المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المسألة 125: البدل من المضمن الاستفهام، أو الشرط، وبيان: بدل التفصيل: قد - النحو الوافي - جـ ٣

[عباس حسن]

الفصل: ‌ ‌المسألة 125: البدل من المضمن الاستفهام، أو الشرط، وبيان: بدل التفصيل: قد

‌المسألة 125:

البدل من المضمن الاستفهام، أو الشرط، وبيان: بدل التفصيل:

قد يكون "المبدل منه" اسم استفهام، "ويسمى:"المضمن معنى همزة الاستفهام1" وقد يكون اسم شرط "ويسمى: المضمن معنى حرف الشرط. "إن" فإذا اقتضى الأمر بدلًا يفصل ذلك المضمون المعنوي المجمل ظهر في الحالة الولى مع البدل حرف الاستفهام: "الهمزة"، وفي الحالية الثانية حرف الشرط: "إن" ليوافق البدل المبدل منه في تأدية المعنى. وهذا بشرط ألا يظهر حرف الاستفهام ولا حرف الشرط مع المبدل منه.

والاستفهام الذي يتضمنه المتبوع قد يكون عن الكمية2، أو عن الذات، أو عن معنى من المعاني. فمثال الاستفهام عن الكمية: كم كتبك؟ أمائة أم مائتان؟ "فمائة" بدل من "كم" بدل تفصيل للمعنى العددي.

ومثال الاستفهام عن الذات: من شاركت؟ أكاملًا أم منصورًا؟ "فكاملًا" بدل تفصيل من كلمة: "من".

1 معنى تضمنه همزة الاستفهام: انه اسم استفهام يؤدي معنى همزة الاستفهام، وأنه -وهو لفظ واحد– يشمل كثيرًا من الأنواع والأفراد غير المذكورة في الكلام صراحة؛ فهو يحتويها إجمالا من غير أن تذكر بعده مفصلة صريحة. فإذا أريد بعد الإجمال الذي ينطوي عليه المبدل منه، النص الصريح على بعض أنواع أو أفراد مما يدخل في الإجمال، جيء بهذا المطلوب مذكورا صريحا في "البدل" بعد الهمزة مباشرة من غير فاصل بينهما" وهذا المذكور بعد الهمزة ليس إلا نوعا أو فردا يدخل ضمنا لا صراحة في اسم الاستفهام "المبدل منه".

ومثل هذا يقال في الغرض من "إن" الشرطية التفصيلية. وليس لهذه علاقة بهمزة الاستفهام فلا تسبقها هذه الهمزة. وسيجيء في آخر ص685 أن البدل المضمن "بدل التفصيل" نوع من بدل الكل.

2 أي: عن عدد. وكذا ما يتصل بالعدد من المقادير.

ص: 683

ومثال الاستفهام عن المعنى: ما تقرأ؟ أجيدًا أم رديئًا؟ فجيدًا يدل تفصيل من: "ما".

وإنما تضمن البدل همزة الاستفهام ليوافق متبوعه الذي هو اسم يتضمن معنى همزة الاستفهام من غير تصريح بأداة الاستفهام الحرفية -كما أسلفنا-؛ فلا تجيء الهمزة في مثل: هل أحد جاءك؛ محمد أو علي، بسبب التصريح بحرف الاستفهام.

والشرط الذي يتضمنه المتبوع قد يكون للعاقل أو غيره، وللزمان أو المكان. فمثال الشرط للعاقل: من يجاملني -إن صديق وإن عدو- أجامله. فكلمة: "صديق" بدل تفصيل من كلمة "من" الشرطية. وإن الشرطية الظاهرة في الكلام ليس لها من الشرط إلا اسمه؛ فلا تجزم، ولا تعمل شيئا، وإنما تفيد مجرد التفصيل؛ ولذا تسمى:"إنْ التفصيلية".

ومثال الشرط لغير العاقل: ما تقرأ، إن جيدا وإن رديئًا، تتأثر به نفسك. فكلمة:"جيدًا" بدل من كلمة: "ما" و"إنْ" المذكورة في الجملة لا أثر لها إلا في إفادة التفصيل، كما سبق.

ومثال الشرط الدال على الزمان: متى تزرني، إن غدًا وإن بعد غد أسعد بلقائك. فكلمة "غدًا" بدل من "متى"، وكلمة:"إنْ" للتفصيل.

ومثال الشرط الدال على المكان: حيثما تجلس، إنْ فوق الكرسي وإن فوق الأريكة، تجدْ راحة

فكلمة: "فوق" بدل من: حيثما. وكلمة: "إن" للتفصيل.

وإنما قرن البدل في كل ما سبق بالحرف: "إنْ" ليكون موافقا لاسم الشرط المتبوع الذي يتضمن معنى هذا الحرف من غير أن يذكر صريحا1 فلا يصح مجيء "إنْ" في مثل: إن تساعد أحدا محمدًا أو عليًا أساعده. هذا وبدل التفصيل2 نوع من بدل الكل من الكل لا يحتاج إلى رابط.

1 ستجيء إشارة إلى "إن" التفصيلية "في باب الجوازم ج4 ص328 م55" تبين حكمها، وطريقة إعرابها. وقد اقتصر ابن مالك على الكلام على البدل مما ضمن همزة الاستفهام، قال:

وبدل المضمن الهمز يلي

همزا كمن ذا. أسعيد أم علي

أي: أن البدل من المضمن همزة الاستفهام لا بد أن تسبقه الهمزة، كالمثال الذي ساقه.

2 في "هـ" من ص678 بعض الأحكام الخاصة ببدل التفصيل.

ص: 684

المسألة 136:

بدل الفعل من الفعل، والجملة من الجملة:

أ- بدل الفعل من الفعل:

1-

يبدل الفعل من الفعل بدل كل من كل بشرط اتحادهما في الزمان ولو لم يتحدا في النوع1، وأن يستفيد المتبوع من ذلك زيادة بيان؛ كقوله تعالى2:{وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ} . فالفعل: "يضاعف" بدل كل من الفعل: "يلق" لأن مضاعفة العذاب هي البيان الذي يزيد معنى الفعل: "يلق" وضوحا، ويشكف المراد منه.

وجزم الفعل: "يضاعف" دليل على أنه البدل وحده دون فاعله، وأن البدل بدل مفردات، لا جمل3.

2-

ويبدل الفعل من الفعل للدلالة على الجزئية: إن تصل تسجد لله يرحمك. فالفعل: "تسجد" بدل من تصل، والسجود جزء من الصلاة لا تتحقق إلا به.

3-

ويبدل الفعل من الفعل بدل اشتمال؛ مثل: إني لن أسيئ إلى الحيوان

1 فيصح: إن جئتني تزرني أكرمك. ويجري عليهما في البدل ما يجري عليهما في العطف مما سردناه في ص642 وما يليها.

2 في العاصي الذي أتى نوعا من المحرمات والكبائر المذكورة قبل هذه الآية مباشرة.

3 لأن المضارع في الجملة الفعلية إذا كانت هي التابعة بجزأيها معا، لا يصح نصبه ولا جزمه تبعا لمضارع

منصوب، أو مجزوم في الجملة المتبوعة؛ فإذا كانت الجملة المضارعية كلها هي التابعة "أي: هي البدل، أو المعطوفة بالحرف، أو

" وجب استقلال مضارعها بنفسه في إعرابه، فلا يتبع إعراب المضارع في الجملة المتبوعة. ولا يصح نصبه أو جزمه تبعا للمضارع الذي في الجملة المتبوعة إلا حين يكون البدل بدل فعل مضارع وحده من مضارع وحده أيضا.

وكذلك حين يكون العطف عطف مضارع وحده على مضارع وحده حيث يكون المعطوف تابعا للمعطوف عليه في رفعه، ونصبه جزمه -كما سبق الإيضاح في ص642 وما يليها، ولا سيما ص643-.

ص: 685

الأليف، أزعجه. فالفعل "أزعج" بدل اشتمال من "أسيء". ومثله:

إن عليّ الله أن تبايعا1

تؤخذ كرها أو تجيء طائعا

فالفعل: "تؤخذ" بدل اشتمال من: "تبايع"؛ لأن الأخذ كرها هو صفة من صفات كثيرة تشملها المبايعة.

4-

ويبدل الفعل من الفعل لإضراب، أو الغلط، أو النسيان، في مثل: إن تطعم المحتاج، تكسه ثوبا، يحرسك.

والذي يدل في كل ما سبق -وأشباهه- على أن البدل بدل مفردات لا بدل جمل، هو مشاركة الفعل التابع لمتبوعه في نصبه أو جزمه2.

ب- أما الجملة فبدل من الجملة بدل كل من كل -على الصحيح- بشرط أن تكون الثانية أو فى من الأولى في بأن المراد، وتأديته

نحو: اقطع قمح الحقل، احصده.

وتبدل بدل "جزء من كل" لإفادة البعضية؛ كقوله تعالى: {أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ، فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} ، فجملة:"أمدكم" الثانية اخص من الأولى؛ لأن: ما تعلمون: يشمل الأنعام، والبنين، والجنات، والعيون، وغيرها.

وتبدل بدل اشتمال؛ كقول الشاعر:

أقول له ارحل. لا تقيمن عندنا

وإلا فكن في الثر والجهر مسلما

فجملة: "لا تقيمن" بدل اشتمال من جملة "ارحل"؛ لما بينهما من المناسبة: إذ يلزم من الرحيل عدم الإقامة.

وتبدل بدل غلط؛ مثل: اجلس، قف

و

1 أصل الفعل: تبايع، والألف زائدة للشعر.

2 من الممكن الاستعانة على إيضاح هذا بما سبق في العطف ص643.

وفي بدل الفعل من الفعل يقول ابن مالك من غير تفصيل:

ويبدل الفعل من الفعل كمن

يصل إلينا يستعن بنا يعن

ص: 686

ولا يشترط في بدل الجملة بأنواه المختلفة ولا في بدل الفعل من الفعل إذ يشتمل على ضمير؛ إذ من المعذر أن يعود ضمير على جملة، كما يتعذر في بدل الفعل وحده من الفعل.

هذا وقد أشرنا إلى أن الفعل التابع يتبع المبدل منه في إعرابه لفظًا وتقديرًا. أما الجملة فتتبع المتبوعة في محلها إن كان لها محل. فإن لم يكن للمتبوعة محل فتسمية الجملة الثانية بالتابعة هي تسمية مجازية، أساسها التوسع فقط

وتد تدل الجملة من المفرد، والعكس، بدل كل من كل -وهذان النوعان نادران– كقول الشاعر:

إلى الله أشكو بالمدينة حاجة

وبالشام أخرى كيف يلتقيان

فجملة: "كيف يلتقيان" بدل من: "حاجة"؛ لأنّ كيفية الالتقاء هي الحاجة التي يشكو منها. إنما صح البدل هنا لأن الجملة بمنزلة المفرد1 إذ التقدير: إلى الله أشكو هاتين الحاجتين تعذر اجتماعهما؛ فلا بد من تأويل الجملة بالمفرد ليمكن إعرابها بدلًا. ومثال العكس: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا قَيِّمًا} ؛ لأنها في معنى المفرد، أي: جعله مستقيمًا.

1 من الممكن فهم هذا على ضوء ما مر في ص 635

ص: 687