الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سبع سنين، في يوم السبت ثالث ذي القعدة المذكور، وأبوه حيّ، فلم يكن حظه من السلطنة سوى الاسم حتى مات في يوم الأحد، ثالث عشري صفر سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة، فكانت مدّته خمس سنين وثلاثة أشهر وعشرين يوما.
فأقيم بعده أخوه السلطان الملك الصالح زين الدين حاجي: في يوم الاثنين رابع عشري صفر المذكور، فقام بأمر الملك وتدبير الأمور الأمير الكبير برقوق، حتى خلعه في يوم الأربعاء تاسع شهر رمضان سنة أربع وثمانين وسبعمائة، فكانت مدّته سنة وشهرين ينقصان أربعة أيام، وبه انقضت دولة المماليك البحرية الأتراك وأولادهم، ومدّتهم مائة وست وثلاثون سنة وسبعة أشهر وتسعة أيام، أوّلها يوم الخميس عاشر صفر سنة ثمان وأربعين وستمائة، وآخرها يوم الثلاثاء ثامن عشر شهر رمضان سنة أربع وثمانين وسبعمائة، وعدّتهم أربعة وعشرون ذكرا، ما بين رجل وصبيّ، وامرأة واحدة، وأوّلهم امرأة وآخرهم صبيّ ولما أقيم الناصر حسن بعد أخيه المظفر حاجي طلب المماليك الجراكسة الذين قرّبهم المظفر بسفارة الأمير أغرلو، فإنه كان يدّعي أنه كان جركسيّ الجنس، وجلبهم من أماكن حتى ظهروا في الدولة وكبرت عمائمهم وكلوتاتهم، فأخرجوا منفيين أنحس خروج، فقدموا على البلاد الشامية والله تعالى أعلم.
ذكر دولة المماليك الجراكسة
وهم واللاض والروس أهل مدائن عامرة، وجبال ذات أشجار، ولهم أغنام وزروع، وكلهم في مملكة صاحب مدينة سراي قاعدة خوارزم، وملوك هذه الطوائف لملك سراي كالرعية، فإن داروه وهادوه كفّ عنهم، وإلّا غزاهم وحصرهم، وكم مرجة قتلت عساكره منهم خلائق، وسبت نساءهم وأولادهم، وجلبتهم رقيقا إلى الأقطار، فأكثر المنصور قلاون من شرائهم، وجعلهم وطائفة اللاض جميعا في أبراج القلعة، وسماهم البرجية، فبلغت عدّتهم ثلاثة آلاف وسبعمائة، وعمل منهم أوشاقية «1» وجمقدارية وجاشنكيرية وسلاحدارية، وأوّلهم:
السلطان الملك الظاهر أبو سعيد برقوق بن آنص: أخذ من بلاد الجركس وبيع ببلاد القرم، فجلبه خواجا فخر الدين عثمان بن مسافر إلى القاهرة، فاشتراه منه الأمير الكبير يلبغا الخاصكيّ وأعتقه وجعله من جملة مماليكه الأجلاب، فيعرف ببرقوق العثمانيّ. فلما قتل يلبغا أخرج الملك الأشرف الأجلاب من مصر، فسار منهم برقوق إلى الكرك، فأقام في عدّة منهم مسجونا بها عدّة سنين، ثم أفرج عنه وعمن كان معه، فمضوا إلى دمشق وخدموا عند الأمير منجك نائب الشام حتى طلب الأشرف اليلبغاوية، فقدم برقوق في جملتهم واستقرّ في
خدمة ولدي السلطان عليّ وحاجي مع من استقرّ من خشداشيته «1» ، فعرفوا باليلبغاوية إلى أن خرج السلطان إلى الحج، فثاروا بعد سفره وسلطنوا ابنه عليا، وحكم في الدولة منهم الأمير قرطاي الشهابيّ، فثار عليه خشداشية أينبك البدريّ، فأخرجه إلى الشام وقام بعده بتدبير الدولة، وخرج إلى الشام فثارت عليه اليلبغاوية وفيهم برقوق، وقد صار من جملة الأمراء، فعاد قبل وصوله بلبيس، ثم قبض عليه، وقام بتدبير الدولة غير واحد في أيام يسيرة، فركب برقوق في يوم الأحد ثالث عشري ربيع الآخر سنة تسع وسبعين وسبعمائة، وقت الظهيرة، في طائفة من خشداشيته وهجم على باب السلسلة وقبض على الأمير يلبغا الناصريّ، وهو القائم بتدبير الدولة، وملك الإصطبل وما زال به حتى خلع الصالح حاجي وتسلطن في يوم الأربعاء تاسع عشر رمضان سنة أربع وثمانين وسبعمائة وقت الظهر، فغير العوائد وأفنى رجال الدولة، واستكثر من جلب الجراكسة إلى أن ثار عليه الأمير يلبغا الناصريّ، وهو يومئذ نائب حلب، وسار إليه ففرّ من قلعة الجبل في ليلة الثلاثاء خامس جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين، وملك الناصريّ القلعة وأعاد الصالح حاجي ولقبه بالملك المنصور، وقبض على برقوق وبعثه إلى الكرك فسجنه بها، فثار الأمير منطاش على الناصري وقبض عليه وسجنه بالإسكندرية، وخرج يريد محاربة برقوق وقد خرج من سجن الكرك، وسار إلى دمشق في عسكر، فحاربه برقوق على شقجب ظاهر دمشق وملك ما معه من الخزائن، وأخذ الخليفة والسلطان حاجي والقضاة وسار إلى مصر، فقدمها يوم الثلاثاء رابع عشر صفر سنة اثنتين وتسعين، واستبدّ بالسلطنة حتى مات ليلة الجمعة للنصف من شوّال سنة إحدى وثمانمائة، فكانت مدّته أتابكا وسلطانا إحدى وعشرين سنة وعشرة أشهر وستة عشر يوما، خلع فيها ثمانية أشهر وتسعة أيام. وقام من بعده ابنه.
السلطان الملك الناصر زين الدين أبو السعادات فرج: في يوم الجمعة المذكور، وعمره نحو العشر سنين، فدبر أمر الدولة الأمير الكبير ايتمش، ثم ثار به الأمير يشبك وغيره، ففرّ إلى الشام وقتل بها، ولم تزل أيام الناصر كلها كثيرة الفتن والشرور والغلاء والوباء، وطرق بلاد الشام فيها الأمير تيمورلنك فخرّبها كلها وحرّقها، وعمها بالقتل والنهب والأسر حتى فقد منها جميع أنواع الحيوانات، وتمزق أهلها في جميع أقطار الأرض، ثم دهمها بعد رحيله عنها جراد لم يترك بها خضراء، فاشتدّ بها الغلاء على من تراجع إليها من أهلها، وشنع موتهم، واستمرّت بها مع ذلك الفتن، وقصر مدّ النيل بمصر حتى شرقت الأراضي إلّا قليلا، وعظم الغلاء والفناء، فباع أهل الصعيد أولادهم من الجوع، وصاروا أرقاء مملوكين، وشمل الخراب الشنيع عامّة أرض مصر وبلاد الشام من حيث يصب النيل من الجنادل إلى حيث مجرى الفرات، وابتلى مع ذلك بكثرة فتن الأميرين نوروز الحافظي
وشيخ المحموديّ، وخروجهما ببلاد الشام عن طاعته، فتردّد لمحاربتهما مرارا حتى هزماه ثم قتلاه بدمشق، في ليلة السبت سادس عشر صفر سنة خمس عشرة وثمانمائة، فكانت مدّته منذ مات أبوه إلى أن فرّ في يوم الأحد خامس عشري ربيع الأول سنة ثمان وثمانمائة، واختفى، وأقيم بعده أخوه عبد العزيز، ولقب الملك المنصور ست سنين وخمسة أشهر وأحد عشر يوما، وأقام الناصر في الاختفاء سبعين يوما ثم ظهر في يوم السبت خامس عشر جمادي الآخرة، واستولى على قلعة الجبل واستبدّ بملكه أقبح استبداد، إلى أن توجه لحرب نوروز وشيخ وقاتلهما على اللجون، في يوم الاثنين ثالث عشر المحرّم، سنة خمس عشرة، فانهزم إلى دمشق وهما في إثره، وقد صار الخليفة المستعين بالله في قبضتهما ومعه مباشر والدولة، فنزلا على دمشق وحصراه، ثم ألزما الخليفة بخلعة من السلطنة فلم يجد بدّا من ذلك وخلعه في يوم السبت خامس عشرية، ونودي بذلك في الناس، فكانت مدّته الثانية ست سنين وعشرة أشهر سواء.
وأقيم من بعده الخليفة المستعين بالله أمير المؤمنين أبو الفضل العباس بن محمد العباسي: وأصل هؤلاء الخلفاء بمصر، أنّ أمير المؤمنين المستعصم بالله عبد الله آخر خلفاء بني العباس، لما قتله هولاكو بن تولي بن جنكزخان في صفر سنة ست وخمسين وستمائة ببغداد وخلت الدنيا من خليفة، وصار الناس بغير إمام قرشيّ إلى سنة تسع وخمسين، فقدم الأمير أبو القاسم أحمد بن الخليفة الظاهر أبي نصر محمد بن الخليفة الناصر العباسيّ من بغداد إلى مصر، في يوم الخميس تاسع رجب منها، فركب السلطان الملك الظاهر بيبرس إلى لقائه وصعد به قلعة الجبل، وقام بما يجب من حقه وبايعه بالخلافة وبايعه الناس، وتلقب بالمستنصر، ثم توجّه لقتال التتر ببغداد فقتل في محاربتهم، لأيام خلت من المحرّم سنة ستين وستمائة، فكانت خلافته قريبا من سنة.
ثم قدم من بعده الأمير أبو العباس أحمد بن أبي عليّ الحسن بن أبي بكر من ذرية الخليفة الراشد بالله أبي جعفر منصور بن المسترشد، في سابع عشري ربيع الأوّل، فأنزله السلطان في برج بقلعة الجبل وأجرى عليه ما يحتاج إليه، ثم بايعه في يوم الخميس ثامن المحرّم سنة إحدى وستين بعد ما أثبت نسبه على قاضي القضاة تاج الدين عبد الوهاب ابن بنت الأعز، ولقّبه بالحاكم بأمر الله، وبايعه الناس كافة، ثم خطب من الغد وصلى بالناس الجمعة في جامع القلعة، ودعي له من يومئذ على منابر أراضي مصر كلها قبل الدعاء للسلطان، ثم خطب له على منابر الشام، واستمرّ الحال على الدعاء له ولمن جاء من بعده من الخلفاء، وما زال بالبرج إلى أن منعه السلطان من الاجتماع بالناس في المحرّم سنة ثلاث وستين، فاحتجب وصار كالمسجون زيادة على سبع وعشرين سنة، بقية أيام الظاهر بيبرس وأيام ولديه محمد بركة وسلامش، وأيام قلاون. فلما صارت السلطنة إلى الأشرف خليل بن قلاون أخرجه من سجنه مكرّما، في يوم الجمعة العشرين من شهر رمضان، سنة
تسعين وستمائة، وأمره فصعد منبر الجامع بالقلعة وخطب وعليه سواده، وقد تقلد سيفا محلّى، ثم نزل فصلى بالناس صلاة الجمعة قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة، وخطب أيضا خطبة ثالثة في يوم الجمعة تاسع عشري ربيع الأوّل سنة إحدى وتسعين، وحج سنة أربع وتسعين، ثم منع من الاجتماع بالناس، فامتنع حتى أفرج عنه المنصور لاجين في سنة ست وتسعين وأسكنه بمناظر الكبش، وأنعم عليه بكسوة له ولعياله، وأجرى عليه ما يقوم به، وخطب بجامع القلعة خطبة رابعة وصلى بالناس الجمعة، ثم حج سنة سبع وتسعين، وتوفي ليلة الجمعة ثامن عشر جمادى الأولى، سنة إحدى وسبعمائة، فكانت خلافته مدّة أربعين سنة ليس له فيها أمر ولا نهي، إنما حظه أن يقال أمير المؤمنين، وكان قد عهد إلى ابنه الأمير أبي عبد الله محمد المستمسك، ثم من بعده لأخيه أبي الربيع سليمان المستكفي، فمات المستمسك في حياته، واشتدّ جزعه عليه، فعهد لابنه إبراهيم بن محمد المستمسك.
فلما مات الحاكم أقيم من بعده ابنه المستكفي بالله أبو الربيع سليمان بعده له، فشهد وقعة شقجب مع الملك الناصر محمد بن قلاون وعليه سواده، وقد أرخى له عذبة طويلة وتقلد سيفا عربيا محلى، ثم تنكر عليه وسجنه في برج بالقلعة نحو خمسة أشهر، وأفرج عنه وأنزله إلى داره قريبا من المشهد النفيسيّ بتربة شجرة الدر، فأقام نحو ستة أشهر وأخرجه إلى قوص في سنة سبع وثلاثين وسبعمائة، وقطع راتبه وأجرى له بقوص ما يتقوّت به، فمات بها في خامس شعبان سنة أربعين.
وعهد إلى ولده، فلم يمض الملك الناصر محمد عهده، وبويع ابن أخيه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد المستمسك بن أحمد الحاكم بيعة خفية لم تظهر، في يوم الاثنين خامس عشري شعبان المذكور، وأقام الخطباء أربعة أشهر لا يذكرون في خطبهم الخليفة، ثم خطب له في يوم الجمعة سابع ذي القعدة منها، ولقب بالواثق بالله، فلما مات الناصر محمد وأقيم بعده ابنه المنصور أبو بكر استدعى أبو القاسم أحمد بن أبي الربيع سليمان، وأقيم في الخلافة ولقب بالحاكم بعد ما كان يلقب بالمستنصر، وكني بأبي العباس، في يوم السبت سلخ ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، وفاستمرّ حتى مات في يوم الجمعة رابع شعبان، سنة ثمان وأربعين وسبعمائة.
فأقيم بعده أخوه المعتضد بالله أبو بكر، وكنيته أبو الفتح بن أبي الربيع سليمان، في يوم الخميس سابع عشرة واستقرّ مع ذلك في نظر مشهد السيدة نفيسة رضي الله عنها ليستعين بما يريد إلى ضريحها من نذر العامّة على قيام أوده، فإن مرتب الخلفاء كان على مكس الصاغة، وحسبه أن يقوم بما لا بدّ منه في قوتهم، فكانوا أبدا في عيش غير موسع، فحسنت حال المعتضد بما يبيعه من الشمع المحمول إلى المشهد النفيسيّ ونحوه إلى أن توفي يوم
الثلاثاء عاشر جمادى الأولى سنة ثلاث وستين، وكان يبلغ بالكاف، وحج مرّتين إحداهما سنة أربع وخسمسين، والثانية سنة ستين.
فأقيم بعده ابنه المتوكل على الله أبو عبد الله محمد بعهده إليه في يوم الخميس ثاني عشرة، وخلع عليه بين يدي السلطان الملك المنصور محمد بن الملك المظفر حاجي، وفوّض إليه نظر المشهد، ونزل إلى داره فلم يزل حتى تنكر له الأمير أينبك في أوّل ذي القعدة سنة ثمان وسبعين بعد قتل الملك الأشرف شعبان بن حسين، وأخرجه ليسير إلى قوص.
وأقام عوضه في الخلافة ابن عمه زكريا بن إبراهيم بن محمد في ثالث عشري صفر سنة تسع وسبعين، وكان قد أمر بردّ المتوكل من نفيه، فردّ إلى منزله من يومه، فأقام به حتى رضي عنه أينبك وأعاده في العشرين من ربيع الأوّل منها إلى خلافته، ثم سخط عليه الظاهر برقوق وسجنه مقيدا في يوم الاثنين أوّل رجب سنة خمس وثمانين، وقد وشي به أنه يريد الثورة وأخذ الملك.
وأقيم بعده في الخلافة الواثق بالله أبو حفص عمر بن المعتصم أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن الحاكم، في يوم الاثنين المذكور، فما زال خليفة حتى مات يوم السبت تاسع شوّال سنة ثمان وثمانين. فأقام الظاهر بعده في الخلافة أخاه زكريا بن إبراهيم في يوم الخميس ثامن عشرية، ولقب بالمستعصم، وركب بالخلعة وبين يديه القضاة من القلعة إلى منزله، فلما أشرف الظاهر برقوق على زوال ملكه وقرب الأمير يلبغا الناصريّ نائب حلب بالعساكر، استدعى المتوكل على الله من محبسه وأعاده إلى الخلافة، وخلع عليه في يوم الأربعاء أوّل جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين، وبالغ في تعظيمه، وأنعم عليه، فلم يزل على خلافته حتى توفي ليلة الثلاثاء ثامن عشري رجب سنة ثمان وثمانمائة، وهو أوّل من اتسعت أحواله من الخلفاء بمصر، وصار له إقطاعات ومال.
فأقيم في الخلافة بعده ابنه المستعين بالله أبو الفضل العباس، وخلع عليه في يوم الاثنين رابع شعبان بالقلعة بين يدي الناصر فرج بن برقوق، ونزل إلى داره ثم سار مع الناصر إلى الشام، وحضر معه وقعة اللجون حتى انهزم، فدعاه الأميران شيخ ونوروز فمضى من موقفه إليهما ومعه مباشر والدولة، فأنزلاه ووكلا به وسارا به لحصار الناصر، ثم ألزماه حتى خلعه من السلطنة، وأقامه شيخ في السلطنة وبايعه ومن معه، في يوم السبت خامس عشري المحرّم سنة خمس عشرة وثمانمائة، وبعث إلى نوروز وهو بشماليّ دمشق حتى بايعه، فنالوا بإقامته أغراضهم من قتل الناصر وانتظام أمرهم، ثم سار به شيخ إلى مصر وأقام نوروز بدمشق، فلما قدم به أسكنه القلعة ونزل هو بالحراقة من باب السلسلة، وقام بجميع الأمور وترك الخليفة في غاية الحصر، حتى استبدّ بالسلطنة، فكانت مدّة الخليفة منذ أقاموه سلطانا
سبعة أشهر وخمسة أيام، ونقل الخليفة إلى بعض دور القلعة ووكل به من يحفظه وأهله وقام من بعده بالسلطانة.
السلطان الملك المؤيد أبو النصر شيخ المحموديّ: أحد مماليك الظاهر برقوق، في يوم الاثنين أوّل شعبان سنة خمس عشرة وثمانمائة، فسجن الخليفة في برج بالقلعة ثم حمله إلى الإسكندرية، فسجنه بها، ولم يزل سلطانا حتى مات في يوم الاثنين ثامن المحرّم سنة أربع وعشرين، فكانت مدّته ثمان سنين وخمسة أشهر وستة أيام. فأقيم بعده ابنه.
السلطان الملك المظفر شهاب الدين أبو السعادات أحمد: وعمره سنة واحدة ونصف، فقام بأمره الأمير ططر، وفرّق ما جمعه المؤيد من الأموال، وخرج بالمظفر يريد محاربة الأمراء بالشام، فظفر بهم، وخلع المظفر، وكانت مدّته ثمانية أشهر تنقص سبعة أيام. وقام بعده.
السلطان الملك الظاهر أبو الفتح ططر: أحد مماليك الظاهر برقوق، وجلس على التخت بقلعة دمشق في يوم الجمعة تاسع عشري شعبان، سنة أربع وعشرين، وقدم إلى قلعة الجبل وهو موعوك البدن، في يوم الخميس رابع شوّال، فثقل في مرضه من يوم الاثنين ثاني عشرية حتى مات في الأحد، رابع عشري ذي الحجة، فكانت مدّته ثلاثة أشهر ويومين، فأقيم بعده ابنه.
السلطان الملك الصالح ناصر الدين محمد: وعمره نحو عشر سنين، فقام بأمره الأمير برسباي الدقاقيّ، ثم خلعه بعد أربعة أشهر وأربعة أيام. وقام من بعده.
السلطان الملك الأشرف سيف الدين أبو النصر برسباي: أحد مماليك الظاهر برقوق، وجلس على تخت الملك في يوم الأربعاء ثامن شهر ربيع الآخر، سنة خمس وعشرين وثمانمائة.
هذا آخر الجزء الثالث من أصل مصنفه الإمام المقريزيّ رحمه الله تعالى ورضي عنه.
ووجد على هامش بعض النسخ ما صورته: وتوفي الأشرف برسباي ثالث عشر ذي الحجة، سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، فكانت مدّته ست عشرة سنة وتسعة شهور، ثم قام من بعده ولده: الملك العزيز يوسف، وسنّه نحو خمس عشرة سنة، ثم خلع في تاسع عشر ربيع الأوّل سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، فكانت مدّته نحو ثلاثة أشهر.
وقام من بعده الملك الظاهر جقمق في تاسع عشر ربيع المذكور، وخلع نفسه من الملك في مرض موته، وتولى بعده بعهده ولده. الملك المنصور عثمان في حادي عشري المحرّم سنة سبع وخمسين وثمانمائة، فكانت مدّة الظاهر جقمق أربع عشرة سنة ونحو عشرة شهور، ثم خلع ولده المنصور عثمان في سابع ربيع الأوّل سنة سبع وخمسين وثمانمائة،
فأقام في الملك أحدا وأربعين يوما، وتولى عوضه الملك الأشرف أينال: في ثامن من ربيع الأوّل سنة سبع وخمسين وثمانمائة، وخلع نفسه في مرض موته في جمادى الأولى سنة خمس وستين وثمانمائة، فكانت مدّته ثمان سنين وشهرين، وتولى بعده ولده الملك المؤيد أحمد ثم خلع في ثامن عشر رمضان سنة خمس وستين وثمانمائة، فكانت مدّته أربعة أشهر.
وتولى الملك الظاهر خشقدم تاسع عشر رمضان، سنة خمس وستين وثمانمائة، ومات عشر شهر ربيع الأوّل سنة اثنتين وسبعين، فكانت مدّته نحو ست سنين ونصف.
ثم تولى الملك الظاهر بلباي في حادي عشر الشهر المذكور، ثم خلع في سابع جمادى الأولى من السنة المذكورة، فكانت مدّته ستة وخمسين يوما. ثم تولى الملك الظاهر تمربغا في ثامن جمادى الأولى المذكور، ثم خلع في العشر الأول من شهر رجب الفرد، سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة، وكانت مدّته نحو تسعة وخمسين يوما، وتولى الملك الأشرف قايتباي في ثاني عشر رجب من السنة المذكورة، وتوفي في ثاني عشري ذي القعدة سنة إحدى وتسعمائة، فكانت مدّته تسعا وعشرين سنة وأربعة شهور وأياما.
وتولى بعده ولده الملك الناصر محمد في التاريخ المذكور، ثم قتل بالجيزة في آخر يوم الأربعاء، النصف من ربيع الأوّل سنة أربع وتسعمائة، فكانت مدّته سنتين وثلاثة أشهر وأياما. ثم تولى خاله الملك الظاهر قانصوه الأشرفيّ قايتباي في ضحوة يوم الجمعة سابع عشر ربيع الأوّل المذكور، ثم خلع في سابع ذي الحجة سنة خمس وتسعمائة، فكانت مدّته نحو عشرين شهرا. وتولى عوضه الملك الأشرف جان بلاط الأشرفيّ قايتباي، وأتانا خبرة بمنزله الجديدة في العود من المدينة الشريفة، في يوم الجمعة سادس عشري ذي الحجة سنة خمس وتسعمائة، فكانت مدّته ستة شهور وأياما، ثم خلع في يوم السبت ثامن عشر جمادى الآخرة سنة ست وتسعمائة وتولى الملك العادل طومان باي الأشرفيّ قايتباي ثم خلع سلخ رمضان من السنة المذكورة، فكانت مدّته نحو مائة يوم، وتولى بعده الملك الأشرف قانصوه الغوريّ الأشرفيّ قايتباي مستهل شوال من السنة المذكورة، انتهى والله تعالى أعلم بالصواب.
تم الجزء الثالث، ويليه الجزء الرابع وأوله:«ذكر المساجد الجامعة» .