الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"يومي البؤس والنعيم" عند "المنذر بن ماء السماء أو "النعمان بن المنذر"1. ويكون يوم التفاؤل "يوم نعيم" يفرح فيه صاحبه ويهش لكل من يراه ولا سيما لأول قادم عليه. وعبر عنهما بـ "يوم بؤس"، "يوم نعم"2. وكانت العرب تشاءم من كلبة يقال لها "براقش"3.
1 البلدان "6/ 283 وما بعدها"، الأغاني: 5/ 213"، ابن قتيبة: الشعر "144". القالي، الأمالي "3/ 195".
2 اللسان "12/ 579".
3 الحيوان "5/ 454"، "هارون".
الفأل:
والفأل ضد التشاؤم والطيرة. ويكون برؤية شيء أو سماع أمر أو قول أو غير ذلك يتفاءل منه، كأن يسمع مريض رجلا يقول يا سالم فيقع في ظنه إنه يبرأ من مرضه، أو يسمع طالب حاجة رجلا يقول يا واجد فيخال إنه يجد ضالته، فيتوقع صحة هذه البشرى، ويقال لذلك في الإنكليزية Omen. ،I، وهو معروف عند العبرانيين وقد ذكر في التوراة1.
وأصل كلمة "الفأل" على ما يظهر للتشاؤم والتفاؤل، أي إنها كالطيرة أريد بها الحالتان، ثم تخصصت بالحسن، كما تخصصت الطيرة بالشؤم2. وقد نهى في الحديث عن الطيرة. أما الفأل، فقد ورد أن الرسول كان يتفاءل ولا يتطير لما في التفاؤل من أثر طيب في أعمال الإنسان3.
وضد "الشؤم""اليمن"، ومن معاني اليمن "البركة" و"الميامين" على نقيض "المشائيم"، و"الميمون" ضد المشؤوم"4. وورد "ميمون النقيبة"5 و"ميمون الناصية". ويلاحظ أن للناصية علاقة متينة بالشؤم والتمين، فكما يقال "ميمون الناصية" قيل "شؤم الناصية" كذلك، وهي كناية عن الإنسان فقد كان في رأيهم أن من الناس من هم شؤم. ويجلبون الشؤم على من يراهم،
1 جامع الأصول "8/ 468"، "كتاب الطيرة"، اللسان "14/ 27"، إرشاد الساري "8/ 397، Ency.، II، p. 46، Reste، S. 203. ff.
2 في الحديث: "أصدق الطيرة الفأل"، النهاية "3/ 195".
3 النهاية "3/ 195"، جامع الأصول "8/ 467".
4 تاج العروس "9/ 371".
5 تاج العروس "10/ 491".
وأن منهم من تجلب رؤيته الخير لمن يراه. ويكون للحسن والقبح ولسيماء الوجه والجسم دخل كبير في تكوين رأي عن الشخص الذي يتشاءم أو يتفاءل منه. وقد قلت إن بعض العاهات التي تكون في بعض الناس، تجعل غيرهم يتشاءمون منهم عند وقوع نظرهم عليهم في الصباح.
وهناك كلمات عديدة في التشاؤم و"الشؤم"، مثل "شائم" و"شؤم" و"مشؤوم" و"مشوم" و"مشائيم" و"تشاءموا"، و"الأشأم" وأمثال ذلك1.
ولا يقتصر استعمال هذه الألفاظ على جنس معين، بل تقال لكل ما يجلب الشؤم على إنسان. فمن البشر -كما قلت- من هم شؤم على غيرهم، يجلبون الشر لمن يتشاءم منهم، يستوي في ذلك الرجال والنساء والأطفال. ولما كان التشاؤم قضية اعتبارية تتعلق بالنفس والمزاج، كان بعض الأشخاص أو الحيوانات أو الأشياء شؤما عند ناس، بينما هم ليسوا كذلك عند جماعة آخرين. ولكن الغالب أن التشاؤم من الأشياء القبيحة أو الناقصة أو الراعبة وما شابه ذلك، فهذه المزعجات تؤثر على النفس، فتجعلها تتشاءم منه، وتتوقع حدوث النحس من رؤيتها، ولا سيما في الصباح، وعند الهم بالشروع في عمل مهم.
وكانوا يحبون أن يأتوا أعداءهم من شق اليمين2. يتفاءلون بذلك. لأن في اليمين اليمن، وفي اليسار العسر.
وللأسماء والكلمات أثرها في الفأل وفي الطيرة، فالأسماء الحسنة الجميلة تبعث على التفاؤل، أما الأسماء الخبيثة والرديئة فإنها تولد التشاؤم. وقد عرف هذا النوع من التفاؤل في الإسلام، ولم ينه عنه. بل قيل إن الرسول كان يتاثر من الأسماء، وكان يقول إذا أعجبته كلمة:"أخذنا فألك من فيك"، وإنه يعجبه إذا خرج لحاجة أن يسمع: يا راشد، يا نجيح، وأنه قال:"لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل"3.
وللطيرة سمت العرب المنهوش السليم، والبرية المفازة، وكنوا الأعمى أبا بصير،
1 تاج العروس "8/ 354".
2 الحيوان "5/ 516"، "هارون".
3 جامع الأصول "8/ 394".
والأسود أبا البيضاء، وسموا الغراب بحاتم، إذ كان يحتم الزجر به على الأمور1
وورد أن العرب إذا تطيروا من الإنسان وغيره قالوا: صباح الله لا صباحك2. ولإيمان العرب بباب الطيرة والفأل عقدوا الرتائم، وعشروا إذا دخلوا القرى تعشير الحمار، واستعملوا في القداح الآمر، والناهي، والمتربص، وهن غير قداح الأيسار3.
ومن أبواب الفراسة النظر إلى خطوط الكف للاستدلال بها على طبيعة صاحب الكف وعلى ما سيحدث له من أحداث. وقد أشار إلى الكف وإلى أسرارها الأعشى في قوله:
انظر إلى كف وأسرارها
…
هل أنت إن أوعدتني ضائري4
ولمراقبة الكلف الذي يظهر على وجه القمر ودراسة النجوم والظواهر الطبيعية التي تحدث للأجرام السماوية كالكسوف والخسوف، أهمية كبيرة في التكهن. وقد كان الجاهليون يعتقدون أن للكسوف والخسوف أثرًا في حياة الإنسان، فإذا وقعا دلا على موت إنسان عظيم أو حياته، أو ولادة مولود صاحب حظ كبير5. وكذلك كان رأيهم في تساقط النجوم. وقد أشير إليه في أشعار القدماء من الجاهلية، منهم عوف بن الجزع وأوس بن حجر وبشر بن أبي خازم6.
وقد كان في زعم الكهان من صنف المنجمين أن في استطاعتهم التأثير في الأجرام السماوية وفي أحداث الضباب والعواصف والرياح، وقد نهي عن التصديق بها في الإسلام، لتعارضها مع الإيمان بسيطرة الله وهيمنته وحده على الكون.
كان للجاهليين اعتقاد بأثر فعل النجو في الإنسان، ولهذا كانوا يراقبون السماء لتفسير ما يرون فيه من تساقط نجوم، ومن أخبار الشياطين عما يستعون إليه من وحي السماء. وذكر أنهم كانوا يفزعون إذا تساقطت الشهب بكثرة غير
1 الحيوان "3/ 439"، "هارون، "4/ 253".
2 اللسان "2/ 502".
3 الحيوان "3/ 440"، "هارون".
4 المعاني الكبير "3/ 1185".
5 اللسان "11/ 208"، الروض الأنف "1/ 135".
6 الرض الانف "1/ 135".
معهودة، وقد حدث أن تساقطت النجوم بكثرة ففزعوا وجزعوا وقالوا:"هلك من في السماء. فجعل صاحب الإبل ينحر كل يوم بعيرا، وصاحب البقر يذبح كل يوم بقرة، وصاحب الغنم كل يوم شاة حتى أسرعوا في اتلاف أموالهم. فقالت ثقيف بعد سؤال كاهنهم.. امسكوا عن أموالكم، فإنه لم يمت من في السماء. ألستم ترون معالمكم من النجوم كما هي. والشمس والقمر كذلك"1. فكأنهم تصوروا أن تساقط النجوم هذا بكثرة معناه اختلال نظام السماء وموت من فيه، واحتمال فناء العالم تبعا لذلك.
وكانوا إذا خافوا من شيء وأرادوا الاستعاذة، كأن يكون الإنسان مسافرا فرأى من يخافه قال: حجرا محجورا، أي حرام عليك التعرض بي. وقد ترك هذا الاستعمال في الإسلام2.
وقد ورد الحديث في النهي عن التطير. جاء: "الطيرة شرك. ولكن الله يذهبه بالتوكل"3.
1 السيرة الحلبية "1/ 141 وما بعدها".
2 الصاحبي "93".
3 جامع الأصول "8/ 467"، "كتاب الطيرة"، سنن أبي داود "4/ 17 وما بعدها"، "باب في الطيرة"، عمدة القاري "21/ 273"، "باب الطيرة"، اللسان "10/ 450"، "شرك".