المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وقد أشير في كتب أهل الأخبار إلى "حازي" عرف واشتهر - المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام - جـ ١٢

[جواد علي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني عشر

- ‌الفصل الرابع والسبعون: الكعبة

- ‌مدخل

- ‌الكسوة:

- ‌المال الحلال:

- ‌بقية محجات العرب:

- ‌المزارات:

- ‌الفصل الخامس والسبعون: الحنفاء

- ‌مدخل

- ‌الاعتكاف:

- ‌الفصل السادس والسبعون: اليهودية بين العرب

- ‌مدخل

- ‌يهود اليمن:

- ‌الفصل السابع والسبعون اليهود والإسلام

- ‌الفصل الثامن والسبعون شعر اليهود

- ‌الفصل التاسع والسبعون: النصرانية بين الجاهليين

- ‌مدخل

- ‌النصرانية في بقية مواضع جزيرة العرب:

- ‌الفصل الثمانون المذاهب النصرانية

- ‌الفصل الحادي والثمانون: التنظيم الديني

- ‌مدخل

- ‌أعياد النصارى:

- ‌الفصل الثاني والثمانون: أثر النصرانية في الجاهليين

- ‌الفصل الثالث والثمانون: المجوس والصابئة

- ‌مدخل

- ‌الصابئة:

- ‌الفصل الرابع والثمانون: تسخير عالم الأرواح

- ‌مدخل

- ‌طعام الجن:

- ‌الحية:

- ‌الغول:

- ‌ الشيطان

- ‌شق:

- ‌والهاتف والرئي

- ‌الرئي:

- ‌الملائكة:

- ‌السحر:

- ‌الفصل الخامس والثمانون: في أوابد العرب

- ‌مدخل

- ‌العراف:

- ‌الراقي:

- ‌الاستقسام بالأزلام:

- ‌الأحلام:

- ‌الفصل السادس والثمانون: الطيرة

- ‌مدخل

- ‌التثاؤب والعطاس:

- ‌بعض من أنكر الطيرة

- ‌الفأل:

- ‌الفصل السابع والثمانون: من عادات وأساطير الجاهليين

- ‌مدخل

- ‌عقيدتهم في الحيوان:

- ‌فهرس الجزء الثاني عشر

الفصل: وقد أشير في كتب أهل الأخبار إلى "حازي" عرف واشتهر

وقد أشير في كتب أهل الأخبار إلى "حازي" عرف واشتهر بين الجاهليين بـ "حازي جهينة"1.

1 البيان والتبيين "1/ 289".

ص: 352

‌الراقي:

ويقال لمن يعمل الرقية ويرقي: "الراقي". والرقية العوذة التي يرقي بها صاحب الآفة كالحمى والصرع. قال عروة:

فما تركا من عوذة يعرفانها

ولا رقية إلا بها رقياني1

ويقال لأجرة الراقي: "البسلة" و"بسلة الراقي". و"البسل" الحلال، والبسل أيضًا الحرام، فهو من الأضداد. وبسل الدعاء بمعنى آمين، أي الاستجابة. وكان الرجل إذا دعا على صاحبه، يقول: قطع الله مطاك. فيقول الآخر: بسلا بسلا، أي آمين آمين2.

1 تاج العروس "10/ 154"، "رقى".

2 تاج العروس "7/ 227"، "بسل"، الروض الأنف "1/ 75".

ص: 352

‌الاستقسام بالأزلام:

ومن طرق التنبؤ الاستقسام بالأزلام ويقابل ذلك ما يقال له "كسيم""كسم""Gasam" في العبرانية. وهي طريقة معروفة عند البابليين كذلك4. وعند غيرهم من الشعوب. وقد أشير في التوراة إلى أن "نبو ختنصر""بختنصر""نبخد نصر" Nebuchadnezzar" أجال السهام حين عزم على فتح "أورشليم "القدس". "فإن ملك بابل قد وقف عند أم الطريق في رأس الطريقين ليباشر عرافة. فأجال السهام وسأل الترافيم ونظر في الكبد"1. وقد خرج السهم الذي كتب عليه "أورشليم"، فعمل به وهاجم القدس وفتحها2.

1 حزقيال، الإصحاح الحادي والعشرون، الآية 21.

2 Hastings، p. 567.

ص: 352

وتعني لفظة "كوسيم "Gosem" و"Gesem" "Kosem" العرافة في العبرانية1. من أصل "كسم" "قيسم" وهو التكهن. وهو أصل "سامي". وإليه تعود كلمة "الاستقسام"، لا إلى "قسم" بمعنى تقسيم الشيء وتجزئته. وهو المعنى الذي ذهب إليه أكثر علماء اللغة. وقريب من معنى "قيسم" "كيسم" ما ذكره علماء اللغة من أن القسم هو الحظ والنصيب. فإن للحظ والنصيب علاقة وثيقة بالتكهن، لما فيه من معرفة المستقبل والوقوف عليه.

وقد عرف أهل الأخبار "الأزلام": إنها السهام التي كان أهل الجاهلية يستقسمون بها. وعرفوا "الزلم"، إنه السهم، وإنه القدح المزلم2. وعرفوا القدح: إنه السهم قبل أن ينصل ويراش. وأن القدح: قدح السهم، وجمعه قداح، وصانعه قداح3. وقد فسر بعض العلماء الأزلام بأحجار بيض تشبه أحجار الشطرنج، كما جعل بعض آخر تلك السهام في مقابل "الكعاب" التي يستعلمها الروم والفرس في الاستخارة4. وذكر بعض آخر أن "الأزلام: سهام كانت لأهل الجاهلية مكتوب على بعضها: أمرني ربي، وعلى بعضها: نهاني ربي، فإذا أراد الرجل سفرا أو أمرا، ضرب تلك القداح، فإن خرج السهم الذي عليه أمرني ربي مضى لحاجته، وإن خرج الذهي عليه نهاني ربي لم يمض في أمره"5. وذكر أن الأزلام التي كانوا يستقسمون بها غير قداح الميسر، وإنها قداح الأمر والنهي لا قداح الميسر6. وذكر أن أهل الجاهلية، كانوا إذا أرادا أن يخرجوا في سفر، جعلوا قداحا للجلوس والخروج، فإن وقع الخروج خرجوا، وإن وقع الجلوس جلسوا7.

وطريقة الضرب بالقداح، أن الرجل منهم إذا اراد أن يخرج مسافرا، كتب في قدح هذا يأمرني بالمكث، وهذا يأمرني بالخروج، وجعل معهما أزلاما مسحة،

1 العدد، الإصحاح الثالث والعشرون، الآية 23، صموئيل الأول، الإصحاح السادس، الآية2، أشعياء، الإصحاح الرابع والأربعون، الآية 25.

2 اللسان "12/ 270".

3 اللسان "2/ 556""قدح"، تاج العروس "2/ 202"، "قدح".

4 تفسير الطبري "12/ 478 وما بعدها"، روح المعاني "6/ 59 وما بعدها".

5 اللسان "12/ 478 وما بعدها"، "قسم"، "صادر".

6 اللسان "12/ 479"، "قسم"، تاج العروس "6/ 417"، "قسم".

7 تفسير الطبري "6/ 42 وما بعدها".

ص: 353

أي لم يكتب فيها شيئًا، وثم استقسم بها حين يريد الخروج، فإن خرج الذي يأمر بالمكث، مكث، وإن خرج الذي يأمر بالخروج خرج، وإن خرج الآخر أي المسح، أجالها ثانية يخرج أحد القدحين1. وهكذا يفعلون في سائر أمور الاستقسام.

وقد جمع المفسرون ما تمكنوا من جمعه عما علق في أذهان الناس من الأزلام، لورود الإشارة إليها ف موضعين من سورة "المائدة"2. وأورد علماء الحديث والأخبار ما وصل إلى علمهم أيضًا من "الاستقسام" بالأزلام". ويظهر مما ذكروه أن أهل الجاهلية كانوا يقيمون في أيامهم وزنا كبيرًا للاستقسام بالأزلام لاعتقادهم أن يحكي إرادة الأرباب ويتحدث عن مشيئتها. لذلك كانوا لا يفعلون فعلا ولا يعملون عملا إلا بعد أخذ رأيها بالاستقسام. فإن جاء أمر فعلوا، وإن جاء نهي امتنعوا.

وجاء في سورة المائدة: {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ} 3، وذلك مع أمور نهى عنها الإسلام. منها تحريم أكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما أخل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكي، وما ذبح على النصب. وجاء ذكر الأزلام في موضع آخر من ذكر الخمر والميسر والأنصاب والأزلام، حيث جعلت رجسا من عمل الشيطان، لذلك، على المسلم اجتنابها والابتعاد عنا4. فالاستقسام بالأزلام من الأمور التي نزل الأمر بالنهي عنها في الإسلام. وقد جاء الأمر بالنهي في شريعة يهود كذلك إذ اعتبرت "رجسا"، ومن أعمال الوثنيين5.

ويكون الاستقسام عند الأصنام في الغالب لاعتقادهم أن النتيجة تمثل إرادة الصنم ومشيئته، غي أن ذلك ليس بشرط، فقد كان أصحاب الأزلام يحملون أزلامهم معهم، ويستقسمون حث يطلب ذلك منه. فهم في ذلك مثل أصحاب

1 تفسير الطبري "6/ 42 وما بعدها".

2 سورة المائدة، الآية 3، 90، تفسير الطبري "6/ 49"، روح المعاني "6/ 59 وما بعدها"، الطبري "2/ 240".

3 الآية4، تفسير البيضاوي "1/ 118"، تفسير الطبرسي "3/ 238 وما بعدها". "3/ 156 وما بعدها".

4 المائدة، الآية 93، تفسير البيضاوي "1/ 132".

5 Hastings، p. 567.

ص: 354

"الفأل" والقارئون للرمل والسحرة في الوقت الحاضر، يتنقلون بين الناس عارضين فنهم عليهم في مقابل حلوان يقدم إليهم. وهذا النوع، من أصحاب الأزلام، هم من الطبقة المرتزقة على شاكلة هذه الجماعة المذكورة في هذه الأيام. وقد كان منهم من يستقسم لنفسه بنفسه، وذلك بأن يستقسم بالأزلام التي عنده في بيته، والتي قد يحملها معه، تمامًا كما يفعل أهل "الاستخارة" في الاستخارة بالمسبحة "السبحة" أو بوسائل الاستخارة الأخرى في الوقت الحاضر.

قال أهل الأخبار: "والأزلام كانت لقريش في الجاهلية مكتوب عليها أمر ونهي وافعل ولا تفعل، قد زلمت وسويت ووضعت في الكعبة، يقوم بها سدنة البيت، فإذا أراد رجل سفرا أو نكاحا أتى السادن فقال: اخرج لي زلما، فيخرجه وينظر إليه، فإذا خرج قدح الأمر مضى على ما عزم عليه، وإن خرج قدح النهي قعد عما أراده، وربما كان مع الرجل زلمان وضعهما في قرابه، فإذا أراد الاستقسام أخرج أحدهما"1.

و"قالوا": كانوا إذا كانت مداراة أو نكاح أو أمر يريدونه، ولا يدرون ما الأمر فيه ولم يصح لهم أخذوا قداحا لهم فيها: أفعل ولا أفعل لا يفعل، نعم لا خير، شر بطيء سريع، فأما المداراة فإن قداحا لهم فيها بيضا ليس فهم فيها شيء، فكانوا يجيلونها فمن خرج سمهمه فالحق له، وللحضر والسفر سهمان، فيأتون السادن من سدنة الأوثان، فيقول السادن: اللهم أيهما كان خيرًا فأخرجه لفلان، فيرضى بما يخرج له، فإذا شكوا في نسب الرجل أجالوا له القداح وفيها: صريح، وملصق، فإن خرج الصريح ألحقوه بهم، وإن خرج الملصق نفوه، وإن كان صريحا، فهذه قداح الاستقسام"2. "وإن كان بين اثنين اختلاف في حق سمي كل منهما له سهما وأجالوا القداح، فمن خرج سهمه فالحق له"3.

وذكر أن أقداح "هبل" سبعة، وضعت قدامه. فإن أراد أحدهم سفرا أو عملا أو تجارة أو زواجا أو بتا في نسب مشكوك فيه أو دفع دية أو أن

1 اللسان "12/ 270 وما بعدها".

2 نهاية الأرب "3/ 117 وما بعدها"، تفسير ابن كثير "2/ 6"، الدر المنثور "1/ 319".

3 صبح الأعشى "1/ 402".

ص: 355

يخرجوا ماء، أتوا هبل، ومعهم مائة درهم وبجزور فأعطوها صاحب القداح حتى يجيلها لهم، وكانت أزلامهم سبعة قداح محفوظة عند سادن الكعبة وخادمها، وهي مستوية في المقدار عليها أعلام وكتابة قد كتب على واحد منها "أمرني ربي" وعلى واحد منها "نهاني ربي" وعلى واحد "منكم" وعلى واحد "من شيء، فإذا أرادوا الوقوف على مستقبل الأمر الذي تصدوا له استقسم لهم صاحب القداح بقدحي الأمر والنهي، فإن نجح قدح الأمر ائتمروا وباشروا فيما تصدوا لخ من حرب أو سفر أو زواج أو ختان أو بناء أو نحو ذلك مما يتفق لهم، وإن خرج قدح النهي أخروا ذلك العمل إلى سنة فإذا انقضت أعادوا الاستقسام مرة أخرى.

ويروى أن السؤال إن كان يخص أقداما أو احجامان استعمل صاحب القداح قدحي "نعم" أو "لا" فإذا ظهر للمجيل قد "نعم" عمل به، ومضى إلى ما قصد، وإن جاء "لا" أي النهي توقفوا سنة. أما إذا كان نزاعا في نسب أحد منهم، استقسم بالأزلام الموسومة بـ "منكم" و"من غيركم" و"ملصق"، فإن ظهر "منكم"، اعتبر المتنازع على نسبه منهم، وإن خرج "من غيركم" اجتنبوه ونفروا منه، وإن ظهر "ملصق"، بقي أمره على ما كان عليه قبل الاستقسام، وأما إذا كان السؤال نزاعا في "العقل": أي دية القتيل، بأن اشتبه عليهم القاتل، واستقسم بهما، فمن خرج عليه العقل تحمل الدية، وإن خرج "الغفل" أجالوا ثانيا حتى يخرج الكتوب عليه1.

ولما أراد "أبو سفيان" الخروج إلى "أحد"، استخار هبلز بأن كتب على سهم نعم، وعلى الآخر لا، وأجالهما عند هبل، فخرج سهم نعم، فخرج بقومه إلى "أحد". وقال يقول: أعل هبل. وقال عمر: الله أعلى وأجل، قال أبو سفيان: أنعمت فعال عنها، أي اترك ذكرها، فقد صدقت في فتواها، وأنعمت، أي أجابت بنعم2.

1 بلوغ الأرب "3/ 66 وما بعدها"، الأصنام: ص28"، النهاية "3/ 268"، تاج العروس "8/ 326"، تفسير الطبري "6/ 42 وما بعدها".

2 اللسان "12/ 589".

ص: 356

ولصاحب الأزلام وخازنها حق يتقاضه من الطالبين في مقابل علمه. فكان سادن "هبل" يتقاضى مئة درهم أجرا عن الاستقسام، كما سبق أن ذكرت فإ، تكرار ذلك زيد أجره على ما يذكره الرواة. وقد كان غير العرب يدفعون حلوانا إلى صاحب الأزلام ليتبأ لهم. فلما انطلق شيوخ مديان "مدين" و"مؤاب" إلى "بلعام" ليستقسم لهم، حملوا حلوانهم معه، فقدموه إليه مقابل ما قام به من عرافة إليهم1.

وقيل للذين يضربون بالقداح "الضرباء"2. والواحد الضريب والضارب. وهو الموكل بالقداح، وقيل الذي يضرب بالقداح. يقال هو ضريب قداح3.

وقد أشير إلى الاستقسام في شعر الشعراء الجاهليين، وقد ذكرت في قصة الشاعر "امرئ القيس" الكندي حينما جاء إلى الصنم "ذي الخلصة"، ليستقسم عنده بشأن الأخذ بثأر أبيه. فلما خرج النهي عنه ثلاث مرات، غضب على صنمه، وكسر الأزلام ورماها في وجهه، كما يقول الرواة قائلا:"لو كان أبوك المقتول لما نهيتي"، وأنشد:

لو كنت يا ذا الخلص الموتورا

لم تنه عن قتل العداة زورا

وأشار الخطيئة إلى ذلك بقوله:

لم يزجر الطير، إن مرت به سنحا

ولا يفيض على قسم بأزلام4

وقال طرفة:

أخذ الأزلام مقتسما

فأتى أغواهما زلمه5

وهناك طرق عدة عرفت عند الشعوب القديمة في التكهن بالسهام، ومنها رمي السهام في الهواء لمراقبة حركاتها وكيفية سقوطها، ومنها رمي حزمة من السهام أمام الصنم، فالسهم الذي يقع قبل بقية الأزلام، يكون هو السهم الذي

1 العدد، الإصحاح الثاني والعشرين "الآية 7 وما بعدها"، Hastings، p. 567

2 الاشتقاق "278".

3 اللسان "1/ 547 وما بعدها".

4 اللسان "12/ 270"، الأصنام "47"، نهاية الأرب "3/ 67".

5 اللسان "2/ 270".

ص: 357

أمر به الصنم في زعمهم، فيعمل بموجب ما كتب عليه1.

ولخص "الألوسي" الأزلام التي كانت عند العرب على ثلاثة أنحاء: أحدها: قداح الميسر العشرة، وثانيها: لكل أحد، وهي ثلاثة على أحدها مكتوب "افعل"، أي أمر، وعلى الثاني "لا تفعل" وعلى الثالث "غفل". فإذا أراد أحدهم الأمر جعلها في خريطة، وهي "الربابة" وأدخل يده فيها وأخرج واحدا، فإن طلع الآمر فعل أو النهاي ترك أو الغفل أعاد. وثالثها: للأحكام وهي لاتي عند الكعبة. وكانوا يتحاكمون عند "هبل" في جوف الكعبة. وكان عند كل كاهن وحاكم للعرب مثل ذلك. وكانت سبعة مكتوب عليها ما سبق2.

و"القرعة" أي "السهمة"، نوع من أنواع التنبؤ بالغيب التابعة للاستقسام بالأزلام. و"السهمة" هي رضاء بحكم "السهم"، أي بحكم وقوع السهام على الأشياء. وهي جواب فصل يمثل إرادة الآلهة للسائل أو للمختصمين في أمر من الأمور. وقد قيل للسهم: الحظ والنصيب3، لأنه يتكلم عن حظ الإنسان ونصيبه.

والتنبؤ بالتفرس في الأشباح التي تظهر على الماء، أو الزيت المصبوب في الأقداح، أو الحركات التي تظهر على سطح السائل بعد رمي شيء فيه، لمعرفة الأسرار والمغيبات والإجرام كالسرقات والقتل، والزنى، ودراسة سطح المرآة: هذه وأمثالها كانت معروفة عد البابليين والعبرانيين، وعند غيرهم من الشعوب. وعقيدتهم أن الأرواح هي التي ترشد إلى إظهار المخفيات، وأن هناك مأمورين من بينهم واجبهم أخبار العراف والعائف والكاهن بما يطلب منهم معرفته ليقوله للسائل4.

ومن ضرب التنبؤ "الطرق"، وهو الضرب بالحصى للكشف عن المستقبل، يقوم بذلك الرجال والنساء. ويقال للقائمين بذلك الطراق والطوارق5. وورد أن الطرق: الضرب بالحصى والخط في التراب، وهما ضربان من التكهن. وقيل أيضًا: الطرق: أن يحط الرجل في الأرض بإصبعين ثم بإصبع، ويقول:

1 Hastings، p. 567.

2 بلوغ الأرب "3/ 67 وما بعدها".

3 تاج العروس "8/ 352"، "سهم".

4 Ency. ReIigi، p. 807.

5 النهاية "3/ 40".

ص: 358

ابني عيان اسرعا البيان، وزعم بعضهم أن الطرق أن يخلط الكاهن القطن بالصوف فيتكهن. وقد نهى عنه في الإسلام. ورد في الحديث: إنه قال: الطرق والعيافة من الجبت1.

ويدخل في ضروب التنبؤ "الخط""وهو الذي يخطه الحازي. يأتي صاحب الحاجة إلى الحازي فيعطيه حلوانا، فيقول له: اقعد حتى أخط لك، وبين يدي الحازي غلام له معه ميل، ثم يأتي إلى أرض رخوة فيخط فيها خطوطا كثيرة بالعجلة لئلا يلحقها العدد، ثم يرجع فيمحو منها على مهل خطين خطين، وغلامه يقول للتفاؤل: "ابني عيان، أسرعا البيان"، فإن بقي خطان فهما علامة النجح، وإن بقي خط واحد فهو علامة الخيبة

وقيل: الخط هو أن يخط ثلاثة خطوط، ثم يضرب عليهن بشعير أو نوى، ويقول: يكون كذا وكذا. وهو ضرب من الكهانة"2. وكانت العرب تسمي ذلك الخط الذي بقي من خطوط الحازي الأسحم. وكان هذا الخط عندهم مشؤومًا. وقد كان الخط من علوم العرب القديمة3.

وعلم الخط هو علم الرمل. وينسب إلى "ابن عباس" قوله: علم قديم تركه الناس. وخط الزاجر في الأرض، رسم خطا بإصبعه، ثم زجر. وذكر أن "الخطيطة" الرملة التي يخط عليها الزاجر، وأن الأسحم اسم خط من خطوط الزاجر، وهو علامة الخيبة عندهم. وذلك أن يأتي إلى أرض رخوة وله غلام معه ميل، فيخط الأستاذ خطوطًا كثيرة على عجل لئلا يلحقها العدد، ثم يرجع فيمحو منها خطين خطين، فإن بقي من الخطوط خطان، فهما علامة النجح وقضاء الحاجة، ويمحو وغلامه يقول للتفاؤل: ابني عيان أسرعا البيان، وإذا محا الخطوط، فبقي منها خط، فهي علامة الخيبة4.

1 اللسان "10/ 215"، "طرق" تاج العروس "6/ 417"، "طرق".

لعمرك ما تدري الطوارق بالحصى

ولا زاجرات الطير ما الله صانع

النهاية "3/ 40"، اللسان "17/ 84"، سنن أبي داود "4/ 16".

2 النهاية "1/ 303، 38"، "خطط"، "3/ 40""طرق"، تاج العروس "6/ 417"، اللسان "17/ 85".

3 اللسان "7/ 287 وما بعدها"، "خطط".

4 تاج العروس "5/ 131"، "خطط".

ص: 359