الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسالة 122:
بعض أحكام –في العطف– عامة نتفرقة 1:
"منها: -شرط صحة العطف- تقدير العامل على العاطف -الضمير العائد على المتعاطفين- الفصل بين الفاء والواو ومعطوفهما -تقدم المعطوف- عطف الجملة على المفرد والعكس، وقد سبق2 بيان المراد من المفرد -العطف على التوهم- المغيرة بين المتعاطفين -معنى المعطوف وحكمه إذا كان المعطوف عليه كنية- جواز القطع في عطف النسق عطف الزمان على المكان، وعكسه".
1 يشترط لصحة العطف أن يكون المعطوف صالحا بنفسه، أو بما هو بمعناه لمباشرة العامل المذكور أي: للوقوع بعده مباشرة" من غير أن يمنع من ذلك مانع نحوي3 فمثال الأول: دخل سعيد وسليم؛ إذ يصح دخل سليم. والثاني قام سعيد وأنا، فالضمير "أنا" لا يصلح فاعلا للفعل: "قام4 ولكن "تاء" المتكلم التي هي ضمير بمعناه تصلح؛ فتقول: قمت.
فإن لم يصلح المعطوف ولا شيء بمعناه لمباشرة العامل المذكور أضمر له عامل مقدر يناسبه، وصار مع عامله المقدر جملة معطوفة على الجملة السابقة، "أي: صار الكلام عطف جمل" وذلك كالمعطوف على الضمير المرفوع الذي يعرب فاعلا لمضارع مبدوء بالهمزة أو بالنون أو بتاء المخاطب، أو بتاء التأنيث، وكالمعطوف على الفاعل المستتر لفعل الأمر، ومن الأمثلة لكل ما سبق: أتعاون أنا والجار، نتعاون نحن والجيران، تتعاون أنت والجار، تتعاون فاطمة والجار، أمكن أنت وزوجك الجنة. فكل معطوف من هذه المعطوفات لا يصلح لمباشرة العامل "إذ لا يقال: أتعاون الجار، نتعاون الجيران، تتعاون
1 راجع الأشموني وحاشيته ج3 آخر باب العطف، والصبان ج2 آخر باب الظرف.
2 في رقم 4 من هامش ص556 وفي رقم 2 من هامش ص642.
3 بهذا التقييد تختلف هذه الحالة عن الآتية بعدها في رقم 2.
4 إذ لا يقال: قام أنا.
الجار، تتعاون الجار، اسكن زوجك
…
" فلما كان المعطوف غير صالح لمباشرة العامل المذكور في الكلام وجب أن يقدر له عامل آخر يناسب؛ كان يقال: أتعاون أنا ويتعاون الجار
…
اسكن أنت وليكن زوجك الجنة
…
هذا كلام كثير من النحاة، وفيه تعقيد وتكلف لا داعي له، ولا يتفق مع قولهم:"قد يغتغفر في الثواني ما لا يغتفر في الأوائل"
…
"ورددوا هذه القاعدة هنا وفي أبوابه أخرى"1 فمن الخير الأخذ بها والعطف المباشر على الفاعل المستتر، وعدم الالتفات هنا إلى التقدير، والحذف والتضييق بغير فائدة أو دفع ضرر إلا مجاراة الخيال2.
2-
لا يشترط من الوجهة المعنية3 صحة تقدير العامل بعد العاطف، فمن الصحيح أن تقول: تخاصم المأمون والأمين، مع أنه لا يصح من لوجهة3 المعنوية أن يقال تخاصم المأمون وتخاصم الأمين، إذ الفعل:"تخاصم" لا يقع إلا من متعدد؛ فلا يكتفي بأن يقع بعده واحد. ولا تعدد هنا بعد كل فعل من الفعلين.
3-
كل ضمير يعود على المعطوف والمعطوف عليه معا يجب مطابقته: لهما؛ بشرط أن تكون أداة العطف هي: "الواو"، أو "حتى"؛ نحو العم والأخ حضرا الجسم حتى الأظافر اعتنيت بنظافتهما4
…
فان كان حرف العطف هو: "الفاء"، أو "ثم" وكان الضمير في الخبر عائدا على المعطوف والمعطوف عليه جاز حذف الخبر من أحدهما؛ نحو: محمود فحامد قام، ويجوز تقديم الخبر على الحذف من الثاني؛ نحو: محموا قام فحامد، ويجوز مطابقة الضمير بغير حذف، نحو: محمود فحامد قاما
…
و"ثم" كالفاء فيما سبق.
1 وكذلك لا يتفق مع قولهم الآتي -في رقم 2- إنه لا يشترط صحة تقدير العامل بعد العاطف.
2 سبقت إشارة لهذا في ص638.
"3، 3" بهذا التقييد تختلف هذه الحالة عن سابقتها التي في رقم 1 -كما اشرنا هناك-.
4 لما تقدم إشارة في "ب" ص584.
فان لم يكن الضمير في الخبر وجبت المطابقة، نحو: جاءني الوالد والعم فقمت لهما" وأقبل علي وسليم وهما صديقان
…
وأما: "لا"، و"بل"، و"أو"1، و"أم"، و"لكن"، و"إما""عند من يعتبرها عاطفة"، فمطابقة الضمير معها وعدم المطابقة راجعة إلى قصد المتكلم "فان قصد احد المتعاطفين -وذلك واجب في الإخبار- وجب إفراد الضمير؛ نحو: الأخ لا الصديق جاءني، الأخ بل الصديق خرج، أمسعود أم منصور زارك؟ إسماعيل أو فاطمة حياني، إذ المعنى: حياني أحدهما. ويراعى تغليب المذكر. أما في غير الأخبار فتقول: زارني إما العم وإما الخال فأكرمته، أصديقا قابلت أم عدوا فتركته، ما جاءني أحمد لكن سليم فاستقبلته خير استقبال.
وإن قصدتهما معا وجبت المطابقة؛ نحو: حسن لا حسين جاءني مع أني دعوتهما، وعاصم أو سليم دعاني حين ذهبت إليهما
…
"وقد سبقت الإشارة لهذا".
4-
لا يجوز الفصل بين الفاء ومعطوفها إلا في الضرورة الشعرية2، فلا يقال: فلان ورثة أبوه مالا ففي القوم جاها. وإنما يقال: فلان ورثة أبوه مالا فجاها في القوم. ويصح الفصل بين غيرها ومعطوفه بالظرف أو الجار والمجرور "ويدخل القسم في هذا"، نحو: تعبت ثم عندك جلست، نزل المطر ثم والله طلعت الشمس، ما أهنت أحدا لكن في البيت المسيء
…
أما الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه فقد سبق3 بيانه.
5-
لا يتقدم المعطوف على المعطوف عليه إلا شذوذا فيقتصر فيه على المسموع، وقيل يجوز في الضرورة الشعرية. والأولى إهمال هذا الرأي؛ ومنه قول القائل:
أبا نخلة من ذات عرق
…
عليك -ورحمة الله– السلام
1 للحكم الخاص بها المعروض هنا ما يتممه في رقم 1 من هامش ص506 و
…
2 كما سبق في ص514.
3 في هامش ص435:
يريد: عليك السلام ورحمة الله وقد سبقت الإشارة: لهذا1.
6-
وقد تعطف الجملة على المفرد –أحيانا- أو العكس، إذا كانت الجملة في الحالتين بمنزلة لمفرد؛ لأنها مؤولة به، كان تكون: نعتا، أو حالا، أو: خبرا، أو: مفعولا لظن وما في حكمها
…
فمن عطف المفرد على الجملة ما ورد من مثل: ألفيت الشجاع يهزم خصمه وفاتكا به. فكلمة: "فاتكا" منصوبة؛ لأنها معطوفة على الجملة الفعلية المركبة من المضارع "يهزم" وفاعله" وهذه الجملة بمنزلة المفرد المنصوب؛ لأنها المفعول الثاني للفعل: "ألفي". ومن هذا كلمة: "مصدقا" الثانية في قوله تعالى: {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْأِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ} فالجملة الاسمية: "فيه هدى" في محل نصب، حال من الإنجيل، وكلمة: "مصدقا" التي بعدها معطوفة عليها، منصوبة؛ مراعاة لمحل المعطوف عليه....2ومثل هذا قول الشاعر:
وجدنا الصالحين لهم جزاء
…
وجنات وعينا سلسبيلا
فالجملة الاسمية "لهم جزاء" في محل نصب؛ لأنها المفعول الثاني للفعل: "وجد" وقد روعي هذا المحل فجاء المعطوفان "جنات وعينا" منصوبين تبعا لذلك المحل2.
ومن عطف الجملة على المفرد قوله تعالى: {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا 3 أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} ، أي: قائلين4.
ومن عطف المفرد على شبه الجملة قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْأِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا} ، فقاعدا عطف على "لجبنه": لتأويل شبه الجملة بمفرد، وهو: مجنوب.
1 في رقم 3 من هامش ص556 و641.
أما عطف الفعل على الفعل أو على ما يشبهه، والعكس "وعطف الجملة على الجملة فقد تقدم في ص642.
"2، 2" راجح مجمع البيان، لعلوم القرآن "ج2 ص340 و402" وقد عرض "الهمع" لبعض هذه الأحكام في آخر باب: عطف النسق "ج2 ص140".
2 ليلا.
3 مستريحون وقت القيلولة: وهي وسط النهار عند اشتداد الحر.
ومن عطف شبه الجملة على المفرد قولهم: لا يصح مخالفة القاعدة المطردة إلا شذوذا أو في ضرورة1.
7-
هناك نوع من العطف، يرتضيه بعض النحاة، ويسميه:"العطف على التوهم". ومن أوضح أمثلته عندهم العطف "بفاء السببية" على معطوف مأخوذ من مضمون الجملة التي قبلها. ذلك أن "فاء السببية" تقتضي عطف المصدر المؤول بعدها على مصدر صريح قبلها "وهذا المصدر الصريح قد يكون مذكورا صراحة قبلها؛ نحو: ما الشجاعة تهورا فتهمل الحذر، وقد يكون غير مذكور فيتصيد؛ نحو: ما أنت مسيء إليك. أي: ما تكون منك إساءة يترتب عليها أن نسيء لك.
فإن لم يوجد قبل فاء السببية مصدر صريح ولا ما يصلح أن يتصيد منه المصدر "كالجملة الاسمية التي يكون فيها الخبر جامدًا؛ نحو: ما أنت عمر فنهابك" فبعض النحاة يمنع نصب المضارع، وبعض آخر يجيز تصيد مصدر من مضمون الجملة السابقة التي فيها الخبر جامدا، ويكون الكلام عطف جملة على جملة، ومن لازم معناها؛ كان يقال في المثال السالف: ما يثبت كونك عمر، فهيبتنا إياك2
…
يقول النحاة: إن "المغايرة" هي الأصل الغالب في عطفه النسق بين المتعاطفين. يريدون: أن يكون المعطوف مغايرا المعطوف عليه في لفظه وفي معناه معا فلا يعطف الشيء على نفسه. هذا هو الأصل الغالب، لكن العرب قد
1 جاء في التوضيح "لابن هشام، آخر باب: "الإدغام" نهاية الجزء الثاني" ما نصه: "قد يفك الإدغام في ذلك شذوذا
…
أو في ضرورة
…
" ا. هـ وهنا جاء في الحاشية على التصريح ما نصه: "يمكن أن يكون قوله: "في ضرورة" معطوفا على: "شذوذا" على تقدير الحالية أيضا، والتقدير: وقد يفك الإدغام في غير ذلك، حالة كون ذلك شاذا، أو كائنا في ضرورة. وقال الدنوشري:"قوله: "في ضرورة" معطوف على قوله: "شذوذا". وينظر أهذا العطف صحيح أولا؟ ا. هـ والظاهر الصحة وهو عطف على المعنى؛ لأن قوله: "شذوذًا" في معنى: "في شذوذ" ا. هـ المنقول عن الحاشية.
2 لهذا إشارة في ج1 ص552 م49 أما الإيضاح الكامل في مكانه الأنسب وهو الكلام على: "فاء السببية" من باب: "إعراب الفعل" ونواصب المضارع -ج4 ص337 م149-.
تعطف -لغرض بلاغتي- الشيء على نفسه إذا اختلف اللفظان: كقولهم
…
"وألفي قولها كذبًا ومينا" فقد عطفوا المين على الكذب "ومعناهما واحد، واللفظان مختلفان" لغرض بلاغي هو تقوية معنى المعطوف عليه وتأكيده. وهذا النوع من العطف -على قلته قياسي1
…
وقد يعطفون الخاص على العام وعكسه لغرض بلاغي كذلك؛ فمن الأول قوله تعالى في صورة البقرة: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} فقد عطف "الصلاة الوسطى" ومن معانيها: صلاة العصر
…
-على "الصلوات"، والمعطوف خاص؛ لأنه نوع بعض المعطوف عليه العام الذي يشمله مع غيره من الأنواع الأخرى.
ومن الثاني قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} فقد عطف الجملة الفعلية: "ظلموا" على الجملة الفعلية: "فعلوا" والمعطوف هنا عام، والمعطوف عليه خاص؛ لأنه داخل في مضمون المعطوف الذي يشمله وغيره2
…
9-
إذا كان المعطوف عليه كنية لوحظ فيه وفي المعطوف ما سبقت الإشارة إليه في "أ" منص444.
10-
الصحيح جواز "القطع"3 في المعطوف عطف نسق؛ كما أشرنا من قبل4 وهو كثير في المعطوفات المتعددة التي كانت في أصلها نعوتا، ثم فصل بينها بحرف العطف؛ فصارت معطوفات بعد أن كانت نعوتا. وحجة القائلين بصحته وقوعه في أفصح الكلام. ومن الأمثلة كلمة:"الصابرين" من قوله تعالى في سورة البقرة: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ
1 راجع حاشية ياسين على التصريح -ج2 باب الإضافة عند الكلام على "الإضافة غير المحضة" وإضافة الاسم إلى ما يتحد معه في المعنى -وسبقت لهذا إشارة في ص49.
2 انظر ما يتصل بهذا في رقم 1 من ص567.
3 في هامش ص486 تفصيل الكلام على القطع، ومعناه، وحكمه، وكل ما يتصل به.
4 في هامش ص435.
وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ} فقد نصبت كلمة: "الصابرين" بسبب "القطع" ولو كانت معطوفة لرفعت كسائر المعطوفات المرفوعة التي قبلها، ومثل كلمة:"المقيمين" من قوله: في سورة النساء.
{لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا} ، ومثل كلمة:"القائلون" فيما أنشده الكسائي لبعض فصحاء العرب:
وكل قوم أطاعوا أمر مرشدهم
…
إلا نميرا أطاعت أمر غاويها
الظاعنين، ولما يظعنوا أحدا
…
والقائلون لمن دار نخليها؟
ومثل: ما أنشده الفراء لبعضهم كذلك:
إلى الملك القرم1 وابن الهمام
…
وليث الكتيبة في المردحم
وذا الرأي حين تغم الأمور
…
بذات الصليل2، وذات اللجم3
فقد نضبت كلمتي: "ليث" و"ذا" على الاعتبار السابق4
…
11-
هل يصح عطف الزمان على المكان وعكسه؟ الأحسن الأخذ بالرأي الذي يجيزه عند أمن اللبس؛ نحو قابلتك أمام بيتك هذا ويوم الخميس أو: قابلتك يوم الخميس وأمام بيتك5.
1 السيد العظيم.
2 ذات الصليل: السيوف.
3 ذات اللجم: الخيول.
4 راجع تفسير القرطبي في آيتي "البقرة والنساء"، وكتاب:"مجمع البيان لعلوم القرآن" الطبرسي ج1 ص6 حيث الأمثلة السابقة وغيرها، وإيضاح لحكم القطع في عطف النسق.
5 عرض لهذه المسألة "الصبان" في الجزء الثاني من حاشيته، آخر باب:"الظرف" قائلا ما نصه الحرفي: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= "هل يجوز عطف الزمان على المكان وعكسه؟ قال في المعني: أجاز الفارسي في قوله تعالى: {وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ} أن يكون "يوم القيامة" معطوفا على محل هذه. ا. هـ. قال الدماميني: إن أريد بالدنيا الأزمنة السابقة ليوم القيامة فلا أشكال في عطفه عليها؛ لأن كلا منهما زمان. وإن أريد بها هذه الدار من حيث هي مكان، ففيه عطف زمان على مكان، وفي الكشاف ما يقتضي منعه؛ فإنه لما تكلم في تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ} قال: فإن قلت: كيف عطف الزمان على المكان، وهو يوم حنين على المواطن؟ قلت معناه: وموطن يوم حنين، أو: في أيام كثيرة، ويجوز أن يراد بالمواطن: "الوقت"؛ كمقتل الحسين، ا. هـ.
ووجهه بعض الأفاضل بأن الفعل مقتض لظرف اقتضاءه لظرف المكان؛ فلا يجوز جعل حدهما تابعًا للآخر: فلا يعطف عليه كما لا يعطف المفعول فيه على المفعول به، ولا المفعول على الفاعل، ولا المصدر على شيء من ذلك، وبأن ظرف الزمان ينتصب على الظرفية مطلقًا، بخلاف ظرف المكان؛ فإنه يشترط فيه الإبهام. فلما اختلفا من هذه الجهة لم يجز عطفه أحدهما على الآخر. لعدم سماع عطف أحدهما على الآخر.
"لكن جوزه بعضهم؛ لاشتراكهما في الظرفية؛ تقول ضربت زيدا يوم الجمعة وفي المسجد، أو: في المسجد ويوم الجمعة؛.... وعليه جرى ابن المنير في الانتصاف مناقشا به صاحب الكشاف". انتهى كل ما قاله الصبان فيما سبق حرفيا، وأردفه بأنه نقله باختصار.
وهذا الرأي الأخير هو الأنسب. إلا أن المثال الذي ساقه خال من بيان الطريقة في إعرابه. ثم هو لا يخلو من لبس، إذ لا دلالة معه على أن الضرب الذي وقع يوم الجمعة، أهو الذي وقع في المسجد أم هو ضرب آخر. فلا بد من قرينة.
وقد سبق للمسألة السالفة إشارة موجزة في باب: "الظرف"، ج2 م78 في آخر الكلام على أحكام الظرف بنوعيه.