المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ المقام التاسع: - المطلب الحميد في بيان مقاصد التوحيد

[عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌المقامات

- ‌مدخل

- ‌المقام الأول:

- ‌المقام الثاني:

- ‌المقام الثالث:

- ‌المقام الرابع:

- ‌المقام الخامس:

- ‌المقام السادس:

- ‌المقام السابع:

- ‌المقام الثامن:

- ‌ المقام التاسع:

- ‌المحجة

- ‌الرد على احمد بن علي بن احمد بن سليمان المرائي

- ‌المراسلات

- ‌مدخل

- ‌الرسالة الأولى

- ‌الرسالة الثانية

- ‌الرسالة الثالة

- ‌الرسالة الرابعة

- ‌الرسالة الخامسة

- ‌الرسالة السادسة

- ‌الرسالة السابعة

- ‌الرسالة الثامنة

- ‌الرسالة التاسعة

- ‌الرسالة العاشرة

- ‌الرسالة الحادية عشر

- ‌الرسالة الثانية عشر

- ‌الرسالة الثالثة عشر

- ‌الرسالة الرابعة عشر

- ‌الرسالة الخامسة عشر

- ‌الرسالة السادسة عشر

- ‌الرسالة السابعة عشر

- ‌الرسالة الثامنة عشر

- ‌الرسالة التاسعة عشر

- ‌الرسالة العشرون

- ‌الرسالة الواحده العشرون

- ‌الرسالة الثانية والعشرون

- ‌الرسالة الثالثة والعشرون

- ‌الرسالة الرابعة والعشرون

- ‌الرسالة الخامسة والعشرون

- ‌الرسالة السادسة والعشرون

- ‌الرسالة السابعة والعشرون

- ‌الرسالة الثامنه والعشرون

- ‌الرسالة التاسعه والعشرون

- ‌الرسالة الثلاثون

- ‌الرسالة الواحدة والثلاثون

- ‌الرسالة الثانية والثلاثون

- ‌الرسالة الثالثة والثلاثون

- ‌الرسالة الرابعة والثلاثون

- ‌الرسالة الخامسة والثلاثون

- ‌الرسالة السادسة والثلاثون

- ‌الرسالة السابعة والثلاثون

- ‌الرسالة الثامنه والثلاثون

- ‌الرسالة التاسعة والثلاثون

- ‌الرسالة الأربعون

- ‌الرسالة الواحدة والأربعون

- ‌الرسالة الثانية والأربعون

- ‌الرسالة الثالثة والأربعون

- ‌الرسالة الرابعة والأربعون

- ‌الرسالة الخامسة والأربعون

- ‌الرسالة السادسة والأربعون

- ‌الرسالة السابعة والأربعون

- ‌الرسالة الثامنة والأربعون

- ‌الرسالة التاسعة والأربعين

- ‌الرسالة الخمسون

- ‌الرسالة الواحده والخمسون

- ‌الرسالة الثانية والخمسون

- ‌الرسالة الثالثة والخمسون

- ‌الرسالة الرابعة والخمسون

- ‌الرسالة الخامسة والخمسون

- ‌الرسالة السادسة والخمسون

- ‌الرسالة السابعة والخمسون

- ‌الرسالة الثامنة والخمسون

الفصل: ‌ المقام التاسع:

كما ألحقه هذه إخوانهم من السابقين الأولين فيا لها عبرة ما أقطعها لحجة من شك وارتاب وما أنفعها في الاعتبار لمن أراد الحق وطلبه وإليه أناب فهذا تمام الثمانية فاقرأها وتدبرها سرا وعلانية وقد اقتصرت فيها غاية الاقتصار وأشرت إلى بعض الوقائع بايجاز واختصار نسأل الله أن يجعلها نافعة ولمن أبداها وكتبها وانتفع بها شافعة والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيد المرسلين وإمام المتقين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا سنة 1283هـ.

ص: 24

وهذا هو‌

‌ المقام التاسع:

وأما الدول التركية المصرية فابتلى الله بهم المسلمين لما ردوا حجاج الشام عن الحج بسبب أمور كانوا يفعلونها في المشاعر فطلبوا منهم أن يتركوها وأن يقيموا الصلاة جماعة فما حصل منهم ذلك فردهم سعود رحمه الله: تعالى، فغضبت الدولة التركية وجرى عندهم أمور يطول عدها ولا فائدة في ذكرها فأمروا محمد على صاحب مصر أن يسير إليهم بعسكره وبكل ما يقدر عليه من القوة والكيد فبلغ سعودا ذلك فأمر ابنه عبد الله أن يسير لقتالهم وأمره أن ينزل دون المدينة فاجتمعت عساكر الحجاز على عثمان بن عبد الرحمن المضايفي وأهل بيشة وقحطان وجميع العربان فنزلوا الجديدة فاختار عبد الله ابن مسعود القدوم عليهم والاجتماع بهم وذلك أن العسكر المصري في ينبع فاجتمع المسلمون في بلد حرب وحفروا في مضيق الوادي خندقا وعبوا الجموع فصار في الخندق من المسلمين أهل نجد وصار عثمان ومن معه من أهل الحجاز في الجبل فوق الخندق فحين نزل العسكر أرزت العساكر خيولهم وعلموا أنه لا طريق لها إلى المسلمين فاخذوا يضربون بالقبوس فدفع الله شر تلك القبوس الهائلة عن المسلمين إن

ص: 24

رفعوها مرت ولا ضرت وإن خفضوها اندفعت في التراب فهذه عبرة وذلك أن أعظم ما معهم من الكيد أبطله الله في الحال ثم مشوا على عثمان ومن معه في الجبل فتركهم حتى قربوا منه بما احتسبوهم به وما أعدو لهم حين أقبلوا عليهم فما أخطأ لهم بندق فقتلوا العسكر قتلا ذريعا وهذه أيضا من العبر لأن العسكر الذي جاءهم أكثر منهم بأضعاف ومع كل واحد من الفرود والمزندات فما أصابوا رجلا من المسلمين وصار القتل فيهم وهذه أيضا عبرة عظيمة هذا كله وأنا أشاهده ثم مالوا إلى الجانب الأيمن من الجبال بجميع عسكرهم من الرجال وأما الخيل فليس لها فيه مجال فانهزم كل من كان على الجبل من أهل بيشة وقحطان وسائر العربان إلا ما كان من حرب فلم يحضروا فاشتد على المسلمين لما صاروا في أعلى الجبل فصاروا يرمون المسلمين من فوقهم فحمى الوطيس آخر ذلك اليوم ثم من الغد فاستنصر أهل الإسلام ربهم الناصر لمن ينصره فلما قرب الزوال من اليوم الثاني نظرت فاذا برجلين قد أتيا فصعدا طرف ذلك الجبل فما سمعنا منهم بندقا ثارت الا أن الله كسر ذلك البيرق ونحن ننظر فتتابعت الهزيمة على جميع العسكر فولوا مدبرين وجنبوا الخيل والمطرح وقصدوا لطريقهم الذي جاؤا معه فتبعهم المسلمون يقتلون ويسلبون هذا ونحن ننظر إلى تلك الخيول قد حارت وخارت وظهر عليهم عسكر من الفر سان من جانب الخندق ومعهم بعض الرجال فولت تلك الخيول مدبرة فتبعتهم خيول المسلمين في أثرهم وليس معهم زاد ولا مزاد فانظر إلى هذا النصر العظيم من الإله الحق رب العباد لأن الله هزم تلك العساكر العظيمة برجلين فهذه ثلاث عبر لكن أين من يعتبر فأخذوا بعد ذلك مئة من السنين ثم بعد ذلك سار طلسون كبير ذلك العسكر الذي هزمه الله فقصد المدينة فورا وأمر سعود على عبد الله ومن معه

ص: 25

من المسلمين أن ينهضوا أن ينهضوا لقتالهم فوجدوهم قد هجموا على المدينة ودخلوها وأخرجوا من كان بها من أهل نجد وعسير فحج المسلمون تلك السنة فأقبل ذلك العسكر فنزلوا رابغ ونزل المسلمون وادي فاطمة فخان لهم شريف مكة وضمهم إليه وجاؤا مع الخبت على غفلة من المسلمين فعلم المسلمون أنه لا مقام لهم مع ما جرى من الخيانة فرجعوا إلى أوطانهم فخاف عثمان وهو بالطائف أن يكون الحرب منهم ومن الشريف عليه لما يعلم من شدة عداوتهم فخرج باهله وترك لهم الطائف أيضا مخافة أن يجتمعوا على حربه وليس معه إلا القليل من عشيرته ولا يأمن أهل الطائف أيضا فنزل المسلمون بتربة بعد ذلك نحوا من شهر ثم رجعوا حين أكلوا ما معهم من الزاد فجرى بعد ذلك نحوا من شهر ثم رجعوا حين أكلوا ما معهم من الزاد فجرى بعد ذلك وقعات بينهم وبين المسلمين لا فائدة في الإطالة بذكرها والمقصود أن إستيلاءهم على المدينة ومكة والطائف كان بأسباب قدرها الملك الغلاب فيريك عزته ويبدي لطفه والعبد في الغفلات عن ذا الشأن وفيها من العبر أن الله أبطل كيد العدو وحمى الحوزة وعافى المسلمين من شرهم وصار المسلمون يغزونهم فيما قرب من المدينة ومكة في نحو ثلاث سنين أو أربع فتوفى الله سعودا رحمه الله تعالى: وهم غزاة على من كان معينا لهذا العسكر من البوادي فأخذوا وغنموا فبقي لهم من الولاية ما كانوا عليه أولا إلا ما كان من مكة والطائف وبعض الحجاز وبعد وفاة سعود تجهزوا للجهاد على اختلاف كان من أولئك الأولاد فصاروا جانبين جانبا مع عبد الله وجانبا مع فيصل أخيه فنزل الحناكية عبد الله ونزل فيصل تربة باختيار وأمر من أخيه له فوافق أن محمد على حج تلك السنة فواجه فيصل هناك فطلب منه أن يصالحه على الحرمين فأبى فيصل وأغلظ له الجواب وفيما قال

ص: 26

لا أصلح الله من يصالحكم حتى يصالح ذيب المعز راعيها فأخذت محمد علي العزة والأنفة فسار إلى بسل الظاهر أنه كان حريصا على الصلح فاستعجل فيصل بمن معه فساروا إليه في بسل وقد استعد لحربهم خوفا مما جرى منهم فأقبلوا وهم في منازلهم فسارت عليهم العساكر والخيول فولو مدبرين لكن الله أعز المسلمين فحبس عنهم تلك الدول والخيول حتى وقفوا على التلول فسلم أكثر المسلكين من شرهم واستشهد منهم القليل ولا بد في القتال من أن ينال المسلم وينال منه قال تعالى: وتلك الأيام نداولها بين الناس الآيات وقال تعالى: وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم إلى قوله: والله يحب الصابرين الآيات وقد قال هرقل لأبي سفيان فما الحرب بينكم وبينه قال سجال ينال منا وننال منه فهذه سنة الله في العباد زيادة للمؤمنين في الثواب وتغليظا على الكافرين في العقاب وأما عبد الله فرجع بمن معه فلم يلق كيدا دون المدينة فتفكر في حماية الله لهذه الطائفة مع كثرة من عاداهم وناواهم ومع كثرة من أعان عليهم ممن ارتاب في هذا الدين وكرهه وقبل الباطل وأحبه فما أكثر هؤلاء لكن الله قهرهم بالإسلام ففي هذا المقام عبرة وهو أن الله أعزهم وحفظهم من شر من عاداهم فلله الحمد والمنة وبعد ذلك رجع محمد بن علي إلى مصر وبعث الشريف غالب إلى اسطنبول وأمر ابنه طلسون أن ينزل الحناكية دون المدينة وأمر العطاس بالصلح بينهم وبين عبد الله بن سعود نوع من العجلة في الأمور فأمروا على الرعايا بالمسير إلى الرس فنزلوا الرويضة فتحصن أهل الرس بمن عندهم فأوجبت تلك العجلة أن يستفزعوا أهل الحناكية فلما جاء

ص: 27

الخبر بإقبالهم ارتحلوا يلتمسون من أعانهم من حرب ما بينهم وبين المدينة فصادفوا خزانة العسكر فقتلوهم وأخذوا ما معهم فهذا مما يسره الله لهم من النصر من غير قصد ولا دراية فرجع المسلمون إلى عنيزة والعسكر نزلوا الشبيبية قريبا منهم ويسر الله للمسلمين سببا آخر وذلك من توفيق الله ونصره وجاهدوا جيشا وخيلا فأغاروا على جانب العسكر فخرجوا عليهم فهزمهم الله وقتل المسلمون فيهم قتلا كثيرا فألقى الله الرعب في قلوبهم على كثرة من أعانهم وقوة أسبابهم وذلك من نصر الله لهذا الدين فرجعوا إلى الرس خوفا من هجوم المسلمين عليهم فتبعهم المسلمون ونزلوا الحجناوي فقدم العطاس على الأمر الذي عمده عليه محمد علي فوجد الحال قد تغير فقصدهم إبتداء فمنعوه مما جاء له ثم إنهم سعوا في الصلح والمسلمون على الجحناوي وكل يوم يجرى بين الخيل طراد فمل أكثر المسلمين عن الاقامة فلم يبق منهم الاشرذمة قليلة فجاء منهم أناس يطلبون الصلح فأفصلحهم عبد الله رحمه الله تعالى: وطلبوا منه أن يبعث معهم رجلا من أهل بيشة خوفا أن يعر ض لهم أحد من المسلمين في طريقهم فمشى محمد بن حسين بن مشاري الى المدينة والمقصود أن الله سبحانه وتعالى أذلهم وألقى الرعب في قلو بهم وحفظ المسلمين من شرهم بل غنمهم مما بأيديهم من حيث بذلهم المال شراء الهجن فاشتروا من المسلمين الذلول بضعفي ثمنها وهذا كله مما يفيد صحة هذا الدين وأنه الذي يحبه الله ويرضاه وهو الذي يسر أسباب نصر من تمسك به وخذلان من ناوأهم وعاداهم في هذا الدين فتفكر يامن له قلب ولولا ماصار في أهل هذا الدين من مخالفة المشروع في بعض الأحوال لصار النصر أعظم مما جرى لكن الله تعالى عفى عن الكثير وحمى دينه عمن أراد اطفاءه فلله الحمد لانحصي ثناء عليه

ص: 28

هو كما اثنى على نفسه وفوق مايثني عليه خلقه فتدبر هذه الوقائع ومافيها من الألطاف العجيبة والدلالات الظاهرة على صدق هذه الدعوة إلى التوحيد وإخلاص العبادة الله والتجريد وإنكار الشرك والتنديد والاهتمام بإقامة حقوق الإسلام على ماشرعه الله تعالى ورسوله والنهي عما حرمه

الله ورسوله من الشرك والبدع والفساد الذي وقع في آخر هذه الأمة لكن خفي على أهل الشقاق والعناد فلو ساعد القدر وتم هذا الصلح لكان الحال غير الحال لكن ما أراده الله تعالى وقع على كل حال لكن جرى من عبد الله ابن سعود رحمه الله تعالى: ما أوجب نقض ذلك الصلح وهو أنه بعث عبد الله به كثير لغامد وزهران بخطوط مضمونها أن يكونوا في طرفه وفي أمره فبعثوا بها إلى محمد علي فلم يرض بذلك وقال إنهم من جملة من وقع عليهم الصلح فهذا هو سبب النقض وأنشأ عسكرا مع ابرهيم باشا ونزل الحناكية ودار الرأي عند عبد الله بن سعود وأهل الرأي يقولون أضبط ديرتك واحتسب بالزهبة كذلك أهل البلدان واتركوه على هيبته فان مشى تبين لكم الرأي وربما أن الله يوفقكم لرأي يصير سبب كسره وجاء حباب وغصاب يريدون أن يخلوا بعبد الله السفر وملازمته في مجلسه ومأكله ومشربه ونومه ويقظته فأدركاه على الخروج بالمسلمين والعربان فوصلوا الماوية وفيها عسيكر فضربوهم بالديز في المدفع ووقع هزيمة وقى الله شرها وغدى فيها قليل من المسلمين وبعدها جسر إبراهيم باشا على القدوم فنزل القصيم وحربهم قدر شهرين وأيدهم الله بالنصر لما كانوا مستقيمين صابرين وعزم على الرجوع عنهم لكن قوى عزمه فيصل الدويش وطمعه وخوفه وبعد هذا صالحوه أهل الرس وعبد الله بمن معه في عنيزة وأقفى البلده وأشار عليهم مبارك الظاهري أنه يجيء بثلاثة آلاف من الابل عند بن جلهم ويجعل عليهم الأشدة ويشيل

ص: 29

عليها كل ماكان له ولايخلي في الدرعية له طارفة ويصد مع عربان قحطان ونحوهم وكل من كان له مرؤة من بدوي أوحضري راح معه كذلك الذي يخاف فلو ساعد القدر لم يظفر به عدوة وتبرأ منهم من أعانهم من مطير وغيرهم ولله فيما جرى حكم قد ظهر بعضها لمن تدبر وتفكر وهذا الرأى أسلم له وللذي يريد القعود ويكون ظهره على السعة يذكر له أنك يا عبد الله إذا صرت كذلك صار لك في العسكر مكائد منها قطع سابلة مابينه وبين المدينة وهذا رأي سديد ولكن لم يرد الله قبوله لأن الأقدار غالبة ولو قدر هذا لكان فنزل الدرعية وأخذ قدر ثمانية أشهر محصنين عنه وهو يضربهم بالقنابر والقبوس فوقى الله شره وأراد بعد ذلك أنه يزحمهم مع أماكن خالية مافيها أحد لأن البلد مطاول وليس فيها سور ينفع والمقاتلة قليل وانتهى الأمر إلى الصلح فأعطاهم العهد والميثاق على ما في البلد من رجل أو مال حتى التمرة التي على النخل لكن لم يف لهم بما صالحهم عليه لكن الله تعالى وقى شره عن أناس معه عليهم حنانة بسبب أناس من أهل نجد يكثرون فيهم عنده فكف الله يده ويد العسكر وعذروا سليمان ابن عبد الله وآل سويلم وابن كثير عبد الله بسبب البغدادي الخبيث حداه عليهم فاختار الله لهم وبعد هذا شتت أهل البلد عنها وقطع النخيل وهدم المساكن إلا القليل وانتقل للحور بعسكره وروح من ورح لمصر بعد روحة عبد الله بن سعود رحمه الله تعالى: تبعه عيال وإخوانه وكبار آل الشيخ وبعد ذلك حج فسلط الله على عسكره الفناء ولا وصل مصر حل بهم عقوبات أهل الإسلام فمش على السودان ولا أظفره الله فرجع مريضا ثم إن محمد علي بعث إبنه إسماعيل وتمكن منهم بصلح فلما رأوا منه الخيانة بأخذ عبيد وجواي أحرقوه بالنار في بيته ومن معه من العسكر

ص: 30

ثم بعده روح لهم دفتر دار ولاذبل منهم شيئا وأما عساكر الحجاز التي وصلت مصر قبل إبراهيم باشا حسن بيه الذي في مكة وعابدين الذي صار في اليمن فسيرهم محمد علي قبل هذا الحرب موره وجريد لما خرجوا على السلطان فاستمده السلطان على حربهم فأمده بهذين العسكرين فهلكوا عن آخرهم ولم يفلت منهم عين تطرف وذلك أن مورة وجريد في الأصل ولاية للسلطان فخرجوا عليه فهلك من عسكر السلطان والعساكر المصرية في حربهم مالا يحصى وهذه عقوبة أجراها الله عليهم بسبب ما جرى منهم على أهل الإسلام حتى العرناووط في جبلهم عصوا على السلطان قبل حادثة مورة وجريد وبعد هذا اشتد الأمر على السلطان وبعث يستنصر محمد علي فبعث لهم عسكرا كبيرهم قار علي فهلكوا في البحر قبل أن يصلوا ثم إن السلطان بعث نجيب أفندي لمحمد علي يطلب منه أن يسير بنفسه فبعث إليه يعتذر بالمرض وأن إبراهيم باشا يقوم مقامه وقبل ذلك بعث حسين بيه الذي سبا أهل نجد وقتل منهم البعض في ثرمدا وفزع للسلطان قبل روحة ابراهيم باشا بعسكره الذي كان معه في نجد وتبعه إبراهيم باشا يمده ونزلوا موره لحرب أهلها فأذلهم الله لهم فقتلوا فيهم قتلا عظيما فأما عسكر حسين بيه فلا قدم مصر منه إلا صبي وأما إبراهيم باشا فاشترى نفسه منهم بالأموال فانظر إلى هذه العقوبات العاجلة التي أوقعها الله على الآمر والمأمور وأكثر الناس لا يدري بهذه الأمور وهذا الذي ذكرناه فيه عبرة عظيمة وشاهد لأهل هذا الدين أن الله لما سلط عليهم عدوهم ونال منهم ما نال صار العاقبة السلامة والعافية لمن ثبت

على دينه واستقام على دين الإسلام ثم ان الله تعالى أوقع بعدوهم ماذكرنا وأعظم لكن ذكرنا الواقع على سبيل الاختصار لقصد الاعتبار فاعتبروا يا أولى الأبصار ثم

ص: 31

أن الله أجرى على فئة أعانهم من أهل نجد ممن شك منهم في هذا الدين وأكثر الطعن على المسلمين أن الله تعالى أفناهم وهذه أيضا من العبر لم يبق أحد ممن ظهر شره وإنكاره وعداوته للمسلمين إلا عوجل بالهلاك والذهاب ولا فائدة في الإطالة بعدهم ومن سألنا أخبرناه عنهم بأعيانهم وأما ظهور خالد وإسماعيل فإنهم لما جاء الخبر بأنهم وصلوا المدينة وخرجوا منها استشار فيصل رحمه الله تعالى: في الغزو أو الإقامة فأشرت بأن يخرج بالمسلمين ويكون البطينيات من الدجاني إلى ما دونه وينزل قريبا من العربان لأن أكثر رعيهم من الدهنا ويؤلف كبارهم بالزاد وينقل الحب من سدير والوشم وزاد الحسا والقطيف من تمر وعيش ويقرب منه كبار العربان بالزاد وكذلك من معه من المسلمين ويصير له رجاجبل في القصيم عند من ثبت وينتظر فلو ساعد القدر تم الرأي لا يقدر العسكر أن يتعدى القصيم للوشم والعارض وخافوا من قطع سابلتهم ولا لهم قدرة على حرب فيصل وهو في ذلك المكان فلو قدرنا أن يصير بعض عسكرهم يبون يقصدونه هلكوا في الدهنا والصمنا إذا ماج عن وجوههم يوما أو يومين فلو قدر أن يفعل هذا الراي لما ظفروا به ولا وصلوا على بلده لأسباب معروفة لكن لما أراد الله سبحانه خيانة أهل الرياض في الإمام فيصل وهو معه في الصريف قدم الرياض وخلاها لهم خوفا منهم فمشوا على الفرع هم والذين معهم من البادية والحاضرة وصار هلاكهم هجموا على الحلوه على غفلة وإخلاء أهل الحلوة البلد لهم وأراد الله أن تركي الهزاني وبعض أهل الحوطة يفزعون وكسر الله العساكر العظيمة ما بين قتيل وهلاك وكانوا يتتبعونهم موتى تحت الشجرة يأخذون السلاح والمال والذي فزع عليهم ما يجي عشير معشارهم فصارت آية عظيمة ورجع فلهم إلى الرياض وساعدهم من ساعدهم والله حسيبهم وتجلوا معهم إلى أن جاءهم خرشد فزاع ونزل فيصل

ص: 32

الدلم وشير عليه انه مايقعد فيه ويتحصن بمن معه من المسلمين في بعض الشعاب التي بين الحوطة ونعام ويجعل ثقلته ورآه فإن حصل منهم ممشى جاهدهم بأهل القرايا ولا أراد الله أنه يفعل فلما

تمكنوا من فيصل وأخذوه أرسلوه إلى مصر صار عسكرهم في ذهاب وعذاب وفساد فأوقع الله

الحرب بين السلطان ومحمد علي ورد الله الكرة لأهل نجد فرجعوا كما كانوا أولا على ما كانوا عليه قبل حربهغ لدولة كما قال تعالى: في بني إسرائيل {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} نسأل الله أن يمن بالاحسان وينفي عنا أسباب التغيير إنه ولينا وهو كل شيئ قديرول ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم والمقصود بما ذكرنا الاعتبار بأن الله حفظ هذا الدين ومن تمسك به وأيدهم بالنصر على ضعفهم وقلتهم وأوقع بأسه بهذه الدول على قوتهم وكثرتهم وأسباب كيدهم ثم أن الله تعالى أهلك تلك الدول بما جرى عليهم من حرب النصارى في بلاد الروم فكل دولة مشت على نجد والحجاز لم يبق منهم اليوم عين تطرف وكانوا لا يحصي عددهم إلا بالله فهلكوا في حرب النصارى فصارت العاقبة والظهور لمن جاهدهم في الله من الموحدين فجمع الله لهم بعد تلك الحوادث العظيمة من النعم والعز والنصر ما لا يخطر بالبال ولا يدور في الخيال فلا يشك في هذا الدين بعد ما جرى مما ذكرناه إلا من أعمى الله بصيرته وجعل على قلوبهم أكنة عن فهم أدلة الكتاب والسنة ولم يعتبروا بما جرى لهذا الدين من ابتدائه إلى يومنا هذا وكل من ذكرنا من الدول والبادي والحاضر رام إطفائه وكلما أرادوا إطفائه استضاءت أنواره وعزه أنصاره فلله الحمد لا نحصي ثناء عليه فهذا ما جرى على الدول الذي زعم ابن منصور أن شيخنا جرها على أهل نجد وما جرى بسبب تلك الدول من ظهور هذا الدين والعز والتمكين وذهاب من ناوأهم

ص: 33

من هذا الدول وغيرها فلله الحمد لا نحصي ثناءا عليه وهو المرجو أن يوزعنا شكر ما أنعم به علينا من هذا الدين الذي رضيه لعباده وخص به المؤمنين وصلى الله على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا ومن عجيب ما اتفق لأهل هذه الدعوة أن محمد بن سعود عفى الله عنه لما وفقه الله لقبول هذا الدين ابتداء بعد تخلف الأسباب وعدم الناصر شمر في نصرته ولم يبال بمن خالفه من قريب أو بعيد حتى أن بعض أناس ممن له قرابة له عذله عن هذا المقام الذي شمر إليه فلم يلتفت إلى عذل عاذل ولا لوم لائم ولا رأي مرتاب بل جد في نصرة هذا الدين فملكه تعالى في حياته كل من استولى عليه من القرى ثم بعد وفاته صار الأمر في ذريته يسوسون الناس بهذا الدين ويجاهدون فيه كما جاهدوا في الابتداء فزادت دولتهم وعظمت صولتهم على الناس بهذا الدين الذي لاشك فيه ولا التباس فصار الأمر في ذريته لاينازعهم فيه منازع ولا يدافعهم إمام واحد إلا بهذا الدين وظهرت لأثار الإسلام في كثير من الأقاليم النجدية وغيرها مما تقدم ذكره وأصلح الله بهم ما أفسدت تلك الدول التي حاربتهم ودافعتهم عن هذا الدين ليطفؤه فأبى الله ذلك عنه

مدافع وأعطاهم الله القبول والمهابة وجمع عليهم من أهل نجد وغيرهم ممن لا يمكن اجتماعهم على وجعل لهم العز والظهور كما تقدمت الإشارة إلى ذلك فنسأل الله أن يديم ذلك وأن يجعلهم أئمة هدى وأن يوفقهم لما وفق له خلفاءه الراشدين الذين لهم التقدم في نصرة هذا الدين وعلينا وعلى المسلمين أن ندعوا لمن ولاه الله أمرنا من هذه الذرية أن يصرف عنا وعنهم كل محنة وبلية وأحيا الله بهم ما درس من الشريعة المحمدية وأصلح لهم القلوب وغفر لنا ولهم الذنوب وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

تم بحمد الله

ص: 34