الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس: تدليس السكوت:
وَهُوَ كأن يقول الرَّاوِي: حَدَّثَنَا أوْ سَمِعْتُ، ثُمَّ يسكت برهة، ثُمَّ يقول: هشام بن عروة
(1)
أو الأعمش
(2)
موهمًا أنه سَمِعَ منهما، وليس كذلك
(3)
.
المطلب السادس: تدليس القطع:
وَهُوَ أن يحذف الصيغة ويقتصر علَى قوله مثلًا: الزهرى عَنْ أنس
(4)
.
المطلب السابع: تدليس صيغ الأداء:
وَهُوَ ما يقع من الْمُحَدِّثِيْنَ من التعبير بالتحديث أَوْ الإخبار عَنْ الإجازة موهمًا للسماع، ولمَمْ يَكُنْ تحمله لِذَلِكَ المروي عَنْ طريق السَّمَاع
(5)
.
وهذه الأنواع السبعة ليست كلها مشتهرة إنما المشتهر مِنْهَا والشائع الأول والثاني وعند الإطلاق يراد الأول، وهذا القسم هُوَ الَّذِيْ لَهُ دورٌ في الاختلافات الحديثية متونًا وأسانيد، إِذْ قَدْ يكشف خص البحث بَعْدَ التنقير
(1)
هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي، يكنى أبا المنذر: ثقة فقيه ربما دلس، توفي سنة (146 هـ). انظر: طبقات خليفة: 267، وتهذيب الكمال 7/ 409 - 411 (7180)، والتقريب (7302).
(2)
سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي، أبو مُحَمَّد الكوفي الأعمش: ثقة حافظ لكنه يدلس، قَالَ الذهبي: ما نقموا علَيْهِ إلا التدليس، ولد سنة (61 هـ)، وتوفي سنة (147 هـ) أوْ (148 هـ).
انظر: تهذيب الكمال 3/ 300 - 303 (2555)، وميزان الاعتدال 2/ 224، والتقريب (2615).
(3)
الباعث الحثيث: 55 - 56.
(4)
تعريف أهل التقديس: 16، وفتح المغيث 1/ 201 - 202، وظفر الأماني 379.
(5)
الباعث الحثيث: 55 - 56.
والتفتيش عَنْ سقوط رجل من الإسناد وربما كَانَ هَذَا الساقط ضعيفًا أَوْ في حفظه شيء، أو لَمْ يضبط حديثه هَذَا.
ومن الأمثلة علَى ذَلِكَ ما رَوَاهُ ابن حبان
(1)
من طريق ابن جريج
(2)
، عَنْ نافع
(3)
، عَنْ ابن عمر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَبُلْ قائمًا"
(4)
.
وهذا الإسناد رجاله ثقات إلا أنَّ ابن جريج مدلس
(5)
وقدْ عنعن هنا ولَمْ يصرح بسماعه من نافع، وَهُوَ قَدْ سَمِعَ من نافع أحاديث كثيرة، فهُوَ معروف بالرواية عَنْهُ، وروايته عَنْهُ في الكتب الستة
(6)
، ولكن النقاد ببصيرتهم الناقدة ونظرهم الثاقب كشفوا أنّ في هَذَا السند واسطة بَيْنَ ابن جريج ونافع، وأن ابن
(1)
مُحَمَّد بن حبان بن أحمد البستي، أبُو حاتم التميمي بن حبان، ولد سنة بضع وسبعين ومئتين وله مصنفات شهيرة مِنْهَا:"الثقات" و"الصَّحِيْح"، توفي سنة (354 هـ). انظر: الأنساب 1/ 363، وسير أعلام النبلاء 16/ 92 - 104، وشذرات الذهب 3/ 16.
(2)
عَبْد الملك بن عَبْد العزيز بن جريج، أبو خالد القرشى الأموي المكي صاحب التصانيف: ثقة فقيه فاضل وَكَانَ يدلس ويرسل، توفي سنة (150 هـ) أو بعدها. انظر: تاريخ بغداد 10/ 400، وسير أعلام النبلاء 6/ 325، والتقريب (4193).
(3)
هُوَ أَبُو عَبْد الله نافع المدني، مولى ابن عمر القرشي العدوي، ثقة ثبت فقيه، توفي سنة (117 هـ). انظر: تهذيب الكمال 7/ 313، وسير أعلام النبلاء 5/ 95، والتقريب (7086).
(4)
صَحِيْح ابن حبان (1420)، وطبعة الرسالة (1423).
(5)
طبقات المدلسين: 41، ونقل فِيهِ عَنْ الدَّارقُطْنِيّ:"شر التدليس تدليس ابن جريج؛ فإنه قبيح التدليس، لا يدلس إلا فِيْمَا سمعه من مجروح".
(6)
تهذيب الكمال 4/ 560.
جريج لَمْ يسمعه من نافع مباشرة، بَلْ سمعه من عَبْد الكريم بن أبي المخارق الضعيف
(1)
، وقَدْ صرّح ابن جريج في بعض طرق الْحَدِيْث بهذا الساقط، فبان تدليسه؛ فَقَدْ رَوَى عَبْد الرزاق
(2)
، ومِنْ طريقه ابن ماجه
(3)
، وأبو عوانة
(4)
، وابن عدى
(5)
، وتمام الرازي
(6)
،
(1)
قالَ عَبْد الله بن أحمد بن حَنبل: سألت أبي عَن عَبْد الكريم أبي أمية، فَقَالَ: بصريٌّ نزل مكة، وَكَانَ معلمًا، وَهُوَ ابن أبي المخارق، وَكَانَ ابن عيينة يستضعفه قلت لَهُ: ضعيف؟، قَالَ: نعم، وقَالَ عباس الدوري، عَنْ يحيى بن معين: حَدَّثَنَا هشام بن يوسف، عَنْ معمر، قَالَ: قَالَ أيوب: لا تأخذوا عَنْ عَبْد الكريم أبي أمية، فإنه ليس بثقة. انظر: تهذيب الكمال 4/ 543.
(2)
مصنفه (15924).
(3)
هُوَ مُحَمَّد بن يزيد الزبعي، مولاهم أبو عَبْد الله القزويني الحافظ، من مصنفاته:"السنن" و "التاريخ" و "التفسير"، ولد سنة (209 هـ)، وتوفي سنة (273 هـ) وقِيْلَ سنة (275 هـ).
تهذيب الكمال 6/ 568 (6302)، وسير أعلام النبلاء 13/ 277، وشذرات الذهب 2/ 164. والحديث في سننه (308).
(4)
في مسنده 4/ 25.
(5)
هُوَ عَبْد الله بن عدي بن عَبْد الله الجرجاني، أبو أحمد الحافظ، صاحب كتاب "الكامل في الضعفاء"، ولد سنة (277 هـ)، وتوفي سنة (365 هـ).
سير أعلام النبلاء 16/ 154، وتاريخ الإسلام: 339 - 341 وفيات (365 هـ)، والرسالة المستطرفة:145. والحديث في: الكامل 7/ 40.
(6)
هُوَ الإمَام تمام بن مُحَمَّد بن عَبْد الله البجلي، أبو القاسم الرازي، صاحب كتاب "الفوائد"، ولد سنة (330 هـ)، وتوفي سنة (414 هـ). انظر: سير أعلام النبلاء 17/ 289 - 292، وتذكرة الحفاظ 12/ 1056 و 1058،=
والحاكم
(1)
، والبيهقي
(2)
، عَنْ ابن جريج، عَنْ عَبْد الكريم بن أبي المخارق، عَنْ نافع، بِهِ.
ومن بدائه علم الْحَدِيْث أن حَديث الثقة ليس كله صحيحًا
(3)
، كَمَا أنّ حَدِيْث الضعيف ليس كله ضعيفًا
(4)
، ومعرفة كلا النوعين من أحاديث الفريقين ليس بالأمر اليسير إنما يطلع علَى ذَلِكَ الأئمة النقاد الغواصون في أعماق ما يكمن في الروايات من صحة أو خطأ، لذا فتّش العلماء في حَدِيْث
= شذرات الذهب 3/ 200. والحديث في: الروض البسام بترتيب وتخريج فوائد تمام 1/ 203 (148).
(1)
هُوَ مُحَمَّد بن عَبْد الله بن مُحَمَّد النيسابوري أبو عَبْد الله، ولد سنة (321 هـ)، وله تصانيف مِنْهَا:"المستدرك علَى الصحيحين "و "مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث"، توفي سنة (405 هـ).
انظر: تاريخ بغداد 5/ 473، وسير أعلام النبلاء 17/ 162 - 177، وشذرات الذهب 3/ 176. والحديث في: المستدرك 1/ 158.
(2)
هُوَ أحمد بن الحسين بن علي الخراساني، أبُو بكر، ولد سنة (384 هـ)، وله عدة تصانيف مِنْهَا:"السنن الكبرى" و "شعب الإيمان"، توفى سنة (458 هـ).
انظر: سير أعلام النبلاء 18/ 163 - 170، والعبر 3/ 242، وشذرات الذهب 3/ 304 - 305.
والحديث في السنن الكبرى 1/ 102.
(3)
لذا نجد في حَدِيْث الثقات الشذوذ والعلة، وكثير من مباحث هَذِهِ الرسالة شاهدة علَى ذَلِكَ.
(4)
لذا نجد كثيرًا من الأحاديث يتابعون علَيْهَا من طريق الثقات.
ابن أبي المخارق هل توبع علَيْهِ، أم أخطأ فِيْهِ؟ وخالص الثقات الأثبات أم انفرد؟ فنجدهُمْ قَدْ صرّحوا بخطأ ابن أبي المخارق لمخالفته الثقات الأثبات في ذَلِكَ، قَالَ البوصيرى
(1)
في مصباح الزجاجة - بَعْدَ أن ضعّف حَدِيْث ابن أبي المخارق -: "عارضه خبر عبيد الله بن عمر العمري
(2)
الثقة المأمون المجمع علَى ثقته، ولا يُغتر بتصحيح ابن حِبّان هَذَا الخبر من طريق هشام بن يوسف
(3)
، عَن ابن جريج عَنْ نافع، عَنْ ابن عمر. فإنه قَالَ بعده: أخاف أن يَكُوْن ابن جريج لَمْ يسمعه من نافع، وقَدْ صحّ ظنُّه، فإنّ ابن جريج إمّا سمعه من ابن أبي المخارق كَمَا ثبت في رِوَايَة ابن ماجه هَذه، والحاكم في المستدرك واعتذر عَنْ تخريجه أنه إنّما أخرجه في المتابعات"
(4)
.
(1)
هُوَ أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري الشافِعِيّ، لَهُ كتاب "زوائد ابن ماجه علَى الكتب الخمسة" وغيره، ولد سنة (762 هـ)، سكن القاهرة ولازم العراقي علَى كبر فسمع مِنْه الكثير، ولازم ابن حجر فكتب عنه "لسان الميزان" وغيره، توفي سنة (840 هـ). طبقات الحفاظ: 551، وشذرات الذهب 7/ 233، والأعلام 4/ 101.
(2)
هُوَ عبيد الله بن عمر بن حفص القرشى العدوي العمري، أبو عثمان المدني ينتهي نسبه إِلَى عمر بن الخطاب، ثقة ثبت، توفى سنة بضع وأربعين ومئة.
انظر: الثقات 7/ 149، وتهذيب الكمال 5/ 54 ترجمة (4257)، والتقريب (4324).
(3)
هُوَ هشام بن يوسف الصنعاني، أبو عَبْد الرحمان الأبناوي، قاضي صنعاء: ثقة، توفي سنة (197 هـ).
انظر: التاريخ الكبير 8/ 194، وتهذيب الكمال 7/ 417 ترجمة (7187)، والتقريب (7309).
(4)
مصباح الزجاجة 1/ 45 ووقع تصحيف في هَذَا النص من المطبوع.
وقالَ الترمذي: "إنما رفع هَذَا الْحَدِيْث عَبْد الكريم بن أبي المخارق، وَهُوَ ضعيف عِنْدَ أهل الْحَدِيْث، ضعّفه أيوب السختياني
(1)
وتكلم فِيْهِ، وروى عبيد الله، عَن نافع عَنْ ابن عمر قَالَ: قَالَ عمر رضي الله عنه: ما بلتُ قائمًا منذُ أسلَمْتُ، وهذا أصح من حَدِيْث عَبْد الكريم"
(2)
.
أقول: رِوَايَة عبيد الله الموقوفة أخرجها ابن أبي شيبة
(3)
، والبزار
(4)
في مسنده
(5)
من طربق عبيد الله بن عمر، عَنْ نافع، عَنْ ابن عمر، عَنْ عمر موقوفًا، وَهُوَ الصواب.
(1)
هُوَ الإمام أيوب السختياني، أبو بكر بن أبي تميمة كيسان العنَزي: ثقة ثبت حجة، ولد سنة (68 هـ)، وتوفي سنة (131 هـ). انظر: طبقات ابن سعد 7/ 246، والأنساب 3/ 255، وسير أعلام النبلاء 6/ 15.
(2)
الجامع الكبير للترمذي 1/ 61 - 62 عقيب (12).
(3)
هُوَ عَبْد الله بن مُحَمَّد بن إبراهيم العبسي مولاهم، أبو بكر بن أبي شيبة الكوفي: ثقة حافظ صاحب التصانيف مِنْهَا: "المصنف" و "المسند"، توفي سنة (235 هـ). انظر: تهذيب الكمال 4/ 264 - 266 (3514)، وسير أعلام النبلاء 11/ 122 - 127، والتقريب (3575). والرواية في مصنفه (1324).
(4)
هُوَ الإِمَام الحَافِظ أحمد بن عمرو بن عَبْد الخالق، البصري البزار، قَالَ الدارقطني: ثقة، يخطئ ويتكل علَى حفظه، ولد سنة نيف عشرة ومئتين، لَه مصنفات منها:"المسند"، توفي سنة (292 هـ).
تاريخ بغداد 4/ 334 - 335، سير أعلام النبلاء 13/ 554 - 557، وشذرات الذهب 2/ 209.
(5)
وَهُوَ المسمى بالبحر الزخار (149)، والحديث أيضًا في كشف الأستار (244).