المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[كتاب الشهادات] الشهادات: ابن عبد السلام: لا حاجة لتعريف حقيقتها؛ لأنها - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٩

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌[باب التحويز]

- ‌باب في الحوز الفعلي في عطية غير الإبن

- ‌[باب الاعتصار]

- ‌[باب صيغة الاعتصار]

- ‌باب هبة الثواب

- ‌[باب الهبة بشرط عوض عيناه]

- ‌[باب العدة]

- ‌[كتاب اللقطة]

- ‌[باب الضالة]

- ‌[باب الآبق]

- ‌[باب اللقيط]

- ‌[كتاب القضاء]

- ‌[باب في شروط صحة ولاية القضاء]

- ‌[باب في الشروط في القضاء التي عدمها يوجب عزل القاضي وتنعقد الولاية مع فقدها]

- ‌[باب ما يقضى فيه بالصفة في الشهادة]

- ‌[باب في الخطأ الموجب لرد حكم العالم العدل]

- ‌[كتاب الشهادات]

- ‌[باب في شروط الشهادة في الأداء]

- ‌[باب العدالة]

- ‌[باب في المروءة]

- ‌باب في التعديل

- ‌باب مانع الشهادة

- ‌[باب فيما تثبت به الحرابة]

- ‌[باب فيما تصير به الأمة أم ولد]

- ‌[باب شهادة السماع]

- ‌باب تحمل الشهادة

- ‌باب أداء الشهادة

- ‌[باب النقل]

- ‌[باب الرجوع عن الشهادة]

- ‌[باب تعارض البينتين]

- ‌[باب الملك]

- ‌[باب الدعوى]

- ‌[باب المدعي والمدعى عليه]

- ‌[(باب النكول]

- ‌[باب الخلطة]

- ‌[باب في القتل]

- ‌[باب العمد في القتل]

- ‌[باب في السبب الموجب للقود]

- ‌[باب في التسبب الموجب للدية في المال]

- ‌[باب في التسبب الموجب للدية على العاقلة]

- ‌[باب الموجب لحكم الخطأ]

الفصل: ‌ ‌[كتاب الشهادات] الشهادات: ابن عبد السلام: لا حاجة لتعريف حقيقتها؛ لأنها

[كتاب الشهادات]

الشهادات: ابن عبد السلام: لا حاجة لتعريف حقيقتها؛ لأنها معلومة.

ص: 216

قلت: وقال القرافي في قواعده: أقمت نحو ثماني سنين أطلب الفرق بين الشهادة والرواية، وأسأل الفضلاء عنه، وتحقيق ماهية كل واحدة منهما، فيقولان: الشهادة؛ يشترطون فيها العدد والذكورية والحرية بخلاف الرواية، فأقول لهم: اشتراط ذلك فرع تصورها، وتمييزها عن الرواية، فلو عرفت بآثارها وأحكامها التي لا تعرف إلا بعد معرفتها؛ لزم الدور وإذا وقعت حادثة غير منصوصة من أين لنا أنها شهادة، فيشترط فيها شروطها أو رواية؛ فلا يشترط فيها ذلك، وإجراء العلماء الخلاف في قبول خبر الواحد في رؤية هلال رمضان على كونه رواية أو شهادة، وفي خبر الواحد بعدد ما صلى إمامه على ذلك لا يتصور مع جهل حقيقتها؛ وإنما يتصور ذلك مع إدراك حقيقة كل منهما، ولم أزل كذلك في شدة قلق حتى طالعت شرح البرهان للمارزي رضي الله عنه، فوجدته حقق المسألة، وميز بين الأمرين من حيث هما، واتجه تخريج الفروع اتجاهًا حسنًا، وظهر أي سببين أقوى، وأي القولين أرجح، وأمكننا إذا وجدنا خلافًا لم يذكر سببه أن يخرج على وجود السببين فيه إن وجدناهما، ونشترط ما نشترطه، ونسقط ما نسقطه، وكنا على

ص: 222

بصيرة في كل ذلك، فقال: هما خبران غير أن المخبر عنه إذا كان لا يختص بمعين فه الراية كقوله صلى الله عليه وسلم: ((الأعمال بالنيات))، والشفعة فيما لا ينقسم لا يختص بشخص معين؛ بل هو في كل الخلق والأعصار والأمصار بخلاف قول العدل عند الحاكم: لهذا عند هذا دينار؛ إلزام لمعين لا يتعداه، فهذا هو الشهادة، والأول هو الرواية، ثم تجتمع الشوايب بعد ذلك، ووجه مناسبة شرط العدل في الشهادة، وبقية الشروط أن إلزام المعين يتوقع فيه عداوة باطنة؛ لم يطلع عليها الحاكم، فاختلط الشارع لذلك، فاشترط معه آخر، وناسب شرط الذكورية؛ لأن إلزام المعين حكمًا غلبة وقهرًا تأباه النفوس الأبية، فهو من النساء أشد نكاية، فخفف ذلك عن النفوس بشرط الذكورية؛ ولأنهن ناقصات عقل ودين، واستقام تخريج الخلاف في رؤية هلال رمضان؛ لاشتماله على مثالية الخبر وهي العموم؛ لأنه لا يخص واحدًا بعينه وشائبة الشهادة؛ وهي خصوصة هذا العام، وأهل هذا القطر الطرق.

ثم قال: إن قلت: ما قررته من أن الشهادة حقيقتها التعلق بجزء، والرواية حقيقتها التعلق بكل منتقض، أما في الشهادة؛ فقد تنقض كالشهادة بالوقف على الفقراء إلى يوم القيامة، وكون الأرض عنوة أو صلحًا، فإنها كذلك إلى يوم القيامة، أما في الرواية؛ فإنها قد تكون في الأمور الجزئية؛ كالإخبار عن النجاسة بالماء المعين والثوب المعين، وأوقات الصلوات، وأوقات الصلوات، وأجاب عن الأول بأن العموم فيما ذكر من الشهادة إنما هو بالعرض، ومقصودها الأول؛ إنما هو جزئ، أما الوقف؛ فالمقصود بالشهادة فيه إنما هو الواقف لينزع منه المال الموقوف، وكون الموقوف عليه غير معين لا يقدح في ذلك.

وأما كون الأرض عنوة أو صلحًا؛ فلم أر فيه لأصحابنا نصًا، وأمكن أنه من باب الخبر والرواية؛ لعدم الاختصاص في المحكوم عليه، وأمكن كونه من باب الشهادة

ص: 223

لتعين المعلوم فيه؛ وهو الأرض.

وأما النقض على الرواية؛ فجوابه أن الأخبار عن نجاسة الماء المعين؛ إنما هو باعتبار وصفه من حيث كون صفته كلية لا باعتبار ذاته المخصوصة؛ ولذا كان كل ماء مماثل له في الصفة التي حكم عليه بالنجاسة لأجلها مماثل له في الحكم بنجاسته، وكذا الثوب.

قلت: هذا حاصل كلامه، وواضح كلامه أولاً: أقمت أطلب الفرق، وأسأل الفضلاء عنه، وعن تحقيق ماهية كل منهما.

نص في منافاته ابن عبد السلام: لا حاجة لتعريف حقيقة الشهادة، والحق قول القرافي: إنها لمعرفتها، وكان بعض شيوخ بلدنا يتعقب قول القرافي: أقمت مدة كذا أطلب الفرق بينهما حتى وقف على كلام المازري بأن الفرق المذكور في أيسر الكتب المتداولة بين مبتدئي الطلبة؛ وهو التنبيه لابن بشير.

قال في كتاب الصيام: لما كان القياس عند المتأخرين رد ثبوت الهلال لباب الأخبار؛ إذ رأوا أن الفرق بين باب الخبر وبين الشهادة؛ أن كل ما خص المشهود عليه فبابه باب الشهادة، وكل ما عم، فلزم القائل منه ما يلزم المقدار، فبابه باب الأخبار جعلوا في المذهب قوله بقبول خبر الواحد في الهلال، ولا تجده إلا في النقل عن ما يثبت عند الإمام، وكذا كان يتعقب عليه حكايته عن نفسه مثل ذلك في الفرق بين علم الجنس وعلم الشخص؛ فإنه مذكور في الجزولية، وتتميم الكلام في هذا يخرج عن المقصود، وما ارتضاه، وتبع فيه المارزي من أن الشهادة هي الخبر المتعلق بجزئي والرواية الخبر المتعلق بكل؛ يرد بأن الرواية تتعلق بالجزئي كثيرًا لحديثه صلى الله عليه وسلم:((يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة))، وحديث تميم الداري في السفينة التي لعب البحر بهم فيها حتى ألقتهم بجزيرة، ووجدوا فيها الرجل المفسر بالدجال إلى غير ذلك من

ص: 224

الأحاديث المتعلقة بأمور جزئية، ولأجل هذا تجدهم يقولون: اختلف في القضايا العينية تعم أم لا؟، وكآية {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد:1]، ونحوها كثير.

والصواب: أن الشهادة قول هو بحيث يوجب على الحاكم سماعه الحكم بمقتضاه إن عدل قائله مع تعدده، أو حلف طالبه؛ فتخرج الرواية والخبر القسيم للشهادة، وإخبار القاضي بما ثبت عنده قاضياً آخر يجب عليه الحكم بمقتضي ما كتب به إليه؛ لعدم شرط بالتعدد أو الحلف، وتدخل الشهادة قبل الأداء وغير التامة، لأن الحيثية لا توجب حصول مدلول ما أضيفت إليه بالفعل حسبما ذكروه في تعريف الدلالة، وهي باعتبار تحملها الروايات واضحة بأنها فرض كفاية.

في نوازن سحنون: سئل عن قوله تعالي: {وَلا يَابَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة:282] فقال: إذا كان للرجل عندك علم، فأشهدك عليه، وإن لم يكن له عندك علم؛ إنما يريد أن يشهدك ابتداء؛ فأنت في سعة إن وجد في البلد غيرك ممن يشهده، فقرره ابن رشد بأن تحمل الشهادة فرض كفاية يحمله بعض الناس عن بعض كصلاة الجنازة، فمن كان بموضع ليس فيه من يحمله عنه تعين عليه، وأما أن يدعي ليشهد بما علمه أو استحفظه، فإن ذلك واجب عليه، فمن كانت عنده شهادة؛ فلا يحل له كتمها، ولمه إذا دعي إليها أن يقوم بها.

الصقلي: اختلف في قوله تعالي: {وَلا يَابَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة:282]؛قال مالك وغيره: إنما ذلك أن يدعي لما كان شهد به قبل ذلك، قال مالك: وأما قبل أن يشهد، فأرجو أن يكون في سعة إن كان ثم من يشهد له.

المتيطي: اختلف في قوله تعالي: {وَلا يَابَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة:282]، قيل: حين يكتب الشهادة، وقيل: إذا دعوا لأدائها، وقيل: المراد الأمران، وذكرها المازري، وعزا لمالك الثاني، وظاهر ما ذكرناه عنهم أن الأداء فرض عين لا كفاية.

وقال ابن عبد السلام: إن كان الذي تحملها عدد أكثر من النصاب، كان الأداء فرض كفاية، وإن كان مقدار النصاب فأقل؛ فرض عين.

قلت: والصواب: إن كان المحتملون أكثر من النصاب أن ينظر في كيفية تحملهم،

ص: 225