الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مأمور أن ينهى عنه ويتبرأ منه كما تبرأ منه المسيح بن مريم في الآيات في آخر سورة المائدة وكما تبرأت منه الملائكة في الآيات التي في سورة سبأ وأما اللياذ فهو كالعياذ سواء فالعياذ لدفع الشر واللياذ لجلب الخير وحكى الإمام أحمد وغيره الإجماع على أنه لا يجوز العياذ إلا بالله وأسمائه وصفاته وأما العياذ بغيره فشرك ولا فرق.
وأما قوله: "فإن من جودك الدنيا وضرتها" فمناقض لما اختص به تعالى يوم القيامة من الملك في قوله: {لِمَنْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} .
وفي قوله تعالى في سورة الفاتحة {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} وفي قوله تعالى {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} وغير ذلك من الآيات لهذا المعنى وقال غير ذلك في منظومته مما يستشبع من الشرك ومدح النبي صلى الله عليه وسلم شعراء العرب الفصحاء ولم يقرب أحد منهم حول هذا الحمى الذي هو لله وحده بل مدحوه بالنبوة وما خصه الله به من الفضائل والأخلاق الحميدة مثل حسان بن ثابت وكعب بن مالك وكعب بن زهير وأمثال هؤلاء فما تعلقت قلوبكم يا عبد الخالق إلا بنظم للشيطان فيه حظ وافر قد أنكره الله ورسوله على من قاله أو فعله وهذه الأمور كانت عند محمد الحفظي وأبيه وأخيه فأقلعوا عنها وتابوا إلى الله منها وتجنبوا الشرك وتبرؤا إلى الله منه ومن أهله وجاهدوا أهله نثرا ونظما وقد نزلت المنزلة التي كانوا عليها في الجاهلية ثم تابوا منها فاصغ سمعك لكتاب الله فإنه يكفيك ويشفيك في كل خير ويعصمك من كل شر اهـ آخر ما وجد من الرسالة والحمد لله1
1 المجموعة 2/82.
الرسالة الثانية والثلاثون
…
بسم الله الرحمن الرحيم
"32"
من عبد الرحمن ابن حسن إلى الأخوين المكرمين محمد ابن عبد الله وعبد الله بن سالم سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.،
وبعد فقد وصل الكتاب وفهمت ما تضمنه من الخطاب وما ذكرتماه عن
نصب الشيخ عبد اللطيف لهؤلاء الأولاد الثلاثة فالعادة أن مثل هذا يرجع فيه إلى الإمام لأن نصبه له في أمر خاص وهو فصل القضايا بين الناس.
وأما النظر فيما يصلح للإمامة والتدريس فيرد إلى الإمام وربما أن الإمام يجعل لنا فيه بعض الشورى لأن كثيرا من الناس ما تخفانا حالهم وعقائدهم ونصب الإمام لقضاة نجد كذلك والشيخ أحمد بن مشرف يسامي الأكابر ومثلهم ما ينسب له والذي نعلم منه صحة المعتقد في توحيد الأنبياء والمرسلين الذي جهله أكثر الطوائف كذلك هو رجل سلفي يثبت من صفات الرب تعالى ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم على ما يليق بجلال الله وعظمته.
وأما أهل بلدكم في السابق وغيرهم فهم أشاعرة والأشاعرة أخطأو في ثلاث من أصول الدين منها تأويل الصفات وهو صرفها عن حقيقتها التي تليق بالله.
وحاصل تأويلهم سلب صفات الكمال عن ذي الجلال أيضا أخذوا ببدعة عبد الله بن كلاب في كلام الرب تعالى وتقدس ورد العلماء عليهم في ذلك شهير مثل الإمام أحمد والشافعي وأصحابه والخلال في كتابه والسنة وإمام الأئمة محمد بن خزيمة واللالكائي وأبوعثمان الصابوني الشافعي وابن عبد البر وغيرهم من أتباع السلف كمحمد بن جرير الطبري وشيخ الإسلام الأنصاري1وقد رجع كثير من المتكلمين الخائضين كالشهرستاني شيخ أبي المعالي2 وكذلك أبو المعالي والغزالي وكذلك الأشعري قبلهم في كتاب الإبانة والمقاولات ومع هذا وغيره فبقي هذا في المتأخرين المقلدين لا ناس من المتأخرين ليس لهم إطلاع على كلام العلماء وإن كانوا يعدون من العلماء.
وأخطأوا أيضا في التوحيد ولم يعرفوا من تفسير لا إله إلا الله إلا أن معناها القادر على الاختراع ودلالة لا إله إلا الله على هذا دلالة التزام لأن هذا من توحيد الربوبية الذي أقر به الأمم ومشركوا العرب كما قال تعالى: {قُلْ لِمَنْ
1 هو إسماعيل الهروي الحنبلي صاحب "منازل السائرين".
2 الطاهر أن في العبارة تحريف.
الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} الآيات وهي كثيرة في القرآن يحتج تعالى عليهم بذلك على ما جحدوه من توحيد الألوهية الذي هو معنى لا إله إلا الله مطابقة وتضمنا وهو الذي دعا إليه الناس في أول سورة البقرة وفي سورة آل عمران والنساء وغيرهما ودعت إليه الرسل أن لا تعبدوا إلا الله وهو الذي دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نصارى نجران ودعا إليه العرب قبلهم كما قال أبو سفيان لهر قل لما سأله عما يقول قال: يقول اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وكل السور المكية في تقرير معنى لا إله إلا الله وبيانه فإذا كان العلماء في وقتنا هذا وقبله في كثير من الأمصار ما يعرفون من لا إله إلا الله القادر على الاختراع وبعضهم يقول معناها الغني عما سواه المفتقر إليه ما عداه وعلماء الاحساء ما عادوا شيخنا رحمه الله: في مبدء دعوته إلا من أجل أنهم ظنوا أن عبادة يوسف والعيدروس وأمثالهم لا يستفاد بطلانها من كلمة الإخلاص والله سبحانه بين لنا معنى هذه الكلمة في مواضع كثيرة من القرآن قال تعالى: عن خليله عليه السلام {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ ِلأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ*إِلَاّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ*وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} فعبر عن هذه الكلمة بمعناها وهو نفي الشرك في العبادة وقصرها على الله وحده وقال عن أهل الكهف {وَإِذْ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَاّ اللَّهَ} فإذا كان هذا التوحيد الذي هو حق الله على العباد قد خفي على أكابر العلماء في أزمنة سلفت فكيف لا يكون بيانه أهم الأمور خصوصا إذا كان الإنسان لا يصح له إسلام ولا إيمان الا بمعرفة هذا التوحيد وقبوله ومحبته والدعوة إليه وتطلب أدلته واستحضاره ذهنا وقولا وطلبا ورغبة فهذه نصيحة مني لكل إنسان دعاني إليها غربة الدين وقلة المعرفة فيه فينبغي أن تشاع وتذاع في مخاطر أهل العلم يقبلها من وفقه الله تعالى للخير فإنها خير مما كتبت فيه بأضعاف أضعاف والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وصلى الله على محمد وأله وسلم1
1 المجموعة 2/84.