على ثلاثة في الزنا، واثنان على واحد.

ابن رشد: هو نصها أن الشهادة على الشهادة في الزنا لا تتم بأقل من أربعة، وذكر ما تقدم.

وقال: وإن تفرقوا لزم اثنان على كل واحد فيصيرون ثمانية، ويكفي في تعديلهم ما يكفي في غيرهم اثنان على كل واحد وأربعة على جميعهم، وقاله ابن الماجشون، وابن عبد الحكم، وأصبغ، وقول ابن القاسم في السماع يجز ثلاثة على ثلاثة، واثنان على واحد كلام خرج على سؤال سائل لا أنه لا يجوز عنده أقل من ذلك؛ لأنه يجوز على مذهبه اثنان على ثلاثة، واثنان على الواحد.

وروى مُطرف أنه لا يجوز في النقل في الزنا إلا ستة عشر، أربعة على كل واحد من الأربعة اجتمعوا أو تفرقوا، وكذا لا يجوز عنده في تعديل الشهود على الشهود إلا أربعة وستون، أربعة على كل واحد من الستة عشر اجتمعوا أو تفرقوا، ويتخرج فيها قول ثالث، وهو جواز أربعة على جميعهم إن اجتمعوا، وأربعة على كل واحد إن افترقوا.

المازري: ذكر في عدد ناقلي شهادة الزنا أربعة أقوال: أحدها: يقبل في ذلك رجلان كما يقبل في أحد القولين عندنا شهادة رجلين في الإقرار بالزنا، إذ الشاهدان على رجل أنه أقر عندهما بالزنا كالشهادة على أربعة رجال أنهم أقروا عندهم بأنهم يشهدون في

ص: 415

الزنا، وأذنوا لهم في النقل عنهم، فلا يفتقر في النقل إلى أربع كما افتقر إلى ذلك في الشهادة بالمعاينة بالزنا؛ لأن طلب الأربعة في الشهادة بالمعاينة في الزنا لستر العورات بخلاف نقل الشهادة به أو الإقرار به، فيترجح هذا القول من أحد القولين في الشهادة بالإقرار بالزنا.

وفيها: إن أثبت هذا القول بنص فهو في عهدته، وإن أثبته بتخريجه المذكور رد بأنه في إقراره أسقط حقه في طلب ستر الشرع عليه في تغليظ ثبوت زناه بأربعة شهداء بإقراره، وفضيحته نفسه، فصار ذلك عليه كسائر الحقوق، وهو في نقل الشهادة عليه باق على حقه في الستر؛ فوجب بقاء اعتبار العدد وجوباً أحروياً بدليل قول موجب ثمانية أو ستة عشر.

قال: وقد يقبل في ذلك نقل أربعة ليطابق عدد الناقلين، عدد المنقول عنهم، وهذا كالقول بأنه لا يقبل في الإقرار بالزنا أقل من أربعة، وهذا إذا سمع من كل واحد من الأصل شاهدان من الأربعة الناقلين، وقيل: لا يقبل في ذلك أقل من ثمانية على أن كل واحد لا ينقل عنه إلا رجلان لا مدخل لهما في النقل عن غيره كذا حكي عن بعض الناس هذا القول مطلقاً.

والذي في الرواية عن عبد الملك أنه يفتقر إلى ثمانية إذا نقلوا مفترقين، وقيل: يفتقر إلى ستة عشر، وعند قائل هذا القول لا يعدل المعاينين أقل من ستة عشر رجلاً، وكذا قال من ذهب إلى شرط ثمانية؛ وهو عبد الملك أن التعديل لا يكون بأقل من ثمانية.

قلت: فيتحصل في المسألة خمسة أقوال:

أول أربعة: المازري مع أربعة.

ابن رشد: قال ابن عبد السلام: تقدم أن في المذهب قولاً شاذاً؛ أن شهود الزنا والحدود لابد أن يكونوا معلومي العدالة عند القاضي.

قلت: تقدم تعقبه عليه بأن هذا القول إنما هو في الدماء لا في الحدود.

قال ابن زرقون: ذكر ابن عبد الغفور أن التعديل يكون في الدماء، وفي كل شيء، وهو قول مالك في كتاب الديات في "المدونة".

ص: 416

وقال أحمد بن عبد الملك: لا تكون عدالة في الدماء، ولم يصحب هذا القول عمل.

وتتم الشهادة ببعض الأصل والنقل عن باقيه بشرط عدده عند قائليه.

الشيخ: لمحمد عن ابن القاسم: إن شهد واحد على رؤية نفسه، وثلاثة على شهادة ثلاثة فذلك تام، ولا يجب الحد حتى يكون عدد الشهود أربعة عند الحاكم، وكذا لو شهد اثنان على الرؤية، واثنان على شهادة اثنين، وأما واحد على رؤية نفسه، واثنان على شهادة ثلاثة؛ لم تجز، وحد شاهد الرؤية للقذف، وشاهدا النقل إن لم يكن في لفظهم أنه زان، إنما قالا: أشهدونا على شهادتهم أن فلاناً زان رأيناه وفلان معنا لم يحدا، وإن قدم الثلاثة حدوا؛ إلا أن يثبتوا على شهادتهم حين قدموا، ويشهدوا بها فيحد المشهود عليه.

محمد: هذا إن تأخر ضرب الشاهد الأول حتى قدم هؤلاء، وكذا لو مات واحد وقدم اثنان؛ لأنه قد ثبت شهادة اثنين على شهادة الميت منهم، وكذا إن لم يقدم منهم غير واحد فشهد، قاله ابن القاسم وأشهب وأصبغ.

وروى مُطرف: عن حضر ثلاثة على الرؤية وغاب الرابع أو مات لم تقم شهادته إلا بأربعة ينقلون عنهم.

وسمع عيسى ابن القاسم في الشهادة على الشهادة في الزنا: لا تجوز حتى يشهد أربعة على أربعة في موضع واحد، وساعة واحدة في موقف واحد على صفة واحدة.

ابن رشد: ليس من شرط بينة الزنا تسمية الموضع، ولا اليوم، ولا الساعة، وإنما شرطها عند ابن القاسم ألا يختلف الشهود في ذلك، فإن شهد الشهود بمعاينة الفرج في الفرج تمت الشهادة، وإن قالوا: لا نذكر اليوم، ولا نحد الموضع، وإن سموهما كان أتم.

وذكر بعض ما تقدم في بينة الزنا، ثم قال: لا تجوز شهادة أربعة على أربعة في الزنا؛ إلا أن يشهد الأربعة معاً على شهادة كل واحد من الأربعة أنهم رأوه معاً يزني بفلانة؛ فرجه في فرجها، كالمرود في المكحلة، وإن تفرق إشهادهم لهم مثل أن يشهد اليوم أحدهم، وغداً الثاني، وبعد غد الثالث، والذي يليه الرابع، وأما إن تفرقوا في الإشهاد

ص: 417

مثل أن يشهد أحدهم اليوم على شهادة جميع الأربعة، ثم يشهدهم الثاني غداً، ثم يشهدهم الثالث بعد غد، ثم يشهدهم الرابع في اليوم الذي يليه، فلا يجوز ذلك إلا على القول بجواز أن يفرق الشهود في تأدية الشهادة في الزنا، ومضى ذكر ذلك؛ لأن الإشهاد على الشهادة كتأدية الشهادة فيما يلزم فيها.

ومراد ابن القاسم بقوله: (في موضع واحد، ويوم واحد، وساعة واحدة) أن يكون الزنا الذي شهد عليه الأربعة زناً واحداً.

ويريد بقوله: (في موقف واحد) أن يشهدوا كلهم معاً على شهادتهم بكل واحد من الشهود الأربعة، وأن يؤدي الشهود الأربعة الشهادة على الشهادة عند الحكم؛ معاً غير مفترقين.

وقيل: إن تفرقوا جاز، فإن شهد أربعة على أقل من أربعة، أو أقل من أربعة على أربعة؛ حدوا؛ إلا أن يأتوا بما يوجب الحد على المشهود عليه، وذلك أربعة سواهم يشهدون على شهادة أربعة، أو على معاينة الزنا، على القول بأنه لا يجوز تفرق الشهود في تأدية الشهادة في الزنا، وعلى القول بجواز ذلك يجزئهم إن كانوا ثلاثة أن يأتوا بشاهد يشهد معهم، يشهد على شهادة الأربعة، وعلى شهادة نفسه.

قلت: ما حكاه- أولاً- خلاف حكم ما تقدم لمحمد عن ابن القاسم وأشهب وأصبغ فتأمله.

الشيخ: سمع يحيى ابن القاسم في شاهدين نقلا شهادة رجل، وحكم بها، ثم قدم فأنكر أنه أشهدهما، أو عنده في ذلك علم، قال مالك: يفسخ ذلك.

وفي سماع عيسى إن نقلا عن شاهد، فحكم له مع اليمين، أو عن اثنين فحكم بها، ثم قدم من نقلا عنه فأنكر؛ فالحكم ماض، ولا غرم عليهما، ولا يقبل تكذيبه لهما.

وروى نحوه أبو زيد.

وعن المازري: الأول؛ لرواية ابن حبيب، وعن الثاني لمُطرف وابن القاسم.

ابن رشد: جعل ابن القاسم إنكار الشهود بعد الحكم كرجوع الشاهد عن الشهادة بعد الحكم في أن الحكم لا يرد لاستواء المسألتين في أن الحاكم حكم بما يجوز له

ص: 418

من الشهادة دون تفريط.

ووجه تفرقة مالك هو أن إنكار المشهود على شهادته إن كان صادقاً في إنكاره وتكذيبه من نقل عنه؛ بطلت الشهادة لتصديقه في تكذيبه شهادته؛ إذ لم يثبت عليه أنه أشهدهما على شهادته، ثم رجع عنها، فوجب رد الحكم لئلا يتلف على المقضي عليه ماله، والشاهدان إذا رجعا عن شهادتهما مقران بالعداء على المحكوم عليه.

ابن الحاجب: وإذا كذب الأصل قبل الحكم بطلت، وبعده تامة.

ابن القاسم: يمضي، ولا غرم.

ابن حبيب: ينقض، وقيل: يمضي ويغرم الأصل لرجوعهم.

قلت: قوله: قبل الحكم بطلت.

قال ابن رشد: اتفاقاً، والقول الثالث لم يحكه الشيخ ولا ابن رشد.

وقال اللخمي في كتاب الرجم: إن شهد اثنان على شهادة أربعة؛ فلم يحدوا على قول ابن القاسم حتى قدم الأربعة المنقول عنهم، فإن ثبتوا على شهادتهم؛ حد المشهود عليه، واختلف إن أنكروا أنهم أمروهما بالنقل عنهم، فقال محمد: يحد القادمون؛ لأنهما صارا شاهدين عليهم بقذفهم هذا الرجل، وجعلهم كالراجعين عن شهادتهم، وإن نقل اثنان عن ثلاثة، وواحد على المعاينة؛ فلم يحد حتى قدم الثلاثة، فإن ثبتوا على ما نقل عنهم؛ حدوا هم، والرابع الشاهد بالمعاينة على قول ابن القاسم، ولم يحدوا على قول أشهب، وحد المشهود عليه؛ لأنهم يضم الشهادة، وإن أنكروا، وقالوا: ما أشهدناهما بشيء لم يحد المشهود عليه، ويختلف في حد المنقول عنهم فعل قول محمد، وعلى قول مالك في شاهدين على شهادة رجلين بمال، فقضي بشهادتهما، ثم قدم المنقول عنهما فأنكرا الشهادة أنه يرد الحكم لا يحدون.

وقال الأخوان، وأصبغ، وابن القاسم: الحكم ماض، ولا شيء على المنقول عنهم، ولا على الناقلين، فرد مالك الحكم، ولم يرهم كالراجعين عن شهادتهم، وعلى قوله هذا لا يحد القادمون، وعلى قول مطرف وابن القاسم أيضاً؛ لا يحد المنقول عنهم، وتسقط دية المرجوم إذا نقل أربعة عن أربعة، ورجم، ثم أنكر المنقول عنهم.

ص: 419

وعلى قول محمد يغرم القادمون الدية والمال إذا كان الحكم بمال.

وذكر ابن سحنون القولين إذا أنكر المنقول عنهم بعد الحكم: هل ينقض الحكم أم لا؟

قلت: فلا أعلم ما يثبت نقل ابن الحاجب القول الثالث إلا قول اللخمي.

وعلى قول محمد يغرم القادمون الدية والمال إذا كان الحكم بمال.

ويرد بأنه إنما قاله محمد في تكذيبهم من نقل عنهم قبل الحكم.

وتقدم نقل ابن رشد الاتفاق على بطلان شهادتهم في تكذيبهم من نقل عنهم قبل الحكم، ولا يلزم من جعلهم راجعين قبل الحكم، جعلهم كذلك بعد الحكم لما تقدم من توجيه.

ابن رشد: القول بإمضاء الحكم.

وتبعه المازري في عزوه لمحمد في المسألة التي ذكر عنه أن المنقول عنهم بإنكارهم كالراجعين، ولم يصرح بإغرامهم.

وزاد الشيخ في مسألة تكذيب الأصل من نقل عنهم قبل الحكم- من الموازية- أنه لا يجوز أن ينقل عنه إلا أن يكون صار ذلك إقراراً على نفسه، أو آل إلى أن صار بمجرده منفعة فينفذ ذلك عليه.

قلت: صيرورته إقراراً بأن تكون شهادة الأصل بدين على رجل فلم تنقل عنه حتى مات المدين على المال، والأصل وارثه وصيرورة جحوده منفعة له أن تكون شهادة الأصل على المشهود عليه بدين، وهو مدين للأصل فلم ينقل عنه حتى فلس.

المازري: ولو لم يعلم تكذيب المنقول عنهم للناقلين إلا من جهة أخرى نقلت عنهم أنهم كذبوا الناقلين عنهم؛ لمنع هذا من إيقاع الحكم لما وقع من الاختلاف في الشهادة على المنقول عنهم، ولم تثبت هذه البينة الأخرى بتكذيب الناقلين إلا بعد الحكم، فقد أشار بعض العلماء إلى أن نقض الحكم فيه آكد من نقضه بظهور فسق من حكم بشهادته لعدالته، ولعلة عنده أن بينة النقل وبينة نقل تكذيبهم للأصل إنما هما عن قطع، وبينتا التعديل والتجريح إنما هما عن ظن.

ص: 420