الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة 103:
اسم المفعول:
تعريفه:
اسم مشتق1، يدل على معنى مجرد، غير دائم2، وعلى الذي وقع عليه هذا المعنى. فلا بد أن يدل على الأمرين معًا3، "وهما: المعنى المجرد، وصاحبه الذي وقع عليه". مثل كلمة:"محفوظ" و"مصروع" في قولهم: العادل محفوظ برعاية ربه، والباغي مصروع بجناية بغيه. "فمحفوظ" تدل على الأمرين أيضًا؛ المعنى المجرد؛ "أي: الحفظ" والذات التي وقع عليها الحفظ وكذلك "مصروع" تدل على الأمرين أيضًا؛ المعنى المجرد؛ "أي: الصرع"، والذات التي وقع عليها. ومثل هذا يقال في كلمة: "منسوب" من قول الشاعر:
لا تلم المرء على فعله
…
وأنت منسوب إلى مثله4
وهكذا
…
ودلالته على الأمرين السالفين مقصورة على الحدوث -أي على: الحال- فهي لا تمتد إلى الماضي، ولا إلى المستقبل، ولا تفيد الدوام إلا بقرينة في كل صورة.
صوغه 5:
أ- يصاغ قياسًا على وزن: "مفعول" من مصدره الماضي الثلاثي
1 في ص182 بيان مفصل عن أصل المشتقات.
2 أي: لا يلازم صاحبه. وسيجيء أيضًا أن هذا المعنى المجرد يفيد الحدوث، فلا يمتد إلى الماضي ولا إلى المستقبل إلا بقرينة.
3 يمكن استجلاء المراد من بعض ألفاظ التعريف على ضوء ما سبق في تعريف اسم الفاعل ص238.
4 وبعد هذا البيت:
من ذم شيئًا وأتى مثلَهُ
…
فإنما يزري على عقلِهِ
5 أشرنا في رقم 3 من هامش ص239 إلى ابن أبي مالك وضع في "ألفيته" بابين؛ أحدهما =
المتصرف1؛ مثل: "محفوظ" من "حفظ" و"مصروع" من "صرع" و"منسوب" من "نسب"، و"معلوم" من "علم" و"مجهول" من "جهل" و"معروف" من "عرف". ومثل "محمود" من "حمد" في قول الشاعر:
لعل عتبك محمود عواقبه
…
وربما صحت الأجسام بالعلل
ب- ويصاغ قياسيًا من مصدر الماضي غير الثلاثي بالإتيان بمضارعه وقلب أوله ميمًا مضمومة مع فتح ما قبل الآخر.
فللوصول إلى اسم المفعول من: "سارع" نجيء بمضارعه: "يسارع"، ثم ندخل عليه التغيير السالف، فيكون اسم المفعول:"مسارَع"، نحو: الخبر مسارَع إليك. واسم المفعول من "هدَّم" هو: مهدَّم؛ نحو: صرح البغي مهدم، واسم المفعول من:"أوجع" هو: "موجَع؛ كما في قول الشاعر2 الكهل الوفي:
خُلقْت ألوفًا؛ لو رجعت إلى الصبا
…
لفارقت شيبي موجَعَ القلب، باكيًا
وهكذا: استخرج، يستخرج، مستخرج، نحو: المستخرج من النفط في بلادنا يكفي حاجاتنا. ومثل: "منزهة"، ومكرمة" في قول أبي تمام في وصف قصائده:
منَزَّهة عن السرق المورَّى3
…
مكرمة عن المعنى المعاد
= عنوانه: "إعمال اسم الفاعل"، ولكنه ضمنه إعمال اسم الفاعل واسم المفعول معًا، فهو باب ينطوي على إعمالهما. وقد مرَّ شرح أبياته في مناسباتها الخاصة ابتداء من ص249. وثانيهما عنوانه:"أبنية أسماء الفاعلين، والمفعولين، والصفات المشبهة بها"، وسيجيء شرح أبياته في مناسباتها ابتداء من هامش ص289، وفصل بين البابين بآخر عنوانه:"أبنية المصادر" وقد ارتضى هذا الترتيب لحكمة رآها، قد تكون -كما يقول بعض النحاة- الرغبة في موالاة مواضع الإعمال للمصدر وللمشتقات، حتى إذا فرغ من الكلام على شئون الإعمال لهذه العوامل الاسمية التي بينها كثير من الترابط والتشابه انتقل إلى الكلام على أبنيتها وصيغها. وقد سبق أن أشرنا أننا لا نرتضي هذا الترتيب؛ لما فيه من توزيع الأحكام والصيغ على بابين مستقلين ومنفصلين عن الإعمال؛ إذ الأنسب تعريف ل عامل مع ذكر صيغه وأحكامه في باب واحد.
1 أما الماضي الجامد فليس له مصدر، ولا اسم مفعول، ولا اسم فاعل، ولا صفة مشبهة، ولا غيرها من المشتقات
…
2 هو المتنبي.
3 السرق المورى: السرقة التي يخفيها السارق.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زيادة وتفصيل:
أ- فتح الحرف الذي قبل الآخر قد يكون ظاهرًا كالأمثلة السالفة، وقد يكون مقدرًا؛ مثل: مستعان، منقاد
…
أصلهما: مستعون. منقود
…
قلبت الواو ألفًا بعد فتح ما قبلها بنقل حركتها إليه؛ تطبيقًا لقاعدة صرفية1.
ب- إذا كان اسم المفعول مؤنثا وجب زيادة تاء التأنيث في آخره؛ كما في آخر: "منزهة، ومكرمة" من بيت أبي تمام السابق.
ج- قد وردت صيغ سماعية تؤدي ما يؤديه اسم المفعول المصوغ من مصدر الثلاثي وليست على وزنه؛ فهي نائبة عن صيغة "مفعول" في الدلالة على الذات والمعنى. ومن تلك الصيغ: "فعيل"، بمعنى: مفعول؛ نحو: كحيل: بمعنى: مكحول. و"فعل"، كذبح؛ بمعنى مذبوح. و"فعل" كقنص، بمعنى: منقوص، و"فعلة"؛ كغرفة، ومضغة، وأكلة، بمعنى: مغروفة، وممضوغة ومأكولة
…
وهذه الصيغ وأمثالها غير مقيسة. لكن هل تعمل عمل اسم المفعول كما تؤدي معناه؟ الأحسن الأخذ بالرأي القائل: إنها تعمل عمله -بشروطه- فترفع نائب فاعل حتمًا، وقد تنصب مفعولًا به -أو أكثر- إن كان فعلها المبني للمجهول كذلك؛ فحكمها حكم المبني للمجهول. وفي هذا الرأي توسعة لمن شاء اتباعه2.
غير أن حكمًا سيجيء3 لا يسري عليها؛ هو أن اسم المفعول يجوز أن يضاف لمرفوعه بشرط أن تكون صيغته أصلية4، فإن كانت نائبة عن
1 في باب "الإعلال والإبدال" ج 4.
2 سيجيء كلام ابن مالك على صياغة: "اسم المفعول" وعلى صيغة: "فعيل" في الباب الذي خصه بأبنية المشتقات، هامش ص289، وما بعدها.
3 في ص275.
4 هي التي تكون من الثلاثي على وزن: "مفعول"، ومن غير الثلاثي على وزن المضارع بعد إبدال أوله ميمًا مضمومة مع فتح الحرف الذي قبل الآخر. أما غير الأصلية. فقد أوضحناها في "ج" هنا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأصيلة -كفعيل؛ بمعنى: مفعول، وغيرها مما سبق -فلا تضاف لمرفوعها.
د- سبقت الإشارة1 إلى أنه وردت صيغ مسموعة على وزن: "مفعول"، ولكن معناها هو معنى المصدر؛ فهي في حقيقة أمرها مصادر سماعية على وزن المفعول، منها: معقول، مجلود، مفتون، ميسور، معسور، أي: عقل، جلد، فتنة؛ بمعنى: خبرة، يسر "سهل"، عسر "ضد: سهل"، ومن كلامهم: "فلان لا معقول له ولا مجلود". وقد سبق شرح هذا وشرح بقية الكلمات الأخرى في ص198، وأوضحنا رأي سيبويه هناك.
1 في ص198 تحت عنوان ملاحظة.
إعماله:
يجري على اسم المفعول كل ما يجري على اسم الفاعل من الاقتران "بأل" وعدم الاقتران بها، ومن الشروط اللازمة لعمله
…
و
…
فإن كان مقرونًا "بأل" عمل مطلقًا، "بغير اشتراط شيء". وإن لم يكن مقترنًا بها وجب تحقق كل الشروط التي سبقت لإعمال اسم الفاعل1؛ وفي مقدمتها: الاعتماد، وعدم التصغير، وأن يكون بمعنى الحال أو الاستقبال أو الاستمرار التجددي
…
و
…
فإذا استوفى شروط الإعمال كلها عمل ما يعمله مضارعه المبني للمجهول؛ فيحتاج -وجوبًا- لنائب فاعل مثله: ويكتفي بنائب فاعله إن كان مضارعه مكتفيًا بنائب الفاعل2. نحو: يساعد القوي زميله. يساعد الزميل. هل القوي مساعد زميله؟ ولما سبق يمكن أن يحل محل اسم المفعول مضارع بمعناه مبني للمجهول.
وإذا كان مضارعه ناصبًا مفعولين ثم حذف فاعله فإن أحد المفعولين ينوب عنه، ويصير مرفوعًا مثله، ويبقى المفعول الآخر على حاله منصوبًا، وكذلك اسم المفعول؛ نحو: يظن الرجل العوم نافعًا -يظن العوم نافعا- هل المظنون العوم نافعًا؟
…
وإن كان فعله متعديًا لثلاثة ثم حذف فاعله وناب أحد المفعولات عنه صار مرفوعًا مثله. ووجب نصب ما عداه؛ وكذلك الشأن في اسم المفعول؛ نحو: تخبر المراصد الطيارين الجو هادئًا -يخبر الطيارون الجو هادئًا- هل المخبر الطيارون الجو هادئًا؟.
ويجوز -بقلة في الأحوال السابقة كلها أن يضاف اسم المفعول إلى نائب فاعله الظاهر؛ بشرط أن تكون صيغة اسم المفعول أصلية3 فيصير نائب الفاعل مضافًا إليه، مجرور اللفظ، ولكنه مرفوع المحل؛ مراعاة
1 ص246 وما بعدها، وفي "ب" من ص254.
2 وهذا يتحقق حين المضارع من الأفعال التي تنصب مفعولًا به واحدًا قبل بنائه للمجهول، وقد حذف فاعله، وقام المفعول به الواحد مقامه، وناب عنه؛ وصار مرفوعًا، ولم يبق، في الكلام مفعول به آخر.
3 شرحنا الأصلية في رقم 4 من هامش ص273، وغير الأصلية في "ج" من تلك الصفحة.
لأصله1؛ نحو: إن القوي مساعد الزميل، هل يشيع مظنون العوم نافعًا" أمخبر الطيارين الجو هادئًا؟ فإن لم تكن صيغته أصلية امتنع أن يضاف لمرفوعه. وإذا جاء تابع لهذا المضاف إليه جاز جره مراعاة للفظ المضاف إليه، أو رفعه؛ مراعاة لأصله؛ نحو: إن القوي مساعد الزميل والزميلة -هل يشيع مظنون العوم البارع نافعًا؟ أمخبر الطيارين المسافرين -أو المسافرون- الجو هادئًا؟ بجر التابع أو رفعه في كل ذلك وأشباهه.
ما سبق حين يكون مضارعه متعديًا. فإن كان لازمًا قد حذف فاعله وناب عنه شيء آخر غير المفعول به؛ كالظرف، أو الجار مع مجرور أو المصدر
…
فإن اسم المفعول يكون لازمًا أيضًا، ويحتاج لنائب فاعل من هذه الأشياء الصالحة للنيابة عند عدم وجود المفعول به، نحو:"اعتكف المريض في الغرفة، يُعتكف في الغرفة، هل الغرفة معتكف فيها؟ ". "اتسع المجال أمام المخلص. يتسع أمام المخلص. هل المتسع أمام المخلص"2.
هذا؛ واسم المفعول حين يضاف بقلة إلى مرفوعة- نحو: الغرفة مفتوحة النوافذ، وقول المتنبي وقد سبق:
خلفت ألوفًا، لو رجعت إلى الصبا
…
لفارقت شيبي موجع القلب باكيًا
والأصل: مفتوحة نوافذها. موجع قلبي يظل مع إضافته لمرفوعه دالًا
1 هذا الحكم مأخوذ من كلام ابن مالك الآتي؛ حيث يقول:
وكل ما قُرِّر لاسم فاعلِ
…
يعطى اسم مفعول بلا تفاضلِ
2 فيما سبق من الكلام على اسم المفعول، وأنه يجري عليه ما يجري على اسم الفاعل، وأنه كالمضارع المبني للمجهول في أنه يرفع نائب فاعل، لا فاعلًا. يقول ابن مالك في الباب الذي عنوانه:"إعمال اسم الفاعل" وضمنه اسم المفعول.
وكل ما قرر لاسم فاعلِ
…
يعطى اسم مفعول بلا تفاضلِ
فهو كفعل صِيغَ للمفعول في
…
معناه؛ كالمعطَى كفافًا يكتفي
"لا تفاضل، أي: بلا زيادة في أحدهما على الآخر". وإعراب المعطى كفافًا يكتفي: "المعطى": مبتدأ، "أل" فيه موصولة يعود عليها الضمير الذي في كلمة:"معطى"، وهذا الضمير نائب الفاعل، وأصله المفعول الأول لكلمة:"معطى"، "كفافًا": المفعول الثاني. "يكتفي" هذه الجملة المضارعية خبر المبتدأ.
على الحدوث، كما كان قبل الإضافة إليه1. إلا إن قامت قرينة تدل على أن المراد منه الثبوت والملازمة الدائمة، فيصير صفة مشبهة؛ لما أوضحناه2 من أن الأصل في اسم المفعول أن يدل على معنى حادث غير دائم الملازمة لصاحبه "فهو -عند عدم القرينة- يدل على مجرد الحدوث الذي لا يشمل الماضي ولا المستقبل ولا يفيد الاستمرار". فإن قصد به النص على الثبوت والدوام -وقامت قرينة تدل على هذا- صار صفة مشبهة3؛ فيسمى باسمها، ويخضع لأحكامها؛ وبالرغم من بقائه على صورته الأصلية؛ إذ لا يصح تغيير صورته بسبب انتقال معناه من الحدوث إلى الدوام والاستمرار.
والكثير الغالب في اسم المفعول عدم إضافته إلى مرفوعه إلا إذا أريد تحويله إلى الصفة المشبهة؛ ليدل مثلها على معنى ثابت دائم، لا حادث؛ وبشرط وجود القرينة التي تدل على ثبوته ودوامه. وإذا صار صفة مشبهة جاز في السببي4 الواقع بعده الرفع، على اعتباره "فاعلًا"، ولا يصح اعتباره نائب فاعل للصفة المشبهة5 التي جاءت على صورة اسم المفعول. ويجوز فيه النصب على اعتباره "شبيهًا بالمفعول به" إن كان معرفة، و"تمييزًا" أو "شبيهًا بالمفعول به" إن كان نكرة، ويجوز فيها الجر على اعتباره مضافًا إليه، ففي مثل: أنت مرموق المكانة دائمًا، مسموع الكلمة؛ مُحَصَّن خلقًا، مكمَّل علمًا، يجوز في الكلمات5:"المكانة، الكلمة، خلقا، علمًا" الرفع على اعتبارها فاعلًا
1 وهذه الإضافة مع الدلالة على الحدوث قليلة -كما سيجيء- وهي مع قلتها جائزة. لكنها لا تساير الكثير من الأساليب الفصيحة المأثورة.
2 في ص271.
3 يحسن الاستئناس فيما يأتي بنظيره السابق في اسم الفاعل في "ج" من ص264؛ فكلاهما موضع للآخر.
4 أوضحنا للسببي تفصيلًا في رقم 4 من هامش ص264 ثم في ص310، وملخصه: أنه الذي ليس أجنبيًّا من الموصوف: فيشمل ما يحوي ضمير الموصوف لفظًا؛ نحو: الوالد مسموعة كلمته. أو تقديرًا، نحو: الوالد مسموع الكلمة، أي: مسموع الكلمة منه. وقيل إن "أل" خلف عن الضمير؛ تبعًا لرأي الكوفيين الذي سبقت الإشارة إليه في رقم 4 من هامش ص264 وفي ص268.
5 لأن الصفة المشبهة لا ترفع نائب فاعل مطلقًا.
للصفة المشبهة، ويجوز فيها الجر؛ لاعتبارها مضافًا إليه، ويجوز فيها النصب، إما على التشبيه بالمفعول به إن كانت معرفة، وإما على التمييز أو على التشبيه بالمفعول به إن كانت نكرة. ولا مناص من قيام قرينة تدل على أن المراد من الصيغة هو الصفة المشبهة، وليس اسم المفعول.
أما إذا أضيف اسم المفعول لمرفوعه بغير إرادة تحويله إلى الصفة المشبهة وبغير القرينة الدالة على إفادة الدوام، وهذه الإضافة قليلة جائزة، كما سبق؛ فإنه يظل محتفظًا باسمه وبكل الأحكام الخاصة به، وقد عرفناها.
ولا بد في اسم المفعول الذي يصير صفة مشبهة من أن يظل على صيغته الأصيلة التي أوضحناها، لا الصيغة التي تنوب عليها، وأن يكون فعله في أصله متعديًا لمفعول واحد؛ ليكون هذا المفعول الواحد في السببي الذي يصح في إعرابه الأوجه الثلاثة السالفة؛ كالمثال السابق؛ وكقولهم: لا ينقضي يوم لا أراك فيه إلا علمت أنه مبتور القدر، منحوس الحظ1.
فإن كان فعله لازمًا لم يصلح أن يصاغ منه اسم المفعول الصالح للانتقال إلى الصفة المشبهة. وكذلك إن كان فعله متعديًا لأكثر من واحد؛ فإنه في الرأي الشائع لا يصلح2؛ سواء أذكر مع السببي مفعول آخر أم لم يذكر.
ومن الأمثلة لاسم المفعول المراد منه الصفة المشبهة3 ما ورد عنهم في رفع السببي على الفاعلية، هو:
بثوب، ودينار، وشاة، ودرهم
…
فهل أنت مرفوع بما ههنا رأسُ4؟
1 نحس السعد حظ: جفاه وتركه.
2 حجة المانعين هو ما سبق مفصلًا في ص267 وفيها الرد عليهم، ومنه يفهم أنه لا مانع أن يكون الفعل متعديًا لاثنين فقط، يكون أحدهما السببي المجرور، ويبقى الآخر منصوبًا؛ على اعتباره شبيهًا بالمفعول به، لا مفعول به أصيلًا.
3 إذ المقصود إفادة الثبوت.
4 وردت البيت بهذا النص في بابي صوغ: "اسم المفعول، والصفة المشبهة" ببعض المراجع النحوية؛ "كالتصريح والهمع
…
"، ولكنه ورد بنص آخر في الجزء الأول من كتاب: "معاني القرآن" للفراء، سورة البقرة ص52، قال:
فكلمة: "رأس" فاعل للصفة المشبهة التي هي كلمة: مرفوع.
وفي نصبه على التشبيه بالمفعول به:
لو صنت طرفك لم تُرَع بصفاتها
…
لما بدت مجلوة وجناتها1
وفي جره:
تمنى لقائي الجونُ2 مغرورُ نفسِهِ
…
فلما رآني ارتاع ثُمت3 عردا4
وهكذا
…
و
…
5.
فأبلغْ أبا يحيى إذا ما لقيته
…
على العيس في آباطها عَرَق يَبْسُ
بأن السُّلامِيَّ الذي بِضَريَّة
…
أمير الحمى قد باع حقي بني عبْسِ
بثوب، ودينار، وشاة، ودرهمٍ
…
فهل هو مرفوع بما ههنا رأسُ؟
العرق اليبس: الجفاف. السلامي: رجل منسوب إلى موضع بنجد، يقال له: سلام -ضربة: قرية نجدية في طريق القادمين من البصرة إلى مكة- وكلمة: "عبس" مجرورة، مع أن السين في آخر أبيات القصيدة كلها مرفوعة. وهذه المخالفة في الشعر تسمى الإقواء.
1 الدليل على النصب أن الأنسب أن تكون منصوبة بالكسرة؛ لتساير آخر الشطر الأول الذي وقعت فيه كلمة: "صفاتها" مجرورة بالكسرة.
2 من معاني "الجون" في اللغة: الأبيض أو الأسود، وهو هنا: اسم رجل.
3 بمعنى: "ثم" حرف عطف، والتاء للتأنيث.
4 فر هاربًا.
5 فيما سبق من إضافة اسم المفعول لمرفوعه يقول ابن مالك من غير تفصيل:
وقد يضاف ذا إلى اسم مرتفعْ
…
معنى؛ كمحمود المقاصد الورعْ
يشير بكلمة "ذا" إلى اسم المفعول لاتجاه الكلام السابق إليه. وأصل مثال الناظم الورع محمود مقاصد، لحقه ما ذكرناه في الزيادة التالية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زيادة وتفصيل:
يضاف اسم المفعول إلى مرفوعه بالشروط والتفصيلات التي سلفت1، ولكن بالطريقة التي ارتضوها، وقد شرحناها2 وافية في إضافة اسم الفاعل لمرفوعه؛ أي: بعد تحويل الإسناد عن السببي إلى ضمير الموصوف، ثم نصب السببي على التشبه بالمفعول به، ثم جره على الإضافة بعد ذلك، كمثال الناظم، وهو: محمود المقاصد الورع. فأصله: الورع محمودة مقاصده. فكلمة: "مقاصده" مرفوعة على النيابة "لمحمودة" ثم صار: الورع محمود "المقاصد" بالنصب؛ ثم صار:
…
محمود المقاصد، بالجر.
والسبب عندهم: ما تقدم2 من أن الوصف هو عين مرفوعة في المعنى؛ فلو أضيف إليه من غير تحويل للزم إضافة الشيء إلى نفسه من غير مسوغ وهي -في الأغلب- غير صحيحة. ولا يصح حذفه؛ لعدم الاستغناء عنه. فلا طريق إلى إضافته إلا بتحويل الإسناد عنه إلى ضمير يعود إلى الموصوف ثم ينصب السببي لصيرورته فضلة حينئذ، بسبب استغناء الوصف بالضمير، ثم يجر السببي، فرارًا من قبح إجراء وصف المتعدي لواحد مجرى وصف المتعدي لاثنين3
…
وقد قلنا4 إن هذه الأمور الثلاثة بترتيبها السابق فلسفة خيالية يرددها كثير من النحاة؛ "كصاحب التصريح، وعنه أخذ الصبان"، ولا شيء منها يعرفه العربي الأصيل، فليس في إهمالها إساءة.
1 في ص275 وما بعدها.
"2-2" ص268 وما يليها.
3 من المفيد الرجوع إلى ص267 وما يليها.
4 في ص269.