الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: وقت النية في الصوم
الفرع الأول: وقت النية في صوم الفرض
المسألة الأولى: حكم تبييت النية
يجب تبييت النية من الليل قبل طلوع الفجر (1)، وهو قول جمهور أهل العلم: المالكية (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4).
الأدلة:
1 -
عن حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له)) (5).
2 -
وفي رواية عن حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له)) (6).
المسألة الثانية: حكم تجديد النية في كل يوم من رمضان
هل يشترط تجديد النية في كل يوم من رمضان، اختلف أهل العلم في ذلك على قولين:
القول الأول: يشترط تجديد النية لكل يوم من رمضان، وهو قول الجمهور: الحنفية (7)، والشافعية (8)، والحنابلة (9)، (10)، وهو قول ابن المنذر (11)، واختيار ابن حزم (12)، وابن باز (13).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
عموم حديث حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له)) (14).
(1) وذلك لأن صوم اليوم كاملاً لا يتحقق إلا بهذا، فمن نوى بعد الفجر لا يقال أنه صام يوماً؛ فلذلك يجب لصوم اليوم الواجب أن ينويه قبل طلوع الفجر.
(2)
قال ابن عبد البر: (ولا يجوز صوم شهر رمضان إلا بأن يبيت له الصوم ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر بنية)((الكافي)) (1/ 335).
(3)
((المجموع للنووي)) (6/ 299).
(4)
((الإنصاف للمرداوي)) (3/ 208).
(5)
رواه أبو داود (2454)، والترمذي (730)، والنسائي (4/ 196) واللفظ له، والدارمي (2/ 12)، والبيهقي (4/ 202) (8161). قال أبو داود: وقفه على حفصة معمر والزبيدي ويونس الأيلي كلهم عن الزهري، وقال الترمذي: لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه، وروي عن ابن عمر قوله وهو أصح، وصحح إسناده ابن حزم في ((المحلى)) (6/ 162)، وصححه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (2/ 193)، والألباني في ((صحيح سنن النسائي)).
(6)
رواه النسائي (4/ 197)، والبيهقي (4/ 202)(8163). وصحح إسناده ابن حزم في ((المحلى)) (6/ 162)، وقال عبدالحق الإشبيلي في ((الأحكام الصغرى)) (384): رواه الجماعة فأوقفوه على حفصة والذي أسنده ثقة، وصححه الألباني في ((صحيح سنن النسائي)).
(7)
((شرح مختصر الطحاوي للجصاص)) (2/ 403)، ((المبسوط للسرخسي)) (3/ 66).
(8)
((المجموع للنووي)) (6/ 302).
(9)
((الإنصاف للمرداوي)) (3/ 209)، ((المغني لابن قدامة)) (3/ 8).
(10)
قال النووي: (وبه قال أبو حنيفة وإسحاق بن راهويه وداود وابن المنذر والجمهور)((المجموع)) (6/ 302).
(11)
قال ابن المنذر: (لا يجزيه حتى ينوي في كل ليلة أنه صائم من الغد)((الإشراف)) (3/ 115).
(12)
قال ابن حزم: (ولا يجزئ صيام أصلا رمضان كان أو غيره إلا بنية مجددة في كل ليلة لصوم اليوم المقبل)((المحلى)) (6/ 160).
(13)
قالت اللجنة الدائمة برئاسة ابن باز: (لا بد من تبييت نية صيام رمضان ليلاً كل ليلة)((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (10/ 246)، وانظر ((اختيارات الشيخ ابن باز الفقهية وآراؤه في قضايا معاصرة لخالد بن مفلح آل حامد)) (2/ 904).
(14)
رواه أبو داود (2454)، والترمذي (730)، والنسائي (4/ 196) واللفظ له، والدارمي (2/ 12)، والبيهقي (4/ 202) (8161). قال أبو داود: وقفه على حفصة معمر والزبيدي ويونس الأيلي كلهم عن الزهري، وقال الترمذي: لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه، وروي عن ابن عمر قوله وهو أصح، وصحح إسناده ابن حزم في ((المحلى)) (6/ 162)، وصححه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (2/ 193)، والألباني في ((صحيح سنن النسائي)).
وفي رواية عن حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له)) (1).
ثانياً: القياس:
وذلك أن شهر رمضان كصلوات اليوم والليلة ولا بد لكل صلاة من نية فكذلك لا بد لكل يوم في صومه من نية.
القول الثاني: أَنَّ ما يشترط فيه التتابع تكفي النية في أوله، فإذا انقطع التتابع لعذر يبيحه، ثم عاد إلى الصوم فإنَّ عليه أن يجدد النية، وهو مذهب المالكية (2)، وقول زفر من الحنفية (3)، واختاره ابن عثيمين (4).
وذلك لأن الصوم المتتابع كالعبادة الواحدة من حيث ارتباط بعضها ببعض وعدم جواز التفريق، ولذا تكفي النية الواحدة.
كما أنَّ النية إذا لم تقع في كل ليلة حقيقة، فهي واقعة حكماً؛ لأن الأصل عدم قطع النية.
الفرع الثاني: وقت النية في صوم النفل
المسألة الأولى: حكم تبييت النية من الليل في صيام التطوع
لا يشترط في صيام التطوع تبييت النية من الليل عند جمهور أهل العلم من الحنفية (5) والشافعية (6) والحنابلة (7).
ويجوز أن ينوي أثناء النهار، سواء قبل الزوال أو بعده، إذا لم يتناول شيئاً من المفطرات بعد الفجر (8)، وهذا مذهب الحنابلة (9)، وقولٌ عند الشافعية (10)، وقول طائفة من السلف (11) واختاره ابن تيمية (12)، وابن عثيمين (13).
الأدلة:
1 -
عموم حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، حيث قالت:((دخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: هل عندكم شيء؟ فقلنا: لا. قال: فإني إذاً صائم)). أخرجه مسلم (14).
2 -
ما جاء عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم، ومنهم أبو الدرداء، فعن أم الدرداء قالت:((كان أبو الدرداء يقول: عندكم طعام؟ فإن قلنا: لا، قال: فإني صائمٌ يومي هذا)) (15). وفعله أبو طلحة، وأبو هريرة، وابن عباس، وحذيفة رضي الله تعالى عنهم (16).
المسألة الثانية: من أنشأ نية الصوم أثناء النهار فهل يكتب له ثواب صيام يوم كامل؟
من أنشأ نية الصوم أثناء النهار، فإنه يكتب له ثواب ما صامه من حين نوى الصيام، وهذا مذهب الحنابلة (17)، وهو اختيار ابن تيمية (18)، وابن باز (19)، وابن عثيمين (20).
الدليل:
عموم حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) أخرجه البخاري ومسلم (21).
وجه الدلالة:
أن الإمساك كان في أول النهار بغير نية، وإنما لكل امرئ ما نوى، فكيف يثاب على إمساك لم يقصده ولم ينوه؟ وإنما يثاب فيما ابتغى به وجه الله تعالى.
(1) رواه النسائي (4/ 197)، والبيهقي (4/ 202)(8163). وصحح إسناده ابن حزم في ((المحلى)) (6/ 162)، وقال عبدالحق الإشبيلي في ((الأحكام الصغرى)) (384): رواه الجماعة فأوقفوه على حفصة والذي أسنده ثقة، وصححه الألباني في ((صحيح سنن النسائي)).
(2)
((الشرح الكبير للدردير)) (1/ 521).
(3)
((المبسوط للسرخسي)) (3/ 56).
(4)
((الشرح الممتع)) (6/ 356).
(5)
((تبيين الحقائق للزيلعي)) (1/ 313).
(6)
((المجموع للنووي)) (6/ 302).
(7)
((المغني لابن قدامة)) (3/ 10)، ((الإنصاف للمرداوي)) (3/ 211).
(8)
وذلك أنه لما كان الليل محلاً للنية في صوم الفريضة، واستوى حكم جميعه، ثم كان النهار محلاً للنية في صوم التطوع، وجب أن يستوي حكم جميعه. وكذلك فإن النية وجدت في جزءٍ من النهار، فأشبه ما لو وُجِدَت قبل الزوال بلحظة.
(9)
((المغني لابن قدامة)) (3/ 10)، ((الإنصاف للمرداوي)) (3/ 211).
(10)
((الحاوي الكبير للماوردي)) (3/ 406)، ((المجموع للنووي)) (6/ 292).
(11)
قال ابن عبدالبر: (وهو قول الثوري وإبراهيم والحسن بن صالح)((الاستذكار)) (10/ 35).
(12)
قال ابن تيمية: (والأظهر صحته - أي الصوم بنية التطوع بعد الزوال - كما نقل عن الصحابة)((مجموع الفتاوى)) (25/ 120).
(13)
((الشرح الممتع)) (6/ 358 - 359)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (19/ 185 - 186).
(14)
رواه مسلم (1154).
(15)
رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم قبل حديث (1924)، ووصله البيهقي (4/ 204) (8173). وانظر:((تغليق التعليق لابن حجر)) (3/ 144 - 145).
(16)
رواها عنهم البخاري بصيغة التعليق قبل حديث (1924)، ووصلها البيهقي (4/ 204)(8171)(8172)(8173)(8174)، وعبدالرزاق (4/ 273)(7778)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2/ 56). وانظر:((تغليق التعليق لابن حجر)) (3/ 145 - 147).
(17)
((الإنصاف للمرداوي)) (3/ 211).
(18)
((كتاب الصيام من شرح العمدة)) (1/ 193 - 194).
(19)
قال ابن باز: (
…
يجوز له أن يصوم من أثناء النهار، إذا كان لم يتعاط شيئا من المفطرات بعد طلوع الفجر، ويكتب له أجر الصائم من حين نيته) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (15/ 288).
(20)
((الشرح الممتع)) (6/ 360)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (19/ 185 - 186).
(21)
رواه البخاري (1) واللفظ له، ومسلم (1907).