المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

موردة البلاط، فلما امتلأتا بالماء صارت مساحتها سبعة أفدنة، فحكر - المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار - جـ ٣

[المقريزي]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثالث

- ‌ذكر حارات القاهرة وظواهرها

- ‌ذكر واقعة العبيد

- ‌ذكر أبي عبد الله الشيعي

- ‌ذكر الأمراء البرقيّة ووزارة ضرغام

- ‌ذكر وزارة أبي الفتح ناصر الجيوش يأنس الأرمني

- ‌ذكر الأمير حسن بن الخليفة الحافظ

- ‌ذكر قدوم الأويراتية

- ‌ذكر اخطاط القاهرة وظواهرها

- ‌ذكر كافور الإخشيدي

- ‌ذكر مقتل الخليفة الظافر

- ‌ذكر الدروب والأزقة

- ‌ذكر الخوخ

- ‌ذكر الرحاب

- ‌ذكر الدور

- ‌ذكر الحمامات

- ‌ذكر القياسر

- ‌ذكر الخانات والفنادق

- ‌ذكر الأسواق

- ‌الشارع خارج باب زويلة

- ‌ذكر العوائد التي كانت بقصبة القاهرة

- ‌ذكر ظواهر القاهرة المعزية

- ‌ذكر ميدان القبق

- ‌ذكر برّ الخليج الغربي

- ‌ذكر الأحكار التي في غربيّ الخليج

- ‌ذكر المقس وفيه الكلام على المكس وكيف كان أصله في أوّل الإسلام

- ‌ذكر ميدان القمح

- ‌ذكر أرض الطبالة

- ‌ذكر حشيشة الفقراء

- ‌ذكر أرض البعل والتاج

- ‌ذكر ضواحي القاهرة

- ‌ذكر منية الأمراء

- ‌ذكر كوم الريش

- ‌ذكر بولاق

- ‌ذكر ما بين بولاق ومنشأة المهراني

- ‌ذكر خارج باب زويلة

- ‌ذكر خارج باب الفتوح

- ‌ذكر الخندق

- ‌ذكر خارج باب النصر

- ‌الريدانية

- ‌ذكر الخلجان التي بظاهر القاهرة

- ‌ذكر خليج مصر

- ‌ذكر خليج فم الخور وخليج الذكر

- ‌ذكر الخليج الناصريّ

- ‌ ذكر القناطر

- ‌ذكر خليج قنطرة الفخر

- ‌ذكر قناطر الخليج الكبير

- ‌ذكر البرك

- ‌ذكر الماردانيّ

- ‌ذكر بساتين الوزير

- ‌ذكر المعشوق

- ‌ذكر الجسور

- ‌وقد وجد بخط المصنف رحمه الله في أصله هنا ما صورته

- ‌ذكر الجزائر

- ‌ذكر الروضة

- ‌ذكر قلعة الروضة

- ‌ذكر السجون

- ‌ذكر المواضع المعروفة بالصناعة

- ‌ذكر الميادين

- ‌ذكر قلعة الجبل

- ‌ذكر بناء قلعة الجبل

- ‌ذكر صفة القلعة

- ‌ذكر النظر في المظالم

- ‌ذكر خدمة الإيوان المعروف بدار العدل

- ‌ذكر العلامة السلطانية

- ‌ذكر جيوش الدولة التركية وزيّها وعوايدها

- ‌ذكر الحجبة

- ‌ذكر أحكام السياسة

- ‌ذكر المياه التي بقلعة الجبل

- ‌ذكر ملوك مصر منذ بنيت قلعة الجبل

- ‌ذكر من ملك مصر من الأكراد

- ‌ذكر دولة المماليك البحرية

- ‌ذكر دولة المماليك الجراكسة

الفصل: موردة البلاط، فلما امتلأتا بالماء صارت مساحتها سبعة أفدنة، فحكر

موردة البلاط، فلما امتلأتا بالماء صارت مساحتها سبعة أفدنة، فحكر الناس ما حولها وبنوا عليها الدور العظيمة، وما برح خط البركة الناصرية عامرا إلى أن كانت الحوادث من سنة ست وثمانمائة، فشرع الناس في هدم ما عليها من الدور، فهدم كثيرا مما كان هناك، والهدم مستمرّ إلى يومنا هذا.

‌ذكر الجسور

الجسر بفتح الجيم، الذي تسميه العامّة جسرا، عن ابن دريد، وقال الخليل: الجسر والجسر لغتان، وهو القنطرة ونحوها مما يعبر عليه. وقال ابن سيده: والجسر الذي يعبر عليه، والجمع القليل أجسر. قال:

إنّ فراخا كفراخ الأوكر

بأرض بغداد وراء الأجسر

والكثير جسور.

جسر الأفرم: هذا الجسر بظاهر مدينة مصر، فيما بين المدرسة المعزية برحبة الحناء قبليّ مصر، وبين رباط الآثار النبوية، كان موضعه في أوّل الإسلام غامرا بماء النيل، ثم انحسر عنه الماء فصار فضاء إلى بحريّ خليج بني وائل، ثم ابتنى الناس فيه مواضع، وكان هناك الهري قريبا من الخليج، ثم صار موضع جسر الأفرم هذا ترعة يدخل منها ماء النيل إلى البركة الشعيبية، فلما استأجر الأمير عز الدين أيبك الأفرم بركة الشعيبية وجعلها بستانا، كما تقدّم ذكره في البرك، ردم هذه الترعة وبنى حيطان البستان وجسر عليه، فأقام على ذلك سنين، ثم لما استأجر أرض البركة بعد ما غرسها بالأشجار إجارة ثانية، اشترط البناء على ثلاثة أفدنة في جانب البستان الغربيّ، وفدّان في جانبه البحريّ، ونادى في الناس بتحكيره، وأرخص سعر الحكر، وجعل حكر كلّ مائة ذراع عشرة دراهم، فهرع الناس إليه واحتكروا منه المواضع، وبنوا فيها الدور المطلة على النيل، فاستغنى بالعمائر عن عمر الجسر في كلّ سنة بين البحر والبستان الذي أنشأه، وبقى اسم الجسر عليه إلى يومنا هذا، إلا أن الآدر التي كانت هناك خربت منذ انطرد النيل عن البرّ الغربيّ، بعد ما بلغ ذلك الخط الغاية في العمارة، وكان سكن الوزراء والأعيان من الكتاب وغيرهم.

الجسر الأعظم: هذا الجسر في زماننا هذا قد صار شارعا مسلوكا يمشى فيه من الكبش إلى قناطر السباع، وأصله جسر يفصل بين بركة قارون وبركة الفيل، وبينهما سرب يدخل منه الماء، وعليه أحجار يراها من يمرّ هناك، وبلغني أنه كان من قنطرة مرتفعة، فلما أنشأ الملك الناصر محمد بن قلاون الميدان السلطانيّ عند موردة البلاط، أمر بهدم القنطرة فهدمت، ولم يكن إذ ذاك على بركة الفيل من جهة الجسر الأعظم مبان، وإنما كانت ظاهرة يراها المارّ، ثم أمر السلطان بعمل حائط قصير بطولها، فأقيم الحائط وصفر بالطين الأصفر،

ص: 292

ثم حدثت الدور هناك.

الجسر بأرض الطبالة: هذا الجسر يفصل بين بركة الرطليّ وبين الخليج الناصريّ، أقامه الأمير الوزير سيف الدين بكتمر الحاجب في سنة خمس وعشرين وسبعمائة، لما انتهى حفر الخليج الناصريّ، وأذن للناس في البناء عليه، فحكر وبنيت فوقه الدور، فصارت تشرف على بركة الرطليّ وعلى الخليج، وتجتمع العامّة تحت مناظر الجسر وتمرّ بحافة الخليج للنزهة، فكثر اغتياظ غوغاء الناس وفساقهم بهذا الجسر إلى اليوم، وهو من أنزه فرج القاهرة لولا ما عرف به من القاذورات الفاحشة.

الجسر من بولاق إلى منية الشيرج: كان السبب في عمل هذا الجسر أن ماء النيل قويت زيادته في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة، حتى أخرق من ناحية بستان الخشاب، ودخل الماء إلى جهة بولاق، وفاض إلى باب اللوق حتى اتصل بباب البحر وبساتين الخور، فهدمت عدّة دور كانت مطلة على البحر، وكثير من بيوت الحكورة، وامتدّ الماء إلى ناحية منية الشيرج، فقام الفخر ناظر الجيش بهذا الأمر، وعرّف السلطان الملك الناصر محمد بن قلاون أن متى غفل دخل الماء إلى القاهرة وغرق أهلها ومساكنها، فركب السلطان إلى البحر ومعه الأمراء، فرأى ما هاله، وفكر فيما يدفع ضرر النيل عن القاهرة، فاقتضى رأيه عمل جسر عند نزول الماء، وانصرف، فقويت الزيادة وفاض الماء على منشأة المهرانيّ ومنشأة الكتبة، وغرّق بساتين بولاق والجزيرة حتى صار ما بين ذلك ملقة واحدة، وركب الناس المراكب للفرجة، ومرّوا بها تحت الأشجار وصاروا يتناولون الثمار بأيديهم وهم في المراكب، فتقدّم السلطان المتولى القاهرة ومتولى مصر يبث الأعوان في القاهرة ومصر لردّ الحمير والجمال التي تنقل التراب إلى الكيمان، وألزمهم بإلقاء التراب بناحية بولاق، ونودي في القاهرة ومصر، من كان عنده تراب فليرمه بناحية بولاق وفي الأماكن التي قد علا عليها الماء، فاهتمّ الناس من جهة زيادة الماء اهتماما كبيرا خوفا أن يخرق الماء ويدخل إلى القاهرة، وألزم أرباب الأملاك التي ببولاق والخور والمناشئ أن يقف كلّ واحد على إصلاح مكانه، ويحترس من عبور الماء على غفلة، فتطلب كلّ أحد من الناس الفعلة من غوغاء الناس لنقل التراب، حتى عدمت الحرافيش، ولم تكن توجد لكثرة ما أخذهم الناس لنقل التراب ورميه، وتضرّرت الآدر القريبة من البحر بنززها، وغرقت الأقصاب والقلقاس والنيلة وسائر الدواليب التي بأعمال مصر، فلما انقضت أيام الزيادة ثبت الماء ولم ينزل في أيام نزوله، ففسدت مطامير الغلات ومخازنها وشونها، وتحسن سعر السكّر والعسل، وتأخر الزرع عن أوانه لكثرة ما مكث الماء، فكتب لولاة الأعمال بكسر الترع والجسور كي ينصرف الماء عن أراضي الزرع إلى البحر الملح، واحتاج الناس إلى وضع الخراج عن بساتين بولاق والجزيرة، ومسامحتهم بنظير ما فسد من الغرق، وفسدت عدّة بساتين إلى أن أذن الله تعالى بنزول الماء، فسقط كثير من الدور، وأخذ السلطان في عمل الجسور، واستدعى المهندسين

ص: 293

وأمرهم بإقامة جسر يصدج الماء عن القاهرة خشية أن يكون نيل مثل هذا، وكتب بإحضار خولة البلاد، فلما تكاملوا أمرهم فساروا إلى النيل وكشفوا الساحل كله، فوجدوا ناحية الجزيرة مما يلي المنية قد صارت أرضها وطيئة، ومن هناك يخاف على البلد من الماء، فلما عرّفوا السلطان بذلك أمر بإلزام من له دار على النيل بمصر أو منشأة المهرانيّ أو منشأة الكتاب أو بولاق أن يعمر قدّامها على البحر زريبة، وأنه لا يطلب منهم عليها حكر، ونودي بذلك، وكتب مرسوم بمسامحتهم من الحكر عن ذلك، فشرع الناس في عمل الزرابي، وتقدّم إلى الأمراء بطلب فلاحي بلادهم وإحضارهم بالبقر والجراريف لعمل الجسر من بولاق إلى منية الشيرج، ونزل المهندسون فقاسوا الأرض وفرضوا لكل أمير أقصابا معينة، وضرب كلّ أمير خيمته وخرج لمباشرة ما عليه من العمل، فأقاموا في عمله عشرين يوما حتى فرغ، ونصبت عندهم الأسواق، فجاء ارتفاعه من الأرض أربع قصبات في عرض ثماني قصبات، فانتفع الناس به انتفاعا كبيرا، وقدّر الله سبحانه وتعالى أن الزرع في تلك السنة حسن إلى الغاية، وأفلح فلاحا عجيبا، وانحط السعر لكثرة ما زرع من الأراضي، وخصب السنة، وكان قد اتفق في سنة سبع عشرة وسبعمائة غرق ظاهر القاهرة أيضا، وذلك أن النيل وفي ستة عشر ذراعا في ثالث عشر جمادى الأولى وهو التاسع والعشرون من شهر أبيب أحد شهور القبط، ولم يعهد مثل ذلك، فإن الأنيال البدرية يكون وفاؤها في العشر الأول من مسرى، فلما كسر سدّ الخليج توقفت الزيادة مدّة أيام، ثم زاد وتوقف إلى أن دخل تاسع توت، والماء على سبعة عشر ذراعا وستة أصابع، ثم زاد في يوم تسعة أصابع، واستمرّت الزيادة حتى صار على ثانية عشر ذراعا وستة أصابع، ففاض الماء وانقطع طريق الناس فيما بين القاهرة ومصر، وفيما بين كوم الريش والمنية، وخرج من جانب المنية وغرّقها، فكتب بفتح جميع الترع والجسور بسائر الوجه القبليّ والبحريّ، وكسر بحر أبي المنجا وفتح سدّ بلبيس وغيره قبل عيد الصليب، وغرقت الأقصاب والزراعات الصيفية، وعمّ الماء ناحية منية الشيرج، وناحية شبر، فخربت الدور التي هناك، وتلف للناس مال كثير، من جملته زيادة على ثمانين ألف جرّة خمر فارغة تكسرت في نايحة المنية وشبرا عند هجوم الماء، وتلفت مطامير الغلة من الماء، حتى بيع قدح القمح بفلس، والفلس يومئذ جزء من ثمانية وأربعين جزأ من درهم، وصار من بولاق إلى شبرا بحرا واحدا تمرّ فيه المراكب للنزهة في بساتين الجزيرة إلى شبرا، وتلفت الفواكه والمشمومات، وقلت الخضر التي يحتاج إليها في الطعام، وغرقت منشأة المهرانيّ، وفاض الماء من عند خانقاه رسلان، وأفسد بستان الخشاب واتصل الماء بالجزيرة التي تعرف بجزيرة الفيل إلى شبرا، وغرقت الأقصاب التي في الصعيد، فإن الماء أقام عليها ستة وخمسين يوما، فعصرت كلها عسلا فقط، وخربت سائر الجسور وعلاها الماء، وتأخر هبوطه عن الوقت المعتاد، فسقطت عدّة دور بالقاهرة ومصر، وفسدت منشأة الكتاب المجاورة لمنشأة المهرانيّ، فلذلك عمل السلطان الجسر

ص: 294

المذكور خوفا على القاهرة من الغرق.

الجسر بوسط النيل: وكان سبب عمل هذا الجسر، أن ماء النيل قوي رميه على ناحية بولاق، وهدم جامع الخطيري، ثم جدّد وقوّيت عمارته وتيار البحر لا يزداد من ناحية البرّ الشرقيّ إلّا قوة، فأهمّ الملك الناصر أمره وكتب في سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة بطلب المهندسين من دمشق وحلب والبلاد الفراتية، وجمع المهندسين من أعمال مصر كلها قبليها وبحريها، فلما تكاملوا عنده ركب بعساكره من قلعة الجبل إلى شاطيء النيل، ونزل في الحراقة وبين يديه الأمراء وسائر أرباب الخبرة من المهندسين، وجولة الجسور، وكشف أمر شطوط النيل، فاقتضى الحال أن يعمل جسرا فيما بين بولاق وناحية أنبوبه من البرّ الغربي، ليردّ قوّة التيار عن البرّ الشرقيّ إلى البرّ الغربيّ، وعاد إلى القلعة فكتبت مراسيم إلى ولاة الأعمال بإحضار الرجال صحبة المشدّين، واستدعى شادّ العمائر السلطانية وأمره بطلب الحجارين، وقطع الحجر من الجبل، وطلب رئيس البحر وشادّ الصناعة لإحضار المراكب، فلم يمض سوى عشرة أيام حتى تكامل حضور الرجال مع الشادّين من الأقاليم، وندب السلطان لهذا العمل الأمير أقبغا عبد الواحد، والأمير برصبغا الحاجب، فبرز لذلك وأحضر والي القاهرة ووالي مصر، وأمرا بجمع الناس وتسخير كل أحد للعمل، فركبا وأخذا الحرافيش من الأماكن المعروفة بهم، وقبضا على من وجد في الطرقات وفي المساجد والجوامع، وتتبّعاهم في الأسحار، ووقع الاهتمام الكبير في العمل من يوم الأحد عاشر ذي القعدة، وكانت أيام القيظ، فهلك فيه عدّة من الناس، والأمير أقبغا في الحراقة يستحث الناس على إنجاز العمل، والمراكب تحمل الحجر من الفص الكبير إلى موضع الجسر، وفي كل قليل يركب السلطان من القلعة ويقف على العمل، ويهين أقبغا ويسبه ويستحثه حتى تمّ العمل للنصف من ذي الحجة، وكانت عدّة المراكب التي غرقت فيه وهي مشحونة بالحجارة اثني عشر مركبا، كل مركب منها تحمل ألف أردب غلة، وعدّة المراكب التي ملئت بالحجر حتى ردم وصار جسرا، ثلاثة وعشرون ألف مركب، سوى ما عمل فيه من آلات الخشب والسرياقات، وحفر في الجزيرة خليج وطئ، فلما جرى النيل في أيام الزيادة مرّ في ذلك الخليج ولم يتأثر الجسر من قوّة التيار، وصارت قوّة جري النيل من ناحية أنبوبة بالبرّ الغربيّ ومن ناحية التكروريّ أيضا، فسرّ السلطان بذلك وأعجبه إعجابا كثيرا، وكان هذا الجسر سبب انطراد الماء عن برج القاهرة حتى صار إلى ما صار إليه الآن.

الجسر فيما بين الجيزة والروضة: كان السبب المقتضى لعمل هذا الجسر، أن الملك الناصر لما عمل الجسر فيما بين بولاق وناحية أنبوبة وناحية التكروريّ، انطرد ماء النيل عن برّ القاهرة، وانكشفت أراض كثيرة، وصار الماء يحاض من برّ مصر إلى المقياس، وانكشف من قبالة منشأة المهرانيّ إلى جزيرة الفيل وإلى منية الشيرج، وصار الناس يجدون مشقّة لبعد الماء عن القاهرة، وغلت روايا الماء حتى بيعت كلّ راوية بدر همين بعد ما كانت بنصف وربع

ص: 295

درهم، فشكا الناس ذلك إلى الأمير أرغون العلائيّ والي السلطان الملك الكامل شعبان بن الملك الناصر محمد بن قلاون، فطلب المهندسين ورئيس البحر، وركب السلطان بأمرائه من القلعة إلى شاطيء النيل، فلم يتهيأ عمل لما كان من ابتداء زيادة النيل، إلّا أنّ الرأي اقتضى نقل التراب والشقاف من مطابخ السكّر التي كانت بمصر وإلقاء ذلك بالروضة. لعمل الجسر، فنقل شيء عظيم من التراب في المراكب إلى الروضة، وعمل جسر من الجزيرة إلى نحو المقياس، في طول نحو ثلثي ما بينهما من المسافة، فعاد الماء إلى جهة مصر عودا يسيرا وعجزوا عن إيصال الجسر إلى المقياس لقلة التراب، وقويت الزيادة حتى علا الماء الجسر بأسره، واتفق قتل الملك الكامل بعد ذلك، وسلطنة أخيه الملك المظفر حاجي بن محمد بن قلاون أول جمادى الآخرة سنة سبع وأربعين وسبعمائة.

فلما دخلت سنة ثمان وأربعين، وقف جماعة من الناس للسلطان في أمر البحر واستغاثوا من بعد الماء وانكشاف الأراضي من تحت البيوت، وغلاء الماء في المدينة، فأمر بالكشف عن ذلك، فنزل المهندسون واتفقوا على إقامة جسر ليرجع الماء عن برّ الجيزة إلى برّ مصر والقاهرة، وكتبوا تقدير ما يصرف فيه مائة وعشرين ألف درهم فضة، فأمر بجبايتها من أرباب الأملاك التي على شط النيل، وأن يتولى القاضي ضياء الدين يوسف بن أبي بكر المحتسب جبايتها واستخراجها، فقيست الدور وأخذ عن كل ذراع من أراضيها خمسة عشر درهما، وتولى قياسها أيضا المحتسب ووالي الصناعة، فبلغ قياسها سبعة آلاف وستمائة ذراع، وجبي نحو السبعين ألف درهم، فاتفق عزل الضيّاء عن الحسبة، ونظر المارستان المنصوريّ، ونظر الجوالي، وولاية ابن الأطروش مكانه، ثم قتل الملك المظفر وولاية أخيه الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاون سلطنة مصر بعده، في شهر رمضان منها، فلما كانت في سنة تسع وأربعين وسبعمائة وقع الاهتمام بعمل الجسر، فنزل الأمير بلبغا أروس نائب السلطنة، والأمير منجك الاستادار، وكان قد عزل من الوزارة، والأمير قيلاي الحاجب، وجماعة من الأمراء ومعهم عدّة من المهندسين إلى البحر في الحراريق، والمراكب إلى برّ الجيزة، وقاسوا ما بين برّ الجيزة والمقياس، وكتب تقدير المصروف نحو المائة والخمسين ألف درهم، وألف خشبة من الخشب، وخمسمائة صار، وألف حجر في طول ذراعين وعرض ذراعين، وخمسة آلاف شنفة، وغير ذلك من أشياء كثيرة.

فركب النائب والوزير والأمير شيخو والأمراء إلى الجيزة، وأعادوا النظر في أمر الجسر ومعهم أرباب الخبرة، فالتزم الأمير منجك بعمل الجسر، وأن يتولى جباية المصروف عليه من سائر الأمراء والأجناد والكتاب وأرباب الأملاك، بحيث أنه لا يبقى أحد حتى يؤخذ منه، فرسم لكتاب الجيش بكتابة أسماء الجند، وقرّر على كلّ مائة دينار من الإقطاعات درهم واحد، وعلى كلّ أمير من خمسة آلاف درهم إلى أربعة آلاف درهم، وعلى كلّ كاتب أمير ألف، مائتا درهم، وكاتب أمير الطبلخانات مائة درهم، وعلى كلّ حانوت من حوانيت

ص: 296

التجار درهم، وعلى كلّ دار در همان، وعلى كلّ بستان الفدّان من عشرين درهما إلى عشرة دراهم، وعلى كلّ طاحون خمسة دراهم. عن الحجر، وعلى كلّ صهريج في تربة بالقرافة أو في ظاهر القاهرة أو في مدرسة من عشرة دراهم إلى خمسة دراهم، وعلى كل تربة من ثلاثة دراهم إلى در همين، وعلى أصحاب المقاعد والمتعيشين في الطرقات شيء، وكشفت البساتين والدور التي استجدّت من بولاق إلى منية الشيرج، والتي استجدّت في الحكورة، والتي استجدّت على الخليج الناصريّ، وعلى بركة الحاجب، وفي حكر أخي صاروجا، وقيست أراضيها كلها، وأخذ عن كلّ ذراع منها خمسة عشر درهما، وأخذ عن كلّ قمين من أقمنة الطوب شيء، وعن كلّ فاخورة من الفواخير شيء، وفرض على كلّ وقف بالقاهرة ومصر والقرافتين من الجوامع والمساجد والخوانك والزوايا والربط شيء، وكتب إلى ولاة الأعمال بالجباية من ديورة النصارى وكنائسهم من مائتي درهم إلى مائة درهم، وقرّر على الفنادق والخانات التي بالقاهرة ومصر شيء، وقرّر على ضامنة الأغاني مبلغ خمسين ألف درهم، وأقيم لكل جهة شادّ وصيرفي وكتّاب وغير ذلك من المستحثين من الأعوان، فنزل من ذلك بالناس بلاء كبير وشدّة عظيمة، فإنه أخذ حتى من الشيخ والعجوز والأرملة، وجبى المال منهم بالعسف، وأبطل كثير منهم سببه لسعيه في الغرامة ودهي الناس مع الغرامة، يتسلط الظلمة من العرفاء والضمان والرسل، فكان يغرم كلّ أحد للقابض والشادّ والصيرفيّ والشهود سوى ما قرّر عليه جملة دراهم، فكثر كلام الناس في الوزير حتى صاروا يلهجون بقولهم هذه سخطة مرصص نزلت من السماء على أهل مصر، وقاسوا شدّة أخرى في تحصيل الأصناف التي يحتاج إليها، ونزل الوزير منجك وضرب له خيمة على جانب الروضة، ونادى في الحرافيش والفعلة، من أراد العمل يحضر ويأخذ أجرته درهما ونصفا وثلاثة أرغفة، فاجتمع إليه عالم كثير، وجعل لهم شيئا يستظلون به من حرّ الشمس، وأحسن إليهم، ورتب عدّة مراكب لنقل الحجر، وأقام عدة من الحجارين في لجبل لقطع الحجر، وجمالا وحميرا تنقلها من الجبل إلى البحر، ثم تحمل من البرّ في المراكب إلى برّ الجيزة، وابتدأ بعمل الجسر من الروضة إلى ساقية علم الدين بن زنبور، وعارضه بجسر آخر من بستان التاج إسحاق إلى ساقية ابن زنبور، وأقام أخشابا من الجهتين، وردم بينهما بالتراب والحجر والحلفاء، ورتب الجمال السلطانية لقطع الطين من برّ الروضة وحمله إلى وسط الجسر، وأمر أن لا يبقى بالقاهرة ومصر صانع إلا حضر العمل، وألزم من كان بالقرب من داره كوم تراب أن ينقله إلى الجسر، فغرم كل واحد من الناس في نقل التراب من ألف درهم درهم إلى خمسمائة درهم، وكان كلّ ما ينقل في المراكب من الحجر وغيره يرمى في وسط جسر المقياس، وتحمله الجمال إلى الجسر، ثم اقتضى الرأي حفر خليج يجري الماء فيه عند زيادة النيل لتضعف قوّة التيار عن الجسر، فأحضرت الأبقار والجراريف والرجال لأجل ذلك، وابتدؤوا حفره من رأس موردة الحلفاء تحت الدور إلى بولاق، وكانت الزيادة

ص: 297

قد قرب أوانها فما انتهى الحفر حتى زاد ماء النيل وجرى فيه، فسرّ الناس به سرورا كبيرا، وانتهى عمل الجسر في أربعة أشهر.

إلا أنّ الشناعة قويت على الوزير، وبلّغ الأمراء النائب ما يقال عن منجك من كثرة جباية الأموال، فحدّثه في ذلك ومنعه، فاعتذر بأنه لم يسخر أحدا ولا استعمل الناس إلّا بالأجرة، وأن في هذا العمل للناس عدّة منافع، وما عليّ من قول أصحاب الأغراض الفاسدة، ونحو ذلك، وتمادى على ما هو عليه، فلما جرى الماء في الخليج الذي حفر تحت البيوت من موردة الحلفاء إلى بولاق، مرّت فيه المراكب بالناس للفرجة، واحتاج منجك إلى نقل خيمته من برّ الروضة إلى برّ الجيزة، وأحضر المراكب الكبار وملأها بالحجارة، وغرّق منها عشرة مراكب في البحر، وردم التراب عليها إلى أن كمل نحو ثلثي العمل، فقويت زيادة الماء وبطل العمل.

فلما كثرت الزيادة جمع منجك الحرافيش والأسرى، وردم على الجسر التراب وقوّاه، فتحامل الماء عن البرّ الغربيّ إلى البرّ الشرقيّ ومرّ من تحت الميدان السلطانيّ وزريبة قوصون إلى بولاق، فصار معظمه من هذه المواضع، وحصل الغرض بكون الماء بالقرب من القاهرة، وانتهى طول جسر منجك إلى مائتين وتسعين قصبة في عرض ثمان قصبات، وارتفاع أربع قصبات، والجسر الذي من الروضة إلى المقياس طوله مائتان وثلاثون قصبة، وعدّة ما رمي في هذا العمل من المراكب المشحونة بالحجر اثنا عشر ألف مركب سوى التراب. وغير ذلك، وكان ابتداء العمل في مستهل المحرّم وانتهاؤه في سلخ ربيع الآخر، ولم تنحصر الأموال التي جبيت بسببه، فإنه لم يبق بالقاهرة ومصر دار ولا فندق ولا حمّام ولا طاحون ولا وقف جامع أو مدرسة أو مسجد أو زاوية ولا رزقة ولا كنيسة إلّا وجبي منه، فكان الرجل الواحد يغرم العشرة دراهم، ومن خصه درهمان يحتاج إلى غرامة أمثالهما وأضعافهما، وناهيك بمال يجبى من الديار المصرية على هذا الحكم كثرة، وقد بقيت من جسر منجك هذا بقية هي معروفة اليوم في طرف الجزيرة الوسطى.

جسر الخليلي: هذا الجسر فيما بين الروضة من طرفها البحريّ وبين جزيرة أروى المعروفة بالجزيرة الوسطى، تجاه الخور، وكان سبب عمله أن النيل لما قوي رمى تياره على برّ القاهرة في أيام الملك الناصر محمد بن قلاون، وقام في عمل الجسر ليصير رمي التيار من جهة البرّ الغربيّ كما تقدّم ذكره، انطرد الماء عن برّ القاهرة وانكشف ما تحت الدور من منشأة المهرانيّ إلى منية الشيرج، وعمل منجك الجسر الذي مرّ ذكره ليعود الماء في طول السنة إلى برّ القاهرة، فلم يتهيأ كما كان أوّلا، وجرى في الخليج الذي احتفره تحت الدور من موردة الحلفاء بمصر إلى بولاق، وصار تجاه هذا الخليج جزيرة، والماء لا يزال ينطرد في كلّ سنة عن برّ القاهرة إلى أن استبدّ بتدبير مصر الأمير الكبير برقوق.

ص: 298

فلما دخلت سنة أربع وثمانين وسبعمائة، قصد الأمير جهاركس الخليليّ عمل جسر ليعود الماء إلى برّ القاهرة ويصير في طول السنة هناك، ويكثر النفع به فيرخص الماء المحمول في الروايا ويقرب مرسى المراكب من البلد وغير ذلك من وجوه النفع، فشرع في العمل أوّل شهر ربيع الأوّل، وأقام الخوازيق من خشب السنط، طول كلّ خازوق منها ثمانية أذرع، وجعلها صفين في طول ثلاثمائة قصبة وعرض عشر قصبات، وسمر فيها أفلاق النخل الممتدّة، وألقى بين الخوازيق ترابا كثيرا، وانتصب هناك بنفسه ومماليكه، ولم يجب من أحد مالا البتة، فانتهى عمله في أخريات شهر ربيع الآخر، وحفر في وسط البحر خليجا من الجسر إلى زريبة قوصون، وقال شعراء العصر في ذلك شعرا كثيرا، منهم عيسى بن حجاج:

جسر الخليليّ المقرّ لقد رسا

كالطود وسط النيل كيف يريد

فإذا سألتم عنهما قلنا لكم

ذا ثابت دهرا وذاك يزيد

وقال الأديب شهاب الدين أحمد بن العطار:

شكت النيل أرضه

للخليلي فأحصره

ورأى الماء خائفا

أن يطاها فجسره

وقال:

رأى الخليليّ قلب الماء حين طغى

بنى على قلبه جسرا وحيّره

رأى ترمّل أرضيه ووحدتها

والنيل قد خاف يغشاها فجسّره

ومع ذلك ما ازداد الماء إلّا انطرادا عن برّ القاهرة ومصر، حتى لقد انكشف بعد عمل هذا الجسر شيء كثير من الأراضي التي كانت عامرة بماء النيل، وبعد النيل عن القاهرة بعدا لم يعهد في الإسلام مثله قط.

جسر شيبين: أنشأه الملك الناصر محمد بن قلاون في سنة سبع وثلاثين وسبعمائة، بسبب أنّ أقليم الشرقية كانت له سدود كلها موقوفة على فتح بحر أبي المنجا، وفي بعض السنين تشرّق ناحية شيبين وناحية مرصفا وغير ذلك من النواحي التي أراضيها عالية، فشكا الأمير بشتاك من تشريق بعض بلاده التي في تلك النواحي، فركب السلطان من قلعة الجبل ومعه المهندسون وخولة البلاد، وكانت له معرفة بأمور العمائر، وحدس جيد، ونظر سعيد ورأي مصيب، فسار لكشف تلك النواحي حتى اتفق الرأي على عمل الجسر من عند شيبين القصر إلى بنها العسل، فوقع الشروع في عمله وجمع له من رجال البلاد اثني عشر ألف رجل، ومائتي قطعة جرّافة، وأقام فيه القناطر فصار محبسا لتلك البلاد، وإذا فتح بحر أبي المنجا امتلأت الاملاق بالماء، وأسند على هذا الجسر، وفي أوّل سنة عمل هذا الجسر أبطل فتح بحر أبي المنجا تلك السنة، فتح من جسر شيبين هذا، وحصل هذا الجسر نفع كبير

ص: 299

لبلاد العلو، واستبحر منه عدّة بلاد وطيئة، والعمل على هذا الجسر إلى يومنا هذا. والله أعلم.

جسرا مصر والجيزة: اعلم أن الماء في القديم كان محيطا بجزيرة مصر التي تعرف اليوم بالروضة طول السنة، وكان فيما بين ساحل مصر وبين الروضة جسر من خشب، وكذلك فيما بين الروضة وبرّ الجيزة جسر من خشب يمرّ عليهما الناس والدواب، من مصر إلى الروضة، ومن الروضة إلى الجيزة، وكان هذان الجسران من مراكب مصطفة بعضها بحذاء بعض وهي موثقة، ومن فوق المراكب أخشاب ممتدّة فوقها تراب، وكان عرض الجسر ثلاث قصبات.

قال القضاعيّ: وأما الجسر فقال بعضهم رأيت في كتاب، ذكر أنه خط أبي عبد الله بن فضالة، صفة الجسر وتعطيلة وإزالته، وأنه لم يزل قائما إلى أن قدم المأمون مصر، وكان غريبا، ثم أحدث المأمون هذا الجسر الموجود اليوم الذي تمرّ عليه المارّة وترجع من الجسر القديم، فبعد أن خرج المأمون عن البلد أتت ريح عاصفة فقطعت الجسر الغربيّ، فصدمت سفنه الجسر المحدث، فذهبا جميعا، فبطل الجسر القديم وأثبت الجديد، ومعالم الجسر القديم معروفة إلى هذه الغاية.

وقال ابن زولاق في كتاب إتمام أمراء مصر: ولعشر خلون من شعبان سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة سارت العساكر لقتال القائد جوهر، ونزلوا الجزيرة بالرجال والسلاح والعدّة، وضبطوا الجسرين، وذكر ما كان منهم إلى أن قال في عبور جوهر: أقبلت العساكر فعبرت الجسر أفواجا أفواجا، وأقبل جوهر في فرسانه إلى المناخ موضع القاهرة. وقال في كتاب سيرة المعز لدين الله: وفي مستهلّ رجب سنة أربع وستين وثلاثمائة صلح جسر الفسطاط، ومنع الناس من ركوبه، وكان قد أقام سنين معطلا. وقال ابن سعيد في كتاب المغرب: وذكر ابن حوقل الجسر الذي يكون ممتدّا من الفسطاط إلى الجزيرة، وهو غير طويل، ومن الجانب الآخر إلى البرّ الغربيّ، المعروف ببرّ الجيزة، جسر آخر من الجزيرة إليه، وأكثر جواز الناس بأنفسهم ودوابهم في المراكب، لأنّ هذين الجسرين قد احترما بحصولهما في حيز قلعة السلطان، ولا يجوز أحد على الجسر الذي بين الفسطاط والجزيرة راكبا احتراما لموضع السلطان، يعني الملك الصالح نجم الدين أيوب، وكان رأس هذا الجسر الذي ذكره ابن سعيد حيث المدرسة الخرّوبية، من إنشاء البدر أحمد بن محمد الخرّوبيّ التاجر، على ساحل مصر قبليّ خط دار النحاس، وما برح هذا الجسر إلى أن خرّب الملك المعز ايبك التركمانيّ قلعة الروضة، بعد سنة ثمان وأربعين وستمائة، فأهمل.

ثم عمره الملك الظاهر ركن الدين بيبرس على المراكب، وعمله من ساحل مصر إلى الروضة، ومن الروضة إلى الجيزة، لأجل عبور العسكر عليه لما بلغه حركة الفرنج، فعمل ذلك.

ص: 300