الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس: الطهارة من الحيض والنفاس
تمهيد
يشترط لوجوب الصوم على المرأة طهارتها من دم الحيض والنفاس.
الدليل:
الإجماع:
فقد أجمع العلماء على ذلك، وممن نقل الإجماع ابن حزم (1)، والنووي (2)، والشوكاني (3).
الفرع الأول: حكم صوم الحائض والنفساء
يحرم الصوم، فرضه ونفله، على الحائض والنفساء، ولا يصح صومهما، وعليهما القضاء.
الدليل:
الإجماع:
أجمع العلماء على ذلك، وممن نقل الإجماع ابن رشد (4)، والنووي (5)، وابن تيمية (6).
الفرع الثاني: حكم إمساك بقية اليوم إذا طهرت الحائض أو النفساء أثناء نهار رمضان
إذا طهرت الحائض أو النفساء أثناء نهار رمضان، فهل يلزمهما الإمساك، اختلف أهل العلم على قولين:
القول الأول: لا يلزمهما إمساك بقية اليوم، وهو قول المالكية (7)، والشافعية (8)، ورواية عن أحمد (9)، وهو اختيار ابن عثيمين (10).
وذلك لأنه لا دليل على وجوب الإمساك.
ولأنه لا فائدة من هذا الإمساك، وذلك لوجوب القضاء عليهما.
كما أن حرمة الزمن قد زالت بفطرهما الواجب أول النهار.
القول الثاني: يلزمهما الإمساك، وهو قول الحنفية (11)، والحنابلة (12)، وهو اختيار ابن باز (13).
وذلك لأن الحائض والنفساء صارا من أهل الوجوب حين طهارتهما؛ فيمسكان تشبُّهاً بالصائمين وقضاءً لحق الوقت.
الفرع الثالث: حكم صوم الحائض أو النفساء إذا طهرتا قبل الفجر
إذا طهرت الحائض أو النفساء قبل الفجر، وجب عليهما الصوم، وإن لم يغتسلا إلا بعد الفجر، وهذا قول عامة أهل العلم (14).
الدليل:
قياساً على الجنب، فالجنب له أن يصوم وإن تأخر اغتساله إلى دخول الفجر، فكذلك الحائض والنفساء.
(1) قال ابن حزم: (اتفقوا على أن صيام نهار رمضان على الصحيح المقيم العاقل البالغ الذي يعلم أنه رمضان وقد بلغه وجوب صيامه وهو مسلم وليس امرأة حائضاً .. )((مراتب الإجماع)) (ص 39)، ((المحلى)) (6/ 160).
(2)
قال النووي: (هذا الحكم متفق عليه أجمع المسلمون على أن الحائض والنفساء لا تجب عليهما الصلاة ولا الصوم في الحال)((شرح مسلم)) (4/ 26).
(3)
قال الشوكاني: (والحديث يدل على عدم وجوب الصوم والصلاة على الحائض حال حيضها وهو إجماع)((نيل الأوطار)) (2/ 280).
(4)
((بداية المجتهد)) (1/ 56).
(5)
قال النووي: (فأجمعت الأمة على تحريم الصوم على الحائض والنفساء، وعلى أنه لا يصح صومها)((المجموع)) (2/ 354)، ((شرح مسلم)) (4/ 26)، وانظر ((المجموع)) (6/ 257).
(6)
((مجموع الفتاوى)) (25/ 220، 267)، (26/ 176).
(7)
((الكافي لابن عبد البر)) (1/ 340).
(8)
((المجموع للنووي)) (6/ 257).
(9)
((الشرح الكبير لابن قدامة)) (3/ 62).
(10)
قال ابن عثيمين: (لو أن الحائض طهرت في أثناء اليوم من رمضان فإنه لا يلزمها على القول الراجح أن تمسك؛ لأن هذه المرأة يباح لها الفطر أول النهار إباحة مطلقة، فاليوم في حقها ليس يوما محترما، ولا تستفيد من إلزامها بالإمساك إلا التعب)((الشرح الممتع)) (4/ 381).
(11)
((تبيين الحقائق للزيلعي)) (1/ 340).
(12)
((لإنصاف للمرداوي)) (3/ 200 - 201).
(13)
((مجموع فتاوى ابن باز)) (15/ 193).
(14)
قال النووي: (واذا انقطع دم الحائض والنفساء في الليل ثم طلع الفجر قبل اغتسالهما صح صومهما ووجب عليهما إتمامه سواء تركت الغسل عمدا أو سهوا بعذر أم بغيره، كالجنب، هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة، إلا ما حكي عن بعض السلف مما لا نعلم صح عنه أم لا)((شرح مسلم)) (7/ 222 - 223). انظر ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (10/ 327)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (15/ 190 - 191)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (19/ 105 - 106).
فعن سليمان بن يسار ((أنه سأل أم سلمة رضي الله عنها عن الرجل يصبح جنباً أيصوم؟ قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً من غير احتلام ثم يصوم)). أخرجه مسلم (1).
الفرع الرابع: حكم تناول المرأة حبوب منع الحيض من أجل أن تصوم الشهر كاملاً دون انقطاع
إذا ثبت أن لحبوب منع الحمل أو الحيض أضراراً على المرأة، فإن عليها اجتناب تناولها سواء كان ذلك في رمضان من أجل أن تصوم الشهر كاملاً مع الناس، أو في غيره من الأوقات، وبهذا أفتت اللجنة الدائمة (2)، وقطاع الإفتاء بالكويت (3)، وأفتى به ابن باز (4)، وابن عثيمين (5).
(1) رواه مسلم (1109).
(2)
قالت اللجنة الدائمة: ((لا يظهر لنا مانعٌ من ذلك إذا كان الغرض من استعمالها ما ذكر، وأنه لا يترتب على استعمالها أضرارٌ صحية، والله أعلم)((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (5/ 401).
(3)
قال قطاع الإفتاء والبحوث الشرعية بالكويت: (إن الأصل في هذه المسألة أنه يُرجَع فيها إلى رأي الأطباء المختصين فإن قرروا أن في استعمال هذه الحبوب ضرراً في الحال أو المستقبل مُنِعَت المرأة من استعمالها وإلا فلا بأس باستعمالها، فإن استعملتها وامتنع نزول الدم فهي في طهرٍ، وتجري عليها أحكام الطهر من وجوب أداء الصوم والصلاة وغير ذلك من أحكام الطاهرات)((قطاع الإفتاء والبحوث الشرعية بالكويت)) (5/ 44).
(4)
قال ابن باز: ((لا حرج في ذلك؛ لما فيه من المصلحة للمرأة في صومها مع الناس وعدم القضاء، مع مراعاة عدم الضرر منها؛ لأن بعض النساء تضرهن الحبوب)) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (15/ 201). وقال أيضا: (لا حرج أن تأخذ المرأة حبوب منع الحمل تمنع الدورة الشهرية أيام رمضان حتى تصوم مع الناس، وفي أيام الحج حتى تطوف مع الناس ولا تتعطل عن أعمال الحج، وإن وُجِدَ غير الحبوب شيءٌ يمنع من الدورة فلا بأس إذا لم يكن فيه محذورٌ شرعاً أو مضرة)((مجموع فتاوى ابن باز)) (17/ 61).
(5)
قال ابن عثيمين: (الذي أرى أن المرأة لا تستعمل هذه الحبوب لا في رمضان ولا في غيره، لأنه ثبت عندي من تقرير الأطباء أنها مضرة جداً على المرأة على الرحم والأعصاب والدم، وكل شيءٍ مضرٌّ فإنه منهيٌّ عنه)((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (19/ 259) وقال أيضا: (أقول لهذه المرأة ولأمثالها من النساء اللاتي يأتيهن الحيض في رمضان: إنه وإن فاتها ما يفوتها من الصلاة والقراءة فإنما ذلك بقضاء الله وقدره، وعليها أن تصبر، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها حينما حاضت: إن هذا شيء كتبه على بنات آدم. فنقول لهذه المرأة: إن الحيض الذي أصابها شيءٌ كتبه الله على بنات آدم فلتصبر، ولا تعرض نفسها للخطر، وقد ثبت عندنا أن حبوب منع الحيض لها تأثيرٌ على الصحة وعلى الرحم)((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (19/ 268).