الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحاديث في الجملة، فإنه يرد علَيْهِ: أنّهَا في حَدِيث علِيّ رضي الله عنه أيضًا وإن أراد: أن أبا مَالِك تفرد بِهَا، وأن رفقته عن ربعي رضي الله عنه لَمْ يذكروها كَمَا هُوَ ظاهر كلامه، فليس بصحيح"
(1)
.
المبحث السابع [*]: النكارة:
إذا خولف الثقة في حَدِيْث من الأحاديث فهنا مسألة يأخذها النقاد بنظر الاعتبار فيوازنون ويقارنون بَيْنَ المختلفين فإذا خولف الثِّقَة من قِبَلِ ثقة آخر فيحكم حينئذٍ لرواية من الروايات بحكم يليق بِهَا وكذا تأخذ المقابلة الحكم بالضد أما إذا خولف الثقة برواية ضعيف من الضعفاء، فلا يضر حينئذ الاختلاف لرواية الثقة؛ إذ إن رِوَايَة الثقات لا تعل برواية الضعفاء
(2)
؛ فرواية الثقة معروفة ورواية الضعيف منكرة فعلى هَذَا المنكر من الْحَدِيْث هُوَ: المنفرد المخالف لما رَوَاهُ الثقات
(3)
قَالَ الإمام مُسلِم: "وعلامة المنكر في
(1)
النكت عَلَى كِتَاب ابن الصلاح 2/ 700 - 701.
(2)
انظر: فتح الباري 3/ 213.
(3)
هكذا عرفه ابن الصَّلَاحِ في مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 170، وَهُوَ ما اشتهر وانتشر عِنْدَ المتأخرين من الْمُحَدِّثِيْنَ، فهو عِنْدَ المتأخرين: ما رَوَاة الضعيف مخالفًا للثقات، لَكِنْ ينبغي التنبيه عَلى أن المتقدمين من الْمُحَدِّثِيْنَ لَمْ يتقيدوا بِذَلِكَ، وإنما عندهم كُلّ حَدِيْث لَمْ يعرف عن مصدره ثقة كَانَ راويه أم ضعيفًا، خالف غيره أم تفرد، إذن فالمنكر في لغة المتقدمين أعم مِنْه عِنْدَ المتأخرين، وَهُوَ أقرب إلى معناه اللغوي، فإن المنكر لغة: نكر الأمر نكيرًا وأنكره إنكارًا ونكرًا، معناه: جهله. وجاء إطلاقه عَلَى هَذَا المعنى في مواضع من القرآن =
[*] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: بالمطبوع «الخامس»
حَدِيْث المحدّث إذا ما عرضت روايته للحديث علَى رِوَايَة غيره من أهل الحفظ والرضا خالفت روايته روايتهم أو لَمْ تكد توافقها"
(1)
.
وعليه فإن رِوَايَة الضعيف شبه لا شيء أمام رِوَايَة الثقات الأثبات ولا تعل الرِّوَايَة الصحيحة بالرواية الضعيفة، وقَدْ وجدنا خلال البحث والسبر أن بعض العلماء قَدْ عملوا بأحاديث بعض الضعفاء وَهِيَ مخالفة لرواية الثقات، ومثل هَذَا يحمل علَى حسن ظنهم برواية الضعيف وعلى عدم اطلاعهم علَى رِوَايَة الثقات.
= الكريم، كقوله تَعَالَى:{وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ} [يوسف: 58]، وقوله تَعَالَى:{يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} [النحل: 83] وعلى هَذَا فإن المتأخرين خالفوا المتقدمين في مصطلح المنكر بتضييق ما وسعوا فِيْهِ.
وانظر في المنكر: الإرشاد 1/ 219، والتقريب: 69، والاقتراح: 198، والمنهل الروى: 51، والخلاصة: 70، والموقظة: 42، واختصار علوم الْحَدِيْث: 58، والمقنع 1/ 179، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 251 طبعتنا، ونزهة النظر: 98، والمختصر: 125، وفتح المغيث 1/ 190، وألفية السيوطي: 39، وشرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي: 179، وفتح الباقي 1/ 237 بتحقيقنا، وتوضيح الأفكار 2/ 3، وظفر الأماني: 356، وقواعد التحديث: 131، والحديث المعلول قواعد وضوابط: 66 - 77.
(1)
صَحِيْح مُسْلِم 1/ 5.
فائدة: كتاب الحافظ أبي أحمد بن عدي المسمى بـ: "الكامل في ضعفاء الرجال" أصل في مَعْرِفَة المنكرات من الأحاديث. نكت الزركشي 2/ 156 - 157.
مثال ذَلِكَ:
ما رَوَاهُ أبو سعيد يحيى بن سليمان الجعفي
(1)
، قَالَ: حَدَّثَنِي ابن وهب
(2)
، قَالَ: أخبرني يحيى بن أيوب
(3)
، عن يحيى بن سعيد، عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري
(4)
، عن أبيه
(5)
: "أن الصعب بن جَثامة أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم
(1)
هُوَ يَحْيَى بن سليمان بن يَحْيَى الجُعفي، أبو سعيد الكوفي، نزيل مصر: صدوق يخطئ، توفي سنة (237 هـ). تهذيب الكمال 8/ 49 (7437)، والكاشف 2/ 367 (6181)، والتقريب (7564).
(2)
هُوَ عَبْد الله بن وهب بن مُسْلِم القرشى، مولاهم، أبو مُحَمَّد المصري: ثقة، حافظ، عابد، توفي سنة (197 هـ). الثقات 8/ 346، وتهذيب الكمال 4/ 317 (3633)، والتقريب (3694).
(3)
هُوَ يَحْيَى بن أيوب الغافقى، أبو العباس المصري: صدوق رُبَّمَا أخطأ، توفي سنة (168 ج). التاريخ الكبير 8/ 260، وتهذيب الكمال 8/ 17 - 18 (7387)، والتقريب (7511).
(4)
هُوَ جعفر بن عَمْرو بن أمية الضمرى المدني، أخو عَبْد الملك بن مروان من الرضاعة: ثقة، توفي سنة (95 هـ)، وَقِيلَ:(96 هـ).
التاريخ الكبير 2/ 193، وتهذيب الكمال 1/ 468 (929)، والتقريب (946).
(5)
هُوَ الصَّحَابِيّ الجليل عَمْرو بن أمية بن خويلد، أبو أمية الضمري، توفي في خلافة معاوية. أسد الغابة 4/ 86، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 400 (4324)، والإصابة 2/ 524.
عجز حمار وحش، وَهُوَ بالجُحْفَة
(1)
فأكل مِنْه وأكل القوم"
(2)
.
فهذا الْحَدِيْث مخالف لرواية الثقكات، وفيه راويان فيهما مقال:
الأول: يحيى بن أيوب الغافقي:
فهو وإن حسّن الرأي فيْه جَمَاعَة من الْمُحَدِّثِيْنَ فَقَدْ تَكلمَ فِيْه آخرون، فَقَدْ ضعّفه أبو زرعة
(3)
، والعَقيَلي
(4)
، وقالَ أحمد: كَانَ سئ الحَفظ
(5)
، وقالَ أبو حاتم:"محله الصدق يكتب حديثه ولا يحتج بِهِ"
(6)
، وقالَ النسائي: "ليس
(1)
وَهِيَ قرية كبيرة، ذات منبر، تقَع علَى طريق مكة، وَكَانَ اسمها مَهْيَعة، وسميت بالجحفة؛ لأن السيل جَحَفها، وبينها وبين غدير خم ميلان. انظر: مراصد الاطلاع 1/ 315.
(2)
رَوَاه البيهقيّ في السنن الكبرى 5/ 193، وقَالَ:"هَذَا إسناد صَحِيْح، فإن كَانَ محفوظًا فكأنه رد الحى وقبل اللحم" وقَدْ تعقبه ابن التركمانى فَقَال: "هَذَا في سنده يحيى بن سليمان الجعفي، عن ابن وهب، أخبرني يحيى بن أيوب هوَ الغافقي المصري، ويحيى بن سليمان ذكره الذهبي في "الميزان"، و "الكاشف" عن النسائي أن ليس بثقة، وقالَ ابن حبان: ربما أغرب، والغافقى قَالَ النسائي: ليس بذاك القوي، وقالَ أبو حاتم: لا يحتج بهِ، وقَالَ أحمد: كَانَ سيء الحفظ يخطئ خطأ كثيرًا، وكذبه مالك في حديثين، فعلى هَذَا لا يشتغل بلَاويل هَذَا الْحَدِيْث لأجل سنده ولمخالفته للحديث الصَّحِيْح". الجوهر النقى 5/ 193 - 194، وانظر: الميزان 4/ 382، والكاشف (6181)، والثقات لابن حبان 9/ 263، والجرح والتعديل 9/ 154.
(3)
سؤالات البرذعي: 433.
(4)
الضعفاء الكبير 4/ 391.
(5)
الجرح والتعديل 9/ 122، وتهذيب الكمال 8/ 17.
(6)
الجرح والتعديل 9/ 128.
بذاك القوي"
(1)
، وَقَالَ ابن سعد:"منكر الْحَدِيْث"
(2)
، وَقَالَ الذهبي:"حديثه فِيْهِ مناكير"
(3)
، وقالَ ابن القطان:"هُوَ ممن قَدْ علمت حاله، وأنه لا يحتج بِهِ لسوء حفظه"
(4)
، وقالَ:"يحيى بن أيوب يضع"
(5)
، وقالَ الدَّارقطْنِيّ:"في بعض حديثه اضطراب"
(6)
، وقَدْ ضعفه ابن حزم
(7)
.
الثاني: يحيى بن سليمان الجعفي:
قَالَ عَنْهُ أبو حاتم: "شيخ"
(8)
، وقالَ النسائي:"ليس بثقة"
(9)
.
وذكره ابن حبان في "الثقات" وقَالَ: "ربما أغرب"
(10)
.
ومع تفرد هذين الراويين بهذا الْحَدِيْث فَقَدْ خالفا الثقات في روايته قَالَ ابن القيم عن هَذِهِ الرِّوَايَة: "غلط بلا شك، فإن الواقعة واحدة، وقد اتفق الرُّوَاة أنه لَمْ يأكل مِنْهُ، إِلَّا هَذِهِ الرِّوَايَة الشاذة المنكرة"
(11)
.
والرواية المعروفة الصَّحِيْحة هِيَ ما وردت برواية الجم الغفير عن ابن شهاب الزُّهري، عن عبيد الله بن عَبْد الله بن عتبة بن مسعود، عن عَبْد الله بن
(1)
ضعفائه (626).
(2)
طبقات ابن سعد 7/ 516.
(3)
تذكرة الحفاظ 1/ 227 - 228.
(4)
بيان الوهم والإيهام 4/ 69 عقب (1504).
(5)
بيان الوهم والإيهام 3/ 495 عقب (1269).
(6)
الميزان 4/ 362.
(7)
المحلى 1/ 88 و 6/ 72 و 7/ 37.
(8)
الجرح والتعديل 9/ 154.
(9)
تهذيب الكمال 8/ 49.
(10)
الثقات 9/ 263، وانظر: تهذيب الكمال 8/ 49.
(11)
زاد المعاد 2/ 164.
عَبَّاسٍ، عن الصعب بن جثامة الليثي، أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمارًا وحشيًا وَهُوَ بالأبواء
(1)
، أو بودان
(2)
، فرده عليه، فلما رأى ما في وجهه قَالَ:"إنا لَمْ نرده عليك إِلَّا أنا حرم"
(3)
.
(1)
بالفتح، ثُمَّ السكون، وفتع الواو وألف ممدودة: قرية من أعمال الفرع من المدينة، بينها وبين الجحفة مِمَّا يلى المدينة ثلاثة وعشرون ميلًا. مراصد الاطلاع 1/ 19.
(2)
قرية جامعة بَيْنَ مكة والمدينة في نواحي الفرع، بينها وبين الأبواء ثمانية أميال. انظر: معجم البلدان 5/ 365، ومراصد الاطلاع 3/ 1429.
(3)
هَذِهِ الرِّوَايَة أخرجها: مالك في الموطأ (441) برواية مَحُمَّد بن الحسن الشيبانى، و (53) برواية عَبد الرحمان بن القاسم، و (571) برواية سويد بن سعيد، و (1146) برواية أبي مصعب الزُّهري، و (1015)(برواية الليثى)، والشافعى في المسند (906) بتحقيقنا، والطيالسي (1229)، وعبد الرزاق (8322)، والحميدي (783)، وابن أبي شيبة (14468) و (14469) و (14471)، وأحمد 1/ 280 و 290 و 338 و 341 و 345 و 362 و 4/ 37 و 38، والدارمي (1835) و (1837)، والبخاري 3/ 16 (1825) و 3/ 203 (2573) و 3/ 208 (2596)، ومسلم 4/ 13 (1193)(50) و (51) و (52) و 4/ 14 (1194)(53) و (54)، وابن ماجة (3090)، والترمذي (849)، وعبد الله بن أحمد في زياداته علَى مسند أبيه 4/ 71 و 72 و 73، والنسائي 5/ 183 و 184 و 185 وفي الكبرى، له (3801) و (3802) و (3805) و (3806)، وابن الجارود (436)، وابن خزيمة (2637)، والطحاوي في شرح المعاني 2/ 170، وابن حبان (3970) و (3972) و (3973)، وطبعة الرسالة (3976) و (3969) و (3970)، والطبراني في الكبير (7430)، =