الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث أشهر الذين كتبوا في الإعجاز
لقد كثر الكاتبون في إعجاز القرآن من العلماء وأئمة البيان قديما وحديثا، فمنهم من تعرّض لهذا الموضوع في غضون الكلام عن علوم القرآن، ومنهم من أفرده بالبحث. ومن أشهر من أفرده بالبحث:
1 -
الجاحظ: عمرو بن بحر، المتوفى سنة (225 هـ). وهو أول من تكلّم عن بعض المباحث المتعلّقة بالإعجاز، وأفرد له كتابا سمّاه (نظم القرآن) وقد تكلّم فيه عما يهيئ للكلام عن الإعجاز في القرآن، وحاول فيه توكيد القول في الفصاحة والكشف عنها، بقدر ما كان معلوما من هذا الفن، وهذا الكتاب لم يصل إلينا، ولعلّه هو ما أشار إليه في كتابه (الحيوان) بقوله: ولي كتاب جمعت فيه آيا من القرآن، لتعرف بها ما بين الإيجاز والحذف، وبين الزوائد والفضول والاستعارات، فإذا قرأتها رأيت فضلها في الإيجاز والجمع للمعاني الكثيرة بالألفاظ القليلة. فمنها: قوله تعالى حين وصف خمر أهل الجنة: لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ [الواقعة: 19]. وهاتان الكلمتان جمعتا عيوب خمر أهل الدنيا. وقوله عز وجل حين ذكر فاكهة أهل الجنة: لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ [الواقعة: 33] جمع بهاتين الكلمتين جميع تلك المعاني.
2 -
أبو عبد الله محمد بن يزيد الواسطي المتوفى سنة (306 هـ) وضع كتابه (إعجاز القرآن) وهو أول كتاب وضع لشرح الإعجاز وبسط القول فيه على طريقتهم في التأليف، ولا يبعد أن يكون قد استفاد مما كتبه الجاحظ وبنى عليه،
وعلى كل فهذا الكتاب أيضا لم يصل إلينا، وإنما وصل إلينا ما ينبئ عنه في (دلائل الإعجاز) لعبد القاهر الجرجاني، الذي بلغنا عنه أنه شرح هذا الكتاب شرحا كبيرا سماه (المعتضد) وشرحا آخر أصغر منه.
3 -
أبو عيسى علي بن عيسى بن علي الرّمّاني النحوي اللغوي المفسر المتوفى سنة (384 هـ) فقد ألّف كتابا في إعجاز القرآن.
وقد طبعت هذا الكتاب دار المعارف بالقاهرة مع رسائل أخرى في هذا الفن، بتحقيق الأستاذ محمد خلف الله أحمد، والدكتور محمد زغلول سلام.
4 -
وممن ألّفوا وكتبوا في الإعجاز أيضا على وجوه مختلفة من البلاغة والكلام وما إليهما الإمام الخطّابي المتوفى سنة (388 هـ). كتب في هذا كتابه (بيان إعجاز القرآن) وهو مطبوع مع رسالة الرّمّاني المذكورة سابقا.
5 -
أبو بكر محمد بن الطيب الباقلّاني المتوفى سنة (403 هـ). وضع كتابه المشهور (إعجاز القرآن) الذي أجمع المتأخرون من بعده على أنه باب في الإعجاز على حدة، وقد جمع فيه كثيرا من المباحث البلاغية القرآنية، وسلك فيه أقرب الوسائل إلى كشف جوانب الإعجاز القرآني وتذوّقه، ووفّى بكثير مما قصد إليه من أمهات المسائل والأصول، حتى عدّوه الكتاب وحده في هذا الفن، قال فيه أبو بكر بن العربي: لم يصنّف مثل كتابه. وهو كتاب مطبوع ومتداول، ومن طبعاته طبعة على هامش (الإتقان في علوم القرآن) للسيوطي، طبع المكتبة التجارية في القاهرة، وله طبعات مستقلة، منها طبعة دار المعارف بالقاهرة، بتحقيق العلامة السيد أحمد صقر- رحمه الله.
6 -
عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني المتوفى سنة (471 هـ). وهو واضع أصول البلاغة، وضع كتابه (دلائل الإعجاز) والظاهر أنه بنى على ما أتى به الواسطي، ولكنه فاقه في أنه كان ذوّاقة للأسلوب القرآني، حتى
أوشك أن يسبق عصره في بعض لمحاته الموفّقة، التي نفذ بها إلى إدراك الجمال الفني في كتاب الله تعالى. وكان أنفذ حسّا وأكثر توفيقا من كل من كتبوا في هذا الباب على وجه العموم حتى في العصر الحديث.
7 -
ومن أشهر من كتب في هذا الموضوع حديثا:
أ- مصطفى صادق الرافعي (1297 - 1356 هـ) ألّف في هذا كتابه (إعجاز القرآن). وهو- كما قال مؤلفه- كان هذا الكتاب مبحثا من مباحث كتابنا الكبير (تاريخ آداب العرب). ثم أفردناه ليكون كتابا بنفسه تعمّ به المنفعة ويسهل على الناس تناوله. وهو خير ما كتب حديثا في هذا الموضوع، وقد عني فيه مؤلفه عناية خاصّة بالنظم الموسيقى في القرآن، وفيه كلمات رائعة ولمحات موفقة في فهم كتاب الله عز وجل، حتى قال فيه أحد المقرّظين له: يجب على كل مسلم عنده نسخة من القرآن أن تكون عنده نسخة من هذا الكتاب.
ب- سيد قطب المتوفى سنة (1965 م) وهو من خير من ألّف وكتب في هذا الباب حديثا، ومؤلفاته من أروع ما كتب، فقد عالج رحمه الله تعالى نواحي خاصة من إعجاز القرآن، فأبدع فيها وأجاد، ومن خير آثاره في ذلك:(التصوير الفني في القرآن) ففيه تخريجات ذكية، واستنباطات سديدة، وأفكار ناضجة، في استلهام الجمال الفني القرآني بأسلوب مشرق جذّاب. ومثله كتاب:(مشاهد يوم القيامة في القرآن). هذا إلى جانب تفسيره: (في ضلال القرآن) وما فيه من لمسات ونفحات تشير إلى عظمة كتاب الله تعالى وسر إعجازه وروعة بيانه.