الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السابع: أحكام متفرقة
المطلب الأول: قضاء المسافر الأيام التي أفطرها
إذا أفطر المسافر وجب عليه قضاء ما أفطره من أيام، وقد حكى الإجماع على ذلك ابن حزم (1).
الدليل:
قوله تعالى: فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184]
في قوله سبحانه: فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ دليلٌ على وجوب القضاء عليه إذا أفطر.
المطلب الثاني: حكم فطر المسافر إذا دخل عليه شهرُ رمضان في سفره
إذا دخل على المسافر شهرُ رمضان وهو في سفره فله الفطر، وقد حكى الإجماع على ذلك ابن قدامة (2).
المطلب الثالث: إذا سافر أثناء الشهر ليلاً
إذا سافر أثناء الشهر ليلاً، فله الفطر في صبيحة الليلة التي يخرج فيها وما بعدها (3)، في قول عامة أهل العلم (4).
الدليل:
قوله تعالى: فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أيَّام أُخَرَ [البقرة:184]
المطلب الرابع: حكم فطر المسافر إذا سافر أثناء نهار رمضان
إذا سافر أثناء نهار رمضان فله أن يفطر، وهو مذهب الشافعية (5) والحنابلة (6)، وهو قول طائفة من السلف (7)، واختاره ابن المنذر (8) وابن حجر (9)، وابن عثيمين (10).
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
عموم قوله تعالى: وَمَن كَانَ مرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة: 185]
وجه الدلالة:
1 -
أن من كان مريضاً أو على سفر فأفطر، فعدةٌ من أيام أخر، وهذا قد صار على سفر فيصدق عليه أنه ممن رخص له بالفطر فيفطر.
2 -
كما أن السفر أحد الأمرين المنصوص عليهما في إباحة الفطر بهما، فكما يبيح المرض الفطر أثناء النهار، فكذلك السفر.
ثانياً: من السنة:
عن عبيد بن جبر قال: ((كنت مع أبي بصرة الغفاري صاحب النبي صلى الله عليه وسلم في سفينة من الفسطاط في رمضان فرفع ثم قرب غداه، فلم يجاوز البيوت حتى دعا بالسفرة قال: اقترب. قلت: ألست ترى البيوت؟ قال أبو بصرة: أترغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال جعفر - أحد رواة هذا الحديث -: فأكل)) (11).
المطلب الخامس: حكم إمساك بقية اليوم إذا قدم المسافر أثناء النهار مفطرًا
(1) قال ابن حزم: (واتفقوا أن من أفطر في سفرٍ أو مرضٍ فعليه قضاء أيَّام عدد ما أفطر ما لم يأتِ عليه رمضان آخر)((مراتب الإجماع)) (ص40)، ولم يتعقبه ابن تيمية في ((نقد مراتب الإجماع)).
(2)
قال ابن قدامة: (فلا نعلم بين أهل العلم خلافًا في إباحة الفطر له - أي من دخل عليه شهر رمضان في السفر-)((المغني)) (3/ 12).
(3)
وذلك لأنه مسافر فأبيح له الفطر كما لو سافر قبل الشهر، والآية تناولت الأمر بالصوم لمن شهد الشهر كله، وهذا لم يشهده كله.
(4)
((المغني لابن قدامة)) (3/ 12).
(5)
((المجموع للنووي)) (6/ 261).
(6)
((الإنصاف للمرداوي)) (3/ 205).
(7)
قال ابن قدامة: (وهو قول عمرو بن شرحبيل والشعبي وإسحاق وداود وابن المنذر)((المغني لابن قدامة)) (3/ 13)
(8)
((المغني لابن قدامة)) (3/ 13).
(9)
قال ابن حجر: (للمرء أن يفطر ولو نوى الصيام من الليل وأصبح صائماً فله أن يفطر في أثناء النهار وهو قول الجمهور وقطع به أكثر الشافعية)((فتح الباري)) (4/ 181).
(10)
قال ابن عثيمين: (والصحيح أن له أن يفطر إذا سافر في أثناء اليوم)((الشرح الممتع لابن عثيمين)) (6/ 346).
(11)
رواه أحمد (6/ 398)(27275)، وأبو داود (2412)، والبيهقي (4/ 246)(8437). والحديث سكت عنه أبو داود، واحتج به ابن حزم في ((المحلى)) (6/ 245)، وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (4/ 229): رجال إسناده ثقات، وصححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)).
إذا قدم المسافر أثناء النهار مفطراً، فقد اختلف أهل العلم هل عليه إمساك بقية اليوم أم لا؟ على قولين:
القول الأول: لا يجب عليه إمساك بقية النهار، وهو قول المالكية (1)، والشافعية (2)، وذلك لأنه أبيح له الفطر في أول النهار ظاهراً وباطناً، فإذا أفطر كان له أن يستديمه إلى آخر النهار كما لو دام العذر.
ولكن لا يُعلِن أكله ولا شربه لخفاء سبب الفطر كيلا يُساء به الظن أو يُقتدَى به (3).
وذلك لأنه لا دليل على وجوب الإمساك.
كما أنه لا يستفيد من هذا الإمساك شيئاً لوجوب القضاء عليه.
ولأن حرمة الزمن قد زالت بفطره المباح له أول النهار ظاهراً وباطناً.
القول الثاني: يلزمه الإمساك، وهو قول الحنفية (4)، والحنابلة (5)، وطائفة من السلف (6)، وهو اختيار ابن باز (7).
وذلك لأن المسافر صار من أهل الوجوب حين قدومه؛ فيمسك تشبهاً بالصائمين وقضاءً لحق الوقت.
المطلب السادس: حكم فطر المسافر إذا كان سفره بوسائل النقل المريحة
يباح الإفطار للمسافر ولو كان سفره بوسائل النقل المريحة، سواء وجد مشقة أو لم يجدها، وقد حكى الإجماع على ذلك ابن تيمية (8)؛ وذلك لأن علة الفطر هي وجود السفر دون التقيد بشيء آخر.
(1)((الفواكه الدواني للنفراوي)) (1/ 43).
(2)
((المجموع للنووي)) (6/ 262).
(3)
قال الشافعي: (ولو توقى ذلك لئلا يراه أحد فيظن أنه أفطر في رمضان من غير علة كان أحب إلي)((الأم للشافعي)) (2/ 111)، وانظر ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (20/ 236).
(4)
((فتح القدير للكمال ابن الهمام)) (2/ 363).
(5)
((لإنصاف للمرداوي)) (3/ 200 - 201).
(6)
قال ابن قدامة: (وهو قول أبي حنيفة، والثوري، والأوزاعي، والحسن بن صالح، والعنبري)((المغني)) (3/ 33 - 34).
(7)
قال ابن باز: (المسافر إذا قدم في أثناء النهار في رمضان إلى بلده فإن عليه الإمساك في أصح قولي العلماء لزوال حكم السفر)((مجموع فتاوى ابن باز)) (15/ 193).
(8)
قال ابن تيمية: (ويجوز الفطر للمسافر باتفاق الأمة سواء كان قادراً على الصيام أو عاجزاً وسواء شق عليه الصوم أو لم يشق بحيث لو كان مسافراً في الظل والماء ومعه من يخدمه جاز له الفطر والقصر)) ((مجموع الفتاوى)) (25/ 210) وانظر ((مجموع فتاوى ابن باز)) (15/ 235).