الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعالى عن رسله وما دعوا إليه من بعثوا إليهم يتبين لك أصل الدين وما ينافيه من الشرك.
وذكر شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: في كتاب التوحيد على اختصاره كثيرا من الأدلة المعرفة بأصل الدين كذلك كتاب كشف الشبهات وأربع القواعد ومعنى شهادة أن لا إله إلا الله. فأوصيك بالاشتغال والمطالعة في كتبه وتأمل ما فيها من الأدلة.
وأما المحرمة التي أخضرها حرير فلا شك في أنها حرام فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الحرير فقال: "إنما يلبس هذا من لا خلاق له في الآخرة" وقال "من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة" وفي الصحيح أنه أخذ حريرا فجعله في يمينه وذهبا في يساره ثم قال: "إن هذا حرام على ذكور أمتي".
وفي حديث عمر نهى عن الحرير ألا موضع أصبعين أو ثلاثة أو أربعة وبعد الاستثناء يقتصر على القدر المستثنى فما زاد على الأربع إلأصابع حرام سواء كان مفرقا أو مجتمعا كما عليه جماهير العلماء وهو ظاهر الأحاديث وفيها يدل على المنع منه وإن لم يكن مجموعا فاجتنب هذه المحرمة فإنها محرمة فإن كان عندك شيء منها تبعها على مسلم بعها في غير بلاد المسلمين.
هذا وبلغ سلامنا الأخوان وكاتبه وخواص الأخوان يسلمون عليكم وانتم سالمون والسلام وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الرسالة الثامنة والخمسون
…
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
"58"
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وعلى آله وصحبه ومن أحبه ووده.
من عبد الرحمن بن حسن إلى أخيه راشد بن مطر سلمه الله تعالى وزاده علما وإيمانا وتوفيقا وإذعانا. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
"وبعد" فقد وصل إلى خطك وسرنا ما أشعر به من حسن الحال من معرفة الإسلام ومحبته وقبوله فتلك النعمة التي لا أشرف منها ولا أنفع {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} فرحمته الإسلام والإيمان وقيل القرآن وهما متلازمان ورحمته أن جعلكم من أهله كما فسر الصحابي رضي الله عنه الآية بهذا.
وما ذكرت من قيام الجهمية والرافضة والمعتزلة عليكم فلا يخفاك أن هذه الفرق الثلاث قد ابتلى بهم أهل السنة والجماعة قديما وحديثا وتشعبت هذه الأهواء شعبا وكل من أقامه الله بدينه والدعوة إليه ناله منهم عناء ومشقة فهم أعداء أهل الحق في كل زمان ومكان حكمة بالغة ليمتحن حزبه بحربه كما جرى للرسل من أعدائهم في الدين قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنْ الْمُجْرِمِينَ} ليتميز الصادق بصدقه وصبره على دينه وليتخلف من ليس كذلك ممن ليس له قدم راسخ في الإيمان {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} .
وبعد الإبتلاء واللامتحان يحصل النصر والتمكين للمؤمنين الصادقين الصابرين كما قال تعالى: {وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمْ الْغَالِبُونَ} {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ} الآية، فمن قامت عليه الحجة فلم يقبل وجادل بالباطل وجبت عداوته والبراءة منه ومفارقته بالقلب والبدن.
وأما قول الأشاعرة في نفي علو الله تعالى على عرشه فهو كقول الجهمية سواء بسواء. وذلك يرده ويبطله نصوص الكتاب والسنة كقول الله تعالى: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} في سبعة مواضع كقوله: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} والعروج إنما هو من أسفل إلى فوق وقوله: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ}
{أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} الآيتين. وكل هذه الآيات نصوص في علو الله تعالى على خلقه واستوائه على عرشه على ما يليق بجلاله بلا تكييف.
وقو هؤلاء الأشاعرة: إنه من الجهات الست خالي قد وصفوه بما يوصف به المعدوم وهو قد وصف نفسه بصفات الموجود القائم على كل نفس بما كسبت.
وفي الأحاديث من أدلة العلو ما لا يكاد يحصر إلا بكلفة كقوله: في حديث الرقية "ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك" الحديث.
وجوهرة السنوسي ذكر فيها مذهب الأشاعرة وأكثره مذهب الجهمية المعطلة لكنهم تصرفوا فيه تصرفا لم يخرجهم عن كونهم جهنمية ومذهبهم أن القرآن عبارة عن كلام الله لا أنه كلامه الذي تكلم به وخالفوا الكتاب والسنة وقال تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} {وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} والأدلة على هذا كثيرة جدا.
والأشعري له كتب في إثبات الصفات وهذا المذهب الذي نسبه إليه هؤلاء تبرأ منه في كتابيه "الإبانة. والمقالات" وغيرهما وكثير من أهل العلم يكفرون نفاة الصفات لتركهم ما دل عليه الكتاب والسنة وعدم إيمانهم بآيات الصفات.
وأما من جحد توحيد الآلهة ودعا غير الله لا شك في كفره وقد كفره القرآن والسنوسي وأمثاله من المتأخرين ليس من السلف ولا من الخلف المعروفين بالنظر والبحث بل هو من جهلة المتأخرين المقلدين لأهل البدع وهؤلاء ليسوا من أهل العلم والخلف فيهم من أنحرف عن السنة إلى البدع. وفيهم
من تمسك بالسنة فلا يسب منهم إلا من ظهرت منه البدعة.
وأما ابن حجر ألهيتني فهو من متأخري الشافعية وعقيدته عقيدة الأشاعرة النفاة للصفات ففي كلامه حق وباطل.
وأما الدعاء بعد المكتوبة ورفع الأيدي فليس من السنة وقد أنكره شيخ الإسلام لعدم وروده على هذا الوجه.
وأما أهل البدع فيجب هجرهم والإنكار عليهم إذا ابتليتم بهم وتأملوا مصنفات الشيخ وتأملوا كلامه رحمه الله تعالى: تجدوا فيه البيان والفرقان.
وحديث افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي التي تمسكت بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه.
وأما الأفغانيون الذين جاؤا فبلغنا أنهم يرون رأي الخوارج معهم غلو وقد شدد النبي صلى الله عليه وسلم في الغلو وأخبر عن الخوارج "أنهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية" وأمر بقتلهم.
وسبب غلوهم الجهل بما دل عليه الكتاب والسنة فأداهم جهلهم وقصورهم في الفهم إلى أن كفروا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من السابقين الأولين فإذا كان قد جرى في عهد النبوة من يطعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكفر أصحاب فلا يبعد أن يجيء في آخر هذه الأمة من يقول بقولهم ويرى رأيهم وهؤلاء الناس الذين هاجروا إلينا وبايعونا ما ندري عن حقيقة أمرهم.
وعلى كل حال إذا عملتم بالتوحيد وأنكرتم الشرك والضلال وفارقتم أهل البدع فلا يلزمكم هجرة عن الوطن والمال بل يجب عليكم الدعوة إلى الله وطلب أدلة التوحيد في كتاب الله وتأمل كلام الشيخ في مصنفاته فإنه رحمه الله تعالى: بين وحق وأنتم سالمون والسلام1
1 المجموعة 4/369