الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكأنه رأى أن هذا صيانة لقاعدة الشرع؛ لأنه لو منعنا المدعي من المدعى فيه، ولم يحلف المدعى عليه لم يشأ أحد أن يصرف خصمه عن طلبه من غير أن يمكنه مما ادعى فيه، ولا يحلف له إلا فعل ذلك بأن يضيف المدعى فيه لغائب، ثم ذكر فروعاً لم يضف أقوالها للمذهب فلا ضرورة لذكرها.
قال ابن الحاجب: فإن كان غائباً لزمته اليمين أو البينة، وانتقلت الحكومة إليه، فإن نّكَل أخذه بغير يمين.
قلتُ: ضمير لزمته اليمين يجب عوده على المقر وضمير (إليه) عوده إلى الغائب، والضمير المستكن في (نكل) عائد على المقر، وفي (أخذ) عائد على المدعي، والضمير المفعول (بأخذه) عائد على المدعى فيه، بهذا يستقيم موافقته لما تقدم عن المازري ونحوه لابن شاس، ولا يخفى على منصف إجمال كلام ابن الحاجب، ولو جاء بهذه الضمائر مظهرة كان أولى به.
[(باب النكول]
**** امتناع من وجب عليه أو له يمين منها.
قال ابن الحاجب: ويجري فيما يجري فيه الشاهد واليمين.
قلتُ: فاعل (يجري) ضمير يفسره السياق عائد على حكمه المذكور بعد، وهو إثباته القضاء على الناكل بنكوله مع يمين المدعي، ولا يخفى إجمال دلالة قوله على
هذا المعنى.
الشَّيخ لابن سَحنون عنه: قال مالك: ولكنه لا يجب الحق بنكول المدعى عليه حتى يحلف المدعي، ولم يختلف في ذلك أهل المدينة.
قال مالك: وإن جهل ذلك الطالب ذكر له القاضي حتى يحلف الطالب.
قال أشهب: لم يختلف في ذلك أهل العلم، وقول ابن شاس: ويتم النُكُول بقوله: لا أحلف وأنا ناكل، وبقوله له: أحلف أو يتمادى على الامتناع من اليمين، الروايات والأقوال واضحة بصحته، وقول ابن شاس: إذا تم نكوله، ثم قال: أنا أحلف لم يقبل هو قولها.
قال مالك: إذا نَكَل مدعو الدم عن اليمين، وردوا الأيمان على المدعى عليه، ثم أرادوا بعد ذلك أن يحلفوا لم يكن لهم ذلك، وكذلك قال لي مالك فيمن أقام شاهداً على مال وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له أني حلف ليس له ذلك.
وسمع عيسى ابن القاسم في رسم الجواب من كتاب المديان: إن قال المدعى عليه للمدعي بعد أن طلب يمينه: احلف أنت وخذ، فإذا هم المدعي بالحلف.
قال المدعى عليه: لا أرضى بيمينك، ما ظننتك تحلف لا رجوع للمدعى عليه كان ذلك عند السلطان أو غيره.
ابن رُشْد: مثله في كتاب الدعوى والصلح.
وفي كتاب الديات: ولا خلاف أعلمه في ذلك بعد أن يردها على المدعي، ولو نكل عنها، ولم يردها عليه، ففي كونه كذلك وصحة رجوعه قولان؛ لظاهر رواية عيسى عن ابن القاسم في المدنيَّة مع ظاهر قولها في الديات، وظاهر قول ابن نافع في المدنيَّة.
قلتُ: ومثله في رسم القبلة من سمَاع ابن القاسم في الديات بزيادة إلا أن يكون لهم عذر بين.
سَحنون: مثل أن يزعموا أن الميت عليه دين أو يكون أوصى بوصايا.
ابن رشد: تفسير سحنون بين، لأنه إذا أبى أن يحلف مع شاهده على حق يدعيه لميته لأجل أنه قيل له أنه أوصى بوصايا أو عليه دين، ثم علم أنه ليس على الميت دين، ولا أوصى بشيء والعذر في القسامة غير هذا، وقوله: إن لهم أن يرجعوا إلى القسامة إن كان لهم عذر ينبغي أن يحمل على التفسير لما في المدونة من كتاب الديات، وفي تعليقه أبي عمران في المدعي عليه يلتزم اليمين، ثم يريد الرجوع إلى إحلاف المدعي أن له ذلك، لأن التزامه ليس أشد من التزام الشرع له.
قال: وخالفني ابن الكاتب، وقال: ليس له رد اليمين، وقول ابن شاس: ونكول المدعي بعد نكول المدعي عليه كحلف المدعي عليه هو نص الروايات فيها، وفي غيرها، ومثله قول ابن الحاجب، وكذلك لو ادعى أنه قضاه، ثم نكل بعد نكوله لزمه.
الشيخ عن ابن عبد الحكم: إن قال من وجبت عليه يمين: اضرب لي أجلاً لأنظر في حسابي وأمري أمهل بقدر ما يراه، وفي طرر ابن عات الشعباني: إن طلب من وجبت عليه يمين أن يؤخر بها اليومين والثلاثة، لينظر في محاسبته فله ذلك، ولا يزاد على ذلك، ثم ذكر قول ابن عبد الحكم قال: وقال غيره: ليس له ذلك إلا برضا الطالب وإذنه، لأن على القاضي إنفاذ الحق على الخصم إذا وجد لذلك سبيلاً.
قلت: فالأقوال ثلاثة، وتقييد ابن شاس تأخيره بكفيل بوجهه صواب، يريد: ويغرم المال بعد حلف المدعي إن لم يأت به، ولم يحك ابن الحاج في نوازله إلا القول بعدم تأخيره، وأما عكس هذا، وهو أن يطلب المدعي تأخير حلف المدعي عليه، ففي نوازل ابن الحاج: ليس له ذلك إلا برضا المطلوب، وهو مقتضى قول ابن عات في طرره: من وجبت له يمين على رجل فتغيب عن قبضها، وكل القاضي من يتقاضاها إذا ثبت عنده مغيبه، ويشهد على ذلك.
ابن زرقون: اختلف في توجه يمين التهمة، فمذهب المدونة في تضمين الصناع والسرقة: أنها تتوجه، وعلى الأول فالمشهور لا تنقلب، وفي سماع عيسى من كتاب الشركة أنها تنقلب.
قلت: هو كلام ابن رشد.